[align=center]
ماء الغدير
قصة
نزار ب. الزين *
[/align]
[align=right]الغديرهو اسم القرية يقطنها فرع من عشيرة الصوّان مُنحت لهم أرضها من قبل حكومة الانتداب ضمن برنامج لتوطين البدو الرحل ، و بنيت بيوتها فوق خرائب بلدة رومانية أو بيزنطية أو ربما من العصر الحجري ، أصابها زلزال أو ربما انفجار بركان ، فدمرها و هجّر من بقي حيا من سكانها إن بقي أحياء ! ذلك أن البلدة بجدرانها وأسقفها و أبوابها و نوافذها قُدت جميعاً من الحجر الأسود ، مما جعل الكارثة يومئذ - على ما يبدو - مأسوية .
المحظوظ من المستوطنين الجدد من كان نصيبه فيها غرفة أو اثنتين سليمتين فانه سيرمم بقية المنزل ليعود كما تركه أصحابه ، أما الآخرون فقد استخدموا أحجار الخرائب لبناء بيوتهم كيفما اتفق . و كذلك فإن الدرب الرئيسي و الدروب الفرعية ملأتها الأحجار السوداء من كل القياسات فجعلت من المستحيل أن تمر فوقها أية مركبة ،أما الدرب الوحيد الصالح فهو الذي يربط بين مخفر الدرك بالطريق العام و هو شارع عريض و لكنه ترابي .
و تحيط بالقرية أراضٍ استزرعوها رغم صعوبة استصلاحها ، و لكن النبعتان الغربية و الشرقية ، كانتا تشجعان السكان الجدد على الإستمرار ، رغم صعوبة المناخ و تدني الحرارة إلى ما دون الصفر معظم أيا الخريف و الشتاء .
عندما تهطل الأمطار تفيض النبعتان بالماء و تظهر ينابيع أخرى هنا و هناك ، فتغرق ما زرعه السكان و قد تخربه ، أما في الصيف فتكاد النبعتان - و خاصة الشرقية منهما تجفان - مما جعل الزراعة الصيفية مستحيلة !
دوما ، كان السكان يشكون من اضطراب مصدرهم المائي ، فيفيض عندما لايكون له حاجة و ينضب عند الحاجة ، إلا أن إمتلاكهم لبعض الماشية ، كان يمنحهم بعض التعويض .
كان الأستاذ مروان ، يستمع متأثرا إلى مشكلتهم ، و يناقشهم أحيانا حول إمكانية حفر بئر قد يكون ماؤه غزيرا ، كما فعل أهل قرية الختمية التي لا تبعد أكثر من بضعة كيلومترات ، و لكنهم كانوا يرفضون الفكرة بحجة أن الأرض صخرية و أن أدواتهم البدائية لن تمكنهم من ذلك ، و عندما اقترح عليهم استقدام آلة حفر هزوا رؤوسهم آسفين ، لأن إمكانياتهم المادية لا تسمح لهم بذلك !
*****
و ذات يوم
و بينما كان الأستاذ مروان في العاصمة في زيارة الأهل
قابل أحد أقاربه و هو مهندس بناء
سأله " أين يُدرِّس" ، فأجابه " في قرية الغدير "
تبسم قريبه هذا ، ثم سأله :
- أتدري أنني كنت المهندس الذي أشرف على بناء مدرسة الغدير ؟
دهش مروان لهذه المصادفة و لكنه فوجئ أكثر عندما أضاف :
- إصغ يا مروان إلى القصة العجيبة التي حدثت لي هناك !
فبينما كنا نحفر لبناء أساسات المدرسة ، سمعنا هديرا غامضا ، حفرنا أكثر ، ففوجئنا بمجرى ماء قوي ، جرف أداة الحفر التي كان يستخدمها أحد العمال ...
و لكن في اليوم التالي و بعد أن استدعينا قائد المخفر ليشاهد معنا ما شاهدناه ، كانت الصدمة ، أن ذلك المجرى قد غار و اختفى !
أجابه مروان متحمسا :
- هذا معناه أن المنطقة تعوم فوق بحر من المياه .
- محتمل ، لأن المنطقة تقع على أحد سفوح جبل الشيخ ، و الثلج كما تعلم يغطي قمم الجبل صيفا شتاء ، مما يشكل مصدرا مائيا لا ينضب .
*****
لم ينم مروان تلك الليلة و هو يفكر بالخبر السعيد الذي سينقله لسكان قرية الغدير ، فقد يقضي على فقرهم و يرحمهم من ابتزاز أبو عادل المرابي ، و أبو شاكر البقال اللذان ما فتئا يستنزفانهم ،
*****
منذ لحظة وصوله إلى القرية و قبل أن يستريح ، توجه إلى مضافة المختار ، الذي استدعى وجهاء القرية بدوره ( إلى مؤتمر قمة !. )
كانوا بين مصدق و مكذب ..
و لكن الأستاذ مروان أوضح لهم أهمية الأمر ، و أن من أخبره مهندس معروف ، و لا بد أن أحدهم أو بعضهم تذكره .
و بعد مداولات ، تخللها الكثير من المشاجرات و المهاترات ...
استمرت حتى ساعة متأخرة من الليل ، ثم استغرقت اليوم التالي بطوله ...
صدر قرار غير ملزم ...
أن يكلفوا شبان القرية بالبدء بحفر بئر بجوار المدرسة ....
*****
بدؤوا الحفر متحمسين و هم يهزجون ....
فترت حماستهم بعد ساعة أو تزيد قليلا .....
كُسرت مِجرفة محمد العبد الله ، فانسحب غاضبا !
ثم بدؤوا ينسحبون الواحد تلو الآخر !!!
حاول الأستاذ مروان ثنيهم عن ذلك...
قال أحدهم : " إننا كمن ينطح رأسه بالصخر "
قال آخر: " أتعبتنا يا أستاذ مروان بلا طائل ..."
آخرون رفضوا حتى الإصغاء إليه ، أداروا ظهورهم له ، ثم غادروا و هم يغمغمون ..
وقف مروان على حافة الحفرة الجافة التي لا يزيد عمقها عن المتر الواحد ، و قد غمره شعور بالخيبة و الإحباط ..
و في الأيام التالية ، ظل مروان يسمع التعليقات اللاذعة و التلميحات الساخرة أينما سار أو زار فيتجاهلها...
و ظل يقرئ السلام فيردون سلامه بجفاء أو لا يردون ...
*****
أما في المدرسة ، فقد حاول ابن المختار إحراجه ، فسأله و قد رسم على شفتيه ابتسامة خبيثة :
- يقولون في القرية أن ماء الغدير إبتلعته أفعى ألفيَّة ، يا استاذ !!!...
و قبل أن يتم كلامه دوت ضحكات التلاميذ .
تمكن الأستاذ مروان بصعوبة من ابتلاع غضبه ، ثم بادرهم قائلا بأعلى صوته :
" درس اليوم سيكون عن ماء الغدير ، و عن المياه الجوفية بشكل عام"
و بعد أن شرح لهم كيف تتسرب المياه بين الصخور لمسافات شاسعة ، فتشكل مجارٍ خفية و على أعماق مختلفة ، منها ما ينبثق تلقائيا كنبعي الغدير الشرقي و الغربي ، أو ما يُجر صناعيا عن طريق حفر الآبار ، كما حصل في قرية الختمية ؛ ثم أضاف مؤكدا بصوت الواثق من كل كلمة يتفوه بها :
" الإنسان الجاد المخلص لبلده لا يستسلم أبدا ، كما فعل شبان الغدير منذ يومين .. و ما فشلوا فيه كان نتيجة خمولهم و يأسهم السريع ، و ليس نتيجة معلومات خاطئة أو مزحة ثقيلة كما يشيعون ! "
ثم أضاف :
" ما فشلوا فيه قد تنجحون فيه أنتم عندما تكبرون ، فقط إذا تحليتم بالجد و وحدة الراي و الصبر و المثابرة . "
*****
ثم استعرت حرب تشرين
الطاغوث الذي استنسخوه على ضفاف التايمز ، من جينات عمرها أكثر من ألفي عام ، التقطوها من أحافير التاريخ ..
أصبح عملاقا ..
فبدأ قفزته الكبرى الثانية ....
فاستولي من ضمن ما استولى ، على الغدير و ما جاورها...
ثم طالت أذرعه الأخطبوطية قمة جبل الشيخ ..
ثم أمده عمه جورج بآلة سبر تعمل بالموجات الزلزالية .
و أمده صديقه العم سام بآلتي حفر لم يروا مثلهما إلا ايام تمديد خط التابلاين .
و أمده صديقه الحميم بعد عداوه الهِر هانز بأنابيب فولاذية قطر واحدها مترا أو يزيد .
و أمده حبيبه مسيو روجيه بعدة مضخات قادرة على شفط بحر .
و صحا أهل الغدير ذات يوم ليفاجؤوا بنضوب النبع الشرقي !
و لكنهم فجعوا بعد عدة أيام بنضوب النبع الغربي !!!
و إذ جازف أحدهم فاقترب من السور الشائك المقام قرب المدرسة و النبع الغربي..
سمع هدير الماء يطغي على صخب المضخات ![/align]
[align=right]---------------
**ألفية : معمِّرة ألف سنة
---------------[/align]
[align=right]* نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
عضو الجمعية الدولية للمترجمين و اللغويين العرب ArabWata
الموقع : www.FreeArabi.com
البريد : nizar_zain@yahoo.com [/align]
ماء الغدير
قصة
نزار ب. الزين *
[/align]
[align=right]الغديرهو اسم القرية يقطنها فرع من عشيرة الصوّان مُنحت لهم أرضها من قبل حكومة الانتداب ضمن برنامج لتوطين البدو الرحل ، و بنيت بيوتها فوق خرائب بلدة رومانية أو بيزنطية أو ربما من العصر الحجري ، أصابها زلزال أو ربما انفجار بركان ، فدمرها و هجّر من بقي حيا من سكانها إن بقي أحياء ! ذلك أن البلدة بجدرانها وأسقفها و أبوابها و نوافذها قُدت جميعاً من الحجر الأسود ، مما جعل الكارثة يومئذ - على ما يبدو - مأسوية .
المحظوظ من المستوطنين الجدد من كان نصيبه فيها غرفة أو اثنتين سليمتين فانه سيرمم بقية المنزل ليعود كما تركه أصحابه ، أما الآخرون فقد استخدموا أحجار الخرائب لبناء بيوتهم كيفما اتفق . و كذلك فإن الدرب الرئيسي و الدروب الفرعية ملأتها الأحجار السوداء من كل القياسات فجعلت من المستحيل أن تمر فوقها أية مركبة ،أما الدرب الوحيد الصالح فهو الذي يربط بين مخفر الدرك بالطريق العام و هو شارع عريض و لكنه ترابي .
و تحيط بالقرية أراضٍ استزرعوها رغم صعوبة استصلاحها ، و لكن النبعتان الغربية و الشرقية ، كانتا تشجعان السكان الجدد على الإستمرار ، رغم صعوبة المناخ و تدني الحرارة إلى ما دون الصفر معظم أيا الخريف و الشتاء .
عندما تهطل الأمطار تفيض النبعتان بالماء و تظهر ينابيع أخرى هنا و هناك ، فتغرق ما زرعه السكان و قد تخربه ، أما في الصيف فتكاد النبعتان - و خاصة الشرقية منهما تجفان - مما جعل الزراعة الصيفية مستحيلة !
دوما ، كان السكان يشكون من اضطراب مصدرهم المائي ، فيفيض عندما لايكون له حاجة و ينضب عند الحاجة ، إلا أن إمتلاكهم لبعض الماشية ، كان يمنحهم بعض التعويض .
كان الأستاذ مروان ، يستمع متأثرا إلى مشكلتهم ، و يناقشهم أحيانا حول إمكانية حفر بئر قد يكون ماؤه غزيرا ، كما فعل أهل قرية الختمية التي لا تبعد أكثر من بضعة كيلومترات ، و لكنهم كانوا يرفضون الفكرة بحجة أن الأرض صخرية و أن أدواتهم البدائية لن تمكنهم من ذلك ، و عندما اقترح عليهم استقدام آلة حفر هزوا رؤوسهم آسفين ، لأن إمكانياتهم المادية لا تسمح لهم بذلك !
*****
و ذات يوم
و بينما كان الأستاذ مروان في العاصمة في زيارة الأهل
قابل أحد أقاربه و هو مهندس بناء
سأله " أين يُدرِّس" ، فأجابه " في قرية الغدير "
تبسم قريبه هذا ، ثم سأله :
- أتدري أنني كنت المهندس الذي أشرف على بناء مدرسة الغدير ؟
دهش مروان لهذه المصادفة و لكنه فوجئ أكثر عندما أضاف :
- إصغ يا مروان إلى القصة العجيبة التي حدثت لي هناك !
فبينما كنا نحفر لبناء أساسات المدرسة ، سمعنا هديرا غامضا ، حفرنا أكثر ، ففوجئنا بمجرى ماء قوي ، جرف أداة الحفر التي كان يستخدمها أحد العمال ...
و لكن في اليوم التالي و بعد أن استدعينا قائد المخفر ليشاهد معنا ما شاهدناه ، كانت الصدمة ، أن ذلك المجرى قد غار و اختفى !
أجابه مروان متحمسا :
- هذا معناه أن المنطقة تعوم فوق بحر من المياه .
- محتمل ، لأن المنطقة تقع على أحد سفوح جبل الشيخ ، و الثلج كما تعلم يغطي قمم الجبل صيفا شتاء ، مما يشكل مصدرا مائيا لا ينضب .
*****
لم ينم مروان تلك الليلة و هو يفكر بالخبر السعيد الذي سينقله لسكان قرية الغدير ، فقد يقضي على فقرهم و يرحمهم من ابتزاز أبو عادل المرابي ، و أبو شاكر البقال اللذان ما فتئا يستنزفانهم ،
*****
منذ لحظة وصوله إلى القرية و قبل أن يستريح ، توجه إلى مضافة المختار ، الذي استدعى وجهاء القرية بدوره ( إلى مؤتمر قمة !. )
كانوا بين مصدق و مكذب ..
و لكن الأستاذ مروان أوضح لهم أهمية الأمر ، و أن من أخبره مهندس معروف ، و لا بد أن أحدهم أو بعضهم تذكره .
و بعد مداولات ، تخللها الكثير من المشاجرات و المهاترات ...
استمرت حتى ساعة متأخرة من الليل ، ثم استغرقت اليوم التالي بطوله ...
صدر قرار غير ملزم ...
أن يكلفوا شبان القرية بالبدء بحفر بئر بجوار المدرسة ....
*****
بدؤوا الحفر متحمسين و هم يهزجون ....
فترت حماستهم بعد ساعة أو تزيد قليلا .....
كُسرت مِجرفة محمد العبد الله ، فانسحب غاضبا !
ثم بدؤوا ينسحبون الواحد تلو الآخر !!!
حاول الأستاذ مروان ثنيهم عن ذلك...
قال أحدهم : " إننا كمن ينطح رأسه بالصخر "
قال آخر: " أتعبتنا يا أستاذ مروان بلا طائل ..."
آخرون رفضوا حتى الإصغاء إليه ، أداروا ظهورهم له ، ثم غادروا و هم يغمغمون ..
وقف مروان على حافة الحفرة الجافة التي لا يزيد عمقها عن المتر الواحد ، و قد غمره شعور بالخيبة و الإحباط ..
و في الأيام التالية ، ظل مروان يسمع التعليقات اللاذعة و التلميحات الساخرة أينما سار أو زار فيتجاهلها...
و ظل يقرئ السلام فيردون سلامه بجفاء أو لا يردون ...
*****
أما في المدرسة ، فقد حاول ابن المختار إحراجه ، فسأله و قد رسم على شفتيه ابتسامة خبيثة :
- يقولون في القرية أن ماء الغدير إبتلعته أفعى ألفيَّة ، يا استاذ !!!...
و قبل أن يتم كلامه دوت ضحكات التلاميذ .
تمكن الأستاذ مروان بصعوبة من ابتلاع غضبه ، ثم بادرهم قائلا بأعلى صوته :
" درس اليوم سيكون عن ماء الغدير ، و عن المياه الجوفية بشكل عام"
و بعد أن شرح لهم كيف تتسرب المياه بين الصخور لمسافات شاسعة ، فتشكل مجارٍ خفية و على أعماق مختلفة ، منها ما ينبثق تلقائيا كنبعي الغدير الشرقي و الغربي ، أو ما يُجر صناعيا عن طريق حفر الآبار ، كما حصل في قرية الختمية ؛ ثم أضاف مؤكدا بصوت الواثق من كل كلمة يتفوه بها :
" الإنسان الجاد المخلص لبلده لا يستسلم أبدا ، كما فعل شبان الغدير منذ يومين .. و ما فشلوا فيه كان نتيجة خمولهم و يأسهم السريع ، و ليس نتيجة معلومات خاطئة أو مزحة ثقيلة كما يشيعون ! "
ثم أضاف :
" ما فشلوا فيه قد تنجحون فيه أنتم عندما تكبرون ، فقط إذا تحليتم بالجد و وحدة الراي و الصبر و المثابرة . "
*****
ثم استعرت حرب تشرين
الطاغوث الذي استنسخوه على ضفاف التايمز ، من جينات عمرها أكثر من ألفي عام ، التقطوها من أحافير التاريخ ..
أصبح عملاقا ..
فبدأ قفزته الكبرى الثانية ....
فاستولي من ضمن ما استولى ، على الغدير و ما جاورها...
ثم طالت أذرعه الأخطبوطية قمة جبل الشيخ ..
ثم أمده عمه جورج بآلة سبر تعمل بالموجات الزلزالية .
و أمده صديقه العم سام بآلتي حفر لم يروا مثلهما إلا ايام تمديد خط التابلاين .
و أمده صديقه الحميم بعد عداوه الهِر هانز بأنابيب فولاذية قطر واحدها مترا أو يزيد .
و أمده حبيبه مسيو روجيه بعدة مضخات قادرة على شفط بحر .
و صحا أهل الغدير ذات يوم ليفاجؤوا بنضوب النبع الشرقي !
و لكنهم فجعوا بعد عدة أيام بنضوب النبع الغربي !!!
و إذ جازف أحدهم فاقترب من السور الشائك المقام قرب المدرسة و النبع الغربي..
سمع هدير الماء يطغي على صخب المضخات ![/align]
[align=right]---------------
**ألفية : معمِّرة ألف سنة
---------------[/align]
[align=right]* نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
عضو الجمعية الدولية للمترجمين و اللغويين العرب ArabWata
الموقع : www.FreeArabi.com
البريد : nizar_zain@yahoo.com [/align]
تعليق