المقامة البرزخية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمود شاكر شبلي
    أديب وكاتب
    • 30-09-2009
    • 71

    المقامة البرزخية

    بسم الله الرحمن الرحيم

    المقامة البرزخية

    الأحداث الغريبة و العجيبة التي حدثت لناطق بن أمونه بعد أصابته الملعونة

    حدّثني محمد العطوان قال ..

    وصلتنا الأخبار من الانبار, بأن صديقنا وأخونا (ناطق بن أمّونه) , قد أصيب بإحدى الأنفجارات المجنونة , التي تدبرها فلول البعث الفاسدة وتنفذها بهائم القاعدة , حينما كان بطريقه لزيارة أخته الوحيدة , (حميده) , حيث تعيش وزوجها وابنتيها وأبنها ..
    فهرعنا أبي وأخوتي وأنا استعدادا للوقوف مع الصديق عند الضيق , وارتدينا للسفر جلابيبه , وأمسكنا من الغرب بتلابيبه , وامتطينا الطريق ومعنا من أهل ناطق فريق ..
    وجبنا المناطق , بحثا عن عزيزنا ناطق ..
    وبذلنا جهودا للعثور عليه حثيثة , حتى وقعنا عليه في مشفى ناحية حديثه ..
    وصادف أن كان لي من أهل حديثه بعض من أصدقاء الخير من المعدن النفيس , فكانوا لنا كل الوقت كما يكون الحادي حين تضل العيس , وضيّفونا بما هو أهل بسناعيس ..
    حتى تعافى ناطق وشفى , وغادر المشفى ..
    ثم زرناه في منزله بكرخ بغداد , فاحتفى بنا على غير ما أعتاد ..
    فقد أحضر لنا أجود أصناف الطعام وأكرمنا خير ( إكرام ) ..
    ثم جلسنا نتحدث عمّا حدث ..
    فبيّن لنا الزمان ووصف لنا المكان , وشرح ماو قع وماكان , وكيف أنه من شدة العصف , طار ... ولكنه .. وهنا سكت ناطق .. وأجا ل نظره بيننا ثم أضاف قائلا..
    - لم أنزل .. فقد وجدت نفسي في أعجب منزل ..!!
    فضحكنا .. معتقدين أنه يمزح ..
    ولكنه تجهم ..فسكتنا .. فأفصح ..
    قال ..حدث لي أمر غريب , ومررت بحدث عجيب ..
    رأيت كما يرى النائم في منامه أني قد تنكبت أمتعتي , وحملت في جعبتي , مؤونتي , وأمسكت عصا بيدي , وسرت في درب طويل ..
    ملتو حينا , وحينا صحيح ..
    ضيق وقتا , ووقتا فسيح ..
    شائك بعضا , وبعضا مريح ..
    أتعثر وأقع , ثم أستجمع قواي وأتكئ على عصاي .. وأقوم ..
    حتى وصلت إلى قلعة حصينة ..محفور على بابها كلمات رصينة.. تقول ....(اطرح مؤنتك وزادك وتهيأ ليوم معادك ) ..
    دخلت فالتقفني رجل مهيب بملابس بيضاء بلا عيب , ولحية سوداء قد خطها الشيب ..
    وقال .. ما الذي أتى بك يا ناطق , فهذا ليس يومك .. ؟
    قلت.. أنا تعب وأنشد الراحة يا ...عبد الله ..
    قال.. سترتاح هنيهة ثم تعود.... بأذن الله ..
    ولكن, تعال معي لتشاهد بعض المشاهد .. حتى تعتبر , وعن ذنوبك تعتذر ..
    فقادني إلى ميدان كبير , , فيه من الخلق كثير , تكتنفه ريح السموم , وسيما أهله التعب والهموم ..
    قلت ..من وما هؤلاء ..؟
    ولم تسربلوا بالتعب , وتمنطقوا بالهم , وتعمموا بالغم ..؟
    قال ..أنهم بعض من نزلاء هذي الدار..
    و لقد حان وقت إطعامهم , وستراهم , وتعلم ما أتعبهم وأهمهم وأغمهم ..
    قرع ناقوسا كان على جنب .. فأندفع الجميع , كالقطيع , يتدافعون بالأيدي ويتراكلون بالأقدام , لدخول مكان الأدام ..
    دخلنا ورائهم .. فوجدناهم قد تحلّقوا حول مائدة عظيمة , فيها من الطيبات أصناف , مما تشتهي الأنفس وتعاف , وحمل كل واحد منهم بيده ملعقة طولها بضع أقدام.. تصل الطعام .. فيتناول .. ويريد بفمه إقحام ما يلقط .. فيمنعه طول الملعقة المفرط ..
    ويعيد كل منهم الكرّة , ولا فائدة بالمرّة ..حتى خرجوا جميعا والجوع يغزو بطونهم , والحنق يملأ نفوسهم..
    خرجنا , فقادني إلى ميدان آخر يعبق بريح الريحان والورد , فيه من عباد الله وفد .. تبدو عليهم أمارات السعادة والود ..
    قرع الناقوس .. فتوجهوا إلى رحبة أدامهم بهدوء , وكل منهم يفسح للآخر ويقدّمه على نفسه ..
    دخلنا بعدهم , فوجدت نفس الطعام , وعين النظام ..
    ووجدتهم قد حلّوا إشكال الملعقة الطويلة , بطريقة ذكية جميلة .. حيث كان كل واحد يتناول بملعقته بعض الطعام , ثم يضعه بفم صاحبه بهدوء وانتظام , حتى طعموا أجمعين , وخرجوا شبعين ..
    فقال لي الرجل المهيب هذا ما درج عليه الجمعان واعتادا عليه في الدنيا , فهل اعتبرت..
    والآن .. عد يا ( فارس المجا لس ) فمازال لك في الدنيا نصيب..
    وأعلم أن ( بئس الزاد إلى المعاد : العدوان على العباد )
    فوجدت نفسي في المشفى أكابد ألم رهيب وأنا بين يدي طبيب , له شبه غريب بالرجل المهيب ,.. خاطبني قائلا ..
    أق..عد يا ( فارس المجا لس ) .. فمازال لك في الدنيا نصيب..
    فنظرت إليه مستغربا ..(كيف عرف بأمر المجالس )..؟!
    فأبتسم ونظر إلي برضا , ومضى , ولم أره بعد أبدا .. !
    فسكت ناطق , ونظر إلينا وانتظر , ولكننا كنّا نجول في غير منظر ,
    فتنحنح والدنا وهتف .. اللهم صل على محمد خير الأنام , وعلى اله وصحبه المنتجبين الكرام ..
    ثم أستأذن لنا ,
    فخرجنا وسمعته ينشد ..
    جاءنا ناطق سالما صالحا ........ بعد ما كان ماكان من ناطق
    حدّثنا ناطق حديثا ناصحا ........ بعد ما زار خير المناطق

    والسلام على من استفاد وأعتبر ..
    وأفادنا بتعليقه عن الخبر ..
    التعديل الأخير تم بواسطة محمود شاكر شبلي; الساعة 14-05-2010, 13:38.
  • مهند حسن الشاوي
    عضو أساسي
    • 23-10-2009
    • 841

    #2
    [align=center]

    الأستاذ محمود شاكر شبلي
    كعادتك خبير بالمقامة وبأصولها الفنية
    ومقاماتك نتاج شعور صادق بما تحسه تجاه شعبك ووطنك
    وما أروع ما قدمت من العبرة في هذه المقامة والتي اكتنفت رمزاً معبراً وإشارات سياسية واضحة
    ولعلها تمثل رد فعل تجاه واقع شعرته أو حروف قرأتها
    إن هؤلاء المفسدين الذين يستخفون بحرمة الدم العراقي الطاهر باسم المقاومة التي دنسوا مفهومها
    وأقرب مثل ما حدث قبل أيام في البصرة وبابل وكيف أنهم قتلوا مئات العمال المساكين من أبناء الطبقة الفقيرة
    ليستحقوا أن يلعنوا أبد الدهر
    فقط هناك بعض الهفوات النحوية منها:
    ملتوٍ حين , وحين صحيح .. أعتقد أن الصواب (حيناً)
    ضيق وقت , ووقت فسيح .. أعتقد أن الصواب (وقتاً)
    اللهم صلي على محمد خير الأنام .. الصواب (صلِّ)
    والبيت الثاني من البيتين مكسور عروضياً
    أتمنى أن تستدركها بالتصحيح .. وأجد أن مقامتك تستحق التثبيت
    تقبل وافر الاحترام



    [/align]
    [CENTER][SIZE=6][FONT=Traditional Arabic][COLOR=purple][B]" رُبَّ مَفْتُوْنٍ بِحُسْنِ القَوْلِ فِيْهِ "[/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/CENTER]

    تعليق

    • محمود شاكر
      أديب وكاتب
      • 12-09-2013
      • 20

      #3
      ذكرت المقامه وشعرت بالحنين لكتابة أخرى ..ولكن البال مشغول والذهن مشوش وأعتذر عن الانقطاع..
      محمود شاكر شبلي

      تعليق

      يعمل...
      X