مراهقة متأخرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أحمد العبيدي
    أديب وكاتب
    • 23-08-2008
    • 149

    مراهقة متأخرة

    مراهقة متأخرة

    هي من جعلتهُ بأسلوبِها المدهش وقوامها الرشيق الذي يختصر انحناء الكون ، يفكرُ في أن يواجهَ نفسهُ للمرةِ ‏الأولى ، ويعترف بفشلهِ في نيلِ حريتهِ على مدى أعوامهِ الخمس والثلاثون ، وللمرة الأولى أيضا رأى بأنه لم ‏يكتشف شيء مهم في بحثهِ المتواصل عن حقيقةِ الإنسان .‏
    حاول أن يخفي اهتمامَهَُ بها أمام طلبتهِ الذين تعودوا منهُ حبهِ لأبحاثه ونظرياته الغريبة التي جمعت الكون في قشرة ‏جوز ، ولكنهم كانوا على قدرٍ من الذكاء ، ليعرفوا إن أنوثتها المعلنة هي السبب في هذا التغير، هذا ما كان يدور ‏بخلدهِ بعد أن بدأت هي تؤثر شيئاً فشيئاً على سلوكهِ اليومي .‏
    كان يجيبُ على ما يراه في عيونِهم من أسئلةٍ مبطنةٍ من خلال محاضراتهِ اليومية :‏
    ـ أنها مسألة بايولوجية بحتة ، هي تحدث عادة عند الاقتراب من سن الأربعين عندما تبدأ خلايا الجسم لا إرادياً ‏بالدفاع عن وجودها ضمن دائرة الشباب ، ذاتنا العميقة ترفض وتراوغ بمهارة لكي لا تقترب من العدّ التنازلي ‏للعمر .‏
    في أحد الأيام ، أعد لهم مخططات ومصورات وشرح من خلالها دورة الزمن على الإنسان ، وكنوع من التبرير ‏أخبرهم بأنه هو نفسه يمر بما يسمى بالمراهقة المتأخرة ، وهي حالة من التوازن الكوني في حياة الإنسان عندما ‏يقترب من منتصف العمر بجسده فان روحَهُ تبتعد بالإتجاه المعاكس لذلك يحاول التصرف لا شعورياً بروح ‏العشرينات .‏
    ولكنه كان يعرف بأنهم لم يستلموا رسائله المبطنة بشكل فاعل ، فعيونهم كانت تصرخ بوجهه : أعترف يا أستاذ ‏أنوثتها هي السبب .‏
    كان على منصة الدرس يتهرب ببراعة من تلك الأسئلة الصامتة ، يقف كثيراً موجهاً عينيهِ إلى سقف القاعة لأنه ‏يعرف أن العين هي بؤرة الطاقة المفضوحة ، ثم يحرك يديه بشكل محترف ليبدو كنجم سينمائي مشهور ، هو ‏تصرف يشتت تركيزهم ويسهل عليه أعادة برمجتهم ولو لثوان ، وأحياناً كان يجلسُ على طرف المنضدة ليبتسم ‏ابتسامةً ضاحكةً وهو يوجه لهم أسئلة فوق مستوى وعيهِم . كل هذا ليجعلهم يعتقدون أن التحولات الأخيرة على ‏شكلهِ وملبسهِ هي من ضمن المخطط العام للتطور النفسي الطبيعي عند الإنسان . ولكي يراوغ أكثر فأنه يطرق ‏على مسامعهم ما يحاكي شكوكهم ؛ فأفضل مكان تـُخفي فيه الأشياء هو أن تضعها أمام مرأى الجميع !! .‏
    عندما ينظر إليها وهي تجلس في مؤخرة قاعة الدرس ، كان يشعر بأنهما خارج الزمن ، أو انه يقف على سطح ‏كوكب خفي في طرف المجرة وأمامه بوابه واسعة للاندماج بالكون ، بينما هي تجدل شعرها تحت شجرة من ‏زجاج ، وتنظر أليه وهو يرف حولها كهمسة خافتة ،
    لذلك كان يقول لهم ، إنكم عندما تكبرون قليلاً ستكتشفون أنّ الإنسانَ كائنٌ لا محدود ، إذا وإذا فقط ، حصل على ‏حريتهِ ، والحريةُ هي في أن يواجه مخاوفهُ وينتصرُ عليها .‏
    كان يضعُ عينيهِ في عينيها وكأنّهُ يقصدها وهو يعلن رأيهُ بالأنثى الذي سيقولهُ علناً في كتابهِ الجديد :‏
    ‏(المرأة أكثر تكاملاً من الرجل ، أتعرفون لماذا ؟ لأنها مصممة أساساً لوجودٍ مؤقتٍ ومرنٍ في المكان ، لأن ‏وجودها الحقيقي هو وجود زمني ، لذلك هي أكثر خفة وحركة من الرجل ، وتعيش بمشاعرها وقلبها أكثر من ‏فكِرِها وعقلهَا ، ولأنها تهب الحياةَ من خلال الولادةِ لذلك هي لا تخشى الموت مثل الرجل ، ولذا تميل المرأةُ ‏للتبرجِ لتعلن للعالم بأنها موجودة ، وتقوم بشكل عفوي برسم عينيها لتبدوان بشكل أكبر لأنها بحاجة لإحتلال ‏مساحات أكبر على الأرض ، هي معركة وجود لا أكثر ولا أقل )‏
    انتهت المحاضرة وتأخرت هي بشكل مفتعل ، ثم تقدمت نحوهُ بخفتها ورشاقتها المعتادة ، نظر إليها فشعر إن ‏أوراقاً قديمة تسقط وأخرى جديدة تنمو على شجرة حياتهِ القادمة ، وتخيل القاعة تكبر وتنفجر في الفضاء فلا يبقى ‏سواهما متقابلينِ على طريق من نور تحفهُ عصافير ملائكية بيضاء وزهور عجائبية من كتابِ ألف ليلة وليلة ، ‏قالت لهُ برنةِ صوتها الناعم :‏
    ـ أستاذ ، تعرف جيداً ، كم أنا معجبة بك ، أنت مصدر سعادة كبيرة لي ، وشخصيتي بأكملها بنيتها على ضوء ‏مفاهيمك وأفكارك ، أنت أقرب شخص لي في الوجود ، ولم أتعلق بأحد مثلما تعلقي بك ، لذلك فإنني حرصت بأن ‏تكون أولَ من أدعوهُ لحفلةِ زواجي في الأسبوع القادم ؟


    أحمد العبيدي
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    الزميل القدير
    أحمد العبيدي
    ضربة قوية
    درس آخر تعلمه من الحياة ومفارقاتها ليعلمه لطلابه
    هل أسهبت قليلا أم أني متوهمة
    أحببت لو أنك كثفت أكثر لان أروع
    هو رأي ليس إلا لك أن ترميه وراء ظهرك سيدي الكريم
    ودي الأكيد لك


    أبدي
    أبدي مهداة لإبنتي زينب تغزلني لحظات الشوق إليك جدائل غرائبية؛ تشقق شغاف قلبي الموسوم بعشق أبدي.. تحفر في بوارج عمري الضائع بين دهاليز من هذيان؛ كارثية الموت الأزلية! وجنائزية الضوء المنثور على شاهدة قبري؛ كحلم كهنوتي.. تعبر أروقة الظلام المنتشر حولي .. تعزف على قيثارة صحراء غيبوبتي؛ نشيج أدعية الوداع! تقرفصت ذات صباح
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • سحر الخطيب
      أديب وكاتب
      • 09-03-2010
      • 3645

      #3
      استاذ احمد جميل جدا ما قرئته دخلت بمشاعر الرجل التي تعرفها جميع النساء ويحاول ان يخفيها كل رجل واي رجل وحاولت الدخول مشاعر الانثى لكنك لم تسرد اكثر
      عشت كلماتك وكنت هنا
      كل الود لحروفك
      الجرح عميق لا يستكين
      والماضى شرود لا يعود
      والعمر يسرى للثرى والقبور

      تعليق

      • آسيا رحاحليه
        أديب وكاتب
        • 08-09-2009
        • 7182

        #4
        ولذا تميل المرأةُ ‏للتبرجِ لتعلن للعالم بأنها موجودة ،
        دعني أغض النظر عن هذه الفكرة التي تحتاج لنقاش..لأقول لك أني استمتعت بالقراءة رغم أن تناولك للموضوع لم يكن عميقا ..
        هل كان يحاول إقناع نفسه أم إقناع طلبته ؟
        أحببتٌ رشة الفلسفة التي تميّز بها النص.
        تحياتي و احترامي.
        يظن الناس بي خيرا و إنّي
        لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

        تعليق

        • أحمد العبيدي
          أديب وكاتب
          • 23-08-2008
          • 149

          #5
          [quote=عائده محمد نادر;476615]الزميل القدير
          أحمد العبيدي
          ضربة قوية
          درس آخر تعلمه من الحياة ومفارقاتها ليعلمه لطلابه
          هل أسهبت قليلا أم أني متوهمة
          أحببت لو أنك كثفت أكثر لان أروع
          هو رأي ليس إلا لك أن ترميه وراء ظهرك سيدي الكريم
          ودي الأكيد لك



          العزيزة عائدة محمد نادر

          أشكر لك هذا التواجد الجميل ..وأي شيء تقولينه له اهمية قصوى عندي
          تقبلي كل الود



          احمد

          تعليق

          • أحمد العبيدي
            أديب وكاتب
            • 23-08-2008
            • 149

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة سحر الخطيب مشاهدة المشاركة
            استاذ احمد جميل جدا ما قرئته دخلت بمشاعر الرجل التي تعرفها جميع النساء ويحاول ان يخفيها كل رجل واي رجل وحاولت الدخول مشاعر الانثى لكنك لم تسرد اكثر
            عشت كلماتك وكنت هنا
            كل الود لحروفك
            العزيزة سحر

            كيف ذلك ؟ كتب هذا النص لكيليهما معاً ، وكنت فيه منحازاً للانثى بشكل اضح!!

            لك الود

            احمد

            تعليق

            • أحمد العبيدي
              أديب وكاتب
              • 23-08-2008
              • 149

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة آسيا رحاحليه مشاهدة المشاركة
              ولذا تميل المرأةُ ‏للتبرجِ لتعلن للعالم بأنها موجودة ،
              دعني أغض النظر عن هذه الفكرة التي تحتاج لنقاش..لأقول لك أني استمتعت بالقراءة رغم أن تناولك للموضوع لم يكن عميقا ..
              هل كان يحاول إقناع نفسه أم إقناع طلبته ؟
              أحببتٌ رشة الفلسفة التي تميّز بها النص.
              تحياتي و احترامي.
              العزيزة أسيا
              دائماً ردودك تستفزني لإمتلاك النص مرة أخرى
              لايمكن أن تحاول الانثى من خلال التبرج أخفاء نفسها !!
              ربما لم يكن التناول عميقاً ، ويبقى العمق مرهوناً بجدلية الحوار بين عمق النص وعمق المتلقي .. والبطل لم يجاول أقناع نفسه ولا طلبته ، بل كان يتصرف وفق معادلة بايلوجية نفسية ، النص يرتكز على فكرتين دمجت معاً هنا ، لم اجد منك أشارة لهما ..
              ودائما يبقى النص عبارة عن ثوب يرتدي أفكارنا ، فلا يوجد من يتحمل أفكارنا عارية !!
              سعيد جداُ بردودك أختي الغالية
              تقبلي ودي وباقة ورد

              احمد

              تعليق

              يعمل...
              X