على حافة الليل/قصة قصيرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • دريسي مولاي عبد الرحمان
    أديب وكاتب
    • 23-08-2008
    • 1049

    على حافة الليل/قصة قصيرة

    [frame="14 98"]
    هكذا ينام وهكذا يستفيق على وقع مغزاها.لكن لماذا هي تضيع في كل لحظة ظانا أنه ممسك بتلابيبها؟ أحقير هو وملعون لعنة الأبالسة؟ ويا للأسف, كم تمنى أن يغدو وجبة, جيفة تنهشها الأكاسرة, لتلقي به بعد انتهاء حفلتها من تلك النافذة التي تتلاعب بأضواء العمود الكهربائي في الخارج, خالقة لذيه نوعا من الهذيان الطيفي داخل غرفته...


    انه الغم الميتافيزيقي يهيم على روحه,مقتنعا بقواه الواهنة على أنها تستطيع أن تضع بعض الترتيب على فوضى عارمة تهز عوالمه..اضطرام أصوات صاخبة متداخلة, يثير فيه ألوانا من الوحدة القاسية,ضروبا من القسوة المتوحدة في عوالم الاضطراب الفظيع.غب هذا النضال المرير مع تجريد يقبع زواياه,ليس هناك شيء سوى اللامعنى يسيجه , يخنقه...فعندما لا يستطيع الإنسان أن ينعم بقسط ضئيل من الراحة الداخلية,فالأجدى به أن ينتحر في بواطن تناقضاته ويتلاشى في التواءات دروبه الماحلة, ليبحث هناك عن طلقات رصاص تدوي في أعماقه...
    حوار داخلي أقرب إلى مونولوج تردد صداه في أرجاء محيطه..التفت إلى جميع الجهات ليبحث عن ذلك الصوت الذي يتربص به. همس اقرب إلى وسوسة الشياطين أربكه.قام من غفوته ووقف مشدوها أمام ظلمته..تحسس وجهه المفزوع في ظلمة غرفته,فوجده معروقا. مسحه بظاهر كفه وهم بالوقوف نازعا عنه غطاءه بانفعال ظاهر. اتجه نحو زر الكهرباء فاصطدم بحافة السرير التي آلمته. تأفف وسب وشتم,بعد أن تعثرت مشيته وهو يتحسس كضرير أجواء الغرفة عله يلمس برودة الجدران وينير هذه العتمة التي ترعبه دوما..أخيرا ضغط على واهبة الاضواء..شحوب ضوئي باهت يبدد خوفه.تراءت له ظلاله بجنبه أطيافا هلامية لشبح مريع.عمد الى القاء نظرة على هيئته, فنشأت في تلافيف دماغه وبين عصيات مخه, سلسلة من الترابطات المنطقية.قال في قرارة نفسه:


    - أنا الكائن نفسه.. ملامحي هي ذاتها.. قامتي هي عينها.. إذًاً ماذا وقع؟

    في غمرة اندهاشه, لم تسنح له الفرصة ليكتشف ان المظاهر الخارجية في النظر والاستمرار والتجدد قد تحولت في زمن التبدد هذا دون أن يكترث لها...
    رفع بصره إلى السقف فلم يجد سوى خواء مشوش. انتهى إلى مسامعه صوت غريب, هوى على رأسه كنغمة تسربت إلى مشاعره: "أراك دوما سادرا في غفلتك..خارجا عن نطاق الزمكان.. تائها في مغامرات لا تعرف مغزى..قل لي يا حبيبي ما بك؟"
    سحنته تجهمت وعرق تصبب من جبينه كشلال دافق. عيناه جاحظتان, غائرتان إلى تردد هذا النداء العجيب..أحس قرب صداه منه, لمللم قواه الشاردة في حركات عشوائية وألقى بثقله على سريره حيث سمع أزيز نوابضه.. أوجس مهمهما:
    - فؤادي يذوب أسى.. وأحس قلبا آخر يحل محله.. عقلي مسكونا بصور رائعة تضببها ألوان لا أعرف مصدرها.. في فمي رضاب ليس كالريق البشري وأسناني تصطك بحثا عن لحم تريد أن تنهشه...
    جاءه الصوت هذه المرة منسابا كندف الثلج في ليلة شتائية مقرورة: "هون عليك أيها البائس.. أخالك تحب الأحلام وتؤمن بكل الأساطير والأوهام".
    تمرغ فوق سريره زاحفا نحو وسادته التي غطى بها رأسه.. تلوى حول نفسه كشرنقة ولدت لتوها وتمتم في غمار أنفاسه متحسرا:
    - بالفعل أؤمن بكل الحماقات والتفاهات والأوهام.. فما دمت لا أرى أحلامي سوى أوهام, فإنني أرسو دوما فوق مينائها ولا شغل لي سوى المضي قدما نحو سرابها,محاولا البحث عن فرصة تشرعن الحفاظ عليها والدفاع عنها...
    خفت الصوت وأحسه هذه المرة منبعثا من داخله بنبرة حنونة:
    "ما الذي غيرك وجعلك على هذا النحو؟"
    تساءل مع ذاته: هل أنا أحلم؟ لا أظن.. إن ما يقع الآن يدخل في واقعي..وما يدخل في واقعي فهو حقيقي.. وحقيقتي الآن هي أنني واقع في شراك الوهم...
    أزاح عنه الوسادة وانتفض واقفا أمام ظله.. حملق بعينيه الزائغتين فيه ولم ينتبه انه استرسل في الكلام:
    - بالعكس تماما.. بالعكس تماما..أنا لم أتغير قط,لم ابرح مكاني,محافظ على جلدتي.. أشعر أنني ما زلت على شاكلتي وسؤال التغيير لازمني كظلي, لكنني لم أستطع الإمساك به حتى في أحلامي. ربما لم أطلق العنان لقوى لاشعوري الداخلية, فأصبحت صنما يخاله الآخرون شبحا...أما مع ذاتي فأحس شيئا آخر..عجبا عجبا..
    انحنى نحو ظله أكثر فأكثر حتى لامست يده برودة الأرض..صفعه تلاشيه فاستيقظ من شروده وسمع: "لكنك أصبحت شخصا غريب الأطوار, شيء يحز في داخلك المضطرب وأصبحت مع مرور الزمن إنسانا آخر وكأنني لا أعرفك بتاتا"
    اعترته قشعريرة غامضة حلق على إثرها في فضاء غرفته صائحا:
    - أشك أنك تعرفني تمام المعرفة,معرفتك ظاهرية لا تنفذ إلى أعماقي, لهذا سأتعالى عن فذلكاتك الزائفة والجوفاء.صمت قليلا ثم صرخ: هل تعرفني حقا؟
    تردد الجواب من الداخل بشكل مرتاب:" اعتقد أنني أعرفك جيدا.. فمنذ أن وجدنا وأنا قابع في داخلك..أعرف نفسي كما أعرفك"
    أشهر يديه متوسلا وكأنه يخاطب شخصا معلوما قبالته:
    - ألا ابتعد عني أيها الشبح الباهت..أنت تخيفني,لم أحس يوما أننا متصلان..أظن أننا نسخة مشوهة لشيء أصيل ومفقود..ماركة غير مسجلة.. وأنت تبحث عن حقيقتك المفقودة فيّ...
    ثم جاءه السؤال مباغتا:"ماذا تود القول بالضبط؟"
    رد بحزم فائق وكأنه بصدد إلقاء حقيقة من وحي هلوسته:
    - أعني الحقيقة بصفائها,بنقائها,بكل تجلياتها الإنسانية.والمشكلة الأساسية في الحقيقة ليست هنا....
    "وأين هي إذن يا حبيبي؟"
    تحسر لوقع السؤال ثم سقط أرضا مشرعا رجليه المشلولتين.. بدت طاقته باهتة لم يقو فيها على النبس بكلمة.تلعثم مرارا إلى أن جاءت كلماته تباعا كأنها ألحان مريرة,مبتورة نثرتها رياح حزن دفين:
    - إنها بالضبط فيك..أنت أيها الكائن المغاير..الوطن الآخر..أنت لم تعد تتقن شيئا سوى الاستكانة لي والتواكل علي ومرافقتي بإلحاحك واستفزازك.. كم أثقلت كاهلي بأسئلتك اللامتناهية وباحراجاتك الخرقاء؟ أنت كالجوزة تريد أن تكسو ولكنها جوفاء..متفرج سادي تعشق إيذائي وتبحر بي في متاهات ذهان لتسكنني بلوثتك...
    "إذن أحتاج إلى التأويل والتفكيك والتركيب لأفهم حقيقتك"
    صرخ عاليا ولوح بيده نحو صدره متحسرا:
    - ربما يا حبيبي لا تحتاج إلى كل هذا لتفهمني..لست سرا عصيا على الكشف..لا أحتاج إلى تأويل ولا إلى تفكيك, بل احتاج إلى جسد يقرأ أوجاعي ويفضح سر هذه العلاقة التاريخية التي تجمعنا...
    بعد هذه الزوبعة الداخلية التي أفضت به إلى شفير الهاوية.. ساد صمت رهيب..أحس خلاله بوطأة الأسئلة الكبرى المنهارة عليه وكأنها أحجار ترشق من سقف غرفته...
    أمسك رأسه بكلتا يديه مغطيا أذنيه وبدقة متناهية تناهى إلى سمعه, عبر انسلال أصابعه بوح غريب:
    " ممكن جدا, وإن كانت هذه العلاقة التاريخية كما قلت تحكم وجودنا بهذه الغرائبية التي تسكننا وكأنها ظلال جبرية مطلقة,فلنعمل سويا على تعميق الهوة بيننا ولنحاول الانفصال نهائيا عن بعضنا البعض, ليعرف كل منا من يكون"
    الانفصال,القطيعة,الاستمرارية..عوالم حاول أن يصيرها واقعا..لم يتوفق أبدا..فانتابه يأس شل حركته وقمع طموحاته وانهار في آخر المطاف...
    لقد وقع كل شيء بهذه الطريقة المفجعة.. فهبت عليه من جميع الجنبات همسات مشوشة تزمجر في محيطه نشيد الموت الفجائي...
    رأى فجر الصباح يكتسح جنح الظلام بخلسة بطولية..تحرك من مكانه ليدفئ ساقيه المتجمدتين من كمد الرهبة الداخلية, في غرفة شبيهة بالزنزانة.. راحت رائحة الموت تسكن أنفه بحدة لا تطاق..شرع نافذته على نجمة عالقة في سماء ذاكرته الداكنة..تلألأت عبر فضائه ورياحه الكونية العاصفة..تنسم هبة نسيم صبح ندية, لامست حلكة روحه فانبعثت في قلبه كل الأسرار وغمغمت في جسده نداءات الأقدار:
    - أنت....أنت....لست سوى كومة من الأصفار....
    هذه الليلة...وكل تلك الليالي, كانت تناديه بهيبتها الموحشة أن يسير خلفها الى حوافي الأرض المقفرة,لترميه فجاءة أسيرا, أعزلا في فجواتها المضيقة,وتطمره بكل حلكتها القاتمة...حينها يوشحه السواد بصمت مريب..رهيب..ورائحة أشبه برائحة الكبريت تنفذ إلى جوفه..تطوقه..تخنقه وتلفه في ثوب محنط ثم تواريه تراب التيه وتلقي به إلى هاوية النسيان.. أما هي فتمضي بعيدا.. بعيدا لتعانق إشراقة الصباح...



    م ع الرحمان دريسي
    من مجموعتي " تشظي"


    [/frame]
  • ميساء عباس
    رئيس ملتقى القصة
    • 21-09-2009
    • 4186

    #2
    ألا ابتعد عني أيها الشبح الباهت..أنت تخيفني,لم أحس يوما أننا متصلان..أظن أننا نسخة مشوهة لشيء أصيل ومفقود
    على حافة الليل
    صورة شاعرية مؤلمة الجمال
    فرحت جدا بعودتك عزيزي ونشاطك بيننا
    وفرحت بهذه القصة الرائعة المميزة من مجموعتك القصصية تشظي
    تعرف دريسي
    عندما ندخل قصصك يذكرني ها الدخول بدهليز حالك بالأزمنة وهو العبور بين الحياة والموت وموطن أسرار الحياة
    أعرف أني سأضيع ومع ذلك أدخل إلى عالمك
    أنه يشوقني كنزعتي إلى الموت أحيانا
    ونزعتي إلى المغامرة وضربة الحظ علها تسقطني حتى أبعد سماء
    عزيزي
    شكرا لك من القلب على ماتسببه لنا من هذيان الروح
    كل الود والتقدير
    م...
    التعديل الأخير تم بواسطة ميساء عباس; الساعة 22-05-2010, 05:36.
    مخالب النور .. بصوتي .. محبتي
    https://www.youtube.com/watch?v=5AbW...ature=youtu.be

    تعليق

    • إيمان الدرع
      نائب ملتقى القصة
      • 09-02-2010
      • 3576

      #3
      وتظلّ يادريسي:
      تأخذنا إلى عالمك..

      غصباً تأخذنا إلى دروب إبداعك..
      وتصيبنا لوثة جنون أسئلتك...
      تلقي بنا في بئر الحيرة..
      وتمضي بعيداً..
      محلّقاً من حيث أتيت......
      أكثر من رائع..ما قرأت..
      لولا هذه المواجع التي تلقي بها وتمضي..
      وتعود لنا.. بعد حين ٍ
      بالحيرة ذاتها التي لم نُشفَ منها بعد..
      رفقاً بنا..
      دُمتَ بسعادةٍ...تحيّاتي...

      تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

      تعليق

      • ربيع عقب الباب
        مستشار أدبي
        طائر النورس
        • 29-07-2008
        • 25792

        #4
        بين أنياب الوحدة ، ومنغصات القهر اليومي ، عبر معايشة راكدة ،
        للناس ، و الكون ، و الأشياء ، و الوطن ، و القراءات ، و الدين
        و السياسة .. نقع كثيرا فى لحظات وحدوية ، موحشة من تلك .. و كم
        تكون الأسئلة حاضرة ، و وكم تتفلت قبل أن تجد لها إجابات واضحة
        تشفي الغليل ، بل ربما لا تكون سوي عبرات التأسي .. حين تغمض
        الحقيقة ، علينا ، و لا نجد لها وضوحا تاما ، و إن كنا بالفعل على العلم
        تام بما نكون ، و ما تكون كل هذه الهواجس و الظنون !!

        هي لحظات حميمة للغاية ، بل و بالغة الحميمية ، إلى حد القهر ، لالالا
        ليست مسألة حساب الذات التى تتم ، بين وقت وآخر .. إنها أشد قتامة و ألما
        و قد تحدث نقاط أو مناطق فاصلة ، بين ما كان و يكون ..و ما يجب أن يكون
        و دورنا فى تلك الحالة ، أين نحن من هذا كله ، أكنا فاعلين ، عن عقيدة و إيمان ، أم كنا مبعدين بفعل أنفسنا و غيرنا .. أسئلة و أسئلة .. و الانارات
        تظل رهينة اللون الأسود ، لا يغزوها الأبيض ، أو الرمادي إن شئنا تخفيف اللون !

        ربما الفلاح الذى وجدوه معلقا فى شجرة ، و ما عرف عنه إلا الصبر و الصلاة ، و الرضا بالقليل ، فى لحظات حميمية كتلك ، ومع غياب الوعي ، انتهي إلى ما كان عليه ، حين يجد كل مشواره هباء ، و أنه بعد هذا العمر من الشقى و التعب ، و النضال ، لا يستطيع تدبير ثمن ............. !!
        لا أقول وقاك الله هذه اللحظات ، و لكن أقول تحصن باللحظات المضيئة ، و لا تنسي أبدا ، أننا فى كثير من الأمور نسير لا وفق ما نريد ، بل ما يراد بنا ، بداية من البيت و نهاية بالوطن الذى أصبح يعني الحكومة و ليس شيئا آخر !!

        ابتهجت كثيرا حين وجدتها ، نعم سبق قراءتها ، لكنني قرأتها الليلة بعين و قلب آخر ، و ربما بمطر غير شتوي !!

        محبتي دريسي مولاى
        sigpic

        تعليق

        • دريسي مولاي عبد الرحمان
          أديب وكاتب
          • 23-08-2008
          • 1049

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة ميساء عباس مشاهدة المشاركة
          ألا ابتعد عني أيها الشبح الباهت..أنت تخيفني,لم أحس يوما أننا متصلان..أظن أننا نسخة مشوهة لشيء أصيل ومفقود
          على حافة الليل
          أليست هذه الحافة سوى اشارة للسقوط الحر من شاهق مدمر؟
          صورة شاعرية مؤلمة الجمال
          وعندما يمتزج الجمال بالألم يكون الفن..
          فرحت جدا بعودتك عزيزي ونشاطك بيننا
          عودتي تروم أبدية يالتسامي أو النكوص...بالحضور والغياب...دون احداث الضجيج..
          وفرحت بهذه القصة الرائعة المميزة من مجموعتك القصصية تشظي
          تعرف دريسي
          عندما ندخل قصصك يذكرني ها الدخول بدهليز حالك بالأزمنة وهو العبور بين الحياة والموت وموطن أسرار الحياة
          هي سوداوية تبحث عن الصفاء من خلل فجوات الألم والقسوة..
          أعرف أني سأضيع ومع ذلك أدخل إلى عالمك
          أنه يشوقني كنزعتي إلى الموت أحيانا
          ونزعتي إلى المغامرة وضربة الحظ علها تسقطني حتى أبعد سماء
          لاعبة نرد أنت...ستربحين أحيانا وستخسرين حينا...فمن سيوقف الرهان سوى المغامرة...؟
          عزيزي
          شكرا لك من القلب على ماتسببه لنا من هذيان الروح
          كل الود والتقدير
          م...
          القديرة ميساء عباس...
          دوما أريد أن تكون كلماتي دما أسودا مسفوحا بالرهبة والخوف...
          فكل الشكر لبصمتك الجميلة أبدا...
          مودتي.

          تعليق

          • عائده محمد نادر
            عضو الملتقى
            • 18-10-2008
            • 12843

            #6
            دريسي عبد الرحمن
            أيها الرائع
            تنبش في جحور الذات
            تتقن جيدا نبش تلك الأرواح وتغور عميقا معها في رحلة لا يرتلحها إلاك
            تتفنن بتعذيب شخوص نصوصك وتدخلهم دهاليزهم المظلمة لتخرج لنا الروائع
            نسيج عنكبوتي متقن
            كنت هنا وسأمضي
            هل أنت زعلان علي.. أم مني.. أم ماذا!!
            ودي الأكيد


            حتى أنتهي!!

            حتى أنتهي !! شعور غريب صار يراودني, كلما رأيت امرأة تتأبط ذراع زوجها, تلتصق بجنبه كأنه سيطير منها, تظل عيناي تراقبهما بحسرة, حتى يختفيا, ومرارة تعلق بفمي, أظل بعدها, أبتلع ريقا بطعم القيح المر! أزدرد خذلاني, أهرب لأعمال المنزل, أختلقها مذ ذاك اليوم اللعين الذي كنت فيه في الطابق العلوي, هربا من رائحة حفرة العفن, أشاغل نفسي
            الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

            تعليق

            • دريسي مولاي عبد الرحمان
              أديب وكاتب
              • 23-08-2008
              • 1049

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة إيمان الدرع مشاهدة المشاركة
              وتظلّ يادريسي:
              تأخذنا إلى عالمك..

              غصباً تأخذنا إلى دروب إبداعك..
              وتصيبنا لوثة جنون أسئلتك...
              تلقي بنا في بئر الحيرة..
              وتمضي بعيداً..
              محلّقاً من حيث أتيت......
              أكثر من رائع..ما قرأت..
              لولا هذه المواجع التي تلقي بها وتمضي..
              وتعود لنا.. بعد حين ٍ
              بالحيرة ذاتها التي لم نُشفَ منها بعد..
              رفقاً بنا..
              دُمتَ بسعادةٍ...تحيّاتي...
              المبدعة المتألقة ايمان الدرع...
              ولست أعهدك سيدتي الكريمة الا جسورة بين غمار مرورك الباصم لنصي...
              تلك الحيرة هي التي تتملكني وأنا على مشارف بلورة فكرة معينة...
              واسئلتي اريد مقاسمتها مع القراء طبعا...
              شكرا لك أيتها الرائعة.
              تقديري.

              تعليق

              • دريسي مولاي عبد الرحمان
                أديب وكاتب
                • 23-08-2008
                • 1049

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
                بين أنياب الوحدة ، ومنغصات القهر اليومي ، عبر معايشة راكدة ،
                للناس ، و الكون ، و الأشياء ، و الوطن ، و القراءات ، و الدين
                و السياسة .. نقع كثيرا فى لحظات وحدوية ، موحشة من تلك .. و كم
                تكون الأسئلة حاضرة ، و وكم تتفلت قبل أن تجد لها إجابات واضحة
                تشفي الغليل ، بل ربما لا تكون سوي عبرات التأسي .. حين تغمض
                الحقيقة ، علينا ، و لا نجد لها وضوحا تاما ، و إن كنا بالفعل على العلم
                تام بما نكون ، و ما تكون كل هذه الهواجس و الظنون !!

                هي لحظات حميمة للغاية ، بل و بالغة الحميمية ، إلى حد القهر ، لالالا
                ليست مسألة حساب الذات التى تتم ، بين وقت وآخر .. إنها أشد قتامة و ألما
                و قد تحدث نقاط أو مناطق فاصلة ، بين ما كان و يكون ..و ما يجب أن يكون
                و دورنا فى تلك الحالة ، أين نحن من هذا كله ، أكنا فاعلين ، عن عقيدة و إيمان ، أم كنا مبعدين بفعل أنفسنا و غيرنا .. أسئلة و أسئلة .. و الانارات
                تظل رهينة اللون الأسود ، لا يغزوها الأبيض ، أو الرمادي إن شئنا تخفيف اللون !

                ربما الفلاح الذى وجدوه معلقا فى شجرة ، و ما عرف عنه إلا الصبر و الصلاة ، و الرضا بالقليل ، فى لحظات حميمية كتلك ، ومع غياب الوعي ، انتهي إلى ما كان عليه ، حين يجد كل مشواره هباء ، و أنه بعد هذا العمر من الشقى و التعب ، و النضال ، لا يستطيع تدبير ثمن ............. !!
                لا أقول وقاك الله هذه اللحظات ، و لكن أقول تحصن باللحظات المضيئة ، و لا تنسي أبدا ، أننا فى كثير من الأمور نسير لا وفق ما نريد ، بل ما يراد بنا ، بداية من البيت و نهاية بالوطن الذى أصبح يعني الحكومة و ليس شيئا آخر !!

                ابتهجت كثيرا حين وجدتها ، نعم سبق قراءتها ، لكنني قرأتها الليلة بعين و قلب آخر ، و ربما بمطر غير شتوي !!

                محبتي دريسي مولاى
                القدير الرائع ربيع عقب الباب..
                رائع مرورك أبدا ايها الربيع...أحسست كلماته...أفكاره...وهي تلم بمختلف جوانب ميلاد القصة...
                هو سمت أحببت المضي في جنباته مع ايحائية الظلال التي تغري بالكتابة...
                الهم الوجودي مع شاعرية الليل...تقبل أيها الربيع خالص تقديري...
                محبتي الدائمة.

                تعليق

                • دريسي مولاي عبد الرحمان
                  أديب وكاتب
                  • 23-08-2008
                  • 1049

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
                  دريسي عبد الرحمن
                  أيها الرائع
                  تنبش في جحور الذات
                  تتقن جيدا نبش تلك الأرواح وتغور عميقا معها في رحلة لا يرتلحها إلاك
                  تتفنن بتعذيب شخوص نصوصك وتدخلهم دهاليزهم المظلمة لتخرج لنا الروائع
                  نسيج عنكبوتي متقن
                  كنت هنا وسأمضي
                  هل أنت زعلان علي.. أم مني.. أم ماذا!!
                  ودي الأكيد

                  حتى أنتهي!!

                  http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?t=54970
                  الرائعة دوما عائده محمد نادر...
                  نعم لسحر الكهوف الاولى غوايات الدهشة مع صخب الأسئلة...
                  لا تنفك تضج في داخلي لتستنزفني ولا يتبقى لي فسحة وحيدة سوى بالبحث لها عن قالب ابداعي...
                  شكرا لك على هذا التوقيع الذي بصمت به حضورك الذي أحبه.
                  مودتي الأكيدة بدون شوائب محتملة.

                  تعليق

                  • أحمد ضحية
                    أديب وكاتب
                    • 10-05-2010
                    • 121

                    #10
                    المبدع الجميل دريسي مولاي
                    تحية طيبة
                    ولي عودة في قراءة متانية لهذا النص الجميل الذي فرغت من طباعته ورقيا للتو
                    مودتي
                    [mark=#FFFFCC]
                    الحزن لا يتخير الدمع ثيابا
                    كي يسمى في القواميس بكاء ..
                    الصادق الرضي
                    [/mark]

                    تعليق

                    • دريسي مولاي عبد الرحمان
                      أديب وكاتب
                      • 23-08-2008
                      • 1049

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة أحمد ضحية مشاهدة المشاركة
                      المبدع الجميل دريسي مولاي
                      تحية طيبة
                      ولي عودة في قراءة متانية لهذا النص الجميل الذي فرغت من طباعته ورقيا للتو
                      مودتي
                      الأديب القدير أحمد ضحية...
                      حاولت الرد على رسالتك لكنني لم أستطع ذلك...لأن خدمة استقبالك للرسائل غير مشغلة...
                      في انتظار عودتك المرتقبة...اندمغت أحوال الماضي مع ترقب جميل لابداعاتك الرائعة...
                      خالص تقديري.

                      تعليق

                      • أحمد ضحية
                        أديب وكاتب
                        • 10-05-2010
                        • 121

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة أحمد ضحية مشاهدة المشاركة
                        المبدع الجميل دريسي مولاي
                        تحية طيبة
                        ولي عودة في قراءة متانية لهذا النص الجميل الذي فرغت من طباعته ورقيا للتو
                        مودتي


                        الذات وآخرها في "على حافة الليل" لدريسي مولاي عبد الرحمن


                        الكتابة السردية لدريسي مولاي عبد الرحمن ذات مذاق خاص , في تجلياتها عن قلقها وتوترها , إذ تستدعي كيمياء الحلول ,التي تفضح "الليل" فتكشف عن هرمونيته المختبئة ,وتفاعلاتها مع الهرمونات الأخرى لتشكل المعبر إلى الجانب الآخر من الهاوية "فتمضي بعيدا لتعانق إشراق الصباح(1)" , حيث تتبلور كل الآفاق المحتملة, لإمكانية العبور من هذه الهاوية ,إلى أفق جمالي يحتمل تشظيات الراوي المختبيء خلف ضمير " الهو ". وإحالات هذا الضمير في البناء النصي لتيمة "القرين" تساءل مع ذاته : هل أنا أحلم؟(2)" منشئا المعادل الموضوعي لآخر الذات .. الذي في الحقيقة ما هو إلا ذات منقسمة على معاناتها الفكرية , وعذابات أخيلتها وتوجداتها ومواجدها , التي ينهض فيها الليل لا كعلامة عابرة, كصوى الساري . تدل قافلة الذات في تيهها الوجودي , بل كتيمة إستراتيجية ل"على حافة الليل" بمدلولات الليل كلها, وإحالاته الرمزية كلها .. تلك الإحالات العميقة التي تضرب أطنابها في غربة الذات والوطن ..


                        على حافة الليل تشتغل على فضاء نصي / نفسي معقد, إقتضى كثافة الترميز ,التي لجأ إليها دريسي مولاي, للتصدي لمشكل القهر في تمظهراته المختلفة .. عبر تبني شكل قصصي مختلف. بقدر تقاطعه مع الأشكال المألوفة للقصة القصيرة , بقدر مفارقته لها وموازاتها , ليمتزج هذا الشكل في المضمون, الذي نهضت فيه ذات الراوي كذات مستقلة, تدرك ماهيتها وحاجاتها ورغبتها العارمة في التحرر .. التحرر, ليس بما هو تجلي عن تحرر الذات كموضوع لمضمون النص على حافة الليل فحسب, بل أيضا كتجلي لتحرير البناء القصصي من شروطه المعروفة والراسخة ....


                        هذا المقترح التجريبي في البناء والمضمون, ينهض على قاعدة جدوى التجريب, في معركة البحث عن الذات وتحقيق الحرية والعدالة والوجود المستقل , وهو خط شروع يضاف إلى ما سبق من تجاريب ,فتحت المجال واسعا لآفاق جمالية وإجتماعية متجددة ..


                        ينفتح النص "على حافة الليل" بكل تساؤلات راويه, على أغوار ذات الراوي ,وهي تتهاوى تحت النيران المشتعلة في أشجار الاسئلة , فتحاول تجميع رمادها وشظايا أغصانها وأوراقها "الناجية " – بين قوسين - لتقول قولا يسهم في صياغة المعنى الإجتماعي العام , الذي بلورته ذات الفرد المهجس ,على عتبات الهاوية وثقوب الليل الخفية ..حيث لا متكأ سوى ظل يتيم لراوي حائر يعذبه إستيهامي فاعل كآخر لذات متشظية "تساءل مع ذاته :هل أنا أحلم ؟ لا أظن..إن ما يقع الآن يدخل في واقعي .. وما يدخل في واقعي فهو حقيقي..وحقيقتي الآن هي أنني واقع في شراك الوهم (3)"..ذات تحاور متخيلها /الحبيب الحاضر الغائب تلتمس فيه تماسكها"أراك دوما سادرا في غفلتك خارجا عن نطاق الزمكان تائها في مغامرات لا تعرف مغزى قل لي يا حبيبي ما بك؟(..)هون عليك أيها البائس ..أخالك تحب الأحلام وتؤمن بكل الأساطير والأوهام (4)" ..


                        إذن تنشغل على حافة الليل بالمازق الوجودي للفرد (الراوي) المعزول في فضاء طاحن , كصوت مفرد ومهمش يعاني أسئلة الوجود المحيرة وحده !..


                        "على حافة الليل" عملت على تفجير بنية السرد المالوف, بإنشاءها لبناء خاص إنشغل بالكلي – الفكري و النفسي , لكن تحايلا على التفصيلي في المدارس "المطيعة" بإستعارة أدوات التعبير المتنوعة, في تشييد البنية المتمردة الخاصة بهذا النص ك : الشعرية "راحت رائحة الموت تسكن أنفه بحدة لا تطاق .. شرع نافذته على نجمة عالقة في سماء ذاكرته الداكنة .. تلألأت عبر فضائه ورياحه الكونية العاصفة .. تنسم هبة نسيم صبح ندية لامست حلكة روحه فأنبعثت في قلبه كل الأسرار وغمغمت في جسده نداءات الاقدار(5)" .. وكالمنلوج "هذه الليلة وكل تلك الليالي كانت تناديه بهيبتها الموحشة أن يسير خلفها إلى حوافي الارض المقفرة ,لترميه فجأة أسيرا,أعزلا في فجواتها المضيقة وتطمره بكل حلكتها(6)..." والمراوغة "الحقيقة بصفائها ,بنقائها,بكل تجلياتها الإنسانية والمشكلة الأساسية في الحقيقة ليست هنا(7)", وطرح الأسئلة الحارقة"ساد صمت رهيب أحس خلاله بوطأةالأسئلة الكبرى المنهارةعليه وكأنها أحجار " ,إلى آخره من أدوات تعبير معروفة تعالج قضايا التغيير ..


                        " على حافة الليل " لدريسي مولاي عبد الرحمن, بمثابة الإطلالة الجمالية الراصدة لعالم ذهني يتهاوى ,في فضاء البنية الخاصة للنص, بتكويناتها وهيكلها المشيد بوقائع نفسية ورموز معنوية أبرزها الليل كصنو للقرين /الآخر ..


                        هذه القصة تستقطب في فضاءها النصي مكانين 1/ مكان معنوي هو الذات التي تم تأثيثها بأسئلة الراوي وتشظياته وكل ما يدور في فضائها من وقائع وأحداث(.حوار داخلي أقرب إلى منلوج (..)إلتفت إلى جميع الجهات ليبحث عن ذلك الصوت الذي يتربص به(..)وقف مشدوها أمام ظلمته تحسس وجهه المفزوع في ظلمة غرفته(8)). ومكان 2/ مادي هو غرفته(كم تمنى أن يغدو وجبة,جيفةتنهشها الكواسر,لتلقي به بعد إنتهاء حفلتها من تلك النافذة التي تتلاعب باضواء العمود الكهربائي في الخارج,خالقة لديه نوعا ن الهذيان الطيفي داخل غرفته(9) حيث يتفاعل المكانان مع نفسية الراوي المختبيء خلف ضمير الغائب (هكذا ينام وهكذا يستفيق على وقع مغزاها(10) .. وحيث تتشخص شخصية الراوي هنا كشخصية منغلقة على اجواء معتمة تفتح رماديتها خارج النص في إتصال وتواصل مع الواقع الإجتماعي (رأى فجر الصباح يكتسح جنح الظلام بخلسة بطولية تحرك من مكانه ليدفيء ساقيه المتجمدتين من كمد الرهبة الداخلية ,في غرفة شبيهة بالزنزانة(11) هذا الواقع الإجتماعي الذي أغرقه النص في رمزيات تراوغ التحدي السافر للتابوهات , بما يعطي الوحدات النصية قدرة إنفلات مغامرة , لكنها سلسة ومخاتلة في جرأتها على تحليل الواقع الإجتماعي, دون صدامات حتمية , لكأنها تتبنى الإزاحة والإحلال في مراوغاتها الماكرة المسكونة بالهاجس الأزلي للسرد : هدم العالم وتشييد عالما بديلا على أنقاضه (فعندما لا يستطيع الإنسان أن ينعم بقسط ضئيل من الراحة الداخلية , فالأجدى به أن ينتحر في بواطن تناقضاته ويتلاشى في إلتواءات دروبه الماحلة,ليبحث هناك عن طلقات رصاص تدوي في أعماقه(12)" ..


                        على حافة الليل نص يؤكد على نصوص سابقة ,أطاحت بمفهوم الشخصية الراسخ في السرد , بتماهي هوية شخصية بطل القصة "المروي عنه" .. هوية ذاته الإنسانية في الموقف الفردي ,من ما يحيط بهذه الهوية ويبددها . وكأغلب النصوص التجريبية, يأتي التركيز على الفرد بغرض فضح حاجاته المادية والروحية -"كفرد" – كمضمون إستراتيجي للنص , خلال توظيف تجديدي للمفاهيم التقليدية للقصة القصيرة بما هي أفق جمالي مفتوح على المغامرة بأشكالها المختلفة .. لينفتح النص / الإنسان بكل أحزانه على أغوار الذات الإنسانية وهي تتهاوى تحت ضربات وحصار العالم المحيط , ومع ذلك تحاول تجميع شتاتها وشظاياها المتناثرة لتقول قولا مفيدا ! ...


                        تأثثت على حافة الليل ضمن أثاثاتها العديدة بالرائحة كأثاث مهم في الفضاء النصي الكافكاوي النزعة ,لتعادل نزعته السوداوية بفتح معابر في سياق صراع الذات وآخرها "( كم تمنى أن يغدو وجبة , جيفة تنهشها الكواسر , لتلقي به بعد إنتهاء حفلتها من تلك النافذة التي تتلاعب بأضواء العمود الكهربائي في الخارج , خالقة لديه نوعا من الهذيان الطيفي داخل غرفته(..) ورائحة أشبه برائحة الكبريت تنفذ إلى جوفه (..) أما هي فتمضي بعيدا لتعانق إشراق الصباح(13) "


                        بكل ما يعتمل داخل هذا الكافكاوي من تمزق نفسي يضرب بجذوره في الغيبي وتحدي مادي مكابر " أنه الغم الميتافيزيقي يهيم على روحه , مقتنعا بقواه الواهنة على انها تستطيع أن تضع بعض الترتيب على فوضى عارمة تهز عوالمه (14)" .. ليجابه هذا الحدي ذاته , خلال تداعي المروي عنه بضمير الأنا كمستوى آخر في لغة السرد "أنا الكائن نفسه ... ملامحي هي ذاتها .. قامتي هي عينها (15)


                        هوامش :


                        (1)على حافة الليلhttp://www.almolltaqa.com/vb/showthr...545#post478545


                        (2) السابق.


                        (3) إلى (15) نفسه.
                        التعديل الأخير تم بواسطة أحمد ضحية; الساعة 03-06-2010, 15:02.
                        [mark=#FFFFCC]
                        الحزن لا يتخير الدمع ثيابا
                        كي يسمى في القواميس بكاء ..
                        الصادق الرضي
                        [/mark]

                        تعليق

                        • دريسي مولاي عبد الرحمان
                          أديب وكاتب
                          • 23-08-2008
                          • 1049

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة أحمد ضحية مشاهدة المشاركة
                          الذات وآخرها في "على حافة الليل" لدريسي مولاي عبد الرحمن



                          الكتابة السردية لدريسي مولاي عبد الرحمن ذات مذاق خاص , في تجلياتها عن قلقها وتوترها , إذ تستدعي كيمياء الحلول ,التي تفضح "الليل" فتكشف عن هرمونيته المختبئة ,وتفاعلاتها مع الهرمونات الأخرى لتشكل المعبر إلى الجانب الآخر من الهاوية "فتمضي بعيدا لتعانق إشراق الصباح(1)" , حيث تتبلور كل الآفاق المحتملة, لإمكانية العبور من هذه الهاوية ,إلى أفق جمالي يحتمل تشظيات الراوي المختبيء خلف ضمير " الهو ". وإحالات هذا الضمير في البناء النصي لتيمة "القرين" تساءل مع ذاته : هل أنا أحلم؟(2)" منشئا المعادل الموضوعي لآخر الذات .. الذي في الحقيقة ما هو إلا ذات منقسمة على معاناتها الفكرية , وعذابات أخيلتها وتوجداتها ومواجدها , التي ينهض فيها الليل لا كعلامة عابرة, كصوى الساري . تدل قافلة الذات في تيهها الوجودي , بل كتيمة إستراتيجية ل"على حافة الليل" بمدلولات الليل كلها, وإحالاته الرمزية كلها .. تلك الإحالات العميقة التي تضرب أطنابها في غربة الذات والوطن ..


                          على حافة الليل تشتغل على فضاء نصي / نفسي معقد, إقتضى كثافة الترميز ,التي لجأ إليها دريسي مولاي, للتصدي لمشكل القهر في تمظهراته المختلفة .. عبر تبني شكل قصصي مختلف. بقدر تقاطعه مع الأشكال المألوفة للقصة القصيرة , بقدر مفارقته لها وموازاتها , ليمتزج هذا الشكل في المضمون, الذي نهضت فيه ذات الراوي كذات مستقلة, تدرك ماهيتها وحاجاتها ورغبتها العارمة في التحرر .. التحرر, ليس بما هو تجلي عن تحرر الذات كموضوع لمضمون النص على حافة الليل فحسب, بل أيضا كتجلي لتحرير البناء القصصي من شروطه المعروفة والراسخة ....


                          هذا المقترح التجريبي في البناء والمضمون, ينهض على قاعدة جدوى التجريب, في معركة البحث عن الذات وتحقيق الحرية والعدالة والوجود المستقل , وهو خط شروع يضاف إلى ما سبق من تجاريب ,فتحت المجال واسعا لآفاق جمالية وإجتماعية متجددة ..


                          ينفتح النص "على حافة الليل" بكل تساؤلات راويه, على أغوار ذات الراوي ,وهي تتهاوى تحت النيران المشتعلة في أشجار الاسئلة , فتحاول تجميع رمادها وشظايا أغصانها وأوراقها "الناجية " – بين قوسين - لتقول قولا يسهم في صياغة المعنى الإجتماعي العام , الذي بلورته ذات الفرد المهجس ,على عتبات الهاوية وثقوب الليل الخفية ..حيث لا متكأ سوى ظل يتيم لراوي حائر يعذبه إستيهامي فاعل كآخر لذات متشظية "تساءل مع ذاته :هل أنا أحلم ؟ لا أظن..إن ما يقع الآن يدخل في واقعي .. وما يدخل في واقعي فهو حقيقي..وحقيقتي الآن هي أنني واقع في شراك الوهم (3)"..ذات تحاور متخيلها /الحبيب الحاضر الغائب تلتمس فيه تماسكها"أراك دوما سادرا في غفلتك خارجا عن نطاق الزمكان تائها في مغامرات لا تعرف مغزى قل لي يا حبيبي ما بك؟(..)هون عليك أيها البائس ..أخالك تحب الأحلام وتؤمن بكل الأساطير والأوهام (4)" ..


                          إذن تنشغل على حافة الليل بالمازق الوجودي للفرد (الراوي) المعزول في فضاء طاحن , كصوت مفرد ومهمش يعاني أسئلة الوجود المحيرة وحده !..


                          "على حافة الليل" عملت على تفجير بنية السرد المالوف, بإنشاءها لبناء خاص إنشغل بالكلي – الفكري و النفسي , لكن تحايلا على التفصيلي في المدارس "المطيعة" بإستعارة أدوات التعبير المتنوعة, في تشييد البنية المتمردة الخاصة بهذا النص ك : الشعرية "راحت رائحة الموت تسكن أنفه بحدة لا تطاق .. شرع نافذته على نجمة عالقة في سماء ذاكرته الداكنة .. تلألأت عبر فضائه ورياحه الكونية العاصفة .. تنسم هبة نسيم صبح ندية لامست حلكة روحه فأنبعثت في قلبه كل الأسرار وغمغمت في جسده نداءات الاقدار(5)" .. وكالمنلوج "هذه الليلة وكل تلك الليالي كانت تناديه بهيبتها الموحشة أن يسير خلفها إلى حوافي الارض المقفرة ,لترميه فجأة أسيرا,أعزلا في فجواتها المضيقة وتطمره بكل حلكتها(6)..." والمراوغة "الحقيقة بصفائها ,بنقائها,بكل تجلياتها الإنسانية والمشكلة الأساسية في الحقيقة ليست هنا(7)", وطرح الأسئلة الحارقة"ساد صمت رهيب أحس خلاله بوطأةالأسئلة الكبرى المنهارةعليه وكأنها أحجار " ,إلى آخره من أدوات تعبير معروفة تعالج قضايا التغيير ..


                          " على حافة الليل " لدريسي مولاي عبد الرحمن, بمثابة الإطلالة الجمالية الراصدة لعالم ذهني يتهاوى ,في فضاء البنية الخاصة للنص, بتكويناتها وهيكلها المشيد بوقائع نفسية ورموز معنوية أبرزها الليل كصنو للقرين /الآخر ..


                          هذه القصة تستقطب في فضاءها النصي مكانين 1/ مكان معنوي هو الذات التي تم تأثيثها بأسئلة الراوي وتشظياته وكل ما يدور في فضائها من وقائع وأحداث(.حوار داخلي أقرب إلى منلوج (..)إلتفت إلى جميع الجهات ليبحث عن ذلك الصوت الذي يتربص به(..)وقف مشدوها أمام ظلمته تحسس وجهه المفزوع في ظلمة غرفته(8)). ومكان 2/ مادي هو غرفته(كم تمنى أن يغدو وجبة,جيفةتنهشها الكواسر,لتلقي به بعد إنتهاء حفلتها من تلك النافذة التي تتلاعب باضواء العمود الكهربائي في الخارج,خالقة لديه نوعا ن الهذيان الطيفي داخل غرفته(9) حيث يتفاعل المكانان مع نفسية الراوي المختبيء خلف ضمير الغائب (هكذا ينام وهكذا يستفيق على وقع مغزاها(10) .. وحيث تتشخص شخصية الراوي هنا كشخصية منغلقة على اجواء معتمة تفتح رماديتها خارج النص في إتصال وتواصل مع الواقع الإجتماعي (رأى فجر الصباح يكتسح جنح الظلام بخلسة بطولية تحرك من مكانه ليدفيء ساقيه المتجمدتين من كمد الرهبة الداخلية ,في غرفة شبيهة بالزنزانة(11) هذا الواقع الإجتماعي الذي أغرقه النص في رمزيات تراوغ التحدي السافر للتابوهات , بما يعطي الوحدات النصية قدرة إنفلات مغامرة , لكنها سلسة ومخاتلة في جرأتها على تحليل الواقع الإجتماعي, دون صدامات حتمية , لكأنها تتبنى الإزاحة والإحلال في مراوغاتها الماكرة المسكونة بالهاجس الأزلي للسرد : هدم العالم وتشييد عالما بديلا على أنقاضه (فعندما لا يستطيع الإنسان أن ينعم بقسط ضئيل من الراحة الداخلية , فالأجدى به أن ينتحر في بواطن تناقضاته ويتلاشى في إلتواءات دروبه الماحلة,ليبحث هناك عن طلقات رصاص تدوي في أعماقه(12)" ..


                          على حافة الليل نص يؤكد على نصوص سابقة ,أطاحت بمفهوم الشخصية الراسخ في السرد , بتماهي هوية شخصية بطل القصة "المروي عنه" .. هوية ذاته الإنسانية في الموقف الفردي ,من ما يحيط بهذه الهوية ويبددها . وكأغلب النصوص التجريبية, يأتي التركيز على الفرد بغرض فضح حاجاته المادية والروحية -"كفرد" – كمضمون إستراتيجي للنص , خلال توظيف تجديدي للمفاهيم التقليدية للقصة القصيرة بما هي أفق جمالي مفتوح على المغامرة بأشكالها المختلفة .. لينفتح النص / الإنسان بكل أحزانه على أغوار الذات الإنسانية وهي تتهاوى تحت ضربات وحصار العالم المحيط , ومع ذلك تحاول تجميع شتاتها وشظاياها المتناثرة لتقول قولا مفيدا ! ...


                          تأثثت على حافة الليل ضمن أثاثاتها العديدة بالرائحة كأثاث مهم في الفضاء النصي الكافكاوي النزعة ,لتعادل نزعته السوداوية بفتح معابر في سياق صراع الذات وآخرها "( كم تمنى أن يغدو وجبة , جيفة تنهشها الكواسر , لتلقي به بعد إنتهاء حفلتها من تلك النافذة التي تتلاعب بأضواء العمود الكهربائي في الخارج , خالقة لديه نوعا من الهذيان الطيفي داخل غرفته(..) ورائحة أشبه برائحة الكبريت تنفذ إلى جوفه (..) أما هي فتمضي بعيدا لتعانق إشراق الصباح(13) "


                          بكل ما يعتمل داخل هذا الكافكاوي من تمزق نفسي يضرب بجذوره في الغيبي وتحدي مادي مكابر " أنه الغم الميتافيزيقي يهيم على روحه , مقتنعا بقواه الواهنة على انها تستطيع أن تضع بعض الترتيب على فوضى عارمة تهز عوالمه (14)" .. ليجابه هذا الحدي ذاته , خلال تداعي المروي عنه بضمير الأنا كمستوى آخر في لغة السرد "أنا الكائن نفسه ... ملامحي هي ذاتها .. قامتي هي عينها (15)


                          هوامش :




                          (2) السابق.



                          (3) إلى (15) نفسه.
                          الأديب الكبير أحمد ضحية...
                          دعني أولا أشكرك جزيل الشكر على هذا المجهود الجبار في سبرك لأغوار الحافة الليلية...
                          أرجعتني هذه المصافحة الى مأساة غريغوري سامسا وتساءلت السؤال المحير:هل أكتب لكي أوجد؟
                          ممكن ذلك حسب الباراديغم الديكارتي...وتيقنت هنا بقوة بحسب قراءتك التي طوقتني بكل أشكال الفن الجميل...
                          لي عودة هنا لاحقا لأنفتح على قراءتك التي كملتني بكل معاني الكائن...
                          فشكرا مرة أخرى على هذا المجهود الذي أحسست ثقله ومسؤوليته...
                          محبتي وتقديري.

                          تعليق

                          • أحمد عيسى
                            أديب وكاتب
                            • 30-05-2008
                            • 1359

                            #14
                            المبدع دريسي :
                            أذكر أنني مررت من هنا ، ولا شك كتبت تعليقاً ، أين ذهب ..؟ ربما سقط حيثما نسقط دائماً ، أو تاه في أروقة الملتقى ..
                            المهم ، أحييك على نصك المبدع هذا ، أسلوبك وطريقة طرحك مدرسة مستقلة بحق ، تستحق أن نتعلم منها ان استطعنا .
                            أعجبني جداً النقد/الرؤية التي قدمها الأستاذ : أحمد ضحية لنصك .
                            بل هي أضافت أبعاداً جديدة لقراءتي كنت قد غفلت عنها ، فاكتمل بهاء الصورة بهذه الدراسة الرائعة .

                            أحييك صديقي دريسي
                            ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
                            [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

                            تعليق

                            • محمد سلطان
                              أديب وكاتب
                              • 18-01-2009
                              • 4442

                              #15
                              مع قدوم الليل وتلابيبه تسقط وتثار مظاهرات الأنا والأنا الآخر .. ومن ثم يتصل الصراعات الاتية أعتى مداها .. و بالخصوص عندما تكون النفس مكتظة بما يؤسرها ويشتت نومها ..
                              هنا هذا العاشق الباحث عن وجود ما في زمكان ما ومع شخصية مفترضة بلغ حد التشظي , فأسر معه القارئ بين جنبات الغرفة المظلمة

                              تحياتي لك أستاذ دريسي وخالص تقديري
                              صفحتي على فيس بوك
                              https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

                              تعليق

                              يعمل...
                              X