خارج حدود التابو

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أحمد العبيدي
    أديب وكاتب
    • 23-08-2008
    • 149

    خارج حدود التابو

    لأخفاء

    في أحد الأناجيل الغنوصية المدعوة بالمنحولة (أنجيل توما ) ،

    ورد أن التلاميذ قالوا للمسيح : متى ستظهر لنا، ومتى سنراك؟

    قال المسيح : عندما تتعرَّون دون ان تشعروا بالخجل , فتخلعون

    ثيابكم وتضعونها تحت اقدامكم مثل الأطفال الصغار وتدوسونها ،

    عندئذٍ سترون ابن الحيِّ ولن تخافوا .

    الزهرة .. هي عضو التأنيث عند النباتات البذرية , تتألف من المبيض الدورقي الشكل المنتهي بفتحة متسعة تسمى الميسم ، والذي تغطيه مادة لزجة تساعد على التصاق حبوب اللقاح ومن ثم أنتفاخها , وبالتالي تهيئة أنبوب اللقاح المنبثق من حبة اللقاح الذكرية ، للتوغل الى داخل المبيض ومن ثم قذف محتوياته لتكوين البيضة المخصبة ومن ثم الجنين والثمرة .

    يحيط بالزهرة التي أصبحت رمز للجمال ، أوراق الكأس والتويج ، تلك الأخيرة الملونة بألوان براقة ، تجذب الحشرات التي تحمل حبوب اللقاح ، لتساعد في أتمام دورة الحياة .

    أذا الأعضاء المسؤولة عن التكاثر في النباتات البذرية ، هي أكثر الأعضاء جمالاً وبروزاً وتاثيراً في المحيط , عكس الإنسان فأن تلك الأعضاء المسؤولة عن أنتاج الحياة وديمومتها هي الأكثر أخفاءاً وبعداً عن واقع الحياة ، مع أن تلك الأعضاء الذكرية والأنثوية في الإنسان والنباتات البذرية متشابهة في الشكل والوظيفة .

    كيف حصل ذلك ؟ ومنذ متى سيطرت حلقات التعتيم والإخفاء على هذه الأعضاء الوحيدة المنتجة لنصف عدد الكروموسومات ، أي وجودها الحقيقي لا يتم ألا بوجود النصف الأخر ، النصف المكمل أو النقيض !!

    يأخذنا النص الديني ، الى حالة أولى من الاندماج بالكوني ، فيفترض الإنسان كائن متكامل المعيشة ، يعيش بسعادة في الجنة بشكله الجميل المنساب حسب قوانين كونية مدخرة فيه ، ثم تمثيلها في ما بعد بأحاديث تتحدث عن خلق أدم بصورة الأله ، ومن ثم فهو وحدة بنائية تمثل الكل في الجزء ، تقول التوراة :

    ورأتِ المَرأةُ أنَّ الشَّجرةَ طيِّبةٌ لِلمَأكلِ وشَهيّةٌ لِلعَينِ، وأنَّها باعِثَةٌ لِلفَهْمِ، فأخذَت مِنْ ثَمَرِها وأكَلَت وأعطَت زوجها أيضًا، وكانَ مَعَها فأكَلَ. 7فاَنْفَتَحت أعيُنُهما فعَرفا أنَّهُما عُريانَانِ، فخاطا مِنْ وَرَقِ التِّينِ وصَنَعا لهُما مآزِرَ.

    هذا النص يحيلنا فوراً الى عملية الإبصار بالعين ، وكيف تفتحت العين بعد الأكل من الثمرة لتصبح في حالة جديدة من الوعي ، تمثل في عملية إنتاج وسائل جديدة ( خياطة أوراق الأشجار) لتتلائم مع الوعي المكتسب حديثاً . ولكن ماهي طبيعة الرؤيا الأولى قبل التفتح ؟

    النص التوراتي يبدأ بفعل الرؤيا ، ويصف الثمار بأنها طيبة للمأكل وشهية للعين !!

    وأذا تساهلنا في كلمة شهية ، فأن كلمة طيبة لا يمكن ان تكون من مختصات العين ، ولكنها من مختصات الذوق … وهنا أقصد حاسة الشم بالدرجة الأساس .

    علم تشريح الدماغ يخبرنا بأن الدماغ الإنساني الأول قبل حصول عمليات الإدراك كان يعتمد بتلقي المعرفة على حاسة الشم ، والتجارب العلمية الحديثة على الأحلام تخبرنا بأنها الحاسة الوحيد التي تعمل أثناء النوم لأنها مرتبطة باللب الدماغي الأول بينما باقي الحواس أرتبطت بطبقات القشرة المخية المضافة .

    فهل يا ترى يمكن أعتبار أنجذاب الإنسان الى الأزهار والورود (اعظاء التأنيث ) بالشم له علاقة بذلك ؟

    أن الإستنتاج المقترح ، وهو ظهور قابلية التفكير عند الإنسان والممثلة بنمو القشرة المخية السنجابية علمياً ، وتفتح الأعين والانتباه الى حالة العري دينياً (في النصوص الدينية )، والخروج من حالة الوعي الكلي الاندماجي مع الكون الى حالة الوعي الفردي المستقل فلسفياً ، كل هذه الأسباب أو صورها أسهمت في ظهور التابو ، أو المخفي او المقدس او المحرم .

    لذلك فأن الذاكرة الكونية الكلية تنفتح عند من هم أبعد عن طرق التفكير المنطقية العقلية ، فالمجنون لا يجد حرج في التعري ، وكذلك الأديان القديمة التي كانت تحاكي النظام الكوني ببمارسة طقوس التعري الجماعي ، أبتداءاً بأعياد الاكيتو البابلية ، حيث طقوس أعادة الخصب التي تمثل بين كاهنات المعبد بدور عشتار وبين شباب المدينة بدور تموز العائد من عالم الإحياء .. وانتهاءاً بعرب الجزيرة وطقوس الطواف المتعري حول الكعبة ، والذي لم يمنعه الإسلام بل أجرى عليه تعديلات ظاهرية بلبس ملابس الإحرام غير المخيطة ، من جملة المعالجات الكبرى التي قام بها الدين الإسلامي في أساسيات البنى الاجتماعية لعرب الجزيرة .

    قول المسيح هذا يحاول تخطي العقل المنطقي المتشكل بسبب تراكم القيم المستمر ، وتضخم التابو ليشمل عقائد مستمرة تلقى خلف العقل ، أي أن خط التابو بدأ يزحف تدريجياً مبتعداً عن نقطة الأصل . فكيف يمكن لنا العودة الى الوعي الأول بوجودنا الكوني الحقيقي أمام هذه الجبال من المعتقدات والأفكار ؟



    أحمد العبيدي
  • إيمان ملال
    أديبة وكاتبة
    • 07-05-2010
    • 161

    #2
    هل يمكنني اعتبار فقرتكم الأخيرة دعوة إلى حالة طبيعية مر بها الإنسان في زمن ما؟ ام انها مجرد محاولة للتاكيد على ان حريتنا لم تعد بالمقدار الدي كانت عليه في تلك المرحلة ؟
    استطاعت الإنسانية أن تحقق العظمة والجمال والحقيقة والمعرفة والفضيلة والحب الأزلي، فقط على الورق.

    جورج برنارد شو


    تعليق

    • أحمد العبيدي
      أديب وكاتب
      • 23-08-2008
      • 149

      #3
      أيمان ملال

      ليست هناك عوة لشيء محدد .. فقط عوة للتأمل

      صباحك ورد

      احمد

      تعليق

      • ميساء عباس
        رئيس ملتقى القصة
        • 21-09-2009
        • 4186

        #4
        تأملات
        وسحب ودخان
        برق ورعد ونار
        رائعة تلك التأملات
        مازلت بها غارقة
        ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
        مخالب النور .. بصوتي .. محبتي
        https://www.youtube.com/watch?v=5AbW...ature=youtu.be

        تعليق

        • عزيز نجمي
          أديب وكاتب
          • 22-02-2010
          • 383

          #5
          الأستاذ أحمد العبيدي
          تحية طيبة،
          جميل حديثك عن الزهرة...وعن كيفية التكاثر عند النباتات البذرية.غير أنه إذا كانت الأعضاء المسؤولة عن التكاثر عند النباتات هي أكثر الأعضاء جمالا وبروزا عكس الإنسان الذي يخفي تلك الأعضاء المسؤولة عن إنتاج الحياة،فإن ذلك راجع إلى أن تلك الأعضاء عند النباتات لا تظهر إلا في وقت معين من السنة،بينما هي عند الإنسان ظاهرة منذ الولادة وتنضج بعد سن البلوغ،لهذا نجد بعض المجتمعات أكثر تسامحا مع الصغار،كما أن{قلة الشعر على جسم الإنسان جعلته منفردا بين أنواع الرئيسيات في سرعة تأثره بالبرد والطقس الرديء،وقد نشأ عن ذلك الحاجة إلى الملبس والمسكن،ولو زود الإنسان العاقل بالفرو لما كان من المحتمل أن تنشأ لديه نماذج من السلوك تتعلق بالإحتشام أو حتى بالإستحمام}إدغار موران.
          واضح أن ضعف الإنسان وحاجته، إذا ما قورن ببعض المؤهلات الطبيعية التي تتوفر عليها بعض الحيوانات،وأيضا محاولة انسجامه مع الطبيعة هي التي دفعته إلى اتخاذ الملبس الذي هو مظهر من مظاهر التقافة لهذا نجد الأزياء تختلف حسب خصوصية كل مجتمع،والإنسان منتج للثقافة ونتاج لها في نفس الوقت.
          تتساءل عن كيفية حصول هذا التعتيم والإخفاء لهذه الأعضاء؟. تعود للنص الديني وتلك الحياة الأولى خارج كوكبنا الأرضي،وكيف تفتحت العين بعد الأكل،حيث كان لعملية الإبصار دور كبير في ملاحظة عري الجسد مما دفع لستر تلك الأعضاء،إذن ظهرت التقنية عند الإنسان في ذلك العالم...وإذا ما تماديت معك خارج حدود الطابو،يمكن أن نتساءل أيضا:هل يعقل أن تكون تلك الثمرة-التفاحة-التي من أجلها هبطنا إلى الأرض وأخرجنا بسببها من الجنة-بدون أشواك؟لماذا لا تكون مثل(الهندية)التين الشوكي مدججة بالأشواك ومن جميع الجهات؟!
          في الواقع لا أستطيع الحديث عن ذلك العالم إلا من خلال ما هو موجود في القرآن الكريم.موضوعك شيق،لكن فيه خلط بين الميل للإيمان بقدرة العقل على تفسير الظاهرة وكشف أسرارها حيث أشرت باختصار شديد إلى بعض الأطروحات العلمية،وفي نفس الوقت لجأت إلى كتب سماوية سابقة عن آخر رسالة ستبقى محفوظة إلى يوم الدين.ربما الإنطلاقة لم تكن موفقة،إذ كيف يمكن أن لا ننتبه لبعضنا البعض ونحن عراة مهما بلغنا من التقوى؟بالنسبة لي لا أتصور ذلك إلا يوم البعث(يوم يفر المرء من أخيه34وأمه وأبيه35وصاحبته وبنيه36لكل امرء منهم يومئذ شأن يغنيه37)سورة عبس.وبالمناسبة ترى كيف سنبعث؟هل عارين مرة أخرى؟
          -طبعا(كما بدأكم تعودون29)الأعراف.منظر رهيب يا أخي،يمشون حفاة عراة أفواجا،مسرعين في مشيتهم...ما أعظم ذلك الجمع!وما أشد زحامه حين يجمع الله الأولين والآخرين..وما أفظع كربه!فهل من عدة للنجاة؟!
          عموما يطرح نصك إشكالية الجسد،وهي مثيرة خاصة إذا ما فكرنا في هذه الإشكالية من خلال الصورة التي يريد بها الإنسان الفرد أن يسكن بها جسده ويِؤسس بالإنطلاق منها علاقته بالعالم.صحيح أن الأخلاق منذ أن بدأت جاءت لتأطير التجربة الجنسية كما ذهب إلى ذلك مشيل فوكو،وهناك من يعتبر الجسد مجرد عورة يلزم علينا أن نلثمه لكي يغدو متحركا في الشارع العام بدون وجه،جميع المنافذ مغلقة وليس فقط الأعضاء الجنسية،لكي لا يدخل نور الشمس ولا الهواء.لكننا اليوم في عصر التقنية وبالخصوص في مسألة علاقتنا بشبكة التواصل العنكبوتية،ونريد أن نربط الإتصال بالغير’هل نحن في حاجة إلى الإتصال بشكل فيزيقي/جسدي؟.أكثر من ذلك أصبحت الصداقات التي يِؤسسها الشباب عبر البريد الإلكتروني،تتم خارج حضور الجسد بل وبأسماء مستعارة.وفي هذا النموذج من التواصل يكون كل شيء يعتبر الجسد حامله ينسحب من كل علاقة كالوجه والصوت والجنس...وكأننا رواد الفضاء كل شيء يتم عبر لمسات الملمس،إنه واقع افتراضي.
          قد أعود مرة أخرى لأتأمل معك الطابوهات المتبقية.لكن ذلك الإستنتاج الذي اقترحته والمتجلي في ظهور قابلية التفكير عند الإنسان (علميا)وتفتح الأعين والإنتباه إلى حالة العري دينيا،والخروج من حالة الوعي الكلي الإندماجي مع الكون،إلى حالة الوعي الفردي المستقل فلسفيا،كل هذه الأسباب ساهمت في ظهور الطابو،المخفي ،المقدس المحرم،يحتاج ربما إلى إعادة نظر.
          تحياتي البيضاء،واعذرني على الإطالة.






          [fieldset=ما هو ملائم]نلتقي لنرتقي[/fieldset]

          تعليق

          • أحمد العبيدي
            أديب وكاتب
            • 23-08-2008
            • 149

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة ميساء عباس مشاهدة المشاركة
            تأملات
            وسحب ودخان
            برق ورعد ونار
            رائعة تلك التأملات
            مازلت بها غارقة
            ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
            العزيزة ميساء

            أشكرك على المرور هنا ...مت بخير سيدتي

            تعليق

            • أحمد العبيدي
              أديب وكاتب
              • 23-08-2008
              • 149

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة ميساء عباس مشاهدة المشاركة
              تأملات
              وسحب ودخان
              برق ورعد ونار
              رائعة تلك التأملات
              مازلت بها غارقة
              ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
              العزيزة ميساء

              أشكرك على المرور هنا ...دمت بخير سيدتي

              تعليق

              • عزيز نجمي
                أديب وكاتب
                • 22-02-2010
                • 383

                #8
                [frame="1 98"]
                لأخفاء

                في أحد الأناجيل الغنوصية المدعوة بالمنحولة (أنجيل توما ) ،

                ورد أن التلاميذ قالوا للمسيح : متى ستظهر لنا، ومتى سنراك؟

                قال المسيح : عندما تتعرَّون دون ان تشعروا بالخجل , فتخلعون

                ثيابكم وتضعونها تحت اقدامكم مثل الأطفال الصغار وتدوسونها ،

                عندئذٍ سترون ابن الحيِّ ولن تخافوا .



                [/frame]
                الأخ أحمد العبيدي
                غبت عنا يا أخي وأتمنى أن يكون المانع خيرا،ربما فاتني أن أنوه بقلمك وبقدرتك على التعبير،لهذا لم ترد علي هههه.من خلال تأملي في نص الإنطلاق لمتصفحك هذا،لا حظت أنه يطرح مشكلة شائكة،تفوق بكثير الشعور بالخجل.إنه إشكال العلاقة مع الغير،فالواحد منا لا يخجل من نفسه حينما يتعرى في الحمام،ولربما حينما يرتكب أفعالا مشينة.لكنه يخجل أمام الغير،بل يمكن أن يخجل بمجرد أن يتخيل أن الغير كان بالإمكان أن يشاهده.إذن، وجود الغير هل يمكن أن يشكل تهديدا لوجود الذات أم إغناء لها؟والعلاقة مع الغير،هل هي علاقة تكامل أم علاقة تنافر؟وهل فعلا الآخر هو الجحيم كما قال بذلك سارتر في شبابه؟
                تحيتي
                [fieldset=ما هو ملائم]نلتقي لنرتقي[/fieldset]

                تعليق

                • أحمد العبيدي
                  أديب وكاتب
                  • 23-08-2008
                  • 149

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة عزيز نجمي مشاهدة المشاركة
                  [frame="1 98"]
                  لأخفاء

                  في أحد الأناجيل الغنوصية المدعوة بالمنحولة (أنجيل توما ) ،

                  ورد أن التلاميذ قالوا للمسيح : متى ستظهر لنا، ومتى سنراك؟

                  قال المسيح : عندما تتعرَّون دون ان تشعروا بالخجل , فتخلعون

                  ثيابكم وتضعونها تحت اقدامكم مثل الأطفال الصغار وتدوسونها ،

                  عندئذٍ سترون ابن الحيِّ ولن تخافوا .



                  [/frame]
                  الأخ أحمد العبيدي
                  غبت عنا يا أخي وأتمنى أن يكون المانع خيرا،ربما فاتني أن أنوه بقلمك وبقدرتك على التعبير،لهذا لم ترد علي هههه.من خلال تأملي في نص الإنطلاق لمتصفحك هذا،لا حظت أنه يطرح مشكلة شائكة،تفوق بكثير الشعور بالخجل.إنه إشكال العلاقة مع الغير،فالواحد منا لا يخجل من نفسه حينما يتعرى في الحمام،ولربما حينما يرتكب أفعالا مشينة.لكنه يخجل أمام الغير،بل يمكن أن يخجل بمجرد أن يتخيل أن الغير كان بالإمكان أن يشاهده.إذن، وجود الغير هل يمكن أن يشكل تهديدا لوجود الذات أم إغناء لها؟والعلاقة مع الغير،هل هي علاقة تكامل أم علاقة تنافر؟وهل فعلا الآخر هو الجحيم كما قال بذلك سارتر في شبابه؟
                  تحيتي
                  الأخ الغالي عزيز نجمي

                  اشكرك كثيراً على اهتمامك بالموضوع ... ومجرد مرورك هنا على متصفحي هو تشريف وتكريم لي ..
                  لذلك اعتذر عن هذا الغياب عن الرد ... وهو غير مقصود طبعاً
                  لقد اصبت كبد الحقيقة سيدي الغالي ... المسألة هنا لا علاقة لها بالخجل ، ولكنها تتعلق بموقف معرفي عن بداية إنطلاق الإدراك الإنساني
                  ولا تنفرد التوراة بهذا ، بل سبقتها بكثيرملاحم السومريين والبابليين ، ويتجلى ذلك بوضوح في ملحمة كلكامش ، حيث مر أنكيدو بنفس الموقف الذي كان يعيش في الغابة (البستان) بشكل متماهي ومندمج مع الطبيعة ، ولم يلتفت إلى نفسه ووجوده إلا بعد ممارسة الجنس مع كاهنة المعبد (شمخة) حتى انفصل عن حياته السابقة ، ونكرته الحيوانات ونفرت منه .
                  والحديث في هذا يطول ...
                  أشكرك كثيراً سيدي الكريم .. واطلب العذر منك مرة أخرى

                  مودتي

                  احمد

                  تعليق

                  • توحيد مصطفى عثمان
                    أديب وكاتب
                    • 21-08-2010
                    • 112

                    #10
                    بسم الله الرحمن الرحيم

                    الأستاذ الكريم أحمد العبيدي

                    أعترف، بل أشهد أن هذا النص يدل دلالة واضحة على سعة ثقافة كاتبه، وبراعته في طرح إشكاليات النص بالتمهيد لها بشكل موثَّق، ومن ثم عرض مبرراتها.

                    في النص تساؤلات عدَّة، أجبتَ عن بعضها، وتركتَ البعض الآخر للتأمل ومحاولة الإجابة عليه.
                    وأرجو أن تسمح لي بأن أعرض بعض الإجابات عن بعض هذه التساؤلات الإشكالية، على الرغم من علمي بصعوبة عرض الإجابة بشكل مفصَّل لأنها قد تطرح أيضاً مزيداً من الإشكاليات.

                    وأبدأ بالسؤال الأول:
                    ولكن ما هي طبيعة الرؤيا الأولى قبل التفتح ؟

                    فيما أظن، أن الرؤية الأولى كانت كونيَّة، غير محدودة؛ تلتقط جميع الترددات؛ لأنها كانت لا تزال في مرحلة الاستكشاف، ولم تكن الشهوة قد فُجِّرت في الإنسان بعد، وأتت الشجرة لتُفجِّر تلك الشهوة؛ وهنا كان لا بدَّ من وضع "حجاب أمان" لمنع الانزلاق والغرق في بحر تلك الشهوة، وكي لا تحرفه عن مساره الآمن؛ فكان أن تفتَّحت أدوات إبصار جديدة لتحدَّ من تلك القدرة على الرؤية الكونية، فكانت الشهوة أول حجاب لتلك الرؤية.
                    وكلما ازدادت الشهوات وتنوَّعت.. كلما ازدادت الحُجُب تعدُّداً وكثافةً.

                    أما بالنسبة لحاسَّة الشمّ، فصحيحٌ ما تفضلتَ بذكره من أنها الحاسَّة الأولى والأقدم؛ وأن هذه الحاسَّة كانت ولم تزل وسيلة الانجذاب نحو الجنس الآخر، ذكراً كان أم أنثى!
                    ومن النكت البديعة أن هذه الحاسَّة كانت السبب وراء الوقوع في تلك الشجرة.

                    أما ما يخصُّ القشرة المخيَّة، فإنها أُنشِئت لتكون أداة ضبط وتنظيم لتلك الشهوات؛ وكي تخفِّف من كثافة تلك الحُجُب.

                    وأصل معكَ إلى التساؤل المشكل الأخير:
                    (قول المسيح هذا يحاول تخطي العقل المنطقي المتشكل بسبب تراكم القيم المستمر، وتضخمالتابو ليشمل عقائد مستمرة تلقى خلف العقل، أي أن خط التابو بدأ يزحف تدريجياً مبتعداً عن نقطة الأصل.
                    فكيف يمكن لنا العودة إلى الوعي الأول بوجودنا الكونيالحقيقي أمام هذه الجبال من المعتقدات والأفكار؟).

                    إن قول السيد المسيح – إن صحَّت نسبة هذا القول إليه - :
                    (عندما تتعرَّون دون أن تشعروا بالخجل, فتخلعونثيابكم وتضعونها تحت أقدامكممثل الأطفال الصغار وتدوسونها،عندئذٍ سترون ابن الحيِّ ولن تخافوا).

                    إن هذا القول هو بمثابة دعوة للحدِّ من الإفراط في المادِّية، والتحرر من قيود الشهوات التي كانت سبباً في الحُجُب. وهي دعوة للعودة إلى الفطرة الأول؛ وهي رمزيَّة معنويَّة أكثر منها مادِّية.


                    وهنا يأتي التساؤل الأهمُّ:
                    ما السرُّ في هذا التطور؟
                    وهل وضعُ تلك الحُجُب هو من باب التكريم والحماية، أم من باب العقاب؟

                    أدع هذه التساؤلات للتأمُّل من جديد، فلعلَّه يزيل عنا حجب الفهم!

                    الأخ الكريم الأستاذ أحمد... أمتعني نصُّك حد الدهشة!
                    فلكَ مني جزيل الشكر، وخالص المودَّة؛ ودمتَ بسلام دائم.

                    توحيد مصطفى عثمان

                    وطني... محلُّ تكليفي، ومختبَر صلاحي

                    تعليق

                    يعمل...
                    X