(1)
نحن بشر وعقولنا ومفاهيمنا وقناعاتنا تختلف من شخص لآخر، وإدراكنا للأمور وتقييمنا لها تابع لكلّ ما سبق ذكره .
من نختلف معه دائمًا نجده مثل كوكب بلوتو مظلم جدًا ولا مجال لاستكشافه لبعد المسافات، ومن نتفق معه جزئيًا نجده مثل القمر له وجه مضيء وجوانب عديدة مظلمة؛ ولكنّنا ننسى أنّ هذا الجانب المظلم قد يضيء مرّة أخرى، ومن نتفق معه نراه كالشمس المشرقة، ولكنّنا ومن شدّة حبنا له ربما ننسى أنّ الشمس قد تضربنا بأشعتها وبقسوة فتردينا.
حيرة أليس كذلك؟
لكن خير الأمور الوسط ... وميزان العدل هو الحكم، أنْ تكون عادلًا مع من تحبّ ومن لا تحبّ،
وأنْ لا تحكّم هوى النفس في أمورك...
والهوى غلاب ... أحيانًا...
من هنا يأتي الظلام، عندما لا نتّفق حتّى مع الشمس نراها ظلام دامس ..
وهذه الدنيا متعبة جدًا؛ ولا راحة لمؤمن إلا بلقاء ربه .
(2)
دعوات مباركة لقلوب أرهقها الحبّ وتاه فيها العقل تحت ضغط الحاجة إلى حبّ من لا يمكن العيش بدونه .
ماذا نفعل بقلوبنا حين تحبّ مع سبق الإصرار والترصد، وتضطرّ إلى تقديم تنازلات على حساب العقل ومكانته. أكاد أجزم أنّ من قال " القطّ يحبّ خنّاقه " كان أصلًا من فصيلة الصعاليك، فنطق بحكمته وهم يهيلون عليه النفايات في الحاوية وبعد أنْ توقف قلبه .
اليوم يوم الهلوسة .. ! من يقبل مني نصيحة تقول: عندما تشعر أنّك في طريقك لأنْ تحبّ اكتب وصيتك قبل فوات الأوان، وضع اسمك على جبينك كي لا تضيع في دروب الهوى؛ فقد لا تسنح لك الفرصة لتعود إلى نفسك كي تقول حكمة أخرى لا يعرف عنها الآخرون شيئًا .
أتراه من كان يرقص مذبوحًا من شدّة الألم كان يتوق إلى نظرة أخيرة لمن أحبّ؟ أعرف جوابًا على هذا السؤال؛ نعم، كان يتمنّى كلّ ذلك وأكثر .
في قناعتي الشخصية أنّ الصداقة أهم من الحبّ، لأنّ الحبّ لا يخضع لقواعد المنطق ولا يلقي بالًا للعقل، أمّا الصداقة فالعقل فيها والقلب يجلسان معًا على طاولة مستديرة لا أغراض دنيوية أو دنيئة ولا مكاسب شخصية من ورائها، لأنّها تعتمد على مبادئ صريحة وواضحة منها مبدأ يقول "الصديق وقت الضيق " وأحيانًا من تحبّه يكون هو سبب الضيق واختراق ثقب الأوزون نفسه لنفسك، وغالبًا لا يتدخّل لإنقاذك من نفسك وجحيمك في الوقت المناسب .
(3)
هلوسة أخرى قد لا تجد آذانًا صاغية لدى السيّد القلب؛ لا تحبّ كمن يبحث عن الغذاء بمفهوم الدواب، بل ابحث عن الحبّ كمن يبحث عن الدواء، فالحبّ السليم في العقل السليم .
سؤال؛ ماذا لو تحوّلت الصداقة إلى حبّ حقيقي بعد أنْ يتفاعل القلب مع العقل؟
لا أعرف لهذا السؤال إجابة .
و لأنّني لا أعرف فأنا لا أريد أنْ أعرف، و مع سبق الإصرار والترصد .
هلوسات في بريد القلب، فهل تصل... ؟
(4)
ترى متى تفتح نافذة نقيّة كي أتنفّس الهواء ؟ أكاد أختنق فيك ... و بعيدًا عنك ...
(5)
عندما يكون الألم أقوى من الاحتمال، وعندما تتنفّس الهمّ وأنت محاصر في خاصرة الوجع - تحديدًا - ترتشف العذاب؛ فلا بأس لو أوصيت بكل ما تملك لعطارٍ مرّ يومًا بدارك محاولًا إصلاح ما أفسدته الدنيا ومن باب الوفاء.
(6)
تقف أحيانًا على رأسك وفوق مسمار من زمرة الفولاذ حاملًا صخرة كبيرة على أمل - وهم - بأنّك أكثر قدرة على الاحتمال من سيزيف، و في محاولة فاشلة لإرسال رسالة إليها تقول؛ لو تدرين عن وجعي لأقسمت صادقة أنّك وقبل الآن لم تسمعي يومًا عن الوجع...
(7)
ربما أتخلّى - قريبًا - عن عادة شرب القهوة بعد منتصف الليل بقليل، خصوصًا بعد أنْ قرأت تعليلًا يتّهم القهوة بالغموض والضّرر الذي تسبّبه للإنسان، وعلى الرغم من اقتناعي بأنّ لها فوائد كثيرة؛ إلّا أنّها - مؤخّرًا - جعلتني أهذي بأشياء لا أريد البوح بها .
سأعود إلى عصير التفاح فهو شرابي المفضل، ومع نفس السيجار الكوبي الذي أخبرتك عنه ذات لقاء ثوري، فأنا أحبّ تشي غيفارا ومعجب بتضحياته، وكتابه " أحلامي لا تعرف حدود " يذكّرني بك وبرجال المخابرات عندما ضبطوه معي وأنا أحاول تهريبه عبر الحدود مرتكبًا بذلك جريمة لا تغتفر، على اعتبار أنّ مثل هذه الكتب تخالف منطق السلام المشوّه الذي يتشدّق به الآن زعماء العروبة المسكينة. لن أقول لكِ - بالطبع – ماذا فعلوا بي ؛ لكن بإمكانك أنْ تعقدي مقارنة بين زنزانتهم وزنازينك، وسأستمع أيضًا إلى أغنية فيروز " يا ريت " وأنادي الليل ليخلصني من ليلك، ليل طويل لم يعد يفهمني، ولا أحسبه سيفهمني، حتّى أنّه لم يعد يبالي بي .
هل تعلمين كم كانت درجة حرارتي على مقياس الشوق عندما استمعت قبل قليل إلى نشيد " الأماكن كلّها مشتاقة لك " لا أظنّك تعرفين، إذن ابتسمي من قلبك؛ فإنّي الآن أحترق ... أحترق .. أحترق .
أتعلمين شيئًا آخر ...؟ لقد بعثرتني كثيرًا وما زلت صابرًا عليك، وأفضل حلّ أنْ لا أكتب بعد الآن رسائلي في بريد القلب، لأنّ القلب لم يعد يحتمل،وأنتَ معرضة عن قراءة رسائلي. أتدرين شيئًا آخر...؟ لقد خسرت مباراة في الشطرنج قبل قليل، و كان خصمي يحتاج إلى أنْ أخطئ في عشر نقلات متسلسلة – عدًّا ونقدًا - لكي يتعادل معي، فزدتّه خطأ إضافي من عندي وفاز عليّ ، ولك أنْ تتخيّلي كم كانت فرحته كبيرة...!
سأصدقك القول؛ أفكّر جدّيًّا باعتزال الشطرنج أيضًا، وبعد أنْ قلت لي "كش مات " في أربع نقلات، واتّبعت خطّة نابليون المكشوفة والمعروفة لكلّ مبتدئ، مع أنّي أعرفها جيّدًا، وهي أول درس أعطيه لمن أدربهم من المبتدئين، لكن لا جدوى من الاستمرار؛ فإمّا أنتِ وإمّا الشطرنج وأنا ...
وداعًا ... لحفظ ماء الوجه على الأقل ... وليس من قلبي كما تعلمين، وأعلم أنّك تعلمين ذلك .
أتدرين ... أكاد أجزم أنّ ( وداعًا )هذه جاءت من تأثير براميل القهوة التي شربتها، ولا أدري كيف سيكون الأمر مع عصير التفاح، فربّما يمازحني الحظّ يومًا ما فأقول مثل نيوتن " وجدتها... وجدتها "
من يدري ... ؟
ومع ذلك لن أكتب بعد الآن رسائلي في بريد القلب، فما دام اسمك قد حفرته في قلبي، فلماذا كلّ هذا التبذير ...؟ حبر، وورق، وطباعة، وسهر يومي حتّى الصّباح، لماذا لا أوفّر كلّ تلك النقود والوقت والجهد ... ؟ فإنّ حدسي يخبرني أنّني قد أحتاجها قريبًا للذهاب إلى أقرب طبيب متخصّص بفتح القلوب، وآمل أنْ يجده قبل أنْ يذوب فيكِ .
سؤال وجيه فعلًا لماذا ... ؟!
"كنت أظنّ الريح جاب عطرك يسلّم عليّ "
ذهب العمر يا فتى خلف الأحلام والأوهام، ذاب القلب فيها ولم تبق إلّا الأحزان .
"الأماكن كلّها مشتاقة لكِ "
؛
؛
؛
صدّقي .
آذار 2009
نحن بشر وعقولنا ومفاهيمنا وقناعاتنا تختلف من شخص لآخر، وإدراكنا للأمور وتقييمنا لها تابع لكلّ ما سبق ذكره .
من نختلف معه دائمًا نجده مثل كوكب بلوتو مظلم جدًا ولا مجال لاستكشافه لبعد المسافات، ومن نتفق معه جزئيًا نجده مثل القمر له وجه مضيء وجوانب عديدة مظلمة؛ ولكنّنا ننسى أنّ هذا الجانب المظلم قد يضيء مرّة أخرى، ومن نتفق معه نراه كالشمس المشرقة، ولكنّنا ومن شدّة حبنا له ربما ننسى أنّ الشمس قد تضربنا بأشعتها وبقسوة فتردينا.
حيرة أليس كذلك؟
لكن خير الأمور الوسط ... وميزان العدل هو الحكم، أنْ تكون عادلًا مع من تحبّ ومن لا تحبّ،
وأنْ لا تحكّم هوى النفس في أمورك...
والهوى غلاب ... أحيانًا...
من هنا يأتي الظلام، عندما لا نتّفق حتّى مع الشمس نراها ظلام دامس ..
وهذه الدنيا متعبة جدًا؛ ولا راحة لمؤمن إلا بلقاء ربه .
(2)
دعوات مباركة لقلوب أرهقها الحبّ وتاه فيها العقل تحت ضغط الحاجة إلى حبّ من لا يمكن العيش بدونه .
ماذا نفعل بقلوبنا حين تحبّ مع سبق الإصرار والترصد، وتضطرّ إلى تقديم تنازلات على حساب العقل ومكانته. أكاد أجزم أنّ من قال " القطّ يحبّ خنّاقه " كان أصلًا من فصيلة الصعاليك، فنطق بحكمته وهم يهيلون عليه النفايات في الحاوية وبعد أنْ توقف قلبه .
اليوم يوم الهلوسة .. ! من يقبل مني نصيحة تقول: عندما تشعر أنّك في طريقك لأنْ تحبّ اكتب وصيتك قبل فوات الأوان، وضع اسمك على جبينك كي لا تضيع في دروب الهوى؛ فقد لا تسنح لك الفرصة لتعود إلى نفسك كي تقول حكمة أخرى لا يعرف عنها الآخرون شيئًا .
أتراه من كان يرقص مذبوحًا من شدّة الألم كان يتوق إلى نظرة أخيرة لمن أحبّ؟ أعرف جوابًا على هذا السؤال؛ نعم، كان يتمنّى كلّ ذلك وأكثر .
في قناعتي الشخصية أنّ الصداقة أهم من الحبّ، لأنّ الحبّ لا يخضع لقواعد المنطق ولا يلقي بالًا للعقل، أمّا الصداقة فالعقل فيها والقلب يجلسان معًا على طاولة مستديرة لا أغراض دنيوية أو دنيئة ولا مكاسب شخصية من ورائها، لأنّها تعتمد على مبادئ صريحة وواضحة منها مبدأ يقول "الصديق وقت الضيق " وأحيانًا من تحبّه يكون هو سبب الضيق واختراق ثقب الأوزون نفسه لنفسك، وغالبًا لا يتدخّل لإنقاذك من نفسك وجحيمك في الوقت المناسب .
(3)
هلوسة أخرى قد لا تجد آذانًا صاغية لدى السيّد القلب؛ لا تحبّ كمن يبحث عن الغذاء بمفهوم الدواب، بل ابحث عن الحبّ كمن يبحث عن الدواء، فالحبّ السليم في العقل السليم .
سؤال؛ ماذا لو تحوّلت الصداقة إلى حبّ حقيقي بعد أنْ يتفاعل القلب مع العقل؟
لا أعرف لهذا السؤال إجابة .
و لأنّني لا أعرف فأنا لا أريد أنْ أعرف، و مع سبق الإصرار والترصد .
هلوسات في بريد القلب، فهل تصل... ؟
(4)
ترى متى تفتح نافذة نقيّة كي أتنفّس الهواء ؟ أكاد أختنق فيك ... و بعيدًا عنك ...
(5)
عندما يكون الألم أقوى من الاحتمال، وعندما تتنفّس الهمّ وأنت محاصر في خاصرة الوجع - تحديدًا - ترتشف العذاب؛ فلا بأس لو أوصيت بكل ما تملك لعطارٍ مرّ يومًا بدارك محاولًا إصلاح ما أفسدته الدنيا ومن باب الوفاء.
(6)
تقف أحيانًا على رأسك وفوق مسمار من زمرة الفولاذ حاملًا صخرة كبيرة على أمل - وهم - بأنّك أكثر قدرة على الاحتمال من سيزيف، و في محاولة فاشلة لإرسال رسالة إليها تقول؛ لو تدرين عن وجعي لأقسمت صادقة أنّك وقبل الآن لم تسمعي يومًا عن الوجع...
(7)
ربما أتخلّى - قريبًا - عن عادة شرب القهوة بعد منتصف الليل بقليل، خصوصًا بعد أنْ قرأت تعليلًا يتّهم القهوة بالغموض والضّرر الذي تسبّبه للإنسان، وعلى الرغم من اقتناعي بأنّ لها فوائد كثيرة؛ إلّا أنّها - مؤخّرًا - جعلتني أهذي بأشياء لا أريد البوح بها .
سأعود إلى عصير التفاح فهو شرابي المفضل، ومع نفس السيجار الكوبي الذي أخبرتك عنه ذات لقاء ثوري، فأنا أحبّ تشي غيفارا ومعجب بتضحياته، وكتابه " أحلامي لا تعرف حدود " يذكّرني بك وبرجال المخابرات عندما ضبطوه معي وأنا أحاول تهريبه عبر الحدود مرتكبًا بذلك جريمة لا تغتفر، على اعتبار أنّ مثل هذه الكتب تخالف منطق السلام المشوّه الذي يتشدّق به الآن زعماء العروبة المسكينة. لن أقول لكِ - بالطبع – ماذا فعلوا بي ؛ لكن بإمكانك أنْ تعقدي مقارنة بين زنزانتهم وزنازينك، وسأستمع أيضًا إلى أغنية فيروز " يا ريت " وأنادي الليل ليخلصني من ليلك، ليل طويل لم يعد يفهمني، ولا أحسبه سيفهمني، حتّى أنّه لم يعد يبالي بي .
هل تعلمين كم كانت درجة حرارتي على مقياس الشوق عندما استمعت قبل قليل إلى نشيد " الأماكن كلّها مشتاقة لك " لا أظنّك تعرفين، إذن ابتسمي من قلبك؛ فإنّي الآن أحترق ... أحترق .. أحترق .
أتعلمين شيئًا آخر ...؟ لقد بعثرتني كثيرًا وما زلت صابرًا عليك، وأفضل حلّ أنْ لا أكتب بعد الآن رسائلي في بريد القلب، لأنّ القلب لم يعد يحتمل،وأنتَ معرضة عن قراءة رسائلي. أتدرين شيئًا آخر...؟ لقد خسرت مباراة في الشطرنج قبل قليل، و كان خصمي يحتاج إلى أنْ أخطئ في عشر نقلات متسلسلة – عدًّا ونقدًا - لكي يتعادل معي، فزدتّه خطأ إضافي من عندي وفاز عليّ ، ولك أنْ تتخيّلي كم كانت فرحته كبيرة...!
سأصدقك القول؛ أفكّر جدّيًّا باعتزال الشطرنج أيضًا، وبعد أنْ قلت لي "كش مات " في أربع نقلات، واتّبعت خطّة نابليون المكشوفة والمعروفة لكلّ مبتدئ، مع أنّي أعرفها جيّدًا، وهي أول درس أعطيه لمن أدربهم من المبتدئين، لكن لا جدوى من الاستمرار؛ فإمّا أنتِ وإمّا الشطرنج وأنا ...
وداعًا ... لحفظ ماء الوجه على الأقل ... وليس من قلبي كما تعلمين، وأعلم أنّك تعلمين ذلك .
أتدرين ... أكاد أجزم أنّ ( وداعًا )هذه جاءت من تأثير براميل القهوة التي شربتها، ولا أدري كيف سيكون الأمر مع عصير التفاح، فربّما يمازحني الحظّ يومًا ما فأقول مثل نيوتن " وجدتها... وجدتها "
من يدري ... ؟
ومع ذلك لن أكتب بعد الآن رسائلي في بريد القلب، فما دام اسمك قد حفرته في قلبي، فلماذا كلّ هذا التبذير ...؟ حبر، وورق، وطباعة، وسهر يومي حتّى الصّباح، لماذا لا أوفّر كلّ تلك النقود والوقت والجهد ... ؟ فإنّ حدسي يخبرني أنّني قد أحتاجها قريبًا للذهاب إلى أقرب طبيب متخصّص بفتح القلوب، وآمل أنْ يجده قبل أنْ يذوب فيكِ .
سؤال وجيه فعلًا لماذا ... ؟!
"كنت أظنّ الريح جاب عطرك يسلّم عليّ "
ذهب العمر يا فتى خلف الأحلام والأوهام، ذاب القلب فيها ولم تبق إلّا الأحزان .
"الأماكن كلّها مشتاقة لكِ "
؛
؛
؛
صدّقي .
آذار 2009
تعليق