الشعرة من العجين - ق ق - نزار ب. الزين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نزار ب. الزين
    أديب وكاتب
    • 14-10-2007
    • 641

    الشعرة من العجين - ق ق - نزار ب. الزين

    الشعرة من العجين

    قصة قصيرة
    نزار ب. الزين *




    *****

    تعرف عليها في بلد خليجي ، تزوجها ، ثم صحبها معه إلى بلده ،كانت تعمل كسكرتيرة في إحدى الشركات الكبرى ، و كان يعمل مراسلا في نفس الشركة ،كانت متفوقة عليه علميا فهي تحمل شهادة جامعية ، أما هو فلم يتعد المرحلة المتوسطة، و لكنه يحمل في الوقت نفسه ذكاء متقدا و على الأخص ذكاء إجتماعيا ، جعله محل ثقةرؤسائه في الشركة و ثقة كل من تعامل معه من المسؤولين باسم الشركة .
    عاد إلى بلدهيحمل هذه الخبرات إضافة إلى مبلغ جيد من المال تمكن من توظيفهما في الحال بافتتاحمقهى ناجحا وسط مدينته السياحية الصغيرة ، سرعانما جذب إليه كبار موظفي المدينةبدءا من رئيس المخفر إلى قاضيها إلى معلميها و حتى أصغر شرطي فيها .
    كان يعرفتماما كيف يرضيهم ، و اين و متى يعفيهم من ثمن مشروباتهم ، و أين و متى يقدم لأحدهمالشيشة ( الأرغيلة ) بالتبغ المعسل و هو أقصى ما يمتلكه من تكريم .
    كان يديرعمله بنفسه و يشرف على كل كبيرة و صغيرة و قد زين وجهه بابتسامة عريضة دائمة ،فأحبه عماله و زبائنه و كل من تعرف عليه ، و أصبح مقهاه دائم الإزدحام و في جميعالمواسم .


    *****


    و على العكس منذلك تماما كان سلوكه في بيته ، فقد منع زوجته من الإستفادة من شهادتها الجامعية وخبراتها الوظيفية ، و منعها من الخروج من المنزل أو إقامة أي صلة مع الناس .
    و هو بذلكيستغل بعدها عن أهلها و صعوبة وصولهم إليها أو وصولها إليهم .
    يصرف علىالطعام بسخاء ، و لكنه لا يؤمن بضرورة تجديد الملابس ، ولا يؤمن كذلك بالاحتياجاتالنسائية كأدوات الزينة أو العطور ، هذه كلها توافه – بنظره - لا يحبها و لا يسمحبصرف درهم واحد على أي منها .
    أنجبت له ثلاثة أطفال ، كان يعاملهم بمنتهىالقسوة و يعاقبهم لأتفه الأخطاء ، و إن حاولت الدفاع عن أي منهم ، يصب جام غضبهعليها بلسانه البذيء بداية ثم بيده أحيانا .
    ثم بدأ يحملها مسؤولية أي تقصير مدرسي يصدرعن أولاده فيعاقبها تماما كما يعاقبهم .
    يخلع حزام بنطاله و يبدأ بجلدها أولا ، ثمبجلد المذنب من الأطفال ، تستغيث ، تستنجد ، فلا من مغيث و لا من منجد !
    الجيرانيسمعون صياحها و لكنهم لا يتدخلون ،
    يصغون إلى استغاثاتها باهتمام و لكنهميتجمدون عجزا ،
    قد تتوقف اللقم في حلوقهم إشفاقا ،
    قد تزرف نساؤهم الدموع بصمت،
    و لكن ليسأكثر من ذلك .!..


    *****


    وذات يوم وردها كتاب من شقيقتها .
    لقد توفيالوالد
    و خلفلهما منزلا ، باعته و دعتها للحضور لاستلام حصتها .
    رفض الزوج السماح لها بالسفر !
    أجبرها علىكتابة توكيل له ، ثم سافر بنفسه .
    قبض النقود ،
    و لما عاد وضعها في حسابه !.
    تجرأتفاعترضت :
    - هذه نقودي يا رجل ، بأي حق تستولي عليها ؟
    فخلع حزامه و بدأ بجلدها ..
    و لكنهاقاومته هذه المرة ...
    عضته من يده فأدمتها ...
    تناولتالمقلاة و ضربته بها فآلمته ..
    ثارت ثائرته ..
    أمسكها منشعرها ..
    وبدأ يضرب رأسها بالجدار ..
    استثار المنظر أطفالها ..
    فبدؤوايلقون عليه ما تطاله أياديهم ..
    أنقض على كبيرهم فكسر يده !
    و دفعابنته فوقعت أرضا و شج رأسها ..
    و عندما أصيبت الزوجة بالإغماء ..
    و عندماازداد صراخ الأطفال و عويلهم ..
    و تفاقمت ثورتهم ..
    غادرالمنزل مهددا متوعدا .
    ثم عاد إلى المقهى يوزع إبتساماته .
    أماالجيران فكانوا يسمعون صياحها و صراخ أطفالها و لكنهم لا يتدخلون،
    يصغون إلىاستغاثاتها باهتمام و لكنهم يتجمدون عجزا ،
    قد تتوقف اللقم في حلوقهم ،
    قد تزرفنساؤهم الدموع بصمت ،
    و لكن ليس أكثر من ذلك !
    فقد كُمّتأفواههن ! ...


    *****


    تجرأت جِنان – وهذا هو اسمها – و غادرت المنزل متوجهة إلى المستشفى .
    عالجواجراحها ..
    صوروا دماغها ...
    أكد الطبيب أنها مصابة بكسور بالدماغ وبارتجاج في المخ ..
    عالجوا كسور ابنها ..
    و جروح ابنتيها ..
    ثم كتبواتقريرا بالواقعة ،
    و قعه المدير ،
    تمهيدا لرفعه إلى النيابة العامة .


    *****


    حضر مشاري – وهذا هو اسمه – بصحبة أحد كبار المتنفذين إلى المستشفى .
    ناقشا مديرالمستشفى طويلا ..
    ضغطا عليه كثيرا ..
    فوافق - تحت الضغوط - على السماح بخروجالمصابين على مسؤوليتهم (!)..
    و تحت الضغوط سلم مشاري و صاحبه تقريره ،فمزقاه أمام عينيه ..
    ثم أمر مشاري أفراد عائلته بالعودة إلىالمنزل مرغمين ..
    و في اليوم التالي أسلمت جِنان روحها إلى باريها ..
    و خرجمشاري من جريمته كما تخرج الشعرة من العجين !!!!!

    *****

    أماالجيران فضرب كل كفا على كف ..
    و هزوا رؤوسهم تعجبا و أسفا و أسى ...
    توقفتاللقم في حلوقهم هلعا و ولها ..
    و زرفتنساؤهم الدموع ...
    ولكنمُنعن من التعبير أكثر من ذلك ...
    ------------------
    *نزار بهاء الدين الزين
    سوري- مغترب
    عضو اتحاد كتاب الأنترنيتالعرب
    الموقع :
    www.FreeArabi.com
  • محمد سلطان
    أديب وكاتب
    • 18-01-2009
    • 4442

    #2
    تحية حب وتقدير أستاذ نزار ,, ولي عودة بمشيئة الرحمن ..

    تقديري
    صفحتي على فيس بوك
    https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

    تعليق

    يعمل...
    X