أورسولا/ قصة قصيرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • دريسي مولاي عبد الرحمان
    أديب وكاتب
    • 23-08-2008
    • 1049

    أورسولا/ قصة قصيرة


    "لقد ماتت أورسولا منذ سنوات عديدة"
    الزمن خريف وعلامات السقوط المفقود تؤشر للقدر المختوم,ليس في السطور ولا حتى بين تلافيف الصدور,بل انسكابا في متاهة ذاكرة النسيان..هي حكاية ترويها جدتي أورسولا,تلك المرأة التي خط الشيب شعرها وانقضمت ظهرها على ايقاع طقطقات عظامها كفالس أخير يشد أوتار لمقاطع نشيد الوداع.تضاءل نهائي يعلن الرحيل كامتداد أجنحة طواها الأفق الكالح لتغيب..
    يدان بيضاويتان ترتجفان ونبضات تئن من تحت عروق كأخاديد مهجورة تعزف اللحن الأخير.عينان ساهمتان نحو الله وأنا وأبي لا نستوعب مداها,فترتقي هي ونمكث نحن على حواشي فراش الموت..
    مولاي..مولاي..هكذا كانت جدتي تمزق اهابي في لحظات احتضارها.الأب الصامد يشد على يديها,فألمح على صفحة وجهه بريقا هادئا شديد البهاء يمنحني الجسارة لأنحني اليها لأسمع:
    "كنت هالة نورانية في حلم راودني قبل ميلادك.."
    تنبعث آخر الزفرات مع ترديد أسماء ليست هنا.لأرواح حضرت لتشيعها.ربما لأنها أطالت المكوث قرنا من الزمن في لعبة اسمها الحياة..
    يظهر الفجر في السماء شفافا..رهيبا كلحظة الاحتضار..والشمس في قلبي ترفض البزوغ تمسكا بالرحيل.فتنهال الحكاية التي أرويها..
    كان اعتدادها بصمودها تحد أخرق لعبء ذاكرة محزونة تستعاد مرارا حول صينية الشاي,بين النساء,في الأعراس والمآتم..فكان الزمن البهي ينثال داخل أحياز ملكوت الزاوية.تلك القرية التي لم تكن لا بماكوندو ولا بكومالا,بل تأسيسا عبثيا لامتداد ريح قدمت من المشرق حاملة معها بذورا تبرعمت في أراضي القفار,في الخلاء المتوج بالهباء..
    أبواب ضخمة من الخشب الرفيع منقوشة برسوم خزفية,وحلقات نحاسية تزينها, تحدث بصنجها طقوسا جنائزية.بخور أدخنة كانت هبابا كحل الحيطان والأسقف القصبية المهترئة,وانهيارات متتالية لأعمدة شدت قلاع البنيان الذي شيده المؤسس الأول منذ قرون خلت.كان يسمى الأطرش.استقدم حمارا هو ومعاونوه الأوائل حاملين اياه لأنه كان مقعدا.تائهون هاربون من صراعات السلاطين ومؤامرات الغزاة.
    نبوءات يسكنها الماوراء تحدوا بها السنوات العجاف وواجهوها بابتهالات الأطرش المتوحد فوق سطوح الزاوية.وكل صباح كانت الأواني النحاسية التي اشتروها من مدينة فاس مملوءة بكل ألوان الطعام والجوالات تطفح بالقمح والذرة والشعير..
    وكما أن لبوصلتهم الشريفة دقة التحديد,كان حدسهم بوجود الماء مبعثا حقيقا للاستمرار والاستقرار.حفروا ساقية امتدت لأميال من الجبل لتخترق أسوار الزاوية المسيجة بالطين المسلح بالتبن.تخترق بيوتها بخرير يهز عوالم الصمت المكين, ما زال لحد الساعة يبكي هداة الأطلال الممزوجة بحكاية رقصات الجن..
    بدون ضجيج ولا جلبة يسدل أبي ستائر الموت على الجسد المسجى,أنزعه قليلا لأحمل قبلتي الأخيرة الى جبهة باردة كالموت..أحدث نفسي على أننا نأتي كي لا نعرف قسطا ضئيلا من الحياة..أستدير لأرى أمي تعانق الدمع في صمت رهيب..
    ومع حكمة التمرد التي تركبني لم أبصر هالة النور تسيجني,فتساءلت دوما: هل أنا شريف ابن الشرفاء؟وأنا الذي استحكمت فظاعتي بقراءاتي التي استجلت حقيقة تاريخي المرة.والتي أغيرها باستيهاماتي لصورة المؤسس الأول على أنه مركب خرافي من مارثن لوثر وغيفارا..
    ولأنني اكتشفت أننا لسنا أحرارا وأننا غرباء هتكوا عرض أرض بكر يأويها الغجر,فيها نصبوا الخيام ورعوا الغنم وصقلوا أسماءهم من الطبيعة والحجر,فاني تلفعت بكبرياء بسيط يحترم الانسان ويكسبني احترام الانسان..
    ولأني عمدت بهوس أورليانو على فك أسرار الرقاق,فاني اعتكفت على مخطوطات عالمنا الذي درس في جامعة القرويين وتلامذته حفظة القران الذين أكملوا دراستهم في الشراطين وفي رسائلهم إلينا واليهم.لم أصل إلى شيء محدد سوى أننا شرفاء لن يستمر وجودنا بدون الاتاوات و الجبايات والضرائب,وبدون الخيام البهية التي تنصب في الخلاء لتستقبل جحافل الرحل يقدمون الماعز والسمن والعسل المراق في أمعائنا لهيبا.كل هذا من أجل التبرك بالتراب الذي تحت نعال أجدادي الشرفاء..
    ولأن أصول عائلتي وفروعها لم تأكل من مؤونة تلك المخازن حسب رواية الجدة,فخلفها كان شديد الكره للمخزن.كانت تغرفهم حساء الذرة وأكواب الشاي عملا بنصيحة المؤسس الأول على أن من أكل من تلك المخازن حتى شبع كانت عاقبته مغبونة لا محالة..
    عبر قرون كان الاجتثات الرهيب يقتلع السلالة,فعم القفر الحيطان والذاكرة..ولم يبق سوى هذه الحكايا التي توخز الضمير وتمنح الاستمرار لي..لكن بعيدا عنها في زمن تلونت فيه حياتنا بأضواء كاشفة مزيفة..
    الأم تقوم بواجبها في التحنيط..فالعدة موجودة في صندوق الجدة المزين بنقوش على خشبه الرفيع.رائحة البخور والحناء تذكي الألم بالرحيل.والنعش الشبيه ببساط بدائي يرفرف بأسطورية
    فوق السماء..
    الفجر في السماء..والارتجاف في داخلي..ومع بزوغ الشمس سرت في جنازة أورسولا ببطء بجوار أبي وأمي..قطعنا الطريق المترب فوق عربة يجرها الحمار والنعش يترنح.حينما بدت لنا المقبرة المتاخمة للزاوية تنفست الصعداء لأني مثقل بغبار الموت..وآذاني تلتقط إشارات مائة عام من العزلة والسؤال المحموم حول إمكانية فرصة أخرى للحياة..
    م ع الرحمان دريسي
    المغرب
    التعديل الأخير تم بواسطة دريسي مولاي عبد الرحمان; الساعة 02-06-2010, 17:57.
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    ألم تهمس لك الجدة وهي تحتضر بأن تلك الهالة سترافقك
    ربما أردت ذلك أن يكون سرك
    كما الأرض هي السر الكبير
    منها وإليها نعود
    والرحيل لابد منه دريسي لأننا إلى زوال
    وحده الموت من يوحدنا
    لأننا نموت وبكل بساطة
    نص فيه شجن غريب تتغلغل في روحي
    رائعة نصوصك وفيها وجع تعرف كيف تجعله يغزونا
    دريسي عبد الرحمن
    سعيدة لأني تعرفت بك
    ودي الأكيد لك



    حتى أنتهي!!

    حتى أنتهي !! شعور غريب صار يراودني, كلما رأيت امرأة تتأبط ذراع زوجها, تلتصق بجنبه كأنه سيطير منها, تظل عيناي تراقبهما بحسرة, حتى يختفيا, ومرارة تعلق بفمي, أظل بعدها, أبتلع ريقا بطعم القيح المر! أزدرد خذلاني, أهرب لأعمال المنزل, أختلقها مذ ذاك اليوم اللعين الذي كنت فيه في الطابق العلوي, هربا من رائحة حفرة العفن, أشاغل نفسي
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • ربيع عقب الباب
      مستشار أدبي
      طائر النورس
      • 29-07-2008
      • 25792

      #3
      مشاهد متعسفة لأورسولا ( الأم )
      واكتشاف ماكوندو أخرى .. و السر كان السعى خلف رؤية ما
      فى سبر أغوار النفس ، و الاحتفاء بنفس القدر بالطبيعة التى توازت
      مع الفعل !!


      لي عودة أكيدة لأرى أورسولا دريسى مولاى و الغائب هنا !!

      محبتي
      sigpic

      تعليق

      • إيمان الدرع
        نائب ملتقى القصة
        • 09-02-2010
        • 3576

        #4
        دريسي: أيها الغالي:
        أقف عند سؤالك المحموم الذي انتهيت به :
        حول إمكانيّة فرصة أخرى للحياة...؟؟؟
        أقول : هناك فرصٌ تتجدّد كلّ يوم في الحياة ...
        طالما سينساب إبداع القلم بهذا التوغّل العميق للحنايا...
        لا تستغرب ..حتى بعد الرحيل..
        ستبقى هذه الكلمات..دموعاً حارّة ، هائمة، تحطّ رحالها عند المواجع...
        لن أستغرب دهشتي بالنص..فكاتبه: دريسي....
        دُمتَ بسعادةٍ...تحيّاتي....

        تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

        تعليق

        • ربيع عقب الباب
          مستشار أدبي
          طائر النورس
          • 29-07-2008
          • 25792

          #5
          لا أدري دريسى مولاي صديقي ، كل ما أدريه هنا ، أن خوفا ما انتابك ،
          و أنت تحاول الاقتراب من أورسولا ( الأم ) ، أعرف عنك ، أنك لا تقيم وزنا كبيرا لمسألة المكاشفة ، بل أنت تحبذها تماما حين تعطي لنا مساحة من المعرفة أو المتعة على حد سواء ، فلم اقتصر جنيك هنا على بعض ثمرات متفرقات ، تدرى ما تحمل ، لم تركتها غضة فى احتياج من ينضجها ، و يبعث فيها وقد الحياة ، لتبدو أكثر إدهاشا ، و قوة ، وملاءمة لروح القص !
          هل كنت تخشى أن تعيد ما سبق ، أن تعيد أورسولا ( جابو ) ؟
          لا أدري ، و ربما أنت تدري لم فعلت
          حتى لو حدث بعض التقارب بين هنا و الهناك ، تأكد تماما أن بصمة ستظل هى الحد الفاصل بين جبرييال جارثيا ماركيز ، و دريسى مولا ى ، أو ربيع عبد الرحمن .. لن نتشابه لأننا نعي ما نفعل ، و لذا لن نخاف من السقوط فى التقليد ولو كنا فى ذات النهر !
          أجد علامات فارقة هنا ، فى أورسولا دريسى مولاى ، لو أنه فعل معها كما فعل أورليانو بوين ديه ، و سحيها كما فعل بالذهب ، لأدرك الجمال ، و أتحفنا به ، حتى ولو لم يأت ملكيادس اللئيم .. فملكيادس فى داخلنا ، عبوة ناسفة ، قابلة للتشظى و الانشطار ، و تفجير الكامن فى ذواتنا دائما ، بذخيرة حية أتخمت بها أرواحنا و أذهاننا !
          لكل بيئة مفرداتها ، و أنت أدري الناس بذلك ، و خصوصيتها ، ورجالها ، و طرقها ، وشعابها .. لن تتشابه .. ربما فى بعض التفاصيل !!
          كتب يحي الطاهر عبد الله روايته ( الطوق و الأسورة ) فى السبيعينات من القرن الماضي ، ووضعنا فى حيص بيص .. أيهما كان الأول ( مائة عام من العزلة ) أم ( الطوق و الأسورة ) .. و مائة عام من العزلة لم تترجم إلى فى أواخر السبيعينات و أوائل الثمانينات .. فرق كبير بين عزلة ماركيز و عزلة يحيى الطاهر .. بين صعيد مصر و ماكوندو .. و أنا لا أنسى أنا سيدة فى المكسيك صرحت بان ماركيز كان يكتب قصة أسرتها .. و ظهرت أعمال كثيرة تأثرت بهذا الأسلوب كثيرا نثرية الملحمة هى الفارق بين كل هذا ، والصدق الفني بالطبع !

          أقول لك أعد لأورسولا ملامحها الخاصة ، و عد إليها سريعا ، مفجرا هذا الكيان ، بلا خوف ؛ لأنها ستكون معرفتك للعالم و رؤيتك له !

          محبتي دريسى مولاى
          sigpic

          تعليق

          • محمد سلطان
            أديب وكاتب
            • 18-01-2009
            • 4442

            #6
            يا راااااااااااجل حرااااااااام عليك !!
            بيدك :
            مادة ثرية
            تربة خصبة
            أنشودة الموت
            زمن للهجرة
            واستدعاء لزمن السلاطين
            وبيئة ذات معالم روائية
            وشجن محالط ليتوازن بين جميع الاحتمالات للربط بين الكل ..
            فهل خفت فجأة وحبذتها قصة قصيرة ؟؟
            أثناء القراءة كنت ترسم مخططات لرواية وتلخص لي فصولها !!
            سلمت يدك أولا .. وأتمناها أنشودة أخرى بين الحياة والموت وأورسولا التي جمعت البلاد بالطول والعرض ..
            تحية كبيرة لأديب سأنتظره يوما ما مع صدفة مجهولة الموعد ..
            صفحتي على فيس بوك
            https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

            تعليق

            • دريسي مولاي عبد الرحمان
              أديب وكاتب
              • 23-08-2008
              • 1049

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
              ألم تهمس لك الجدة وهي تحتضر بأن تلك الهالة سترافقك
              ربما أردت ذلك أن يكون سرك
              كما الأرض هي السر الكبير
              منها وإليها نعود
              والرحيل لابد منه دريسي لأننا إلى زوال
              وحده الموت من يوحدنا
              لأننا نموت وبكل بساطة
              نص فيه شجن غريب تتغلغل في روحي
              رائعة نصوصك وفيها وجع تعرف كيف تجعله يغزونا
              دريسي عبد الرحمن
              سعيدة لأني تعرفت بك
              ودي الأكيد لك


              حتى أنتهي!!

              http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?t=54970
              القديرة الرائعة عائده...مساء الخير سيدي الجميلة.
              صدقيني ذلك السر الذي قضيت كشف خباياه في عمق قراءاتي الفكرية...لم يتسن لي مع ضرورة الواقع القاتلة..كانت التجربة الأدبية حلقة رائعة لكشف المتواري عبر كونية الأحداث في تميزها..
              أورسولا نصب تذكاري في مقبرة اجدادي المتاخمة لقرية أجتثت مبانيها فبقيت شاهدة على زمن غابر...
              لم تبق سوى الشجرة العائلية ورقصات الجن بين نقيع سقوط الحيطان...
              أنا أيضا سعيد بمعرفتي بك ايتها الرائعة...
              تقديري الشديد
              التعديل الأخير تم بواسطة دريسي مولاي عبد الرحمان; الساعة 21-05-2010, 08:36.

              تعليق

              • دريسي مولاي عبد الرحمان
                أديب وكاتب
                • 23-08-2008
                • 1049

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة إيمان الدرع مشاهدة المشاركة
                دريسي: أيها الغالي:
                أقف عند سؤالك المحموم الذي انتهيت به :
                حول إمكانيّة فرصة أخرى للحياة...؟؟؟
                أقول : هناك فرصٌ تتجدّد كلّ يوم في الحياة ...
                طالما سينساب إبداع القلم بهذا التوغّل العميق للحنايا...
                لا تستغرب ..حتى بعد الرحيل..
                ستبقى هذه الكلمات..دموعاً حارّة ، هائمة، تحطّ رحالها عند المواجع...
                لن أستغرب دهشتي بالنص..فكاتبه: دريسي....
                دُمتَ بسعادةٍ...تحيّاتي....
                الرائعة ايمان...
                أليست الكتابة فرصة أخرى للحياة؟
                أيكفي لسؤال بسيط للغاية أن يجعلني أكتب أورسولا بتناص مع شذرات تبقت لي من قراءتي لمائة عام من العزلة؟
                أتكفي القصة القصيرة لاحتضان حقائق معاشة في زمن التشظي؟
                لن يكفي سوى حروف من كلمات ودموع نخلد بها زمنا مضى نرى به مستقبلنا المشوش...
                كلماتك ايمان لها وقع حميمي يقاسم الاخرين كل الحيثيات...
                فتقديري العميق أيتها الرائعة.

                تعليق

                • دريسي مولاي عبد الرحمان
                  أديب وكاتب
                  • 23-08-2008
                  • 1049

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
                  لا أدري دريسى مولاي صديقي ، كل ما أدريه هنا ، أن خوفا ما انتابك ،
                  و أنت تحاول الاقتراب من أورسولا ( الأم ) ، أعرف عنك ، أنك لا تقيم وزنا كبيرا لمسألة المكاشفة ، بل أنت تحبذها تماما حين تعطي لنا مساحة من المعرفة أو المتعة على حد سواء ، فلم اقتصر جنيك هنا على بعض ثمرات متفرقات ، تدرى ما تحمل ، لم تركتها غضة فى احتياج من ينضجها ، و يبعث فيها وقد الحياة ، لتبدو أكثر إدهاشا ، و قوة ، وملاءمة لروح القص !
                  هل كنت تخشى أن تعيد ما سبق ، أن تعيد أورسولا ( جابو ) ؟
                  لا أدري ، و ربما أنت تدري لم فعلت
                  حتى لو حدث بعض التقارب بين هنا و الهناك ، تأكد تماما أن بصمة ستظل هى الحد الفاصل بين جبرييال جارثيا ماركيز ، و دريسى مولا ى ، أو ربيع عبد الرحمن .. لن نتشابه لأننا نعي ما نفعل ، و لذا لن نخاف من السقوط فى التقليد ولو كنا فى ذات النهر !
                  أجد علامات فارقة هنا ، فى أورسولا دريسى مولاى ، لو أنه فعل معها كما فعل أورليانو بوين ديه ، و سحيها كما فعل بالذهب ، لأدرك الجمال ، و أتحفنا به ، حتى ولو لم يأت ملكيادس اللئيم .. فملكيادس فى داخلنا ، عبوة ناسفة ، قابلة للتشظى و الانشطار ، و تفجير الكامن فى ذواتنا دائما ، بذخيرة حية أتخمت بها أرواحنا و أذهاننا !
                  لكل بيئة مفرداتها ، و أنت أدري الناس بذلك ، و خصوصيتها ، ورجالها ، و طرقها ، وشعابها .. لن تتشابه .. ربما فى بعض التفاصيل !!
                  كتب يحي الطاهر عبد الله روايته ( الطوق و الأسورة ) فى السبيعينات من القرن الماضي ، ووضعنا فى حيص بيص .. أيهما كان الأول ( مائة عام من العزلة ) أم ( الطوق و الأسورة ) .. و مائة عام من العزلة لم تترجم إلى فى أواخر السبيعينات و أوائل الثمانينات .. فرق كبير بين عزلة ماركيز و عزلة يحيى الطاهر .. بين صعيد مصر و ماكوندو .. و أنا لا أنسى أنا سيدة فى المكسيك صرحت بان ماركيز كان يكتب قصة أسرتها .. و ظهرت أعمال كثيرة تأثرت بهذا الأسلوب كثيرا نثرية الملحمة هى الفارق بين كل هذا ، والصدق الفني بالطبع !

                  أقول لك أعد لأورسولا ملامحها الخاصة ، و عد إليها سريعا ، مفجرا هذا الكيان ، بلا خوف ؛ لأنها ستكون معرفتك للعالم و رؤيتك له !

                  محبتي دريسى مولاى
                  القدير ربيع عبد الرحمان...
                  نعم بالفعل صديقي كان الخوف هاجسي وأنا أكتبها..فلم أترك الفكرة تختمر بما يناسبها حتى تلم بأدق التفاصيل التي احسست أنها ستطول لحدود لا أعرف مداها...
                  عنونت القصة أورسولا لامتداد مائة عام من العزلة عاشته جدتي التي كانت حلقة ضمن حلقات امتدت لقرون...
                  صحيح أن ملكيادس اللئيم يسكننا..فهل لكل واحد منا ملكيادسه؟
                  عندما تتأمل شجرة سلالة انقرضت ولم يعد هناك سوى فروع مشتتة في اصقاع البلاد..وتلمح الخواء يزمجر في دروبها المظلمة...والأطلال تبكي صمتها...ماذا تبقى؟
                  قالت لي احدى الصديقات يوما: أنا لم أكن أقرأ لك...لأنني اعتقدت أن اسم مولاي سلطاني مغرور..فكانت الفكرة باعثي لأجعلها قصة..
                  أورسولا هي قصة زاوية دينية اجتثت من عقالها...فمات الشيوخ وتمرد المريدون...
                  نعم صديقي تحتاج مني أورسولا العودة...لأني عشت وانا بين كلماتها اضطرابا جعلني أترك الكثير خلفي خوفا من تيهي...
                  شكرا لك عزيزي على المداخلة التي أرجعتني الى عوالم ماكوندو وريميدوس الجميلة.
                  محبتي..

                  تعليق

                  • دريسي مولاي عبد الرحمان
                    أديب وكاتب
                    • 23-08-2008
                    • 1049

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة محمد ابراهيم سلطان مشاهدة المشاركة
                    يا راااااااااااجل حرااااااااام عليك !!
                    بيدك :
                    مادة ثرية
                    تربة خصبة
                    أنشودة الموت
                    زمن للهجرة
                    واستدعاء لزمن السلاطين
                    وبيئة ذات معالم روائية
                    وشجن محالط ليتوازن بين جميع الاحتمالات للربط بين الكل ..
                    فهل خفت فجأة وحبذتها قصة قصيرة ؟؟
                    أثناء القراءة كنت ترسم مخططات لرواية وتلخص لي فصولها !!
                    سلمت يدك أولا .. وأتمناها أنشودة أخرى بين الحياة والموت وأورسولا التي جمعت البلاد بالطول والعرض ..
                    تحية كبيرة لأديب سأنتظره يوما ما مع صدفة مجهولة الموعد ..
                    الرائع الجميل محمد ابراهيم سلطان...
                    قد أكون في اختيار العنوان حاطب ليل لأني وأنا أخطه تأثرت ببطولة تلك المرأة...
                    كل ما ذكرت يؤهلني لكتابة رواية في هذاالصدد...لكني لا أعتقد أنني قادر على ذلك...لانني عاشق القصة بامتياز...فهي القالب القادر على احتضاني بأسلوبي طبعا...
                    سأكون سعيدا وأنا أصافحك في اللقاء المرتقب...
                    محبتي صديقي.

                    تعليق

                    • دريسي مولاي عبد الرحمان
                      أديب وكاتب
                      • 23-08-2008
                      • 1049

                      #11
                      قال العقيد أورليانو مبتسما " قولي له اننا لا نمت عندما نريد بل نموت عندما نستطيع" ماركيز في مائة عام من العزلة.

                      تعليق

                      • ربيع عقب الباب
                        مستشار أدبي
                        طائر النورس
                        • 29-07-2008
                        • 25792

                        #12
                        حتى لو حدث بعض التقارب بين هنا و الهناك ، تأكد تماما أن بصمة ستظل هى الحد الفاصل بين جبرييال جارثيا ماركيز ، و دريسى مولا ى ، أو ربيع عبد الرحمن .. لن نتشابه لأننا نعي ما نفعل ، و لذا لن نخاف من السقوط فى التقليد ولو كنا فى ذات النهر !
                        أجد علامات فارقة هنا ، فى أورسولا دريسى مولاى ، لو أنه فعل معها كما فعل أورليانو بوين ديه ، و سحيها كما فعل بالذهب ، لأدرك الجمال ، و أتحفنا به ، حتى ولو لم يأت ملكيادس اللئيم .. فملكيادس فى داخلنا ، عبوة ناسفة ، قابلة للتشظى و الانشطار ، و تفجير الكامن فى ذواتنا دائما ، بذخيرة حية أتخمت بها أرواحنا و أذهاننا !
                        لكل بيئة مفرداتها ، و أنت أدري الناس بذلك ، و خصوصيتها ، ورجالها ، و طرقها ، وشعابها .. لن تتشابه .. ربما فى بعض التفاصيل !!
                        كتب يحي الطاهر عبد الله روايته ( الطوق و الأسورة ) فى السبيعينات من القرن الماضي ، ووضعنا فى حيص بيص .. أيهما كان الأول ( مائة عام من العزلة ) أم ( الطوق و الأسورة ) .. و مائة عام من العزلة لم تترجم إلى فى أواخر السبيعينات و أوائل الثمانينات .. فرق كبير بين عزلة ماركيز و عزلة يحيى الطاهر .. بين صعيد مصر و ماكوندو .. و أنا لا أنسى أنا سيدة فى المكسيك صرحت بان ماركيز كان يكتب قصة أسرتها .. و ظهرت أعمال كثيرة تأثرت بهذا الأسلوب كثيرا نثرية الملحمة هى الفارق بين كل هذا ، والصدق الفني بالطبع !
                        sigpic

                        تعليق

                        يعمل...
                        X