بسم الله الرحمن الرحيم
مضى أسبوع أو أكثر وأنا أنقب وأبحث علني أجد ترجمة تتطابق مع ترجمة أخرى أو لنقل قريبة عن المصدر الأصل الذي لغته فارسية فقد دققت فيه وقرأته أكثر من عشرين مرة وفي كل مرة أتساءل مع نفسي :
يا ترى هل هذا نص أصلي أم دخيل ؟ لا يوجد مصدر قط يقر أنه النص الأصلي ولا غيره
وهكذا متاعب الترجمة لا حصر لها لأنه في قرارة أنفسنا نتوخى الدقة ونسب القول إلى قائله أو صاحبه الحقيقي وإلا تكون أعمالنا محض ثرثرة في الهواء
ورفعت عشرات الكتب إلى حاسوبي ومعظمها كتب نادرة , عدا تلك التي اقتنيتها في سنوات مضت ووجدت الاختلاف شائعا وملموسا .
وحتى اللحظة صعب عليَّ الأمر أن أجد قصيدة من تلك يقال عنها أنها : النسخة الأصلية ؟ The true copy
كثرة الدخيل صدنا أن نجد الأصيل
سلطت الضوء بشكل خاص على ترجمة ( أحمد الصافي النجفي ) وقارنتها مع ترجمة أحمد رامي ولم أجد أي تطابق بين الترجمتين - بالنسبة لأحمد رامي أستطيع القول أنها رباعياته الخاصة وليست رباعيات عمر الخيام
بالنسبة لترجمة أحمد الصافي النجفي مقارنة مع ترجمة أحمد رامي أجدها أقرب واقعية من القصيدة الأم ولكن أيضا في أغلب الترجمة حشر فيها كلمات من جيبه
في الوقت الذي يقال أن ترجمته هي الأفضل بين جميع التراجم !
نعود إلى ما يقال عن رباعيات الخيام لنجد ملخص القول :
أما عدد الرباعيات المنسوبة إليه مما ورد في النسخ الخطية فألف ومائتان، نحو 1040 منها مستقلة بمعناها بعض الاستقلال بحيث يمكن اعتبارها كرباعيات مختلفة.
وأما الرباعيات التي لا ريب ولا نزاع في نسبتها إليه فلا تنيف عن الإحدى عشرة. وهي التي أردفها باسمه من ذكره من معاصريه في آثارهم الباقية حتى اليوم.
وحتى القول أعلاه ( كما أرى) أن نسبة ما نسب بشكل صحيح للخيام انخفضت عما هو مذكور في أعلاه في الوقت الحاضر
وعلى أية حال سأستمر في هذا العمل الدؤوب علني أصل إلى نتيجة مقنعة ويرضى عنها الجميع أو يكون الفشل حليفي , فالعمل شاق وصعب جدا لأنه يوجد فرق بين العشوائية والدقة فلو كان العمل عشوائي ولا ينضبط ولا يتقيد بقدسية النص يكون سهلا على المترجم وخصوصا المترجم الشاعر أن يضع كلماته ويؤلف من منابع قريحته ما يشاء ربما يرضي الآخرين لأنه ينقل في ترجمة العمل الشعري ال Rhythm and Effect لكن هل هذا صحيح ... ؟
لماذا إذن لا يكتب وينشر قصائده الخاصة به وحينها لا ينازعه أحد في حقه ...
حقيقة أتبعني جدا موضوع الترجمة وخصوصا هذه التي أتناولها الآن فكما الكابوس يثقل على رأسي لأنه لا أجد المخرج أو صعب عليَّ أن أجده
اللهم أسألك العون فأنت ملهم البصر والبصيرة فحينما تشذ الأفلاك لا دليل إلا أنت
==
هنا ترجمة أحمد الصافي النجفي كتبتها بيدي حرفا حرفا لأنه ملفات البي دي أف لا يمكن النسخ منها حتى لو كانت text عندما تكون اللغة عربية , أما لو كان النص لغته إنجليزية مثلا يمكن النسخ منه !!
برنامج أكروبات ريدر لا يدعم اللغة العربية وهذا تعب آخر يضاف على كواهلنا أضف لذلك أن أغلب الكتب في قوقل snippet view حتى لو كان الكتاب لا يسوى فلسا وألف ومرة أرسل لهم feedback
يمعودين دخيل الله ودخيلكم هذا الكتاب وجدته منشور ا بفلان مكان وفلان مكان ..... وأنتم تمنعون الإطلاع عليه ( تحجبونه علينا ) ؟؟ في بعض المرات يتجاوبون معي وفي أغلب الأحيان لا يتجاوبون
وهذا الحال وهذا المال خما نشتري كتب الدنيا كلها ... الحمد لله وبفضله تعالى توجد مواقع أخرى تسعف طلباتي وحاجتي منها مؤسسات ثقافية ومنها جامعات ومنها اشتراكات والخ
===
رباعيات الخيام ترجمة أحمد الصافي النجفي
[حرف الألف]
1
كُلُّ ذَرَّاتِ هذهِ الأرْضِ كانَتْ ... أَوْجُهاً كَالشُّمُوسِ ذاتَ بَهَاءِ
أُجْلُ عَنْ وَجْهِكَ الغُبَارَ بِرِفْقٍ ... فَهْوَ خَذٌّ لِكَاعِبٍ حَسْنَاءِ
2
إِنَّ رُوحاً مِنْ عَالَمِ الطُّهْرِ جَاءَتْ ... لَكَ ضَيْفاً مَا التَاثَ بِالغَبْرَاءِ
إِسْقِها أَكْؤُسَ الصَّبوحِ صَباحاً ... قَبْلَ تَوْدِيعِهَا أَوَانَ المَسَاءِ
3
منْ تَحرَّى حَقِيقَةَ الدَّهْرِ أضْحَى ... عِنْدَهُ الحُزْنُ وَالسُرُورُ سَواءَ
إِنْ يَكُنْ حَادِثُ الزَّمَانِ سَيَفْنى ... فَلْيَكُنْ كُلُّهُ أَسىً أَوْ هناءَ
4
قالَتِ الْوَرْدَةُ لاَ ... خدَّ كَخَدِّي في البَهاءِ
فَإِلى مَ الظلْمُ مِمَّنْ ... يَبْتَغِي عَصْراً لِمَائِي
فأَجَابَ البُلْبُلُ الغِ ... رِّيدُ فِي لَحْنِ الغِنَاءِ
منْ يَكُنْ يَضْحَكُ يَوْمَاً ... يَقْضِ حَوْلاً بِالبُكَاءِ
5
لَيْسَ يُدْرَى بِمَنْطَقٍ وَقِيَاسٍ ... أَيَّ وَقْتٍ دَارَتْ بِهِ الزَّرْقَاءُ
أَوْ مَتى تُصْبِحُ السَّمَاءُ خَرَاباً ... فَتَدَاعَتْ وَانْهَدَّ مِنْهَا البِنَاءُ
6
دَعْ عَنْكَ حِرْصَ الوُجُودِ وَاهْنَأْ ... إِنْ أَحْسَنَ الدَّهْرُ أَوْ أَسَاءَ
وَاعْبَثْ بِشَعْرِ الحَبِيبِ وَاشْرَبْ ... فَالْعُمْرُ يَمْضِي غَداً هبَاءَ
7
إِنْ تَوَاعَدْتُمُ رِفاقِي لأُنْسٍ ... وَسَعِدْتُمُ بِالغَادَةِ الهَيْفَاءِ
وَأدَارَ السَاقِي كُؤُوسَ الحُمَيَّا ... فَاذْكُرُونِي فِي شُرْبِهَا بِالدُّعَاءِ
8
إِنْ تَلاقَيْتُمُ أَخِلايَ يَوْماً ... فَأَطِيلُوا ذِكْرَايَ عِنْدَ اللِّقَاءِ
وَإِذا مَا أَتَى لَدَى الشُّرْبِ دَوْرِي ... فَأَرِيقُوا كَأْسِي علَى الغَبْرَاءِ
9
إِنْ كُنْتَ لا تَفْنَى سِوَى مرَّةٍ ... فَافْنَ وَدَعْ هَذَا الأَسَى وَالشَّقَاءْ
وَكُنْ كَأَنْ لَمْ تَحْوِ ذَا الجِلْدَ أَوْ ... ذَا الدَّمَ وَاللَّحْمَ وَخَلِّ العَنَاءْ
10
قَدْ خَاطَبَ السَّمَكُ الأَوُزَّ مُنَادِياً ... سَيَعُودُ مَاءُ النَّهْرِ فَاصْفُ هَنَاءَ
فَأَجَابَ إِنْ نُصْبِحْ شِواءً فَلْتَكُ ال ... دُّنْيَا سَرَاباً بَعْدَنا أَو مَاءَ
11
مَا الكُونُ دَارُ إِقامَةٍ فَأَخُو النُهى ... أَوْلَى بِهِ أَنْ يُدْمِنَ الصَّهْباءَ
أَطْفِئْ بِمَاءِ الْكَرْمِ نِيرَانَ الأَسَى ... فَلَسَوْفَ تَذْهَبُ فِي الهَوَاءِ هَبَاءَ
12
طَالَ كَهَمِيّ عُمُرُ الْحَبِيبِ فَقَدْ ... أَوْلانِيَ الْيَوْمَ خَيْرَ نَعْمَاءِ
فَقَدْ رَنَا لِي وَمَرَّ يُومِئُ أَنْ: ... " أَحْسِنْ وَأَلْقِ الإِحْسَانَ فِي الْمَاءِ "
13
إِخْتَرْ بِدَهْرِكَ قِلَّةَ الرُّفَقَاءِ ... وَاصْحَبْ بَنِيهِ وَأَنتَ عَنْهُمْ نَاءِ
فَمَنْ اعْتَمَدْتَ عَلَيْهِ إِنْ تَنْظُرْهُ فِي ... عَيْنِ الْبَصِيرَةِ أَعْظَمُ الأَعْدَاءِ
14
لاتَنْظُرَنَّ إِلَى الْفَتَى وَفُنُونِهِ ... وَانْظُرْ لِحِفْظِ عُهُودِهِ وَوَفَائِهِ
فَإِذا رَأَيْتَ الْمَرْءَ قَامَ بِعَهْدِهِ ... فَاحْسِبْهُ فَاقَ الكُلَّ فِي عَلْيَائِه
15
لَقَدْ آنَ الصَّبُوحُ فَقُمْ حَبِيبِي ... وَهَاتِ الرَّاحَ وَاشْرَعْ بِالغِنَاءِ
فَكَمْ " جِمْشِيدَ أَرْدَى أَوْ " قُبَادٍ ... مَجِيءُ الْصَيْفِ أَوْ مَرُّ الشِّتاء
16
مَا شَهِدَ النَّارَ وَالْجِنَانَ فَتىً ... أَيُّ امْرِئٍ مِنْ هُنَاكَ قَدْ جَاء
لَمْ نَرَ مِمَّا نَرْجُو وَنَحْذَرُهُ ... إِلاَّ صِفَاتٍ تُحْكَى وَأَسْمَاء
17
إِنْ تَجُدْ لِي بِالْعَفْوِ لَمْ أَخْشَ ذَنْباً ... أَوْ تَهَبْ لِي زَاداً أَمِنْتُ الْعَنَاءَ
أَوْ تُبَيِّضْ بِالْعَفْوِ وَجْهِي فَإِنِّي ... لَسْتُ أَخْشَى صَحِيفَتِي الْسَّوْدَاءَ
[حرف الباء]
18
قَدِ انْطَوَى سِفْرُ الشَبَابِ وَاغْتَدَى ... رَبِيعُ أَفْرَاحِي شِتَاءً مُجْدِبا
لَهَفِي لِطَيْرٍ كَانَ يُدْعَى بِالصِبَا ... مَتَى أَتَى وَأَيَّ وَقْتٍ ذَهَبَا
19
إِلهِي قُلْ لِي مَنْ خَلا مِنْ خَطِيئَةٍ ... وَكَيْفَ تُرَى عَاشَ الْبَرِيءُ مِنَ الذَّنْبِ
إِذَا كُنْتَ تُجْزِي الذَّنْبَ مِنِّي بِمِثْلِهِ ... فَمَا الْفَرْقُ مَا بَيْنِي وَبَينَكَ يَا رَبِّي
20
يَا بَاقِياً رَهْنَ الرِّياءِ وَرَائِحَاً ... لِقَصِيرِ عَيْشِكَ فِي عَنَاءٍ مُتْعِبِ
أَتَقُولُ أَيْنَ تَرُوحُ مِنْ بَعْدِ الرَّدَى ... هَاتِ المُدَامَ وَأَيْنَ مَا شِئْتَ اذْهَبِ
21
رَأَيْتُ فِي النَوْمِ ذَا عَقْلٍ يَقُولُ أَلا ... لا يَجْنِيَنَّ الْفَتَى مِنْ نَوْمِهِ طَرَبَا
حَتَّى مَ تَرْقُدُ كَالمَوْتَى فَقُمْ عَجِلاً ... فَسَوْفَ تَهْجَعُ فِي جَوْفِ الثَّرَى حُقُبَا
22
غَدَوْنَا لِذِي الأَفْلاكِ أَلْعَابَ لاعِبٍ ... أَقُولُ مَقَالاً لَسْتُ فِيهِ بِكَاذِبِ
عَلَى نَطْعِ هَذَا الْكَوْنِ قَدْ لَعِبَتْ بِنَا ... وَعُدْنا لِصَنْدُوقِ الْفَنَا بِالتَّعَاقُبِ
23
أَوَّلُ دَفْتَرِ المَعَانِي الهَوَى ... وَإِنَّهُ بَيْتُ قَصِيدِ الشَّبَابْ
يَا جَاهِلاً مَعْنَى الهَوَى إِنَّمَا ... مَعْنَى الحَيَاةِ الْحُبُّ وَالانْجِذَابْ
24
إِنْ تَحْلُ لَدَى الرَّبِيعِ كَفُّ السُحْب ... حَدَّ الأَزْهَارِ فَابْتَدِرْ لِلشُرْبِ
فَالْيَوْم يدِي الرَّوْضَةِ تَرْتَاحُ وَمِنْ ... ذَرَّاتِك سَوْفَ تَزْدَهِي بِالعُشْبِ
25
تَزْدَادُ حَيْرَةُ عَقْلِي كلَّ دَاجِيَةٍ ... وَالدَّمْعُ حَوْلِيَ مِثْلَ الدُّرِّ مَسْكُوبُ
لا يَمْتَلِي جَامُ رَأْسِي مِنْ وَسَاوِسِهِ ... وَلَيْسَ يُمْلأُ جَامٌ وَهُوَ مَقْلُوبُ
26
قَدْ حَظِينَا بِالغِنَا وَالرَاحِ فِي الدَّارِ الْخَرَاب ... وَفَرَغْنَا مِنْ مُنَى الرَّحْمَةِ أَوْ خَوْفِ الْعِقَابْ
وَسَمَوْنَا ثَمَّ عَنْ مَاءٍ وَنَارٍ وَتُرَابْ ... فَالكِسَا وَالكَأْسُ وَالعَقْلُ مَعاً رَهْنُ الشَّرَابْ
27
أَمَا تَرَى الأَزْهَارَ فِيهَا عَبِثَتْ يَدُ الصَّبَا ... وَمِنْ جَمَالِهَا غَدَا الْبُلْبُلُ يَشْدُو طَرَبَا
فَبَادِرِ الزَّهْرَ وَدَعْ عَنْكَ الأَسَى وَالكُرَبَا ... فَهَذِهِ الأَزْهَارُ كَمْ زَهَتْ وَكَمْ عَادَتْ هَبَا
28
قَالَ قَوْمٌ أَطْيبَ الْحُورَ فِي الجَنَّ ... ةِ قُلْتُ الْمُدَامُ عِنْدِيَ أَطْيَبْ
فَاغْنَمِ النَّقْدَ وَاتْرُكِ الدَّيْنَ وَاعْلَمْ ... أَنَّ صَوْتَ الطُّبُولِ فِي البُعْدِ أَعْذَبْ
29
إِنْ تَشْرَبِ المُدَامَ أُسْبُوعاً فَلا ... تَدَعْ لَدَى الجُمْعَةِ قُدْساً شُرْبَهَا
أَلسَبْتُ وَالجُمْعَةُ عِنْدِي اسْتَوَيَا ... لا تَعْبُدِ الأَيَّامَ وَاعْبُدْ رَبَّهَا
30
هَذَا أَوَانُ الصَّبُوحِ وَالطَّرَبِ ... وَنَحْنُ وَالْحَانُ وَابْنَةُ العِنَبِ
أُصْمُتْ نَدِيمِي هَلْ ذَا مَحَلٌّ تُقىً ... وَاشْرَبْ وَخَلِّ الْحَدِيثَ وَاجْتَنِبِ
31
لَمْ أَشْرَبِ الرَّاحَ لأَجْلِ الطَّرَبِ ... أَوْ تَرْكِ دِينِي وَاطِّرَاحِ الأَدَبِ
رُمْتُ الحَيَاةَ دُونَ عَقْلٍ لَحْظةً ... فَهِمْتُ بِالسُّكْرِ لِهَذَا السَّبَبِ
32
لا عِشْتُ إِلاَّ بِالغَوَانِي مُغْرَماً ... وَعَلَى يَدِي تِبْرُ المُدَامِ الذَّائِبُ
قَالُوا سَيَقْبَلُ مِنْكَ رَبُّكَ تَوْبَةً ... لا اللَّهُ قَابِلُهَا وَلا أَنَا تَائِبُ
33
لا تَتُبْ قَطُّ عَنِ الرَّاحِ فَكَمْ ... تَوْبَةٍ مِنْهَا يَتُوبُ التَّائِبُ
قَدْ شَدَا الْبُلْبُلُ وَالْوَرْدُ رَهَا ... أَبِذَا الْوَقْتِ يَتُوبُ الشَّارِبُ؟
34
نَفْسِي تَمِيلُ إِلَى الْحُمَيَّا دَائِماً ... وَالسَمْعُ يَهْوَى مِعْزَفاً وَرَبَابَا
إِنْ يَصْنَعُوا كُوْزاً ثَرَايَ فَلَيْتَهُمْ ... أَنْ يَمْلَئوهُ مَدَى الزَّمَانِ شَرَابَا
35
مَا خَلَقَ اللَّهُ رَاحَةً وَهَنَا ... إِلاَّ لِمَنْ عَاشَ مُفْرَداً عَزَبَا
مَنْ تَرَكَ الانْفِرَادَ وَاقْتَرَنَا ... فَقَدْ جَنَى بَعْدَ رَاحَةٍ تَعَبَا
36
أَتَى بِي لِهَذا الْكَونِ مُضْطَرِباً فَلم ... تَزِدْ لِيَ إلاَّ حَيْرَةٌ وَتَعَجُّبُ
وَعُدْتُ عَلَى كُرْهٍ وَلَمْ أَدْرِ أَنَّني ... لِمَاذَا أَتَيْتُ الْكَوْنَ أَوْ فِيمَ أَذْهَبُ
37
كُلَّ يَوْمٍ أَنْوِي الْمَتَابَ إِذَا مَا ... جَاءَنِي الْلَّيْلُ عَنْ كُؤُوسِ الشَّرَابِ
فَأَتَانِي فَصْلُ الزُّهُورِ وَإِنِّي ... فِيْهِ يَا رَبِّ تَائِبٌ عَنْ مَتَابِي
38
مَا زَالَ ظِلٌّ عَلَى الأَزْهَارِ لِلسُّحُب ... وَلَمْ يَزَلْ بِيَ مَيْلٌ لابْنَةِ الْعِنَبِ
فَلا تَنَمْ لَيْسَ ذَا وَقْتَ الْكَرَى وَأَدِرْ ... كَأْساً حَبِيبِي فَإِنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَغِبِ
39
لِمَاذَا غَدَاةَ الرَّبُّ رَكَّبَ هّذِهِ الْ ... عَنَاصِرَ لَمْ يُحْكِمْ تَنَاسُبَهَا الرَّبُّ
إِذَا رَاقَ مَبْنَاهَا فَفِيمَ خَرَابُهَا ... وَإِنْ لَمْ تَرُقْ مَبْنىً فَمِّمَنْ أَتَى الْعَيْبُ
40
وَجَامٍ يَرُوقُ الْعَقْلُ لُطْفاً وَرِقَّةً ... وَيَهْفُو عَلَيْهِ الْقَلْبُ مِنْ شِدَّةِ الْحُبِّ
تَفَنَّنَ خَزَّافُ الْوُجُودِ بِصُنْعِهِ ... وَيَكْسِرُهُ مِنْ بَعْدِ ذَاكَ عَلَى التُّرْبِ
41
كَمْ لِلَّذِي بَسَطَ الثَرَى وَبَنَى السَّمَا ... مِنْ لَوْعَةٍ بِقُلُوبِنَا وَعَذَابُ
كَمْ مِنْ شِفَاهٍ كَالْعَقِيقِ وَطُرَّةٍ ... كَالْمِسْكِ أَوْدَعَهَا حِقَاقَ تُرَابِ
42
أُنْظُرْ حِسَابَكَ مَا أَتَيْتَ بِهِ وَمَا ... تَغْدُو بِهِ مِنْ بَعْدُ مَهْمَا تَذْهَبِ
أَتَقُولُ لا أَحْسُو الطِّلا خَوْفَ الرَّدَى ... سَتَمُوتُ إِنْ تَشْرَبْ وَإِنْ لَمْ تَشْرَبِ
43
كَمْ سِرْتُ طِفْلاً لِتَحْصِيلِ الْعُلُومِ وَكَمْ ... أَصْبَحْتُ بَعْدُ بِتَدْرِيسِي لَهَا طَرِبَا
فَاسْمَعْ خِتَامَ حَدِيثِي مَا بَلَغْتُ سِوَى ... أَنِّي بُدِئْتُ تُرَاباً ثُمَّ عُدْتُ هَبَا
44
أَلا ارْحَمْ يَا إِلَهِي لِيَ فُؤَاداً ... مِنَ الأَشْجَانِ أَمْسَى فِي عَذَابِ
وَرِجْلاً بِي سَعَتْ لِلْحَانِ قِدْماً ... وَكَفّاً أَمْسَكَتْ قَدَحَ الشَّرَابِ
[حرف التاء]
45
إِجْعَلُوا قُوْتِي الطِّلا وَأَحِيلُوا ... كَهْرُبَاءَ الْخُدُودِ لِلْيَاقُوتِ
وَإِذَا مُتُّ فَاجْعَلُوا الرَّاحَ غُسْلِي ... وَمِنَ الْكَرْمِ فَاصْنَعُوا تَابُوتِي
46
يَقُولُ الْمُتَّقُونَ غَداً سَتَحْيَى ... عَلَى مَا كُنْتَ فِي هَذِي الحَيَاةِ
لِذَا اخْتَرْتُ الْحَبِيبَةَ وَالحُمَيَّا ... لأُحْشَرَ هَكَذَا بَعْدَ الْمَمَاتِ
47
جَاءَ مِنْ حَانِنَا النِّدَاءُ سُحَيْراً ... يَا خَلِيعاً قَدْ هَامَ بِالْحَانَاتِ
قُمْ لِكَيْ نَمْلأَ الْكُؤُوْسَ مُدَاماً ... قَبْلَ أَنْ تَمْتَلِي كُؤُوْسَ الْحَيَاةِ
48
هَبِ الدُّنْيَا كَمَا تَهْوَاهُ كَانَتْ ... وَكُنْتَ قَرَأْتَ أَسْفَارَ الْحَيَاةِ
وَهَبْكَ بَلَغْتَهَا مِئَتَيْنِ حَوْلا ... فَمَاذَا بَعْدَ ذَاكَ سِوَى الْمَمَاتِ
49
أَلْبَدْرُ شَقَّ بِنُورِهِ جَيْبَ الدُّجَى ... فَاشْرَبْ فَلَنْ تَلْقَى كَذِي الأَوْقَاتِ
وَاهْنَأْ وَلا تَأْمَنْ فَهَذَا الْبَدْرُ كَمْ ... سَيُضِيءُ فَوْقَ ثَرَى لَنَا وَرُفَاتِ
50
إِنْ نِلْتُ مِنْ حِنْطَةٍ رَغِيفاً ... وَكُوْزَ خَمْرٍ وَفَخْذَ شَاةِ
وَكَانَ إِلْفِي مَعِي بِقَفْرٍ ... فُقْتُ بِذَا عِيشَةَ الْوُلاةِ
51
مَنْ نَالَ ذَرَّةَ عَقْلٍ عَادَ مُنْتَبِها ... فَلَمْ يُضِعْ مِنْ ثَمِينِ الْعُمْرِ لَحْظَتَهُ
إِمَّا سَعَى لِرِضَاءِ اللَّهِ مُجْتَهِداً ... أَوْ عَبَّ كَأَسَ الطِّلا وَاخْتَارَ رَاحَتَهُ
52
مَا اسْطَعْتَ كُنْ لِبَنِي الْخَلاعَةِ تَابِعا ... وَاهْدِمْ بِنَاءَ الصَّوْمِ وَالصَّلَوَاتِ
وَاسْمَعْ عَنِ الْخَيَّامِ خَيْرَ مَقَالَةٍ ... إِشْرَبْ وَغَنِّ وَسِرْ إِلَى الْخَيْرَاتِ
53
أُحْسُ الطِّلا عَنْكَ يَزُلْ هَمُّ الوَرَى ... وَقِلَّةُ الأُمُورِ أَوْ كَثْرَتُهَا
وَلا تُجَانِبْ كِيمْيَاءَ قَهْوَةٍ ... تُزِيلُ أَلْفَ عِلَّةٍ قَطْرَتُهَا
54
جُسُومُ ذَوِي هَذِي الْقُبُورِ تَحَلَّلَتْ ... فَبَيْنَ بُخَارٍ قَدْ عَلا وَرُفَاتِ
فَمَا هَذِهِ الرَّاحُ الَّتِي صَرَعَتْهُمُ ... وَلَمْ يَنْهَلُوا مِنْهَا سِوَى جُرُعَاتِ
55
هَلُمَّ حَبِيبِي نَتْرُكِ الْهَمَّ فِي غَدٍوَنَغْنَمْ قَصِيرَ الْعُمْرِ قَبْلَ فَوَاتِ
سَنُزْمِعُ عَنْ ذِي الدَّارِ رِحْلَتَنَا غَداً ... بِسَبْعَةِ آلافٍ مِنَ السَّنَوَاتِ
56
مَنْ كَانَ نِصْفُ رَغِيفٍ فِي الْحَيَاةِ لَهُ ... وَمَسْكَنٌ فِيهِ مَثْوَاهُ وَرَاحَتُهُ
لَمْ يَغْدُ سَيِّدَ شَخْصٍ أَوْ غُلامَ فَتىً ... فَهَنِّهِ فَلَقَدْ رَاقَتْ مَعِيشَتُهُ
57
إِلَى الْحَانِ أَغْدُو كُلَّ يَوْمٍ مُبَكِّراً ... وَأَصْحَبُ فِيهِ ثَمَّ أَهْلَ الْخَلاعَاتِ
فَيَا عَالِمَ الأَسْرَارِ هَبْنِي هِدَايَةَ ... وَرُشْداً لأَغْدُو لِلدُّعَا وَالْمُنَاجَاةِ
58
لا تَحْسَبَنِّيَ جِئْتُ مِنْ نَفْسِي وَلا ... قَطَعْتُ وَحْدِي ذَا الطَّرِيقَ المُعَنِّتَا
إِنْ يَكُ مِنْهُ جَوْهَرِي وَمَنْشَئِي ... فَمَنْ أَنَا وَأَيْنَ كُنْتُ وَمَتَى
59
كُنْ كَالشَّقَائِقِ مُمْسِكاً كَأْساً لَدَى الن؟ ... يْرُوزِ مَعْ وَرْدِيَّةِ الْوَجْنَاتِ
وَاشْرَبْ فَإِنَّكَ سَوْفَ تُصْبِحُ كَالثَّرَى ... ضَعَةً بِسَيرِ الدَّهْرِ ذِي النَّكَبَاتِ
60
أَلْيَوْمُ يَوْمُ صِبَايَ فَلأشْرَبْ بِهِ ... كَأْسَ الشَّرَابِ وَأَجْتَنِي لَذَّاتِي
لاتُزْرِ فِيهِ لَئِنْ يَمَرَّ فَقَدْ حَلا ... لا غَزْوَ إِنْ يَكُ مَرَّ فَهُوَ حَيَاتِي
61
أَحْسُو الْمُدَامَ وَلا أُعَرْبِدُ قَطُّ أَوْ ... كَفِّي تُمَدُّ لِمَا عَدَا الْكَاسَاتِ
تَدْرِي لِمَا اخْتَرْتُ الطِّلا؟ كَيْلا أَرَى ... يَا صَاحِ مِثْلَكَ مُوْلَعاً فِي ذَاتِي
62
إِنَّ بَدْرِي يَلُوحُ فِي كُلِّ شَكْلِ ... حَيَوَاناً طَوْراً وَطَوْراً نَبَاتاً
لا تَخَلْهُ يَزُولُ هَيْهَاتَ فَالْمَوْ ... صُوفُ إِنْ يَفْنَ وَصْفُهُ يَبْقَ ذَاتَا
63
يَا عَالِماً بِجَمِيعِ أَسْرَارِ الْوَرَى ... وَنَصِيرَهُمْ فِي الْعَجْزِ وَالْكُرُبَاتِ
كُنْ قَابِلاً عُذْرِي إِلَيكَ وَتَوْبَتِي ... يَا قَابِلَ الأَعْذَارِ وَالتَّوْبَاتِ
[حرف الجيم]
64
يَا زُبْدَةَ الْخِلاَّنِ خُذْ نُصْحِي وَلاَ ... تُصْبِحْ مِنَ الدُّنْيَا بِهَمٍّ مُزْعِجِ
وَاجْلُسْ بِزَاوِيَةِ اعْتِزَالِكَ وَانْظُرَنْ ... أَلْعَابَ دَهْرِكَ نَظْرَةَ الْمُتَفَرِّجِ
65
قُمْ قَبْلَ غَارَةِ الأَسَى مُكِّراً ... وَادْعُ بِهَا وَرْدِيَّة تَجْلُو الدُّجَى
فَلَسْتَ يَا هَذَا الْغَبِيّ عَسْجَداً ... حَتَّى تُوَارَى فِي الثَّرَى وَتُخْرَجَا
[حرف الحاء]
66
إِنَّ ذَاكَ الْقَصْرَ الَّذِي ضَمَّ جَمْشِي؟ ... ؟ دَ وَفِيهِ تَنَاوَلَ الأَقْدَاحَا
وَلَدَتْ ظَبْيَةُ الْفَلا خِشْفَهَا فِي؟ ... ؟ هِ وَأَمْسَى إِلَى ابْنِ آوَى مَرَاحَا
يَا لَبَهْرَامَ كَيْفَ كَانَ يَصِيدُ الْ؟ ... وَحْشَ مِنْ قَبْلُ غُدْوَةً وَرَوَاحَا
فَانْظُرِ الآنَ كَيْفَ قَدْ صَادَهُ الْقَبْ؟ ... ؟ رُ وَأَمْسَى لا يَسْتَطِيعُ بَرَاحَا
67
نَحْنُ يَا مُفْتِيَ الْوَرَى مِنْكَ أَدْرَى ... لَمْ تُزِلْ عَقْلَنَا مَدَى السُّكْرِ رَاحُ
أَنْتَ تَحْسُو دَمَ الأَنَامِ وَنَحْسُو ... دَمَ كَرْمِ فَأَيُّنَا السَّفَاحُ
68
إِلَى مَ تُعَانِي لِلْمُقَدَّرِ مِحْنَةً ... وَمِنْ بَاطِلِ الأَفْكَارِ تُمْسِي بِأَتْرَاحِ
فَعِشْ فِي سُرُورً وَاقْضِ دَهْرَكَ بِالْهَنَا ... فَلَمْ يَكِلُوا أَمْرَ الْقَضَا لَكَ يَا صَاحِ
69
نَعَمْ أَنَا مِنْ رَاحِ الْمَجُوْسِ بِنَشْوَةٍ ... وَصَبٌّ خَلِيْعٌ لَمْ أَزَلْ مُدْمِنَ الرَّاحِ
يَرَى كُلُّ حِزْبٍ فِيَّ رَأْياً وَمَذْهَباً ... وَإِنِّي لِنَفْسِي كَيْفَمَا كُنْتُ يَا صَاحِ
70
دَعَى لِلصَّبُوْحِ مَلِيكُ النَّهَارِ ... وَلاَحَ سَنَا الْفَجْرِ فَوْقَ السُّطُوْحِ
وَنَادَى مُنَادِي الأُلَى بَكَّرُوا ... أَلا فَاشْرَبُوا آنَ وَقْتُ الًصَّبُوْحِ
71
أَلْفَجْرُ لاَحَ فَقُمْ لَنَا يَا صَاحِ ... وَامْلأْ زُجَاجَكَ مِنْ عَقِيقِ الرَّاحِ
زَمَانُ أُنْسِكَ إِنْ يَفُتْ لَمْ تَلْقَهُ ... وَتَظَلُّ تَنْشُدُ سَاعَةَ الأَفْرَاحِ
72
لاَ تَغْرِسَنَّ الْحَشَا غَرْسَ التَّرَحْ ... وَاقْرَأْ حَيِيْتَ دَائِماً سِفْرَ الْفَرَحْ
وَعَاقِرِ الرَّاحَ وَنَلْ أَقْصَى الْمُنَى ... فَالْعُمْرُ مَا أَقْصَرَهُ كَمَا اتَّضَحْ
73
بَادِرْ فَسَوْفَ تَعُوْدُ أَدْرَاجَ الْفَنَا ... وَسَتَتْرُكُ الْجُثْمَانَ مِنْكَ الرُّوْحُ
وَاشْرَبْ وَعِشْ جَذِلاً فَلَسْتَ بِعَالِمٍ ... مِنْ أَيْنَ جِئْتَ وَأَيْنَ بَعْدُ تَرُوْحُ
74
لِلصَّوْمِ وَالصَّلَوَاتِ مِلْتُ تَنَسُّكاً ... فَتَيَقَّنَتْ نَفْسِي غَداً بِنَجَاحِي
أَسَفاً فَقَدْ نُقِدَ الْوُضُوءُ بِنَسْمَةٍ ... وَالصَّوْمُ زَالَ بِنِصْفِ جُرْعَةِ رَاحِ
75
إِشْرَبِ الرَّاحَ فَهِيَ رُوْحُ الرُّوْحِ ... بَلْسَمُ النَّفْسِ وَالْحَشَا الْمَجْرُوْحِ
وَإِذَا مَا دَهَاكَ طُوْفَانُ هَمٍّ ... فَانْجُ فِيْهَا فَذِي سَفِينَةُ نُوْحِ
[حرف الخاء]
76
إِذَا العُمْرُ يَمْضِي فَلْيَرُقْ لِيَ أَوْ يَسُؤ ... وَسَيَّانِ إِنْ أَهْلِكَ بِبَغْدَادَ أَوْ بَلْخِ
فَقُمْ وَاحْسُهَا فَالشَّهْرُ كَمْ بَعْدَ سَلْخِهِ ... إِلَى غُرَّةٍ يَمْضِي وَمِنْهَا إِلَى سَلْخِ
[حرف الدال]
77
لاَ يُوْرِثُ الدَّهْرُ إِلاَّ الْهَمَّ وَالْكَمَدَا ... وَالْيَوْمَ إِنْ يُعْطِ شَيْئاً يَسْتَلِبْهُ غَدَا
مَنْ لَمْ يَجِيْئُوا لِهَذَا الدَّهْرِ لَوْ عَلِمُوا ... مَاذَا نُكَابِدُ مِنْهُ مَا أَتَوْا أَبَدَا
78
إِنْ لَمْ يَكُنْ حَظُّ الْفَتَى فِي دَهْرِهِ ... إِلاَّ الرَّدَى وَمَرَارَةَ الْعَيْشِ الرَّدِي
سَعِدَ الَّذِي لَمْ يَحْيَى فِيْهِ لَحْظَةَ ... حَقاً وَأَسْعَدُ مِنْهُ مَنْ لَمْ يُوْلَدِ
79
لَثِمْتُ مِنْ جَرَّةِ الصَّهْبَاءِ مَرْشَفَهَا ... حِرْصاً لأَسْأَلَ مِنْهَا عِيشَةَ الأَبَدِ
فَقَابَلَتْ شَفَتِي بِالْلَّثْمِ قَائِلَةً ... سِراً أَلاَ اشْرَبْ فَإمَّا رُحْتَ لَمْ تَعد
80
أَتْرِعْ كُئوسَكَ فَالصَّبَاحُ قَدِ انْجَلَى ... رَاحَا لَهَا يَغْدُو الْعَقِيقُ حَسُودَا
وَهَلُمَّ بِالْعُودَيْنِ وَاكْتَمِلِ الْهَنَا ... وَقِّعْ عَلَى عُوْدٍ وَأَحْرِقْ عُوْدَا
81
إِرْتَشِفْهَا فَذَا لَعَمْرِي الْخُلُودُ ... فِيهِ تَمْتَازُ لِلشَّبَابِ عُهُودُ
ذَا أَوَانُ الأَزْهَارِ وَالرَّاحِ وَالصُّحْ؟ ... بُ نَشَاوَى فَاهْنَأْ فَهَذَا الْوُجُودُ
82
أَلْعِيدُ جَاءَ فَسَوفَ يُصْلِحُ أَمْرَنَا ... وَالرَّاحُ لِلإِبْرِيقِ سَوفَ تَعُودُ
وَيَفُكُّ عَنْ هَذِي الْحَمِيرِ لِجَامَهَا ... بِالصَّوْمِ وَالصَّلَوَاتِ هَذَا الْعِيْدُ
83
لَيْسَ لِذَا الْعَالَمِ ابْتِدَاءٌ ... يَبْدُو وَلاَ غَايَةٌ وَحَدُّ
وَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَقُولُ حَقّاً ... مِنْ أَيْنَ جِئْنَا وَأَيْنَ نَغْدُو
84
إِنْ لَمْ يُطِقْ أَحَدٌ مِنَّا ضَمَانَ غَد ... فَطِبْ بِذَا الْوَقْتِ نَفْساً وَانْتَعِشْ كَبِدَا
وَاشْرَبْ عَلَى ضَوْءِ ذَا الْبَدْرِ الْمُنِيرِ فَكَم ... يُضِيءُ بَعْدُ وَمِنَّا لاَ يَرَى أَحَدَا
85
لَئِنْ جَالَسْتَ مَنْ تَهْوَاهُ عُمْراً ... وَذُقْتَ جَمِيْعَ لَذَّاتِ الْوُجُوْدِ
فَسَوْفَ تُفَارِقُ الدُّنْيَا كَأَنَّ ... الَّذِي شَاهَدْتَ حُلْمٌ فِي هُجُوْدِ
86
لاَ تَخْشَ حَادِثَةَ الزَّمَانِ فَإِنَّهَا ... لَيْسَتْ بِدَائِمَةٍ عَلَيْنَا سَرْمَدَا
وَاغْنَمْ قَصِيرَ الْعُمْرِ فِي طَرَبٍ وَلاَ ... تَحْزَنْ عَلَى أَمْسٍ وَلاَ تَخْشَ الْغَدَا
87
عَادَ السَّحَابُ عَلَى الْخَمَائِلِ بَاكِياً ... فَالْعَيْشُ لاَ يَصْفُو بِدُونِ الصَّرْخَدِ
هَذِي الرِّيَاضُ الْيَوْمَ مُنْتَزَهٌ لَنَا ... فَلِمَنْ رِيَاضُ رُفَاتِنَا هِيَ فِي غَدِ
88
أَرَى أُنَاساً عَلَى الْغَبْرَاءِ قَدْ هَجَدُوا ... وَمَعْشَراً تَحْتَ أَطْبَاقِ الثَّرَى رَقَدُوا
وَإِنْ نَظَرْتُ لِصَحْرَاءِ الْفَنَاءِ أَرَى ... قَوْماً تَوَلَّوْا وَقَوْماً بَعْدُ لَمْ يَرِدُوا
89
إِجْلِسْ إِلَى الرَّاحِ تَبْلُغْ مُلْكَ مَحْمُوْدِ ... وَأَصْغِ لِلْعُوْدِ تَسْمَعْ لَحْنَ دَاوُدِ
دَعْ ذِكْرَ مَا لَمْ يَجِيءْ أَوْ مَا أَتَى وَمَضَى ... وَالآنَ فَاهْنَأْ فَهَذَا خَيْرُ مَقْصُوْدِ
90
إِنَّ الأُلَى بَلَغُوا الْكَمَالَ وَأَصْبَحُوا ... مَا بَيْنَ صَحْبِهِمُ سِرَاجَ النَّادِي
لَمْ يَكْشِفُوا حَلَكَ الدَّيَاجِي بَلْ حَكَوا ... أُسْطُوْرَةً ثُمَّ انْثَنَوْا لِرُقَادِ
91
لَئِنْ سَقَانِي فِي فَصْلِ الرَّبِيعِ رَشاً ... فِي الرَّوْضِ كَأْساً دِهَاقاً تُنْعِشُ الْكَبِدَا
وَإِنْ يَكُن لَمْ يَرُقْ هَذَا الْمَقَالُ فَتي " ... فَالْكَلْبُ يَفْضُلُنِي إِنْ أَذْكُرِ الْخُلُدَا
92
يَا رَبِّ إِنَّكَ ذُو لُطْفٍ وَذُو كَرَمٍ ... فَفِيمَ لاَ يَدْخُلَنَّ الْمُذْنِبُ الْخُلُدَا
مَا الْجُودُ إِعْطَاءُ دَارِ الْخُلْدِ مُتَّقِياً ... إِنَّ الْعَطَاءَ لأَصْحَابِ الذُّنُوبِ نَدَى
93
بِجَمِيلِ الآمَالِ أَفْنَيْتُ عُمْرِي ... دُونَ أَنْ أَبْلُغَنَّ يَوْماً مُرَادَا
أَنَا أَخْشَى أَنْ لاَ يُسَاعِدَنِي الْعُمْ؟ ... رُ لأَشْفِي مِنَ الزَّمَانِ الْفُؤَادَا
94
يَبُثُّكَ عَقْلٌ لِلسَّعَادَةِ طَالِبٌ ... مَدَى كُلّ يَومٍ نُصْحَهُ وَيُرَدِّدُ
أَلاَ اغْنَمْ قَصِيرَ الْعُمْرِ لَسْتَ بِنَبْتَة ... تَعُودُ فَتَنْمُو بَعْدَ مَا هِي تُحْصَدُ
95
أَلاَ إِنَّ مَنْ زَانُوا الْوُجُودَ بِخَلْقِهِمْ ... أَتَوْا وَتَوَلَّوْا ثُمَّ يَأْتُونَ مِنْ بَعْدُ
فَكَمْ فِي السَّمَا وَالأَرْضِ خَلْقٌ وَأَنْفُسٌ ... تَجِيءُ لِهَذَا الْكَوْنِ مَا بَقِيَ الْفَرْدُ
96
دَعْ ذِكْرَ أَمْسٍ فَهُوَ قَدْ مَرَّ وَدَعْ ... ذِكْرَ غَدٍ فَإِنَّهُ مَا وَرَدَا
لاَ تُعْنَ فِيمَا لَمْ يَرِدْ وَمَا مَضَى ... وَاشْرَبْ لِئَلاَّ يَذْهَبَ الْعُمْرُ سُدَى
97
لَسْتُ لِدَيْرٍ صَالِحاً كَلاَّ وَلاَ لِمَسْجِدِ ... أَللَّهُ أَدْرَى بِثَرىً كَوَّنَ مِنْهُ جَسَدِي
لاَ دِينَ أَوْ دُنْيَا وَلاَ أَرْجُو الْجِنَانَ فِي غَدٍ ... كَمُوْمِسٍ دَمِيمَةٍ أَوْ كَفَقِيرٍ مُلْحِدِ
98
لِهَلاَكِنَا تَجْرِي السَّمَاءُ وَمَا لَهَا ... إِلاَّ اغْتِيَالُ نُفُوسِنَا مِنْ مَقْصَدِ
إِجْلِسْ بِزَاهِي الرَّوْضِ وَارْتَشِفِ الطَّلاَ ... فَالرَّوْضُ يَنْبُتُ مِنْ ثَرَانَا فِي غَدِ
99
كَالمَاءِ فِي النَّهْرِ أَوْ كَالرِّيحِ وَسْطَ فَلاَ ... الأَمْسُ مِنْ عُمُرِنَا وَلَّى وَلَمْ يَعُدِ
يَوْمَانِ مَا عِشْتُ لاَ أَعْنَى بِأَمْرِهِمَا ... يَوْمٌ تَوَلَّى وَيَوْمٌ بَعْدُ لَمْ يَرِدِ
100
إِنَّ ذَاكَ الْقَصْرَ الَّذِي زَاحَمَ الْ؟ ... أُفُقَ وَخَرَّتْ لَهُ الْمُلُوكُ سُجُودَا
هَتَفَ الْوِرْقَ فِي ذُرَاهُ يُنَادِي ... أَيْنَ مَنْ صَيَّرُوا الْمُلُوكَ عَبِيدَا
101
أُقْطُفْ وَعَاقِرْ كَأْسَهَا مَعَ شَادِنٍ ... كَالسَّرْوِ قَداً وَالزُّهُورِ خُدُودَا
فَسَيَغْتَدِي كَالْوَرْدِ مِنْ كَفِّ الرَّدَى ... ثَوْبُ الْحَيَاةِ مُخَضَّباً مَقْدُودَا
102
مَا نَفَعَ الدَّهْرَ مَجِيئِي وَلاَ ... يَزِيدُهُ شَأْنَاً رَحِيلِي غَدَا
مَا سَمِعَتْ أُذُنَايَ مِنْ قَائِلٍ ... مَا نَفْعُ ذَا الْعَيْشِ وَجَدْوَى الرَّدَى؟
103
سُرُورُ حَشاً يَفُوقُ لَدَيَّ أَجْراً ... عَلَى تَعْمِيرِ أَنْحَاءِ الْوُجُودِ
وَجَعْلِ الْحُرِّ بِالإِحْسَانِ عَبْداً ... أَرَاهُ يَفُوقُ تَحْرِيرَ الْعَبِيدِ
104
لِلنَّجْمِ يَعْلُوْ زَفِيرِي كُلَّ دَاجِيَةٍ ... وَسَيْلُ دَمْعِي يَمُدُّ الْبَحْرَ فِي مَدَدِ
قَدْ قُلْتَ لِي سَوْفَ نَحْسُو الرَّاحَ بَعْدَ غَدٍ ... لَعَلَّ عُمُرِيَ لاَ يَمْتَدُّ بِي لِغَدِ
105
خَلِّ الْهَنَاءَ فَعُمُرُنَا نَفَسٌ وَمِنْ ... جَمْشِيدَ ذَرَّاتُ الثَّرَى وَقُبَادِ
لَيْسَ الْوُجُودُ وَعُمْرُنَا الْفَانِي سِوَى ... وَهْمٍ وَتَضْلِيلٍ وَحُلْمِ رُقَادِ
106
قَالَ شَيْخٌ لِمُومِسٍ " أَنْتِ سَكْرَى ... كُلَّ آنٍ بِصَاحِبٍ لَكِ وَجْدُ "
فَأَجَابَتْ " إِنِّي كَمَا قُلْتَ لَكِنْ ... أَنْتَ كَمَا لَدَى النَّاسِ تَبْدُو؟ "
107
دَعْ كُلَّ قَلْبٍ لَمْ يُمَازِجْهُ الْهَوَى ... أَحَوَاهُ دَيْرٌ أَمْ حَوَاهُ مَسْجِدُ
وَبِدَفْتَرِ الْعُشَّاقِ مَنْ خُطَّ اسْمُهُ ... لَمْ يَعْنِهِ خُلْدٌ وَنَارٌ تُوقَدُ
108
يَا صَاحِبَ الدَّلِّ هَذَا الْفَجْرُ لاَحَ فَقُمْ ... وَغَنِّ وَاشْرَبْ وأَطْفِئْ حُرْقَةَ الْكَبِدِ
فَمَنْ تَرَاهُمْ هُنَا لَنْ يَلْبَثُوا أَمَداً ... وَلَنْ يَعُودَ مِنَ الْمَاضِينَ مِنْ أَحَدِ
109
أَلْمَالُ إِنْ لَمْ يَغْدُ ذُخْرَ أُوْلِي النُّهَى ... فَالْفَاقِدُونَ لَهُ بِعَيْشٍ أَنْكَدِ
أَضْحَى الْبَنَفْسَجُ مُطْرِقاً مِنْ فَقْرِهِ ... وَالْوَرْدُ يَضْحَكُ لاِقْتِنَاءِ الْعَسْجَدِ
110
كَانَ هَذَا الْكُوْزَ مِثْلِي عَاشِقاً ... وَالِهاً فِي صِدْغِ ظَبْيٍ أَغْيَدِ
وَأَرَى عُرْوَتَهُ كَانَتْ يَداً ... طَوَّقَتْ جِيدَ حَبِيبٍ أَجْيَدِ
111
تُسَائِلُنِي مَا هَذِهِ النَّفْسُ إِنْ أَقُلْ ... حَقِيقَتَهَا يَضْفُو الْكَلامُ وَيَمْتَدُّ
هِيَ النَّفْسُ مِنْ بَحْرٍ بَدَتْ ثُمَّ إِنَّهَا ... تَغِيبُ بِذَاكَ الْبَحْرِ يَا صَاحِ مِنْ بَعْدُ
112
قَضَيْنَا وَلَمَّا نَقْضِ وَاأَسَفِي الْمُنَى ... وَمِنْجَلُ ذِي الزَّرْقَاءِ لَجَّ بِنَا حَصَدَا
فَلَهْفَاهُ مَا كِدْنَا لِنَفْتَحَ طَرْفَنَا ... إِلَى أَنْ فَنِينَا دُوْنَ أَنْ نُدْرِكَ الْقَصْدَا
113
أَيَا خَزَّافُ إِنْ تَشْعُرْ فَحَاذِرْ ... إِلَى مَ تُهِينُ أَنْتَ ثَرَى الْعِبَادِ
سَحَقْتَ بَنَانَ إِفْرِيدُونَ ظُلْماً ... وَدُسْتَ الْكَفَّ مِنْ كِسْرَى قُبَادِ
114
إِلَيْكَ نُصْحِي إِذَا مَا كُنْتَ مُسْتَمِعاً ... لاَ تَلْبِسَنْ ثَوْبَ تَدْلِيسٍ عَلَى الْجَسَدِ
الْعُمْرُ يَفْنَى وَعُقْبَى الْمَرْءِ دَائِمَةٌ ... فَلاَ تَبِيعَنْ بِفَانٍ عِيشَةَ الأَبَدِ
115
قَدْ قِيلَ لِي رَمَضَانُ جَاءَ فَسَوْفَ لاَ ... تَسْطِيعُ رَشْفاً لاِبْنَةِ الْعُنْقُودِ
فَسَأَحْتَسِي بِخِتَامِ شَعْبَانَ الطِّلاَ ... عَلاَّ لِتَصْرَعَنِي لِيَوْمِ الْعِيدِ
116
خُذْ بِالسُّرُورِ فَكَمْ بِفِكْرِكَ فَكَّرُوا ... بِالأَمْسِ دُونَ بُلُوغِ أَدْنَى مَقْصَدِ
وَانْعَمْ فَإِنَّهُمُ بِأَمْسٍ قَرَّرُوا ... لَكَ دُونَ أَنْ تَدْعُوهُمُ أَمْر الْغَدِ
117
يَا مَنْ تَوَلَّدَ مِنْ سَبْعٍ وَأَرْبَعَةٍ ... وَرَاحَ مِنْهَا يُعَانِي سَعْيَ مُجْتَهِدِ
إِشْرَبْ فَكَمْ لَكَ قَدْ كَرَّرْتُ مَوْعِظَتِي ... إِنْ رُحْتَ رُحْتَ وَلَمْ تَرْجِعْ وَلَم تَعُدِ
118
لاَ عَيشَ لِي بِسِوَى صَافِي الْمُدَامِ وَلاَ ... أُطِيقُ حَمْلاً بِدُونِ الرَّاحِ لِلْجَسَدِ
مَا أَطْيَبَ السُّكْرَ وَالسَّاقِي يُنَاوِلُنِي ... كَأْساً وَتَعْجَزُ عَنْ أَخْذِ الْكُؤُوسِ يَدِي
حرف الرّاء
119
مَا لِلْبَقَا هَادٍ وَإِنْ يَكُ فَالطِّلاَ ... وَالْكَأْسُ أَفْضَلِ مُرْشِدِ الْمُتَحَيِّرِ
الرَّاحُ مُؤْنِسَتِي فَلَيْسَ بِمُسْعِدِي ... مَاءُ الْحَيَاةِ وَلاَ حِيَاضُ الْكَوْثَرِ
120
خُذِ الْكُوزَ وَالأَقْدَاحَ يَا مُنْيَةَ الْحَشَا ... وَطُفْ بِهِمَا بِالرَّوْضِ فِي ضِفَّةِ النَّهْرِ
فَكَمْ قَدَّ هَذَا الدَّهْرُ مِنْ قَدِّ شَادِنٍ ... كُئوساً وَإِبْرِيقاً لِصَافِيَةِ الْخَمْرِ
121
وَلَكَمْ شَرِبْتُ الرَّاحَ حَتَّى إنْ أَغِبْ ... فِي الرَّمْسِ ضَاعَ مِنَ التُّرَابِ عَبِيْرُهَا
أَوْ مَرَّ مَخْمُورٌ عَلَى قَبْرِي انْتَشَا ... مِنْهَا وَأَفْقَدَهُ النُّهَى تَأْثِيرُهَا
122
عَلاَمَ تَأْسَى لِلذَّنْبِ يَا عُمَرُ ... مَاذَا تُفِيدُ الْهُمُومُ وَالْفِكَرُ
لاَ عَفْوَ عَمَّنْ لَمْ يَجْنِ مَعْصِيَةً ... الْعَفْوُ عَمَّنْ عَصَى فَمَا الْحَذَرُ
123
إِلَى مَ بِهَذَا الْحِرْصِ تَقْضِي مَدَى الْعُمْر ... وَتُصْبِحُ لِلإِثْرَاءِ وَالْفَقْرِ فِي فِكْرِ
أَلاَ اشْرَبْ فَعُمْرٌ سَوْفَ يُعْقِبُهُ الرَّدَى ... حَقِيقٌ بِأَنْ تَقْضِيهِ بِالنَّوْمِ وَالسُّكْرِ
124
مُذِ ازْدهَرَتْ بِالْبَدْرِ وَالزُّهْرَةِ السَّمَا ... إِلَى الآنَ لَمْ يُوْجَدْ أَلَذُّ مِنَ الْخَمْرِ
فَيَا عَجَبِي مِنْ بَائِعِ الرَّاحِ هَلْ يَرَى ... أَعَزَّ مِنَ الصَّهْبَاءِ إِنْ بَاعَهَا يَشْرِي
125
إِنَّ دِينِي الْهَنَا وَرَشْفُ الْحُمَيَّا ... وَابْتِعَادِي عَنْ كُلِّ دِينٍ وَكُفْرِ
قُلْتُ مَاذَا يَكُوْنُ مَهْرُ عَرُوْسِ الدَّ ... هْرِ قَالَتْ جَذْلاَنُ قَلْبِكَ مَهْرِي
126
كَانَ يَبْدُو قَبْلِي وَقَبْلَكَ صُنْجٌ ... وَدُجىً وَالسَّمَا تَدُورُ لأَمْرِ
طَأْ بِرِفْقٍ هَذَا التُّرَابَ فَقِدْمَا ... كَانَ إِنْسَانَ عَيْنِ ظَبْيٍ أَغَرِّ
127
إِنْ كُنْتُ قَبْلُ أَتَيْتُ الدُّ ... نيا بِدُوْنِ اخْتِيَار
وَسَوْفَ أَرْحَلُ حَتْماً ... عَنْهَا غَداً بِاضْطِرَارِ
فَقُمْ نَدِيمِي سَرِيعاً ... وَاعْقِدْ نِطَاقَ الإِزَارِ
فَسَوْفَ أَغْسِلُ هَمَّ الدُّ ... نْيَا بِصَافِي الْعُقَارِ
128
عِشْ وَالْمُدَامَ بِضَفَّةِ النَّهْرِ ... وَدَعِ الْهُمُومَ بِجَانِبٍ تَجْرِي
يَوْمَانِ ذَا الْعُمْرُ الثَّمِينُ فَعِشْ ... طَلْقَ الْمُحَيَّا بَاسِمَ الثَّغْرِ
129
شَاهَدْتُ أَلْفَي جَرَّةٍ فِي مَعْمَلٍ ... تَدْعُو وَلَمْ تَفْتَحْ بِنُطْقٍ فَاهَا
فَإِذَا بِإِحْدَاهَا تُنَادِي أَيْنَ مَنْ ... صَنَعَ الْجِرَارَ وَبَاعَهَا وَشَرَاهَا
130
كقَطْرَةٍ عَادَتْ إِلَى الْخِضَمِّ أَوْ ... كَذَرَّةٍ قَدْ رَجَعَتْ إِلَى الثَّرَى
أَتَيْتَ لِلدُّنْيَا وَعُدْتَ حَاكِياً ... ذُبَابَةً بَدَتْ وَغَابَتْ أَثَرَا
131
لَئِنْ عُمِّرْتَ صَاحِي أَلْفَ حَوْلٍ ... فَسَوْفَ تَعَافُ هَذِي الدَّارَ قَهْراً
وَإِنْ تَكُ سَائِلاً أَوْ رَبَّ تَاجٍ ... فَذَانِ غَداً سَيَسْتَوِيَانِ قَدْرَا
132
سَعَى لِقُصُوْرِ الْخُلْدِ وَالْحُوْرِ مَعْشَر ... وَإِنَّ فَرِيقاً بِالْجُزَافِ قَدِ اغْتَرَّا
سَيَبْدُو لَهُمْ إِنْ يَنْجَلِ السِّتْرُ أَنَّهُمُ ... نَأَوا عَنْكَ أَقْصَىالنَّأْيِ فِي ذَلِكَ الْمَسْرَى
133
كُلُّ عُشْبٍ يَبْدُو بِضِفَّةِ نَهْرِ ... قَدْ نَمَا مِنْ شِفَاهِ ظَبْيٍ أَغَرِّ
لاَ تَطَأْ وَيْحَكَ النَّبَاتَ احْتِقَاراً ... فَهُوَ نَامٍ مِنْ مُزْهِرِ الْخَدِّ نَضْرِ
134
مَا بَيْنَ أُفْقٍ لاَ ظُهُوْرَ لِغَورِهِ ... إِشْرَبْ فَإِنَّ الدَّهْرَ لَجَّ بِجَورِهِ
وَاجْرَعْ بِدَوْرِكَ صَابِراً كَأْسَ الرَّدَى ... فَالْكُلُّ سَوْفَ يَذُوْقُهَا فِي دَوْرِهِ
135
لأَرْتَشِفُ الْمُدَامَةَ أَيَّ وَقْتٍ ... وَإِنْ يَكُ أَشْرَفَ الأَوْقَاتِ قَدْرَا
مَلأْتُ الدِّنَّ مِنْ عِنَبٍ حَلاَلٍ ... فَقُلْ لِلَّهِ لاَ يَجْعَلْهُ خَمْرَا
136
أَيَا فَلَكاً يَجْرِي بِبُؤْسِيَ خَلِّنِي ... فَلَسْتُ حَرِيّاً أَنْ تَسُوْمَنِي الأَسْرَا
إِذَا كُنْتَ تَهْوَى غَيْرَ حُرٍّ وَعَاقِلٍ ... فَلَسْتُ كَمَا قَدْ خِلْتَنِي الْعَاقِلَ الْحُرَّا
137
أَلاَ لَيْتَ الثّوَاءَ يَكُوْنُ أَوْ أَنْ ... يَكُوْنَ لَنَا انْتِهَاءٌ فِي الْمَسِيرِ
وَلَيْتَ لَنَا وَإِنْ سَلَفَتْ قُرُوْنٌ ... رَجَاءً أَنْ سَنَنْبُتَ كَالزُّهُوْرِ
138
رَأَيْتُ فِي حَانَةٍ شَيْخاً فَقُلْتُ لَهُ: ... " أَلاَ تُخَبِّرُنَا عَمَّنْ مَضَوا خَبَرَا "
قَالَ: " ارْتَشِفْهَا فَكَمْ أَمْثَالُنَا رَحَلُوا ... وَلَمْ يَعُودُوا وَلَمْ نَشْهَدْ لَهُمْ أَثَرَا
139
مَرَرْتُ بِمَعْمَلِ الْخَزَّافِ يَوْماً ... وَكَانَ يَجِدُّ فِي الْعَمَلِ الْخَطِيرِ
وَيَصْنَعُ لِلْجِرَارِ عُرىً ثَرَاهَا ... يَدُ الشَّحَّاذِ أَوْ رَأْسُ الأَمِيرِ
140
عَاطِنِي الرَّاحَ فَهْيَ قُوْتٌ لِنَفْسِي ... وَاسْقِنِيهَا وَإِنْ تَزِدْ فِي خَمَارِي
إِنَّ هَذِي الدُّنْيَا أَسَاطِيرُ وَهْمٍ ... وَخَيَالٍ وَالْعُمْرُ كَالرِّيحِ سَارِي
141
رَأَيْتُ فِي السُّوْقِ خَزَّافاً غَدَا دَئِباً ... يَدُوْسُ فِي الطِّيْنِ رَكْلاً غَيْرَ ذِي حَذَرِ
وَالطِّيْنُ يَدْعُوْ لِسَانُ الْحَالِ مِنْهُ أَلاَ ... قَدْ كُنْتُ مِثْلَكَ فَارْفِقْ بِي وَلاَ تَجُرِ
142
قِيْلَ خُلْدٌ غَداً وَحُوْرٌ وَكَوْثَرْ ... أَنْهُرٌ مِنْ طِلاً وَشَهْدٍ وَسُكَّرْ
فَعَلَى ذِكْرِهَا أَدِرْ لِيَ كَأْساً ... إِنَّ نَقْداً مِنْ أَلْفِ دَيْنٍ لأَجْدَرْ
143
يَقُوْلُونَ حُوْرٌ فِي الْغَدَاةِ وَجَنَّةٌ ... وَثَمَّةَ أَنْهَارٌ مِنَ الشَّهْدِ وَالْخَمْرِ
إِذَا اخْتَرْتُ حَوْرَاءً هُنَا وَمُدَامَةً ... فَمَا البَأْسُ فِي ذَا وَهُوَ عَاقِبَةُ الأَمْرِ
144
كَمْ فِتْنَةٍ قِدْماً أَثَارَ مِنَ الثَّرَى ... إِذْ كَوَّنَ الْبَارِي ثَرَايَ وَصَوَّرَا
أَنَا لاَ أُطِيقُ تَرَقِيَا عَمَّا أَنَا ... فِيهِ فَطِينِي أَفْرَغُوْهُ كَمَا تَرَى
145
فِيْمَ وَرَوْضُ سَعْدِكَ الْيَوْمَ زَهَى ... كَفُّكَ مِنْ كَأْسِ الْمُدَامِ تُصْفِرُ
إِشْرَبْ فَهَذَا الدَّهْرُ خَصْمٌ غَادِرٌ ... وَنَيْلُ مِثْلِ الْيَوْمِ سَوْفَ يَعْسُرُ
146
هَاتِ ذَؤُبَ الْعَقِيقِ وَسَطَ زُجَاجٍ ... هَاتِ خَيْرَ الْجَلِيسِ لِلأَحْرَارِ
إِنَّمَا عَالَمُ التُّرَابِ كَرِيحٍ ... يَنْقَضِي مُسْرِعاً فَجِئْ بِالْعُقَارِ
147
مَا تَصْنَعُ الأَفْلاَكُ يَوْماً طِيْنَةً ... إِلاَّ وَتَكْسِرُهَا وَتُرْجِعُهَا الثَّرَى
لَوْ كَانَ يَحْتَمِلُ السَّحَابُ ثَرىً غَدَا ... لِنُشُوْرِنَا بِدَمِ الأَعِزَّةِ مُمْطِرَا
148
إِذَا كُنْتَ تَسْعَى فِي الْحَيَاةِ لِمَطْعَمٍ ... إِلَى مَشْرَبٍ أَوْ مَلْبَسٍ فَلَكَ الْعُذْرُ
وَفِيمَا عَدَا هَاتِيكَ فَالسَّعْيُ ذَاهِبٌ ... هَبَاءً فَحَاذِرْ أَوْ يَضِيعَ بِهِ الْعُمْرُ
149
غَسَلَ الرَّبِيعُ بِغَيْثِهِ الصَّحْرَاءَ وَالأَ ... فْرَاحُ عَادَتْ لِلزَّمَانِ فَأَزْهَرَا
شَرْبَ وَمُخْضَرَّ الْعِذَارِ بِرَوْضَةٍ ... لِتَسُرَّ مَنْ مِنْ رَمْسِهِ اخْضَرَّ الثَّرَى
150
مَتَى اقْتَلَعَتْ كَفُّ الْمَنِيَّةِ دَوْحَتِي ... وَعُدْتُ لَدَى أَقْدَامِهَا أَتَعَفَّرُ
فَلاَ تَصْنَعُوا طِينِي سِوَى كُوْزِ قَرْقَفٍ ... عَسَى يَمْتَلِي بِالرَّاحِ يَوْماً فَأُنْشَرُ
151
لَمْ يَبْقَ مِنِّي فِي الدُّنْيَا سِوَى رَمَقٍ ... وَلَيْسَ فِي الْيَدِ مِنْ صَحْبِي سِوَى الْكَدَرِ
لَمْ يَبْقَ لِي مِنْ طِلاَ أَمْسِ سِوَى قَدَحٍ ... وَلَسْتُ أَعْلَمُ مَا الْبَاقِي مِنَ الْعُمُرِ
152
حَتَّى مَ ذِكْرُكَ لِلْجِنَا ... نِ أَوْ الْجَحِيمِ الْمُسْعَرَه
وَإِلَى مَتَى سُرُجُ الْمَسَا ... جِدِ أَوْ بُخُوْرُ الأَدْيِرَهْ
أُنْظُرْ إِلَى لَوْحِ الْقَضَا ... وَاسْتَجِلْ وَاقْرَأْ أَسْطُرَهْ
فَالْلَّهُ قِدْماً كُلَّمَا ... هُوَ كَائِنٌ قَدْ قَدَّرَهْ
153
كُلُّ شَوْكٍ يَدُوْسُهُ حَيَوَانُ ... كَانَ صِدْغاً أَوْ حَاجِباً لِغَرِيرِ
وَكَذَا الْلِّبْنُ فِي ذُرَى كَلِّ قَصْرٍ ... رَأْسُ مَلْكٍ أَوْ إِصْبَعٌ لِوَزِيرِ
154
لاَ تَغْضَبَنَّ عَلَى النَّشَاوَى وَالْتَزِمْ ... حُسْنَ السُّلُوْكِ وَسِيرَةَ الأَخْيَارِ
وَاشْرَبْ فَلَسْتَ بِشُرْبِهَا أَوْ تَرْكِهَا ... تَرِدُ الْجِنَانَ وَأَنْتَ طُعْمَةُ نَارِ
155
أَخَافُ أَنْ لاَ أَعِيشَ بَعْدُ وَلاَ ... أُدْرِكَ جَمْعَ الرِّفَاقِ إِنْ حَضَرُوا
فَلْنَغْتَنِمْ لَحْظَةً نَعِيشُ بِهَا ... لَعَلَّ مِنْ بَعْدُ يَنْفَدُ الْعُمُرُ
156
قَالُوا أَلاَ إِنَّ النَّشَاوَى فِي لَظَى ... قَوْلٌ لَهُ عَقْلُ الْمُفَكِّرِ مُنْكِرُ
إِنْ كَانَ مَنْ يَهْوَى وَيَسْكَرُ فِي لَظَى ... سَتَرَى الْجِنَانَ كَرَاحَةِ الْيَدِ تُصْفِرُ
157
أَرَانِي مِنَ الصَّهْبَاءِ لَمْ أَصْحُ لَحْظَةً ... وَأَثْمَلُ حَتَّى إِنْ تَكُنْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ
أُعَانِقُ دِنّاً أَوْ أُقَبِّلُ أَكْؤُساً ... وَكَفِّي بِجِيدِ الْكُوْزِ تَبْقَى إِلَى الْفَجْرِ
158
وَشَيْخٌ بِنَوْمِ السُّكْرِ مُغْفٍ رَأَيْتُهُ ... وَلَمْ تَبْقَ فِيهِ فِطْنَةٌ وَشُعُوْرُ
حَسَاهَا وَأَغْفَى وَهُوَ نَشْوَانُ قَائِلاً ... إِلَهِي لَطِيفٌ بِالْعِبَادِ غَفُوْرُ
159
قَدْ قِيلَ لِي قَلِّلْ تَعَاطِي الْخَمْرِ ... بِأَيِّ عُذْرٍ لَمْ تَزَلْ فِي سُكْرِ
نُوْرُ الطِّلاَ عُذْرِي وَخَدُّ السَّاقِي ... فَهَلْ تَرَى أَوْضَحَ مِنْ ذَا الْعُذْرِ
160
إِنَّ أَجْرَامَ ذَا الرَّوَاقِ الْمُعَلَّى ... حَيَّرَتْ مِنْ ذَوِي النُّهَى الأَفْكَارَا
إِحْتَفِظْ فِي شَرِيفِ عَقْلِكَ وَأَنْظُرْ ... دَوْرَ هَذِي الْمُدَبِّرَاتِ حَيَارَى
161
قُمْ أَيُّهَا الشَّيْخُ الْلَّبِيبُ مُسَارِعاً ... وَانْظُرْ لِذَاكَ الطِّفْلِ يُذْرِي بِالثَّرَى
فَانْصَحْهُ أَنْ يُذْرِي بِرِفْقِ عَيْنَ بَرْ ... وَيْزٍ وَمُخِّ قُبَادَ سُلْطَانِ الْوَرَى
162
لَمْ يَهْنَ فِي هَذَا الزَّمَانِ سِوَى امْرِءٍ ... عَرَفَ الْوُجُودَ بِخَيْرِهِ وَبِشَرِّهِ
أَوْ غَافِلٍ عَنْ نَفْسِهِ وَزَمَانِهِ ... لَمْ يَدْرِ مَا فِي نَفْسِهِ أَوْ دَهْرِهِ
163
هَلِ الْجَامُ مَهْمَا تَمَّ صُنْعاً وَدِقَّةً ... يَرَى كَسْرَهُ مَنْ كَانَ مُنْتَشِياً سُكْرَا
فَفِيمَ بَرَى الْخَلاَّقُ سَاقاً لَطِيفَةً ... وَرَأْساً وَكَفّاً ثُمَّ يَكْسِرُهَا كَسْرَا
164
لَوْ كَانَ لِي كَالْلَّهِ فِي فَلَكٍ يَدٌ ... لَمْ أُبْقِ لِلأَفْلاَكِ مِنْ آثَارِ
وَخَلَقْتُ أَفْلاَكاً تَدُورُ مَكَانَهَا ... وَتَسِيرُ حَسْبَ مَشِيئَةِ الأَحْرَارِ
165
مَا أَسْرَعَ مَا يَسِيرُ رَكْبُ الْعُمْرِ ... قُمْ فَاغْنَمْ لَحْظَةَ الْهَنَا وَالْبِشْرِ
دَعْ هَمَّ غَدٍ لِمَنْ يَهِمُّوْنَ بِهِ ... وَالْلَّيْلُ سَيَنْقَضِي فَجِئ بِالْخَمْرِ
166
قَالُوا دَعِ الرَّاحَ سَتَلْقَى الْبَلاَ ... مِنْهَا وَتُلْقَى فِي لَظىً مُسْعَرَهْ
نَعَمْ وَلَكِنْ نَشْوَتِي لَحْظَةً ... أَحْلَى مِنَ الدُّنْيَا مَعَ الآخِرَهْ
167
أَوْجَدْتَنِي يَا رَبِّ مِنْ عَدَمٍ وَلِي ... أَسْدَيْتَ فَضْلاً مَا لَهُ مِقْدَارُ
عُذْرِي بِأَنِّي عِنْدَ حُكْمِكَ عَاجِزٌ ... مَا دَامَ يَوْماً مِنْ ثَرَايَ غُبَارُ
168
كَمْ جُبْتُ مِنْ وَادٍ وَسَهْلٍ دُوْنَ أَنْ ... أَحْظَى بِتَحْسِينٍ لِبَعْضِ أُمُوْرِي
قَدْ سَرَّنِي أَنَّ الْحَيَاةَ قَدِ انْقَضَتْ ... عَنِّي وَإِنْ تَكُ مَا انْقَضَتْ بِسُرُورِ
169
قَدْ دَاعَبَتْ رِيحُ الصَّبَا الْوَرْدَ وَقَدْ ... هَاجَ الْهِزَارَ حُسْنُهُ فَاسْتَبْشَرَا
إِجْلِسْ لَدَى الزَّهْرِ فَكَمْ عَلَى الثَّرَى ... تَنَاثَرَ الأَزْهَارُ إِذْ نَحْنُ ثَرَى
وَقد ورد البيت الثاني من الرباعية ... المذكورة بشكلٍ آخر هذا تعريبه:
إِجْلِسْ بِظِلِّ الزَّهْرِ فَالأَزْهَارُ كَمْ ... مِنَ الثَّرَى بَدَتْ وَعَادَتْ لِلثَّرَى
170
أَلاَ لَيْتَ رَبِّي يَقْلِبَ الْكَونَ بَغْتَةً ... وَيُنْشِؤُهُ حَالاً لأَنْظُرَ مَا يَجْرِي
فَإِمَّا يَزِيدُ الرِّزْقُ لِي أَوْ يُمِيتُنِي ... وَيَمْحُو اٍسْمِيَ الْمَسْطُورَ مِنْ دَفْتَرِ الدَّهْرِ
171
هَاتِ الْمُدَامَ فَفِي الْفُؤَادِ لَوَاعِجٌ ... وَالْعُمْرُ مِثْلُ الزِّئْبَقِ الْفَرَّارِ
إِنْهَضْ فَيَقْظَةُ عُمْرِنَا نَوْمٌ وَمَا ... نَارُ الصِّبَا إِلاَّ كَمَاءٍ جَارِي
172
قَالُوا سَيَشْتَدُّ الْحِسَابُ بِنَا غَداً ... وَيَضِيقُ صَدْرُ حَبِيبِنَا فِي الْمَحْشَرِ
أَيَكُونُ مِنْ حَسَنٍ سِوَى حَسَنٍ إِذَنْ ... حَسُنَتْ عَوَاقِبُنَا فَطِبْ وَاسْتَبْشِرِ
173
سَأَلْتُكَ هَلْ زَادَتْ بِمُلْكِكَ طَاعَتِي ... وَهَلْ أَنْقَصَتْ مِنْهُ خَطاَيَايَ مِنْ قَدْرِ
فَدَعْنِي وَدَعْ نَصْرِي فَطَبْعُكَ بَانَ لِي ... سَرِيعٌ لِخِذْلاَنٍ بَطِيءٌ عَنِ النَّصْرِ
174
أُسْلُكْ سَبِيلَ بَنِي الْحَانَاتِ وَاسْعَ إِلَى ... رَاحٍ وَعُودٍ وَظَبْيٍ يبهج النظرا
في الكف كأس ُ وفوق المتنِ كُوزُ طِلا ... إشْرَبْ حَبِيبِي الْحُمَيَّا وَاتْرُكِ الْهَذَرَا
175
لم يَنَمُ فِي الصَّحْرَاءِ رَوْضُ شَقَائِقٍ ... إلا وكان دماً جرى لأميرِ
وَكَذَاكَ كُلُّ وُرَيْقَةٍ بِبَنَفْسَجٍ ... خال ُبدا منا بِخدِ غريرِ
176
إِنْ كُنْتَ تَفْقَهُ يَا هَذَا الْفَقِيهُ فَلِمْ ... تلحو فلاسفةً دانو بأفكار
هُمْ يَبْحَثُونَ عَنِ الْبَارِي وَصَنْعَتِهِ ... وانْتَ تبْحث ُعن حيضٍ وأقْذارِ
177
أَتَدْرِي لِمَاذَا يُصْبِحُ الدِّيْكُ صَائِحاً ... يُرَدِّدُ لَحْنَ النَّوْحِ فِي غُرَّةِ الْفَجْرِ
يُنَادِي لَقَدْ مَرَّتْ مِنَ الْعُمْرِ لَيْلَةٌ ... وَهَا أَنْتَ لَمْ تَشْعُرْ بِذَاكَ وَلَمْ تَدْرِي
178
هَذَا الْفَضَاءُ الَّذِي فِيهِ نَسِيرُ حَكَى ... فَانُوسَ سِحْرٍ خَيَالِياً لَدَى النَّظَرِ
مِصْبَاحُهُ الشَّمْسُ وَالْفَانُوسُ عَالَمُنَا ... وَنَحْنُ نَبْدُوْ حَيَارَى فِيهِ كَالصُّوَرِ
179
إِذَا لَمْ أَنَلْ وَرْداً فَحَسْبِيَ شَوْكُهُ ... وَإِنْ لَمْ أَنَلْ نُوْراً كَفَتْ عِنْدِيَ النَّارُ
وَإِنْ لَمْ أَكُنْ شَيْخاً بِبُرْدٍ وَتَكْيَةٍ ... فَحَسْبِيَ نَاقُوْسٌ وَدَيْرٌ وَزِنَّارُ
180
دَخَلْتُ فِي الْحَانِ نَشْوَاناً وَكَانَ بِهِ ... شَيْخٌ عَلَى مَتْنِهِ كُوْزٌ وَقَدْ سَكِرَا
فَقُلْتُ هَلاَّ مِنَ الْلَّهِ اعْتَرَاكَ حَيّاً ... قَالَ احْسِهَا فَهْوَ يَعْفُوْ وَاتْرُكِ الْهَذَرَا
[حرف الزاي]
181
عَنِ الْهَمِّ أَعْرِضْ مَا اسْتَطَعْتَ وَلاَ تَدَعْ ... لِمَا مَرَّ أَوْ مَا لَم يَرِدْ فِي الْحَشَا وَخْزَا
وَعِشْ وَارْتَشِفْ وَاهْنَأْ فَلَسْتَ بِآخِذٍ ... لِرَمْسِكَ مِنْ فَلْسٍ وَإِنْ تَمْتَلِكْ كَنْزَا
حرف السّين
182
يَا لِهَذَا الْقَلْبِ الْبَئِيسِ الْمُعَنَّى ... لَمْ يُفِقْ مِنْ هَوَى الْحَبِيبِ الْقَاسِي
مُذْ أَدَارُوا سُلاَفَةَ الْحُبِّ قِدْماً ... مَلأوا مِنْ دَمِ الْحُشَاشَةِ كَاسِي
183
حَتَّى مَ أُصْبِحُ فِي هَمٍّ بِأَنِّيَ هَلْ ... أَهْنَى وَأَحْزَنُ أَوْ أُثْرِي وَأَبْتَئِسُ
هَاتِ الْمُدَامَ فَإِنِّي لَسْتُ أَعْلَمُ هَلْ ... مَتَى زَفَرْتُ لِصَدْرِي يَرْجِعُ النَّفَسُ
184
الرَّاحُ أَطْيَبُ لِي مِنْ مُلْكِ طُوْسَ وَمِن ... سَرِيرِ كِسْرَى وَتَخْتِ الْمَلْكِ قَابُوْسِ
وَإِنَّمَا أَنَّةُ السِّكِّيْرِ فِي سَحَرٍ ... خَيرٌ مِنَ الزُّهْدِ وَالتَّقْوَى بِتَدْلِيسِ
185
رُبَّ طَيرٍ فِي طُوْسَ أَلْقَى لَدَيْهِ ... رَأْسَ قَابُوْسَ ذِي الْعُلَى وَالْبَاسِ
وَهُوَ يَدْعُوْهُ أَيُّهَا الرَّأْسُ لَهْفاً ... أَيْنَ صَوْتُ الطُّبُوْلِ وَالأَجْرَاسِ
186
أَلاَ قُمْ لِنَحْسُوهَا وَنُعْمِلَ عُودَنَا ... وَنُبْدِلَ حُسْنَ الصِّيتِ بِالْعَارِ وَالرِّجْسِ
وَدَعْنًا نًبِعْ بِالْكَأْسِ سَجَّادَةَ التُّقَى ... وَنَكْسِرُ فَوْقَ الصَّخْرِ قَارُورَةَ الْقُدْسِ
187
إِنْ اشْتَهَرْتَ فَشَرُّ النَّاسُ أَنْتَوَ ... إنْ كُنْتَ انْزَوَيْتَ فَقَدْ عَانَيْتَ وُسْوَاساً
لَوْ كُنْتَ خِضْراً وَإِلْيَاساً سُعِدْتَ بِأَنْ ... لاَ تُعْرَفَنَّ وَأَنْ لاَ تَعْرِفَ النَّاسَا
188
دَعْ كُلَّ مَفْرُوضٍ وَمَنْدُوْبٍ وَمِنْ ... قُوْتٍ لَدَيْكَ فَأَطْعِمَنَّ النَّاسَا
لاَ تُؤْذِ خَلْقَ الْلَّهِ أَوْ تَغْتَبْهُمُ ... وَأَنَا الضَّمِينُ غَداً فَهَاتِ الْكَاسَا
189
يَا خَمْرُ مَا أَحْلاَكِ وَسْطَ زُجَاجَةٍ ... تَاللَّهِ أَنْتِ عِقَالُ عَقْلِ الْحَاسِي
لاَ تُمْهِلِينَ مَنِ احْتَسَاكِ هُنَيْهَةً ... حَتَّى تُبِينِي كُنْهَهُ لِلنَّاسِ
190
إِذَا ازْدَانَتِ الدُّنْيَا لَدَيْكَ فَلاَ تَثِقْ ... بِمَا لَمْ يَثِقْ فِيهِ لَبِيبُ وَكَيِّسُ
فَمِثْلُكَ كَمْ آتٍ إِلَيْهَا وَذَاهِبٍ ... فَقُمْ وَاخْتَلِسْ حَظاً بِهَا فَسَتُخْلَسُ
191
مَرَّتْ لَيَالٍ نَحْنُ لَمْ نُغْمِضْ بِهَا ... طَرْفاً وَلَمْ نَتْرُكْ دِهَاقَ الْكَاسِ
قُمْ نَحْسُهَا قَبْلَ الصَّبَاح فَكَمْ لَهُ ... نَفَسٌ وَنَحْنُ لَقىً بِلاَ أَنْفَاسِ
192
لَمْ يَبْقَ غَيْرُ اسْمٍ مِنَ الْلَّذَاتِ أَوْ ... غَيْرُ السُّلاَفَةِ مِنْ جَلِيسٍ كَيِّسِ
لاَ تُلْقِ مِنْ يَدِكَ الْمُدَامَ فَمَا بَقِي ... فِي الْكَفِّ هَذَا الْيَوْمَ غَيْرُ الأَكْؤُسُ
حرف الشّين
193
هاتِ الْمُدَامَ فَمَا الدُّنْيَا سِوَى نَفَسِ ... يَكْفِيكَ عَيْشُكَ آناً مِنْهُ مُنْتَعِشَا
إِهْنَأْ بِكُلِّ الَّذِي يَأْتِي الزَّمانُ بِهِ ... فَلَيْسَ يَجْرِي كَمَا يَهْوَى امْرُؤٌ وَبَشَا
حرف الصّاد
194
لَوْ تَسْقِي الطَّوْدَ لاَعْتَرَاهُ الرَّقْص ... مَنْ يَنْتَقِصِ الرَّاحَ فَفِيهِ النَّقْصُ
حَتَّى مَ تَقُولُ لِي عَنِ الرَّاحِ فَتُبْ ... هَذِي رُوْحٌ بِهَا يُرَبَّى الشَّخْصُ
حرف الضّاد
195
أُنْظُرِ الْعُمْرَ كَيْفَ يَمْضِي حَزِيناً ... فَابْتَدِرْهُ فَسَوْفَ يُودِي وَيَقْضِي
مَا رَأَيْتُ الْهَنَاءَ عُمْرِي فَلَهْفِي ... لِحَيَاةٍ كَذَا تَمُرُّ وَتَمْضِي
196
إِذَا مَا أَتَيْنَا خَاشِعِينَ لِمَسْجِدٍ ... فَلَمْ نَأْتِ نَقْضِي لِلصَّلاَةِ فُرُوضَهَا
وَلَكِنْ سَرَقْنَا مِنْهُ سَجَّادَةً وَمُذْ ... عَرَاهَا الْبِلَى جِئْنَا لِكَيْ نَسْتَعِيضَهَا
[حرف العين]
197
مَا أَهْرَقَ السَّاقِي سُلاَفاً فِي الثَّرَى ... إِلاَّ وَأَطْفَأَ نَارَ قَلْبٍ مُوْلَعِ
أَتَظُنُّ رَاحاً ذَلِكَ الْمَاءَ الَّذِي ... يُوْدِي بِمَائَةِ عِلَّةٍ فِي الأَضْلُعِ
198
إِلَهِي وَمُجْرِي كُلِّ حَيٍّ وَمَيِّتٍ ... وَرَبَّ السَّمَا ذَاتِ النُّجُومِ السَّوَاطِعِ
لَئِنْ كُنْتُ ذَا ٍسُوْءٍ فَإِنَّكَ سَيِّدِي ... وَمَا هُوَ ذَنْبِي إِنْ تَكُنْ أَنْتَ صَانِعِي
199
الدَّهْرُ مِنْ عُمْرِيَ لَحْظَةٌ وَمَا ... جَيْحُونُ إِلاَّ قَطْرَةٌ مِنْ أَدْمُعِي
النَّارُ مِنْ أَحْزَانِنَا شَرَارَةٌ ... وَالْخُلْدُ لَحْظَةُ الْهَنَاءِ الْمُسْرِعِ
200
كُنْتُ بَازاً فَطِرْتُ مِنْ عَالَمِ السِّ؟ ... رِّ لأَغْدُو عَنِ الْحَضِيضِ رَفِيعَا
حَيْثُ إِنِّي لَمْ أَلْقَ لِلسِّرِّ أَهْلاً ... عُدْتُ مِنْ حَيْثُ قَدْ أَتَيْتُ سَرِيعَا
201
إِنْ يَهْوِ كَالْكُرَةِ الْوُجُودُ بِهُوَّةٍ ... لَمْ يَعِينِي وَأَنَا بِسُكْرِيَ هَاجِعُ
بِالأَمْسِ فِي حَانِ الْمُدَامِ رُهِنْتُ وَا لْ؟ ... خَمَّارُ كاَنَ يَقُولُ " رَهْنٌ نَافِعُ "
202
ذُ الْلُّبِّ لاَ يُصْبِحُ فِي هَمٍّ عَدِيمِ الْمَنْفَعَةْ ... وَيَشْرَبُ الرَّاحَ تِبَاعاً فِي كُؤُوْسٍ مُتْرَعَةْ
أَلْهَمُّ فِي الْقَلْبِ وَفِي الْكُوْزِ الْمُدَامُ مُودَعَةْ ... بُؤْساً لِمَنْ عَافَ الطِّلاَ وَاحْتَمَلَ الْهَمَّ مَعَهْ
203
إذَا كَانَ يَجْرِي الدَّهْرُ عَكْسَ مَرَامِنَا ... فَهَلْ جِدُّنَا يُجْدِي أَوِ الْفِكْرُ يَنْفَعُ
جَلَسْنَا زَمَاناً حَائِرِينَ لأَنَّنَا ... إِلَى الْعَيشِ أَبْطَأْنَا وَلِلْمَوْتِ نُسْرِعُ
[حرف الفاء]
204
نَحْنُ نَبِيعُ التَّخْتَ وَالتَّ؟ ... اجَ بِصَوْتِ الْمِعْزَفِ
وَنَشْتَرِي بِسُبْحَةِ الرِّ ... يَاءِ كَأْسَ قَرْقَفِ
205
مَرَرْتُ أَمْسِ بِخَزَّافٍ يُدَقِّقُ فِي ... صُنْعِ الثَّرَى دَائِباً مِنْ دُوْنِ إِنْصَافِ
شَاهَدْتُ إِنْ لَمْ يُشَاهِدْ غَيْرُ ذِي بَصَرٍ ... ثَرَى جُدُودِي بِكَفَّي كُلِّ خَزَّافِ
206
حُسْنُ الأُمُورِ وَقُبْحُهَا مِنْ نَحْوِنَا ... وَمِنَ الْقَضَا فَرَحٌ وَحُزْنٌ مُدْنِفُ
لاَ تَعْزُ لِلأَفْلاَكِ تِلْكَ فَإِنَّهَا ... أَوْهَى بِشَرْعِ الْحُبِّ مِنْكَ وَأَضْعَفُ
207
مَنْ نَالَ فِي الْيَوْمَينِ جُرْعَةَ مَاءٍ ... مِنْ جَرَّةٍ مَكْسُورَةٍ وَرَغِيفَا
لِمَ يَغْتَدِي عَبْداً لِمَنْ هُوَ مِثْلُهُ ... أَوْ سَائِماً مَنْ دُونَهُ تَكْلِيفَا؟
208
قُمْ نَصْطَبِحْهَا خَمْرَةً وَرْدِيَّةً ... فِي رَنَّةِ الْعُودِ وَصَوْتِ الْمِعْزَفِ
أُصْحُ فَأَيَّامُ التَّرَاوِيحِ انْقَضَتْ ... وَالْيَومَ عِيدٌ فَلْنَسِرْ لِلْقَرْقَفِ
209
يَا دَهْرُ هَلْ بِالَّذِي تَأْتِيهِ تَعْتَرِفُ ... أَلَمْ تَزَلْ بِزَوَايَا الظُّلْمِ تَعْتَكِفُ
تُعْطِي الْلَّئِيمَ نَعِيماً وَالْكَرِيمَ عَناً ... لاَ شَكَّ إِمَّا حِمَارٌ أَنْتَ أَوْ خَرِفُ
210
غَداً إِذَا مَا كَانَ يَومُ الْجَزَا ... قَدْرُكَ يَغْدُ وَحَسَبَ الْمَعْرِفَهْ
فَنَلْ صِفَاتٍ حُسُنَتْ إِنَّمَا ... تُحْشَرُ إِنْ مُتَّ بِشَكْلِ الصِّفَهْ
211
أَلْبَحْثُ فِي الدَّهْرِ لَمْ يُثْمِرْ لَنَا ثَمَراً ... فَمَا نَحَاهُ امْرُؤُ بِالْحِكْمَةِ اتَّصَفَا
كُلُّ امْرِئٍ هَزَّ غُصْناً مِنْهُ مُضْطَرِباً ... الْيَوْمُ كَالأَمْسِ وَالآتِي كَمَا سَلَفَا
212
يَدٌ لِيَ فِي جَامٍ وَأُخْرَى بِمُصْحَفٍ ... وَطَوْراً أَنَا الْجَانِي وَطَوْراً أَنَا الْعَفُّ
أَعِيشُ وَمَا لِي تَحْتَ ذَا الأُفْقِ مَبْدَأٌ ... فَلاَ مُسْلِمٌ مَحْضٌ وَلاَ كَافِرٌ صِرْفُ
[حرف القاف]
213
تَوَضَّأْ إِذَا مَا كُنْتَ فِي الْحَانِ بِالطِّلاَ ... فَمَنْ يَفْتَضِحْ شَأْناً فَلاَ يَرْجُ أَنْ يَرْقَى
أَدِرْ لِي الْحُمَيَّا إِنَّ سِتْرَ عَفَافِيَا ... قَدِ انْشَقَّ حَتَّى لاَ نُطِيقَ لَهُ رَتْقَا
214
إِنَّ مَنْ لاَزَمُوا الْمَحَارِيبَ لَيلاً ... وَالأُلَى عَاقَرُوا كُؤُوْسَ الرَّحِيقِ
غَرِقَ الْكُلُّ مَا بِهِمْ قَطُّ نَاجٍ ... وَغَفَوْا كُلُّهُمْ فَمَا مِنْ مُفِيقِ
215
هَاتِهَا كَالشَّقِيقِ أَوْ كَالْعَقِيقِ ... وَأَسِلْ بِالدِّمَا فَمَ الإِبْرِيقِ
مَا لِيَ الْيَومَ غَيرُ كَأْسِ الْحُمَيَّا ... مِنْ صَدِيقٍ صَافِي الضَّمِيرِ رَفِيقِ
216
لاَ يَرُوقُ الْوُجُودُ مِنْ دُونِ سَاقِي ... وَمُدَامٍ وَصَوْتِ نَايٍ عِرَاقِي
لاَ أَرَى الْعَيْشَ مَا تَفَكَّرْتُ فِيهِ ... غَيْرَ نَيْلِ السُّرُورِ بَينَ الرِّفَاقِ
217
مَتَى انْبَلَجَ الصُّبْحُ الْمُشَعْشِعُ فَلْيَكُنْ ... بِكَفِّكَ لِلصَّهْبَاءِ جَامٌ مُرَوَّقُ
يَقُولُونَ إِنَّ الرَّاحَ مُرٌّ مَذَاقُهَا ... فَقُلْتَ إِذنْ فَالرَّاحُ حَقٌّ مُحَقَّقُ
218
الدَّهْرُ مَا صَافَى امْرَأً كَلاَّ وَكَمْ ... مِنْ عَاشِقٍ أَرْدَى وَمِنْ مَعْشُوقِ
مَنْ مَاتَ لاَ يَحْيَى لَعَمْرُكَ مَرَّةً ... أُخْرَى فَبَادِرْ وَاحْسُ جَامَ رَحِيقِ
219
فَكَّرَتْ فِي الدِّينِ أَقْوَامٌ كَمَّا ... حَارَ بَينَ الشَّكِّ وَالْقَطْعِ فَرِيقْ
فَإِذَا الْهَاتِفُ يَدْعُوهُمْ أَيَا ... بُلْهُ لاَ هَذَا وَلاَ ذَاكَ الطَّرِيقْ
220
زَيَّنْتَ وَجْنَةَ ذَيَّاكَ الْمَلِيحِ لَنَا ... يَا رَبِّ فِي سُنْبُلٍ كَالْمِسْكِ ذِي عَبَقِ
وَرُحْتَ تَأْمُرُ أَنْ لاَ تَنْظُرَنَّ لَهُ ... كَمَا تَقُولُ " أَمِلْ كَأْساً وَلاَ تُرِقِ "
221
يَحْلُوْ لَدَى النَّيْرُوزِ فِي الزَّهْرِ النَّدَى ... وَيَرُوقُ فِي الرَّوضِ المُحَيَّا الشَّائِقُ
الأَمْسُ مَرَّ فَمَا يَرُوقُ حَدِيثُهُ ... فَاهْنأْ وَدَع أَمْساً فَيَومُكَ رَائِقُ
222
مَا عِشْتَ أَسْرَ الدَّهْرِ فَاجْهَدْ وَارْتَشِفْ ... كَاسَ الطِّلاَ مَا دُمْتَ تَحْمِلُ طَوْقَهُ
إِنْ كَانَ أَوَّلُنَا وآخِرُنَا الثَّرَى ... فَاحْسَبْ كَأَنَّكَ فِي الثَّرَى لاَ فَوْقَهُ
223
لاَ أَنَا عَالِمٌ وَلاَ أَنْتَ سِرَّ ال؟ ... دَّهْرِ أَوْ حَلَّ مُشْكِلٍ مِنْهُ دَقَّا
نَتَظَنَّى خَلْفَ السِّتَارِ فَإِنْ زَا ... لَ فَلاَ أَنْتَ وَلاَ أَنَا ثَمَّ نَتْقَى
224
بِكَرِّ الرَّبِيعِ وَمَرِّ الشِّتَاءْ ... حَيَاتُكَ تَبْلَى وَأَوْرَاقُهَا
فَلاَ تَأْسَ وَاشْرَبْ فَإِنَّ الْهُمُو ... مَ هِيَ السُّمُّ وَالرَّاحُ تِرْيَاقُهَا
225
آنَ الصَّبُوحُ هَلُمَّ فَافْتَحْ حَانَنَا ... هَذِي ذُكَاءٌ تَهِمُّ بِالإِشْرَاقِ
إِنْ كَانَ يُسْرِعُ لِلْفَنَاءِ زَمَانُنَا ... فَهَلُمَّ فِي كَأْسٍ إِلَيَّ دِهَاقِ
226
إِنَّ هَذِي الْكَاسَ الظَّرِيفَةَ صُنْعاً ... كُسِرَتْ ثُمَّ أُلْقِيَتْ فِي الطَّرِيقِ
لاَ تَطَأْهَا وَيْكَ احْتِقَاراً فَقِدْماً ... صَنَعُوْهَا مِنْ كَأْسِ رَأْسٍ سَحِيقِ
227
رَاقَ الصَّبَاحُ فَقُمْ أِرِقْ بِزُجاَجَةٍ ... بَاقِي سُلاَقَةِ لَيْلِنَا يَا سَاقِي
ثُمَّ اسْقِنِي كَأْساً وَبَادِرْ لَحْظَةً ... مِنْ عُمْرِنَا سَتَزُولُ فَالْغَدُ بَاقِي
[حرف الكاف]
228
يَا قَلْبُ إِنْ يَمْنَحْكَ ذَا الدَّهْرُ الأَسَى ... وَسَيَفْجَعَنَّكَ بِاغْتِيَالِ حَيَاتِكَا
فَاغْنَمْ بِهَذَا الرَّوْضِ أَوْقَاتَ الْهَنَا ... قَبْلَ امْتِزَاجِ نَبَاتِهِ بِرُفَاتِكَا
229
لاَ تَدَعِ الْهَمَّ يَعْتَرِيكَ وَلاَ ... يَضِقْ بِكَ الْعَيْشُ وَاطَّرِحْ كَمَدَكْ
وَلاَزِمِ الرَّوْضَ وَالْمِيَاهَ وَطِبْ ... مَنْ قَبْلِ أَنْ يَعْصُرَ الثَّرَى جَسَدَكْ
230
أَلْقَيْتَ فِي كُلِّ مَنْهَجٍ شَرَكَا ... وَقُلْتَ مَنْ يَحْظُ خَطْوَةً هَلَكَا
بِالذَّنْبِ أَغْرَيْتَنِي وَتَنْسُبُ لِي ... ذَنْباً وَكُلُّ الأَحْكَامِ فِي يَدِكَا
231
قُمْ وَدَعْ هَمَّ عَالِمٍ سَوْفَ يَفْنَى ... وَاغْتَنِم لَحْظَةَ السُّرُورِ لَدَيْكَا
إِنْ يَكُنْ فِي الزَّمَانِ أَدْنَى وَفَاءٍ ... لَمْ تَصِلْ نَوْبَةُ الْهَنَاءِ إِلَيْكَا
232
كَيْفَ يَحُوْمُ الْقَلْبُ يَوْماً عَلَى ... غَيْرِكَ أَوْ يَبْغِي هَوَىً مَعْ هَوَاكْ
إِنَّ دُمُوعِي لَمْ تَدَعْ لَحْظَةً ... عَيْنِيَ تَرْنُوْ لِحَبِيبٍ سِوَاكْ
233
قُلْتُ سَأَتْرُكُ الشَّرَابَ تَائِباً ... فَهُوَ دَمُ الْكَرْمِ وَلَسْتُ أَسْفِكُهْ
قَالَ لِيَ الْعَقْلُ أَجِدّاً قُلْتَ ذَا؟ ... قُلْتُ لَقَدْ مَازَحْتُ، كَيْفَ أَتْرُكُهْ؟
234
يَا مَنْ يُفَكِّرُ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ ... بِالْعَيْشِ هَلاَّ خِفْتَ يَوْمَ رَدَاكَا
إِرْجِعْ لِنَفْسِكَ وَاصْحُ وَانْظُرْ لَحْظَةً ... فِعْلَ الزَّمَانِ وَصُنْعَهُ بِسِوَاكَا
235
أَنَا عَبْدُكَ الْعَاصِي فَأَيْنَ رِضَاكَا ... وَلَقَدْ دَعَى قَلْبِي فَأَيْنَ سَنَاكَا
إِنْ كَنْتَ تَمْنَحُنَا الْجِنَانَ بِطَاعَةٍ ... يَكُ ذَا لَنَا بَيْعاً فَأَيْنَ عَطَاكَا
حرف اللاّم
236
أَصْبَحْتُ بِالسُّكْرِ وَالصَّهْبَاءِ مُفْتَتِناً ... فَفِيمَ يُكْثِرُ لِي هَذَا الْوَرَى الْعَذَلاَ
يَا لَيْتَ كُلَّ حَرَامٍ مُسْكِرٌ لأَرَى ... فِي الْكَوْنِ كُلَّ فَتىً مِنْ ذَنْبِهِ ثَمِلاَ
237
عِشْ وَابْنَةَ الْكَرْمِ فِي هَنَاءٍ ... وَاشْرَبْ وَدَعْ بَاطِلَ الْخَيَالِ
فَالبِنْتُ مَهْمَا تَكُنْ حَرَاماً ... أَطْيَبُ مِنْ أُمِّهَا الْحَلاَلِ
238
أَرَى كُلَّ خِلاَّنِ الْوَفَاءِ تَفَرَّقُوا ... فَبَيْنَ صَرِيعٍ لِلرَّدَى وَقَتِيلِ
شَرِبْنَا شَرَاباً وَاحِداً غَيْرَ أَنَّهُمْ ... بِهِ ثَمِلُوا مِنْ قَبْلِنَا بِقَلِيلِ
239
أَيَا قَلْبُ مَا تَدْرِي بِسِرِّ أُوْلِي النُّهَى ... وَلَسْتَ لِذَا الرَّمْزِ الدَّقِيقِ تَرَى حَلاَّ
مِنَ الرَّاحِ فَاصْنَعْ هَا هُنَا لَكَ جَنَّةً ... فَثَمَّ جِنَانٌ هَلْ تَفُوْزُ بِهَا أَوْ لاَ
240
كَسَرْتُ كُوْزاً لِلطِّلاَ عَنْ جَهْلِ ... إِذْ كُنْتُ نَشْوَاناً سَلِيبَ الْعَقْلِ
فَرَاحَ يَدْعُوْ بِلِسَانِ الْحَالِ ... مِثْلَكَ قَدْ كُنْتُ وَتَغْدُوْ مِثْلِي
241
لَيسَ يَدْرِي سِرَّ الْوُجُودِ ابْنُ أُنْثَى ... وَبِتَكْوِينِهِ تَحَارُ الْعُقُولُ
مَا أَرَى لِلْفَتَى سِوَى الرَّمْسِ مَثْوىً ... وَهْوَ لَهْفِي حِكَايَةٌ سَتَطُوْلُ
242
إِنْ مُتُّ فَاكْتُمُوا رُفَاتِي وَاجْعَلُوا ... آخِرَ أَمْرِي عِظَةً بَيْنَ الْمَلاَ
وَبِالطِّلاَ امْزُجُوا ثَرَايَ وَاصْنَعُوا ... مِنْ طِينِهِ غِطَاءَ رَاقُودِ الطِّلاَ
243
ذَا يَوْمُكَ رَاقَ وَالْهَوَاءُ اعْتَدَلاَ ... وَالرَّوْضُ بِوَاكِفِ الْغُيُوثِ اغْتَسَلاَ
وَالْبُلْبُلُ بِالْبَهَارِ نَادَى جَذِلاَ ... قَدْ أَفْلَحَ مَنْ لأَكْؤُسِ الرَّاحِ جَلاَ
244
يَا صَنْمِي قُمْ وأْتِنِي مُعَجِّلاً ... وَحُلَّ فِي حُسْنِكَ لِي مَا أَشْكَلاَ
وَهَاتِنِي كُوْزَ الْمُدَامِ قَبْلَ أَنْ ... يُصْنَعَ مِنْ رُفَاتِنَا كُوْزُ الطِّلاَ
245
خَيَّامُ طِبْ إِنْ نِلْتَ نَشْوَةَ قَرْقَفٍ ... وَحَبَاكَ وَرْدِيُّ الْخُدُودِ وِصَالاَ
إِنْ كَانَ عَاقِبَةُ الْوُجُودِ هِيَ الْفَنَا ... فَافْرُضْ فَنَاكَ وَعِشْ سَعِيداً بَالاَ
246
إِذَا نِلْتَ رِطْلَيْ قَرْقَفٍ فَاحْسُ جَامَهَا ... بِكُلِّ اجْتِمَاعٍ رَاقَ أَوْ مَحْفَلٍ حَالِي
فَمَا يَعْتَنِي بَارِي الْوُجُودِ بِشَارِبٍ ... لِمِثْلِكَ أَوْ يَهْتَمُّ فِي ذَقْنِ أَمْثَالِي
247
دَعِ الْمَاضِي وَمَا سَيَجِيءُ وَانْعَمْ ... وَطِبْ نَفْساً بِكَاسَاتِ الشَّمُوْلِ
وَأَنْفُسُنَا مُعَارَاتٌ فَأَطْلِقْ ... سَرَاحَ النَّفْسِ مِنْ قَيْدِ الْعُقُوْلِ
248
أَخَذْتُ بِدَفْتَرِ الأَيَّامِ فَالاً ... فَجَاءَ نِدَاءُ ذِي ذَوْقٍ وَعَقْلِ
سَعِيدٌ مَنْ لَهُ إِلْفٌ كَبَدْرٍ ... يُنِيرُ وَلَيْلَةٌ فِي طُوْلِ حَوْلِ
249
كُلُّمَا قَدْ رَأَيْتَ فِي الدَّهْرِ وَهْمٌ ... وَالَّذِي قُلْتَ أَوْ سَمِعْتَ خَيَالُ
بَاطِلاً قَدْ غَدَوْتَ فِي الأَرْضِ تَعْدُوْ ... وَكَذَا الانْزِوَاءُ فِي الدَّارِ آلُ
250
أَعِبُّ الطِّلاَ عَمْداً وَمِثْلِي ذُو حِجِي ... لَهُ يَغْتَدِي عِنْدَ النُّهَى شُرْبُهَا سَهْلاَ
دَرَى الْلَّهُ قِدْماً بِارْتِشَافِيَ لِلطِّلاَ ... فَإِنْ أَجْتَنِبْهَا يَنْقَلِبْ عِلْمُهُ جَهْلاَ
251
يَا نَدِيمِي أَدِرْ عَقِيقَ الْحُمَيَّا ... وَأَرِحْنِي مِن هَمِّ قِيلٍ وَقَالِ
وَاسْعَ فِي كُوْزِهَا فَسَوْفَ تُسَوِّي ... مِنْ ثَرَانَا كُوْزاً أَكُفُّ الْلَّيَالِي
252
يَا قَلْبُ هَبْ أَنَّكَ نِلْتَ الأَمَلاَ ... وَرَوْضُ أَفْرَاحِكَ بِالنَّبْتِ حَلاَ
فَلَسْتَ فِي رَوْضِ الْهَنَا سِوَى نَدىً ... هَوَى لَدَى الْلَّيْلِ وَفِي الصُّبْحِ عَلاَ
253
كَمْ ضَرَبْنَا فِي كُلِّ قُطْرٍ وَفَجٍّ ... وَادِياً كَانَ أَوْ فَلاَةً وَسَهْلاَ
لَمْ نَجِدْ مَنْ يَقُوْلُ مَنْ عَادَ مِنْ ذَا ... كَ الطَّرِيقِ الَّذِي مَضَى فِيهِ قَبْلاَ
254
أُنْظُرْ لِسُوْءِ فِعَالِ أَفْلاَكِ السَّمَا ... وَانْظُرْ لِدَهْرِكَ مِنْ رِفَاقِكَ خَالِي
مَا اسْطَعْتَ فَاهْنَ الْيَوْمَ لاَ تَنْظُرْ غَداً ... أَومَا تَقَضَّى وَانْظُرَنَّ لِلْحَالِ
255
أُجِيلُ بِهَذَا الْكَوْنِ طَرْفِي مُدَقِّقاً ... وَأُمْعِنُ فِيهِ فِكْرَةً وَتَأَمُّلاَ
فَسُبْحَانَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ نَظَرْتُهُ ... رَأَيْتُ بِهِ يَأْسِي لِعَيْنِي مُمَثَّلاَ
256
نَفْسِي الْفِدَاءُ لِكُلِّ كُفْءٍ عَارِفٍ ... أَهْوِي عَلَى قَدَمَيْهِ غَيْرَ مُبَالِ
أَتُرِيدُ مَعْرِفَةَ الْجَحِيمِ بِكُنْهِهَا ... إِنَّ الْجَحِيمَ لَصُحْبَةُ الْجُهَّالِ
257
بَادِرْ زَمَانَكَ وَاحْسُ الرَّاحَ صَافِيَةً ... فَالْعُمْرُ يَوْمَانِ لَنْ نَلْقَاهُ إِنْ كَمُلاَ
تَدْرِي بِدُنْيَاكَ نَحْوَ الْعُدْمِ سَائِرَةً ... فَكُنْ نَهَاراً وَلَيْلاً بِالطِّلاَ ثَمِلاَ
258
قُمْ هَاتِهَا وَرْدِيَّةً مِسْكِيَّةً ... وَدَاوِ مِنْ هَذَا الْفُؤَادِ الْعِلَلاَ
وَإِنْ تَرُمْ مُفَرِّحاً يَجْلُوْ الأَسَى ... فَأَحْضِرِ الْعُوْدَ وَيَاقُوْتَ الطِّلاَ
259
أيا من أتى بي للوجود بقدرة ... وربيت في نعمائه أتدلل
سَأْمْتَحِنُ الْعِصْيَانَ مَائَةَ حَجَّةٍ ... لأَعْلَمَ ذَنْبِي أَمْ سَمَاحُكَ أَجْزَلُ
260
إِشْرَبْ فَكَمْ سَتَنَامُ فِي قَعْرِ الثَّرَى ... يَا صَاحِ دُوْنَ حَلِيلَةٍ وَخَلِيلِ
لاَ تُفْشِ ذَا السِّرَّ الْخَفِيَّ لَدَى امْرِئٍ ... لَنْ تَزْهُوَ الأَزْهَارُ بَعْدَ ذُبُولِ
261
إِنْ لَمْ يَكُنْ رَبِّيَ قَدْ شَاءَ مَا ... شِئْتُ فَهَلْ يُمْكِنُنِي فِعْلُهُ
فَإِنْ يَكُنْ شَاءَ صَوَاباً فَمَا ... شِئْتُ سِوَاهُ خَطَاءٌ كُلُّهُ
262
أَلْيَوْمَ مَا لَكَ فِي أَمْرِ الْغَدَاةِ يَدٌ ... وَلَيْسَ فِكْرُ غَدٍ إِلاَّ مِنَ الْخَبْلِ
فَاغْنَمْ بَقِيَّةَ عُمْرٍ إِنْ تَكُنْ يَقِظاً ... فَالْعُمْرُ يَفْنَى بِلاَ بُطْءٍ ولاَ مَهَلِ
263
لَمْ تَحْظَ يَا قَلْبِي بِغَيْرِ أَسىً وَمَا ... تَنْفَكُّ تَرْزَأُ بُكْرَةً وَأَصِيلاَ
يَا نَفْسُ فِيمَ تَخِذْتِ جِسْمِيَ مَسْكَناً ... إِنْ كُنْتِ عَنْهُ سَتُزْمِعِينَ رَحِيلاَ
[حرف الميم]
264
يُدَقِّقُ ذَلِكَ الْخَزَّافُ فِكْراً ... بِصُنْعِ الطِّيْنِ تَدْقِيقَ الْفَهِيمِ
إِلاَمَ يَسُوْمُهُ دَوْساً وَلَكْماً ... يَخَالُ الطِّينَ غَيْرَ ثَرَى الْجُسُومِ؟
265
وُجُودُ ذَا الْكَوْنِ مِنْ بَحْرِ الْخَفَاءِ بَدَا ... وَسِرُّهُ لَمْ يَبِنْ يَوْماً لَدَى الأُمَمِ
كُلُّ امْرِئٍ قَالَ وَهْماً عَنْ حَقِيقَتِهِ ... وَالْحَقُّ مَا فَاهَ فِيهِ وَاحِدٌ بِفَمِ
266
أَزْهَرَ الرَّوْضُ يَا نَدِيمِي فَبَادِرْ ... فَسَيَغْدُوْ ثَرىً وَيُمْسِي عَدِيمَا
إِرْتَشِفْ وَاقْتَطِفْ فَسَوْفَ تَرَى الْوَرْ ... دَ تُرَاباً وَالنَّبْتَ فِيهِ هَشِيمَا
267
إِنْ تَشْرَبِ الرَّاحَ فَاِشْرَبْ مَعْ ذَوِي أَدَبٍ ... أَوْ ذِي جَمَالٍ صَقِيلِ الْخَدِّ مُبْتَسِمِ
وَدَعْ تَعَاطِيَهَا بَيْنَ الْمَلاَ عَلَناً ... وَاشْرَبْ خَفَاءً وَلاَ تُكْثِرْ وَلا تُدِمِ
268
طَوَى الصُّبْحُ رَايَةَ جَيْشِ الظَّلاَمْ ... فَقُمْ يَا نَدِيمِي وَهَاتِ الْمُدَامْ
وَفُكَّ لَنَا نَرْجِسَ الْمُقْلَتَيْنْ ... وَقُمْ فَلَسَوْفَ تُطِيلُ الْمَنَامْ
269
حَتَّى مَ أَنْتَ أَسِيرٌ لِلَّوْنِ وَالطَّعْمِ وَالشَّمْ ... وَمُقْتَفٍ كُلَّ زَيْنٍ وَكُلَّ شَيْنٍ مُدَمَّمْ
فَإِنْ تَكُنْ مَاءَ عَيْنِ الْحَيَاةِ أَوْ بِئْرِ زَمْزَمْ ... سَتُودَعُ الرَّمْسَ حَتْمَا لَدَى الْقَضَاءِ الْمُحَتَّمْ
270
يَا نَفْسُ لاَ تَرْتَجِي مِنْ دَهْرِكِ الْكَرَمَا ... وَلاَ مِنَ الْفَلَكِ الدَّوَّارِ مُغْتَنَمَا
يَزِيدُ دَاؤُكَ إِنْ دَاوَيْتِهِ أَلَمَا ... فَأَعْرِضِي عَنْ دَوَاهُ وَأَحْمِلِي السَّقَمَا
271
سَنَفْنَى وَهَذَا الْكَوْنُ سَوْفَ يَدُوْمُ ... وَتَذْهَبُ أَسْمَاءٌ لَنَا وَرُسُوْمُ
كَمَا لَم نَكُنْ وَالْكَوْنُ كَانَ مُنَظَّماً ... سَنَفْنَى وَيَبْقَى بَعْدُ وَهْوَ نَظِيمُ
272
بَدَا الصُّبْحُ وَانْشَقَّ جَيْبُ الظَّلاَمْ ... فَقُمْ وَدَعِ الْهَمَّ وَاحْسُ الْمُدَامْ
فَكَمْ مِنْ صَبَاحٍ سَيَبْدُوْ لَنَا ... وَنَحْنُ نِيَامٌ بِبَطْنِ الرُّغَامْ
273
خُذْ نَصِباً مِنْ دَوْرِ دَهْرِكَ وَاجْلِسْ ... فَوْقَ عَرْشِ السُّرُوْرِ وَاحْسُ الْجَامَا
عَنِيَ الْلَّهُ عَنْ ذُنُوْبٍ وَطَاعَا ... تٍ فَأَدْرِكْ مِنَ الزَّمَانِ الْمَرَامَا
274
عِطَاءُ الدِّنِّ يَعْدِلُ أَلْفَ نَفْسٍ ... وَتَعْدِلُ مُلْكَ ذِي الدُّنْيَا الْمُدَامُ
أَرَى مِنْدِيلَ مَسْحِ الرَّاحِ عِنْدِي ... لَهُ فَوْقَ الطَّيَالِسَةِ احْتِرَامُ
275
حَقِيقَةُ الْكَوْنِ لَيْسَتْ عِنْدَ نَاظِرِ ... سِوَى مَجَازٍ فَفِيْمَ الْهَمُّ وَالأَلَمُ
فَجَارِ دَهْرَكَ وَاخْضَعْ لِلْقَضَاءِ فَلَنْ ... تُطِيقَ تَبْدِيلَ مَا قَدْ خَطَّهُ الْقَلَمُ
276
تَسَاقَطْنَا كَطَيْرٍ فِي شِبَاكٍ ... تُعَانِي مِنْ أَذَى الدَّهْرِ اهْتِضَامَا
وَنَخْبِطُ فِي فَضَاءٍ لَيْسَ يَبْدُوْ ... لَهُ حَدٌّ وَلَمْ نَبْلُغْ مَرَامَا
277
أَنْتَ أَبْدَعْتَنِي مِنَ الْمَاءِ وَالطِّ؟ ... يْنِ كَمَا قَدْ نَسَجْتَ أَلْيَافَ جِسْمِي
كُلُّ شَرٍّ مِنِّي يَلُوْحُ وَخَيْرٍ ... أَنْتَ قَدَّرْتَهُ فَمَا هُوَ جُرُمِي
278
ثوب قدسي خلعته فوق دن َّ وتيممت في ثرى الحان حرما
فَعَسَانِي أَلْقَى لَدَى الْحَانِ عُمْراً ... ضاعَ مِنِّي بَيْنَ الْمَدَارِسِ قِدْمَا
279
تُقَلِّلُ الرَّاحُ تَكَبُّرَ الْوَرَى ... وَهِيَ تَحُلُّ مُشْكِلاَتِ الْعَالَمِ
لَوْ ذَاقَ إِبْلِيسُ الْمُدَامَ مَرَّةً ... أَتَى بِأَلْفَيْ سَجْدَةٍ لآدَمِ
280
تَارِكَ الرَّاحِ لاَ تَذُمَّ السُّكَارَى ... إِنْ أُوَفَّقْ أَتُبْ وَيُمْحَى الأَثَامُ
بِاجْتِنَابِ الطِّلاَ افْتَخَرْتَ وَتَأْتِي ... بِذُنُوبٍ لَهَا الْمُدَامُ غُلاَمُ
281
نُوْرُ الْبَصِيرَةِ نَحْنُ فِي عَيْنِ الْحِجَى ... وَكَذَاكَ نَحْنُ الْقَصْدُ مِنْ ذَا الْعَالَمِ
هَذَا الْوُجُودُ قَدِ اسْتَدَارَ كَخَاتَمٍ ... النَّقْشُ نَحْنُ بِفَصِّ ذَاكَ الْخَاتَمِ
282
تَحُوكُ لِي يَا دَهْرُ جِلْبَابَ الأَسَى ... كَمَا تَشُقُّ لِي رِدَا التَّنَعُّمِ
تُعِيدُ لِي رِيحَ الصَّبَا نَاراً كَمَا ... تُصَيِّرُ الْمَاءَ تُرَاباً فِي فَمِي
283
إِذَا لَمْ نَكُنْ فِي الدَّهْرِ نَبْقَى فَعَيْشُنَا ... بِدُوْنِ الْحُمَيَّا وَالْحَبِيبِ ذَمِيمُ
إِلَى مَ اهْتِمَامِي فِي قَدِيمٍ وَحَادِثٍ ... وَسِيَّانَ بَعْدِي حَادِثٌ وَقَدِيمُ
284
دَعَا الْوَرْدُ إِنِّي يُوْسُفُ الرَّوْضِ فَأَنْظِرُوا ... كَيَاقُوتَةٍ بِالتِّبْرِ مَمْلُوْءَةٍ فَمِي
فَقُلْتُ أَبِنْ لِي مِنْ عَلاَمَاتِ يُوْسُفٍ ... فَقَالَ انْظُرَنْ ثَوْبِي الْمُخَضَّبَ بِالدَّمِ
285
حَلَّ فِكْرِي فِي الْكَوْنِ كُلَّ مُعَمّىً ... مِنْ حَضِيْض الثَّرَى لأَوْجِ النُّجُوْمِ
قَدْ تَبَيَّنْتُ كُلَّ مَكْرٍ وَمِرٍّ ... فِيهِ إِلاَّ سِرَّ الرَّدَى الْمَحْتُومِ
286
أَنَا لَسْتُ أَقْنَطُ مِنْ خَالِقٍ ... رَحِيمٍ لِعِبْءِ ذُنُوبِي الْجِسَامْ
إِذَا الْيَومُ مُتُّ صَرِيعَ الطِّلاَ ... سَيَعْفُوْ غَداً عَنْ رَمِيمِ الْعِظَامْ
287
لِحُكْمِ الْقَضَا وَكِّلْ أُمُورَكَ مَا احْتَوَى ... كِيَانُكَ أَعْصَاباً وَجِلْداً وأَعْظُمَا
دَعِ الْمَنَّ مِنْ خِلٍّ وإِنْ يَكُ حَاتِماً ... وَلِلْخَصْمِ لاَ تَخْضَعْ وَإِنْ يَكُ رُسْتُمَا
288
إِنَّ الأُولَى أَضْحَوا أَسَارَى عَقْلِهِمْ ... ذَهَبُوا بِحَسْرَةِ فَاقِدٍ مُتَنَدِّمِ
إِشْرَبْ وَعُدْ كَالأَغْبِيَاءِ فَإِنَّهُمْ ... صَارُوا زَبِيباً فِي أَوَانِ الْحِصْرِمِ
289
رَبِّيَ افْتَحْ لِي بَابَ رِزْقٍ وَأَرْسِلْ ... لِيَ قُوتِي مِنْ دُوْنِ مَنِّ الأَنَامِ
وَأَدِمْ نَشْوَةَ الطِّلاَ لِيَ حَتَّى ... تُذْهِلَنِي مَا عِشْتُ عَنْ آلاَمِي
290
إِنِّي وَإِنْ ذُقْتُ الْغَرَامَ وَقَلَّ لِي ... مِنْ مُبْهَمِ الأَسْرَارِ مَا لَمْ يُفْهَمِ
فَالْيَومَ حِينَ فَتَحْتُ عَيْنَ بَصِيرَتِي ... أَصْبَحْتُ أَعْلَمُ أَنَّنِي لِمْ أَعْلَمِ
291
بَادِرِ الْيَومَ إِذْ تُطِيقُ نَوَالاً ... وَأَزِلْ عَنْ حَشَا الرِّفَاقِ الْهُمُومَا
إِنَّ مُلْكَ الْحَمَالِ لَيْسَ بِبَاقٍ ... فَسَتَلْقَاهُ بَغْتَةً مَعْدُومَا
292
إِنْ تَكُنْ يَا نَدِيمُ نَاراً بِصَخْرٍ ... فَسَيَجْرِي إِلَيْكَ جَارِي الْحِمَامِ
غَنِّ فَالْكَونُ مِنْ ثَرَىً وَهَوَاءٌ ... كُلُّ أَنْفَاسِنَا فَجِئْ بِالْمُدَامِ
293
إِنَّ ظَبْياً بِهِ اسْتَهَامَ فُؤَادِي ... عَادَ صَبَّاً بِشَادِنٍ مُسْتَهَامَا
كَيْفَ أَرْجُوْ مِنْ بَعْدُ بُرْءاً لِدَائِي ... وَطَبِيبِي أَضْحَى يُعَانِي السَّقَامَا
294
إِنْ رَآنِي السَّاقِي لِجَدْوَاهُ أَهْلاً ... عَمَّنِي فِي فَوَاضِلِ الإِنْعَامِ
وَإِذَا لَمْ أَكُنْ بِأَهْلٍ سَقَانِي ... فَوْقَ قَدْرِي بِعَادَةِ الإِكْرَامِ
295
أَيَا فَلَكاً يُرَبِّي كُلَّ نَذْلٍ ... وَلَيْسَ يَدُورُ حَسْبَ رِضَا الْكَرِيمِ
كَفَى بِكَ شَيْمَةً أَنْ رُحْتَ تَهْوِي ... ذِي شَرَفٍ وَتَسْمُوْ بِالْلَّئِيمِ
296
أَلأُفْقُ كَأْسٌ فَوْقَنَا مَقْلُوبَةٌ ... كَمْ تَحْتَهَا خُدِعَ الْلَّبِيبُ الأَحْزَمُ
أُنْظُرْ وِدَادَ الْكَأْسِ مَعْ كُوْزِ الطِّلاَ ... شَفَةٌ عَلَى شَفَةٍ وَبَيْنَهُمَا دَمُ
297
سِرُّ الْحَيَاةِ لَوْ أَنَّهُ يَبْدُوْ لَنَا ... لَبَدَا لَنَا سِرُّ الْمَمَاتِ الْمُبْهَمُ
لَمْ تَعْلَمَنَّ وَأَنْتَ حَيٌّ سِرَّهَا ... فَغَداً إِذَا مُتَّ مَاذَا تَعْلَمُ؟
298
حَلَّقْتُ بِالْفِكْرِ مِنْ فَوْقِ السَّمَا لأَرَى الْ؟ ... جِنَانَ وَالنَّارَ وَالأَلْوَاحَ وَالْقَلَمَا
فَصَاحَ دَاعِي الْحِجَى فِيكَ الْجِنَانُ زَهَتْ ... وَالنَّارُ شَبَّتْ وَفِيكَ الْلَّوْحُ قَدْ رُقِمَا
299
إِنَّ الَّذيْنَ تَرَحَّلُوا مِنْ قَبْلِنَا ... نَزَلُوا بِأَجْدَاثِ الْغُرُورِ وَنَامُوا
إِشْرَبْ وَخُذْ هَذِي الْحَقِيقَةَ مِنْ فَمِي ... كُلُّ الَّذِي قَالُوا لَنَا أَوْهَامُ
300
لَمْ تَقُلْ لِي مَا قُلْتَ إِلاَّ لِحِقْدٍ ... زَاعِماً أَنَّنِي بِلاَ إِسْلاَمِ
أَنَا أَقْرَرْتُ بِالَّذِي قُلْتَ لَكِنْ ... أَنْتَ أَهْلٌ لِمِثْلِ هَذَا الْكَلاَمِ؟
301
يَا مَنْ غَدَوْتَ لِجَوْكَانِ الْقَضَا كُرَةً ... سِرْ كَيْفَ شَاءَ وَلاَ تَنْبِسْ بِبِنْتِ فَمِ
فَمَنْ رَمَى بِكَ فِي الْمَيْدَانِ مُضْطَرِباً ... أَدْرَى وَأَعْلَمُ مَا يَجْرِي مِنَ الْقِدَمِ
302
إِلَى مَ وَأَنْتَ لِلدُّنْيَا حَزِينٌ ... وَطَرْفُكَ دَامِعٌ وَالْقَلْبُ دَامِي
فَعِشْ جَذْلاَنَ وَارْتَشِفِ الْحُمَيَّا ... وَنَلْ أَقْصَى الْهَنَا قَبْلَ الْحِمَامِ
303
إِنَّ الْقَضَاءَ لأَمْرٌ لاَ يُرَدُّ وَمَا ... نَصِيبُ ذِي الْهَمِّ إِلاَّ السُّقْمُ وَالأَلَمُ
إِنْ تَقْضِ عُمْرَكَ مَهْمُومَ الْفُؤَادِ فَلَنْ ... تَزِيدَ شَيْئاً عَلَى مَا خَطَّهُ الْقَلَمُ
304
لِيَ نَقْداً سَاقٍ وَعُوْدٌ وَرَوْضٌ ... وَلَكَ الْوَعْدُ فِي غَدٍ بِالنَّعِيمِ
دَعْ حَدِيثَ الْجِنَانِ وَالنَّارِ مَنْ جَا ... ءَ مِنَ الْخُلْدِ أَوْ مَضَى لِلْجَحِيمِ؟
حرف النّون
305
فَلَكُ الشُّهُبِ قَالَ لِي أَفَتَعْزُوْ ... لِيَ حُكْمَ الْقَضَاءِ فِي الأَكْوَانِ
لَوْ غَدَا لِي فِي السَّيْرِ أَدْنَى اخْتِيَارٍ ... لَمْ تَجِدْنِي أَدُوْرُ كَالْحَيْرَانِ
306
أَحْسَنُ مِنْ زُهْدِ الْفَتَى عَنْ رِياً ... رَشْفُ الْحُمَيَّا وَاقْتِفَاءُ الْحِسَانْ
إِنْ كَانَ أَهْلُ الْحُبِّ وَالرَّاحِ فِي ... لَظَىً فَلَنْ تَلْقَى امْرَأً فِي الْجِنَانِ
307
إِذَا كُنْتَ تَعْلَمُ سِرَّ الدُّنَى ... فَفِيمَ وَحَتَّامَ هَذَا الْعَنَا
إِذَا الدَّهْرُ لَمْ يَجْرِ حَسْبَ الْمَرَامْ ... فَعِشْ مَا حَيِيْتَ حَلِيفَ الْهَنَا
308
إِنْ لَمْ أُطِعْكَ إِلَهِي فِي الْحَيَاةِ وَلَمْ ... أُطَهِّرِ النَّفْسَ مِنْ أَدْرَانِ عِصْيَانِ
فَلَيْسَتِ النَّفْسُ مِنْ جَدْوَاكَ قَانِطَةً ... إِذْ لَمْ أَقُلْ قَطُّ إِنَّ الْوَاحِدَ اثْنَانِ
309
كَمْ فِي الْمَدَارِسِ وَالصَّوَامِعِ أَنْفُسٌ ... تَرْجُوْ الْجِنَانَ وَتَخْتَشِي النِّيْرَانَا
لَكِنَّ مَنْ عَرَفَ الإِلَهَ وَسِرَّهُ ... لَمْ يُشْغِلَنَّ بِذِي الأُمُورِ جَنَانَا
310
أَرَى أَجْدَاثَنَا تُبْنَى بِلِبْنٍ ... غَداً يَا صَاحِ إِنْ نَرِدِ الْمَنُونَا
وَيُصْنَعُ مِنْ ثَرَانَا بَعْدُ لِبْنٌ ... بِهِ تُبْنَى قُبُورُ الآخَرِينَا
311
صَيَّادُ ذَا الدَّهْرِ أَلْقَى الْحَبَّ فِي شَرَكٍ ... فَصَادَ صَيْداً وَقَدْ سَمَّاهُ إِنْسَانَا
فَكُلُّ خَيْرٍ وَشَرٍّ مِنْهُ قَدْ نَشَآ ... وَرَاحَ يَعْزُوْ لِهَذَا الْخَلْقِ عِصْيَانَا
312
لاَ تُؤَمِّلْ مَا فَوْقَ سِتِينَ حَوْلاً ... لَكَ عُمْراً وَلاَزِمِ السُّكْرَ وَاهْنَا
وَالْزَمِ الدِّنَّ وَالْكُؤُوْسَ مُدَاماً ... قَبْلَ أَنْ يَصْنَعُوا رُفَاتَكَ دِنَّا
313
زَمَنُ الْوَرْدِ ذَا وَضِفَّةُ نَهْرٍ ... وَرِيَاضٌ وَبِضْعُ حُوْرٍ حِسَانِ
عَاطِنِي الْكَأْسَ فَالنَّشَاوَى صَبَاحاً ... حُرِّرُوا مِنْ مَسَاجِدٍ وَجِنَانِ
314
عَقِيقُكَ الرَّاحُ وَالْكَاسَاتُ مَعْدَنُهُ ... وَالرَّاحُ رُوْحٌ مِنَ الْجَامِ اصْطَفَتْ بَدَنَا
وَإِنَّ كَأْسَ زُجَاجٍ بِالطِّلاَ ضَحِكَتْ ... دَمْعٌ دَمُ الْقَلْبِ فِي أَثْنَائِهِ كَمَنَا
315
قَدْ كَانَ يَدْرِي الْلَّهُ كُلَّ فِعَالَنَا ... مِنْ يَوْمِ صَوَّرَ طِينَنَا وَبَرَانَا
لَمْ نَرْتَكِبْ ذَنْباً بِدُوْنِ قَضَائِهِ ... فَإِذَنْ لِمَاذَا نَدْخُلُ النِّيْرَانَا؟
316
إِنْ تَرُمْ أَنْ تَنَالَ عُمْراً صَحِيحاً ... وَفُؤَاداً لاَ يَحْمِلُ الأَحْزَانَا
فَلرْتَشِفْ صَافِي الطِّلاَ كُلَّ آنٍ ... لِنَنَالَ السُّرُورَ آناً فَآنَا
317
إِذَا لَمْ يَكُنْ عِلْمُ الْيَقِينِ بِمُمْكِنٍ ... لَنَا وَانْقِضَاءُ الْعُمْرِ بِالشَّكِّ خُسْرَانُ
فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ نَتْرُكَ الرَّاحَ لَحْظَةً ... وَسِيَّانِ حِينَ الْجَهْلُ صَاحٍ وَنَشْوَانُ
318
غَسِّلُوْنِي بِالرَّاحِ بَعْدَ الْمَنُوْنِ ... وَاذْكُرُوْهَا وَالْكَأْسُ فِي تَلْقِينِي
وَلَدَى الْحَشْرِ إِنْ أَرَدْتُمْ لِقَائِي ... مِنْ ثَرَى بَابِ حَانَةٍ فَاطْلُبُوْنِي
319
نَفَسٌ بَيْنَ كُفْرِنَا وَالدِّيْنِ ... نَفَسٌ بَيْنَ شَكِّنَا وَالْيَقِينِ
مَا أَرَى حَاصِلَ الْحَيَاةِ سِوَاهُ ... فَاقْضِهِ بِالسُّرُوْرِ قَبْلَ الْمَنُوْنِ
320
الْبُلْبُلُ قَدْ شَدَا عَلَى الأَغْصَانِ ... فَاشْرَبْ صَهْبَاءهَا مَعَ النُّدْمَانِ
وَالْوَرْدُ زَهَا فَقُمْ وَبَادِرْ عَجِلاً ... يَوْمَيْنِ مِنَ الْهَنَاءِ فِي الْبُسْتَانِ
321
إِذَا كَانَ عَدْلاً قِسْمَةُ الرِّزْقِ فِي الْوَرَى ... فَلَنْ يَجْدُوا فِيهِ مَزِيداً وَنُقْصَانَا
فَلاَ تَكُ فِي فِكْرٍ لِمَا لَمْ يَكُنْ وَعِشْ ... لَعَمْرُكَ حُرَّ النَّفْسِ مِنْ كُلِّ مَا كَانَا
322
كَسَرْتَ يَا رَبِّ إِبْرِيقَ الْمُدَامِ كَمَا ... سَدَدْتَ لِي بَابَ عَيْشِي حَيْثُمَا كَنَا
أَنَا شَرِبْتُ وَتُبْدِي أَنْتَ عَرْبَدَةً ... لَيْتَ الثَّرَى بفَمِي، هَلْ كُنْتَ نَشْوَانَا؟
323
لَوْ كُنْتُ رَبَّ اخْتِيَارٍ مَا أَتَيْتُ إِلَى الْ ... دُّنْيَا وَلَمْ أَرْتَحِلْ عَنْهَا وَلَمْ أَبِنِ
مَا كَانَ أَسْعَدَنِي لَوْ لَمْ أَجِيءْ أَبَداً ... لِلدَّهْرِ يَوْماً وَلَمْ أَرْحَلْ وَلَمْ أَكُنِ
324
أَلدَّهْرُ يَا خَيَّامُ يَبْرَأُ مِنْ فَتىً ... يُمْسِي مِنَ الأَيَّامِ فِي أَشْجَانِ
إِشْرَبْ عَلَى نَغَمٍ زُجَاجَةَ قَرْقَفٍ ... قَبْلَ انْكِسَارِ زُجَاجَةِ الأَبْدَانِ
325
حَتَّى مَ فِي هَمٍّ لِمَا يَأْتِي وَهَلْ ... يَجْنِي جَمِيعُ الْحَازِمِينَ سِوَى الْعَنَا
الْهَمُّ لَيْسَ بِزَائِدٍ أَوْ مُنْقِصٍ ... فِي الرِّزْقِ فَالْتَزِمِ الْمَسَرَّةَ وَالْهَنَا
326
عِشْ هَنِيْئاً فَالدَّهْرُ لَيْسَ بِفَانٍ ... وَسَتَبْقَى النُّجُوْمُ ذَاتَ اقْتِرَانِ
وَسَيَغْدُوْ ثَرَاكَ لِبْناً فَيُبْنِي ... فِي قُصُوْرٍ لِلنَّاسِ أَوْ إِيْوَانِ
327
لَسْتُ أَدْرِي هَلِ الإِلَهُ بَرَانِي ... لِجِنَانِ الأُخْرَى أَوِ النِّيْرَانِ
لِيَ نَقْداً سَاقٍ وَرَوْضٌ وَرَاحٌ ... وَلَكَ الْوَعْدُ فِي غَدٍ بِالْجِنَانِ
328
هَدَّ رُكْنَ الإِيْمَانِ ذَنْبِي وَأَنْسَى ... ذَنْبَ مَنْ رَاحَ يَعْبُدُ الأَوْثَانَا
أَنَا أَخْشَى ذَنْبِي مَتَى وَزَنُوْهُ ... يَوْمَ حَشْرٍ أَنْ يَكْسِرَ الْمِيزَانَا
329
إِذَا مَا جَاءَنَا رَمَضَانُ يُلْقَى ... بِهِ الْقَيْدُ الثَّقِيلُ عَلَى حِجَانَا
فَأَغْفِلْ يَا إِلَهِي النَّاسَ حَتَّى ... يَخَالُوا أَنَّ شَوَّالاً أَتَانَا
330
حَلَّ السَّمَا ثَوْرٌ وَثَوْرٌ غَدَا ... يَحْتَمِلُ الأَرْضَ بِقَرْنَيْنِ
أُنْظُرْ بِعَيْنِ الْعَقْلِ كَيْمَا تَرَى ... قَطِيعَ حَمِيرٍ بَيْنَ ثَوْرَيْنِ
331
سَأَطْوِيَنْ صَاحِ أَعْلاَمَ النِّفَاقِ غَداً ... وَأَقْصُدَنَّ بِشَيْبِي الرَّاحَ وَالْحَانَا
بَلَغْتُ سَبْعِينَ حَوْلاً كَامِلاً فَمَتَى ... أَلْقَى الْهَنَاءَ إِذَا لَمْ أَلْقَهُ الآنَا؟
332
ضَمَّ جِسْمُ الزُّجَاجِ رُوْحاً فَحَاكَى ... يَاسَمِيناً يُحِيطُ فِي أَرْجُوَانِ
لاَ لَعَمْرِي فَالْجَامُ جَامِدُ مَاءٍ ... ضَمَّ فِي الْقَلْبِ سَائِلَ النِّيْرَانِ
333
قَدْ أَصْبَحَ الْحَانُ بِنَا عَامِراً ... وَكَمْ نَقَضْنَا مِنْ مَتَابٍ لَنَا
مَا يُصْنَعُ الْعَفْوُ بِلاَ مَأْثَمٍ ... أَلْعَفْوُ يَزْدَانُ بِآثَامِنَا
334
إِنَّ مَنْ أَدْرَكُوا الْمَنَاصِبَ ذَاقُوا ... جُرَعَ الْهَمِّ وَالأَسَى أَلْوَانَا
وَعَجِيبٌ أَنَّ الَّذِي لَيْسَ يَهْوَى ... رْصَهُمْ لاَ يَرَوْنَهُ إِنْسَانَا
335
حَتَّى مَ صَوْمُكَ وَالصَّلاَةُ تَنَسُّكاً ... فَدَعِ الْمَسَاجِدَ وَاقْصُدَنَّ الْحَانَا
وَاشْرَبْ فَسَوْفَ تَرَى رُفَاتَكَ تَارَةً ... كُوْزاً وَأُخْرَى أَكْؤُساً وَدِنَانَا
336
أَتَمَنَّى دِيوَانَ شِعْرٍ وَنِصْفاً ... مِنْ رَغِيفٍ وَكُوْزَ صَهْبَاءِ حَانِ
وَجُلُوساً مَعَ الْحَبِيبِ بِقَفْرٍ ... ذَاكَ خَيْرٌ مِنْ مُلْكِ ذِي سُلْطَانِ
337
حِينَ جُوْدُ الإِلَهِ فَاضَ بَرَانِي ... وَبِدَرْسِ الْغَرَامِ قِدْماً حَبَانِي
وَلَقَدْ صَاغَ مِنْ قُرَاضَةِ قَلْبِي ... بَعْدَ هَذَا مِفْتَاحَ كَنْزِ الْمَعَانِي
338
حَتَّى مَ أَبْنِي عَلَى سَطْحِ الْمِيَاهِ لَقَدْ ... سَئِمْتُ دَيْراً وَعُبَّاداً لأَوْثَانِ
مَنْ قَالَ إِنِّي مِنْ أَهْلِ الْجَحِيمِ وَمَنْ ... أَتَى مِنَ الْخُلْدِ أَوْ وَلَّى لِنِيرَانِ؟
339
حَتَّى مَ تُصْبِحُ لِلأَطْمَاعِ حِلْفَ عَنَا ... حَيْرَانَ تَعْدُوْ بِهَذَا الْكَوْنِ مُفْتَتِنَا
مَضَوا وَنَمْضِي وَكَمْ يَأْتُوْنَ بَعْدُ وَكَمْ ... يَمْضُوْنَ مِنْ دُوْنِ أَنْ يَحْظَى امْرُؤٌ بِمُنَى
340
كُنْ حِمَاراً فِي مَعْشَرٍ جُهَلاَءٍ ... أَيْقَنُوا أَنَّهُمْ أُوْلُوْ الْعِرْفَانِ
فَهُمُ يَحْسَبُوْنَ لِلْجَهْلِ مَنْ لَيْ؟ ... سَ حِمَاراً خِلْواً مِنَ الإِيْمَانِ
341
مَنْ بَرَى أَكْؤُسَ الرُّؤُوْسِ وَأَبْدَى ... عِنْدَ تَكْوِينِهَا أَدَقَّ الْفَنُوْنِ
كَبَّ كَأْساً مِنْ فَوْقِ مَائِدَةِ الْكَوْ ... نِ دِهَاقاً قَدْ أُتْرِعَتْ بِالْجُنُوْنِ
342
أَسَفاً لِقَلْبٍ لَيْسَ يُذْكِيهِ الْهَوَى ... شَغَفاً وَلَيْسَ يَهِيمُ قَطُّ بِشَادِنٍ
لاَ يَوْمَ أَضْيَعُ قَطُّ مِنْ يَوْمِ امْرِئٍ ... يَقْضِيهِ دُوْنَ غَرَامِ ظَبْيٍ فَاتِنِ
343
لَوْ ارْتَكَبْتُ خَطَايَا النَّاسِ كُلِّهِمُ ... لَكُنْتُ أَرْجُوْ لِذَنْبِي مِنْكَ غُفْرَانَا
قَدْ قَلْتَ إِنَّكَ يَوْمَ الْعَجْزِ تَنْصُرُنِي ... لاَ عَجْزَ أَعْظَمُ لِي مِنْ عَجْزِيَ الآنَا
[حرف الهاء]
344
إِلَى مَ أَسَاكَ عَلَى الْفَانِيَهْ ... أَنَالَ امْرُؤٌ عِيشَةً بَاقِيَهْ؟
هِيَ النَّفْسُ عَارِيَةٌ تُسْتَرِدْ ... فَعِشْ مَعْهَا عِيشَةَ الْعَارِيَهْ
إنْ كَانَتِ الأَفْلاَكُ ضِدَّ ذَوِي الْبَصَائِرِ جَارِيَهْ ... إِنْ شِئْتَ قُلْ هِيَ سَبْعَةٌ أَوْ شِئْتَ عُدَّ ثَمَانِيَهْ
وَإِذَا رَحَلْتَ غَداً وَخَلَّفْتَ الأَمَانِي بَاقِيَهْ ... فَلْيَأْكُلَنَّكَ نَمْلُ قَبْرِكَ أَوْ ذِئَابُ الْبَادِيَهْ
إِذَا مَا صَحَوْتُ عَدِمْتُ الْهَنَا ... وَمَهْمَا سَكِرْتُ فَقِدْتُ النُّهَى
وَلَكِنَّ بَيْنَهُمَا حَالَةً ... هِيَ الْعَيْشُ وَالْقَلْبُ رِقٌّ لَهَا
[حرف الياء والألف المقصورة]
مُنْذُ مَيَّزْتُ بَيْنَ كَفِّيْ وَرِجْلِي ... غَلَّ هَذَا الدَّهْرُ الدَّنِيُّ يَدَيَّا
أَسَفاً يَحْسِبُوْنَ فِي الْحَشْرِ عُمْراً ... مَرَّ بِي دُونَ شَادِنٍ وَحُمَيَّا
أَيُّهَا النَّفْسُ لَوْ نَفَضْتِ غُبَارَ ال؟ ... جِسْمِ أَضْحَى فَوْقَ السَّمَا لَكِ مَأْوَى
لَكِ عَرْشٌ فَوْقَ السَّمَاءِ فَعَيْبٌ ... أَنْ تَجِيئِي وَتَرْتَضِي الأَرْضَ مَثْوَى
مِنَ الْعَارِ أَنْ تَسْعَى لِتَحْصِيلِ شُهْرَةٍ ... وَأَنْ تَشْتَكِي مِنْ جُوْرِ ذَا الْفَلَكِ الْبَلْوَى
لَئِنْ تَغْدُ مِنْ عِطْرِ الْحُمَيَّا بِنَشْوَةٍ ... يَكُنْ لَكَ خَيْراً مِنْ غُرُورِكَ بِالتَّقْوَى
إِنِّي وَإِنْ كُنْتُ لِذَنْبِي فِي شَقَا ... فَلَست يَائِسًا كَكُفَّارِ الوَرى
أَرْجُوْ وَإِنْ مُتُّ بِسُكْرِي سَحَرَا ... راحَا وَظَبْيًا في جِنَانٍ أَو لَظَى
دَعْ عَنْكَ دَرْسَ الْعُلُوْمِ أَجْمَعِهَا ... وَاشفِ بِأَصداغِ شَادِنٍ سَقَمَك
وَاهْرِقْ بِكَاسٍ دَمَ الزُّجَاجِ وَطِبْ ... مِنْ قَبْلِ أَنْ يهرقَ الزَّمَانُ دَمَكْ
مضى أسبوع أو أكثر وأنا أنقب وأبحث علني أجد ترجمة تتطابق مع ترجمة أخرى أو لنقل قريبة عن المصدر الأصل الذي لغته فارسية فقد دققت فيه وقرأته أكثر من عشرين مرة وفي كل مرة أتساءل مع نفسي :
يا ترى هل هذا نص أصلي أم دخيل ؟ لا يوجد مصدر قط يقر أنه النص الأصلي ولا غيره
وهكذا متاعب الترجمة لا حصر لها لأنه في قرارة أنفسنا نتوخى الدقة ونسب القول إلى قائله أو صاحبه الحقيقي وإلا تكون أعمالنا محض ثرثرة في الهواء
ورفعت عشرات الكتب إلى حاسوبي ومعظمها كتب نادرة , عدا تلك التي اقتنيتها في سنوات مضت ووجدت الاختلاف شائعا وملموسا .
وحتى اللحظة صعب عليَّ الأمر أن أجد قصيدة من تلك يقال عنها أنها : النسخة الأصلية ؟ The true copy
كثرة الدخيل صدنا أن نجد الأصيل
سلطت الضوء بشكل خاص على ترجمة ( أحمد الصافي النجفي ) وقارنتها مع ترجمة أحمد رامي ولم أجد أي تطابق بين الترجمتين - بالنسبة لأحمد رامي أستطيع القول أنها رباعياته الخاصة وليست رباعيات عمر الخيام
بالنسبة لترجمة أحمد الصافي النجفي مقارنة مع ترجمة أحمد رامي أجدها أقرب واقعية من القصيدة الأم ولكن أيضا في أغلب الترجمة حشر فيها كلمات من جيبه
في الوقت الذي يقال أن ترجمته هي الأفضل بين جميع التراجم !
نعود إلى ما يقال عن رباعيات الخيام لنجد ملخص القول :
أما عدد الرباعيات المنسوبة إليه مما ورد في النسخ الخطية فألف ومائتان، نحو 1040 منها مستقلة بمعناها بعض الاستقلال بحيث يمكن اعتبارها كرباعيات مختلفة.
وأما الرباعيات التي لا ريب ولا نزاع في نسبتها إليه فلا تنيف عن الإحدى عشرة. وهي التي أردفها باسمه من ذكره من معاصريه في آثارهم الباقية حتى اليوم.
وحتى القول أعلاه ( كما أرى) أن نسبة ما نسب بشكل صحيح للخيام انخفضت عما هو مذكور في أعلاه في الوقت الحاضر
وعلى أية حال سأستمر في هذا العمل الدؤوب علني أصل إلى نتيجة مقنعة ويرضى عنها الجميع أو يكون الفشل حليفي , فالعمل شاق وصعب جدا لأنه يوجد فرق بين العشوائية والدقة فلو كان العمل عشوائي ولا ينضبط ولا يتقيد بقدسية النص يكون سهلا على المترجم وخصوصا المترجم الشاعر أن يضع كلماته ويؤلف من منابع قريحته ما يشاء ربما يرضي الآخرين لأنه ينقل في ترجمة العمل الشعري ال Rhythm and Effect لكن هل هذا صحيح ... ؟
لماذا إذن لا يكتب وينشر قصائده الخاصة به وحينها لا ينازعه أحد في حقه ...
حقيقة أتبعني جدا موضوع الترجمة وخصوصا هذه التي أتناولها الآن فكما الكابوس يثقل على رأسي لأنه لا أجد المخرج أو صعب عليَّ أن أجده
اللهم أسألك العون فأنت ملهم البصر والبصيرة فحينما تشذ الأفلاك لا دليل إلا أنت
==
هنا ترجمة أحمد الصافي النجفي كتبتها بيدي حرفا حرفا لأنه ملفات البي دي أف لا يمكن النسخ منها حتى لو كانت text عندما تكون اللغة عربية , أما لو كان النص لغته إنجليزية مثلا يمكن النسخ منه !!
برنامج أكروبات ريدر لا يدعم اللغة العربية وهذا تعب آخر يضاف على كواهلنا أضف لذلك أن أغلب الكتب في قوقل snippet view حتى لو كان الكتاب لا يسوى فلسا وألف ومرة أرسل لهم feedback
يمعودين دخيل الله ودخيلكم هذا الكتاب وجدته منشور ا بفلان مكان وفلان مكان ..... وأنتم تمنعون الإطلاع عليه ( تحجبونه علينا ) ؟؟ في بعض المرات يتجاوبون معي وفي أغلب الأحيان لا يتجاوبون
وهذا الحال وهذا المال خما نشتري كتب الدنيا كلها ... الحمد لله وبفضله تعالى توجد مواقع أخرى تسعف طلباتي وحاجتي منها مؤسسات ثقافية ومنها جامعات ومنها اشتراكات والخ
===
رباعيات الخيام ترجمة أحمد الصافي النجفي
[حرف الألف]
1
كُلُّ ذَرَّاتِ هذهِ الأرْضِ كانَتْ ... أَوْجُهاً كَالشُّمُوسِ ذاتَ بَهَاءِ
أُجْلُ عَنْ وَجْهِكَ الغُبَارَ بِرِفْقٍ ... فَهْوَ خَذٌّ لِكَاعِبٍ حَسْنَاءِ
2
إِنَّ رُوحاً مِنْ عَالَمِ الطُّهْرِ جَاءَتْ ... لَكَ ضَيْفاً مَا التَاثَ بِالغَبْرَاءِ
إِسْقِها أَكْؤُسَ الصَّبوحِ صَباحاً ... قَبْلَ تَوْدِيعِهَا أَوَانَ المَسَاءِ
3
منْ تَحرَّى حَقِيقَةَ الدَّهْرِ أضْحَى ... عِنْدَهُ الحُزْنُ وَالسُرُورُ سَواءَ
إِنْ يَكُنْ حَادِثُ الزَّمَانِ سَيَفْنى ... فَلْيَكُنْ كُلُّهُ أَسىً أَوْ هناءَ
4
قالَتِ الْوَرْدَةُ لاَ ... خدَّ كَخَدِّي في البَهاءِ
فَإِلى مَ الظلْمُ مِمَّنْ ... يَبْتَغِي عَصْراً لِمَائِي
فأَجَابَ البُلْبُلُ الغِ ... رِّيدُ فِي لَحْنِ الغِنَاءِ
منْ يَكُنْ يَضْحَكُ يَوْمَاً ... يَقْضِ حَوْلاً بِالبُكَاءِ
5
لَيْسَ يُدْرَى بِمَنْطَقٍ وَقِيَاسٍ ... أَيَّ وَقْتٍ دَارَتْ بِهِ الزَّرْقَاءُ
أَوْ مَتى تُصْبِحُ السَّمَاءُ خَرَاباً ... فَتَدَاعَتْ وَانْهَدَّ مِنْهَا البِنَاءُ
6
دَعْ عَنْكَ حِرْصَ الوُجُودِ وَاهْنَأْ ... إِنْ أَحْسَنَ الدَّهْرُ أَوْ أَسَاءَ
وَاعْبَثْ بِشَعْرِ الحَبِيبِ وَاشْرَبْ ... فَالْعُمْرُ يَمْضِي غَداً هبَاءَ
7
إِنْ تَوَاعَدْتُمُ رِفاقِي لأُنْسٍ ... وَسَعِدْتُمُ بِالغَادَةِ الهَيْفَاءِ
وَأدَارَ السَاقِي كُؤُوسَ الحُمَيَّا ... فَاذْكُرُونِي فِي شُرْبِهَا بِالدُّعَاءِ
8
إِنْ تَلاقَيْتُمُ أَخِلايَ يَوْماً ... فَأَطِيلُوا ذِكْرَايَ عِنْدَ اللِّقَاءِ
وَإِذا مَا أَتَى لَدَى الشُّرْبِ دَوْرِي ... فَأَرِيقُوا كَأْسِي علَى الغَبْرَاءِ
9
إِنْ كُنْتَ لا تَفْنَى سِوَى مرَّةٍ ... فَافْنَ وَدَعْ هَذَا الأَسَى وَالشَّقَاءْ
وَكُنْ كَأَنْ لَمْ تَحْوِ ذَا الجِلْدَ أَوْ ... ذَا الدَّمَ وَاللَّحْمَ وَخَلِّ العَنَاءْ
10
قَدْ خَاطَبَ السَّمَكُ الأَوُزَّ مُنَادِياً ... سَيَعُودُ مَاءُ النَّهْرِ فَاصْفُ هَنَاءَ
فَأَجَابَ إِنْ نُصْبِحْ شِواءً فَلْتَكُ ال ... دُّنْيَا سَرَاباً بَعْدَنا أَو مَاءَ
11
مَا الكُونُ دَارُ إِقامَةٍ فَأَخُو النُهى ... أَوْلَى بِهِ أَنْ يُدْمِنَ الصَّهْباءَ
أَطْفِئْ بِمَاءِ الْكَرْمِ نِيرَانَ الأَسَى ... فَلَسَوْفَ تَذْهَبُ فِي الهَوَاءِ هَبَاءَ
12
طَالَ كَهَمِيّ عُمُرُ الْحَبِيبِ فَقَدْ ... أَوْلانِيَ الْيَوْمَ خَيْرَ نَعْمَاءِ
فَقَدْ رَنَا لِي وَمَرَّ يُومِئُ أَنْ: ... " أَحْسِنْ وَأَلْقِ الإِحْسَانَ فِي الْمَاءِ "
13
إِخْتَرْ بِدَهْرِكَ قِلَّةَ الرُّفَقَاءِ ... وَاصْحَبْ بَنِيهِ وَأَنتَ عَنْهُمْ نَاءِ
فَمَنْ اعْتَمَدْتَ عَلَيْهِ إِنْ تَنْظُرْهُ فِي ... عَيْنِ الْبَصِيرَةِ أَعْظَمُ الأَعْدَاءِ
14
لاتَنْظُرَنَّ إِلَى الْفَتَى وَفُنُونِهِ ... وَانْظُرْ لِحِفْظِ عُهُودِهِ وَوَفَائِهِ
فَإِذا رَأَيْتَ الْمَرْءَ قَامَ بِعَهْدِهِ ... فَاحْسِبْهُ فَاقَ الكُلَّ فِي عَلْيَائِه
15
لَقَدْ آنَ الصَّبُوحُ فَقُمْ حَبِيبِي ... وَهَاتِ الرَّاحَ وَاشْرَعْ بِالغِنَاءِ
فَكَمْ " جِمْشِيدَ أَرْدَى أَوْ " قُبَادٍ ... مَجِيءُ الْصَيْفِ أَوْ مَرُّ الشِّتاء
16
مَا شَهِدَ النَّارَ وَالْجِنَانَ فَتىً ... أَيُّ امْرِئٍ مِنْ هُنَاكَ قَدْ جَاء
لَمْ نَرَ مِمَّا نَرْجُو وَنَحْذَرُهُ ... إِلاَّ صِفَاتٍ تُحْكَى وَأَسْمَاء
17
إِنْ تَجُدْ لِي بِالْعَفْوِ لَمْ أَخْشَ ذَنْباً ... أَوْ تَهَبْ لِي زَاداً أَمِنْتُ الْعَنَاءَ
أَوْ تُبَيِّضْ بِالْعَفْوِ وَجْهِي فَإِنِّي ... لَسْتُ أَخْشَى صَحِيفَتِي الْسَّوْدَاءَ
[حرف الباء]
18
قَدِ انْطَوَى سِفْرُ الشَبَابِ وَاغْتَدَى ... رَبِيعُ أَفْرَاحِي شِتَاءً مُجْدِبا
لَهَفِي لِطَيْرٍ كَانَ يُدْعَى بِالصِبَا ... مَتَى أَتَى وَأَيَّ وَقْتٍ ذَهَبَا
19
إِلهِي قُلْ لِي مَنْ خَلا مِنْ خَطِيئَةٍ ... وَكَيْفَ تُرَى عَاشَ الْبَرِيءُ مِنَ الذَّنْبِ
إِذَا كُنْتَ تُجْزِي الذَّنْبَ مِنِّي بِمِثْلِهِ ... فَمَا الْفَرْقُ مَا بَيْنِي وَبَينَكَ يَا رَبِّي
20
يَا بَاقِياً رَهْنَ الرِّياءِ وَرَائِحَاً ... لِقَصِيرِ عَيْشِكَ فِي عَنَاءٍ مُتْعِبِ
أَتَقُولُ أَيْنَ تَرُوحُ مِنْ بَعْدِ الرَّدَى ... هَاتِ المُدَامَ وَأَيْنَ مَا شِئْتَ اذْهَبِ
21
رَأَيْتُ فِي النَوْمِ ذَا عَقْلٍ يَقُولُ أَلا ... لا يَجْنِيَنَّ الْفَتَى مِنْ نَوْمِهِ طَرَبَا
حَتَّى مَ تَرْقُدُ كَالمَوْتَى فَقُمْ عَجِلاً ... فَسَوْفَ تَهْجَعُ فِي جَوْفِ الثَّرَى حُقُبَا
22
غَدَوْنَا لِذِي الأَفْلاكِ أَلْعَابَ لاعِبٍ ... أَقُولُ مَقَالاً لَسْتُ فِيهِ بِكَاذِبِ
عَلَى نَطْعِ هَذَا الْكَوْنِ قَدْ لَعِبَتْ بِنَا ... وَعُدْنا لِصَنْدُوقِ الْفَنَا بِالتَّعَاقُبِ
23
أَوَّلُ دَفْتَرِ المَعَانِي الهَوَى ... وَإِنَّهُ بَيْتُ قَصِيدِ الشَّبَابْ
يَا جَاهِلاً مَعْنَى الهَوَى إِنَّمَا ... مَعْنَى الحَيَاةِ الْحُبُّ وَالانْجِذَابْ
24
إِنْ تَحْلُ لَدَى الرَّبِيعِ كَفُّ السُحْب ... حَدَّ الأَزْهَارِ فَابْتَدِرْ لِلشُرْبِ
فَالْيَوْم يدِي الرَّوْضَةِ تَرْتَاحُ وَمِنْ ... ذَرَّاتِك سَوْفَ تَزْدَهِي بِالعُشْبِ
25
تَزْدَادُ حَيْرَةُ عَقْلِي كلَّ دَاجِيَةٍ ... وَالدَّمْعُ حَوْلِيَ مِثْلَ الدُّرِّ مَسْكُوبُ
لا يَمْتَلِي جَامُ رَأْسِي مِنْ وَسَاوِسِهِ ... وَلَيْسَ يُمْلأُ جَامٌ وَهُوَ مَقْلُوبُ
26
قَدْ حَظِينَا بِالغِنَا وَالرَاحِ فِي الدَّارِ الْخَرَاب ... وَفَرَغْنَا مِنْ مُنَى الرَّحْمَةِ أَوْ خَوْفِ الْعِقَابْ
وَسَمَوْنَا ثَمَّ عَنْ مَاءٍ وَنَارٍ وَتُرَابْ ... فَالكِسَا وَالكَأْسُ وَالعَقْلُ مَعاً رَهْنُ الشَّرَابْ
27
أَمَا تَرَى الأَزْهَارَ فِيهَا عَبِثَتْ يَدُ الصَّبَا ... وَمِنْ جَمَالِهَا غَدَا الْبُلْبُلُ يَشْدُو طَرَبَا
فَبَادِرِ الزَّهْرَ وَدَعْ عَنْكَ الأَسَى وَالكُرَبَا ... فَهَذِهِ الأَزْهَارُ كَمْ زَهَتْ وَكَمْ عَادَتْ هَبَا
28
قَالَ قَوْمٌ أَطْيبَ الْحُورَ فِي الجَنَّ ... ةِ قُلْتُ الْمُدَامُ عِنْدِيَ أَطْيَبْ
فَاغْنَمِ النَّقْدَ وَاتْرُكِ الدَّيْنَ وَاعْلَمْ ... أَنَّ صَوْتَ الطُّبُولِ فِي البُعْدِ أَعْذَبْ
29
إِنْ تَشْرَبِ المُدَامَ أُسْبُوعاً فَلا ... تَدَعْ لَدَى الجُمْعَةِ قُدْساً شُرْبَهَا
أَلسَبْتُ وَالجُمْعَةُ عِنْدِي اسْتَوَيَا ... لا تَعْبُدِ الأَيَّامَ وَاعْبُدْ رَبَّهَا
30
هَذَا أَوَانُ الصَّبُوحِ وَالطَّرَبِ ... وَنَحْنُ وَالْحَانُ وَابْنَةُ العِنَبِ
أُصْمُتْ نَدِيمِي هَلْ ذَا مَحَلٌّ تُقىً ... وَاشْرَبْ وَخَلِّ الْحَدِيثَ وَاجْتَنِبِ
31
لَمْ أَشْرَبِ الرَّاحَ لأَجْلِ الطَّرَبِ ... أَوْ تَرْكِ دِينِي وَاطِّرَاحِ الأَدَبِ
رُمْتُ الحَيَاةَ دُونَ عَقْلٍ لَحْظةً ... فَهِمْتُ بِالسُّكْرِ لِهَذَا السَّبَبِ
32
لا عِشْتُ إِلاَّ بِالغَوَانِي مُغْرَماً ... وَعَلَى يَدِي تِبْرُ المُدَامِ الذَّائِبُ
قَالُوا سَيَقْبَلُ مِنْكَ رَبُّكَ تَوْبَةً ... لا اللَّهُ قَابِلُهَا وَلا أَنَا تَائِبُ
33
لا تَتُبْ قَطُّ عَنِ الرَّاحِ فَكَمْ ... تَوْبَةٍ مِنْهَا يَتُوبُ التَّائِبُ
قَدْ شَدَا الْبُلْبُلُ وَالْوَرْدُ رَهَا ... أَبِذَا الْوَقْتِ يَتُوبُ الشَّارِبُ؟
34
نَفْسِي تَمِيلُ إِلَى الْحُمَيَّا دَائِماً ... وَالسَمْعُ يَهْوَى مِعْزَفاً وَرَبَابَا
إِنْ يَصْنَعُوا كُوْزاً ثَرَايَ فَلَيْتَهُمْ ... أَنْ يَمْلَئوهُ مَدَى الزَّمَانِ شَرَابَا
35
مَا خَلَقَ اللَّهُ رَاحَةً وَهَنَا ... إِلاَّ لِمَنْ عَاشَ مُفْرَداً عَزَبَا
مَنْ تَرَكَ الانْفِرَادَ وَاقْتَرَنَا ... فَقَدْ جَنَى بَعْدَ رَاحَةٍ تَعَبَا
36
أَتَى بِي لِهَذا الْكَونِ مُضْطَرِباً فَلم ... تَزِدْ لِيَ إلاَّ حَيْرَةٌ وَتَعَجُّبُ
وَعُدْتُ عَلَى كُرْهٍ وَلَمْ أَدْرِ أَنَّني ... لِمَاذَا أَتَيْتُ الْكَوْنَ أَوْ فِيمَ أَذْهَبُ
37
كُلَّ يَوْمٍ أَنْوِي الْمَتَابَ إِذَا مَا ... جَاءَنِي الْلَّيْلُ عَنْ كُؤُوسِ الشَّرَابِ
فَأَتَانِي فَصْلُ الزُّهُورِ وَإِنِّي ... فِيْهِ يَا رَبِّ تَائِبٌ عَنْ مَتَابِي
38
مَا زَالَ ظِلٌّ عَلَى الأَزْهَارِ لِلسُّحُب ... وَلَمْ يَزَلْ بِيَ مَيْلٌ لابْنَةِ الْعِنَبِ
فَلا تَنَمْ لَيْسَ ذَا وَقْتَ الْكَرَى وَأَدِرْ ... كَأْساً حَبِيبِي فَإِنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَغِبِ
39
لِمَاذَا غَدَاةَ الرَّبُّ رَكَّبَ هّذِهِ الْ ... عَنَاصِرَ لَمْ يُحْكِمْ تَنَاسُبَهَا الرَّبُّ
إِذَا رَاقَ مَبْنَاهَا فَفِيمَ خَرَابُهَا ... وَإِنْ لَمْ تَرُقْ مَبْنىً فَمِّمَنْ أَتَى الْعَيْبُ
40
وَجَامٍ يَرُوقُ الْعَقْلُ لُطْفاً وَرِقَّةً ... وَيَهْفُو عَلَيْهِ الْقَلْبُ مِنْ شِدَّةِ الْحُبِّ
تَفَنَّنَ خَزَّافُ الْوُجُودِ بِصُنْعِهِ ... وَيَكْسِرُهُ مِنْ بَعْدِ ذَاكَ عَلَى التُّرْبِ
41
كَمْ لِلَّذِي بَسَطَ الثَرَى وَبَنَى السَّمَا ... مِنْ لَوْعَةٍ بِقُلُوبِنَا وَعَذَابُ
كَمْ مِنْ شِفَاهٍ كَالْعَقِيقِ وَطُرَّةٍ ... كَالْمِسْكِ أَوْدَعَهَا حِقَاقَ تُرَابِ
42
أُنْظُرْ حِسَابَكَ مَا أَتَيْتَ بِهِ وَمَا ... تَغْدُو بِهِ مِنْ بَعْدُ مَهْمَا تَذْهَبِ
أَتَقُولُ لا أَحْسُو الطِّلا خَوْفَ الرَّدَى ... سَتَمُوتُ إِنْ تَشْرَبْ وَإِنْ لَمْ تَشْرَبِ
43
كَمْ سِرْتُ طِفْلاً لِتَحْصِيلِ الْعُلُومِ وَكَمْ ... أَصْبَحْتُ بَعْدُ بِتَدْرِيسِي لَهَا طَرِبَا
فَاسْمَعْ خِتَامَ حَدِيثِي مَا بَلَغْتُ سِوَى ... أَنِّي بُدِئْتُ تُرَاباً ثُمَّ عُدْتُ هَبَا
44
أَلا ارْحَمْ يَا إِلَهِي لِيَ فُؤَاداً ... مِنَ الأَشْجَانِ أَمْسَى فِي عَذَابِ
وَرِجْلاً بِي سَعَتْ لِلْحَانِ قِدْماً ... وَكَفّاً أَمْسَكَتْ قَدَحَ الشَّرَابِ
[حرف التاء]
45
إِجْعَلُوا قُوْتِي الطِّلا وَأَحِيلُوا ... كَهْرُبَاءَ الْخُدُودِ لِلْيَاقُوتِ
وَإِذَا مُتُّ فَاجْعَلُوا الرَّاحَ غُسْلِي ... وَمِنَ الْكَرْمِ فَاصْنَعُوا تَابُوتِي
46
يَقُولُ الْمُتَّقُونَ غَداً سَتَحْيَى ... عَلَى مَا كُنْتَ فِي هَذِي الحَيَاةِ
لِذَا اخْتَرْتُ الْحَبِيبَةَ وَالحُمَيَّا ... لأُحْشَرَ هَكَذَا بَعْدَ الْمَمَاتِ
47
جَاءَ مِنْ حَانِنَا النِّدَاءُ سُحَيْراً ... يَا خَلِيعاً قَدْ هَامَ بِالْحَانَاتِ
قُمْ لِكَيْ نَمْلأَ الْكُؤُوْسَ مُدَاماً ... قَبْلَ أَنْ تَمْتَلِي كُؤُوْسَ الْحَيَاةِ
48
هَبِ الدُّنْيَا كَمَا تَهْوَاهُ كَانَتْ ... وَكُنْتَ قَرَأْتَ أَسْفَارَ الْحَيَاةِ
وَهَبْكَ بَلَغْتَهَا مِئَتَيْنِ حَوْلا ... فَمَاذَا بَعْدَ ذَاكَ سِوَى الْمَمَاتِ
49
أَلْبَدْرُ شَقَّ بِنُورِهِ جَيْبَ الدُّجَى ... فَاشْرَبْ فَلَنْ تَلْقَى كَذِي الأَوْقَاتِ
وَاهْنَأْ وَلا تَأْمَنْ فَهَذَا الْبَدْرُ كَمْ ... سَيُضِيءُ فَوْقَ ثَرَى لَنَا وَرُفَاتِ
50
إِنْ نِلْتُ مِنْ حِنْطَةٍ رَغِيفاً ... وَكُوْزَ خَمْرٍ وَفَخْذَ شَاةِ
وَكَانَ إِلْفِي مَعِي بِقَفْرٍ ... فُقْتُ بِذَا عِيشَةَ الْوُلاةِ
51
مَنْ نَالَ ذَرَّةَ عَقْلٍ عَادَ مُنْتَبِها ... فَلَمْ يُضِعْ مِنْ ثَمِينِ الْعُمْرِ لَحْظَتَهُ
إِمَّا سَعَى لِرِضَاءِ اللَّهِ مُجْتَهِداً ... أَوْ عَبَّ كَأَسَ الطِّلا وَاخْتَارَ رَاحَتَهُ
52
مَا اسْطَعْتَ كُنْ لِبَنِي الْخَلاعَةِ تَابِعا ... وَاهْدِمْ بِنَاءَ الصَّوْمِ وَالصَّلَوَاتِ
وَاسْمَعْ عَنِ الْخَيَّامِ خَيْرَ مَقَالَةٍ ... إِشْرَبْ وَغَنِّ وَسِرْ إِلَى الْخَيْرَاتِ
53
أُحْسُ الطِّلا عَنْكَ يَزُلْ هَمُّ الوَرَى ... وَقِلَّةُ الأُمُورِ أَوْ كَثْرَتُهَا
وَلا تُجَانِبْ كِيمْيَاءَ قَهْوَةٍ ... تُزِيلُ أَلْفَ عِلَّةٍ قَطْرَتُهَا
54
جُسُومُ ذَوِي هَذِي الْقُبُورِ تَحَلَّلَتْ ... فَبَيْنَ بُخَارٍ قَدْ عَلا وَرُفَاتِ
فَمَا هَذِهِ الرَّاحُ الَّتِي صَرَعَتْهُمُ ... وَلَمْ يَنْهَلُوا مِنْهَا سِوَى جُرُعَاتِ
55
هَلُمَّ حَبِيبِي نَتْرُكِ الْهَمَّ فِي غَدٍوَنَغْنَمْ قَصِيرَ الْعُمْرِ قَبْلَ فَوَاتِ
سَنُزْمِعُ عَنْ ذِي الدَّارِ رِحْلَتَنَا غَداً ... بِسَبْعَةِ آلافٍ مِنَ السَّنَوَاتِ
56
مَنْ كَانَ نِصْفُ رَغِيفٍ فِي الْحَيَاةِ لَهُ ... وَمَسْكَنٌ فِيهِ مَثْوَاهُ وَرَاحَتُهُ
لَمْ يَغْدُ سَيِّدَ شَخْصٍ أَوْ غُلامَ فَتىً ... فَهَنِّهِ فَلَقَدْ رَاقَتْ مَعِيشَتُهُ
57
إِلَى الْحَانِ أَغْدُو كُلَّ يَوْمٍ مُبَكِّراً ... وَأَصْحَبُ فِيهِ ثَمَّ أَهْلَ الْخَلاعَاتِ
فَيَا عَالِمَ الأَسْرَارِ هَبْنِي هِدَايَةَ ... وَرُشْداً لأَغْدُو لِلدُّعَا وَالْمُنَاجَاةِ
58
لا تَحْسَبَنِّيَ جِئْتُ مِنْ نَفْسِي وَلا ... قَطَعْتُ وَحْدِي ذَا الطَّرِيقَ المُعَنِّتَا
إِنْ يَكُ مِنْهُ جَوْهَرِي وَمَنْشَئِي ... فَمَنْ أَنَا وَأَيْنَ كُنْتُ وَمَتَى
59
كُنْ كَالشَّقَائِقِ مُمْسِكاً كَأْساً لَدَى الن؟ ... يْرُوزِ مَعْ وَرْدِيَّةِ الْوَجْنَاتِ
وَاشْرَبْ فَإِنَّكَ سَوْفَ تُصْبِحُ كَالثَّرَى ... ضَعَةً بِسَيرِ الدَّهْرِ ذِي النَّكَبَاتِ
60
أَلْيَوْمُ يَوْمُ صِبَايَ فَلأشْرَبْ بِهِ ... كَأْسَ الشَّرَابِ وَأَجْتَنِي لَذَّاتِي
لاتُزْرِ فِيهِ لَئِنْ يَمَرَّ فَقَدْ حَلا ... لا غَزْوَ إِنْ يَكُ مَرَّ فَهُوَ حَيَاتِي
61
أَحْسُو الْمُدَامَ وَلا أُعَرْبِدُ قَطُّ أَوْ ... كَفِّي تُمَدُّ لِمَا عَدَا الْكَاسَاتِ
تَدْرِي لِمَا اخْتَرْتُ الطِّلا؟ كَيْلا أَرَى ... يَا صَاحِ مِثْلَكَ مُوْلَعاً فِي ذَاتِي
62
إِنَّ بَدْرِي يَلُوحُ فِي كُلِّ شَكْلِ ... حَيَوَاناً طَوْراً وَطَوْراً نَبَاتاً
لا تَخَلْهُ يَزُولُ هَيْهَاتَ فَالْمَوْ ... صُوفُ إِنْ يَفْنَ وَصْفُهُ يَبْقَ ذَاتَا
63
يَا عَالِماً بِجَمِيعِ أَسْرَارِ الْوَرَى ... وَنَصِيرَهُمْ فِي الْعَجْزِ وَالْكُرُبَاتِ
كُنْ قَابِلاً عُذْرِي إِلَيكَ وَتَوْبَتِي ... يَا قَابِلَ الأَعْذَارِ وَالتَّوْبَاتِ
[حرف الجيم]
64
يَا زُبْدَةَ الْخِلاَّنِ خُذْ نُصْحِي وَلاَ ... تُصْبِحْ مِنَ الدُّنْيَا بِهَمٍّ مُزْعِجِ
وَاجْلُسْ بِزَاوِيَةِ اعْتِزَالِكَ وَانْظُرَنْ ... أَلْعَابَ دَهْرِكَ نَظْرَةَ الْمُتَفَرِّجِ
65
قُمْ قَبْلَ غَارَةِ الأَسَى مُكِّراً ... وَادْعُ بِهَا وَرْدِيَّة تَجْلُو الدُّجَى
فَلَسْتَ يَا هَذَا الْغَبِيّ عَسْجَداً ... حَتَّى تُوَارَى فِي الثَّرَى وَتُخْرَجَا
[حرف الحاء]
66
إِنَّ ذَاكَ الْقَصْرَ الَّذِي ضَمَّ جَمْشِي؟ ... ؟ دَ وَفِيهِ تَنَاوَلَ الأَقْدَاحَا
وَلَدَتْ ظَبْيَةُ الْفَلا خِشْفَهَا فِي؟ ... ؟ هِ وَأَمْسَى إِلَى ابْنِ آوَى مَرَاحَا
يَا لَبَهْرَامَ كَيْفَ كَانَ يَصِيدُ الْ؟ ... وَحْشَ مِنْ قَبْلُ غُدْوَةً وَرَوَاحَا
فَانْظُرِ الآنَ كَيْفَ قَدْ صَادَهُ الْقَبْ؟ ... ؟ رُ وَأَمْسَى لا يَسْتَطِيعُ بَرَاحَا
67
نَحْنُ يَا مُفْتِيَ الْوَرَى مِنْكَ أَدْرَى ... لَمْ تُزِلْ عَقْلَنَا مَدَى السُّكْرِ رَاحُ
أَنْتَ تَحْسُو دَمَ الأَنَامِ وَنَحْسُو ... دَمَ كَرْمِ فَأَيُّنَا السَّفَاحُ
68
إِلَى مَ تُعَانِي لِلْمُقَدَّرِ مِحْنَةً ... وَمِنْ بَاطِلِ الأَفْكَارِ تُمْسِي بِأَتْرَاحِ
فَعِشْ فِي سُرُورً وَاقْضِ دَهْرَكَ بِالْهَنَا ... فَلَمْ يَكِلُوا أَمْرَ الْقَضَا لَكَ يَا صَاحِ
69
نَعَمْ أَنَا مِنْ رَاحِ الْمَجُوْسِ بِنَشْوَةٍ ... وَصَبٌّ خَلِيْعٌ لَمْ أَزَلْ مُدْمِنَ الرَّاحِ
يَرَى كُلُّ حِزْبٍ فِيَّ رَأْياً وَمَذْهَباً ... وَإِنِّي لِنَفْسِي كَيْفَمَا كُنْتُ يَا صَاحِ
70
دَعَى لِلصَّبُوْحِ مَلِيكُ النَّهَارِ ... وَلاَحَ سَنَا الْفَجْرِ فَوْقَ السُّطُوْحِ
وَنَادَى مُنَادِي الأُلَى بَكَّرُوا ... أَلا فَاشْرَبُوا آنَ وَقْتُ الًصَّبُوْحِ
71
أَلْفَجْرُ لاَحَ فَقُمْ لَنَا يَا صَاحِ ... وَامْلأْ زُجَاجَكَ مِنْ عَقِيقِ الرَّاحِ
زَمَانُ أُنْسِكَ إِنْ يَفُتْ لَمْ تَلْقَهُ ... وَتَظَلُّ تَنْشُدُ سَاعَةَ الأَفْرَاحِ
72
لاَ تَغْرِسَنَّ الْحَشَا غَرْسَ التَّرَحْ ... وَاقْرَأْ حَيِيْتَ دَائِماً سِفْرَ الْفَرَحْ
وَعَاقِرِ الرَّاحَ وَنَلْ أَقْصَى الْمُنَى ... فَالْعُمْرُ مَا أَقْصَرَهُ كَمَا اتَّضَحْ
73
بَادِرْ فَسَوْفَ تَعُوْدُ أَدْرَاجَ الْفَنَا ... وَسَتَتْرُكُ الْجُثْمَانَ مِنْكَ الرُّوْحُ
وَاشْرَبْ وَعِشْ جَذِلاً فَلَسْتَ بِعَالِمٍ ... مِنْ أَيْنَ جِئْتَ وَأَيْنَ بَعْدُ تَرُوْحُ
74
لِلصَّوْمِ وَالصَّلَوَاتِ مِلْتُ تَنَسُّكاً ... فَتَيَقَّنَتْ نَفْسِي غَداً بِنَجَاحِي
أَسَفاً فَقَدْ نُقِدَ الْوُضُوءُ بِنَسْمَةٍ ... وَالصَّوْمُ زَالَ بِنِصْفِ جُرْعَةِ رَاحِ
75
إِشْرَبِ الرَّاحَ فَهِيَ رُوْحُ الرُّوْحِ ... بَلْسَمُ النَّفْسِ وَالْحَشَا الْمَجْرُوْحِ
وَإِذَا مَا دَهَاكَ طُوْفَانُ هَمٍّ ... فَانْجُ فِيْهَا فَذِي سَفِينَةُ نُوْحِ
[حرف الخاء]
76
إِذَا العُمْرُ يَمْضِي فَلْيَرُقْ لِيَ أَوْ يَسُؤ ... وَسَيَّانِ إِنْ أَهْلِكَ بِبَغْدَادَ أَوْ بَلْخِ
فَقُمْ وَاحْسُهَا فَالشَّهْرُ كَمْ بَعْدَ سَلْخِهِ ... إِلَى غُرَّةٍ يَمْضِي وَمِنْهَا إِلَى سَلْخِ
[حرف الدال]
77
لاَ يُوْرِثُ الدَّهْرُ إِلاَّ الْهَمَّ وَالْكَمَدَا ... وَالْيَوْمَ إِنْ يُعْطِ شَيْئاً يَسْتَلِبْهُ غَدَا
مَنْ لَمْ يَجِيْئُوا لِهَذَا الدَّهْرِ لَوْ عَلِمُوا ... مَاذَا نُكَابِدُ مِنْهُ مَا أَتَوْا أَبَدَا
78
إِنْ لَمْ يَكُنْ حَظُّ الْفَتَى فِي دَهْرِهِ ... إِلاَّ الرَّدَى وَمَرَارَةَ الْعَيْشِ الرَّدِي
سَعِدَ الَّذِي لَمْ يَحْيَى فِيْهِ لَحْظَةَ ... حَقاً وَأَسْعَدُ مِنْهُ مَنْ لَمْ يُوْلَدِ
79
لَثِمْتُ مِنْ جَرَّةِ الصَّهْبَاءِ مَرْشَفَهَا ... حِرْصاً لأَسْأَلَ مِنْهَا عِيشَةَ الأَبَدِ
فَقَابَلَتْ شَفَتِي بِالْلَّثْمِ قَائِلَةً ... سِراً أَلاَ اشْرَبْ فَإمَّا رُحْتَ لَمْ تَعد
80
أَتْرِعْ كُئوسَكَ فَالصَّبَاحُ قَدِ انْجَلَى ... رَاحَا لَهَا يَغْدُو الْعَقِيقُ حَسُودَا
وَهَلُمَّ بِالْعُودَيْنِ وَاكْتَمِلِ الْهَنَا ... وَقِّعْ عَلَى عُوْدٍ وَأَحْرِقْ عُوْدَا
81
إِرْتَشِفْهَا فَذَا لَعَمْرِي الْخُلُودُ ... فِيهِ تَمْتَازُ لِلشَّبَابِ عُهُودُ
ذَا أَوَانُ الأَزْهَارِ وَالرَّاحِ وَالصُّحْ؟ ... بُ نَشَاوَى فَاهْنَأْ فَهَذَا الْوُجُودُ
82
أَلْعِيدُ جَاءَ فَسَوفَ يُصْلِحُ أَمْرَنَا ... وَالرَّاحُ لِلإِبْرِيقِ سَوفَ تَعُودُ
وَيَفُكُّ عَنْ هَذِي الْحَمِيرِ لِجَامَهَا ... بِالصَّوْمِ وَالصَّلَوَاتِ هَذَا الْعِيْدُ
83
لَيْسَ لِذَا الْعَالَمِ ابْتِدَاءٌ ... يَبْدُو وَلاَ غَايَةٌ وَحَدُّ
وَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَقُولُ حَقّاً ... مِنْ أَيْنَ جِئْنَا وَأَيْنَ نَغْدُو
84
إِنْ لَمْ يُطِقْ أَحَدٌ مِنَّا ضَمَانَ غَد ... فَطِبْ بِذَا الْوَقْتِ نَفْساً وَانْتَعِشْ كَبِدَا
وَاشْرَبْ عَلَى ضَوْءِ ذَا الْبَدْرِ الْمُنِيرِ فَكَم ... يُضِيءُ بَعْدُ وَمِنَّا لاَ يَرَى أَحَدَا
85
لَئِنْ جَالَسْتَ مَنْ تَهْوَاهُ عُمْراً ... وَذُقْتَ جَمِيْعَ لَذَّاتِ الْوُجُوْدِ
فَسَوْفَ تُفَارِقُ الدُّنْيَا كَأَنَّ ... الَّذِي شَاهَدْتَ حُلْمٌ فِي هُجُوْدِ
86
لاَ تَخْشَ حَادِثَةَ الزَّمَانِ فَإِنَّهَا ... لَيْسَتْ بِدَائِمَةٍ عَلَيْنَا سَرْمَدَا
وَاغْنَمْ قَصِيرَ الْعُمْرِ فِي طَرَبٍ وَلاَ ... تَحْزَنْ عَلَى أَمْسٍ وَلاَ تَخْشَ الْغَدَا
87
عَادَ السَّحَابُ عَلَى الْخَمَائِلِ بَاكِياً ... فَالْعَيْشُ لاَ يَصْفُو بِدُونِ الصَّرْخَدِ
هَذِي الرِّيَاضُ الْيَوْمَ مُنْتَزَهٌ لَنَا ... فَلِمَنْ رِيَاضُ رُفَاتِنَا هِيَ فِي غَدِ
88
أَرَى أُنَاساً عَلَى الْغَبْرَاءِ قَدْ هَجَدُوا ... وَمَعْشَراً تَحْتَ أَطْبَاقِ الثَّرَى رَقَدُوا
وَإِنْ نَظَرْتُ لِصَحْرَاءِ الْفَنَاءِ أَرَى ... قَوْماً تَوَلَّوْا وَقَوْماً بَعْدُ لَمْ يَرِدُوا
89
إِجْلِسْ إِلَى الرَّاحِ تَبْلُغْ مُلْكَ مَحْمُوْدِ ... وَأَصْغِ لِلْعُوْدِ تَسْمَعْ لَحْنَ دَاوُدِ
دَعْ ذِكْرَ مَا لَمْ يَجِيءْ أَوْ مَا أَتَى وَمَضَى ... وَالآنَ فَاهْنَأْ فَهَذَا خَيْرُ مَقْصُوْدِ
90
إِنَّ الأُلَى بَلَغُوا الْكَمَالَ وَأَصْبَحُوا ... مَا بَيْنَ صَحْبِهِمُ سِرَاجَ النَّادِي
لَمْ يَكْشِفُوا حَلَكَ الدَّيَاجِي بَلْ حَكَوا ... أُسْطُوْرَةً ثُمَّ انْثَنَوْا لِرُقَادِ
91
لَئِنْ سَقَانِي فِي فَصْلِ الرَّبِيعِ رَشاً ... فِي الرَّوْضِ كَأْساً دِهَاقاً تُنْعِشُ الْكَبِدَا
وَإِنْ يَكُن لَمْ يَرُقْ هَذَا الْمَقَالُ فَتي " ... فَالْكَلْبُ يَفْضُلُنِي إِنْ أَذْكُرِ الْخُلُدَا
92
يَا رَبِّ إِنَّكَ ذُو لُطْفٍ وَذُو كَرَمٍ ... فَفِيمَ لاَ يَدْخُلَنَّ الْمُذْنِبُ الْخُلُدَا
مَا الْجُودُ إِعْطَاءُ دَارِ الْخُلْدِ مُتَّقِياً ... إِنَّ الْعَطَاءَ لأَصْحَابِ الذُّنُوبِ نَدَى
93
بِجَمِيلِ الآمَالِ أَفْنَيْتُ عُمْرِي ... دُونَ أَنْ أَبْلُغَنَّ يَوْماً مُرَادَا
أَنَا أَخْشَى أَنْ لاَ يُسَاعِدَنِي الْعُمْ؟ ... رُ لأَشْفِي مِنَ الزَّمَانِ الْفُؤَادَا
94
يَبُثُّكَ عَقْلٌ لِلسَّعَادَةِ طَالِبٌ ... مَدَى كُلّ يَومٍ نُصْحَهُ وَيُرَدِّدُ
أَلاَ اغْنَمْ قَصِيرَ الْعُمْرِ لَسْتَ بِنَبْتَة ... تَعُودُ فَتَنْمُو بَعْدَ مَا هِي تُحْصَدُ
95
أَلاَ إِنَّ مَنْ زَانُوا الْوُجُودَ بِخَلْقِهِمْ ... أَتَوْا وَتَوَلَّوْا ثُمَّ يَأْتُونَ مِنْ بَعْدُ
فَكَمْ فِي السَّمَا وَالأَرْضِ خَلْقٌ وَأَنْفُسٌ ... تَجِيءُ لِهَذَا الْكَوْنِ مَا بَقِيَ الْفَرْدُ
96
دَعْ ذِكْرَ أَمْسٍ فَهُوَ قَدْ مَرَّ وَدَعْ ... ذِكْرَ غَدٍ فَإِنَّهُ مَا وَرَدَا
لاَ تُعْنَ فِيمَا لَمْ يَرِدْ وَمَا مَضَى ... وَاشْرَبْ لِئَلاَّ يَذْهَبَ الْعُمْرُ سُدَى
97
لَسْتُ لِدَيْرٍ صَالِحاً كَلاَّ وَلاَ لِمَسْجِدِ ... أَللَّهُ أَدْرَى بِثَرىً كَوَّنَ مِنْهُ جَسَدِي
لاَ دِينَ أَوْ دُنْيَا وَلاَ أَرْجُو الْجِنَانَ فِي غَدٍ ... كَمُوْمِسٍ دَمِيمَةٍ أَوْ كَفَقِيرٍ مُلْحِدِ
98
لِهَلاَكِنَا تَجْرِي السَّمَاءُ وَمَا لَهَا ... إِلاَّ اغْتِيَالُ نُفُوسِنَا مِنْ مَقْصَدِ
إِجْلِسْ بِزَاهِي الرَّوْضِ وَارْتَشِفِ الطَّلاَ ... فَالرَّوْضُ يَنْبُتُ مِنْ ثَرَانَا فِي غَدِ
99
كَالمَاءِ فِي النَّهْرِ أَوْ كَالرِّيحِ وَسْطَ فَلاَ ... الأَمْسُ مِنْ عُمُرِنَا وَلَّى وَلَمْ يَعُدِ
يَوْمَانِ مَا عِشْتُ لاَ أَعْنَى بِأَمْرِهِمَا ... يَوْمٌ تَوَلَّى وَيَوْمٌ بَعْدُ لَمْ يَرِدِ
100
إِنَّ ذَاكَ الْقَصْرَ الَّذِي زَاحَمَ الْ؟ ... أُفُقَ وَخَرَّتْ لَهُ الْمُلُوكُ سُجُودَا
هَتَفَ الْوِرْقَ فِي ذُرَاهُ يُنَادِي ... أَيْنَ مَنْ صَيَّرُوا الْمُلُوكَ عَبِيدَا
101
أُقْطُفْ وَعَاقِرْ كَأْسَهَا مَعَ شَادِنٍ ... كَالسَّرْوِ قَداً وَالزُّهُورِ خُدُودَا
فَسَيَغْتَدِي كَالْوَرْدِ مِنْ كَفِّ الرَّدَى ... ثَوْبُ الْحَيَاةِ مُخَضَّباً مَقْدُودَا
102
مَا نَفَعَ الدَّهْرَ مَجِيئِي وَلاَ ... يَزِيدُهُ شَأْنَاً رَحِيلِي غَدَا
مَا سَمِعَتْ أُذُنَايَ مِنْ قَائِلٍ ... مَا نَفْعُ ذَا الْعَيْشِ وَجَدْوَى الرَّدَى؟
103
سُرُورُ حَشاً يَفُوقُ لَدَيَّ أَجْراً ... عَلَى تَعْمِيرِ أَنْحَاءِ الْوُجُودِ
وَجَعْلِ الْحُرِّ بِالإِحْسَانِ عَبْداً ... أَرَاهُ يَفُوقُ تَحْرِيرَ الْعَبِيدِ
104
لِلنَّجْمِ يَعْلُوْ زَفِيرِي كُلَّ دَاجِيَةٍ ... وَسَيْلُ دَمْعِي يَمُدُّ الْبَحْرَ فِي مَدَدِ
قَدْ قُلْتَ لِي سَوْفَ نَحْسُو الرَّاحَ بَعْدَ غَدٍ ... لَعَلَّ عُمُرِيَ لاَ يَمْتَدُّ بِي لِغَدِ
105
خَلِّ الْهَنَاءَ فَعُمُرُنَا نَفَسٌ وَمِنْ ... جَمْشِيدَ ذَرَّاتُ الثَّرَى وَقُبَادِ
لَيْسَ الْوُجُودُ وَعُمْرُنَا الْفَانِي سِوَى ... وَهْمٍ وَتَضْلِيلٍ وَحُلْمِ رُقَادِ
106
قَالَ شَيْخٌ لِمُومِسٍ " أَنْتِ سَكْرَى ... كُلَّ آنٍ بِصَاحِبٍ لَكِ وَجْدُ "
فَأَجَابَتْ " إِنِّي كَمَا قُلْتَ لَكِنْ ... أَنْتَ كَمَا لَدَى النَّاسِ تَبْدُو؟ "
107
دَعْ كُلَّ قَلْبٍ لَمْ يُمَازِجْهُ الْهَوَى ... أَحَوَاهُ دَيْرٌ أَمْ حَوَاهُ مَسْجِدُ
وَبِدَفْتَرِ الْعُشَّاقِ مَنْ خُطَّ اسْمُهُ ... لَمْ يَعْنِهِ خُلْدٌ وَنَارٌ تُوقَدُ
108
يَا صَاحِبَ الدَّلِّ هَذَا الْفَجْرُ لاَحَ فَقُمْ ... وَغَنِّ وَاشْرَبْ وأَطْفِئْ حُرْقَةَ الْكَبِدِ
فَمَنْ تَرَاهُمْ هُنَا لَنْ يَلْبَثُوا أَمَداً ... وَلَنْ يَعُودَ مِنَ الْمَاضِينَ مِنْ أَحَدِ
109
أَلْمَالُ إِنْ لَمْ يَغْدُ ذُخْرَ أُوْلِي النُّهَى ... فَالْفَاقِدُونَ لَهُ بِعَيْشٍ أَنْكَدِ
أَضْحَى الْبَنَفْسَجُ مُطْرِقاً مِنْ فَقْرِهِ ... وَالْوَرْدُ يَضْحَكُ لاِقْتِنَاءِ الْعَسْجَدِ
110
كَانَ هَذَا الْكُوْزَ مِثْلِي عَاشِقاً ... وَالِهاً فِي صِدْغِ ظَبْيٍ أَغْيَدِ
وَأَرَى عُرْوَتَهُ كَانَتْ يَداً ... طَوَّقَتْ جِيدَ حَبِيبٍ أَجْيَدِ
111
تُسَائِلُنِي مَا هَذِهِ النَّفْسُ إِنْ أَقُلْ ... حَقِيقَتَهَا يَضْفُو الْكَلامُ وَيَمْتَدُّ
هِيَ النَّفْسُ مِنْ بَحْرٍ بَدَتْ ثُمَّ إِنَّهَا ... تَغِيبُ بِذَاكَ الْبَحْرِ يَا صَاحِ مِنْ بَعْدُ
112
قَضَيْنَا وَلَمَّا نَقْضِ وَاأَسَفِي الْمُنَى ... وَمِنْجَلُ ذِي الزَّرْقَاءِ لَجَّ بِنَا حَصَدَا
فَلَهْفَاهُ مَا كِدْنَا لِنَفْتَحَ طَرْفَنَا ... إِلَى أَنْ فَنِينَا دُوْنَ أَنْ نُدْرِكَ الْقَصْدَا
113
أَيَا خَزَّافُ إِنْ تَشْعُرْ فَحَاذِرْ ... إِلَى مَ تُهِينُ أَنْتَ ثَرَى الْعِبَادِ
سَحَقْتَ بَنَانَ إِفْرِيدُونَ ظُلْماً ... وَدُسْتَ الْكَفَّ مِنْ كِسْرَى قُبَادِ
114
إِلَيْكَ نُصْحِي إِذَا مَا كُنْتَ مُسْتَمِعاً ... لاَ تَلْبِسَنْ ثَوْبَ تَدْلِيسٍ عَلَى الْجَسَدِ
الْعُمْرُ يَفْنَى وَعُقْبَى الْمَرْءِ دَائِمَةٌ ... فَلاَ تَبِيعَنْ بِفَانٍ عِيشَةَ الأَبَدِ
115
قَدْ قِيلَ لِي رَمَضَانُ جَاءَ فَسَوْفَ لاَ ... تَسْطِيعُ رَشْفاً لاِبْنَةِ الْعُنْقُودِ
فَسَأَحْتَسِي بِخِتَامِ شَعْبَانَ الطِّلاَ ... عَلاَّ لِتَصْرَعَنِي لِيَوْمِ الْعِيدِ
116
خُذْ بِالسُّرُورِ فَكَمْ بِفِكْرِكَ فَكَّرُوا ... بِالأَمْسِ دُونَ بُلُوغِ أَدْنَى مَقْصَدِ
وَانْعَمْ فَإِنَّهُمُ بِأَمْسٍ قَرَّرُوا ... لَكَ دُونَ أَنْ تَدْعُوهُمُ أَمْر الْغَدِ
117
يَا مَنْ تَوَلَّدَ مِنْ سَبْعٍ وَأَرْبَعَةٍ ... وَرَاحَ مِنْهَا يُعَانِي سَعْيَ مُجْتَهِدِ
إِشْرَبْ فَكَمْ لَكَ قَدْ كَرَّرْتُ مَوْعِظَتِي ... إِنْ رُحْتَ رُحْتَ وَلَمْ تَرْجِعْ وَلَم تَعُدِ
118
لاَ عَيشَ لِي بِسِوَى صَافِي الْمُدَامِ وَلاَ ... أُطِيقُ حَمْلاً بِدُونِ الرَّاحِ لِلْجَسَدِ
مَا أَطْيَبَ السُّكْرَ وَالسَّاقِي يُنَاوِلُنِي ... كَأْساً وَتَعْجَزُ عَنْ أَخْذِ الْكُؤُوسِ يَدِي
حرف الرّاء
119
مَا لِلْبَقَا هَادٍ وَإِنْ يَكُ فَالطِّلاَ ... وَالْكَأْسُ أَفْضَلِ مُرْشِدِ الْمُتَحَيِّرِ
الرَّاحُ مُؤْنِسَتِي فَلَيْسَ بِمُسْعِدِي ... مَاءُ الْحَيَاةِ وَلاَ حِيَاضُ الْكَوْثَرِ
120
خُذِ الْكُوزَ وَالأَقْدَاحَ يَا مُنْيَةَ الْحَشَا ... وَطُفْ بِهِمَا بِالرَّوْضِ فِي ضِفَّةِ النَّهْرِ
فَكَمْ قَدَّ هَذَا الدَّهْرُ مِنْ قَدِّ شَادِنٍ ... كُئوساً وَإِبْرِيقاً لِصَافِيَةِ الْخَمْرِ
121
وَلَكَمْ شَرِبْتُ الرَّاحَ حَتَّى إنْ أَغِبْ ... فِي الرَّمْسِ ضَاعَ مِنَ التُّرَابِ عَبِيْرُهَا
أَوْ مَرَّ مَخْمُورٌ عَلَى قَبْرِي انْتَشَا ... مِنْهَا وَأَفْقَدَهُ النُّهَى تَأْثِيرُهَا
122
عَلاَمَ تَأْسَى لِلذَّنْبِ يَا عُمَرُ ... مَاذَا تُفِيدُ الْهُمُومُ وَالْفِكَرُ
لاَ عَفْوَ عَمَّنْ لَمْ يَجْنِ مَعْصِيَةً ... الْعَفْوُ عَمَّنْ عَصَى فَمَا الْحَذَرُ
123
إِلَى مَ بِهَذَا الْحِرْصِ تَقْضِي مَدَى الْعُمْر ... وَتُصْبِحُ لِلإِثْرَاءِ وَالْفَقْرِ فِي فِكْرِ
أَلاَ اشْرَبْ فَعُمْرٌ سَوْفَ يُعْقِبُهُ الرَّدَى ... حَقِيقٌ بِأَنْ تَقْضِيهِ بِالنَّوْمِ وَالسُّكْرِ
124
مُذِ ازْدهَرَتْ بِالْبَدْرِ وَالزُّهْرَةِ السَّمَا ... إِلَى الآنَ لَمْ يُوْجَدْ أَلَذُّ مِنَ الْخَمْرِ
فَيَا عَجَبِي مِنْ بَائِعِ الرَّاحِ هَلْ يَرَى ... أَعَزَّ مِنَ الصَّهْبَاءِ إِنْ بَاعَهَا يَشْرِي
125
إِنَّ دِينِي الْهَنَا وَرَشْفُ الْحُمَيَّا ... وَابْتِعَادِي عَنْ كُلِّ دِينٍ وَكُفْرِ
قُلْتُ مَاذَا يَكُوْنُ مَهْرُ عَرُوْسِ الدَّ ... هْرِ قَالَتْ جَذْلاَنُ قَلْبِكَ مَهْرِي
126
كَانَ يَبْدُو قَبْلِي وَقَبْلَكَ صُنْجٌ ... وَدُجىً وَالسَّمَا تَدُورُ لأَمْرِ
طَأْ بِرِفْقٍ هَذَا التُّرَابَ فَقِدْمَا ... كَانَ إِنْسَانَ عَيْنِ ظَبْيٍ أَغَرِّ
127
إِنْ كُنْتُ قَبْلُ أَتَيْتُ الدُّ ... نيا بِدُوْنِ اخْتِيَار
وَسَوْفَ أَرْحَلُ حَتْماً ... عَنْهَا غَداً بِاضْطِرَارِ
فَقُمْ نَدِيمِي سَرِيعاً ... وَاعْقِدْ نِطَاقَ الإِزَارِ
فَسَوْفَ أَغْسِلُ هَمَّ الدُّ ... نْيَا بِصَافِي الْعُقَارِ
128
عِشْ وَالْمُدَامَ بِضَفَّةِ النَّهْرِ ... وَدَعِ الْهُمُومَ بِجَانِبٍ تَجْرِي
يَوْمَانِ ذَا الْعُمْرُ الثَّمِينُ فَعِشْ ... طَلْقَ الْمُحَيَّا بَاسِمَ الثَّغْرِ
129
شَاهَدْتُ أَلْفَي جَرَّةٍ فِي مَعْمَلٍ ... تَدْعُو وَلَمْ تَفْتَحْ بِنُطْقٍ فَاهَا
فَإِذَا بِإِحْدَاهَا تُنَادِي أَيْنَ مَنْ ... صَنَعَ الْجِرَارَ وَبَاعَهَا وَشَرَاهَا
130
كقَطْرَةٍ عَادَتْ إِلَى الْخِضَمِّ أَوْ ... كَذَرَّةٍ قَدْ رَجَعَتْ إِلَى الثَّرَى
أَتَيْتَ لِلدُّنْيَا وَعُدْتَ حَاكِياً ... ذُبَابَةً بَدَتْ وَغَابَتْ أَثَرَا
131
لَئِنْ عُمِّرْتَ صَاحِي أَلْفَ حَوْلٍ ... فَسَوْفَ تَعَافُ هَذِي الدَّارَ قَهْراً
وَإِنْ تَكُ سَائِلاً أَوْ رَبَّ تَاجٍ ... فَذَانِ غَداً سَيَسْتَوِيَانِ قَدْرَا
132
سَعَى لِقُصُوْرِ الْخُلْدِ وَالْحُوْرِ مَعْشَر ... وَإِنَّ فَرِيقاً بِالْجُزَافِ قَدِ اغْتَرَّا
سَيَبْدُو لَهُمْ إِنْ يَنْجَلِ السِّتْرُ أَنَّهُمُ ... نَأَوا عَنْكَ أَقْصَىالنَّأْيِ فِي ذَلِكَ الْمَسْرَى
133
كُلُّ عُشْبٍ يَبْدُو بِضِفَّةِ نَهْرِ ... قَدْ نَمَا مِنْ شِفَاهِ ظَبْيٍ أَغَرِّ
لاَ تَطَأْ وَيْحَكَ النَّبَاتَ احْتِقَاراً ... فَهُوَ نَامٍ مِنْ مُزْهِرِ الْخَدِّ نَضْرِ
134
مَا بَيْنَ أُفْقٍ لاَ ظُهُوْرَ لِغَورِهِ ... إِشْرَبْ فَإِنَّ الدَّهْرَ لَجَّ بِجَورِهِ
وَاجْرَعْ بِدَوْرِكَ صَابِراً كَأْسَ الرَّدَى ... فَالْكُلُّ سَوْفَ يَذُوْقُهَا فِي دَوْرِهِ
135
لأَرْتَشِفُ الْمُدَامَةَ أَيَّ وَقْتٍ ... وَإِنْ يَكُ أَشْرَفَ الأَوْقَاتِ قَدْرَا
مَلأْتُ الدِّنَّ مِنْ عِنَبٍ حَلاَلٍ ... فَقُلْ لِلَّهِ لاَ يَجْعَلْهُ خَمْرَا
136
أَيَا فَلَكاً يَجْرِي بِبُؤْسِيَ خَلِّنِي ... فَلَسْتُ حَرِيّاً أَنْ تَسُوْمَنِي الأَسْرَا
إِذَا كُنْتَ تَهْوَى غَيْرَ حُرٍّ وَعَاقِلٍ ... فَلَسْتُ كَمَا قَدْ خِلْتَنِي الْعَاقِلَ الْحُرَّا
137
أَلاَ لَيْتَ الثّوَاءَ يَكُوْنُ أَوْ أَنْ ... يَكُوْنَ لَنَا انْتِهَاءٌ فِي الْمَسِيرِ
وَلَيْتَ لَنَا وَإِنْ سَلَفَتْ قُرُوْنٌ ... رَجَاءً أَنْ سَنَنْبُتَ كَالزُّهُوْرِ
138
رَأَيْتُ فِي حَانَةٍ شَيْخاً فَقُلْتُ لَهُ: ... " أَلاَ تُخَبِّرُنَا عَمَّنْ مَضَوا خَبَرَا "
قَالَ: " ارْتَشِفْهَا فَكَمْ أَمْثَالُنَا رَحَلُوا ... وَلَمْ يَعُودُوا وَلَمْ نَشْهَدْ لَهُمْ أَثَرَا
139
مَرَرْتُ بِمَعْمَلِ الْخَزَّافِ يَوْماً ... وَكَانَ يَجِدُّ فِي الْعَمَلِ الْخَطِيرِ
وَيَصْنَعُ لِلْجِرَارِ عُرىً ثَرَاهَا ... يَدُ الشَّحَّاذِ أَوْ رَأْسُ الأَمِيرِ
140
عَاطِنِي الرَّاحَ فَهْيَ قُوْتٌ لِنَفْسِي ... وَاسْقِنِيهَا وَإِنْ تَزِدْ فِي خَمَارِي
إِنَّ هَذِي الدُّنْيَا أَسَاطِيرُ وَهْمٍ ... وَخَيَالٍ وَالْعُمْرُ كَالرِّيحِ سَارِي
141
رَأَيْتُ فِي السُّوْقِ خَزَّافاً غَدَا دَئِباً ... يَدُوْسُ فِي الطِّيْنِ رَكْلاً غَيْرَ ذِي حَذَرِ
وَالطِّيْنُ يَدْعُوْ لِسَانُ الْحَالِ مِنْهُ أَلاَ ... قَدْ كُنْتُ مِثْلَكَ فَارْفِقْ بِي وَلاَ تَجُرِ
142
قِيْلَ خُلْدٌ غَداً وَحُوْرٌ وَكَوْثَرْ ... أَنْهُرٌ مِنْ طِلاً وَشَهْدٍ وَسُكَّرْ
فَعَلَى ذِكْرِهَا أَدِرْ لِيَ كَأْساً ... إِنَّ نَقْداً مِنْ أَلْفِ دَيْنٍ لأَجْدَرْ
143
يَقُوْلُونَ حُوْرٌ فِي الْغَدَاةِ وَجَنَّةٌ ... وَثَمَّةَ أَنْهَارٌ مِنَ الشَّهْدِ وَالْخَمْرِ
إِذَا اخْتَرْتُ حَوْرَاءً هُنَا وَمُدَامَةً ... فَمَا البَأْسُ فِي ذَا وَهُوَ عَاقِبَةُ الأَمْرِ
144
كَمْ فِتْنَةٍ قِدْماً أَثَارَ مِنَ الثَّرَى ... إِذْ كَوَّنَ الْبَارِي ثَرَايَ وَصَوَّرَا
أَنَا لاَ أُطِيقُ تَرَقِيَا عَمَّا أَنَا ... فِيهِ فَطِينِي أَفْرَغُوْهُ كَمَا تَرَى
145
فِيْمَ وَرَوْضُ سَعْدِكَ الْيَوْمَ زَهَى ... كَفُّكَ مِنْ كَأْسِ الْمُدَامِ تُصْفِرُ
إِشْرَبْ فَهَذَا الدَّهْرُ خَصْمٌ غَادِرٌ ... وَنَيْلُ مِثْلِ الْيَوْمِ سَوْفَ يَعْسُرُ
146
هَاتِ ذَؤُبَ الْعَقِيقِ وَسَطَ زُجَاجٍ ... هَاتِ خَيْرَ الْجَلِيسِ لِلأَحْرَارِ
إِنَّمَا عَالَمُ التُّرَابِ كَرِيحٍ ... يَنْقَضِي مُسْرِعاً فَجِئْ بِالْعُقَارِ
147
مَا تَصْنَعُ الأَفْلاَكُ يَوْماً طِيْنَةً ... إِلاَّ وَتَكْسِرُهَا وَتُرْجِعُهَا الثَّرَى
لَوْ كَانَ يَحْتَمِلُ السَّحَابُ ثَرىً غَدَا ... لِنُشُوْرِنَا بِدَمِ الأَعِزَّةِ مُمْطِرَا
148
إِذَا كُنْتَ تَسْعَى فِي الْحَيَاةِ لِمَطْعَمٍ ... إِلَى مَشْرَبٍ أَوْ مَلْبَسٍ فَلَكَ الْعُذْرُ
وَفِيمَا عَدَا هَاتِيكَ فَالسَّعْيُ ذَاهِبٌ ... هَبَاءً فَحَاذِرْ أَوْ يَضِيعَ بِهِ الْعُمْرُ
149
غَسَلَ الرَّبِيعُ بِغَيْثِهِ الصَّحْرَاءَ وَالأَ ... فْرَاحُ عَادَتْ لِلزَّمَانِ فَأَزْهَرَا
شَرْبَ وَمُخْضَرَّ الْعِذَارِ بِرَوْضَةٍ ... لِتَسُرَّ مَنْ مِنْ رَمْسِهِ اخْضَرَّ الثَّرَى
150
مَتَى اقْتَلَعَتْ كَفُّ الْمَنِيَّةِ دَوْحَتِي ... وَعُدْتُ لَدَى أَقْدَامِهَا أَتَعَفَّرُ
فَلاَ تَصْنَعُوا طِينِي سِوَى كُوْزِ قَرْقَفٍ ... عَسَى يَمْتَلِي بِالرَّاحِ يَوْماً فَأُنْشَرُ
151
لَمْ يَبْقَ مِنِّي فِي الدُّنْيَا سِوَى رَمَقٍ ... وَلَيْسَ فِي الْيَدِ مِنْ صَحْبِي سِوَى الْكَدَرِ
لَمْ يَبْقَ لِي مِنْ طِلاَ أَمْسِ سِوَى قَدَحٍ ... وَلَسْتُ أَعْلَمُ مَا الْبَاقِي مِنَ الْعُمُرِ
152
حَتَّى مَ ذِكْرُكَ لِلْجِنَا ... نِ أَوْ الْجَحِيمِ الْمُسْعَرَه
وَإِلَى مَتَى سُرُجُ الْمَسَا ... جِدِ أَوْ بُخُوْرُ الأَدْيِرَهْ
أُنْظُرْ إِلَى لَوْحِ الْقَضَا ... وَاسْتَجِلْ وَاقْرَأْ أَسْطُرَهْ
فَالْلَّهُ قِدْماً كُلَّمَا ... هُوَ كَائِنٌ قَدْ قَدَّرَهْ
153
كُلُّ شَوْكٍ يَدُوْسُهُ حَيَوَانُ ... كَانَ صِدْغاً أَوْ حَاجِباً لِغَرِيرِ
وَكَذَا الْلِّبْنُ فِي ذُرَى كَلِّ قَصْرٍ ... رَأْسُ مَلْكٍ أَوْ إِصْبَعٌ لِوَزِيرِ
154
لاَ تَغْضَبَنَّ عَلَى النَّشَاوَى وَالْتَزِمْ ... حُسْنَ السُّلُوْكِ وَسِيرَةَ الأَخْيَارِ
وَاشْرَبْ فَلَسْتَ بِشُرْبِهَا أَوْ تَرْكِهَا ... تَرِدُ الْجِنَانَ وَأَنْتَ طُعْمَةُ نَارِ
155
أَخَافُ أَنْ لاَ أَعِيشَ بَعْدُ وَلاَ ... أُدْرِكَ جَمْعَ الرِّفَاقِ إِنْ حَضَرُوا
فَلْنَغْتَنِمْ لَحْظَةً نَعِيشُ بِهَا ... لَعَلَّ مِنْ بَعْدُ يَنْفَدُ الْعُمُرُ
156
قَالُوا أَلاَ إِنَّ النَّشَاوَى فِي لَظَى ... قَوْلٌ لَهُ عَقْلُ الْمُفَكِّرِ مُنْكِرُ
إِنْ كَانَ مَنْ يَهْوَى وَيَسْكَرُ فِي لَظَى ... سَتَرَى الْجِنَانَ كَرَاحَةِ الْيَدِ تُصْفِرُ
157
أَرَانِي مِنَ الصَّهْبَاءِ لَمْ أَصْحُ لَحْظَةً ... وَأَثْمَلُ حَتَّى إِنْ تَكُنْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ
أُعَانِقُ دِنّاً أَوْ أُقَبِّلُ أَكْؤُساً ... وَكَفِّي بِجِيدِ الْكُوْزِ تَبْقَى إِلَى الْفَجْرِ
158
وَشَيْخٌ بِنَوْمِ السُّكْرِ مُغْفٍ رَأَيْتُهُ ... وَلَمْ تَبْقَ فِيهِ فِطْنَةٌ وَشُعُوْرُ
حَسَاهَا وَأَغْفَى وَهُوَ نَشْوَانُ قَائِلاً ... إِلَهِي لَطِيفٌ بِالْعِبَادِ غَفُوْرُ
159
قَدْ قِيلَ لِي قَلِّلْ تَعَاطِي الْخَمْرِ ... بِأَيِّ عُذْرٍ لَمْ تَزَلْ فِي سُكْرِ
نُوْرُ الطِّلاَ عُذْرِي وَخَدُّ السَّاقِي ... فَهَلْ تَرَى أَوْضَحَ مِنْ ذَا الْعُذْرِ
160
إِنَّ أَجْرَامَ ذَا الرَّوَاقِ الْمُعَلَّى ... حَيَّرَتْ مِنْ ذَوِي النُّهَى الأَفْكَارَا
إِحْتَفِظْ فِي شَرِيفِ عَقْلِكَ وَأَنْظُرْ ... دَوْرَ هَذِي الْمُدَبِّرَاتِ حَيَارَى
161
قُمْ أَيُّهَا الشَّيْخُ الْلَّبِيبُ مُسَارِعاً ... وَانْظُرْ لِذَاكَ الطِّفْلِ يُذْرِي بِالثَّرَى
فَانْصَحْهُ أَنْ يُذْرِي بِرِفْقِ عَيْنَ بَرْ ... وَيْزٍ وَمُخِّ قُبَادَ سُلْطَانِ الْوَرَى
162
لَمْ يَهْنَ فِي هَذَا الزَّمَانِ سِوَى امْرِءٍ ... عَرَفَ الْوُجُودَ بِخَيْرِهِ وَبِشَرِّهِ
أَوْ غَافِلٍ عَنْ نَفْسِهِ وَزَمَانِهِ ... لَمْ يَدْرِ مَا فِي نَفْسِهِ أَوْ دَهْرِهِ
163
هَلِ الْجَامُ مَهْمَا تَمَّ صُنْعاً وَدِقَّةً ... يَرَى كَسْرَهُ مَنْ كَانَ مُنْتَشِياً سُكْرَا
فَفِيمَ بَرَى الْخَلاَّقُ سَاقاً لَطِيفَةً ... وَرَأْساً وَكَفّاً ثُمَّ يَكْسِرُهَا كَسْرَا
164
لَوْ كَانَ لِي كَالْلَّهِ فِي فَلَكٍ يَدٌ ... لَمْ أُبْقِ لِلأَفْلاَكِ مِنْ آثَارِ
وَخَلَقْتُ أَفْلاَكاً تَدُورُ مَكَانَهَا ... وَتَسِيرُ حَسْبَ مَشِيئَةِ الأَحْرَارِ
165
مَا أَسْرَعَ مَا يَسِيرُ رَكْبُ الْعُمْرِ ... قُمْ فَاغْنَمْ لَحْظَةَ الْهَنَا وَالْبِشْرِ
دَعْ هَمَّ غَدٍ لِمَنْ يَهِمُّوْنَ بِهِ ... وَالْلَّيْلُ سَيَنْقَضِي فَجِئ بِالْخَمْرِ
166
قَالُوا دَعِ الرَّاحَ سَتَلْقَى الْبَلاَ ... مِنْهَا وَتُلْقَى فِي لَظىً مُسْعَرَهْ
نَعَمْ وَلَكِنْ نَشْوَتِي لَحْظَةً ... أَحْلَى مِنَ الدُّنْيَا مَعَ الآخِرَهْ
167
أَوْجَدْتَنِي يَا رَبِّ مِنْ عَدَمٍ وَلِي ... أَسْدَيْتَ فَضْلاً مَا لَهُ مِقْدَارُ
عُذْرِي بِأَنِّي عِنْدَ حُكْمِكَ عَاجِزٌ ... مَا دَامَ يَوْماً مِنْ ثَرَايَ غُبَارُ
168
كَمْ جُبْتُ مِنْ وَادٍ وَسَهْلٍ دُوْنَ أَنْ ... أَحْظَى بِتَحْسِينٍ لِبَعْضِ أُمُوْرِي
قَدْ سَرَّنِي أَنَّ الْحَيَاةَ قَدِ انْقَضَتْ ... عَنِّي وَإِنْ تَكُ مَا انْقَضَتْ بِسُرُورِ
169
قَدْ دَاعَبَتْ رِيحُ الصَّبَا الْوَرْدَ وَقَدْ ... هَاجَ الْهِزَارَ حُسْنُهُ فَاسْتَبْشَرَا
إِجْلِسْ لَدَى الزَّهْرِ فَكَمْ عَلَى الثَّرَى ... تَنَاثَرَ الأَزْهَارُ إِذْ نَحْنُ ثَرَى
وَقد ورد البيت الثاني من الرباعية ... المذكورة بشكلٍ آخر هذا تعريبه:
إِجْلِسْ بِظِلِّ الزَّهْرِ فَالأَزْهَارُ كَمْ ... مِنَ الثَّرَى بَدَتْ وَعَادَتْ لِلثَّرَى
170
أَلاَ لَيْتَ رَبِّي يَقْلِبَ الْكَونَ بَغْتَةً ... وَيُنْشِؤُهُ حَالاً لأَنْظُرَ مَا يَجْرِي
فَإِمَّا يَزِيدُ الرِّزْقُ لِي أَوْ يُمِيتُنِي ... وَيَمْحُو اٍسْمِيَ الْمَسْطُورَ مِنْ دَفْتَرِ الدَّهْرِ
171
هَاتِ الْمُدَامَ فَفِي الْفُؤَادِ لَوَاعِجٌ ... وَالْعُمْرُ مِثْلُ الزِّئْبَقِ الْفَرَّارِ
إِنْهَضْ فَيَقْظَةُ عُمْرِنَا نَوْمٌ وَمَا ... نَارُ الصِّبَا إِلاَّ كَمَاءٍ جَارِي
172
قَالُوا سَيَشْتَدُّ الْحِسَابُ بِنَا غَداً ... وَيَضِيقُ صَدْرُ حَبِيبِنَا فِي الْمَحْشَرِ
أَيَكُونُ مِنْ حَسَنٍ سِوَى حَسَنٍ إِذَنْ ... حَسُنَتْ عَوَاقِبُنَا فَطِبْ وَاسْتَبْشِرِ
173
سَأَلْتُكَ هَلْ زَادَتْ بِمُلْكِكَ طَاعَتِي ... وَهَلْ أَنْقَصَتْ مِنْهُ خَطاَيَايَ مِنْ قَدْرِ
فَدَعْنِي وَدَعْ نَصْرِي فَطَبْعُكَ بَانَ لِي ... سَرِيعٌ لِخِذْلاَنٍ بَطِيءٌ عَنِ النَّصْرِ
174
أُسْلُكْ سَبِيلَ بَنِي الْحَانَاتِ وَاسْعَ إِلَى ... رَاحٍ وَعُودٍ وَظَبْيٍ يبهج النظرا
في الكف كأس ُ وفوق المتنِ كُوزُ طِلا ... إشْرَبْ حَبِيبِي الْحُمَيَّا وَاتْرُكِ الْهَذَرَا
175
لم يَنَمُ فِي الصَّحْرَاءِ رَوْضُ شَقَائِقٍ ... إلا وكان دماً جرى لأميرِ
وَكَذَاكَ كُلُّ وُرَيْقَةٍ بِبَنَفْسَجٍ ... خال ُبدا منا بِخدِ غريرِ
176
إِنْ كُنْتَ تَفْقَهُ يَا هَذَا الْفَقِيهُ فَلِمْ ... تلحو فلاسفةً دانو بأفكار
هُمْ يَبْحَثُونَ عَنِ الْبَارِي وَصَنْعَتِهِ ... وانْتَ تبْحث ُعن حيضٍ وأقْذارِ
177
أَتَدْرِي لِمَاذَا يُصْبِحُ الدِّيْكُ صَائِحاً ... يُرَدِّدُ لَحْنَ النَّوْحِ فِي غُرَّةِ الْفَجْرِ
يُنَادِي لَقَدْ مَرَّتْ مِنَ الْعُمْرِ لَيْلَةٌ ... وَهَا أَنْتَ لَمْ تَشْعُرْ بِذَاكَ وَلَمْ تَدْرِي
178
هَذَا الْفَضَاءُ الَّذِي فِيهِ نَسِيرُ حَكَى ... فَانُوسَ سِحْرٍ خَيَالِياً لَدَى النَّظَرِ
مِصْبَاحُهُ الشَّمْسُ وَالْفَانُوسُ عَالَمُنَا ... وَنَحْنُ نَبْدُوْ حَيَارَى فِيهِ كَالصُّوَرِ
179
إِذَا لَمْ أَنَلْ وَرْداً فَحَسْبِيَ شَوْكُهُ ... وَإِنْ لَمْ أَنَلْ نُوْراً كَفَتْ عِنْدِيَ النَّارُ
وَإِنْ لَمْ أَكُنْ شَيْخاً بِبُرْدٍ وَتَكْيَةٍ ... فَحَسْبِيَ نَاقُوْسٌ وَدَيْرٌ وَزِنَّارُ
180
دَخَلْتُ فِي الْحَانِ نَشْوَاناً وَكَانَ بِهِ ... شَيْخٌ عَلَى مَتْنِهِ كُوْزٌ وَقَدْ سَكِرَا
فَقُلْتُ هَلاَّ مِنَ الْلَّهِ اعْتَرَاكَ حَيّاً ... قَالَ احْسِهَا فَهْوَ يَعْفُوْ وَاتْرُكِ الْهَذَرَا
[حرف الزاي]
181
عَنِ الْهَمِّ أَعْرِضْ مَا اسْتَطَعْتَ وَلاَ تَدَعْ ... لِمَا مَرَّ أَوْ مَا لَم يَرِدْ فِي الْحَشَا وَخْزَا
وَعِشْ وَارْتَشِفْ وَاهْنَأْ فَلَسْتَ بِآخِذٍ ... لِرَمْسِكَ مِنْ فَلْسٍ وَإِنْ تَمْتَلِكْ كَنْزَا
حرف السّين
182
يَا لِهَذَا الْقَلْبِ الْبَئِيسِ الْمُعَنَّى ... لَمْ يُفِقْ مِنْ هَوَى الْحَبِيبِ الْقَاسِي
مُذْ أَدَارُوا سُلاَفَةَ الْحُبِّ قِدْماً ... مَلأوا مِنْ دَمِ الْحُشَاشَةِ كَاسِي
183
حَتَّى مَ أُصْبِحُ فِي هَمٍّ بِأَنِّيَ هَلْ ... أَهْنَى وَأَحْزَنُ أَوْ أُثْرِي وَأَبْتَئِسُ
هَاتِ الْمُدَامَ فَإِنِّي لَسْتُ أَعْلَمُ هَلْ ... مَتَى زَفَرْتُ لِصَدْرِي يَرْجِعُ النَّفَسُ
184
الرَّاحُ أَطْيَبُ لِي مِنْ مُلْكِ طُوْسَ وَمِن ... سَرِيرِ كِسْرَى وَتَخْتِ الْمَلْكِ قَابُوْسِ
وَإِنَّمَا أَنَّةُ السِّكِّيْرِ فِي سَحَرٍ ... خَيرٌ مِنَ الزُّهْدِ وَالتَّقْوَى بِتَدْلِيسِ
185
رُبَّ طَيرٍ فِي طُوْسَ أَلْقَى لَدَيْهِ ... رَأْسَ قَابُوْسَ ذِي الْعُلَى وَالْبَاسِ
وَهُوَ يَدْعُوْهُ أَيُّهَا الرَّأْسُ لَهْفاً ... أَيْنَ صَوْتُ الطُّبُوْلِ وَالأَجْرَاسِ
186
أَلاَ قُمْ لِنَحْسُوهَا وَنُعْمِلَ عُودَنَا ... وَنُبْدِلَ حُسْنَ الصِّيتِ بِالْعَارِ وَالرِّجْسِ
وَدَعْنًا نًبِعْ بِالْكَأْسِ سَجَّادَةَ التُّقَى ... وَنَكْسِرُ فَوْقَ الصَّخْرِ قَارُورَةَ الْقُدْسِ
187
إِنْ اشْتَهَرْتَ فَشَرُّ النَّاسُ أَنْتَوَ ... إنْ كُنْتَ انْزَوَيْتَ فَقَدْ عَانَيْتَ وُسْوَاساً
لَوْ كُنْتَ خِضْراً وَإِلْيَاساً سُعِدْتَ بِأَنْ ... لاَ تُعْرَفَنَّ وَأَنْ لاَ تَعْرِفَ النَّاسَا
188
دَعْ كُلَّ مَفْرُوضٍ وَمَنْدُوْبٍ وَمِنْ ... قُوْتٍ لَدَيْكَ فَأَطْعِمَنَّ النَّاسَا
لاَ تُؤْذِ خَلْقَ الْلَّهِ أَوْ تَغْتَبْهُمُ ... وَأَنَا الضَّمِينُ غَداً فَهَاتِ الْكَاسَا
189
يَا خَمْرُ مَا أَحْلاَكِ وَسْطَ زُجَاجَةٍ ... تَاللَّهِ أَنْتِ عِقَالُ عَقْلِ الْحَاسِي
لاَ تُمْهِلِينَ مَنِ احْتَسَاكِ هُنَيْهَةً ... حَتَّى تُبِينِي كُنْهَهُ لِلنَّاسِ
190
إِذَا ازْدَانَتِ الدُّنْيَا لَدَيْكَ فَلاَ تَثِقْ ... بِمَا لَمْ يَثِقْ فِيهِ لَبِيبُ وَكَيِّسُ
فَمِثْلُكَ كَمْ آتٍ إِلَيْهَا وَذَاهِبٍ ... فَقُمْ وَاخْتَلِسْ حَظاً بِهَا فَسَتُخْلَسُ
191
مَرَّتْ لَيَالٍ نَحْنُ لَمْ نُغْمِضْ بِهَا ... طَرْفاً وَلَمْ نَتْرُكْ دِهَاقَ الْكَاسِ
قُمْ نَحْسُهَا قَبْلَ الصَّبَاح فَكَمْ لَهُ ... نَفَسٌ وَنَحْنُ لَقىً بِلاَ أَنْفَاسِ
192
لَمْ يَبْقَ غَيْرُ اسْمٍ مِنَ الْلَّذَاتِ أَوْ ... غَيْرُ السُّلاَفَةِ مِنْ جَلِيسٍ كَيِّسِ
لاَ تُلْقِ مِنْ يَدِكَ الْمُدَامَ فَمَا بَقِي ... فِي الْكَفِّ هَذَا الْيَوْمَ غَيْرُ الأَكْؤُسُ
حرف الشّين
193
هاتِ الْمُدَامَ فَمَا الدُّنْيَا سِوَى نَفَسِ ... يَكْفِيكَ عَيْشُكَ آناً مِنْهُ مُنْتَعِشَا
إِهْنَأْ بِكُلِّ الَّذِي يَأْتِي الزَّمانُ بِهِ ... فَلَيْسَ يَجْرِي كَمَا يَهْوَى امْرُؤٌ وَبَشَا
حرف الصّاد
194
لَوْ تَسْقِي الطَّوْدَ لاَعْتَرَاهُ الرَّقْص ... مَنْ يَنْتَقِصِ الرَّاحَ فَفِيهِ النَّقْصُ
حَتَّى مَ تَقُولُ لِي عَنِ الرَّاحِ فَتُبْ ... هَذِي رُوْحٌ بِهَا يُرَبَّى الشَّخْصُ
حرف الضّاد
195
أُنْظُرِ الْعُمْرَ كَيْفَ يَمْضِي حَزِيناً ... فَابْتَدِرْهُ فَسَوْفَ يُودِي وَيَقْضِي
مَا رَأَيْتُ الْهَنَاءَ عُمْرِي فَلَهْفِي ... لِحَيَاةٍ كَذَا تَمُرُّ وَتَمْضِي
196
إِذَا مَا أَتَيْنَا خَاشِعِينَ لِمَسْجِدٍ ... فَلَمْ نَأْتِ نَقْضِي لِلصَّلاَةِ فُرُوضَهَا
وَلَكِنْ سَرَقْنَا مِنْهُ سَجَّادَةً وَمُذْ ... عَرَاهَا الْبِلَى جِئْنَا لِكَيْ نَسْتَعِيضَهَا
[حرف العين]
197
مَا أَهْرَقَ السَّاقِي سُلاَفاً فِي الثَّرَى ... إِلاَّ وَأَطْفَأَ نَارَ قَلْبٍ مُوْلَعِ
أَتَظُنُّ رَاحاً ذَلِكَ الْمَاءَ الَّذِي ... يُوْدِي بِمَائَةِ عِلَّةٍ فِي الأَضْلُعِ
198
إِلَهِي وَمُجْرِي كُلِّ حَيٍّ وَمَيِّتٍ ... وَرَبَّ السَّمَا ذَاتِ النُّجُومِ السَّوَاطِعِ
لَئِنْ كُنْتُ ذَا ٍسُوْءٍ فَإِنَّكَ سَيِّدِي ... وَمَا هُوَ ذَنْبِي إِنْ تَكُنْ أَنْتَ صَانِعِي
199
الدَّهْرُ مِنْ عُمْرِيَ لَحْظَةٌ وَمَا ... جَيْحُونُ إِلاَّ قَطْرَةٌ مِنْ أَدْمُعِي
النَّارُ مِنْ أَحْزَانِنَا شَرَارَةٌ ... وَالْخُلْدُ لَحْظَةُ الْهَنَاءِ الْمُسْرِعِ
200
كُنْتُ بَازاً فَطِرْتُ مِنْ عَالَمِ السِّ؟ ... رِّ لأَغْدُو عَنِ الْحَضِيضِ رَفِيعَا
حَيْثُ إِنِّي لَمْ أَلْقَ لِلسِّرِّ أَهْلاً ... عُدْتُ مِنْ حَيْثُ قَدْ أَتَيْتُ سَرِيعَا
201
إِنْ يَهْوِ كَالْكُرَةِ الْوُجُودُ بِهُوَّةٍ ... لَمْ يَعِينِي وَأَنَا بِسُكْرِيَ هَاجِعُ
بِالأَمْسِ فِي حَانِ الْمُدَامِ رُهِنْتُ وَا لْ؟ ... خَمَّارُ كاَنَ يَقُولُ " رَهْنٌ نَافِعُ "
202
ذُ الْلُّبِّ لاَ يُصْبِحُ فِي هَمٍّ عَدِيمِ الْمَنْفَعَةْ ... وَيَشْرَبُ الرَّاحَ تِبَاعاً فِي كُؤُوْسٍ مُتْرَعَةْ
أَلْهَمُّ فِي الْقَلْبِ وَفِي الْكُوْزِ الْمُدَامُ مُودَعَةْ ... بُؤْساً لِمَنْ عَافَ الطِّلاَ وَاحْتَمَلَ الْهَمَّ مَعَهْ
203
إذَا كَانَ يَجْرِي الدَّهْرُ عَكْسَ مَرَامِنَا ... فَهَلْ جِدُّنَا يُجْدِي أَوِ الْفِكْرُ يَنْفَعُ
جَلَسْنَا زَمَاناً حَائِرِينَ لأَنَّنَا ... إِلَى الْعَيشِ أَبْطَأْنَا وَلِلْمَوْتِ نُسْرِعُ
[حرف الفاء]
204
نَحْنُ نَبِيعُ التَّخْتَ وَالتَّ؟ ... اجَ بِصَوْتِ الْمِعْزَفِ
وَنَشْتَرِي بِسُبْحَةِ الرِّ ... يَاءِ كَأْسَ قَرْقَفِ
205
مَرَرْتُ أَمْسِ بِخَزَّافٍ يُدَقِّقُ فِي ... صُنْعِ الثَّرَى دَائِباً مِنْ دُوْنِ إِنْصَافِ
شَاهَدْتُ إِنْ لَمْ يُشَاهِدْ غَيْرُ ذِي بَصَرٍ ... ثَرَى جُدُودِي بِكَفَّي كُلِّ خَزَّافِ
206
حُسْنُ الأُمُورِ وَقُبْحُهَا مِنْ نَحْوِنَا ... وَمِنَ الْقَضَا فَرَحٌ وَحُزْنٌ مُدْنِفُ
لاَ تَعْزُ لِلأَفْلاَكِ تِلْكَ فَإِنَّهَا ... أَوْهَى بِشَرْعِ الْحُبِّ مِنْكَ وَأَضْعَفُ
207
مَنْ نَالَ فِي الْيَوْمَينِ جُرْعَةَ مَاءٍ ... مِنْ جَرَّةٍ مَكْسُورَةٍ وَرَغِيفَا
لِمَ يَغْتَدِي عَبْداً لِمَنْ هُوَ مِثْلُهُ ... أَوْ سَائِماً مَنْ دُونَهُ تَكْلِيفَا؟
208
قُمْ نَصْطَبِحْهَا خَمْرَةً وَرْدِيَّةً ... فِي رَنَّةِ الْعُودِ وَصَوْتِ الْمِعْزَفِ
أُصْحُ فَأَيَّامُ التَّرَاوِيحِ انْقَضَتْ ... وَالْيَومَ عِيدٌ فَلْنَسِرْ لِلْقَرْقَفِ
209
يَا دَهْرُ هَلْ بِالَّذِي تَأْتِيهِ تَعْتَرِفُ ... أَلَمْ تَزَلْ بِزَوَايَا الظُّلْمِ تَعْتَكِفُ
تُعْطِي الْلَّئِيمَ نَعِيماً وَالْكَرِيمَ عَناً ... لاَ شَكَّ إِمَّا حِمَارٌ أَنْتَ أَوْ خَرِفُ
210
غَداً إِذَا مَا كَانَ يَومُ الْجَزَا ... قَدْرُكَ يَغْدُ وَحَسَبَ الْمَعْرِفَهْ
فَنَلْ صِفَاتٍ حُسُنَتْ إِنَّمَا ... تُحْشَرُ إِنْ مُتَّ بِشَكْلِ الصِّفَهْ
211
أَلْبَحْثُ فِي الدَّهْرِ لَمْ يُثْمِرْ لَنَا ثَمَراً ... فَمَا نَحَاهُ امْرُؤُ بِالْحِكْمَةِ اتَّصَفَا
كُلُّ امْرِئٍ هَزَّ غُصْناً مِنْهُ مُضْطَرِباً ... الْيَوْمُ كَالأَمْسِ وَالآتِي كَمَا سَلَفَا
212
يَدٌ لِيَ فِي جَامٍ وَأُخْرَى بِمُصْحَفٍ ... وَطَوْراً أَنَا الْجَانِي وَطَوْراً أَنَا الْعَفُّ
أَعِيشُ وَمَا لِي تَحْتَ ذَا الأُفْقِ مَبْدَأٌ ... فَلاَ مُسْلِمٌ مَحْضٌ وَلاَ كَافِرٌ صِرْفُ
[حرف القاف]
213
تَوَضَّأْ إِذَا مَا كُنْتَ فِي الْحَانِ بِالطِّلاَ ... فَمَنْ يَفْتَضِحْ شَأْناً فَلاَ يَرْجُ أَنْ يَرْقَى
أَدِرْ لِي الْحُمَيَّا إِنَّ سِتْرَ عَفَافِيَا ... قَدِ انْشَقَّ حَتَّى لاَ نُطِيقَ لَهُ رَتْقَا
214
إِنَّ مَنْ لاَزَمُوا الْمَحَارِيبَ لَيلاً ... وَالأُلَى عَاقَرُوا كُؤُوْسَ الرَّحِيقِ
غَرِقَ الْكُلُّ مَا بِهِمْ قَطُّ نَاجٍ ... وَغَفَوْا كُلُّهُمْ فَمَا مِنْ مُفِيقِ
215
هَاتِهَا كَالشَّقِيقِ أَوْ كَالْعَقِيقِ ... وَأَسِلْ بِالدِّمَا فَمَ الإِبْرِيقِ
مَا لِيَ الْيَومَ غَيرُ كَأْسِ الْحُمَيَّا ... مِنْ صَدِيقٍ صَافِي الضَّمِيرِ رَفِيقِ
216
لاَ يَرُوقُ الْوُجُودُ مِنْ دُونِ سَاقِي ... وَمُدَامٍ وَصَوْتِ نَايٍ عِرَاقِي
لاَ أَرَى الْعَيْشَ مَا تَفَكَّرْتُ فِيهِ ... غَيْرَ نَيْلِ السُّرُورِ بَينَ الرِّفَاقِ
217
مَتَى انْبَلَجَ الصُّبْحُ الْمُشَعْشِعُ فَلْيَكُنْ ... بِكَفِّكَ لِلصَّهْبَاءِ جَامٌ مُرَوَّقُ
يَقُولُونَ إِنَّ الرَّاحَ مُرٌّ مَذَاقُهَا ... فَقُلْتَ إِذنْ فَالرَّاحُ حَقٌّ مُحَقَّقُ
218
الدَّهْرُ مَا صَافَى امْرَأً كَلاَّ وَكَمْ ... مِنْ عَاشِقٍ أَرْدَى وَمِنْ مَعْشُوقِ
مَنْ مَاتَ لاَ يَحْيَى لَعَمْرُكَ مَرَّةً ... أُخْرَى فَبَادِرْ وَاحْسُ جَامَ رَحِيقِ
219
فَكَّرَتْ فِي الدِّينِ أَقْوَامٌ كَمَّا ... حَارَ بَينَ الشَّكِّ وَالْقَطْعِ فَرِيقْ
فَإِذَا الْهَاتِفُ يَدْعُوهُمْ أَيَا ... بُلْهُ لاَ هَذَا وَلاَ ذَاكَ الطَّرِيقْ
220
زَيَّنْتَ وَجْنَةَ ذَيَّاكَ الْمَلِيحِ لَنَا ... يَا رَبِّ فِي سُنْبُلٍ كَالْمِسْكِ ذِي عَبَقِ
وَرُحْتَ تَأْمُرُ أَنْ لاَ تَنْظُرَنَّ لَهُ ... كَمَا تَقُولُ " أَمِلْ كَأْساً وَلاَ تُرِقِ "
221
يَحْلُوْ لَدَى النَّيْرُوزِ فِي الزَّهْرِ النَّدَى ... وَيَرُوقُ فِي الرَّوضِ المُحَيَّا الشَّائِقُ
الأَمْسُ مَرَّ فَمَا يَرُوقُ حَدِيثُهُ ... فَاهْنأْ وَدَع أَمْساً فَيَومُكَ رَائِقُ
222
مَا عِشْتَ أَسْرَ الدَّهْرِ فَاجْهَدْ وَارْتَشِفْ ... كَاسَ الطِّلاَ مَا دُمْتَ تَحْمِلُ طَوْقَهُ
إِنْ كَانَ أَوَّلُنَا وآخِرُنَا الثَّرَى ... فَاحْسَبْ كَأَنَّكَ فِي الثَّرَى لاَ فَوْقَهُ
223
لاَ أَنَا عَالِمٌ وَلاَ أَنْتَ سِرَّ ال؟ ... دَّهْرِ أَوْ حَلَّ مُشْكِلٍ مِنْهُ دَقَّا
نَتَظَنَّى خَلْفَ السِّتَارِ فَإِنْ زَا ... لَ فَلاَ أَنْتَ وَلاَ أَنَا ثَمَّ نَتْقَى
224
بِكَرِّ الرَّبِيعِ وَمَرِّ الشِّتَاءْ ... حَيَاتُكَ تَبْلَى وَأَوْرَاقُهَا
فَلاَ تَأْسَ وَاشْرَبْ فَإِنَّ الْهُمُو ... مَ هِيَ السُّمُّ وَالرَّاحُ تِرْيَاقُهَا
225
آنَ الصَّبُوحُ هَلُمَّ فَافْتَحْ حَانَنَا ... هَذِي ذُكَاءٌ تَهِمُّ بِالإِشْرَاقِ
إِنْ كَانَ يُسْرِعُ لِلْفَنَاءِ زَمَانُنَا ... فَهَلُمَّ فِي كَأْسٍ إِلَيَّ دِهَاقِ
226
إِنَّ هَذِي الْكَاسَ الظَّرِيفَةَ صُنْعاً ... كُسِرَتْ ثُمَّ أُلْقِيَتْ فِي الطَّرِيقِ
لاَ تَطَأْهَا وَيْكَ احْتِقَاراً فَقِدْماً ... صَنَعُوْهَا مِنْ كَأْسِ رَأْسٍ سَحِيقِ
227
رَاقَ الصَّبَاحُ فَقُمْ أِرِقْ بِزُجاَجَةٍ ... بَاقِي سُلاَقَةِ لَيْلِنَا يَا سَاقِي
ثُمَّ اسْقِنِي كَأْساً وَبَادِرْ لَحْظَةً ... مِنْ عُمْرِنَا سَتَزُولُ فَالْغَدُ بَاقِي
[حرف الكاف]
228
يَا قَلْبُ إِنْ يَمْنَحْكَ ذَا الدَّهْرُ الأَسَى ... وَسَيَفْجَعَنَّكَ بِاغْتِيَالِ حَيَاتِكَا
فَاغْنَمْ بِهَذَا الرَّوْضِ أَوْقَاتَ الْهَنَا ... قَبْلَ امْتِزَاجِ نَبَاتِهِ بِرُفَاتِكَا
229
لاَ تَدَعِ الْهَمَّ يَعْتَرِيكَ وَلاَ ... يَضِقْ بِكَ الْعَيْشُ وَاطَّرِحْ كَمَدَكْ
وَلاَزِمِ الرَّوْضَ وَالْمِيَاهَ وَطِبْ ... مَنْ قَبْلِ أَنْ يَعْصُرَ الثَّرَى جَسَدَكْ
230
أَلْقَيْتَ فِي كُلِّ مَنْهَجٍ شَرَكَا ... وَقُلْتَ مَنْ يَحْظُ خَطْوَةً هَلَكَا
بِالذَّنْبِ أَغْرَيْتَنِي وَتَنْسُبُ لِي ... ذَنْباً وَكُلُّ الأَحْكَامِ فِي يَدِكَا
231
قُمْ وَدَعْ هَمَّ عَالِمٍ سَوْفَ يَفْنَى ... وَاغْتَنِم لَحْظَةَ السُّرُورِ لَدَيْكَا
إِنْ يَكُنْ فِي الزَّمَانِ أَدْنَى وَفَاءٍ ... لَمْ تَصِلْ نَوْبَةُ الْهَنَاءِ إِلَيْكَا
232
كَيْفَ يَحُوْمُ الْقَلْبُ يَوْماً عَلَى ... غَيْرِكَ أَوْ يَبْغِي هَوَىً مَعْ هَوَاكْ
إِنَّ دُمُوعِي لَمْ تَدَعْ لَحْظَةً ... عَيْنِيَ تَرْنُوْ لِحَبِيبٍ سِوَاكْ
233
قُلْتُ سَأَتْرُكُ الشَّرَابَ تَائِباً ... فَهُوَ دَمُ الْكَرْمِ وَلَسْتُ أَسْفِكُهْ
قَالَ لِيَ الْعَقْلُ أَجِدّاً قُلْتَ ذَا؟ ... قُلْتُ لَقَدْ مَازَحْتُ، كَيْفَ أَتْرُكُهْ؟
234
يَا مَنْ يُفَكِّرُ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ ... بِالْعَيْشِ هَلاَّ خِفْتَ يَوْمَ رَدَاكَا
إِرْجِعْ لِنَفْسِكَ وَاصْحُ وَانْظُرْ لَحْظَةً ... فِعْلَ الزَّمَانِ وَصُنْعَهُ بِسِوَاكَا
235
أَنَا عَبْدُكَ الْعَاصِي فَأَيْنَ رِضَاكَا ... وَلَقَدْ دَعَى قَلْبِي فَأَيْنَ سَنَاكَا
إِنْ كَنْتَ تَمْنَحُنَا الْجِنَانَ بِطَاعَةٍ ... يَكُ ذَا لَنَا بَيْعاً فَأَيْنَ عَطَاكَا
حرف اللاّم
236
أَصْبَحْتُ بِالسُّكْرِ وَالصَّهْبَاءِ مُفْتَتِناً ... فَفِيمَ يُكْثِرُ لِي هَذَا الْوَرَى الْعَذَلاَ
يَا لَيْتَ كُلَّ حَرَامٍ مُسْكِرٌ لأَرَى ... فِي الْكَوْنِ كُلَّ فَتىً مِنْ ذَنْبِهِ ثَمِلاَ
237
عِشْ وَابْنَةَ الْكَرْمِ فِي هَنَاءٍ ... وَاشْرَبْ وَدَعْ بَاطِلَ الْخَيَالِ
فَالبِنْتُ مَهْمَا تَكُنْ حَرَاماً ... أَطْيَبُ مِنْ أُمِّهَا الْحَلاَلِ
238
أَرَى كُلَّ خِلاَّنِ الْوَفَاءِ تَفَرَّقُوا ... فَبَيْنَ صَرِيعٍ لِلرَّدَى وَقَتِيلِ
شَرِبْنَا شَرَاباً وَاحِداً غَيْرَ أَنَّهُمْ ... بِهِ ثَمِلُوا مِنْ قَبْلِنَا بِقَلِيلِ
239
أَيَا قَلْبُ مَا تَدْرِي بِسِرِّ أُوْلِي النُّهَى ... وَلَسْتَ لِذَا الرَّمْزِ الدَّقِيقِ تَرَى حَلاَّ
مِنَ الرَّاحِ فَاصْنَعْ هَا هُنَا لَكَ جَنَّةً ... فَثَمَّ جِنَانٌ هَلْ تَفُوْزُ بِهَا أَوْ لاَ
240
كَسَرْتُ كُوْزاً لِلطِّلاَ عَنْ جَهْلِ ... إِذْ كُنْتُ نَشْوَاناً سَلِيبَ الْعَقْلِ
فَرَاحَ يَدْعُوْ بِلِسَانِ الْحَالِ ... مِثْلَكَ قَدْ كُنْتُ وَتَغْدُوْ مِثْلِي
241
لَيسَ يَدْرِي سِرَّ الْوُجُودِ ابْنُ أُنْثَى ... وَبِتَكْوِينِهِ تَحَارُ الْعُقُولُ
مَا أَرَى لِلْفَتَى سِوَى الرَّمْسِ مَثْوىً ... وَهْوَ لَهْفِي حِكَايَةٌ سَتَطُوْلُ
242
إِنْ مُتُّ فَاكْتُمُوا رُفَاتِي وَاجْعَلُوا ... آخِرَ أَمْرِي عِظَةً بَيْنَ الْمَلاَ
وَبِالطِّلاَ امْزُجُوا ثَرَايَ وَاصْنَعُوا ... مِنْ طِينِهِ غِطَاءَ رَاقُودِ الطِّلاَ
243
ذَا يَوْمُكَ رَاقَ وَالْهَوَاءُ اعْتَدَلاَ ... وَالرَّوْضُ بِوَاكِفِ الْغُيُوثِ اغْتَسَلاَ
وَالْبُلْبُلُ بِالْبَهَارِ نَادَى جَذِلاَ ... قَدْ أَفْلَحَ مَنْ لأَكْؤُسِ الرَّاحِ جَلاَ
244
يَا صَنْمِي قُمْ وأْتِنِي مُعَجِّلاً ... وَحُلَّ فِي حُسْنِكَ لِي مَا أَشْكَلاَ
وَهَاتِنِي كُوْزَ الْمُدَامِ قَبْلَ أَنْ ... يُصْنَعَ مِنْ رُفَاتِنَا كُوْزُ الطِّلاَ
245
خَيَّامُ طِبْ إِنْ نِلْتَ نَشْوَةَ قَرْقَفٍ ... وَحَبَاكَ وَرْدِيُّ الْخُدُودِ وِصَالاَ
إِنْ كَانَ عَاقِبَةُ الْوُجُودِ هِيَ الْفَنَا ... فَافْرُضْ فَنَاكَ وَعِشْ سَعِيداً بَالاَ
246
إِذَا نِلْتَ رِطْلَيْ قَرْقَفٍ فَاحْسُ جَامَهَا ... بِكُلِّ اجْتِمَاعٍ رَاقَ أَوْ مَحْفَلٍ حَالِي
فَمَا يَعْتَنِي بَارِي الْوُجُودِ بِشَارِبٍ ... لِمِثْلِكَ أَوْ يَهْتَمُّ فِي ذَقْنِ أَمْثَالِي
247
دَعِ الْمَاضِي وَمَا سَيَجِيءُ وَانْعَمْ ... وَطِبْ نَفْساً بِكَاسَاتِ الشَّمُوْلِ
وَأَنْفُسُنَا مُعَارَاتٌ فَأَطْلِقْ ... سَرَاحَ النَّفْسِ مِنْ قَيْدِ الْعُقُوْلِ
248
أَخَذْتُ بِدَفْتَرِ الأَيَّامِ فَالاً ... فَجَاءَ نِدَاءُ ذِي ذَوْقٍ وَعَقْلِ
سَعِيدٌ مَنْ لَهُ إِلْفٌ كَبَدْرٍ ... يُنِيرُ وَلَيْلَةٌ فِي طُوْلِ حَوْلِ
249
كُلُّمَا قَدْ رَأَيْتَ فِي الدَّهْرِ وَهْمٌ ... وَالَّذِي قُلْتَ أَوْ سَمِعْتَ خَيَالُ
بَاطِلاً قَدْ غَدَوْتَ فِي الأَرْضِ تَعْدُوْ ... وَكَذَا الانْزِوَاءُ فِي الدَّارِ آلُ
250
أَعِبُّ الطِّلاَ عَمْداً وَمِثْلِي ذُو حِجِي ... لَهُ يَغْتَدِي عِنْدَ النُّهَى شُرْبُهَا سَهْلاَ
دَرَى الْلَّهُ قِدْماً بِارْتِشَافِيَ لِلطِّلاَ ... فَإِنْ أَجْتَنِبْهَا يَنْقَلِبْ عِلْمُهُ جَهْلاَ
251
يَا نَدِيمِي أَدِرْ عَقِيقَ الْحُمَيَّا ... وَأَرِحْنِي مِن هَمِّ قِيلٍ وَقَالِ
وَاسْعَ فِي كُوْزِهَا فَسَوْفَ تُسَوِّي ... مِنْ ثَرَانَا كُوْزاً أَكُفُّ الْلَّيَالِي
252
يَا قَلْبُ هَبْ أَنَّكَ نِلْتَ الأَمَلاَ ... وَرَوْضُ أَفْرَاحِكَ بِالنَّبْتِ حَلاَ
فَلَسْتَ فِي رَوْضِ الْهَنَا سِوَى نَدىً ... هَوَى لَدَى الْلَّيْلِ وَفِي الصُّبْحِ عَلاَ
253
كَمْ ضَرَبْنَا فِي كُلِّ قُطْرٍ وَفَجٍّ ... وَادِياً كَانَ أَوْ فَلاَةً وَسَهْلاَ
لَمْ نَجِدْ مَنْ يَقُوْلُ مَنْ عَادَ مِنْ ذَا ... كَ الطَّرِيقِ الَّذِي مَضَى فِيهِ قَبْلاَ
254
أُنْظُرْ لِسُوْءِ فِعَالِ أَفْلاَكِ السَّمَا ... وَانْظُرْ لِدَهْرِكَ مِنْ رِفَاقِكَ خَالِي
مَا اسْطَعْتَ فَاهْنَ الْيَوْمَ لاَ تَنْظُرْ غَداً ... أَومَا تَقَضَّى وَانْظُرَنَّ لِلْحَالِ
255
أُجِيلُ بِهَذَا الْكَوْنِ طَرْفِي مُدَقِّقاً ... وَأُمْعِنُ فِيهِ فِكْرَةً وَتَأَمُّلاَ
فَسُبْحَانَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ نَظَرْتُهُ ... رَأَيْتُ بِهِ يَأْسِي لِعَيْنِي مُمَثَّلاَ
256
نَفْسِي الْفِدَاءُ لِكُلِّ كُفْءٍ عَارِفٍ ... أَهْوِي عَلَى قَدَمَيْهِ غَيْرَ مُبَالِ
أَتُرِيدُ مَعْرِفَةَ الْجَحِيمِ بِكُنْهِهَا ... إِنَّ الْجَحِيمَ لَصُحْبَةُ الْجُهَّالِ
257
بَادِرْ زَمَانَكَ وَاحْسُ الرَّاحَ صَافِيَةً ... فَالْعُمْرُ يَوْمَانِ لَنْ نَلْقَاهُ إِنْ كَمُلاَ
تَدْرِي بِدُنْيَاكَ نَحْوَ الْعُدْمِ سَائِرَةً ... فَكُنْ نَهَاراً وَلَيْلاً بِالطِّلاَ ثَمِلاَ
258
قُمْ هَاتِهَا وَرْدِيَّةً مِسْكِيَّةً ... وَدَاوِ مِنْ هَذَا الْفُؤَادِ الْعِلَلاَ
وَإِنْ تَرُمْ مُفَرِّحاً يَجْلُوْ الأَسَى ... فَأَحْضِرِ الْعُوْدَ وَيَاقُوْتَ الطِّلاَ
259
أيا من أتى بي للوجود بقدرة ... وربيت في نعمائه أتدلل
سَأْمْتَحِنُ الْعِصْيَانَ مَائَةَ حَجَّةٍ ... لأَعْلَمَ ذَنْبِي أَمْ سَمَاحُكَ أَجْزَلُ
260
إِشْرَبْ فَكَمْ سَتَنَامُ فِي قَعْرِ الثَّرَى ... يَا صَاحِ دُوْنَ حَلِيلَةٍ وَخَلِيلِ
لاَ تُفْشِ ذَا السِّرَّ الْخَفِيَّ لَدَى امْرِئٍ ... لَنْ تَزْهُوَ الأَزْهَارُ بَعْدَ ذُبُولِ
261
إِنْ لَمْ يَكُنْ رَبِّيَ قَدْ شَاءَ مَا ... شِئْتُ فَهَلْ يُمْكِنُنِي فِعْلُهُ
فَإِنْ يَكُنْ شَاءَ صَوَاباً فَمَا ... شِئْتُ سِوَاهُ خَطَاءٌ كُلُّهُ
262
أَلْيَوْمَ مَا لَكَ فِي أَمْرِ الْغَدَاةِ يَدٌ ... وَلَيْسَ فِكْرُ غَدٍ إِلاَّ مِنَ الْخَبْلِ
فَاغْنَمْ بَقِيَّةَ عُمْرٍ إِنْ تَكُنْ يَقِظاً ... فَالْعُمْرُ يَفْنَى بِلاَ بُطْءٍ ولاَ مَهَلِ
263
لَمْ تَحْظَ يَا قَلْبِي بِغَيْرِ أَسىً وَمَا ... تَنْفَكُّ تَرْزَأُ بُكْرَةً وَأَصِيلاَ
يَا نَفْسُ فِيمَ تَخِذْتِ جِسْمِيَ مَسْكَناً ... إِنْ كُنْتِ عَنْهُ سَتُزْمِعِينَ رَحِيلاَ
[حرف الميم]
264
يُدَقِّقُ ذَلِكَ الْخَزَّافُ فِكْراً ... بِصُنْعِ الطِّيْنِ تَدْقِيقَ الْفَهِيمِ
إِلاَمَ يَسُوْمُهُ دَوْساً وَلَكْماً ... يَخَالُ الطِّينَ غَيْرَ ثَرَى الْجُسُومِ؟
265
وُجُودُ ذَا الْكَوْنِ مِنْ بَحْرِ الْخَفَاءِ بَدَا ... وَسِرُّهُ لَمْ يَبِنْ يَوْماً لَدَى الأُمَمِ
كُلُّ امْرِئٍ قَالَ وَهْماً عَنْ حَقِيقَتِهِ ... وَالْحَقُّ مَا فَاهَ فِيهِ وَاحِدٌ بِفَمِ
266
أَزْهَرَ الرَّوْضُ يَا نَدِيمِي فَبَادِرْ ... فَسَيَغْدُوْ ثَرىً وَيُمْسِي عَدِيمَا
إِرْتَشِفْ وَاقْتَطِفْ فَسَوْفَ تَرَى الْوَرْ ... دَ تُرَاباً وَالنَّبْتَ فِيهِ هَشِيمَا
267
إِنْ تَشْرَبِ الرَّاحَ فَاِشْرَبْ مَعْ ذَوِي أَدَبٍ ... أَوْ ذِي جَمَالٍ صَقِيلِ الْخَدِّ مُبْتَسِمِ
وَدَعْ تَعَاطِيَهَا بَيْنَ الْمَلاَ عَلَناً ... وَاشْرَبْ خَفَاءً وَلاَ تُكْثِرْ وَلا تُدِمِ
268
طَوَى الصُّبْحُ رَايَةَ جَيْشِ الظَّلاَمْ ... فَقُمْ يَا نَدِيمِي وَهَاتِ الْمُدَامْ
وَفُكَّ لَنَا نَرْجِسَ الْمُقْلَتَيْنْ ... وَقُمْ فَلَسَوْفَ تُطِيلُ الْمَنَامْ
269
حَتَّى مَ أَنْتَ أَسِيرٌ لِلَّوْنِ وَالطَّعْمِ وَالشَّمْ ... وَمُقْتَفٍ كُلَّ زَيْنٍ وَكُلَّ شَيْنٍ مُدَمَّمْ
فَإِنْ تَكُنْ مَاءَ عَيْنِ الْحَيَاةِ أَوْ بِئْرِ زَمْزَمْ ... سَتُودَعُ الرَّمْسَ حَتْمَا لَدَى الْقَضَاءِ الْمُحَتَّمْ
270
يَا نَفْسُ لاَ تَرْتَجِي مِنْ دَهْرِكِ الْكَرَمَا ... وَلاَ مِنَ الْفَلَكِ الدَّوَّارِ مُغْتَنَمَا
يَزِيدُ دَاؤُكَ إِنْ دَاوَيْتِهِ أَلَمَا ... فَأَعْرِضِي عَنْ دَوَاهُ وَأَحْمِلِي السَّقَمَا
271
سَنَفْنَى وَهَذَا الْكَوْنُ سَوْفَ يَدُوْمُ ... وَتَذْهَبُ أَسْمَاءٌ لَنَا وَرُسُوْمُ
كَمَا لَم نَكُنْ وَالْكَوْنُ كَانَ مُنَظَّماً ... سَنَفْنَى وَيَبْقَى بَعْدُ وَهْوَ نَظِيمُ
272
بَدَا الصُّبْحُ وَانْشَقَّ جَيْبُ الظَّلاَمْ ... فَقُمْ وَدَعِ الْهَمَّ وَاحْسُ الْمُدَامْ
فَكَمْ مِنْ صَبَاحٍ سَيَبْدُوْ لَنَا ... وَنَحْنُ نِيَامٌ بِبَطْنِ الرُّغَامْ
273
خُذْ نَصِباً مِنْ دَوْرِ دَهْرِكَ وَاجْلِسْ ... فَوْقَ عَرْشِ السُّرُوْرِ وَاحْسُ الْجَامَا
عَنِيَ الْلَّهُ عَنْ ذُنُوْبٍ وَطَاعَا ... تٍ فَأَدْرِكْ مِنَ الزَّمَانِ الْمَرَامَا
274
عِطَاءُ الدِّنِّ يَعْدِلُ أَلْفَ نَفْسٍ ... وَتَعْدِلُ مُلْكَ ذِي الدُّنْيَا الْمُدَامُ
أَرَى مِنْدِيلَ مَسْحِ الرَّاحِ عِنْدِي ... لَهُ فَوْقَ الطَّيَالِسَةِ احْتِرَامُ
275
حَقِيقَةُ الْكَوْنِ لَيْسَتْ عِنْدَ نَاظِرِ ... سِوَى مَجَازٍ فَفِيْمَ الْهَمُّ وَالأَلَمُ
فَجَارِ دَهْرَكَ وَاخْضَعْ لِلْقَضَاءِ فَلَنْ ... تُطِيقَ تَبْدِيلَ مَا قَدْ خَطَّهُ الْقَلَمُ
276
تَسَاقَطْنَا كَطَيْرٍ فِي شِبَاكٍ ... تُعَانِي مِنْ أَذَى الدَّهْرِ اهْتِضَامَا
وَنَخْبِطُ فِي فَضَاءٍ لَيْسَ يَبْدُوْ ... لَهُ حَدٌّ وَلَمْ نَبْلُغْ مَرَامَا
277
أَنْتَ أَبْدَعْتَنِي مِنَ الْمَاءِ وَالطِّ؟ ... يْنِ كَمَا قَدْ نَسَجْتَ أَلْيَافَ جِسْمِي
كُلُّ شَرٍّ مِنِّي يَلُوْحُ وَخَيْرٍ ... أَنْتَ قَدَّرْتَهُ فَمَا هُوَ جُرُمِي
278
ثوب قدسي خلعته فوق دن َّ وتيممت في ثرى الحان حرما
فَعَسَانِي أَلْقَى لَدَى الْحَانِ عُمْراً ... ضاعَ مِنِّي بَيْنَ الْمَدَارِسِ قِدْمَا
279
تُقَلِّلُ الرَّاحُ تَكَبُّرَ الْوَرَى ... وَهِيَ تَحُلُّ مُشْكِلاَتِ الْعَالَمِ
لَوْ ذَاقَ إِبْلِيسُ الْمُدَامَ مَرَّةً ... أَتَى بِأَلْفَيْ سَجْدَةٍ لآدَمِ
280
تَارِكَ الرَّاحِ لاَ تَذُمَّ السُّكَارَى ... إِنْ أُوَفَّقْ أَتُبْ وَيُمْحَى الأَثَامُ
بِاجْتِنَابِ الطِّلاَ افْتَخَرْتَ وَتَأْتِي ... بِذُنُوبٍ لَهَا الْمُدَامُ غُلاَمُ
281
نُوْرُ الْبَصِيرَةِ نَحْنُ فِي عَيْنِ الْحِجَى ... وَكَذَاكَ نَحْنُ الْقَصْدُ مِنْ ذَا الْعَالَمِ
هَذَا الْوُجُودُ قَدِ اسْتَدَارَ كَخَاتَمٍ ... النَّقْشُ نَحْنُ بِفَصِّ ذَاكَ الْخَاتَمِ
282
تَحُوكُ لِي يَا دَهْرُ جِلْبَابَ الأَسَى ... كَمَا تَشُقُّ لِي رِدَا التَّنَعُّمِ
تُعِيدُ لِي رِيحَ الصَّبَا نَاراً كَمَا ... تُصَيِّرُ الْمَاءَ تُرَاباً فِي فَمِي
283
إِذَا لَمْ نَكُنْ فِي الدَّهْرِ نَبْقَى فَعَيْشُنَا ... بِدُوْنِ الْحُمَيَّا وَالْحَبِيبِ ذَمِيمُ
إِلَى مَ اهْتِمَامِي فِي قَدِيمٍ وَحَادِثٍ ... وَسِيَّانَ بَعْدِي حَادِثٌ وَقَدِيمُ
284
دَعَا الْوَرْدُ إِنِّي يُوْسُفُ الرَّوْضِ فَأَنْظِرُوا ... كَيَاقُوتَةٍ بِالتِّبْرِ مَمْلُوْءَةٍ فَمِي
فَقُلْتُ أَبِنْ لِي مِنْ عَلاَمَاتِ يُوْسُفٍ ... فَقَالَ انْظُرَنْ ثَوْبِي الْمُخَضَّبَ بِالدَّمِ
285
حَلَّ فِكْرِي فِي الْكَوْنِ كُلَّ مُعَمّىً ... مِنْ حَضِيْض الثَّرَى لأَوْجِ النُّجُوْمِ
قَدْ تَبَيَّنْتُ كُلَّ مَكْرٍ وَمِرٍّ ... فِيهِ إِلاَّ سِرَّ الرَّدَى الْمَحْتُومِ
286
أَنَا لَسْتُ أَقْنَطُ مِنْ خَالِقٍ ... رَحِيمٍ لِعِبْءِ ذُنُوبِي الْجِسَامْ
إِذَا الْيَومُ مُتُّ صَرِيعَ الطِّلاَ ... سَيَعْفُوْ غَداً عَنْ رَمِيمِ الْعِظَامْ
287
لِحُكْمِ الْقَضَا وَكِّلْ أُمُورَكَ مَا احْتَوَى ... كِيَانُكَ أَعْصَاباً وَجِلْداً وأَعْظُمَا
دَعِ الْمَنَّ مِنْ خِلٍّ وإِنْ يَكُ حَاتِماً ... وَلِلْخَصْمِ لاَ تَخْضَعْ وَإِنْ يَكُ رُسْتُمَا
288
إِنَّ الأُولَى أَضْحَوا أَسَارَى عَقْلِهِمْ ... ذَهَبُوا بِحَسْرَةِ فَاقِدٍ مُتَنَدِّمِ
إِشْرَبْ وَعُدْ كَالأَغْبِيَاءِ فَإِنَّهُمْ ... صَارُوا زَبِيباً فِي أَوَانِ الْحِصْرِمِ
289
رَبِّيَ افْتَحْ لِي بَابَ رِزْقٍ وَأَرْسِلْ ... لِيَ قُوتِي مِنْ دُوْنِ مَنِّ الأَنَامِ
وَأَدِمْ نَشْوَةَ الطِّلاَ لِيَ حَتَّى ... تُذْهِلَنِي مَا عِشْتُ عَنْ آلاَمِي
290
إِنِّي وَإِنْ ذُقْتُ الْغَرَامَ وَقَلَّ لِي ... مِنْ مُبْهَمِ الأَسْرَارِ مَا لَمْ يُفْهَمِ
فَالْيَومَ حِينَ فَتَحْتُ عَيْنَ بَصِيرَتِي ... أَصْبَحْتُ أَعْلَمُ أَنَّنِي لِمْ أَعْلَمِ
291
بَادِرِ الْيَومَ إِذْ تُطِيقُ نَوَالاً ... وَأَزِلْ عَنْ حَشَا الرِّفَاقِ الْهُمُومَا
إِنَّ مُلْكَ الْحَمَالِ لَيْسَ بِبَاقٍ ... فَسَتَلْقَاهُ بَغْتَةً مَعْدُومَا
292
إِنْ تَكُنْ يَا نَدِيمُ نَاراً بِصَخْرٍ ... فَسَيَجْرِي إِلَيْكَ جَارِي الْحِمَامِ
غَنِّ فَالْكَونُ مِنْ ثَرَىً وَهَوَاءٌ ... كُلُّ أَنْفَاسِنَا فَجِئْ بِالْمُدَامِ
293
إِنَّ ظَبْياً بِهِ اسْتَهَامَ فُؤَادِي ... عَادَ صَبَّاً بِشَادِنٍ مُسْتَهَامَا
كَيْفَ أَرْجُوْ مِنْ بَعْدُ بُرْءاً لِدَائِي ... وَطَبِيبِي أَضْحَى يُعَانِي السَّقَامَا
294
إِنْ رَآنِي السَّاقِي لِجَدْوَاهُ أَهْلاً ... عَمَّنِي فِي فَوَاضِلِ الإِنْعَامِ
وَإِذَا لَمْ أَكُنْ بِأَهْلٍ سَقَانِي ... فَوْقَ قَدْرِي بِعَادَةِ الإِكْرَامِ
295
أَيَا فَلَكاً يُرَبِّي كُلَّ نَذْلٍ ... وَلَيْسَ يَدُورُ حَسْبَ رِضَا الْكَرِيمِ
كَفَى بِكَ شَيْمَةً أَنْ رُحْتَ تَهْوِي ... ذِي شَرَفٍ وَتَسْمُوْ بِالْلَّئِيمِ
296
أَلأُفْقُ كَأْسٌ فَوْقَنَا مَقْلُوبَةٌ ... كَمْ تَحْتَهَا خُدِعَ الْلَّبِيبُ الأَحْزَمُ
أُنْظُرْ وِدَادَ الْكَأْسِ مَعْ كُوْزِ الطِّلاَ ... شَفَةٌ عَلَى شَفَةٍ وَبَيْنَهُمَا دَمُ
297
سِرُّ الْحَيَاةِ لَوْ أَنَّهُ يَبْدُوْ لَنَا ... لَبَدَا لَنَا سِرُّ الْمَمَاتِ الْمُبْهَمُ
لَمْ تَعْلَمَنَّ وَأَنْتَ حَيٌّ سِرَّهَا ... فَغَداً إِذَا مُتَّ مَاذَا تَعْلَمُ؟
298
حَلَّقْتُ بِالْفِكْرِ مِنْ فَوْقِ السَّمَا لأَرَى الْ؟ ... جِنَانَ وَالنَّارَ وَالأَلْوَاحَ وَالْقَلَمَا
فَصَاحَ دَاعِي الْحِجَى فِيكَ الْجِنَانُ زَهَتْ ... وَالنَّارُ شَبَّتْ وَفِيكَ الْلَّوْحُ قَدْ رُقِمَا
299
إِنَّ الَّذيْنَ تَرَحَّلُوا مِنْ قَبْلِنَا ... نَزَلُوا بِأَجْدَاثِ الْغُرُورِ وَنَامُوا
إِشْرَبْ وَخُذْ هَذِي الْحَقِيقَةَ مِنْ فَمِي ... كُلُّ الَّذِي قَالُوا لَنَا أَوْهَامُ
300
لَمْ تَقُلْ لِي مَا قُلْتَ إِلاَّ لِحِقْدٍ ... زَاعِماً أَنَّنِي بِلاَ إِسْلاَمِ
أَنَا أَقْرَرْتُ بِالَّذِي قُلْتَ لَكِنْ ... أَنْتَ أَهْلٌ لِمِثْلِ هَذَا الْكَلاَمِ؟
301
يَا مَنْ غَدَوْتَ لِجَوْكَانِ الْقَضَا كُرَةً ... سِرْ كَيْفَ شَاءَ وَلاَ تَنْبِسْ بِبِنْتِ فَمِ
فَمَنْ رَمَى بِكَ فِي الْمَيْدَانِ مُضْطَرِباً ... أَدْرَى وَأَعْلَمُ مَا يَجْرِي مِنَ الْقِدَمِ
302
إِلَى مَ وَأَنْتَ لِلدُّنْيَا حَزِينٌ ... وَطَرْفُكَ دَامِعٌ وَالْقَلْبُ دَامِي
فَعِشْ جَذْلاَنَ وَارْتَشِفِ الْحُمَيَّا ... وَنَلْ أَقْصَى الْهَنَا قَبْلَ الْحِمَامِ
303
إِنَّ الْقَضَاءَ لأَمْرٌ لاَ يُرَدُّ وَمَا ... نَصِيبُ ذِي الْهَمِّ إِلاَّ السُّقْمُ وَالأَلَمُ
إِنْ تَقْضِ عُمْرَكَ مَهْمُومَ الْفُؤَادِ فَلَنْ ... تَزِيدَ شَيْئاً عَلَى مَا خَطَّهُ الْقَلَمُ
304
لِيَ نَقْداً سَاقٍ وَعُوْدٌ وَرَوْضٌ ... وَلَكَ الْوَعْدُ فِي غَدٍ بِالنَّعِيمِ
دَعْ حَدِيثَ الْجِنَانِ وَالنَّارِ مَنْ جَا ... ءَ مِنَ الْخُلْدِ أَوْ مَضَى لِلْجَحِيمِ؟
حرف النّون
305
فَلَكُ الشُّهُبِ قَالَ لِي أَفَتَعْزُوْ ... لِيَ حُكْمَ الْقَضَاءِ فِي الأَكْوَانِ
لَوْ غَدَا لِي فِي السَّيْرِ أَدْنَى اخْتِيَارٍ ... لَمْ تَجِدْنِي أَدُوْرُ كَالْحَيْرَانِ
306
أَحْسَنُ مِنْ زُهْدِ الْفَتَى عَنْ رِياً ... رَشْفُ الْحُمَيَّا وَاقْتِفَاءُ الْحِسَانْ
إِنْ كَانَ أَهْلُ الْحُبِّ وَالرَّاحِ فِي ... لَظَىً فَلَنْ تَلْقَى امْرَأً فِي الْجِنَانِ
307
إِذَا كُنْتَ تَعْلَمُ سِرَّ الدُّنَى ... فَفِيمَ وَحَتَّامَ هَذَا الْعَنَا
إِذَا الدَّهْرُ لَمْ يَجْرِ حَسْبَ الْمَرَامْ ... فَعِشْ مَا حَيِيْتَ حَلِيفَ الْهَنَا
308
إِنْ لَمْ أُطِعْكَ إِلَهِي فِي الْحَيَاةِ وَلَمْ ... أُطَهِّرِ النَّفْسَ مِنْ أَدْرَانِ عِصْيَانِ
فَلَيْسَتِ النَّفْسُ مِنْ جَدْوَاكَ قَانِطَةً ... إِذْ لَمْ أَقُلْ قَطُّ إِنَّ الْوَاحِدَ اثْنَانِ
309
كَمْ فِي الْمَدَارِسِ وَالصَّوَامِعِ أَنْفُسٌ ... تَرْجُوْ الْجِنَانَ وَتَخْتَشِي النِّيْرَانَا
لَكِنَّ مَنْ عَرَفَ الإِلَهَ وَسِرَّهُ ... لَمْ يُشْغِلَنَّ بِذِي الأُمُورِ جَنَانَا
310
أَرَى أَجْدَاثَنَا تُبْنَى بِلِبْنٍ ... غَداً يَا صَاحِ إِنْ نَرِدِ الْمَنُونَا
وَيُصْنَعُ مِنْ ثَرَانَا بَعْدُ لِبْنٌ ... بِهِ تُبْنَى قُبُورُ الآخَرِينَا
311
صَيَّادُ ذَا الدَّهْرِ أَلْقَى الْحَبَّ فِي شَرَكٍ ... فَصَادَ صَيْداً وَقَدْ سَمَّاهُ إِنْسَانَا
فَكُلُّ خَيْرٍ وَشَرٍّ مِنْهُ قَدْ نَشَآ ... وَرَاحَ يَعْزُوْ لِهَذَا الْخَلْقِ عِصْيَانَا
312
لاَ تُؤَمِّلْ مَا فَوْقَ سِتِينَ حَوْلاً ... لَكَ عُمْراً وَلاَزِمِ السُّكْرَ وَاهْنَا
وَالْزَمِ الدِّنَّ وَالْكُؤُوْسَ مُدَاماً ... قَبْلَ أَنْ يَصْنَعُوا رُفَاتَكَ دِنَّا
313
زَمَنُ الْوَرْدِ ذَا وَضِفَّةُ نَهْرٍ ... وَرِيَاضٌ وَبِضْعُ حُوْرٍ حِسَانِ
عَاطِنِي الْكَأْسَ فَالنَّشَاوَى صَبَاحاً ... حُرِّرُوا مِنْ مَسَاجِدٍ وَجِنَانِ
314
عَقِيقُكَ الرَّاحُ وَالْكَاسَاتُ مَعْدَنُهُ ... وَالرَّاحُ رُوْحٌ مِنَ الْجَامِ اصْطَفَتْ بَدَنَا
وَإِنَّ كَأْسَ زُجَاجٍ بِالطِّلاَ ضَحِكَتْ ... دَمْعٌ دَمُ الْقَلْبِ فِي أَثْنَائِهِ كَمَنَا
315
قَدْ كَانَ يَدْرِي الْلَّهُ كُلَّ فِعَالَنَا ... مِنْ يَوْمِ صَوَّرَ طِينَنَا وَبَرَانَا
لَمْ نَرْتَكِبْ ذَنْباً بِدُوْنِ قَضَائِهِ ... فَإِذَنْ لِمَاذَا نَدْخُلُ النِّيْرَانَا؟
316
إِنْ تَرُمْ أَنْ تَنَالَ عُمْراً صَحِيحاً ... وَفُؤَاداً لاَ يَحْمِلُ الأَحْزَانَا
فَلرْتَشِفْ صَافِي الطِّلاَ كُلَّ آنٍ ... لِنَنَالَ السُّرُورَ آناً فَآنَا
317
إِذَا لَمْ يَكُنْ عِلْمُ الْيَقِينِ بِمُمْكِنٍ ... لَنَا وَانْقِضَاءُ الْعُمْرِ بِالشَّكِّ خُسْرَانُ
فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ نَتْرُكَ الرَّاحَ لَحْظَةً ... وَسِيَّانِ حِينَ الْجَهْلُ صَاحٍ وَنَشْوَانُ
318
غَسِّلُوْنِي بِالرَّاحِ بَعْدَ الْمَنُوْنِ ... وَاذْكُرُوْهَا وَالْكَأْسُ فِي تَلْقِينِي
وَلَدَى الْحَشْرِ إِنْ أَرَدْتُمْ لِقَائِي ... مِنْ ثَرَى بَابِ حَانَةٍ فَاطْلُبُوْنِي
319
نَفَسٌ بَيْنَ كُفْرِنَا وَالدِّيْنِ ... نَفَسٌ بَيْنَ شَكِّنَا وَالْيَقِينِ
مَا أَرَى حَاصِلَ الْحَيَاةِ سِوَاهُ ... فَاقْضِهِ بِالسُّرُوْرِ قَبْلَ الْمَنُوْنِ
320
الْبُلْبُلُ قَدْ شَدَا عَلَى الأَغْصَانِ ... فَاشْرَبْ صَهْبَاءهَا مَعَ النُّدْمَانِ
وَالْوَرْدُ زَهَا فَقُمْ وَبَادِرْ عَجِلاً ... يَوْمَيْنِ مِنَ الْهَنَاءِ فِي الْبُسْتَانِ
321
إِذَا كَانَ عَدْلاً قِسْمَةُ الرِّزْقِ فِي الْوَرَى ... فَلَنْ يَجْدُوا فِيهِ مَزِيداً وَنُقْصَانَا
فَلاَ تَكُ فِي فِكْرٍ لِمَا لَمْ يَكُنْ وَعِشْ ... لَعَمْرُكَ حُرَّ النَّفْسِ مِنْ كُلِّ مَا كَانَا
322
كَسَرْتَ يَا رَبِّ إِبْرِيقَ الْمُدَامِ كَمَا ... سَدَدْتَ لِي بَابَ عَيْشِي حَيْثُمَا كَنَا
أَنَا شَرِبْتُ وَتُبْدِي أَنْتَ عَرْبَدَةً ... لَيْتَ الثَّرَى بفَمِي، هَلْ كُنْتَ نَشْوَانَا؟
323
لَوْ كُنْتُ رَبَّ اخْتِيَارٍ مَا أَتَيْتُ إِلَى الْ ... دُّنْيَا وَلَمْ أَرْتَحِلْ عَنْهَا وَلَمْ أَبِنِ
مَا كَانَ أَسْعَدَنِي لَوْ لَمْ أَجِيءْ أَبَداً ... لِلدَّهْرِ يَوْماً وَلَمْ أَرْحَلْ وَلَمْ أَكُنِ
324
أَلدَّهْرُ يَا خَيَّامُ يَبْرَأُ مِنْ فَتىً ... يُمْسِي مِنَ الأَيَّامِ فِي أَشْجَانِ
إِشْرَبْ عَلَى نَغَمٍ زُجَاجَةَ قَرْقَفٍ ... قَبْلَ انْكِسَارِ زُجَاجَةِ الأَبْدَانِ
325
حَتَّى مَ فِي هَمٍّ لِمَا يَأْتِي وَهَلْ ... يَجْنِي جَمِيعُ الْحَازِمِينَ سِوَى الْعَنَا
الْهَمُّ لَيْسَ بِزَائِدٍ أَوْ مُنْقِصٍ ... فِي الرِّزْقِ فَالْتَزِمِ الْمَسَرَّةَ وَالْهَنَا
326
عِشْ هَنِيْئاً فَالدَّهْرُ لَيْسَ بِفَانٍ ... وَسَتَبْقَى النُّجُوْمُ ذَاتَ اقْتِرَانِ
وَسَيَغْدُوْ ثَرَاكَ لِبْناً فَيُبْنِي ... فِي قُصُوْرٍ لِلنَّاسِ أَوْ إِيْوَانِ
327
لَسْتُ أَدْرِي هَلِ الإِلَهُ بَرَانِي ... لِجِنَانِ الأُخْرَى أَوِ النِّيْرَانِ
لِيَ نَقْداً سَاقٍ وَرَوْضٌ وَرَاحٌ ... وَلَكَ الْوَعْدُ فِي غَدٍ بِالْجِنَانِ
328
هَدَّ رُكْنَ الإِيْمَانِ ذَنْبِي وَأَنْسَى ... ذَنْبَ مَنْ رَاحَ يَعْبُدُ الأَوْثَانَا
أَنَا أَخْشَى ذَنْبِي مَتَى وَزَنُوْهُ ... يَوْمَ حَشْرٍ أَنْ يَكْسِرَ الْمِيزَانَا
329
إِذَا مَا جَاءَنَا رَمَضَانُ يُلْقَى ... بِهِ الْقَيْدُ الثَّقِيلُ عَلَى حِجَانَا
فَأَغْفِلْ يَا إِلَهِي النَّاسَ حَتَّى ... يَخَالُوا أَنَّ شَوَّالاً أَتَانَا
330
حَلَّ السَّمَا ثَوْرٌ وَثَوْرٌ غَدَا ... يَحْتَمِلُ الأَرْضَ بِقَرْنَيْنِ
أُنْظُرْ بِعَيْنِ الْعَقْلِ كَيْمَا تَرَى ... قَطِيعَ حَمِيرٍ بَيْنَ ثَوْرَيْنِ
331
سَأَطْوِيَنْ صَاحِ أَعْلاَمَ النِّفَاقِ غَداً ... وَأَقْصُدَنَّ بِشَيْبِي الرَّاحَ وَالْحَانَا
بَلَغْتُ سَبْعِينَ حَوْلاً كَامِلاً فَمَتَى ... أَلْقَى الْهَنَاءَ إِذَا لَمْ أَلْقَهُ الآنَا؟
332
ضَمَّ جِسْمُ الزُّجَاجِ رُوْحاً فَحَاكَى ... يَاسَمِيناً يُحِيطُ فِي أَرْجُوَانِ
لاَ لَعَمْرِي فَالْجَامُ جَامِدُ مَاءٍ ... ضَمَّ فِي الْقَلْبِ سَائِلَ النِّيْرَانِ
333
قَدْ أَصْبَحَ الْحَانُ بِنَا عَامِراً ... وَكَمْ نَقَضْنَا مِنْ مَتَابٍ لَنَا
مَا يُصْنَعُ الْعَفْوُ بِلاَ مَأْثَمٍ ... أَلْعَفْوُ يَزْدَانُ بِآثَامِنَا
334
إِنَّ مَنْ أَدْرَكُوا الْمَنَاصِبَ ذَاقُوا ... جُرَعَ الْهَمِّ وَالأَسَى أَلْوَانَا
وَعَجِيبٌ أَنَّ الَّذِي لَيْسَ يَهْوَى ... رْصَهُمْ لاَ يَرَوْنَهُ إِنْسَانَا
335
حَتَّى مَ صَوْمُكَ وَالصَّلاَةُ تَنَسُّكاً ... فَدَعِ الْمَسَاجِدَ وَاقْصُدَنَّ الْحَانَا
وَاشْرَبْ فَسَوْفَ تَرَى رُفَاتَكَ تَارَةً ... كُوْزاً وَأُخْرَى أَكْؤُساً وَدِنَانَا
336
أَتَمَنَّى دِيوَانَ شِعْرٍ وَنِصْفاً ... مِنْ رَغِيفٍ وَكُوْزَ صَهْبَاءِ حَانِ
وَجُلُوساً مَعَ الْحَبِيبِ بِقَفْرٍ ... ذَاكَ خَيْرٌ مِنْ مُلْكِ ذِي سُلْطَانِ
337
حِينَ جُوْدُ الإِلَهِ فَاضَ بَرَانِي ... وَبِدَرْسِ الْغَرَامِ قِدْماً حَبَانِي
وَلَقَدْ صَاغَ مِنْ قُرَاضَةِ قَلْبِي ... بَعْدَ هَذَا مِفْتَاحَ كَنْزِ الْمَعَانِي
338
حَتَّى مَ أَبْنِي عَلَى سَطْحِ الْمِيَاهِ لَقَدْ ... سَئِمْتُ دَيْراً وَعُبَّاداً لأَوْثَانِ
مَنْ قَالَ إِنِّي مِنْ أَهْلِ الْجَحِيمِ وَمَنْ ... أَتَى مِنَ الْخُلْدِ أَوْ وَلَّى لِنِيرَانِ؟
339
حَتَّى مَ تُصْبِحُ لِلأَطْمَاعِ حِلْفَ عَنَا ... حَيْرَانَ تَعْدُوْ بِهَذَا الْكَوْنِ مُفْتَتِنَا
مَضَوا وَنَمْضِي وَكَمْ يَأْتُوْنَ بَعْدُ وَكَمْ ... يَمْضُوْنَ مِنْ دُوْنِ أَنْ يَحْظَى امْرُؤٌ بِمُنَى
340
كُنْ حِمَاراً فِي مَعْشَرٍ جُهَلاَءٍ ... أَيْقَنُوا أَنَّهُمْ أُوْلُوْ الْعِرْفَانِ
فَهُمُ يَحْسَبُوْنَ لِلْجَهْلِ مَنْ لَيْ؟ ... سَ حِمَاراً خِلْواً مِنَ الإِيْمَانِ
341
مَنْ بَرَى أَكْؤُسَ الرُّؤُوْسِ وَأَبْدَى ... عِنْدَ تَكْوِينِهَا أَدَقَّ الْفَنُوْنِ
كَبَّ كَأْساً مِنْ فَوْقِ مَائِدَةِ الْكَوْ ... نِ دِهَاقاً قَدْ أُتْرِعَتْ بِالْجُنُوْنِ
342
أَسَفاً لِقَلْبٍ لَيْسَ يُذْكِيهِ الْهَوَى ... شَغَفاً وَلَيْسَ يَهِيمُ قَطُّ بِشَادِنٍ
لاَ يَوْمَ أَضْيَعُ قَطُّ مِنْ يَوْمِ امْرِئٍ ... يَقْضِيهِ دُوْنَ غَرَامِ ظَبْيٍ فَاتِنِ
343
لَوْ ارْتَكَبْتُ خَطَايَا النَّاسِ كُلِّهِمُ ... لَكُنْتُ أَرْجُوْ لِذَنْبِي مِنْكَ غُفْرَانَا
قَدْ قَلْتَ إِنَّكَ يَوْمَ الْعَجْزِ تَنْصُرُنِي ... لاَ عَجْزَ أَعْظَمُ لِي مِنْ عَجْزِيَ الآنَا
[حرف الهاء]
344
إِلَى مَ أَسَاكَ عَلَى الْفَانِيَهْ ... أَنَالَ امْرُؤٌ عِيشَةً بَاقِيَهْ؟
هِيَ النَّفْسُ عَارِيَةٌ تُسْتَرِدْ ... فَعِشْ مَعْهَا عِيشَةَ الْعَارِيَهْ
إنْ كَانَتِ الأَفْلاَكُ ضِدَّ ذَوِي الْبَصَائِرِ جَارِيَهْ ... إِنْ شِئْتَ قُلْ هِيَ سَبْعَةٌ أَوْ شِئْتَ عُدَّ ثَمَانِيَهْ
وَإِذَا رَحَلْتَ غَداً وَخَلَّفْتَ الأَمَانِي بَاقِيَهْ ... فَلْيَأْكُلَنَّكَ نَمْلُ قَبْرِكَ أَوْ ذِئَابُ الْبَادِيَهْ
إِذَا مَا صَحَوْتُ عَدِمْتُ الْهَنَا ... وَمَهْمَا سَكِرْتُ فَقِدْتُ النُّهَى
وَلَكِنَّ بَيْنَهُمَا حَالَةً ... هِيَ الْعَيْشُ وَالْقَلْبُ رِقٌّ لَهَا
[حرف الياء والألف المقصورة]
مُنْذُ مَيَّزْتُ بَيْنَ كَفِّيْ وَرِجْلِي ... غَلَّ هَذَا الدَّهْرُ الدَّنِيُّ يَدَيَّا
أَسَفاً يَحْسِبُوْنَ فِي الْحَشْرِ عُمْراً ... مَرَّ بِي دُونَ شَادِنٍ وَحُمَيَّا
أَيُّهَا النَّفْسُ لَوْ نَفَضْتِ غُبَارَ ال؟ ... جِسْمِ أَضْحَى فَوْقَ السَّمَا لَكِ مَأْوَى
لَكِ عَرْشٌ فَوْقَ السَّمَاءِ فَعَيْبٌ ... أَنْ تَجِيئِي وَتَرْتَضِي الأَرْضَ مَثْوَى
مِنَ الْعَارِ أَنْ تَسْعَى لِتَحْصِيلِ شُهْرَةٍ ... وَأَنْ تَشْتَكِي مِنْ جُوْرِ ذَا الْفَلَكِ الْبَلْوَى
لَئِنْ تَغْدُ مِنْ عِطْرِ الْحُمَيَّا بِنَشْوَةٍ ... يَكُنْ لَكَ خَيْراً مِنْ غُرُورِكَ بِالتَّقْوَى
إِنِّي وَإِنْ كُنْتُ لِذَنْبِي فِي شَقَا ... فَلَست يَائِسًا كَكُفَّارِ الوَرى
أَرْجُوْ وَإِنْ مُتُّ بِسُكْرِي سَحَرَا ... راحَا وَظَبْيًا في جِنَانٍ أَو لَظَى
دَعْ عَنْكَ دَرْسَ الْعُلُوْمِ أَجْمَعِهَا ... وَاشفِ بِأَصداغِ شَادِنٍ سَقَمَك
وَاهْرِقْ بِكَاسٍ دَمَ الزُّجَاجِ وَطِبْ ... مِنْ قَبْلِ أَنْ يهرقَ الزَّمَانُ دَمَكْ
تعليق