المحكمة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • هادي زاهر
    أديب وكاتب
    • 30-08-2008
    • 824

    المحكمة

    المحكمة

    كانت هناك قرية تقع في الجليل، وكان أهلها البسطاء يتميزون بالطيبة، وقد جدوا واجتهدوا في سبيل معيشتهم فنجحوا وطوروا قريتهم بعد أن قرروا بان " خير بلدهم لبلدهم " بمعنى أن على المواطن حين يريد أن يشتري سلعة ما، أن يشتريها من المصالح المقامة في بلدهم، وهكذا دفعوا بمصالحهم الاقتصادية إلى الأمام، وبالرغم من أن الكثيرين من شبابها تهربوا من أداء الخدمة الإجبارية المفروضة عليهم بمختلف الأساليب، منها تمثيل حالة المرض أو الجنون أمام المسؤولين العسكريين الذين يقررون فيما إذا كان الشاب المطلوب صالح للخدمة أم لا، ومنهم من دخل السجن، إلا أن هناك أيضاً من قرر أن يخوض التجربة كي يبني مستقبله من خلال الخدمة، وقد نجح الشاب " مهيب رضوان" وراح يتدرج في المناصب العسكرية تبعاً لجهوده الكبيرة حتى أصبح جنرالاً وأضحت بعض الأوساط تضرب به المثل كنموذج للشاب العصامي .
    وفي إحدى الإجازات قرر أن يقوم بزيارة عمة "جمال"وهناك وجد عمة مهموماً فسأله عما يعانيه فأعلمه بان السلطات تنوي مصادرة أرضه وكانت السلطات الإسرائيلية قررت ضمن عشرات القوانين التي شرعتها في تلك الفترة مصادرة الأراضي العربية وكان من بين هذه القوانين،القانون العثماني الذي يجيز مصادرة الأراضي التي تحتوي على نسبة عالية من الصخور مبررة خطوتها هذه بأن المواطن غير مستفيد منها في حين إن الدولة يمكنها أن تستصلحها وتزرعها بالأشجار فتضفي جمالاً على الطبيعة وتفيد بها المواطنين حيث يتسنى لهم الذهاب لقضاء فترات من الاستراحة هناك

    شرح العم "جمال " لابن شقيقة "مهيب" ما وجههه من ادعاءات وأعلمه بأن جلسة الاعتراضات في "محكمة الصلح في عكا"ستكون يوم الأربعاء القادم، وأنه أوكل أفضل المحامين للدفاع عن حقه، فاستشاط "مهيب" غضباً وأخذ يصر على أسنانه وقال:
    • محام؟!! ولما المحامي؟!! أنا سأذهب معك إلى المحكمة وسأريك ماذا سأفعل.
    سأل العم:

    - وماذا ستفعل؟!
    • سوف أجعل السماء تنزل على رؤوسهم!.
    أخد العم "جمال" يتأفف في حين أن "مهيب" أكمل الحديث:
    • سوف أريك كيف أجعلهم يشعرون بأن الأرض ستبتلعهم من شدة الخجل.. لا بد ان القاضي غبي لا يعلم مَن أكون،ألا يدري بان هذه الأرض تتبع لنا
    - حسناً فلترافقنا لنرى كيف ستطور الأمور.
    **********************

    حرص الجنرال "مهيب" على الذهاب مع عمه إلى المحكمة وهو بلباسه عسكري الذي يظهر على كتفه رتبته المرموقة ، وفي الطريق قال لعمه بنبرة واثقة :
    • إن علقة هذا القاضي معي ستكون ساخنة سأجعله يطأطئ رأسه ويقدم اعتذاره!!
    ووجد العم جمال نفسه يقول لأبن شقيقه:
    - شوي ..شوي على القاضي.
    وفي المحكمة بعد أن وقف الحضور احتراما للقاضي وهيبة المحكمة وجلسوا، قرأ القاضي فحوى القضية وطلب من المدعي العام الحديث فقرأ المدعي العام ما جاء في التبليغ من إن الأرض جبلية وليست هناك إمكانية من قبل المواطن في استصلاحها في حين إن الدولة يمكنها أن تستصلحها لصالح مواطنيها عامة وهذا يعود على المواطنين بالفائدة ومن بينهم صاحب الأرض نفسه لأنه سيصبح بإمكانه وأسرته أن يذهبوا إليها لقضاء أوقات ممتعة في أحضان الطبيعة

    وما أن أنهى المدعي العام كلامه حتى وقف محامي الدفاع وقال:
    • إن الدولة أخذت بما فيه الكفاية من أراضي المواطنين ، وأن موكله سيعمل على استصلاح أرضه بقوته الذاتية .فأرجو منحه فرصة يتم خلالها امتحان موكله
    وهنا قاطعه القاضي قائلاً:
    - لا بأس أنا على استعداد أن أقف إلى جانب موكلك
    انفرجت أسارير العم "جمال" وقال لنفسه حقاً إن العدالة في هذه الدولة تأخذ مجراها ولكن القاضي واصل حديثه قال:
    - إن مساحة الأرض تبلغ (30) دونماً فتعالوا لنقسم الأرض بشكل عادل (15) لكل طرف

    وهنا صرخ السيد "جمال ":
    • مستحيل إن الأرض أرضي ولن أتنازل عن شبر واحد منها.
    - عليك أن تقبل وإلا سأسجلها باسم الدولة.
    *عاد السيد جمال ليتحدث بصوتٍ عالٍ.
    - لن أقبل.
    عليك أن تختار نصفها أو لا شيء!

    وهنا طلب "مهيب" حق الكلام فقال له القاضي وهو يشير له بيده :
    • تفضل
    وقف "مهيب" واثق الخطوة وقال للقاضي:
    - أنا الجنرال" مهيب رضوان" قدمت من تضحيات الكثير مما ساهم في حفظ الأمن في الدولة وإنقاذ حياة الكثيرين من المواطنين وأرى في مصادرة الأرض التابعة لعمي ألكثير من التنكر للجميل.. الإجحاف والظلم

    وهنا وقال القاضي بلهجة تنم عن غضب شديد:
    • ماذا تقول ؟!! أنك تهين العدالة وهذا لا يليق في مركزك وسوف أصفح عنك هذه المرة
    - تصفح عني.. إلا تدري مع من تتكلم قلت لك أنا ........

    وقال القاضي مقاطعاً:
    • أنت هنا مواطن كأي مواطن عادي الجميع متساوين أمام العدالة وعلى الحق أن يأخذ مجراه
    -عليك أن تُثمن تضحياتنا!
    أنا هنا أعمل ما هو مفيد للدولة ولا فرق عندي كونك ضابطاً في الجيش أو مخرباً فلسطينياً
    صعق الجنرال من قول القاضي فقال له:
    هل أنت ثمل؟!
    وحدث هرج ومرج فهدد القاضي الجنرال باستدعاء حراس المحكمة لإخراجه بالقوة من القاعة وتقديمه إلى المحكمة ما لم يعتذر!!!.
    " أعتبر نفسي مسؤولاً عما في الدنيا من مساوئ ما لم أحاربها "
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    الزميل القدير
    هادي زاهر
    حسنا لقد قدم اعتذاره!!
    أي عدالة تلك التي يدعون بها
    أن يصادروا أرض مواطن ويساوموه على نصفها
    لا عالة أبدا
    العدالة عمياء بكماء صماء
    زميل هادي
    بودي أن أقول لك لو أنك تحاول أن تعطي النصوص بعدا آخر وتسرد الحدث لكان ذلك أجمل
    أرجو أن لا تكون ملاحظتي مزعجة بالنسبة لك
    ودي الأكيد ومحبتي
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • العربي الثابت
      أديب وكاتب
      • 19-09-2009
      • 815

      #3
      الزميل المقتدر هادي..
      يبدو أن الأرض مصادرة بلا شك عن سبق اصرار..
      الحكي هنا مباشر بنكهة ساخرة،لكنها تترك في النفس حزنا عميقا.
      قرأت واستمتعت،شكرا لك..
      كل التحية لك.
      اذا كان العبور الزاميا ....
      فمن الاجمل ان تعبر باسما....

      تعليق

      • محمد سلطان
        أديب وكاتب
        • 18-01-2009
        • 4442

        #4
        عدالة ؟؟؟ قال عدالة قال ... ههه

        يا صديقي يأكلون الغلبان و يدعون أنهم نعّموه ..

        فكرة ثائرة صديقي وسلسلة السرد ..

        تحياتي لك أستاذ زاهر وفي انتظار الجديد بشغف .. وخالص محبتي لقلمك السامق ..
        صفحتي على فيس بوك
        https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

        تعليق

        • هادي زاهر
          أديب وكاتب
          • 30-08-2008
          • 824

          #5
          أختي الكاتبة عائدة محمد نادر
          هذه القصة تصور الواقع الدقيق، لم يلعب بها الخيال دوره، وهي تأتي ضمن القصص الي أنشرها في زاويتي الاسبوعية الثابتة في صحيفة "الحديث" والتي تأتي تحت عنوان " الحق يمشي ولو على رمشي"
          " أعتبر نفسي مسؤولاً عما في الدنيا من مساوئ ما لم أحاربها "

          تعليق

          • ربيع عقب الباب
            مستشار أدبي
            طائر النورس
            • 29-07-2008
            • 25792

            #6
            حين قرأتك ، و أحببت أعمالك ، تلك التى كانت تعمل على تحطيم و تفيتت التابو هناك ، رأيت كم أصبحتُ مادة لسخرية أعدائك الملاعين ، فقلت ابتعد
            مالك و هؤلاء .. تفننوا هم فى رصد حديثى ، و أطلقوا على الألقاب التى لا تعوزنى ، و كانوا بحق سفلة !!
            و ها أنا هنا بين يديك الآن ؛ لأقرأ
            علنى هذه المرة أسدد لهم طعنات من النوع الواخز القاتل إن كانوا يفقهون !!

            لى عودة بعد القراءة

            محبتى التى تعرف !
            sigpic

            تعليق

            • ربيع عقب الباب
              مستشار أدبي
              طائر النورس
              • 29-07-2008
              • 25792

              #7
              طيب .. قضيتك خاسرة من أساسها ، و لو احتكم فيها تشريع الدين الإسلامى
              لسلبها منه أيضا !!
              و لك أن تبحث عن حيثيات الحكم فى هذه المسألة بالنسبة للأرض
              ومن يملكها ، و إلى أى حد تظل ملكيته لها !!
              الغريب أن أمر المحكمة لم يختلف عن كونها محكمة فى فلسطين المحتلة أو أى قطر على وجه البسيطة .. ما هى الخصوصية التى أتيت بها هنا لنقل أن هذا يحدث فى فلسطين و ليس فى مصر مثلا ؟!

              أعود إلى القالب الذى أمامى
              هل ما أمامى قصة بالمعنى المتعارف عليه ؟
              و هل بهذا الشكل كان للفن وجود فى هذا العمل ؟!
              هى تساؤلات يجب أن تقف أمامها لتجيب عنها

              إنك صديقى هنا تسرد سردا مباشرا تقريرا ، و لا عيب إن كان التقرير يحمل لغة فنية فى المقام ألأول ، و لكن العيب كل العيب ، أن يغيب الفن ، و بالتالى تاه الشكل القصصى ، و ابتعد كثيرا
              إذ أن الشكل أى القالب القصصى هو حجم الفن الذى كان هنا
              أما المحتوى فيبدو أنه أيضا ابتعد و تقلص مع ابتعاد الشكل عن الموضوعية

              ربما ذكرنى العمل بحواديت شهرزاد ، و إن كانت تطعم سردها بالمشهيات
              و الشخصيات و الدخول فى تفاصيل تخدم ما تقدم !

              هذا إلى جانب بعض أخطاء فى الصياغة .. وكيبووردية ..لا أدرى أراك مختلفا إطلاقا فى هذه ، و أيضا لا أدرى ما سبب ذلك !!

              تقبل خالص تقديرى و احترامى
              sigpic

              تعليق

              • هادي زاهر
                أديب وكاتب
                • 30-08-2008
                • 824

                #8
                أخي الكاتب العربي الثابت
                أذكر أهلنا في فلسطين ال 48 وخاصة الشباب ببعض معاناتهم وكيف ضاعت الأرض وقد يأي الموضوع أو الشكل أحياناً على حساب الحبكة الفنية
                محبتي
                هادي زاهر
                " أعتبر نفسي مسؤولاً عما في الدنيا من مساوئ ما لم أحاربها "

                تعليق

                • هادي زاهر
                  أديب وكاتب
                  • 30-08-2008
                  • 824

                  #9
                  اخي الكاتب العزيز محمد ابراهيم سلطان
                  نقدم كل ما يفضح المحتلين وما يدعم القضية
                  محبتي
                  هادي زاهر
                  " أعتبر نفسي مسؤولاً عما في الدنيا من مساوئ ما لم أحاربها "

                  تعليق

                  • هادي زاهر
                    أديب وكاتب
                    • 30-08-2008
                    • 824

                    #10
                    استاذنا ربيع
                    أحب الربيع واحب أن تزين ازهاره حقولي
                    محبتي
                    " أعتبر نفسي مسؤولاً عما في الدنيا من مساوئ ما لم أحاربها "

                    تعليق

                    • د. نديم حسين
                      شاعر وناقد
                      رئيس ملتقى الديوان
                      • 17-11-2009
                      • 1298

                      #11
                      أخي الكاتب الساخن هادي زاهر
                      لقد كتبت هذه المرة وكأنك تتحدث !
                      موضوعك جيد وفكرته الأساسية هي أن الطغاة يخصُّون عملاءهم باحتقار شديد ، فيحاولون إذلالهم . ولقد نجحتَ في تمرير الفكرة ، فشكرا لك .
                      دمت بخير !

                      تعليق

                      • هادي زاهر
                        أديب وكاتب
                        • 30-08-2008
                        • 824

                        #12

                        أستاذي الغالي ربيع عقب الباب
                        انتظر تعقيباتك دائماً فلا تبخل عليّ
                        وأحب أن (أجلد) في النقد وبدون ذلك لا يمكننا أن نواصل الطريق وننطلق إلى الأمام
                        كما قال الأمير وغنى عبد الوهاب
                        " عشان الشوك اللي في الورد بحب الورد"
                        أما بعد:
                        أدرك إن قصتي هذه لا تحمل كافة مقومات القصة القصيرة، شأنها شأن أغلبية القصص القصيرة (إلا ما ندر) وأعتقد أن على القصة القصيرة أن تكون عبارة عن صرخة ألم تتخللها موعظة وقد تكون وليدة لحظتها، وقد أشار الشاعر الدكتور نديم حسين إلى ذلك حيث كتب:

                        "موضوعك جيد وفكرته الأساسية هي أن الطغاة يذلون عملاءهم ".

                        ومع كون السرد جاء مباشراً إلا إن الموعظة لم تأت مباشرة إنما جاءت مستنتجة إذا صح التعبير، أو تم تسريب الرسالة في غضون الحدث
                        أستاذي بطبيعة الحال قصص أي كاتب تتفاوت في مستواها ، أعترف بان قصتي هذه لم تكن على مستوى الكثير من قصصي فأرجو أن لا تقارنها مع قصتي "القاتل المجهول" أو مع "ولعها" أو مع "الفخ"أو مع" قطع غيار".إلخ...
                        أما قولك :"ما هي الخصوصية التي أثبت بها هنا لنقل أن هذا يحدث في فلسطين وليس في مصر مثلاً "
                        فقد كان الأمر واضحاً تماماً حيث جاء في القصة ما يلي: .


                        الشاب " مهيب رضوان" وراح يتدرج في المناصب العسكرية تبعاً لجهوده الكبيرة حتى أصبح جنرالاً وأضحت بعض الأوساط تضرب به المثل كنموذج للشاب العصامي .
                        وفي إحدى الإجازات قرر أن يقوم بزيارة عمة "جمال"وهناك وجد عمة مهموماً فسأله عما يعانيه فأعلمه بان السلطات تنوي مصادرة أرضه

                        ---- وكانت السلطات الإسرائيلية -----

                        قررت ضمن عشرات القوانين التي
                        شرعتها في تلك الفترة مصادرة الأراضي العربية وكان من بين هذه القوانين،القانون العثماني الذي يجيز مصادرة الأراضي التي تحتوي على نسبة عالية من الصخور مبررة خطوتها هذه بأن المواطن غير مستفيد منها في حين إن الدولة يمكنها أن تستصلحها وتزرعها بالأشجار فتضفي جمالاً على الطبيعة وتفيد بها المواطنين حيث يتسنى لهم الذهاب لقضاء فترات من الاستراحة هناك
                        أستاذي إذا كان هذا لا يكفي يمكنني أن نزيد (الإيحاء) بحيث نجعل اسم الحاكم "رحاميم"ومعناه " رحمة" وهو أسم حاكم في إسرائيل أصدر أحكام بهدم بيوت عربية بنيت بدون ترخيص من وزارة الداخلية الإسرائيلية وهكذا تبرز المفارقة بين الاسم والممارسة
                        ويمكننا أن نسترسل إلى ما بعد القرار بحيث يتهم العم أبن شقيقه بالسبب في ضياع الأرض كلها
                        محبتي
                        هادي زاهر
                        " أعتبر نفسي مسؤولاً عما في الدنيا من مساوئ ما لم أحاربها "

                        تعليق

                        يعمل...
                        X