على هامش زيارتي للمدينة العربي ب بنزرت
بالشمال التونسي
.....
IMG-20250717-WA0024.jpg
أيها التاريخ الذي كُتِب فيّ
منيرة الفهري
ثلاثة أيّام فقط، لكنها كانت كافية لتترك المدينة العربي ببنزرت أثرًا عميقًا لا يمحى في روحي. لم أكن أتصوّر أن بعض الحجارة يمكن أن تحمل هذا الكمّ من الحياة، من القصص، من الأحلام التي مرّت ونامت بين جدرانها. كنت أُصغي إلى الصمت، فأسمع حكايات تتسلّل من وراء النوافذ المغلقة، من خلف الأبواب التي أُغلقت منذ زمن ولم تُغلق يومًا على الذاكرة. تلك البيوت، المئة والعشرون بيتًا، لم تكن بالنسبة لي جدرانًا، بل وجوهًا تتأمّلني وأنا أعبر، تخبرني دون كلام عن من عاشوا هنا، عن من بكوا، عن من أحبّوا، عن من رحلوا ولم يعودوا. كلّ بيت كان يحتضنني بحزنه ودفئه، كأنّه يعرفني من قبل، كأنّه رأى قلبي قبل أن أصل إليه.
أدركت حينها أن الأماكن مثل البشر، منها ما نمرّ به مرورًا عابرًا، ومنها ما يسكن فينا، دون أن نستطيع شرحه، ولا حتى الهروب منه.
أيتها الجدران التي أسَرتني بصمتها العميق... أيتها البيوت التي خبّأتِ وجعي دون أن تعرفني ... أيتها الحكايات التي تسرّبت من بين شقوقها لترتّب شيئًا من الفوضى في داخلي... أيها التاريخ الذي كُتب فيّ قبل أن يُكْتب عليكم... أستودعكم الله حتى ألقاكم بإذن الله. رحلت، لكن شيئًا مني بقي هناك، يتجوّل كل ليلة بين أزقتكم، يلمس أبوابكم برفق، ويهمس: تذكروني فأنا هنا معكم أحيي التاريخ الجميل و أعيشه
....
بالشمال التونسي
.....
IMG-20250717-WA0024.jpg
أيها التاريخ الذي كُتِب فيّ
منيرة الفهري
ثلاثة أيّام فقط، لكنها كانت كافية لتترك المدينة العربي ببنزرت أثرًا عميقًا لا يمحى في روحي. لم أكن أتصوّر أن بعض الحجارة يمكن أن تحمل هذا الكمّ من الحياة، من القصص، من الأحلام التي مرّت ونامت بين جدرانها. كنت أُصغي إلى الصمت، فأسمع حكايات تتسلّل من وراء النوافذ المغلقة، من خلف الأبواب التي أُغلقت منذ زمن ولم تُغلق يومًا على الذاكرة. تلك البيوت، المئة والعشرون بيتًا، لم تكن بالنسبة لي جدرانًا، بل وجوهًا تتأمّلني وأنا أعبر، تخبرني دون كلام عن من عاشوا هنا، عن من بكوا، عن من أحبّوا، عن من رحلوا ولم يعودوا. كلّ بيت كان يحتضنني بحزنه ودفئه، كأنّه يعرفني من قبل، كأنّه رأى قلبي قبل أن أصل إليه.
أدركت حينها أن الأماكن مثل البشر، منها ما نمرّ به مرورًا عابرًا، ومنها ما يسكن فينا، دون أن نستطيع شرحه، ولا حتى الهروب منه.
أيتها الجدران التي أسَرتني بصمتها العميق... أيتها البيوت التي خبّأتِ وجعي دون أن تعرفني ... أيتها الحكايات التي تسرّبت من بين شقوقها لترتّب شيئًا من الفوضى في داخلي... أيها التاريخ الذي كُتب فيّ قبل أن يُكْتب عليكم... أستودعكم الله حتى ألقاكم بإذن الله. رحلت، لكن شيئًا مني بقي هناك، يتجوّل كل ليلة بين أزقتكم، يلمس أبوابكم برفق، ويهمس: تذكروني فأنا هنا معكم أحيي التاريخ الجميل و أعيشه
....
تعليق