جاري أبو الرافع .. فيلسوف !

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • د. نديم حسين
    شاعر وناقد
    رئيس ملتقى الديوان
    • 17-11-2009
    • 1298

    جاري أبو الرافع .. فيلسوف !

    [align=justify]
    [gdwl]
    جاري أبو الرافع .. فيلسوف !

    د. نديم حسين

    وحيدٌ أنا كذَكَرِ الحمامِ , في فضاءٍ يُطفِئُهُ الضَّبابُ , فضاءٌ يعجُّ بالنُّسورِ , وأنا تُقلقُني عيونُ النسورِ , ويَبري جناحيَّ طموحُ النسورِ لوجبةٍ من هديلٍ دافيءٍ . وحيدٌ أنا .. كنَسرٍ صائمٍ تُؤنِسُ وحشَتَهُ فريسةٌ هادِلَةٌ !
    - عُدْ , إذًا إلى بيتكَ يا ولدي , فستجدُ المساءَ ووجهي وأشياءك الأخرى في انتِظاركَ , أَشعِلْ نجمتين , تناوَلْ قصيدتين بالسَّمن البلدي , ونثيرَةً ساخنةً , واضرِبْ عَرضَ مستطيلِ نافذتِكَ الشرقيةِ , اضرِبهُ بطولِكَ لتعرفَ مساحةَ الوَطَنْ ! أنطق الشهادتين ونَمْ ! ستصحو عند الصباح على احتمالين لا ثالِثَ لهما إلاَّكَ .
    - حسنًا , إمنحيني سبيلاً إليكِ !
    - " إقرضْ " سبيلَكَ وامضِ !
    ليلي يا حبيبتي عميقٌ وباردٌ , نَجمي صديقي , ونَصْلُ هذا الليلِ مغروسٌ بقلبي , أفهِمتِ سرَّ الأُقحوان ؟ أحيانًا تهُبُّ الرياحُ فتهتزُّ قامةُ الظَّلامِ , لا تنكسِرُ تمامًا , لكنها تهتزُّ فيُجالسُني أرقي حتى انتهاءِ ليلتي , وضبابُ النهاياتِ يا عزيزتي نابٌ في زَبَدْ , فهل يتألَّمُ الزَّبَد ؟ .. لا أعرفُ لأنه لا يتقنُ اللغة العربية الفصحى .
    سيدتي , أنا مِن صُنعِ روحي . سَبعُ رياحٍ تدُقُّ سطوحي , توائم روحي .
    لا منطِق في كلامكَ هذا ! حسنًا هل يتدلَّى المنطقُ من أوتار الكمان ؟ ما يجعلُ الكمانَ كمانًا هو ارتحالُ المنطق عن وترِ الكمان . ثم اسألي عازفًا عابِرًا عن أصابعهِ المسكونةِ باللامنطقِ المجنون والعاقل في آنْ ! صدى الأنامل عالَمٌ ليليٌّ حالِمٌ , يفعلُ بموتهِ أكثَرَ ما تفعلينَ أنتِ بحياتِكِ . أنا الليلةَ يا صديقتي مخلوقٌ وحيدٌ , حزينٌ , خائفٌ , ألُفُّ خوفي بعنايةٍ شديدةٍ كهديةٍ ثمينةٍ , أُطلِقُ النارَ حتى تنتهي بندقيتي لكي لا يتبقَّى لديَّ الكثيرُ من الكلماتِ . وكما تعلمُ مرآتُكِ فعيناكِ جميلتانِ , وأنا مُتعَبُ الوجهِ , جسدي جِسرٌ مُرهَقٌ ما بيني وبيني , يدوسُهُ العابرونَ تحايُلاً على شَبَقِ النهرِ , جسدي جِسرٌ هاديءٌ , صابِرٌ , لكنَّ عاصفتي ما قَبـْلَها هدوؤُها وبَعدَها هُدوئي . وأنتِ يا حبيبتي كَفُّكِ دافئةٌ تهمِسُ ألفَ لمسةٍ , وقلبي مُستَمِعُكِ الكريمُ , جميلٌ كفجرٍ جديدٍ مهما تكرَّرَ تظلُّ روحُ التجدُّدِ فيه , وأنتِ .. مِن ضِلعِ حُلمٍ بَراكِ اللهُ .. وأنا أحبُّ أن أفتتحَ صباحاتي بوجهكِ النائمِ !!
    فجأةً , قطَعَ عليَّ خَلوتي صوتُ جاري أبي الرافع :
    - صباح الخير يا أبا خالد , أسمعُكَ تتكلَّمُ ولا أرى أحدًا في كرْمِ الزيتونِ هذا , فمَن تُحادِثْ ؟
    - أحادِثُ الأرضَ يا أبا الرافعِ .
    - وهل ما زالت الأرضُ تتقن اللغة العربيةَ الفُصحى ؟
    - نعم ! قـُلتُ . فنحنُ .. والزَّبَدُ بِتنا لا نُتقنُ اللغةَ يا أبا الرافعِ , وبالمناسبة , لطالما خالَفتُ أهلَ قريتنا رأيهم بأنَّكَ غبيٌّ بتفَوُّقٍ , فسؤالُكَ هذا يرفعُكَ إلى مقاماتِ الفلاسفةِ .
    - والله العظيم يا أبا الخالدِ لم أفهَم كلمةً واحدةً من حديثكَ , ولكنني أحببتُهُ جدا , ولا أدري لماذا !
    - ولا أنا ... ولا أنا , قُلتُ . ثمَّ نهضتُ وأبقَيتُ ما عَلِقَ من تُرابِ الأرضِ على ثِيابي , لعله يمنحُني سبيلاً يقودُني إليها !.

    [/align]
    [/gdwl]
  • مهند حسن الشاوي
    عضو أساسي
    • 23-10-2009
    • 841

    #2
    [align=center]

    حروف تنز دماً .. وتصطرع انتحاباً
    أعتقد أن للأرض لغةً هي أكثر حزناً ، وشعوراً بالخذلان
    لقد خاطبتُ الأرض يوماً وتوحدت بآلامها وكان النتاج قصيدتي (أحزان الأرض)
    لكنني يومها لم يكن لي جار
    د. نديم حسين
    قلمك يرشح بالطهر والصدق
    بورك لك



    [/align]
    [CENTER][SIZE=6][FONT=Traditional Arabic][COLOR=purple][B]" رُبَّ مَفْتُوْنٍ بِحُسْنِ القَوْلِ فِيْهِ "[/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/CENTER]

    تعليق

    • د. نديم حسين
      شاعر وناقد
      رئيس ملتقى الديوان
      • 17-11-2009
      • 1298

      #3
      أخي الحبيب مهند حسن الشاوي
      جميلٌ مرورُك وعميقٌ .
      للأسف الشديد فإن ما يجمعنا هو خيطٌ من القِنَّبِ الحزين ، المغموس بماء القهر ، من المحيط إلى المحيط !
      أنتَ وأنا ونحن نكتبُ لنحافظ على رُشدِنا في هذا الزمن المجنون ، وبتفوُّقٍ مُفزِعٍ !
      أخي مهند ، سلمت يدُك !

      تعليق

      يعمل...
      X