كتبت في المدينة الجامعية -أسيوط سنة 1989
تم تنقيحها إملائيا وطباعيا في 2003
تم تنقيحها إملائيا وطباعيا في 2003
القانون صريح إعدام
نهضت من فراشي؛ مدركا أنه لا جدوى من المحاولة..
أضأت المصباح المجاور لفراشي ..علي ضوئه الخافت نظرت في الساعة..الفجر بعد قليل ..أحاول النوم ثانية..ولكن..هيهات..أنَى أن يأتي النوم.
مازال الأمس ماثلا أمامي..حين كان ينظر إلى والرعب كله يملأ عينيه المتسعتين.. مترقبا.. منتظرا أن أفتح شفتيّ.. دون أن ينبس ببنت شفة وكل ما يملكه ، نظرات نارية مترجية تكاد تقتلني.
تناولت ملف القضية من فوق الكومودينو، و تأملت نص القانون جيدا ..أعدت قراء ته مرات ومرات لعلني أجد فيه ثغرة لأرحمه.
ولكن..
القانون صريح: ـــــــ ( إعدام)
..................
بالأمس حين نادي الحاجب: ( محكمة )
كنت أنا جالسا علي المنصة كرئيس للجلسة،
وكنت أنا جالسا كممثل للنيابة،
وكنت أنا أيضا واقفا للدفاع عن المتهم.
..................
كدفاع أطالب بالبراءة ، وإن لم تكن ممكنة فأقله أرجو الرحمة،
وكممثل للنيابة أطالب بتطبيق نص القانون،
فـالقانون صريح ........... إعدام،
وكقاض أحتار بين الاثنين ؛ فكلاهما له كل الحق وله كل مبرراته.
كإنسان لا أحب الإعدام..لأنني أعشق الحياة..
ولأن الإعدام قرار لا رجعة فيه إن أخطأت الحكم.
ولكنني أستشعر قيدا في يديّ..
إنه نص..
القانون صريح ........... إعدام.
............
من عمق قلبي أتمنى الإبقاء على حياة المتهم ، استجابة لطلبات الدفاع(قلبي) وقناعة مني بفظاظة القانون، ولكن يواجهني ممثل النيابة (عقلي) ويقيدني نص..
القانون صريح ............. إعدام.
................
أمام فراشي ، يتجسد لي المتهم ساكنا؛ ناظرا مباشرة في عيوني..أتعجب لأمره..فإذا به وكأنه لا يعي الموقف..أستعطفه أن يساعدني ويبين لي أمره..يعلن ندمه..يعلن توبته..يسترحم.. يصرخ..ينهق.. أو حتى يصهل.
..........
أراجع الأوراق من بدايتها ثانية..
التهمة: عجوز
التهمة: مريض
التهمة: تكلفة العلاج أكثر من عائد عمله وهو مريض
التهمة: تكلفة العلاج أكثر من قيمته كمريض
التهمة: ضار بالاقتصاد
هنا نص..
القانون صريح .............إعدام.
أعود بذاكرتي لوقائع المحاكمة..أتذكر قراري الأول :
الحكم بعد المداولة.
...................
يومها اجتمعت ، بي اجتمعت ، في حجرة المداولة أفكر في كل الاحتمالات..
هل يمكن علاج المتهم فيعود منتجا ؟
الأوراق تتضمن رأي الخبراء..
.......................... لا يمكن..
أعدت تقليب الأوراق ثانية ،
هاهو رأي اللجنة الثلاثية تؤكد..لا يمكن.
أضأت المصباح المجاور لفراشي ..علي ضوئه الخافت نظرت في الساعة..الفجر بعد قليل ..أحاول النوم ثانية..ولكن..هيهات..أنَى أن يأتي النوم.
مازال الأمس ماثلا أمامي..حين كان ينظر إلى والرعب كله يملأ عينيه المتسعتين.. مترقبا.. منتظرا أن أفتح شفتيّ.. دون أن ينبس ببنت شفة وكل ما يملكه ، نظرات نارية مترجية تكاد تقتلني.
تناولت ملف القضية من فوق الكومودينو، و تأملت نص القانون جيدا ..أعدت قراء ته مرات ومرات لعلني أجد فيه ثغرة لأرحمه.
ولكن..
القانون صريح: ـــــــ ( إعدام)
..................
بالأمس حين نادي الحاجب: ( محكمة )
كنت أنا جالسا علي المنصة كرئيس للجلسة،
وكنت أنا جالسا كممثل للنيابة،
وكنت أنا أيضا واقفا للدفاع عن المتهم.
..................
كدفاع أطالب بالبراءة ، وإن لم تكن ممكنة فأقله أرجو الرحمة،
وكممثل للنيابة أطالب بتطبيق نص القانون،
فـالقانون صريح ........... إعدام،
وكقاض أحتار بين الاثنين ؛ فكلاهما له كل الحق وله كل مبرراته.
كإنسان لا أحب الإعدام..لأنني أعشق الحياة..
ولأن الإعدام قرار لا رجعة فيه إن أخطأت الحكم.
ولكنني أستشعر قيدا في يديّ..
إنه نص..
القانون صريح ........... إعدام.
............
من عمق قلبي أتمنى الإبقاء على حياة المتهم ، استجابة لطلبات الدفاع(قلبي) وقناعة مني بفظاظة القانون، ولكن يواجهني ممثل النيابة (عقلي) ويقيدني نص..
القانون صريح ............. إعدام.
................
أمام فراشي ، يتجسد لي المتهم ساكنا؛ ناظرا مباشرة في عيوني..أتعجب لأمره..فإذا به وكأنه لا يعي الموقف..أستعطفه أن يساعدني ويبين لي أمره..يعلن ندمه..يعلن توبته..يسترحم.. يصرخ..ينهق.. أو حتى يصهل.
..........
أراجع الأوراق من بدايتها ثانية..
التهمة: عجوز
التهمة: مريض
التهمة: تكلفة العلاج أكثر من عائد عمله وهو مريض
التهمة: تكلفة العلاج أكثر من قيمته كمريض
التهمة: ضار بالاقتصاد
هنا نص..
القانون صريح .............إعدام.
أعود بذاكرتي لوقائع المحاكمة..أتذكر قراري الأول :
الحكم بعد المداولة.
...................
يومها اجتمعت ، بي اجتمعت ، في حجرة المداولة أفكر في كل الاحتمالات..
هل يمكن علاج المتهم فيعود منتجا ؟
الأوراق تتضمن رأي الخبراء..
.......................... لا يمكن..
أعدت تقليب الأوراق ثانية ،
هاهو رأي اللجنة الثلاثية تؤكد..لا يمكن.
سكنت قليلا..دقائق مررت بها كساعات..استجمعت قواي..خرجت من غرفة المداولة تاركا قلبي خلف الباب..
نادى الحاجب ثانيه: ( محكمة )
............
دوى صوتي مجلجلا..
"بعد الاطلاع علي الدستور والقوانين الخاصة بالطب البيطري
حكمت المحكمة بإعدام المتهم رميا بالرصاص"
...............
ولأني – مع شديد الأسف - أيضا أقوم بدور الجلاد..
أمسكت بالبندقية وصوبتها بين عيني المتهم..
دوت الطلقة..
خرقت قلبي..
خر المتهم صريعا..
بيدي وأمام عيني.
.....................
أحاول النوم
ولكن أنى لي أن أنام
مع أني نفذت نص
القانون الصريح.................... إعدام.
نادى الحاجب ثانيه: ( محكمة )
............
دوى صوتي مجلجلا..
"بعد الاطلاع علي الدستور والقوانين الخاصة بالطب البيطري
حكمت المحكمة بإعدام المتهم رميا بالرصاص"
...............
ولأني – مع شديد الأسف - أيضا أقوم بدور الجلاد..
أمسكت بالبندقية وصوبتها بين عيني المتهم..
دوت الطلقة..
خرقت قلبي..
خر المتهم صريعا..
بيدي وأمام عيني.
.....................
أحاول النوم
ولكن أنى لي أن أنام
مع أني نفذت نص
القانون الصريح.................... إعدام.
تعليق