بحث مبسط حول الرغبة -1-

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • إيمان ملال
    أديبة وكاتبة
    • 07-05-2010
    • 161

    بحث مبسط حول الرغبة -1-

    السلام عليكم،
    إليكم بحثاً مبسطاً حول الرغبة من وجهة النظر الفلسفية، مع الإعتذار عن بعض الأساليب الركيكة في الموضوع النتاجة عن ترجمة خاصة ولم يتم النظر في سلامتها من طرف مختص في الترجمة، لذلك حاولت قدر الإمكان تقريبها إلى المعاني الموافقة لها في العربية.


    الرغبةُ عِنْدَ : أفلاطون 428 ق.م


    تحدث أفلاطون كثيرا عن الرغبة خصوصاً في الكتاب التاسع من " الجمهورية" حيث رأى أن الإنسان كائن راغب؛ ذلك أن الرغبة خاصية متجذرة وفطرية فيه. غير أنهناك رغبات غير ضرورية يجب أن يتدخل العقل من أجل اقتلاعها أو تنظيمها والتقليلمنها، والإبقاء فقط على الرغبات الأفضل.

    الرغبةُعند: اسبينوزا (1632-1677)


    في حين تحدث سبينوزا عنها في كتابه " الأخلاق" فعبر عن الرغبة أنها شهوة مصحوبة بالوعي، من منطلق أن الإنسان ينتج الأفكار ليحافظ على وجوده، وبالتالي تصبح الرغبة خاصية إنسانية تميز الإنسان لتؤهله ليكون كائنا راغباً بامتياز.

    الرغبة عند: أبيقور (341-270ق.م)


    بالنسبة لأبيقور فيلسوف المدرسة الرواقية، فقد حدد علاقة وطيدة بين الرغبة واللذة، إذن لا يحدث أن يرغب الكائن بشيء إلا إذا كان يحقق له اللذة والمتعة، واللذة عنده هي ذلك الخير الرئيسي والطبيعي، بل وهي مقياس لكل سعادة، وكما لا يختلف عنه ديكارت فهي أيضا بالنسبة له تتمثل في دفع الألم والخوف والسعي لتحقيق سلامة وراحة الجسم والنفس، لهذا يبدو أن الحياة الأبيقورية حسية وروحية في آن واحد. لكن إن كان أبيقور يجعل أساس الرغبة هو اللذة، ويعتبرها هي الخير الأول، فإنه مع ذلك يدعو إلى تجنب البحث عن لذات مزيفة تتبعها آلام حقيقية، كما يجب تجنب بعض الآلام التي يعقبها شعور باللذة، ولذلك يقول: " إن كل لذة هي في ذاتها خير، إلا أنه لا ينبغي أن نبحث عن كل اللذات."

    الرغبة عند: آرثر شوبهاور (1788-1860)


    من جهة أخرى يرى آرثر شوبنهاور أن اللذة تعبر عن نقص بحيث تبقى في حالة ألم أبدي حيث لا إشباع تام، وحتى لو كان هناك احتمال لإشباع تام، فإن الإنسان يسقط لا محالة في فخ الضجر والألم اللذين هما بالنسبة له عنصرين مؤسسين للحياة.

    التطابق الظاهر بين الرغبة والحاجة :


    - الرغبة والحاجة كلاهما يستلزم النقص أو الغياب في موضوع معين:

    في اللغة العامة، نقول مثلاً " نحن نرغب في هذا الشيء " أو نقول " نحن بحاجة إلى هذا الشيء"، أي بصفة أخرى: إننا نعبر عن المفهومين كما لو كانا متطابقين في المعنى. فكلاهما يشير إلى نقص أو غياب تام لموضوع ما.
    مثالان سوف يوضحان أكثر: عندما أشعر بالجوع أو العطش، فمعنى هذا أنني أرغب في الأكل أو الشرب، إذن أنا أفتقر إلى الغداء والماء،أي بصيغة أخرى : إنني بحاجة إليهما.
    وعلى العكس من ذلك، حينما أملأ رغبتي في الأكل أو الشرب، وأشبع رغباتي الطبيعية، فإنني لا أُبدي أية رغبة في الأكل أو في الشرب.

    - " إننا لا نرغب إلا فيما لا نتوفر عليه " بمعنى ما نحن بحاجة إليه .

    ذلك ببساطة التعريف الذي قدمه أفلاطون في "Le Banquet (199 d-200 e)" : الرغبة لا يمكن أن تولد إلا انطلاقا مما لا نملك، ومما لسنا هو. مثلا، الرجل الذي – في مرحلة عمرية معينة من حياته – أصبح كبيراً وقوياً، فلن يرغب بأن يصبح قوياً وكبيراً لأنه أصلاً كذلك. يجب ان نقول إذن مع أفلاطون: " ما لا نملك، وما لسنا هوَ، وما نفتد إليه، هذه هي مواضيع الرغبة والحب."
    الرغبة والحاجة، مفهومان يبدوان متطابقين في ظاهرهما، أو على الأقل مرتبطين بعلاقة وطيدة.

    الرغبة والحاجة مفهومان مرتبطان بالرغم من أنهما مختلفان:
    -الحاجة بالمعنى الدقيق تخدم الجسد، والرغبة تخدم الروح:

    يمكن أن نعرف الحاجة كنقص موضوعي مطالب به فيزيولوجياً : نكون بحاجة للتغذية حينما يكون جسمنا في حاجة إليها حتى يحافظ على وجوده .
    الرغبة تنتج عن الشعور أو الوعي بأن روحنا و فكرنا بحاجة إلى موضوع مُجسد، بمعنى أن الموضوع مجسد لكنه لا يشبع رغبة جسدية، ولكن رغبة روحية بالمعنى الصحيح =< إذن موضوع الرغبة ملموس لكنه يخدم رغبة ميتافيزيقية – إن صح التعبير -.
    وهكذا، يكون للرغبة محتوى يختلف عن الحاجة البسيطة : الحاجة لها كموضوع التغذية بصفة عامة، في حين الرغبة تنصب نحو شيء معين، بدلالة أذواقي، أحاسيسي لحظة تذكر بعض الذكريات ... إلخ.
    عندما نجد الحاجة مرتبطة بما هو مادي في حياة الإنسان، فإن الرغبة تكون-على العكس من ذلك لأنها تولد من الفكر-مرتطبة بحياة الإنسان الفكرية والنفسية والروحية.

    إشباع الرغبات، هل يحقق السعادة؟


    المقدمة:

    يفترض الإشباع وجود نقص، أو غياب.
    الرغبات: تعبير عن شعور إنساني بشكل مثالي، وينصب على البحث عن اللذة. الرغبة ذات دلالة غامضة، لأنها في الوقت ذاته، بحث عن اللذة و ألمٌ لأنها مرتبطة مباشرة بالنقص والغياب.
    السعادة: كلما حاولنا البحث عن تعريفها، إلا وظهرت على أنها مفهوم مركب من عناصر تبدو وكأنها متناقضة فيما بينها.
    قبل كل شيء، إذا تطرقنا إلى إيتيمولوجيا الكلمة، سنلاحظ ان السعادة مرتبطة بالحظ، وهي دائماً منتهية، عكس الفرح والسرور واللذة التي تعتبر لحظية ومؤقتة لأنها لا تشكل سوى مراحل زمنية محددة من السعادة.

    انطلاقاً من إجابتنا عن التساؤلات التالية :

    1- ماذا نفهم من مصطلح " الرغبة " ؟
    2- ماذا نفهم من تناقض الرغبة والسعادة؟
    3- السعادة هي مثالية لا تتحقق سوى في الخيال ؟
    - خلاصــة تركيبية .

    نستطيع أن نتبين مع ديكارت ارتباط الرغبة بالسعادة، فإذ يقر بتعدد الرغبات وتغيرها بحسب تعدد موضوعاتها فإنه يفاضل بينها، ليضع الرغبة المتولدة عن الإحساس بالبهجة هي أقوى الرغبات أو المتمثلة في الميل نحو شخص نعتقد فيه صفات الكمال الذي بإمكانه أن يشكل ذاتنا الأخرى، والواقع هذا الميل هو الذي يعكس رغبة الحب.
    - لكن هل هذه البهجة أو السعادة تتعلق أساسا بالرغبات الحسية الجسمانية، ومن ثم إلى أي حد تتوقف السعادة على تلبية الشهوات الحسية؟ ألا يمكن أن يؤدي تحقيق الملذات المادية إلى الشقاء بدل السعادة؟
    - الواقع أن هناك موقفا فلسفيا كان قد تبلور منذ الفلاسفة الإغريق.
    هذا الموقف الذي يعتبر أن الرغبات المرتبطة بالجسد لا يمكنها إلا أن تضع الإنسان في الدرك الأسفل من الحيوانية كتحقيق هذه الرغبات يجعل النفس أسيرة للشهوات ولذلك لا يمكن أن يتحصل الكمال أو السعادة بتحصيل اللذات الجسمانية لأن من شأن ذلك أن يجعل الإنسان أسير أهواءه وشهواته، والحال أن الرغبات لا ينبغي أن تكون مجرد انفعال بل فضيلة أخلاقية تترجم العيش وفق أوامر العقل والأفكار المطابقة على حد تعبير سيبنوزا. فالسعادة تكمل في العيش وفق العقل الذي يجنب من اضطراب الانفعالات ويمكن من تحصيل المعرفة من الدرجة حيث يرى من يعيش وفقها أن كل حدث أو كل شيء إنما هو نابع من الطبيعة الإلاهية أو الضرورة الطبيعية فهو يعرف كل شيء ضمن تفرده وكليته في الوقت نفسه.

    - نكون بإتمام هذه الخطوات قد أجبنا عن السؤال المطروح : هل إشباع الرغبات يحقق السعادة؟

    العلاقة بين الرغبة والحكمة:


    - ماذا يعني أن " تكون حكيماً" ؟

    حسب التمَثلِ المشترك بين ما طرحته فلسفات الفلاسفة، الحكيم هو الذي يملك قدراً كافياً من التجارب، وبالمقابل يملك القدرة على تمييز المعنى الصحيح من الخاطئ في الأشياء التي تصادفه أو تعرض عليه، ويملك المعرفة بتلك الأمور والحدس الصحيح، حتى يعرف كيف يتصرف أمام كل الظروف، وهو أيضا ذلك الشخص الذي حقق مرتبة عُليا في السعادة.
    بهذا المعنى، " أن تكون حكيماً" لا تعني فقط " أن تكون عالماً " : الحكمة تفترض معرفة أكيدة، ولها بُعْدٌ نَظَرِيٌ، ولكنها يستلزم وبالظرورة بُعْداً تطبيقياً، القدرة على التصرف الصائب بِـمَعْنَيَيْنِ اثنينِ: * التصرف المادي الصحيح من جهة، *والتصرف السيكولوجي الصحيح من جهة أخرى.
    وهذا هو التعريف الذي يقدمه ديكارت لمفهوم الحكمة: بهذه الكلمة نسمع " معرفةً كاملةً بكل الأمور التي يمكن للإنسان أن يعرفها، لأجل قيادة حياته، أكثر من الحفاظ على سلامة صحته والإبداع في مختلف الفنون"(Lettre préface des Principes de la philosophie).( ترجمة المجموعة )
    يمكن القول إذن، إن الحكيمَ هو من يفكر بطريقةٍ جذريةٍ، ويتصرف بطريقةٍ عقلانيةٍ.
    - رغباتنا هي في غالب الأحيان لاعقلانية:
    إننا نرغب في معظم الأحيان في أشياء مستحيلة، مثلاً ( أن أكون غنياً دون أن أبذل أي جهدٍ في العمل)... هذه الأنواع من الرغبات تتناقض تماماً مع فكرة الحكمة ذاتها .
    - الرغبات كلها لاعقلانية :
    يمكن أن نذهب بعيداً ونقول إن الرغبة هي ما يتنافى جذرياً مع العقل، كما بينه أفلاطون في " الجمهورية" ( الكتاب التاسع) حينما يحدد في الروح الجانب "الراغب" منها والجانب" العقلاني" واللذَيْنِ في صراع دائم : عندما يرغب إنسان في الشرب بدون توقف، فإن عقله يجب أن يمنعه من هذه الرغبة، يجب أن يسيطر عليه أو يوجهه حتى يتصرف هذا الشخص بِــحِكْمَةٍ، وهذا ما تطرقنا إليه في محور سابق.
    الرغبة وانفعالات النفس-
    **تعليق على المقالة السابعة والخمسون : الرغبة، من كتاب انفعالات النفس- رونيه ديكارت
    يرى ديكارت أن الرغبة تنشأ في الأصل عن طلب لخير ما، والسعي إلى إبعاد كل ما له علاقة بالألم، بل وكل ما قد يزعج كيانه البشري، هكذا إذن تكون الرغبة سبيلاً هادفاً إلى تحقيق الكمال البشري، حيث لا شعور بالخوف ولا بالألم ولا تهديد بواسطة الشر، إنها تعبر الطموح الأكثر سموا لدى الكائن الراغب، طموح إلى تحقيق السعادة الكاملة.
    حتى ولو لم يتمكن ذلك الكائن الراغب من تحقيق تلك السعادة فإنه يكتفي حينها بالتلذذ بسعادة زائفة، قد تدوم مدتها طويلا وقد تقصر، لكنها تبقى مؤقتة ليعود إلى حالته القبْلية من جديد، وتولد لديه رغبة جديدة لتحقيق سعادة أكبر من تلك التي سبق له أن وصل إليها.



    سوف أول بإرفاق المعجم المتعلق بالبحث في الجزء الثاني من الموضوع.

    التعديل الأخير تم بواسطة إيمان ملال; الساعة 08-05-2010, 07:21.
    استطاعت الإنسانية أن تحقق العظمة والجمال والحقيقة والمعرفة والفضيلة والحب الأزلي، فقط على الورق.

    جورج برنارد شو


  • مصطفى شرقاوي
    أديب وكاتب
    • 09-05-2009
    • 2499

    #2
    ..... هي الرغبة عند الفلاسفة : فسوادهم الأعظم يرى أن كل شئ نحتاج إليه نحن راغبين فيه ... وهي وجهة نظر قوية .. ولكِن ألا ترين معي أننا عند المرض نحتاج أن نُشفى ؟ بالفعل نعم إذاً باقي السؤال هل نحن نرغب في مرارة الدواء ووخز الإبر ؟
    نحن نحتاج إلى السعادة ولكنا لن نصل إليها في دنيا مليئه بالأحداث الصعبة وبالكدر ..... نريد النعيم ولا نرغب في تخطي الصعاب الموصلة إليه .. هكذا نحن بني البشر .....
    تتمثل الرغبة من وجهة نظر الحكمة أنها الشئ الذي نريده بنهم .... كما ورد في جزء نقتصه من بحثك عن العطش نريد أن نشرب الكثير والكثير ولا نتوقف وهذا لا يُعقل إذ أن الشرب حتى الإرتواء هذا ما نحتاجه وما فوق ذلك هو الرغبة .... وما ورد على لسان أبو الخليل إبراهيم في القرآن " قال أراغبٌ أنت عن آلهتي يا إبراهيم " فجاءت هنا الرغبة بمعنى الخروج عن المألوف ................... الواضح أن الرغبات جميعاً لا تتحقق إذ أننا نرغب بالفعل فيما هو بعيدٌ عنا ولا نملكه وإذا جاء لنا طوعاً أو حتى كرهاً أخذنا حاجتنا منه ولم نستطيع أن نشبع كل رغباتنا فيه .. والدليل على ذلك تلك العبارات الكلاسيكية المنمقة والأحلام الوردية المزركشة التي يتداولها العُشاق وبعد أن ينال منها ما يريده لسد جوعته لا يستطيع إكمال الطريق معها ومع رغبته .......... هذا هو قانون الحياة الذي لا يمكننا تغييره .. نحتاج ونرغب ... نستطيع أن نأخذ كل ما نحتاج ولكنا لا نستطيع أن نحصل على كل ما نرغب .... متابع معكم إن شاء الله

    تعليق

    • محمد المختار زادني
      أديب وشاعر
      • 01-07-2007
      • 102

      #3
      السلام عليكم

      اسمحوا لي بإبداء رأيي في البحث ككل في نقطتين:
      أولا
      أجد البحث قد وقف عند رأي فلاسفة بينما كان الأفضل أن ينظر في رأي علماء النفس المحدثين والذين أثروا هذا الجانب بدراسات معمقة في تحليل رغبات الإنسان ودافعيته ودققوا في الميول والاتجاهات وغيرها.
      ثانيا:
      نحن نقول رغب فلان في الشيء ونقول من جهة أخرى رغب عن الشيء والاصطلاح هنا بحتاج إلى مناقشة من ذوي الاختصاص من اللغويين

      دمتم بخير

      تعليق

      • إيمان ملال
        أديبة وكاتبة
        • 07-05-2010
        • 161

        #4
        وعليكم السلام،
        فيما يخص الملاحظة الأولى، أتفق معكم تماما، ولكن بحثي البسيط ذاك كان بحثاً مدرسيا في مادة الفلسفة، مما يعني أن اي خروج عن الفلسفة قد لا يكونفي مصلحتي، ولم اجد مانعا في نشره رغم محدودية رؤيته للموضوع

        بخصوص الملاحظة الثانية، يمكن اعتبار البحث يتمركز بالأساس حول مفهوم " الرغبة في " وليس " الرغبة عن" بدليل الآية القرآنية الكريمة : "( قال أراغب أنت عن آلهتي يا ابراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني ملياً ( 46 )
        استطاعت الإنسانية أن تحقق العظمة والجمال والحقيقة والمعرفة والفضيلة والحب الأزلي، فقط على الورق.

        جورج برنارد شو


        تعليق

        • حسين يعقوب الحمداني
          أديب وكاتب
          • 06-07-2010
          • 1884

          #5
          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

          موضوع عميق وجميل اخذنا منه كثير وليس قليل عودة أخرى للرغبه ولزمناه المحدد الجميل
          تحياتي لكم

          تعليق

          • إيمان ملال
            أديبة وكاتبة
            • 07-05-2010
            • 161

            #6
            أستاذ / حسين يعقوب الحمداني

            شكرا على التعليق، ويشرفني قراءتكم للموضوع.

            دمتم بود
            استطاعت الإنسانية أن تحقق العظمة والجمال والحقيقة والمعرفة والفضيلة والحب الأزلي، فقط على الورق.

            جورج برنارد شو


            تعليق

            يعمل...
            X