أيـّــهُما اســمي؟!..
رجعت فجأة, وأحاول أن أعرف أين كنت, وكيف عدت إلى هذا المكان؟!.
لا أعرف!. المهم أنني هنا.. أفتح عينيّ فأجد نفسي مستلقياً على هذا الفراش
أنا أحب هذا المكان, ففيه عجوز اسمها (أمي) فالكل هنا ينادونها بهذا الاسم.. أنا أحبها, فهي تطعمني دائماً وتسقيني وتلبسني.
تلبسني!.. لم هؤلاء الناس يلبسون؟!.. فعلاً عالم غريب!.. والناس يتصرفون
فيه بغرابة.
أنهض بسرعة, أبحث عن.. (لا أتذكر عما كنت أبحث), المهم أنني أبحث
في كل مكان, آآآه هذا الصوت من جديد يصدر من بطني, أين المرأة التي ينادونها (أمي) لتسكته؟!..
- لا تبتعد كثيراً يا محبوب - تقول ذلك وهي تطعمني- لا تتأخر بالعودة
للمنزل, كل يوم تعيد لي الكلام ذاته.
ألوكُ لقيماتي بسرعة البرق فأنا أحب طعام هذه العجوز الشيباء.
أدكُ ربع رغيف من الخبز والجبن داخل فمي, وأنطلق راكضاً إلى الخارج.
.
.
محطتي الأولى عند هذا الرجل, في هذا البيت الصغير ذي الفتحة
الواحدة, عنده صناديق كثيرة مملوءة بما لذ وطاب من الفاكهة والخضار..
أحب هذا الرجل, فهو يعطيني كل يوم شيئاً من الفاكهة.
- في موعدك تماماً يا محبوب, تعال وساعدني في نقل هذه الصناديق.
أستغرب لأمره!.. لماذا يريد إدخال وإخراج هذه الصناديق كل يوم؟!.
لو كنت في مكانه لجلست في الداخل, آكل من الخضار والفاكهة دون أن أتعب نفسي بحمل الصناديق وإخراجها كل يوم..
حقاً هؤلاء الناس يتصرفون بغرابة!.
أترك ذلك الرجل النحيل وأمشي وأنا أهرش حبات الجزر.. كم أحب الأكل!. لا أشبع منه أبداً.
.
.
آه.. ما أغباني, في كل مرة أقول: لن أمرّ من أمام هذا الرجل, فأنا أخاف منه كثيراً لأنني رأيته ذات مرة يقتل ثوراً كبيراً وينزع عنه ثيابه ويعلقه داخل بيته, لا أحب هذا الرجل البدين.. أخاف أن يعلقني ذات يوم داخل بيته.
أركض مبتعداً وأنا أنظر خلفي لأرى إن كان البدين يتبعني.. حسناً..
لم يرني, أكمل مسيري.
.
.
ما هذا ؟!.. ماذا يفعل هذا الرجل في أعلى العمود؟!.. ما أجمل قبعته!.. إنها بلون الشمس أما قبعتي الصوفية - لا بأس بها - لكن التي على رأسه أجمل, ليته يعطيني إياها.
ماذا يوجد في الأعلى؟ .. هل يوجد طعام؟.. لم لا أصعد وأرى بنفسي؟!..
هذا عمود آخر سأصعد عليه.. أمسكه بيديّ, وألف حوله رجليّ.
حسنا!ً. ولكني لا أتحرك ما زلت قابعاً بالأسفل!. كيف استطاع هذا الرجل الصعود إلى الأعلى؟!.. سوف أنتظره هنا فربما عندما ينزل يعطيني شيئاً من الطعام.
.
.
ماذا يحدث هناك؟!.. لم الناس مجتمعون هكذا؟!.. سأذهب وأرى, ما هذا الصندوق الطويل الذي يحملونه؟!.. ربما فيه طعام سأذهب وأحمله معهم فقد آخذ شيئاً مما في داخله.
الكل يتدافع ويريد حمل هذا الصندوق, ولكن لماذا يبكون؟!.. لا بد أنهم جائعون, أنا لا أبكي عندما أجوع.
لا أحب هؤلاء الناس فقد دفعوني بعيداً عن الصندوق, سيأخذون الطعام لوحدهم.
.
.
يا للروعة !.. ها هم أصدقائي الذين أحبهم, فكلما رأوني التفوا حولي وأخذوا يمازحوني ويضحكون لي.
أما ذاك الرجل ذو اللحية الطويلة فلا أعرف لماذا لا يحبني!.. إنه لا يضحك لي مثلهم, وكلما رآني يقول: (الله يشفيك يا بني, الله يثبت علينا العقل والدين).
ما معنى ذلك؟!..
.
.
ها قد جاءت المتاعب وحان وقت الركض, لا أدري ماذا فعلت لهؤلاء الأولاد فكلما صادفوني يركضون خلفي ويضربوني بالحصى, إنها مؤلمة.. ماذا فعلت لهم حتى يضربوني؟!. هم دائماً ينادوني (المجنون) والمرأة العجوز التي اسمها (أمي) تناديني (محبوب) لقد احترت .. أيهما اسمي؟!..
لقد تعبتُ اليوم ورجلاي تؤلماني وصوت بطني عاد من جديد, سأعود لبيت المرأة العجوز لتطعمني.
- أهذا أنت يا محبوب؟
- أغلق الباب خلفك واخلع حذاءك وتعال كي أطعمك.
------------------------
تمت
*
*
*
*
*
*
*
*
تمت
*
*
*
*
*
*
*
*
[align=center]لنرحمهم, فهم يعيشون بيننا, لكنهم..... في عالم آخر.[/align]
تعليق