.. رحلة حياة ..
مضت سنة وأخرى على تخرجه من الثانوية , ما ترك بابا إلا وطرقه
ولم يعد إلا بخفي حنين , تحطمت آماله على سواحل
الواسطة والمحسوبية , كان يحس الأيام تركض وهو لم يحقق شيئا
من أحلامه , يرى في عيني والديه نظرة الإشفاق والرحمة فكانت تعذبه
أكثر مما تواسيه , ضاقت به الأرض بما رحبت , فقرر الهجرة من
الساحل الغربي إلى الساحل الشرقي قاطعا ألف ميل أو تزيد , حيث شركات
النفط والفرصة أكبر , جمع أوراقه وشهاداته , يوم الوداع ,
خيم الحزن على العائلة , بعد يوم شاق صلى
العصر في الجامع , ودع أمه وأباه وأشقائه ,
ركب سيارته , أخذ جولة في الحارة , تفحص منازل الحي بنظرة توحي أنها
نظرة الوداع الأخير , توقف عند أحد المنازل , أطال النظر فيه كأنه يبث
أشواقه إلى ساكنيه ,
إنطلق والأمل يحدوه أن يجد عملا يعيده للحياة مرة أخرى , سافر
حاملا أماني السعادة , وأحلامه الوردية , وما إن بدأ البنيان ينفسر عنه
وهو يدخل في عمق الصحراء حتى بدأ الليل يسابقه إليها قادما من الشرق ,
يبتلع كل مامر عليه فأجتاحه الظلام وسيارته , إتشحت الدنيا بالسواد , تلاشت
ملامح الصحراء , جبالها , أوديتها , كثبانها الرملية , بدت كأنها سراب ثم
أختفت , لم يعد يرى إلا نجوم السماء من على يساره , تزداد توهجا مع
الوقت , وأضواء محطات الوقود
من على يمينه , بأنوارها الساطعة , تجاوز أول محطة ولم يلتفت إليها ,
ولاحت له من بعيد أخرى , تردد في الوقوف عندها , ثم قرر تجاوزها على أمل
أن يصل لأفضل منها , طريق طويل سرمدي في ليلة باردة مظلمة , أنوار
السيارات تظهر من بعيد فجأة فيسعد لرؤيتها ,ثم تقترب فيأنس بها وينشرح
لها صدره , حتى يؤذيه نورها , ثم تفارقه مبتعدة فيشعر بإنقباض في صدره
لايعلم سببه , في بداية مشواره كانت السيارات متفرقة
وقليلة جدا , ثم بدأت تنقطع عنه بالتدريج حتى تلاشت كليا
فأحس بالوحدة والوحشه , وكأن آماله تنقطع معها , سار وسار
وبدأ الأمر يثير إستغرابه فقد إنقطعت عنه جميع الانوار وبدأ كأنه
يبحر في بحر لجي , لا سيارات , لا محطات وقود , بل حتى القرى لم يعد لها
أثر ,بدأ الخوف يدب في أوصاله , وندم على إضاعته الفرصتين
لتعبأة الوقود , ثم أخذ يشجع نفسه إنها ليال الشتاء , ربما سوء الأحوال
الجوية تسبب في انقطاع الكهرباء , وخزه الجوع فتذكر أنه لا يحمل معه
أي مؤونة , إستمر في رحلته وحيدا وبدأ يشغل باله وقود سيارته فأرتعب
من فكرة نفاده قبل أن يصل لأي مكان , ازداد قلقا وخوفا ,إستمر في سيره ,
واخذت الشكوك تساوره , هل هو على الطريق الصحيح
أم أنه سلك الطريق الخطأ فأزداد رعبا ,
تكالبت عليه , ظلمة الليل وبعد المسافة مع الوحدة والخوف , يرافقها
البرد والجوع , يؤججها إحتمال الضياع , فتضاعفت معاناته , استمر في
رحلته عله يجد قرية تؤانسه أو نورا يعيد الأمل إليه , واصل قيادته واخذ
يحدث نفسه , لو كنت على الطريق الصحيح أين القرى , بل أين العاصمة ,
يفترض أني وصلت اليها , هل إختفت فجأة , كغيرها , يا الله العاصمة , في
محنتي هذه إذا خاب ظني بها , فأين أذهب وبمن ألوذ , إستمر في سيره
وأستمرت همومه معه , و لا زال يأمل برؤية العاصمة لعلها تكون طوق
النجاة , جاهد نفسه حتى أيس من رؤيتها , فتابع رحلته بإتجاه الشرق ,
أجهده السفر وبلغ منه الإعياء مبلغه , فأخذته إغفائه , وهو يقود
سيارته , لم ينتبه الإ بعد خروجه من على الطريق , كاد أن يهوي
على أثرها في مجرى أحد الاوديه , أوقف سيارته وأحكم إغلاق
الأبواب وقرر إنتظار الصباح والمبيت بداخلها , لم ينتبه من نومه
إلا وحرارة الشمس تلسع وجهه , رفع رأسه وإذا البحر أمامه ,
يمتد إلى مالا نهاية , لم يستوعب ,أغمض عينيه , هز
رأسه بعنف , مسح عينيه , عدل مرآة سيارته ,
نظر فيها , فهاله البياض الذي يكسو شعره .
............
مضت سنة وأخرى على تخرجه من الثانوية , ما ترك بابا إلا وطرقه
ولم يعد إلا بخفي حنين , تحطمت آماله على سواحل
الواسطة والمحسوبية , كان يحس الأيام تركض وهو لم يحقق شيئا
من أحلامه , يرى في عيني والديه نظرة الإشفاق والرحمة فكانت تعذبه
أكثر مما تواسيه , ضاقت به الأرض بما رحبت , فقرر الهجرة من
الساحل الغربي إلى الساحل الشرقي قاطعا ألف ميل أو تزيد , حيث شركات
النفط والفرصة أكبر , جمع أوراقه وشهاداته , يوم الوداع ,
خيم الحزن على العائلة , بعد يوم شاق صلى
العصر في الجامع , ودع أمه وأباه وأشقائه ,
ركب سيارته , أخذ جولة في الحارة , تفحص منازل الحي بنظرة توحي أنها
نظرة الوداع الأخير , توقف عند أحد المنازل , أطال النظر فيه كأنه يبث
أشواقه إلى ساكنيه ,
إنطلق والأمل يحدوه أن يجد عملا يعيده للحياة مرة أخرى , سافر
حاملا أماني السعادة , وأحلامه الوردية , وما إن بدأ البنيان ينفسر عنه
وهو يدخل في عمق الصحراء حتى بدأ الليل يسابقه إليها قادما من الشرق ,
يبتلع كل مامر عليه فأجتاحه الظلام وسيارته , إتشحت الدنيا بالسواد , تلاشت
ملامح الصحراء , جبالها , أوديتها , كثبانها الرملية , بدت كأنها سراب ثم
أختفت , لم يعد يرى إلا نجوم السماء من على يساره , تزداد توهجا مع
الوقت , وأضواء محطات الوقود
من على يمينه , بأنوارها الساطعة , تجاوز أول محطة ولم يلتفت إليها ,
ولاحت له من بعيد أخرى , تردد في الوقوف عندها , ثم قرر تجاوزها على أمل
أن يصل لأفضل منها , طريق طويل سرمدي في ليلة باردة مظلمة , أنوار
السيارات تظهر من بعيد فجأة فيسعد لرؤيتها ,ثم تقترب فيأنس بها وينشرح
لها صدره , حتى يؤذيه نورها , ثم تفارقه مبتعدة فيشعر بإنقباض في صدره
لايعلم سببه , في بداية مشواره كانت السيارات متفرقة
وقليلة جدا , ثم بدأت تنقطع عنه بالتدريج حتى تلاشت كليا
فأحس بالوحدة والوحشه , وكأن آماله تنقطع معها , سار وسار
وبدأ الأمر يثير إستغرابه فقد إنقطعت عنه جميع الانوار وبدأ كأنه
يبحر في بحر لجي , لا سيارات , لا محطات وقود , بل حتى القرى لم يعد لها
أثر ,بدأ الخوف يدب في أوصاله , وندم على إضاعته الفرصتين
لتعبأة الوقود , ثم أخذ يشجع نفسه إنها ليال الشتاء , ربما سوء الأحوال
الجوية تسبب في انقطاع الكهرباء , وخزه الجوع فتذكر أنه لا يحمل معه
أي مؤونة , إستمر في رحلته وحيدا وبدأ يشغل باله وقود سيارته فأرتعب
من فكرة نفاده قبل أن يصل لأي مكان , ازداد قلقا وخوفا ,إستمر في سيره ,
واخذت الشكوك تساوره , هل هو على الطريق الصحيح
أم أنه سلك الطريق الخطأ فأزداد رعبا ,
تكالبت عليه , ظلمة الليل وبعد المسافة مع الوحدة والخوف , يرافقها
البرد والجوع , يؤججها إحتمال الضياع , فتضاعفت معاناته , استمر في
رحلته عله يجد قرية تؤانسه أو نورا يعيد الأمل إليه , واصل قيادته واخذ
يحدث نفسه , لو كنت على الطريق الصحيح أين القرى , بل أين العاصمة ,
يفترض أني وصلت اليها , هل إختفت فجأة , كغيرها , يا الله العاصمة , في
محنتي هذه إذا خاب ظني بها , فأين أذهب وبمن ألوذ , إستمر في سيره
وأستمرت همومه معه , و لا زال يأمل برؤية العاصمة لعلها تكون طوق
النجاة , جاهد نفسه حتى أيس من رؤيتها , فتابع رحلته بإتجاه الشرق ,
أجهده السفر وبلغ منه الإعياء مبلغه , فأخذته إغفائه , وهو يقود
سيارته , لم ينتبه الإ بعد خروجه من على الطريق , كاد أن يهوي
على أثرها في مجرى أحد الاوديه , أوقف سيارته وأحكم إغلاق
الأبواب وقرر إنتظار الصباح والمبيت بداخلها , لم ينتبه من نومه
إلا وحرارة الشمس تلسع وجهه , رفع رأسه وإذا البحر أمامه ,
يمتد إلى مالا نهاية , لم يستوعب ,أغمض عينيه , هز
رأسه بعنف , مسح عينيه , عدل مرآة سيارته ,
نظر فيها , فهاله البياض الذي يكسو شعره .
............
تعليق