لا تثور لأجل التوافه

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • د.مازن صافي
    أديب وكاتب
    • 09-12-2007
    • 4468

    لا تثور لأجل التوافه


    قرأت قصة زوج قد دعي وزوجته لتناول العشاء في منزل صديق لهما ، ويضيف الزوج بينما المضيف يوزع علينا الطعام ارتكب خطأ هينا لم ألاحظه . وما كنت لأحفل به لو أني لم ألاحظه ، ولكن زوجته انطلقت أمامنا تعنفه ، قائلة : " انظر ماذا فعلت ! انك لا تجيد تقطيع اللحم أبداً ؟! " ثم التفتت إلينا قائلة : " انه يخطيء دائما ،وعلته أنه لا يحاول إصلاح خطئه قط ..! " وقد يكون هذا الزوج أخطأ فعلا ، ولكني أكبرته ، لأنه استطاع أن يعايش زوجته هذه عشرين عاما ..! فأنى والحف يقال : أفضل أن أتناول شطيرة رخيصة في جو يسوده الهدوء والوئام ، على أن أتعشى ببطة دسمة ، واستمع في الوقت نفسه إلى مثل هذا التعنيف ..؟!



    كثير من الأحداث التي تمر بنا نفشل أو نستصعب الخروج منها بحل معقول أو مقبول ... وبرأي أن الصعوبة جاءت لأننا نبالغ في قراءة الحدث نفسه ولا نعالج ما سيتم خلفه .. بمعنى أننا نبقى حبيسي الماضي دون أن نعمل على الذهاب إلى النتائج المتوقعة فيما بعد .. لهذا يسيطر علينا القلق والخوف وكثير من التخمينات .. فلماذا لا نجرب

    في الحقيقة ان الشعب الفلسطيني ومنذ بداية القرن الماضي قد خاض الكثير من الثورات التي أسست للفهم السياسي للمواطن الفلسطيني وأصبحت خبرة الفلسطيني كافية بأن يقرر الطريقة التي يمكن بها أن يواصل الطريق حتى النهاية ، وهذا لم يمنع أن تحدث أخطاء أو فجوات وأحيانا صراعات بين الأفراد ولكن يبقى الشعب وقضيته هم الأنقى ويعتبر ذلك الكفيل الحقيقي بأن تعود القضية وتنتهي الخلافات .. ولنذكر ماذا بقي من خلافات أجدادنا غير ما ذكر في التاريخ .. لا شيء .. وسنمضي جميعا ولا يبقى منا غير ما سيذكره التاريخ ..

    إن كثير من مشاكلنا ليست بالمستحيل حلها إن عزمنا بالفعل في حلها وفك الكثير من الصعوبات التي تعتبرها أو نتعثر فيها في طريق الحل النهائي لها ..

    ان تسعين في المائة من أمورنا يسير في طريقه المستقيم ، وعشرة في المائة فقط تشذ عن الطريق ، فإذا أردت أن تكون سعيدا فركز اهتمامك في هذه التسعين في المائة من أمورك ، وتجاهل العشرة الباقية . أما إذا أردت أن تحيل حياتك إلى سعير فالأمر هين : ما عليك إلا أن تركز كل اهتمامك في أمورك الضئيلة التي تغلق الطريق السوي ..؟!



    وهنا لا بد من التذكير بالعبارة التي تقول : ( لا تضيّع حياتك بسبب حماقة غير مؤكدة .. ولا تثور لأجل التوافه ..!! ) و في القصة التالية العبرة إن شاء الله ..

    هناك قصة مشهورة في الأدب الفرنسي اعتمدت على واقعة حقيقية حدثت في باريس قبل فترة طويلة.. - والآن نقرأها بصياغتها المختصرة على النحو التالي:
    ...
    كانت هناك شابة جميلة تدعى (صوفي) ورسام صغير يدعى (باتريك) نشآ في إحدى البلدات الصغيرة.. وكان باتريك يملك موهبة كبيرة في الرسم بحيث توقع له الجميع مستقبلا مشرقا ونصحوه بالذهاب إلى باريس. وحين بلغ العشرين تزوج صوفي الجميلة وقررا الذهاب سويا إلى عاصمة النور.. وكان طموحهما واضحا منذ البداية حيث سيصبح (هو) رساما عظيما (وهي) كاتبة مشهورة. وفي باريس سكنا في شقة جميلة وبدآ يحققان أهدافهما بمرور الأيام.. وفي الحي الذي سكنا فيه تعرفت صوفي على سيدة ثرية لطيفة المعشر. وذات يوم طلب ت منها استعارة عقد لؤلؤ غالي الثمن لحضور زفاف في بلدتها القديمة. ووافقت السيدة الثرية وأعطتها العقد وهي توصيها بالمحافظة عليه. ولكن صوفي اكتشفت ضياع العقد بعد عودتهما للشقة فأخذت تجهش بالبكاء فيما انهار باتريك من اثر الصدمة.. وبعد مراجعة كافة الخيارات قررا شراء عقد جديد للسيدة الثرية يملك نفس الشكل والمواصفات. ولتحقيق هذا الهدف باعا كل ما يملكان واستدانا مبلغا كبيرا بفوائد فاحشة. وبسرعة اشتريا عقدا مطابقا وأعاداه للسيدة التي لم تشك مطلقا في انه عقدها القديم. غير إن الدين كان كبيرا والفوائد تتضاعف باستمرار فتركا شقتهما الجميلة وانتقلا إلى غرفة حقيرة في حي قذر.. ولتسديد ما عليهما تخلت صوفي عن حلمها القديم وبدأت تعمل خادمة في البيوت. أما باتريك فترك الرسم وبدأ يشتغل حمالا في الميناء.. وظلا على هذه الحال خمسة وعشرين عاماً ماتت فيها الأحلام وضاع فيها الشباب وتلاشى فيها الطموح.. وذات يوم ذهبت صوفي لشراء بعض الخضروات لسيدتها الجديدة وبالصدفة شاهدت جارتها القديمة فدار بينهما الحوار التالي:
    -
    عفواً هل أنت صوفي؟
    -
    نعم، من المدهش إن تعرفيني بعد كل هذه السنين!!
    -
    يا إلهي تبدين في حالة مزرية، ماذا حدث لك ، ولماذا اختفيتما فجأة!؟
    -
    أتذكرين يا سيدتي العقد الذي استعرته منك!؟.. لقد ضاع مني فاشترينا لك عقدا جديدا بقرض ربوي ومازلنا نسدد قيمته..
    -
    يا إلهي، لماذا لم تخبريني يا عزيزتي؛ لقد كان عقدا مقلدا لا يساوي خمسه فرنكات!!



    بقلم د.مازن صافي






    مجموعتي الادبية على الفيسبوك

    ( نسمات الحروف النثرية )

    http://www.facebook.com/home.php?sk=...98527#!/?sk=nf

    أتشرف بمشاركتكم وصداقتكم
يعمل...
X