لي صديقٌ تجمعُني به صداقةٌ حميمة، وعلاقة وثيقة، وذكرياتٌ جميلة، ومغامراتٌ رائعة، وشكوىً من الإحباط، أيامَها كانت تُوَحِّدُنا.
وفي غربةٍ لي .. في اليمن الشقيق، أرسل الكثيرُ من الأصدقاء رسائل لي .. إعتيادية، وأرسل لي هذا الصديق رسالة بدأهافي أعلى الصفحة بـ : أخي طاهر، وأنهاها في أسفل الصفحة بكلمة: دمت، وبين هاتين الكلمتين .. بياضٌ ببياض، فأرسلتُ له، وكأنما قرأتُ كلَّ إحباطاتِهِ في هذه الرسالة الخالية .. قلت:
وفي غربةٍ لي .. في اليمن الشقيق، أرسل الكثيرُ من الأصدقاء رسائل لي .. إعتيادية، وأرسل لي هذا الصديق رسالة بدأهافي أعلى الصفحة بـ : أخي طاهر، وأنهاها في أسفل الصفحة بكلمة: دمت، وبين هاتين الكلمتين .. بياضٌ ببياض، فأرسلتُ له، وكأنما قرأتُ كلَّ إحباطاتِهِ في هذه الرسالة الخالية .. قلت:
يؤلِمني القصور .. يؤلِمني الإحباط .. يؤلِمني أن لا أرتفِعَ بكَ إلى مصافي الملائكة.
أي أحمدُ الحبيب .. لا تيأس .. فالزمن لا يزالُ ملكَ يدينا، وسنعيشُ أياماً أحلى من الفردوس .. سنكتبُ ذكرياتِنا ببتلاتِ الياسمين، وسننشدُها قصيدةً لأولادِنا، وسنملِكُ المستقبل، حتى لو لم نستطِع أن نملكَ الحاضر.
فنحنُ أقوياء أيها الغالي، ولا ينقُصنا إلا الشجاعة في اتخاذ قرارِنا أن لا عودة إلى الوراء، فإما الغُنم وإما أن نستمدَّ من إخفاقِنا درساً يستنهِضُنا لنبدأ مسيرةً جديدة.
خذها مني هديةً، روحي أيها الحبيب .. ولتعِش أبدَ الدهر مرفوعَ الجبين بأن لك صديقاً مخلصاً محباً اسمهُ طاهر .. ولن يَهُمَّنا بعد ذلك ثرثرة المثرثرين.
وسنسكرُ سويّاً ونعربدُ سوياً ونصلي ونصوم سوياً.
سنعيش الحياة بكلِّ متناقضاتِها، وسنسخرُ من كلِّ السفهاء والأغبياء، وما أكثرهم .. أولئك الذين لا يفقهون من الحياة شيئاً روحانياً سوى الأكلُ والنومُ وممارسة الجنس.
هل هي النرجسية؟؟ …
لا يا أحمد، فأنت أدرى بمن حولِنا من جهلة، وليس لنا أن نتنرجس، ولكنه الواقع .. الواقعُ المر .. المضحك ..
فكثيراً ما حاولنا معاً انتشال بعضِ السفهاء من سفاهاتِهم، وبعضَ الجهلةِ من جهلِهم، ولكنَّهم .. ما أقصرَ نظَرَهُم وما أعمقَ تصوُّراتِنا للحياة.
فالحياةُ فكر .. تمثال .. لوحة .. رسالة بلا سطور وبلا كلمات .. ما أعمَقَها من دلالات .. وما أذكى من خطَّها ومن يفهمها ..
لقد قرأتُها أكثر من خمس مراتٍ .. ولم أملَّ قراءتَها بعد ..
إنها أنشودةٌ سحرية .. ولا قصائد بودليير، وصلتْ إلى قدرَتِكَ على التعبيرِ فيها .. إنها أروعُ لوحةٍ رسمتها لي في أعماقِ ضميري ..
حكتْ لي كلَّ شيء .. كلَّ شيءٍ على الإطلاق. وإذا لم تصَدِّق هذا الكلام فإنني سأعتذِرُ عن كلِّ ما أسلفتُ من الكتابة عنك .. وأسحبُ أقوالي، لأنها في غير موضِعِها ..
ولكنني واثقٌ من كلِّ ما قُلتُ، وواثقٌ أنكَ ملأتَ الرسالةَ بكلِّ ما لديكَ قبل أن ترسلها .. وواثقٌ من أنها ليست دعابة ..
أم أنني أنا الذي جُننت؟؟ .. لا أعتقدُ ذلك!
لقد توقَّعتُ أن تصِلَني رسالةٌ منك ..
وأكثرُ من ذلك، وأقسم، توقعتُ أن تأتي رسالتُكَ تماماً كما أتت .. ملآنةً فارغة ..
ملآنةٌ لمن يستطيعُ أن يترجمَ ما فيها من أحاسيس .. وهو أنا !! .. ولو أنك لم تكن واثقاً من ذلك لما بعثتَ بها إليَّ أصلاً.
وفارغةٌ .. من التُّرهات والتفاهاتِ التي تخطُّها الأقلام لقصارِ العقول
يا لها من مؤنسٍ عجيب .. جنِّيةٌ بثوبٍ أزرق .. أسطوانةٌ مليئةٌ بالموسيقى الصامتة لكنني أيها الصديق .. أسمعُ دويَّها قويَّاً يهزُّ القلوب.
24/7/1990
أي أحمدُ الحبيب .. لا تيأس .. فالزمن لا يزالُ ملكَ يدينا، وسنعيشُ أياماً أحلى من الفردوس .. سنكتبُ ذكرياتِنا ببتلاتِ الياسمين، وسننشدُها قصيدةً لأولادِنا، وسنملِكُ المستقبل، حتى لو لم نستطِع أن نملكَ الحاضر.
فنحنُ أقوياء أيها الغالي، ولا ينقُصنا إلا الشجاعة في اتخاذ قرارِنا أن لا عودة إلى الوراء، فإما الغُنم وإما أن نستمدَّ من إخفاقِنا درساً يستنهِضُنا لنبدأ مسيرةً جديدة.
خذها مني هديةً، روحي أيها الحبيب .. ولتعِش أبدَ الدهر مرفوعَ الجبين بأن لك صديقاً مخلصاً محباً اسمهُ طاهر .. ولن يَهُمَّنا بعد ذلك ثرثرة المثرثرين.
وسنسكرُ سويّاً ونعربدُ سوياً ونصلي ونصوم سوياً.
سنعيش الحياة بكلِّ متناقضاتِها، وسنسخرُ من كلِّ السفهاء والأغبياء، وما أكثرهم .. أولئك الذين لا يفقهون من الحياة شيئاً روحانياً سوى الأكلُ والنومُ وممارسة الجنس.
هل هي النرجسية؟؟ …
لا يا أحمد، فأنت أدرى بمن حولِنا من جهلة، وليس لنا أن نتنرجس، ولكنه الواقع .. الواقعُ المر .. المضحك ..
فكثيراً ما حاولنا معاً انتشال بعضِ السفهاء من سفاهاتِهم، وبعضَ الجهلةِ من جهلِهم، ولكنَّهم .. ما أقصرَ نظَرَهُم وما أعمقَ تصوُّراتِنا للحياة.
فالحياةُ فكر .. تمثال .. لوحة .. رسالة بلا سطور وبلا كلمات .. ما أعمَقَها من دلالات .. وما أذكى من خطَّها ومن يفهمها ..
لقد قرأتُها أكثر من خمس مراتٍ .. ولم أملَّ قراءتَها بعد ..
إنها أنشودةٌ سحرية .. ولا قصائد بودليير، وصلتْ إلى قدرَتِكَ على التعبيرِ فيها .. إنها أروعُ لوحةٍ رسمتها لي في أعماقِ ضميري ..
حكتْ لي كلَّ شيء .. كلَّ شيءٍ على الإطلاق. وإذا لم تصَدِّق هذا الكلام فإنني سأعتذِرُ عن كلِّ ما أسلفتُ من الكتابة عنك .. وأسحبُ أقوالي، لأنها في غير موضِعِها ..
ولكنني واثقٌ من كلِّ ما قُلتُ، وواثقٌ أنكَ ملأتَ الرسالةَ بكلِّ ما لديكَ قبل أن ترسلها .. وواثقٌ من أنها ليست دعابة ..
أم أنني أنا الذي جُننت؟؟ .. لا أعتقدُ ذلك!
لقد توقَّعتُ أن تصِلَني رسالةٌ منك ..
وأكثرُ من ذلك، وأقسم، توقعتُ أن تأتي رسالتُكَ تماماً كما أتت .. ملآنةً فارغة ..
ملآنةٌ لمن يستطيعُ أن يترجمَ ما فيها من أحاسيس .. وهو أنا !! .. ولو أنك لم تكن واثقاً من ذلك لما بعثتَ بها إليَّ أصلاً.
وفارغةٌ .. من التُّرهات والتفاهاتِ التي تخطُّها الأقلام لقصارِ العقول
يا لها من مؤنسٍ عجيب .. جنِّيةٌ بثوبٍ أزرق .. أسطوانةٌ مليئةٌ بالموسيقى الصامتة لكنني أيها الصديق .. أسمعُ دويَّها قويَّاً يهزُّ القلوب.
24/7/1990
تعليق