تويت
"الذي لا يعرف ان يتعلم دروس الثلاثة آلاف سنة الأخيرة، يبقى في العتمة"
يبدأ مشوار الرواية للمؤلف "جوستين غاردر" (نرويجي) الأستاذ في فلسفة التاريخ، والجملة المذكورة أعلاه مقتبسة من الفيلسوف الألماني الكبير "جوته".
وتتحدث رواية " عالم صوفي" عن علاقة أستاذ فلسفة (أسمه ألبرتو كنوكس) بفتاة في الخامسة عشر من عمرها (تحمل أسم صوفي).
ولا يذكر المؤلف لماذا سميت الرواية باسم الفتاة، هل لأن أسم صوفي يحمل دلالة ما؟
هذا إذا ما عرفنا ان كلمة"صوفي" هي الشق الثاني من كلمة الفلسفة "فيلو/محبة، صوفيا/الحكمة"؟
هل يعني هذا اننا نتجاوز في الرواية عالم صوفي/الفتاة إلى عالم صوفيا/ الحكمة؟
على كل حال،،،
بداية يقوم هذا الأستاذ بإرسال رسائل لصوفي عبر البريد فحواها دروس في تاريخ الفلسفة تبدأ من أول حقبة فلسفية يمكن تسميتها بالحقبة الكسمولوجية (الكونيات) والتي وضعت جل اهتمامها بالكون ونشأته ومما يتكون وغايته وعلاقته بالزمان والمكان.. إلخ كما نجد ذلك عند طاليس (أول فيلسوف عرفه التاريخ/البشر) وأنكسيمنديرس وأنكسيمنس وبارمنيدس… إلخ مرورا مرورا حتى نصل إلى الحقبة المعاصرة كالفلسفة الوجودية عند الفيلسوف الفرنسي سارتر وربيبته الفيلسوفة سيمون دو بفوار.
وتبدأ أول رسالة يبعثها الاستاذ لصوفي بهذا السؤال الأنطولوجي (الوجودي) الكبير: (من أنتِ؟!)
بعدها تتطور الأمور ويتم اللقاء بينهما في جو تمثيلي في غاية الروعة!
لكن الرواية لا تكتفي بالسرد التاريخي للفلسفة.
لأنه لو كان الأمر كذلك-حسب رأيي الشخصي- لأنتزع من النص عنصر التشويق والحبكة الروائية.
ولكن من بين الحديث عن تاريخ الفلسفة تبدأ (المشكلة) بإدراك الأستاذ ألبرتو (كونه فيلسوفا) بأنه ليس إلا مجرد لعبة/شخصية في رواية، يلعب بها ويشكلها كيفما أراد كاتب الرواية/القدر، ثم يحاول أستاذ صوفي جاهدا كي يفلت من قبضة الكاتب ليمتلك روحا خارج نص رواية!
الرواية فيها تفاصيل كثيرة، ولا اود ذكرها حتى لا تفقد الرواية قيمتها التشويقية عند القراءة
من بعض فصول الرواية
كما قلت الرواية تتحدث عن فلسفة التاريخ
وحديثها يتلاطم ما بين شخصيات فلسفية وبين حقب تاريخية متلاحقة
وتبدأ بالأساطير عند الإنسان ثم فلاسفة الطبيعة والحقبة السقراطية وما بعدها،أفلاطون، ارسطو، ثم نيوتن، ديكارت، سبينوزا، لوك، هيوم، بيركلي، كانط، هيجل، كيركجارد، ماركس، دارون، وفرويد…. إلخ
ومن بين الفترات التاريخية المذكورة في الرواية هي الفترة الهللينية (ما بعد موت الأسكندر المقدوني)،ثم فترة ظهور المسيح، ثم العصور الوسطى/ العصر الذهبي للفلسفة الإسلامية، ثم عصر النهضة، ثم الفترة القوطية، الرومانسية، وأخيرا العصر الحديث.
في النهاية اود القول
ان الرواية تستحق القراءة، وكما تعتبر (او اعتبرها انا على الأقل) أنها مرجعا جميلا جدا لمحبي الفلسفة او الراغبين للتعرف عليها، فهي مرجعا قبل ان تكون رواية، وذلك بسبب أسلوبها المبسط الرائع والدقيق في سرد المعلومات.
إذاً هي دعوة للتعرف على أم العلوم، والابتعاد عن إصدار الأحكام المسبقة في حق جميلة الجميلات، في الوقت الذي شاعت فيه جملة "لا تتفلسف علينا" وكأن ممارسة التفلسف نقيصة بحد ذاتها.
وهي -بنفس الوقت- دعوة للتفلسف وفهم الحياة وتوسيع المدارك والإلمام بسير عقل الإنسان على مر التاريخ حتى (وقتنا الحاضر)
أنها رواية تحمل في جوفها غاية!
- مقتطف من مدونة إنسان ممكن.
لتحميل الرواية مباشرة على هذا الرابط :
تعليق