[align=center]
جلست "سعاد" ممسكة بيد صديقة طفولتها "مديحة" الطريحة على فراش المرض تضغط عليها وتحادثها عن ذكريات أيامهما الأولى منذ أن كانتا طفلتين جارتين كبرا معاً، وذهبتا إلى نفس المدارس سوياً، و سهرتا الليالي تستذكران دروسهما في بيت كل واحدة منهما تارة بعد تارة ... حتى حينما دخلتا الجامعة لم يفرق بينهما مكتب التنسيق فآثرتا أن تكونا معاً بنفس الكلية ونفس المدرج ...
تذكرها عن أحاديثهما، وسمرهما، وحكايات فارسي أحلامهما، وكيف كان حرصهما على أن لا يفرق بينهما الوقوع في الحب أو الزواج ....
ذكرتها كيف جاء زواجهما بـ"علاء" الذي تزوجها، و " محسن" الذي تزوج منه "سعاد" ... حتى في زواجهما اختارتا زوجين جمعت بينهما الصداقة كي يضمنا أن لا تتفرق بهما السبل بعد الزواج ... فكانت رحمة ربك أن أحبت الصديقتين صديقين وتزوجتا بهما، فصار أربعتهما عائلة وأسرة واحدة ....

أحاديث كثيرة كانت "مديحة" تسردها مسمع صديقة عمرها تتشابه مع أحاديث أيامهما الخوالي في طولها وتعدد موضوعاتها ولكن تختلف في محتواها ومكانها ...
فهي الآن تسعى جاهدة كي تبث الصبر في قلب صديقتها المريضة بذلك الداء العضال الذي حار الأطباء في شفائه وأخذ يدفعها نحو الموت الذي يضحك مغتطباً كلما قاربت الدقائق بينه وبين فريسته ....


خرجت "مديحة" تاركة "سعاد" بعد أن انتهى وقت الزيارة .... وما كادت تخرج من الغرفة حتى انهمرت دموعها وهي تفكر في حال صديقتها وحالها ... تتدافع الأفكار إلى ذهنها وتلوم ذاتها كيف سترجع إلى بيتها لتنعم بقرب زوجها وحبيبها "علاء" بينما صديقتها طريحة الفراش لا تستطيع أن تنعم بمثل هذه الهناءة في قرب حبيبها " محسن".....
قذفتها الخطوات لتخرج من باب المستشفى فتستقر في الشارع الواسع تعتصر الأفكار رأسها وتمور في وجدانها ... لكنها تحمد الله أنها لا تزال بعافيتها وقادرة أن تعود إلى بيتها فيتجدد لقائها مع حبيبها وزوجها ....
وما كادت بسمة الحمد ترتسم على شفتها حتى أتت سيارة مسرعة لتصدمها وهي غائبة في حلمها وأفكارها فتقطف البسمة وتنتزعها عن شفتيها ....

حملها مسعفو المستشفى إلى الداخل فوراً وسارعوا بالاتصال بـ"علاء" زوجها الذي هرع إلى المستشفى ليلقي نفسه بين يدي صديقه " محسن" الذي أجهش ببكاء وسارعت عيناه المستجيرة تبحث عن مصير زوجته فتلقفته كلمات الأطباء لتلطمه قائلين " البقاء لله ... إنا لله وإنا إليه راجعون" ...
دارت به الدنيا وطافت به الذكريات ... عمره كله معها مر أمام ناظريه في ثوان ... تهالكت رجلاه ولم تعد بهما طاقة على الوقوف وقبل أن يلقي بجسده على المقعد استنهضه الطبيب ليقول له ... " لو وافقت .. فيمكن أن ننتزع من موت زوجتك حياة لإنسانة أخرى ..."

توقف جسده عن الهبوط نحو المقعد وراعه ما سمعه ... أسرعت شفتي الطبيب بالكلمات ..." أستاذي الكريم لقد انتقلت زوجتك رحمها الله إلى الرفيق الأعلى ولكن يمكن أن نستعين بقلبها لنضعه محل قلب صديقتها التي تموت وقد نستطيع أن نهب لسعاد حياة جديدة فربما هي إرادة الله أن يخرج من الموت حياة " ....
التفت "علاء" يبحث عن "محسن" الذي تكوم في أحد أركان غرفة الاستقبال ليجده غارقاً في بحر من الدموع .... ساءل "علاء" نفسه هل هي دموع الرثاء لموت "مديحة" أم هي دموع الحزن لمرض "سعاد" أم هي دموع الرجاء تستعطفه كي يوافق على منح "سعاد" حياة جديدة تنبض بقلب " مديحة" ...............
كم هي قاسية الحياة حين تضربك ولا تترك لك فرصة البكاء بل وتلقي في وجهك مصائبها تلو الأخرى ....

أرخى "محسن" رأسه في استسلام ووافق على طلب الأطباء الذين تسارعوا لتجهيز " سعاد" لرحلة البقاء و " مديحة" إلى رحلة الفناء
ساعات طوال طوال مرت وخرج الطبيب تبشر ابتسامته عن نجاح العملية وأن قلب "مديحة" قد استقر بسلام في جسد "سعاد"....
من بين الدموع أطلت نظرة رضاً خجلى في عين " محسن" الذي جاهد في إخفائها عن صديقه الذي ارتمي في أحضانه فامتزجت دموع كليهما كامتزاج النهر بالبحر عن المصب ...


أفاقت "مديحة" بعد يوم كامل قضته روحها متأرجحة بين السماء والأرض وأول ما ساءلت كان سؤلها عن صديقتها ... فتذرعوا لها بالحجج والأسباب ....
مرت ساعات وشعرت "مديحة" بهذا الضيف الكريم الذي حل بصدرها ... إن أعضاءها لا تستغربه ولا تستنكره بل تحتضنه .... لكن هناك شيئاً غريباً ....
ما بال هذا الذي استقر بين أضلعها يحضر إلى ذهنها دوماً صورة "علاء" ... ما بالها تشعر الوحشة دونه ... تسائل نفسها وأين "محسن" مني .... ماهذا الشعور الغريب الذي أشعر به
**********[/align]

جلست "سعاد" ممسكة بيد صديقة طفولتها "مديحة" الطريحة على فراش المرض تضغط عليها وتحادثها عن ذكريات أيامهما الأولى منذ أن كانتا طفلتين جارتين كبرا معاً، وذهبتا إلى نفس المدارس سوياً، و سهرتا الليالي تستذكران دروسهما في بيت كل واحدة منهما تارة بعد تارة ... حتى حينما دخلتا الجامعة لم يفرق بينهما مكتب التنسيق فآثرتا أن تكونا معاً بنفس الكلية ونفس المدرج ...
تذكرها عن أحاديثهما، وسمرهما، وحكايات فارسي أحلامهما، وكيف كان حرصهما على أن لا يفرق بينهما الوقوع في الحب أو الزواج ....
ذكرتها كيف جاء زواجهما بـ"علاء" الذي تزوجها، و " محسن" الذي تزوج منه "سعاد" ... حتى في زواجهما اختارتا زوجين جمعت بينهما الصداقة كي يضمنا أن لا تتفرق بهما السبل بعد الزواج ... فكانت رحمة ربك أن أحبت الصديقتين صديقين وتزوجتا بهما، فصار أربعتهما عائلة وأسرة واحدة ....

أحاديث كثيرة كانت "مديحة" تسردها مسمع صديقة عمرها تتشابه مع أحاديث أيامهما الخوالي في طولها وتعدد موضوعاتها ولكن تختلف في محتواها ومكانها ...
فهي الآن تسعى جاهدة كي تبث الصبر في قلب صديقتها المريضة بذلك الداء العضال الذي حار الأطباء في شفائه وأخذ يدفعها نحو الموت الذي يضحك مغتطباً كلما قاربت الدقائق بينه وبين فريسته ....


خرجت "مديحة" تاركة "سعاد" بعد أن انتهى وقت الزيارة .... وما كادت تخرج من الغرفة حتى انهمرت دموعها وهي تفكر في حال صديقتها وحالها ... تتدافع الأفكار إلى ذهنها وتلوم ذاتها كيف سترجع إلى بيتها لتنعم بقرب زوجها وحبيبها "علاء" بينما صديقتها طريحة الفراش لا تستطيع أن تنعم بمثل هذه الهناءة في قرب حبيبها " محسن".....
قذفتها الخطوات لتخرج من باب المستشفى فتستقر في الشارع الواسع تعتصر الأفكار رأسها وتمور في وجدانها ... لكنها تحمد الله أنها لا تزال بعافيتها وقادرة أن تعود إلى بيتها فيتجدد لقائها مع حبيبها وزوجها ....
وما كادت بسمة الحمد ترتسم على شفتها حتى أتت سيارة مسرعة لتصدمها وهي غائبة في حلمها وأفكارها فتقطف البسمة وتنتزعها عن شفتيها ....

حملها مسعفو المستشفى إلى الداخل فوراً وسارعوا بالاتصال بـ"علاء" زوجها الذي هرع إلى المستشفى ليلقي نفسه بين يدي صديقه " محسن" الذي أجهش ببكاء وسارعت عيناه المستجيرة تبحث عن مصير زوجته فتلقفته كلمات الأطباء لتلطمه قائلين " البقاء لله ... إنا لله وإنا إليه راجعون" ...
دارت به الدنيا وطافت به الذكريات ... عمره كله معها مر أمام ناظريه في ثوان ... تهالكت رجلاه ولم تعد بهما طاقة على الوقوف وقبل أن يلقي بجسده على المقعد استنهضه الطبيب ليقول له ... " لو وافقت .. فيمكن أن ننتزع من موت زوجتك حياة لإنسانة أخرى ..."

توقف جسده عن الهبوط نحو المقعد وراعه ما سمعه ... أسرعت شفتي الطبيب بالكلمات ..." أستاذي الكريم لقد انتقلت زوجتك رحمها الله إلى الرفيق الأعلى ولكن يمكن أن نستعين بقلبها لنضعه محل قلب صديقتها التي تموت وقد نستطيع أن نهب لسعاد حياة جديدة فربما هي إرادة الله أن يخرج من الموت حياة " ....
التفت "علاء" يبحث عن "محسن" الذي تكوم في أحد أركان غرفة الاستقبال ليجده غارقاً في بحر من الدموع .... ساءل "علاء" نفسه هل هي دموع الرثاء لموت "مديحة" أم هي دموع الحزن لمرض "سعاد" أم هي دموع الرجاء تستعطفه كي يوافق على منح "سعاد" حياة جديدة تنبض بقلب " مديحة" ...............
كم هي قاسية الحياة حين تضربك ولا تترك لك فرصة البكاء بل وتلقي في وجهك مصائبها تلو الأخرى ....

أرخى "محسن" رأسه في استسلام ووافق على طلب الأطباء الذين تسارعوا لتجهيز " سعاد" لرحلة البقاء و " مديحة" إلى رحلة الفناء
ساعات طوال طوال مرت وخرج الطبيب تبشر ابتسامته عن نجاح العملية وأن قلب "مديحة" قد استقر بسلام في جسد "سعاد"....
من بين الدموع أطلت نظرة رضاً خجلى في عين " محسن" الذي جاهد في إخفائها عن صديقه الذي ارتمي في أحضانه فامتزجت دموع كليهما كامتزاج النهر بالبحر عن المصب ...


أفاقت "مديحة" بعد يوم كامل قضته روحها متأرجحة بين السماء والأرض وأول ما ساءلت كان سؤلها عن صديقتها ... فتذرعوا لها بالحجج والأسباب ....
مرت ساعات وشعرت "مديحة" بهذا الضيف الكريم الذي حل بصدرها ... إن أعضاءها لا تستغربه ولا تستنكره بل تحتضنه .... لكن هناك شيئاً غريباً ....
ما بال هذا الذي استقر بين أضلعها يحضر إلى ذهنها دوماً صورة "علاء" ... ما بالها تشعر الوحشة دونه ... تسائل نفسها وأين "محسن" مني .... ماهذا الشعور الغريب الذي أشعر به
**********[/align]
تعليق