قيم العولمة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عماد موسى
    عضو الملتقى
    • 14-03-2010
    • 316

    قيم العولمة

    قِـيـَم العــولمة فــي الأدب الطِّـفْــلِي في فلســطـين

    إعداد الباحث: عماد موسى
    • مفهوم العولمة:
    بدأت العولمة تحط رحالها داخل حقول الحياة المختلفة وفي الأذهان وفي العقول؛ بشكل جعلت منها موضوعاً للجدل حول مفهومها ونشأتها، ودفعت إلى طرح العديد من التساؤلات التي من أبرزها: هل العولمة طفرة ظهرت وستختفي؟ وهل هي ظاهرة .. وإذا كانت كذلك، فما هو مفهومها؟ وما هو مضمونها؟ وما هي قيمها؟ وما هي أسباب نشأتها وتكوينها؟ وما هي مراحل تطورها؟ وما هي مجالاتها؟ فإن كانت طفرة فقد ظهرت وسوف تموت مثل سائر الطفرات في الحياة الطبيعية؟ وإن كانت ظاهرة فإن هذا يعني أن لها خصائص الظواهر، والتي قد تتعرض للفناء الكلي أو الجزئي بحيث تتطور من هذه المكونات ظاهرة أخرى.
    هناك بعض الآراء التي ترى أن العولمة ظاهرة قديمة، عرفتها البشرية عبر مراحل تطورها التاريخي، وهذا ينفي عن العولمة سمة الجدّة والمعاصرة، وأنها لا تحمل الجديد، فلما كانت كذلك، فلماذا لم نسمع بهذا المصطلح قبل ظهوره واستعماله في حياتنا المعاصرة؟. ولماذا هذا الإسقاط الدائم على التاريخ؟ إن تبني هذا التفسير فيه شيء من المغامرة، لأنها تحتاج إلى إثبات وأدلة وبراهين. وتجنباً لأية مغالطة ممكنة الحدوث نرى أنه من الضرورة عرض مفاهيم العولمة وآراء الباحثين والمختصين في هذا الشأن.
    § فما هي العولمة؟
    العولمة: "مصطلح شاع استخدامه بسرعة تفوق شروط تشكل المعنى وتأسيس المرجعية التي يحيل إليها في الواقع، فهو لفظ مشحون بعديد المعاني لا يزال يبحث عن مدلول مادي واضح، فهو يعني الآن كل شيء ولا يعني شيئاً بعينه، ولا زالت تبحث لنفسها عن معايير ومقومات تحول الليبرالية الاقتصادية الجديدة التي تقوم عليها إلى قيم إنسانية شاملة ترسخها كأيدلوجيا جديدة". (1)
    فالعولمة إذن هي مدلول عام يحتقب معاني متعددة، ولكنه إلى الآن لا يشكل مرجعية يمكننا العودة إليها، نظراً لما يكتنفها من تعميم وتعتيم، ولأن مداليلها قيد النشوء والتطور، ولم تأخذ شكلها النهائي بعد. في حين أن الدكتور مفيد شهاب يرى في كلمته الافتتاحية في مؤتمر الإعلام العربي الأوروبي الذي عُقد في البحرين بأن العولمة هي: "مجرد تعبير أكاديمي لا يشعر الكثيرون بوجوده حولهم، وذلك قبل أن يتحول إلى واقع ملموس ضاغط يتيح فرصاً، ويفرض مخاطر، خاصة في مجالين رئيسيين هما: الاقتصاد والإعلام؛ اللذين أصبحا عالَمين بالكامل، فالتوجهات والمشكلات الاقتصادية تنتقل من إقليم إلى آخر بسرعة كبيرة، وكل شعوب العالم تتابع الحدث في نفس الوقت تقريبا". (2)
    يُعد هذا المفهوم للعولمة أكثر تحديداً من سابقه، لأنه وضع الإصبع على مسألتين في غاية الأهمية وهما: الاقتصاد والإعلام، وربما يعود ذلك إلى كونهما عالمه المحسوس والمرئي والمدرك واقعياً، نظراً لأن التغيير الذي طرأ ويطرأ على المنظومة الثقافية والاجتماعية عادة ما يكون بطيئاً، ولأنه يمس الهويات الوطنية والثقافية للمجتمعات والشعوب. ومع ذلك فإن هذا المفهوم يبقى قاصراً عن تقديم مضامين أكثر شمولاً بما يضمن معالجة التحول الحاصل في الاقتصاد الوطني والإقليمي إلى اقتصاد معولم. وهل بإمكانه فعلاً أن يتحول؟ وهل يمتلك القدرة على التحول؟ وكذلك الأمر فيما يتعلق بالإعلام، ومع ذلك فإنه قد أصاب كبد الحقيقة عندما تحدث عن الاقتصاد بوصفه العمود الفقري الرئيس لتحويل المجتمعات إلى أسواق استهلاكية للمنتج الاقتصادي والثقافي والإعلامي.
    أما برهان غليون فيعرف العولمة بأنها: "ديناميكية جديدة تبرز داخل العلاقات الدولية من خلال تحقيق درجة عالية من الكثافة والسرعة في عمليات انتشار المعلومات والمكتسبات التقنية والعملية للحضارة؛ يتزايد فيها دور العالم الخارجي في تحديد مصير الأطراف الوطنيــة المكونة لهذه الدائرة المندمجة لهوامشها أيضاً" (3). ويتفق الأستاذ محمد سعيد أبو زعرور في بعض الجوانب مع ما أورده برهان غليون في تعريفه للعولمة، إلا أنه أكثر تحديداً منه للطرف المتضرر من العولمة، لذلك يرى بأنها "نظام عالمي جديد يقوم على العقل الالكتروني والثورة المعلوماتية القائمة على المعلومات والإبداع التقني غير المحدود؛ دون اعتبار للأنظمة والحضارات والثقافات والقيم والحدود الجغرافية والسياسية القائمة في العالم". (4)
    فالعولمة كما هو واضح تتخذ اتجاهين: الأول منتج للعولمة، والثاني مستقبل لها؛ سواء أكانت اقتصادية أم إعلامية أم غير ذلك. وهذا يعني تحول في طبيعة العلاقات الدولية، وبداية لإنهاء المفاهيم الوطنية والإقليمية لصالح المفهوم الأوسع والشمولي؛ ألا وهو العولمة. ويفسر ريتشارد فلاكس حركة التحول في العالم الرأسمالي وسرعة هذا التحول، فيقول: "نحن ننتقل من الرأسمالية المرتكزة على التصنيع والإنتاج المكثف لسلع تدوم كالسيارات والبردات وسواها؛ إلى رأسمالية ترتكز على المعلومات وتطوير صناعة اللهو وأوقات الفراغ، وهكذا فإن الرأسمالية تغير طبيعتها بالكامل تحت تأثير العولمة"(5). ويرجع فلاكس عملية التحول في الصناعة إلى تأثير العولمة دون أن يقول لنا ما هي العولمة؟ و كيف أثرت في صناعة السلع الدائمة بالانتقال إلى صناعة اللهو.
    § العولمة ظاهرة قديمة أم جديدة:
    هناك اتجاه فكري يرى بأن العولمة ظاهرة قديمة وليست وليدة العصر، ومن أصحاب هذا الاتجاه الدكتور سلطان أبو علي، والذي يقول أن العولمة: "ظاهرة ليست جديدة، ولكنها قديم جداً، ولكن الجديد المصاحب لها هو الإيقاع السريع الخاص وسرعة انتقال المعلومات"(6). ويتفق الدكتور محمود عبد الفضل مع رأيسابقه بأن العولمة ظاهرة قديمة، ولكنه يرى بضرورة التعامل معها حتى لا نخرج من التاريخ، فيقول: "العولمة ظاهرة قديمة تأخذ أشكالا جديدة ولا نستطيع أن ننعزل عنها تماماً، لأننا لو رفضناها سنكون خارج العالم، فسيادة الدولة مهددة في ظل العولمة وخطر الهيمنة يأتي أيضاً". (7)
    إذا أمعنّا النظر في هذا المفهوم سنجده يقود إلى نوع من التهويم والضبابية، لأنه لم يكشف عن هوية العولمة، لكونه لم يوضح كيف تهدد العولمة سيادة الدول! وأي الجوانب السيادية تصبح في خطر؟ وما نوع الاستجابة لتلافي خطر العولمة. وأيّد هذا الاتجاه اللواء طلعت مسلم، الذي يرى بأن العولمة: "ظاهرة قديمة ومستمرة وتكاد تكون بدايتها ترجع إلى بداية البشرية ذاتها، وسوف تستمر إلى نهايتها؛ لكنها لاقت دفعة كبيرة في السنوات الأخيرة نتيجة لتطور وسائل الاتصال، وهو ما يوحي بأن هناك رسالة واحدة لكل هذه الأرض، وأنها رسالة عالمية وجهت للناس كافة". (8)
    ينسجم هذا الرأي مع الآراء التي تعتبر العولمة ظاهرة قديمة، إلاّ أنه مثلهم لم يقدم مفهوماً واضحاً ومحدداً للعولمة، ناهيك عن خلطه بين العالمية والعولمة. فالعالمية تعني تقاطع البشرية في بعض مواضيع الإرث الإنساني، والذي اتّسمت به بعض الأجناس الأدبية التي عالجت قضايا إنسانية مشتركة، ولكن العولمة أمر مختلف عن ذلك تماماً، لأنها ذات طابع مركزي مهيمن ومسيطر. فهناك قوة اقتصادية ذات قدرة إنتاجية عالية وتمتع بالسرعة في التوريد والتسليع والتسويق، من مهامها القضاء على الاقتصاديات الوطنية؛ أو السماح لها بإعادة تصنيع بعض المنتجات التي تُصنع موادها الأولية في الشركات العابرة للقارات لدواعي اقتصادية بحتة، وهناك طرف مستهلك عليه تغيير نفسه ليتمكن من استهلاك هذه المنتجات، وهذا يعني أن المرتكز الأساسي للعولمة هو الاقتصاد. فأين هو الاقتصادي البشري في القديم الذي تمكن من تعميم ظاهرته، وفرضها على المجتمعات البشرية عبر القوة الإعلامية والعسكرية والتحكم في انسياب الأموال وسرعة انتقالها، سواءً على صعيد الإنتاج أو التسويق، لأن قوة الإنتاج وضخامته وتعدده وتنوعه تسلتزم فرض قوة التسويق والترويج عبر الوسائل التي أشرنا إليها آنفاً. وهذا ما تفتقر إليه الاقتصاديات البشرية القديمة، لأنها لا تمتلك وسائل التوسع والانتشار؛ ولا تمتلك وسائل النقل الرخيصة، ولا تمتلك سوقاً مالية ولا سرعة في انتقال البضائع وانسياب الأموال عبر الشبكة العنكبوتية.
    وتختلف الدكتورة أماني قنديل مع هذا الاتجاه قائلة: "إن العولمة مفهوم جديد أصبح شائعاً في الفترة الأخيرة، حيث الإنسانية تنتقل من عملية نمو معقدة تتفاعل فيها الأبعاد المختلفة مع التغيير الشامل"(9). فالدكتورة تقر بأن العولمة ظاهرة جدية ولكنها ترى أن المهم هو( كيفية مواجهة هذه العولمة". (10)
    وفي هذا السياق يحدد الدكتور على هلال العولمة في سياقين أحدهما إيجابي والآخر سلبي فيقول: "العولمة لها إيجابياتها ولها مخاطر تهدد سيادة الدول العربية والتفاوت الاجتماعي واحتمالات التهميش في الأدوار الإقليمية والدولية". (11)
    إلاّ أن الدكتور سعيد محارب يحذر الباحثين والمختصين من النظرة الايجابية المفرطة للعولمة لذلك نجد "كثيراً من باحثي الشرق الأوسط ومفكريهم لا ينظرون إلى العولمة إلاّ بمنظار المنقذ من التخلف، فقد عجزوا عن تحقيق النهوض بمجتمعاتهم وشعوبهم، وباتوا ينتظرون من يأتي لينقذهم، ولذا تعلقوا بقشة العولمة التي لن تخرجهم من التخلف ستقذف بهم في مقره" (12)
    إن المتفحص لأقوال الدارسين يصل إلى نتيجة واضحة؛ وهي أن العولمة مصطلح ما يزال غير ناضج من حيث المفهوم؛ وغير ناضج في حقوق الممارسة الفكرية العربية أيضاً، وهذا ما يفسر الغموض الذي يكتنف العولمة كمصطلح، لأنه "مصطلح مستحدث ولا نعرف آثاره الايجابية والسلبية الواقعة على دول العالم الثالث؛ ومن بينها الدول العربية". (13)
    إلاّ أن هناك شِبه إجماع على أن العولمة هي إحدى "الظواهر الجديدة التي يلدها التطور؛ ويُناط بالتنظيم والقوانين أمر تكيّفها مع الصالح العام بأغلال يصعب تجنبها"(14)، وذلك لأن العولمة ـ كما يقول حازم صاغية ـ "تطلق مساراً يجمع واحدية النسق إلى الغنى والتعدد في داخله". (15)
    وبهذا يشير صاغية إلى مسألة هامة وهي ضرورة تغيير الأنظمة والقوانين؛ لتسير في نسق التعدد والغنى، وهذا ما يقصد به عولمة القوانين والتشريعات لصالح القوة الاقتصادية والسياسية الواحدة، أما عناصر العولمة ومكوناتها "فهيمركبة؛ لأنها تحتوي على عدة عناصر؛ منها السياسي والاقتصادي والتكنولوجي، وجميعها تتضافر لتتشكيل شيء جديد". (16)
    إن هذا المفهوم يكشف لنا أن العولمة ليست أحادية الجانب، لأنها ذات مكونات متعددة المجالات، ولكن هذه المكونات والعناصر تبقى مادية إذا لم يتم التطرق إلى الجوانب المعنوية، والثقافية والاجتماعية والمنظومة الفكرية والقانونية والقيمية، وهذا يعني أن العولمة "في معناها المحسوس في مراحل تشكلها الأولى، ولا زالت تبحث لنفسها عن معايير ومقومات تحول دون شروط الليبرالية الاقتصادية الجديدة، التي تقوم عليها إلى قيم إنسانية شاملة ترسخها كايدولوجيا جديدة" (17)
    ولكن تركيز الباحثين يبقى منصباً على الجوانب المادية للعولمة لأنها تعني "حرية السلع والخدمات والأيدي العاملة ورأس المال عبر الحدود الوطنية والقيمية" (18)، على الرغم من المخاطر التي تحمله على النواحي المعنوية والقيمة للشعوب في المشهد القيمي السلبي للعولمة.
    § نشأة العولمة:
    يحاول بعض الباحثين وضع إطار تاريخي لتطور العولمة؛ من أجل إيجاد محددات زمنية مقنعة لنشأتها، وفي هذا السياق تندرج رؤية محمد سعيد بن سهو لنشأة العولمة ومراحلها حيث قسمها إلى مراحل ثلاث هي:"
    1- مرحلة البداية: التي بدأت مع ظهور مشروع مارشال الأمريكي، الذي أقيم بهدف إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، والذي استهدف إعادة تنظيم العلاقات النقدية وأسعار الصرف ووسائل الدفع الدولية، وقد تمثل ذلك بظهور البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
    2- مرحلة العولمة الإقليمية: التي بدأت مع بداية النصف الثاني من عقد الخمسينيات، وذلك عن طريق إنشاء سوق مشتركة ضمن معاهدة روما المشهورة، فسوق أوروبية موحدة، فاتجاه اقتصادي ونقدي ضمن اتفاقية (ماستريخت) التي تضم خمسة عشر بلداً صناعياً من بينها ألمانيا وإيطاليا وفرنسا، مما أدى إلى ظهور فضاء اقتصادي وتجاري ونقدي واجتماعي أوروبي.
    3- مرحلة العولمة الكونية: يمكن اعتبار عام 1985م بداية لهذه المرحلة، حين أعلن الرئيس السوفييتي الأسبق ميخائيل غورباتشوف عن حلول ثورة البيروسترويكا، والتي كانت بمثابة الإعلان عن انهيار الاتحاد السوفيتي سياسياً واقتصادياً، كياناً ونفوذاً، وكذلك حادث هدم حائط برلين في خريف 1989م، ثم حرب الحليج الثانية، فقد كانت لهذه الحوادث مجتمعة والتي حدثت خلال الأعوام 1985- 1991م الأثر الواضح الذي هيأ للولايات المتحدة المناخ الأمثل والظرف المواتي للتربع على عرش النفوذ العالمي، فتمكنت من بسط نفوذها السياسي والاقتصادي والعسكري والحضاري على العالم وقوى مركز القيادة الواحدة. (19)
    § مضامين العولمة:
    لقد استعرضنا مفهوم العولمة ونشأتها ومراحلها، وسنحاول إلقاء الضوء على مضمون العولمة ومحتوياتها وقيمها، وما يحمل هذا المضمون من مكونات متناقضة ومتصارعة، وذلك لأن العولمة تقوم على أساس الهدم والتفكيك لمضامين اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية وإعلامية قائمة داخل المجتمعات، وإعادة صياغتها وتشكيلها وبنائها وفقاً لمفهوم العولمة وأسسها وانسجاماً مع مصالحها. واستناداً إلى ذلك يعتبر بعض الباحثين أن العولمة "ليست مجرد صياغة عمليات تغير اقتصادي وثقافي، بل هي أيضاً تجريد كثير من المؤسسات المحلية والوطنية من قدر كــبير من استــقلاليتها وقدرتها على أن تعالج المشكلات الاجتماعية". (20)
    وهذا يعني أنه لم يعد بمقدور المؤسسات القائمة على حل المشكلات، لأنها لا تنسجم مع المضامين الجديدة للعولمة، فالمؤسسات الوطنية ستتبدل بمؤسسات لها علاقة بالمؤسسات الأم الموجودة خلف البحار، ومدعومة من الشركات العملاقة العابرة للقارات.
    ومن أجل تقبل هذا الجديد لا بد من تغيير أنماط العلاقات السائدة، وكذلك أنماط السلوك داخل المجتمع وبين الأفراد، بأنماط أخرى أكثر اتساعاً وشمولية، إذ تخرج العلاقات من دائرة المحلية الضيقة إلى عالم لا تفصل بينه حدود جغرافية صارمة، وإن بقيت الحدود الجغرافية لدواعي بعض مظاهر السيادة فهي لن تكون مؤثرة، فوسائل الإعلام تستطيع أن تختزل الجغرافيا وتعبر الحدود وتعسكر في البيوت دون رقيب أو حسيب، وتستطيع أن تشكل الرأي العام المحلي والدولي والإقليمي أو أن تغيره أو تمزقه أو أن توجهه نحو الاتجاه المراد بسهولة كبيرة. من هنا لا يعتبر بعض المختصين "أن مضامين العولمة متناقضة"، وذلك "لأنها تعطي من جهة إشارات مزعجة عن التفكك القوي والاجتماعي، وأشكالاً جديدة من التعاون الدولي من جهة أخرى".(21)
    أما بخصوص المضامين المتعلقة بالإنسان فسنجد أن العولمة "تتعامل مع الفرد كذات مجردة مفردة تائهة مستسلمة لا روح فيها، تحيا فقط لتستهلك، لا معنى ولا وجود للقيم لديها، ينحصر وعيها في الفناء المطلق المحتوم، فقد مات التاريخ ولم يبقَ لشيء معنى بعده، فلِمَ الفعل وما غايته" (22)
    وهذا دفع بعض الكتّاب إلى التساؤل: "هل يسمح العالم لنفسه أن يتجه صوب شكل من التكامل العالمي، الذي يُضعِف التضامن المحلي، أو يعمق الشعور بالأمن؟! أم تقرر حكوماته والجماعات المدنية فيه أن تقوي المؤسسات التي تؤكد احترام الفرد البشري" . (23)
    ومن المضامين الخطرة على الإنسان محاولة العولمة الدؤوبة إلى "جعل الفكر الآلي وتركيبته العلمية والتكنولوجية المجردة مستقبل العقل البشري، وأداة خلاصه، التي سوف تقود البشرية إلى نفق مظلم لا نهاية له" (24). وهذا يستلزم بالضرورة "تحويل المجتمعات إلى مصانع للعقول المجردة المفتقرة إلى الحد الأدنى من المرجعية الفكرية والثقافية، الفاقدة لأدوات التحليل ومناهج التفكيك والبناء، ومن ضمنها المنهج العلمي الآلي، ولكن لا بمفرده، إذ من العبث التصور بأن الشعوب تحيا بدون إنسانيات". (25)
    ومن الواضح أن العولمة تمسّ الإنسان في جوهره، حيث تعمل إلى تغيير سلوكه عبر إحداث تغيير على بنى الوعي وآليات التفكير عنده، وتلعب وسائل الاتصال الجماهيري دوراً كبيراً في هذا الشأن "لأن الحدود والآفاق المفتوحة أمام هذه الثورة العلمية والتكنولوجية تجعل الكثيرين من العلماء والمفكرين يحسبون لتغيرات جذرية في نمط الحياة والعلاقات السائدة، وقد بدأت انعكاساتها بالفعل في جميع مناحي النشاط الإنساني والاجتماعي والسياسي والثقافي". (26)
    § قيم العولمة:
    تعددت وجهات النظر الدراسية والبحثية فيما يتعلق بالعولمة ومفهومها وتعريفها، وقد كان لهذا الاختلاف انعكاس على مفهوم قيم العولمة، وإن كان هناك شبه إجماع من لدُن الدارسين العرب حول مفهوم هذه القيم سواء السلبية منها أو الايجابية. فالأستاذ محمد فائق يرى واقع العولمة وقيمها "بأنها اتجاه متعاظم نحو تخطي الحدود، أي التعامل دون اعتداد يذكر بالحدود السياسية، أو الانتماء إلى وطن محدد أو دولة معينة، ودون حاجة إلى إجراءات حكومية. ويظهر ذلك بشكل واضح في الشركات متعددة الجنسيات، وفي انتقال رأس المال الذي يظهر بوضوح في بطاقات الائتمان" (27). فقد ركز الدارس على انهيار الحدود وعلى سرعة انسياب رأس المال وحركته من مكان إلى أمكنة أخرى في العالم، ما يفقد الدولة حدودها السياسية لتصبح مفتوحة أمام الشركات العابرة للقارات ويفقد المواطن هويته وانتمائه.
    وذلك لأن "العولمة منظومة قيمية فلسفية يفرضها الغرب من خلال آليات هيمنته على العالم" عبر تسويق "القيم السلبية في العولمة" والتي هي القيم الاستهلاكية في الاقتصاد والتحول في قيم الجمال الكوني إلى الجمال الغرائزي". (28)
    وقد أدى ذلك إلى دفع مجتمعنا العربي إلى التأثر بهذه القيم، والتي بِتْـنا نشاهدها في جميع مناحي الحياة، الأمر الذي أحدث مجموعة من المتغيرات في واقعنا الاجتماعي والثقافي والأخلاقي، وعلى وجه الخصوص المتغيرات التي طرأت على منظومة القيم العربية، والتي هي آخذة في التحول الدراماتيكي إلى قيم استهلاكية من الطراز الأول، فأصبح كل شيء مرتبطاً بالاقتصاد، وقابلاً للعرض في السوق الاستهلاكية حسب العرض والطلب، ومرتبطاً بالمال، ومن أجل المال تتم مجمل عمليات تسليع الإنسان والقيم والثقافة والفكر.
    ويقع في "مقدمة هذه المتغيرات بروز قيم جديدة فرضتها الحداثة، حيث أن عملية عولمة الاقتصاد لم ترافقها قيم حداثية وكوكبية فقط، بل نشأت جماعات سياسية تتسم بالصرامة والعداء لبعض المؤسسات والقيم الحديثة، وبعض منظمات المجتمع المدني باعتباره آلية من آليات العولمة؛ الذي يتفشى فيه الشعور بالاغتراب وتراخي الولاء القومي والطبقي والاجتماعي، مع النزوع نحو الاستهلاكية، وتعاظم الشعور بالفوضى، إلا أنه لا يمكن إرجاع كل تلك الظواهر إلى العولمة، بل يتداخل المحلي والخارجي في هذا الصدد". (29)
    يبدو أن تأثير العولمة أكثر شمولية من القيم الاقتصادية الاستهلاكية، إذ هو يطال الثقافة والفكر والهوية أيضاً، ما يشكل خطراً على العالم العربي والإسلامي، حيث يتمثل هذا الخطر "بحالة الاستلاب الفكري، إذ تحدث النخب السياسية والثقافية في تفاعلها مع الحضارة الغربية مركز العولمة الثقافية اليوم قطيعة مع رموزها الثقافية وتراثها الفكري والحضاري". (30)
    ويعود هذا ببساطة إلى طبيعة العولمة ومكوناتها فهي: "إطار فكري يدعو إلى إلغاء الحواجز بين الدول، وحرية انتقال أي شيء: أموال، ومنتجات صناعية أو زراعية، وأفكار أو قيم أو بشر بدون حواجز ولا موانع سوى ما يضعه العالم لنفسه" (31)
    من هنا فإننا لا نجد غرابة في أن يتمحور التركيز وينصب الاهتمام على "نقد العولمة في مسألة القيم والمفاهيم على قضيتين:
    الأولى: ثنائي العنف والجنس في وسائل الإعلام والسينما العالمية وفي القنوات الفضائية التي دخلت اليوم إلى كل بيت، وعلى ما يمكن أن تسببه من تدهور في السلوك والقيم من خلال انتشار الإباحية والشذوذ في مجتمعات لا تزال تقيم وزناً كبيرا لقيم العفة والاحتشام.
    الثانية: تنميط القيم ومحاولة جعلها واحدة لدى البشر في المأكل والملبس والعلاقات الأسرية وبين الجنسين، وفي كل ما يتصل بحياة الإنسان الفردية والجماعية وخصوصاً قيم الاستهلاك، التي تعتبر إحدى أهم ركائز اقتصاد العولمة وانعكاساتها على القيم التي أشرنا إليها. وما يجري على هذا المستوى من تنميط القيم بات معروفاً، وله رموز ومؤسسات إعلامية وسينمائية مختلفة، تتوجه إلى مراحل العمر كافة، وليس إلى مرحلة محددة فقط، وقد زاد من فاعلية هذه المؤسسات التطور الهـائل في وسائل الاتصال وسهولة استخدمها". (32)
    أما الأستاذ محمد فائق فقد ركز على العولمة من "شقين: أولهما: واقعي أو مادي جاء نتيجة التطور العلمي والتكنولوجي الهائل، وما ترتب عليه من ثورة في وسائل الاتصال والإعلام وانتشار المحطات الفضائية التي تبث برامجها لكل أنحاء الكوكب ولكل البشر على هذا الكوكب دون أن تحدها حدود، وأيضا في ثورة المعلومات الهائلة التي تجسدها شبكة الانترنت". (33)
    ويؤكد الأستاذ محمد فائق على أن هذا "الجانب من العولمة غير مطروح للقبول أو الرفض، فهو قد أصبح واقعاً، وإحدى ظواهر هذا العصر الذي نعيشه، وليس أمامنا إلا أن نقبل به، ولكن علينا أن نعرف كيف نتعامل معه، لنكون أكثر تأثيراً في عالمنا، وأما الشق الثاني للعولمة: فهو شق قيمي، جاء نتيجة الطابع التوسعي التنافسي لنمط الإنتاج الرأسمالي، الذي فرض اقتصاد السوق على العالم، وعززه باتفاقية التجارة العالمية (الجات). وهذا الجانب هو الذي يثير كثيرا من المخاوف". (34)
    ولا تختلف الصورة كثيرا في المشهد العولمي عندما يتعلق الأمر بالعولمة الثقافية التي تفرض شروطها "لتعزز ـ على ما يبدو ـ الاتجاه الفعلي إلى ثقافة عالمية موحدة، إذ تتراجع الصفة المحلية لأنماط الاستهلاك، وموسيقى البوب، والأفلام، والتلفزيون، لكنها تبقى جزءاً من السوق الثقافية العالمية. بهذا يجئ تغيير شامل من القيم غير الجديد بدوره، لكنه يتطور بطريقة أعمق وأسرع". (35)
    ولا شك أن "تكنولوجيا الاتصال وثورة المعلومات قد ساهمت في إحداث تغيرات جذرية في المجتمع والثقافة، بحيث أصبحت وسائل الإعلام تقوم بدور كبير في نقل الأفكار والخبرات من ثقافة إلى أخرى وبشكل يسهم في تغيير أساليب الحياة، وأن التطورات الحديثة قد حولت الثقافة إلى سلعة تباع وتشترى، وبسبب هذه التطورات فإن الوجه الثقافي للعولمة تكمل بعضها بعضاً، حيث أصبحت مهددة بالخضوع للقواعد نفسها التي يخضع لها سوق البضائع". (36)
    § الأمركة والعولمة:
    يسود اتجاه مجتمعي وفكري داخل مجتمعاتنا العربية يدمج بين العولمة والأمركة، ويقوم بإدغام الواحدة بالأخرى ويعد هذا "خلطاً بين الأمركة والعولمة، فالأولى تعني فرض النموذج الأمريكي على الشعوب؛ خاصة بعد انهيار المنظومة الروسية، وبزوغ نجم الإمبراطورية الأميريكية كقطب واحد مسيطر على النظام العالمي الجديد، ويريد فرض رؤيته الحضارية على العالم، والثانية تعني المشاركة المبدعة الخلاقة لتكسير الحواجز بين الدول والثقافات". (37)
    إن المراقب والمتتبع والمشاهد والمتلقي بشكل عام لما تبثه وسائل الإعلام والسينما الأميريكية من إنتاج ثقافي ضخم ـ والذي يفوق أضعاف ما تنتجه دول العالم ـ لن يجد صعوبة في التعرف على "الأخلاقيات الأمريكية (النمطية الأمريكية للحياة) التي تطرح عبر الألعاب مثلاً، نمطية من التفكير وأشكالاً محددة للشخصية، ونوعيات من التصنيف الذي يمرر من خلال هذه الألعاب؛ التي تكرس في المحصلة الأخلاق الأميريكية النمطية المميزة للثقافة الأميريكية المعاصرة بتنوعاتها وتناقضاتها وبراجماتيتها، وتدعو لمعاداة أي تصور أخر بشكل غير مباشر". (38)
    والذي يساعد الأخلاقيات الأميريكية على السيطرة وسرعة الانتشار هو "قدرة التحكم الهائلة والسيطرة والإدارة في الاقتصاد والسياسة ووسائل الاتصال ومصادر الأخبار والمعلومات، والتي تجعل الغرب الأمريكي ـ الأوروبي هو مصدر العولمة". (39)
    وقد وقفت ثقافات وشعوب ودول في مواجهة العولمة الأميريكية، ونمت اتجاهات اجتماعية معارضة لهذه العولمة، فالمعارضة الأوروبية كان لها أسبابها القومية أو العنصرية أو الاقتصادية، ولكن "الممانعة في العالم الإسلامي مصدرها الدين والثقافة، التي تتشكل بواسطته على مستوى نظرة الإنسان إلى نفسه ورغباته وإلى الآخر، أي إلى علاقاته الأسرية والزوجية والاجتماعية من دون أن ننسى الشعائر اليومية والأسبوعية والسنوية التي يفرضها الدين". (40)
    فالعولمة الاميركية "تتحرك وبشكل قوي في اتجاه توليد حقائقها على الأرض، بما يتناسب وقوة الدفع الاقتصادي والعلمي والثقافي التي أطقتها، ولم يعد من السهل في عالم اليـوم التسليم بمقـولة الاستقلال للثقافة". (41)
    § وسائل الاتصال "الإعلام" وقيم العولمة:
    أحدثت ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات طفرة في الحياة الاجتماعية والثقافية في حياة المجتمعات، نتيجة السرعة في تدفق الرسائل الإعلامية ذات المضامين المتخلفة والمتعددة والمتناقضة وغير المنسجمة مع ميراث الشعوب الثقافي، والسرعة في التقاط هذه المعلومات عير الصحون اللاقطة وعبر الشبكة العنكبوتية(الانترنت) ما تحدثه هذه المعلومات من تأثير على جميع الشرائح والفئات العمرية المختلفة.
    إنه مما لاشك فيه "أن المسارب الإعلامية تشكل طوفاناً لم يسبق له مثيل في التاريخ، فآلاف المحطات الفضائية، وآلاف الشركات المنتجة للمواد تتزاحم في الفضاء، وتنهمر وابلاً من القيم والسلوكيات والمواد الغريبة عن طبيعة هويتنا وثقافتنا، ونحن لم نتجاوز بعد عقدة الحداثة الأولى التي داهمتنا قبل قرون". (42)
    لذلك فإن وسائل الإعلام تعد "من أبرز العوامل المؤثرة في القيم التربوية المتعددة، وإذا أهملت وسائل الإعلام هذه القيم ولم تحرص على إكسابها للطفل فإن ذلك سيؤدي إلى خلق جيل بأكمله فيما بعد، فيه من الخطورة ما يهدد المجتمع، وعليه فإن من واجب وسائل الإعلام أن تستقي مضامين برامجها من واقع المجتمع وقيمه وثقافته؛ لا من تلك الثقافات الوافدة التي لا تتفق مع قيمنا وعاداتنا، حتى لا تتضارب القيم لدى الطفل". (43)
    ومع ذلك فإنك تجد القنوات الفضائية والانترنت "تبث وترسل مواد واضحة المأرب، كالأفلام والمواد الإعلامية الجنسية؛ أو التي تجاهر بعدائها لنا ولوجودنا، أو تلك التي تمرر صورة مشوهة لنا، فهناك ما يحمل كل ذلك بشكل مباشر، فالطفل الذي ننسى حواسه المتأهبة ونحن نتابع الشاشة أو الصحيفة يكون على اتصال أكثر التصاقاً وتأثراً منا، إنها تشكل بنيته ونحن ساهون عنه، متخيلين أنه لا يعبأ بها، أو قاصر عن التأثر بها، وإذا كان الكبار ينقادون لتأثيراتها فإن الصغار يبنون وفق هذه التأثيرات". (44)
    وتشير العديد من الدراسات الى "أن الأطفال يميلون إلى تقبل المعلومات والأفكار والقيم التي تقدمها وسائل الإعلام، التي تسهم في تغيير وبلورة الاتجاهات لديهم، من خلال الأساليب المباشرة وغير المباشرة بإثارة ردود أفعال سلوكية أو وجدانية، وذلك من خلال تقديم درامي ذكي، نراه في أفلام الكرتون وأفلام المغامرات والمسلسلات، حيث تبدو واقعية بالنسبة لهم، وكما أنهم يتذكرون الصورة بشكل أفضل". (45)
    من هنا فإننا نجد أن أكثر ما يشكل خطراً على الطفل هو مضامين الرسائل الإعلامية "البرامج" التي تعتمد على المضمون القيمي المعولم المتوفر في السوق الإنتاجية للبرامج والأفلام والمسلسلات والكتب، ومن أبرز هذه القيم السلبية: "العنف بأشكاله المختلفة والقسوة والتعصب وعدم التسامح، وتنمية نزعة العدوان والخيانة والوحشية والهمجية والكذب، والدعوة إلى الحرب وتفجير شهوة القتل، وهذا يعني أن مضمون المادة الإعلامية وما تحمله من توجهات وقيم ضمنية من الممكن أن يؤدي إلى إنضاج الوعي أو تزييفه، وفقاً لمصالح من يمتلك توجيه الرسالة الإعلامية". (46)
    فالعولمة ماضية بأبعادها القيمية والثقافية الرأسمالية من أجل سيطرة الثقافة الغربية على جميع الثقافات المنتشرة في العالم، ولتحقيق ذلك تسخّر وسائل الإعلام والتكنولوجيا الحديثة لنشر ثقافة العولمة ولمنحها القدرة على فرض ما تريد، عن طريق الإغراء والإغواء "وليس عن طريق القوة؛ بل من خلال استعمال الإغراءات التي وفرتها التقنيات الحديثة في مجال الاتصال، وبذلك يمكن القول بأن هذا التغيير قد تمثل على نحوين:
    1. اللجوء إلى ثقافة الصورة بدلا من ثقافة الكلمة.
    2. التوجه المباشر للقاعدة العريضة دون التوقف للجدل مع الصفوة". (47)
    وهذا يدفعنا إلى طرح عدد من التساؤلات حول الرسالة الإعلامية ومدى موضوعيتها: ما مدى انحياز الخطاب الإعلامي لبعض الفئات وبعض الطبقات؟ وما مدى انعكاس القيم المرغوبة حضارياً في البرامج التلفزيونية؟ وما مدى تلبية البرامج لاحتياجات المتلقي؟
    § قيم العولمة الايجابية:
    العولمة تيار اقتصادي وقيمي جارف؛ يطل علينا عبر وسائل الاتصال المختلفة وفي ثنايا المعرفة والكتابة والإبداع والسينما وغيرها، وتصاحب العولمة دعوات "إلى العيش المشترك لسكان كوكب الأرض، ومن ثم يتبنى أيدلوجية تقوم على فتح الأسواق، وحرية تدفق المعلومات، وتدعم حقوق الإنسان والتنافس الحر، فإن هذا يتطلب ترسيخ قيم الحداثة التي تؤسس على النظرة العلمية المؤسسة على العقلانية واحترام ذاتية الفرد باعتباره حراً وفاعلاً اجتماعياً، وهذا يتطلب الاحترام والتسامح تجاه التعددية الثقافية، مما يضع قضايا حقوق الإنسان في بؤرة الاهتمام". (48)
    ويرى كثير من الدارسين والكتّاب أن "القيم التي تبشر بها العولمة هي قيم تعتمد على العقلانية والحداثة وحقوق الإنسان والتسامح وقبول الآخر، وهي قيم لها رصيد في ثقافاتنا في عهود الازدهار، مما يسهل غرس تلك القيم في المنظومة القيمية العربية، بشرط أن تتوافر الإرادة السياسية والوعي الحضاري للحظة التاريخية التي تمر بها الأمة العربية". (49)
    لذلك "تتشابك العلاقة بين حقوق الإنسان والعولمة بشكل كبير، حيث تؤثر العولمة بتجلياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية تأثيراً عميقاً على حقوق الإنسان في كل المجالات". (50)
    ويركز الدارس على أهمية "دور التربية الفاعل في محو المعوقات التي تحول دون غرس تلك القيم، أو تحاول أن تغير من اتجاهات تلك القيم المرغوب فيها، وربطها بالموروث الثقافي الإسلامي العربي، أو من خلال بث القيم المرغوب فيها والتي عن طريقها يمكن تكوين الإنسان العربي المعاصر، الذي يتمسك بهويته وموروثه الثقافي، وتفاعله الخلاّق مع مفردات العصر الحديث الذي يحياه". (51)
    § القسم الأول: قيم العولمة الديمقراطية والإنسانية في قصص الأطفال المترجمة إلى اللغة العربية:
    هناك أسئلة ملحة تُطرح علينا حول الديمقراطية من أبرزها: ما هي الديمقراطية؟ وكيف تطورت الديمقراطية؟ وكيف عالج الأدب قضايا الديمقراطية وكذلك القيم الإنسانية المتمثلة بمنظومة حقوق الإنسان وإعلاناته؟
    تميزت الحياة في المجتمعات البدائية بغياب واضح للقيود المحددة والملزِمة في الوقت نفسه للإنسان، إذ لم توجد القوانين الوضعية التي تحكم تصرفات الإنسان في تلك المجتمعات، وكان محكوماً لقوانين الطبيعة مثل (الفصول، والحياة، والموت). ثم ما لبثت هذه المجتمعات أن تطورت مع تطور المجتمع نفسه، فقد برزت بعض الأعمال، ولجأ الإنسان للصيد والزراعة لحل مشكلته الاقتصادية، الأمر الذي جعل من التعاون ضرورة مجتمعية، والذي يتطلب تنظيم العلاقات الاقتصادية والاجتماعية الجدية لمنع اعتداء القوي على الضعيف، فظهرت بعض القوانين والأعراف. ومع مرور الزمن وتطور الحياة وتزايد السكان كان لا بُدّ من تدوين القوانين، والتي أطلق عليها التشريعات، وتم تحديد مهام التشريعات من أجل توضيح ما هو مسموح به وما هو ممنوع، بقصد توجيه تصرفات الأفراد لضمان استمرار التعايش بينهم ولضمان حركة التطور التاريخي.
    فالديمقراطية هي مفهوم أوجده الإنسان، ليكون أسلوب حياة للشعوب، حتى تستند إلى قوانين عادلة استمدت من الأديان والعقائد السماوية والمعتقدات البشرية، بهدف ضمان الحرية والمساواة بين الأفراد وتحقيق العدالة. ومن الجدير بالذكر أن فكرة الديمقراطية ظهرت في العصر الإغريقي (أرسطو وأفلاطون)، ثم في العصر اليوناني، وتطورت في العصور الوسطى على يد فلاسفة ومفكرين كجان جاك روسو ومنتسكيو، وتبلورت في عصر الثورة الفرنسية والأمريكية، حيث أضيفت في كل عصر أفكار كثيرة تهتم بحقوق الفرد داخل المجتمع ودخلت في جميع جوانب الإنسان.
    ومن خلال ما تقدم يمكن القول أن الديمقراطية هي "مبدأ معترف به عالمياً، وهي هدف يقوم على القيم المشتركة للشعوب في المجتمع العالمي بأسره، بغض النظر عن الفروق والاختلافات الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية. وهي بذلك حق أساسي للمواطن يجب أن يمارسه في ظل مناخ من الحرية والمساواة والشفافية والمسؤولية، مع مراعاة احترام التعدد في الآراء ومراعاة المصلحة العامة". (52)
    ومن أبرز ما تقوم عليه الديمقراطية أنها "لا تـنفصم عن الحقوق المنصوص عليها في الوثائق الدولية، لا سيما الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، مما يعني تطبيق هذه الحقوق تطبيقاً فعالاً، على أن تقترن ممارستها بالمسؤولية الشخصية والجماعية. وتقوم على سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان... وعلى الانتخابات كأداة للتمثيل السياسي والفصل بين السلطات الثلاث، وإلى القانون الذي يشرع حماية حقوق أفراد المجتمع وحرياتهم العامة وتنظيم علاقاتهم وحماية مصالحهم، وهي شروط أساسية لاحترام مبدأ سيادة القانون ومعايير حقوق الإنسان في الديمقراطيات المعاصرة". (53)
    وسنعالج في هذا المحور عددا من القصص الطفلية الأمريكية والبريطانية المترجمة إلى اللغة العربية والموجه للأطفال الفلسطينيين، حيث صدرت القصص الأربع عن سلسلة أسس الديمقراطية، وعن إبداع المعلم، عام 2004، بالتعاون مع مركز التربية المدنية في كاليفورنيا، وبالتعاون مع الشبكة العربية للتربية المدنية في الأردن، وأما الخامسة فقد صدرت عن مركز تامر للتعليم المجتمعي بالتعاون مع دائرة التعاون الدولية ـ المملكة المتحدة، وهذه القصص هي:
    1- الدببة المنصفة تتعلم عن العدالة Fair Pears learn about justice
    2- السمكة زمردة تتعلم عن الخصوصيةJessica Fish learns about privacy
    3- حارس حديقة الحيوانات يتعلم المسؤوليةThe Zoo keeper learns about RESPON SIBILLITY
    4- دحبور وفرحانة وحكاية السلطة ORB AND EFFY LEARN ABOUT Authority
    5- الأميرة ذات الرداء الورقي، روبرت منش، ترجمة روز شوملي.
    وانطلاقاً من عناوين هذه القصص، يتضح لنا مدى ارتباط هذه العناوين بمضامين هذه القصص ارتباطاً عضوياً وثيقاً، بهدف عكس العنوان داخل البناء السردي، وبقصد رسم ملامح الشخصيات، وتوصيف مواقفها، وتحديد مسار اتجاهاتها نحو تعلم هذه القيم وممارستها، ومن أجل غرسها في وجدانهم وعقلهم لتصبح طريقة تفكير وأسلوب ممارسة في حياتهم اليومية، وبهذا يتم توجيه مساراتهم السلوكية نحو المستقبل ليصبحوا أكثر استجابة وتقبلا لهذه القيم الديمقراطية والإنسانية.
    § القصة الأولى: الدببة المنصفة تتعلم عن العدالة:
    العنوان منذ البداية يصف الدببة بالمنصفة أي بالعادلة، ولكنها تحتاج إلى عملية التعلم في كافة المجالات لتحقق العدل والإنصاف في معاملاتها اليومية، فالقصة تقر منذ البداية بأهمية قيم العدالة في الفكر الديمقراطي الغربي فتقول: "كانت جميع الدببة جيراناً وأصدقاء معاً، كان الأطفال يلعبون معاً، يدرسون في المدرسة ذاتها، وكانت الدببة تشترك في العديد من الأشياء وفي الكثير من المغامرات. (54)
    § القيم الإنسانية:
    وإذا ما قرأنا النص قراءة متأنية فسنجد أن هناك تأكيداً على قيم مشتركة تتسم بها الجماعة البشرية، وهي:
    1- حسن الجوار.
    2- الصداقة.
    3- اللعب.
    4- التعليم.
    5- الروابط المشتركة في الكثير من القضايا المجتمعية.
    فاستعمال المفردات ذات القدرة التحديدية للمعنى القيمي واضحة الدلالات؛ والتي تشير إلى العمل الجماعي والانتماء وممارسة الحقوق بالتساوي، ويمكن حصرها فيما يلي: "جميع، جيران، أصدقاء، معاً، المدرسة ذاتها، الاشتراك".
    § الحرص على البيئة:
    تحتوي القصة على عدد من الإشارات إلى البيئة؛ وإلى دور الجهات المختصة في تجهيز جزءٍ منها للرفاهية والتنزه، وتحديد أماكن للأطفال للعب واللهو وتناول الطعام: "ووصلوا أخيراً إلى المكان الذي قصدوه، ووجدوا بقعة جيدة للأكل، فيها شجر كبير وفيها كثير من الظل. كما وجدوا طاولة لتناول الطعام، ومنطقة كبيرة للعب". (55)
    فتوفير المكان يتطلب المحافظة على نظافته لاستخدامه من قبل الآخرين، ويتطلب تنظيفه وتركه جميلاً كما كان، وهنا تبرز مسؤولية الفرد والجماعة في الحفاظ على البيئة: "قالت الأم مسعودة: دعونا نستعد للذهاب إلى البيت، ليتأكد الجميع من عدم ترك نفايات". (56)
    § احترام القوانين والأنظمة مسؤولية فردية وجماعية:
    وتتطرق القصة إلى مشاركة الزوج لزوجته في العمل المنزلي، من أجل إبراز المساواة دون تكرار هذه المواقف: " قالت الأم رغدة لزوجها: أرجوك ساعدني في ترتيب الطاولة". (57)
    ولكن، هناك إشارة أخرى إلى ضرورة المشاركة في العمل الجماعي وفي اللعب وغيره: "وتذكر رمزي ما قالته أمه: يجب أن تشارك الأصدقاء، لا شك أنك ترغب في مشاركتهم لك ". (58)
    ولم تغفل الأم عن تنبيه ابنتها بضرورة احترام قوانين العائلة، لأن احترام القوانين يحافظ على السلامة الفردية والبدنية للإنسان، ولأن القوانين وُضعت لمعالجة الاحتياجات الفردية والمجتمعية، لذلك طلبت الأم من ابنتها قائلة: "نجمة لا تتسلقي الأشجار، يجب أن تطيعي قوانين العائلة". (59)
    فالدعوة إلى احترام القوانين والأنظمة مسؤولية تربوية أيضاً، لذلك يجب تعليمها للصغار في المدارس، وهي مقدمة للوعي وتوطئة لخلق ثقافة قانونية لدى التلاميذ بحيث يتعلمون حقوقهم الدستورية، ويعرفون واجاباتهم ومسؤولياتهم تجاه أنفسهم واتجاه الدولة والمجتمع. ولكن عدم احترام القوانين أو محاولة الخروج عليها غير خاضع للمزاج الفردي في التطبيق، وغير خاضع للرغبات وللعواطف والمحسوبيات، ومن يخالف ذلك، عليه أن يعرف أن هناك عقاباً بانتظاره، لذلك "قررت الأم أن تلفت نظر ابنتها إلى موضوعين اثنين، الأول: احترام القوانين وعدم مخالفتها، والثاني: الحصول على العقوبة المناسبة في حال ارتكاب المخالفة وكسر القاعدة القانونية، "قالت: أنتِ صغيرة جداً على تسلق الأشجار يا نجمة، فقد وضعنا هذه القاعدة للحفاظ على سلامتك، ولكنك كسرت القاعدة". (60)
    إلا أن ذلك لم يمنع من العقوبة: "اذهبي الآن واجلسي تحت الشجرة؛ أنت ممنوعة من اللعب حتى أناديك إلى الغداء". (61)
    فالسارد يشير إلى الجماعة "وضعنا " التي وضعت القوانين والأنظمة وليس الفرد، من أجل السلامة الفردية والبدنية لأفراد المجتمع. ولكن هناك ميل واضح لدى بعض أفراد المجتمع إلى خرق القانون، ومخالفة القواعد المعمول بها نتيجة تضخم النزعة الفردية، أو بروز (الأنا) بشكل فاقع، ويظهر ذلك عند اتخاذ القرارات التي تخدم الفرد وتتجاوز مصلحة الجماعة، بحيث لا يقوم الفرد بأخذ رأي الآخرين في مسألة ما، من هنا "فكر تيمور: هل من الإنصاف أن تقرر باسلة اللعبة التي سنلعبها". (62)
    لقد أدار تيمور الفكرة في رأسه فاكتشف أنها غير مقبولة، لأنها لا تحترم آراء الآخرين، وتلغي مشاركتهن في الرأي "فقال: انتظروا لحظة، يجب أن نوافق على اللعب، بعد ذلك يمكننا التصويت برفع الكف". (63)
    نلاحظ كيف أدخل السارد مبدأ التصويت العلني من أجل ضمان مشاركة الجميع لاختيار اللعبة التي تتناسب مع الجميع، وهو مبدأ أساسي من مبادئ العمل الديمقراطي، سواء على مستوى التفكير أو الممارسة أو التربية. وذلك، لأن الأمر لا يقتصر على اللعب، بل، يتجاوزه لقضايا أخرى، فمع أن الديمقراطية تعنى بحقوق الفرد (الإنسان)، ولكن لا يعني ذلك عدم احترام حقوق الآخرين في الاختيار، وبالتالي تعمل التربية الديمقراطية على ضمان حقوق الفرد، مع الأخذ بعين الاعتبار احترام حقوق الآخرين عبر تطوير الحقوق الجماعية دون إلغاء للحقوق الفردية. مع أن الناس لديهم قدرات متباينة في العمل والإنتاج، فهذا لا ينقص شيئا من الحقوق " فجود قالت بفخر، انظروا هذا هو التوت الذي التقطته، لقد التقطت توتاً من أي شخص آخر" (64). ولكن الجدة أدركت ما تعنيه جود "فقالت: التقط الجميع التوت، كل حسب مقدرته". (65)
    وبهذا تشير إلى أهمية العمل الجماعي والتطوعي دون محاولة للتقليل من عمل الآخرين. ولضبط الانتماء للجماعة. إلا أن توزيع التوت لم يكن عادلاً ومتساوياً بين أفراد الجماعة بغض النظر عن السن والجنس، أو على أساس مَن جمع أكثر من التوت أو عمل أكثر، من هنا سيحصل الأب جابر على وعاء كبير، وأما أنت يا تيمور على وعاء اصغر، وأنت "يا بدور على ستحصلين على اصغر وعاء". (66)
    فهذا التقسيم عمل على إظهار النزعة الذكورية والأبوية، فالأم أعطت الحصة الكبيرة للأب ومن ثم للابن والحصة الأصغر كانت للبنت، فتم توزيع التوت وفقا لمعايير غير منصفة، فلاقى احتجاجاً مشروعاً من تيمور؛ الذي تساءل بصوت مرتفع: "لماذا حصلت على وعاء أصغر من الأب جابر، لماذا لم أحصل على وعاء كبير كالذي حصل عليه الأب جابر؟ هل هذا منصف؟"(67). فالاستفهام والاستنكار والاحتجاج السلمي الديمقراطي قَصد به السارد الدعوة إلى تحقيق المساواة ورفض التمييز بين أفراد المجتمع.
    § الثقافة الديمقراطية:
    يبث السارد في أرجاء القصة ثقافة الديمقراطية من أجل زرع قيمها في أفئدة التلاميذ، وجعلها نبراس حياة يُهتدى بهديه، ومن أبرز هذه القيم:
    1- عدم الاعتداء على ممتلكات الآخرين.
    2- إشاعة ثقافة التسامح (الاعتذار، تحمل المسوؤلية، التعويض على ما تم إتلافه).
    3- احترام دَور الآخرين.
    4- عدم اتهام الآخرين قبل كشف الحقيقة وتحري الدقة.
    تبدو المسألة التربوية واضحة المعالم وخصوصاً داخل الغرف الصفية، وداخل المدارس بوصفها المجال الحيوي لمسوؤلية الدولة في التربية والتعليم. من هنا فلا غرابة أن نجد السارد يشير إلى أهمية الاعتداء على ممتلكات الآخرين وأخذها بالقوة، فيقول: "قالت باسلة: أحتاج لقلم تلوين أخضر، أعطني قلمك يا جود... ولكنني أستعمله.. أمسكت باسلة بقلم جود: "سأرده إليك عند انتهائي منه... وشدت بقوة على القلم حتى انكسر". (68)
    حرص السارد على عدم استعمال أية مفردة تدل على استعمال العنف أو القوة، واكتفى بذكر مفردات تَشِي باستعمال القوة والعنف المدرسي: (أمسكت، وسأردّه، وشدت، بقوة، أخذت، (أي لم تطلب الإذن)، كسرته). الأمر الذي وضع المسؤولية أمام المعلمة لتحل المشكلة عبر إشاعة جو التسامح والاعتذار عما بدر من باسلة، فأدركت خطأها، "فقالت لجود:" أنا آسفة، أعدك أن لا يتكرر ما فعلته، سأشتري لك قلماً جديدا" .. فردت جود قائلة:"يمكننا التناوب في استعمال القلم الجديد...". (69)
    تمكنت المعلمة من إعادة الأمور إلى نصابها عبر التسامح والاعتذار وعدم تكرار الخطأ، والتعهد بشراء ما تم إتلافه(التعويض) ، وليس عن طريق الطبطبة والتغاضي عن الأخطاء. ويظهر السارد أهمية التزام الدور واحترامه، عبر مسرب قصصي لمعالجة هذه المشكلة. حيث يطالب المرء باحترام الدور: "ارجع يا رمزي إلى آخر الصف وانتظر دورك مثل الآخرين...قال رمزي: لم يتضرر أحد... سأله المعلم: هل تعتقد بأنك منصف؟". (70)
    فتربية النشء على احترام أدوار الآخرين مسألة مهمة في حياة المجتمعات الغربية، فهم يصطفون في طوابير على شبابيك التذكر وأثناء دخول القطارات والحافلات...إلخ. من هنا أبدى السارد حرصاً على تعميق هذه الفكرة الديمقراطية. ومن أجل تكريس مبدأ العدالة لا بد من تكريس مبدأ عدم الاتهام على قاعدة أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته، ولَمُجِرمٌ هارب من العدالة خير من وضع متهم في السجن". لذلك، لا بد من تحري الدقة ومحاولة كشف الحقيقة درءا للظلم،
    "إن صراخ الطباخ يعلو.. لقد اختفى بعض الكعك...قالت نجمة لم آخذه أنا...رد بسبوس بسرعة... ولا أنا؟...قال الطباخ: ما هي الطريقة المنصفة لمعرفة من أخذ الكعك؟..وفكر الطباخ.. أعتقد أنني بحاجة إلى التحري "وهكذا تقوده الأمور إلى اكتشـاف الحقيقة بنفسه:" إنه السيد أزرق..". (71)



    § الانتخابات:
    اتّكأ السارد على الحقوق السياسية الواردة في الإعلانات العالمية لحقوق الإنسان وعلى الاتفاقيات الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضمن مثال ما ورد في المادة (5) من الاتفاقية الدولية للقضاء على أشكال التمييز "ولا سيما حق الاشتراك في الانتخابات ـ اقتراعاً وترشيحاً على أساس الاقتراع المتساوي، والإسهام في الحكم وفي إدارة الشؤون العامة على جميع المستويات، وتولي الوظائف العامة على قدم المساواة". (72)
    تدرّج السارد في موضوع نشر القيم الديمقراطية وتعليمها وممارستها إلى أن وصل إلى موضوع الانتخابات الصفية، إذ أنها البدايات المنهجية لتعلم إجراءات العملية الانتخابية في المستقبل ـ التشريعية منها والنقابية والبلدية ـ من خلال نشاط لا منهجي داخل غرفة الصف، وهو اختيار قائد للصف.
    "إذ لا يمكن للجميع أن يكونوا قادة للصف. ماهي الطريقة المنصفة لاختيار شخص واحد؟ قالت نجمة:أعتقد أنه يجب علينا جميعاً اختيار قائد للصف.
    قالت المعلمة: سننظم انتخابات في الصف...
    كتبت المعلمة ثلاثة أسماء على السبورة: "رمزي، جودة، باسلة"..
    قدّم الأطفال الثلاثة كلمات شرحوا خلالها المزايا التي يتمتعون بها والتي ستجعل منهم قادة جيدين.
    صوّت الجميع، حصلت جود على معظم الأصوات، اعتقد الجميع أنها خيار جيد حتى من لم يصوتوا لها". (73)
    إن من يتأمل في هذا المسرب الحكائي يتوصل دون جهد أو عناء إلى المنهجية التربوية والتعليمية لكيفية تنظيم انتخابات حرة، من أجل تعميق الديمقراطية عبر اختيار حر لمن يمثل الناخبين، فقد عالجت الحكاية قضايا الانتخابات وإجرائها وهي:
    · إقرار مبدأ الانتخابات بوصفه أساس من أسس الديمقراطية.
    · الانتخاب حق وواجب.
    · تنظيم الانتخابات لاختيار المرشحين.
    · حق الترشيح متساوٍ للجميع (رجل وامرأة).
    · قراءة البيان الانتخابي، والذي يتضمن السيرة الذاتية للمرشح، وإبراز السمات التي تميزه عن المرشحين الآخرين، وكذلك عرض البرنامج.
    · التصويت، وإظهار نسبة المشاركة.
    · فرز الأصوات لمعرفة النتائج.
    · إعلان النتائج.
    · الصفة التمثيلية للفائز لمن انتخبوه ولمن لم يتنخبوه.
    فهذه الطريقة تبعد من حيث المبدأ التفكير عن التعيين والترشيح على أساس العشيرة والمنطقة....إلخ.
    § القصة الثانية: السمكة زمردة تتعلم عن الخصوصية:
    تدور أحداث القصة حول الشخصية المركزية (زمردة) وشخصيات أخرى، تكافح من أجل الحصول على الخصوصية ووجوب احترامها من لدن الآخرين، وهذا يعني التوقف عن مراقبة سلك الآخرين وعدم التدخل في شؤونهم الخاصة، بحيث لا تنتهك هذه الخصوصية، من هنا يحرص السارد على إبراز أهمية الخصوصية الفردية للإنسان ووجوب احترام ذلك وعدم الاستخفاف بذلك. كما فعلت زميلات زمردة "ثم ضحكت الجماعة، وقالت بشيء من السخرية: أليست زمردة سخيفة". (74)
    ولكن زمردة لم تقبل بذلك الموقف الجماعي الرافض لفهم خصوصيتها، فأظهرت احتجاجاً بصوت مسموع ضد هذه الموقف: " فصرخت بالأسماك،" لماذا تراقبونني دائما... اتركوني وشأني". (75)
    ثم واصلت زمردة احتجاجها ولكن مع توضيح لسبب الاحتجاج "صرخت زمردة... لا أحظى بأي وقت اختلي فيه بنفسي". (76)
    ولكن هل يُضعِف العيش ضمن الجماعة المتجانسة عرقياً وثقافياً الخصوصية الفردية "هذا ما ذكّرت به فريدة زمردة .. هذا أمر يجب أن تتحمله عندما تعيش في جماعة سمك". (77)
    ولكن، هاجس الخصوصية يظل يطارد زمردة فتقول محدثة نفسها: "أتمنى لو أن لي مكاناً لا يراني فيه أحد، حيث يمكنني أن أتظاهر بأي شخصية أريد أن أمثلها". (78)
    ولكن زمردة تصطدم بموقف سلوم الذي يمارس خصوصيته، ولكن ليس ضمن مفهوم العزلة عن الجماعة التي ينتمي إليها، فيوضح مفهوم الخصوصية لزمردة قائلا: "الفرصة أن تنفردي بنفسك يا زمردة، أو أن تشاركي الأمور التي تحبينها مع الأشخاص المميزين لديك فقط، كما فعلت الآن عندما أريتني كيف تتظاهرين بأنك فرس البحر". (79)
    سلوم(الدودة) شخصية لا تنتمي إلى الجنس والعرق نفسه التي تنتمي إليه السمكة زمردة، ولكنها وجدت معه بعض الخصوصية، نظراً لتفهم معنى الخصوصية للآخرين، وبهذا يتوسع السارد في مفهوم الخصوصية لتتجاوز الجنس والعرق والثقافة المحلية. إلاّ أن البعض يرفض الخصوصية انطلاقاً من ضرورة المحافظة على تماسك الجماعة وقوانينها وقواعدها الاجتماعية والثقافية، وهذا ما تواجهه زمردة: "لا مجال لأي خصوصية في مجموعة الأسماك يا زمردة". (80)
    فالدعوة إلى الخصوصية لا يعني الانفصال عن الجماعة وإحداث قطيعة معهم، لأن أفراد الجماعة يحتاجون إلى بعضهم البعض، إذ أن هناك قاعدة اجتماعية يرتبطون بها، وهذا ما حاولت أن توصله فريدة إلى زمردة: "أرى أن خلوتك بنفسك أحياناً مهم بالنسبة إليك، ... يمكنك العثور على مكانك الخاص، لكن لا تمضي فيه إلا قليلاً من الوقت كل يوم، وتذكري أننا كأسماك صغيرة يجب أن نبقى معاً لحماية أنفسنا من الخطر". (81)
    فالسارد حدد ملامح الخصوصية الفردية من خلال استعمال اللغة:
    1- استخدام (كاف المخاطبة) للتأكيد على الخصوصية (خوّلتك، بنفسك، إليك، يمكنك، مكانك).
    2- حرية الاختيار والبحث عن الخصوصية (يمكنك، على مكانك الخاص).
    3- تحديد فترة للخصوصية (أحياناً) حتى لا تتحول إلى عزلة اجتماعية وثقافية.
    4- الحرص على البقاء ضمن الجماعة بوصفها ضمانة من المخاطر. (82)
    فزمردة لا تفكر بالانفكاك عن الروابط التي تربطها بجماعة السمك، ولكنها تبحث عن الخصوصية: "أنا جزء من جماعة السمك معظم اليوم، لكن عندما أكون هنا سأكون كما أريد....". (83)
    وتستمر زمردة في الشكوى من جماعة السمك لسلوم الهارب من جماعة الديدان قائلةً: "من الممتع أن يكون لي مكان خاص بي يا سلوم، مشكلتي مع الأسماك الأخرى في جماعتي، فهم يحبون البقاء مع بعضهم بعضاً طوال الوقت، ولا يفهمون حاجتي لمكان خاص". (84)
    § القصة الثالثة: دحبور وفرحانة وحكاية السلطة:
    يقدم العنوان الشخصيتين الرئيسيتين الوهميتين في هذه القصة، ويترك لأحداثها التي تدور في بلد اسمها (الفقاعة) مهمة الكشف عن الشخصيات الأخرى التي تلعب دوراً فيها. تتناول القصة حكاية السُّلطة إذ لكل سلطة حكاية، إذ أن الساردين يتناولان في سياق الأحداث وتسلسلها الزمني ما يلي:
    أولاً: إبراز المشاكل التي يعاني منها سكان هذه البلدة.
    ثانياً: التفكير في حل هذه المشكلات وتلبية احتياجاتهم.
    ثالثاً:حل هذه المشكلات بطريقة ديمقراطية، عبر إيجاد جسم منتخب مهمته وضع القواعد والقوانين (التشريعات).
    رابعاً: حل مشكلة من يعمل على تنفيذ هذه القوانين وتطبيق القواعد، من خلال إيجاد سلطة تنفيذية.
    خامساً: الحاجة إلى من يعمل على تحيق العدالة في حال قام شخص بمخالفة هذه القوانين (القضاء).
    § المحور الأول: إبراز مشكلات بلد الفقاعة:
    يعرض دحبور مشكلات بلد الفقاعة أمام فرحانة من خلال وصف البلد ومعاناته وما طرأ عليها من متغيرات، "لم تكن بلد الفقاعة دوماً كذلك، فمنذ زمن بعيد داهمنا خطر كبير ولمدة طويلة، ازدادت بسببه رقة جدران فقاعتنا، وخفتت أضواء سمائنا، وازدادت برودة الهواء، وملّ الدخان المتصاعد من المصانع هواء فقاعـتنا وزاد من تلـوثه، وتوقف النور عن السطوع داخل الفقاعة..". (85)
    وتنتقد فرحانة أسلوب حياة مجتمعها قائلة: "كانت المشكلة في طريقة عشينا، فقد كان أشخاص الفقاعة يحبون البوظة والكعك والحلوى .. كانت المصانع تصنع لنا الكثير من الحلويات". (86)
    ويضيف دحبور مشكلات أخرى يعاني منها مجتمعه المحلي فيقول: "مشكلة أخرى سببتها طريقة معيشتنا، فلقد كان الأشخاص يقومون بما يحلو لهم... والجميع يختلفون حول كل شيء، ولا يشارك أحد الآخر في شيء. (87)
    ويستمر دحبور في سرد حكايته مع مواطني الفقاعة فيقول: "كوّنَ بعض أشخاص الفقاعة أفكاراً جيدة حول إنقاذ بلد الفقاعة، لكن الجميع فشلوا في الاتفاق على الحلول الواجب تنفيذها، كان الأشخاص يغضبون عندما يشتد الجدال بينهم، وترتفع أصواتهم. فلم يكن بمقدورهم الاتفاق سوى عـلى عدم الاتفاق. (88)
    نلاحظ كيف قام كل من دحبور وفرحانة بعرض المشكلات التي تعاني منها بلدة الفقاعة، وهي:
    1- مشكلات ناتجة عما تُحدثه المصانع من تلوث للبيئة، مؤثرةً على إيقاع حياتهم، فسُحب الدخان المتصاعدة من المصانع تحجب نور الشمس عنهم.
    2- مشكلة النمط الحياتي وأسلوب المعيشة الذي يمارسه سكان بلدة الفقاعة والذي لم يتغير.
    3- القيام بأعمال وفقاً للمزاج دون الأخذ بالحسبان ما يلحقونه من ضرر بالناس.
    4- الاختلاف حول كل شيء وعدم تقبل الواحد للآخر وعدم مشاركته الآخرين في أي شيء.
    5- انعدام الحوار الديمقراطي وتمسك كل واحد برأيه.
    § المحور الثاني: التفكير في حل المشكلات:
    وفي سياق البحث عن حلول؛ تذكُر فرحانة دحبوراً قائلة: "هل تذكر يا دحبور كيف بحثنا مطولاً عن قواعد في بلد الفقاعة؟ إلاّ أننا لم نتمكن من الاتـفاق على قاعدة واحدة، ولم نـكن نسـتطيع حل مشكلنا". (89)
    ولكن دحبور يضع إصبعه على الجرح النازف في بلد الفقاعة؛ ويجيب فرحانة قائلا: " ... لم يكن في بلد الفقاعة قادة، ولم يكن فيها من يمكنه مساعدتنا في حل النزاعات أو الاتفاق كجماعة على شيء ما". (90)
    حددت الشخصيتان المركزيتان جوهر الأزمة، وهي:
    1-غياب الأنظمة والقواعد والقوانين.
    2- غياب القادة الفعليين للمساعدة في قيادة البلدة وإخراجها مما هي فيه.
    3- عدم قدرة الجماعة، أو الرأي العام في هذه البلدة على الاتفاق على شيء.
    المحور الثالث: حل المشكلات بطريقة ديمقراطية:
    يروي كل من دحبور وفرحانة مشاعر الغضب عند الناس للتعبير عن احتياجاتهم؛ فيقول دحبور: "...نحتاج إلى قواعد؟!" (91). وفرحانة تقول: "كنت أعتقد أننا بحاجة إلى قادة أيضاً.... "فرفض الناس الفكرة قائلين: " لماذا نحتاج إلى قادة؟". (92)
    ومن أجل التواصل مع الناس وجّه دحبور وفرحانة دعوة عامة لسكان بلد الفقاعة لتدوال بعض الأفكار: "... يجب أن ندعو أهالي بلد الفقاعة إلى اجتماع". (93)
    يستجيب السكان لهذه الدعوة فيقول دحبور لأهالي بلد الفقاعة: "رجاءً، ليتحدث كل شخص في دور محدد، لنستطيع سماع بعضنا، يمكنكِ التحدث أولاً يا فرحانة". (94)
    تحدثت فرحانة ويحدوها الأمل بالتغيير: "يجب أن نتفق على العمل معاً.... نحتاج إلى بعض الانضباط، وبعض القواعد التي تساعدنا على التعايش مع بعضنا بعضاً بشكل أفضل، لنحلّ مشاكلنا وفق هذه القواعد". (95)
    ثم بدأ أهالي بلد الفقاعة بتقديم الاقتراحات بخصوص القواعد، ومنها: "يمنع رمي النفايات". (96)
    وقالت فقاعة أخرى: "هذه القاعدة ليست جيدة، يجب أن نفكر بطريقة للتخلص من النفايات، يجب أن يأخذ كل شخص نفاياته إلى مكب النفايات". (97)
    وقالت فقاعة آخرى: "يُحظر بيع الحلوى والبوظة والكعك، فدخان المصانع يلوث الهواء... زراعة الفواكه والخضار لا تسبب تلوث الجو". (98)
    فأدلت كل فقاعة بدلوها، ما جعل أمر وضع القواعد ليس سهلاً، ويحتاج إلى تنظيم أكثر، فاقترح دحبور تبني القواعد التي اقترحها الناس، فقال: "يجب أن يقرر أهل الفقاعة القواعد الأفضل للبدء في تطبيقها". (99)
    وتم اختيار القاعدة على أساس أن "القاعدة الجيدة هي القاعدة المنصفة للجميع". (100)
    وطالب دحبور أهالي بلد الفقاعة قائلا: "هذه هي القواعد الجيدة، يجب أن نتفق جميعاً على وجوب احترامها والتقيد بها". (101)
    ولكن المشكلة تبقى قائمة ولا بد من إيجاد حل عملي لها، إذ لا يمكن دعوة السكان في كل مرة لوضع القواعد، لابد من معرفة "نوعية الشخص الذي نريده أن يشغل منصب القائد". (102)
    وتبدأ فرحانة بدعم رأي أمل في خطوة إجرائية عملية فتقول: "أرجو من كل الراغبين في تولي مهمة القائد تزويدي بأسمائهم، بعدها سنصوت من خلال خياراتنا، الفقاعة التي ستحظى بمعظم الأصوات ستقودنا". (103)
    ويتم اختيار "أمـل وسـائدة وعـيدا ليكونوا مسئولين عن وضع قواعد جيدة عند بروز الحاجة إليها". (104)
    § المحور الرابع: اختيار السلطة التنفيذية:
    وفي الاجتماع ذاته يتم توزيع المهام والمناصب القيادية على الفائزين، بحيث تعلن فرحانة عن تعيين المسئولين عن السلطتين التنفيذية والقضائية فتقول: "سيكون كميل مسئولاً عن تنفيذ السكان للقوانين". (105)
    ولم تترك فرحانة للسلطة التنفيذية أن تفعل ما تشاء بمن تشاء لذلك قالت: "قد نحتاج للشرطة لضمان إتباع الأشخاص للقاعدة، كما أننا يجب أن نتأكد من عدم مضايقة الشرطة للسكان إلا في حالة ارتكابهم خطأ ما". (106)



    § المحور الخامس: اختيار السلطة القضائية:
    وتعلن فرحانة عن تعيين دحبور مسئولاً للقضاء فتقول: "... دحبور أنت المسؤول عن الحكم في تنفيذ السكان للقواعد أو عدم تنفيذهم لها، كما أنك المسؤول عن تسوية النزاعات حال نشوبها". (107)
    ويمارس دحبور دوره في السلطة القضائية في محاكمة مرتكبي المخالفات وعدم الانصياع للقوانين والقواعد والأنظمة فيقول: "لا يمكن السماح للأشخاص بتجاهل القواعد والإفلات من العقاب، يجب معاقبة هذه الفقاعات:
    أولاً: يجب أن يدفعوا بدل الأضرار التي ألحقوها بمصنع حلاوة.
    ثانياً: يجب أن تبقى هذه الفقاعات في منزلها مدة شهر لضمان عدم تكرار ما حدث". (108)
    § المحور الخامس:غواية السلطة:
    كثيراً ما تغوي السلطة صاحبها، فها هو دحبور يصيبه غرور السلطة فيخرج على التلفاز مخاطباً أهالي بلد الفقاعة بعد قيادته لهم قائلا: "أعلم أن معظمكم يعتقد أنني قمت بعمل جيد كقائد لكم، لذ سأمنحكم فرصة لإظهار محبتكم لي...
    أولا: يجب عليكم جميعا ارتداء قميص دحبور طيلة الوقت.
    ثانيا:" أرغب في طلاء جميع المنازل باللون البرتقالي، كونه لوني المفضل". (109)
    فاحتجّ الناس على القائد دحبور فقال أحدهم: "لقد تمادى دحبور كثيراً، لم نعطِهِ الحق في إلقاء الأوامر علينا، فقد منحناه حق المتابعة والحكم على إتباع سكان بلد الفقاعة للقواعد، يا الهي... لقد خربت السلطة عقله". (110)
    وتم حل المشكلة مع القائد دحبور بوسائل حوار ديمقراطي، حيث تحدثت فرحانة نيابة عن الناس معه فقالت: "لا يجوز لك يا دحبور وضع قواعد جديدة، يمكنك فقط تقرير ما يجب فعله عندما يكسر أحدهم قاعدة ما، لقد اخترنا الطبيبة أمل وعيد ليضعوا القواعد الجديدة.... فوافق دحبور واعتذر للفقاعات عن قضية القمصان والبيوت البرتقالية". (111)
    § القصة الرابعة: حارس حديقة الحيوانات يتعلم عن المسؤولية:
    تعالج القصة عدداً من المواقف لتحمّل المسؤولية وعدمها، وهي:
    أ‌- ضرورة الالتزام بالقواعد والقوانين واللوائح.
    ب‌- الإهمال وعدم القيام بالواجب والنتائج المترتبة عن الإهمال.
    ت‌- تحمل المسؤولية، أداء العمل جيدا والنتائج المترتبة على تحمل المسؤولية.
    أ- ضرورة الالتزام بالقواعد والقوانين واللوائح:
    حرصت الساردة السيدة حنان على تعليم السيد خالد القواعد والالتزامات واللوائح من خلال بعض المواقف بعيدا عن التلقين فقالت: " ... خالد انظر إلى هولاء الأطفال، ذهبت السيدة حنان للحديث إليهم: "يا أطفال، أنتم تعرفون أنه يجب أن لا تطعموا الحيوانات... شرحت السيدة حنان لخالد: "يجب على حراس حديقة الحيوانات التأكد من اتباع الزوار قواعد زيارة الحديقة". (112)
    ب-الإهمال وعدم القيام بالواجب:
    يعرض السارد لمواقف مختلفة من الإهمال وعدم القيام بالواجب بهدف دفع الأطفال إلى تجنب الإهمال في أية مواقف في المستقبل، وضرورة القيام بواجباتهم على أكمل وجه لأنه سر النجاح. فإهمال الأطفال تبدو حالة احتمالية موجودة في كل المجتمعات، وكثيراً ما يغفل الأبوان عن طفلهما أثناء التسوق وفي غيرها من المواقع والمواقف، وهذا ما حدث في حديقة الحيوانات "سمعت السيدة حنان بكاء طفل صغير: "ماما... أمي ضائعة". (113)
    إلاّ أن حنان تحملت المسؤولية ولم تهمل الطفلة، فقالت: "خالد، إذهب وابحث عن السيدة ريما والسيد مهدي وأخبرهما أن ابنتهما مها معي... قال خالد حالاً ...قال السيد مهدي لخالد: "كنا نشاهد الدببة وبعدها أدركنا أن مها قد اختفت. شكراً للعثور عليها. (114)
    يبدو أن الساردة وضعت حارس الحيوانات الجديد في أول موقف لتحمل المسؤولية إزاء إهمال الآخرين، ولكن خالد لم يؤدِّ عمله على أحسن وجه؛ قال شيمو لمونا: "لم ينظف خالد منزلنا اليوم، لقد قلت بأنه مهمل... صاح هالي مخاطباً هيهي: "خالد لا يقدم لنا الماء الكافي أبداً، أنا في غاية العطش.. زأر الأسد:" أين حارس حديقة الحيوانات. أنا جائع.. ". (115)
    فالعناصر التربوية التي تحتوي عليها هذه المواقف من جوعٍ وعطشٍ مرتبطة بالغريزة، ويستطيع أن يشعر بها الأطفال أثناء القراءة، وأما النظافة فانعكاس واضح لمطلب ضروري مرتبط بالصحة والسعادة، وهو مرتبط بالأسرة وبالمدرسة وبالصف. فيتعلم الطفل معنى تحمل المسؤولية من خلال الإحساس بالجوع والعطش وعدم النظافة، ويتطور ليعرف ما معنى أن يتحمل مسؤولية نفسه ثم أسرته ثم أي موقع يتبوأه، فالمسؤولية تقتضي المتابعة ومعالجة الخلل ووضع الحلول المناسبة من هنا.
    "نادت السيدة حنان خالداً إلى مكتبها: "تؤدي يا خالد بعض مهامك بشكل جيد جداً، ما الذي يحدث عندما تقوم بعمل جيد... فكر خالد في الأمر: "تصبح الحديقة نظيفة جداً، ويشعر الزوار بالسعادة، وأفخر بنفسي.. قالت السيدة حنان: "هذا صحيح، ولكن هناك بعض المهام لا تؤديها بشكل جيد على الإطلاق... سألت السيدة حنان: "هل تعرف ما الذي يمكن أن يحدث عندما لا تؤدي عملك.. قال خالد: قد تمرض الحيوانات... ". (116)
    إن تحمل المسؤولية فن وعلم وإدارة، وهذا ما تكشفه الساردة لنا، فهي لم تصرخ ولم تشتم ولم تضرب ولم تصدر قراراً إدارياً يقضي بفصل الحارس أو خصم مرتبه. بل استدعته لتمدح عمله الجيد ولتظهر له مواطن الإخفاق والإهمال، وما يترتب عليها من نتائج سلبية بقصد تطوير أدائه في العمل، وليس من أجل تحطيمه وإحباطه وإفقاده الثقة بنفسه.
    ج- أداء العمل الجيد والنتائج المترتبة عليه:
    استوعب خالد الدرس بعد أن عززت السيدة حنان الثقة بنفسه، فلم يعد يخاف من الحيوانات، فقام بعمله على أكمل وجه لذلك "ثرثر كونغو: "منزلنا شديد اللمعان والنظافة... همست مونا: "إنه أشبه بالحلم.. لدينا الكثير من المياه .. هناك ما يكفي لنتشارك فيه..
    زئير ررررررررررر زئير ررررررررررررر انظري إلى الطعام الذي أعطانا إياه خالد يا لبؤة .. أنا سعيد للغاية. لن أغضب مرة أخرى". (117)
    وهكذا تظهر ردود الأفعال على سلوك السيد خالد؛ الذي أدى واجبه على أكمل وجه.
    فالعمل الجيد يحتاج إلى تقدير وإلى اهتمام من قبل المسئولين، ويدخل ذلك في صلب تحملهم للمسؤولية. من هنا يحرص السارد على إشاعة مناخ ثقافة التقدير لمن يقوم بعمل جيد ولمن يتفانى بعمله.. "زأرت اللبؤة وقالت للأسد: "أظن أن خالداً يقوم بعمله بشكل أفضل.. زأر الأسد موافقا:" إنه عظيم... قالت السيدة حنان لخالد: "أنت تقوم بعمل جيد". (118)
    فتحمُّل المسؤولية يقتضي التعليم والتدريب واكتساب المهارة. لذلك "قالت السيدة حنان لخالد: "تعال معي.
    سأل خالد: "إلى أين سنذهب؟ أجابت السيدة حنان: "إلى الإسطبلات، سوف أعلمك طريقة تمشيط الأحصنة... أعطت السيدة حنان الفرشاة لخالد، وقالت: "مشّطْ بهذه الطريقة، بشكل لطيف وثابت". (119)
    فحتى يتحمل خالد المسؤولية الجديدة لا بد له من اكتساب المعرفة أيضاً عن طريق القراءة، لذلك "قرأ خالد جميع اليافطات، وتعلم أشياء مثيرة للاهتمام، جاء الأسد واللبؤة من إفريقيا. هالي وهيهي فيلة هندية... تحب الدببة صيد الأسماك...". (120)
    إن اكتساب المعرفة والمهارة اللازمة مكّن خالد من تحمل المسؤولية فأدى عمله كما ينبغي أن يكون، فانعكس ذلك على من عمل معهم ولهم السد خالد.. قالت السيدة حنان لخالد: "الزائرون للحديقة يمدحونك باستمرار .. وأعتقد بأنك جاهز لتولي وظيفة جديدة.... نحتاج لمرشد يقود الناس في الحديقة .. يجب أن يقوم هذا المرشد بإخبار الزوار عن كل ما يتعلق بالحديقة والحيوانات". (121)
    فالعمل الجيد وتحمل المسؤولية دفع العمدة لتقدير ذلك قائلا: "زار حديقة الحيوانات أكبر عدد من الزوار منذ أكثر من أي وقت مضى... وهي نموذج مثالي للنجاح. أرغب في معرفة المسؤول عن هذا النجاح الكبير الذي تحقق في هذه الحديقة". (122)
    § القصة الخامسة: شيء آخر:
    شيء آخر قصة للكتابين كاثرين كيف وكريس ريدل؛ وصدرت عن دار (هويو) بالتعاون مع وفد اللجنة الأوروبية لدى جمهورية مصر العربية في القاهرة عام 2000.
    تدور أحداث قصة (شيء آخر) حول قيم التسامح والاعتراف بوجود الآخر، وبطلها الشخصية المركزية فيها (شيء آخر) والذي يعاني من ثقافة التمييز والإقصاء والتهميش: "فعندما كان يحاول الجلوس أو السير أو اللعب معهم، كانوا دائما يقولون له: "للأسف أنت لست مثلنا، أنت شيء آخر، أنت لا تنتمي هنا". (132)
    فعلى الرغم من محاولاته الجادة والدؤوبة محاكاة من رفضوه، لدرجة أنه: "قد حاول أن يكون مثل الآخرين، ابتسم...ورسم..ولعب ألعابهم عندما سمحوا له، وأحضر غداءه في كيس من الورق كما يفعلون". (124)
    إلا أنه "لم يفلح فلم يبدُ مثلهم ولم يتكلم مثلهم"، فبقيَ محتفظا بشخصيته التي دفعتهم مرة أخرى للقول علانية ودون مواربة: "أنت لا تنتمي الى هنا .. أنت لستَ مثلنا، أنت شيء آخر". (125)
    الأمر الذي أدى إلى نكوص (شيء آخر) فعاد أدراجه حيث ينتمي، ليتفاجَأ بزائر "نظر (شيء آخر) إلى الكف وقال: "أعتقد أنك جئت للمكان الخطأ" فهز الزائر رأسه قائلا:" لا، ليس صحيحا... فتساءل (شيء آخر) متعجبا:" هل أنا أعرفك؟". فضحك الزائر متسائلا:" بالطبع تعرفني؟ بالطبع تعرفني، انظر إلي جيداّ... فصرخ الزائر: "ألا ترى؟ إنني مثلك بالضبط. أنت شيء آخر وأنا أيضاً.". (126)
    يبدو تأثر (شيء آخر) بثقافة الإقصاء واضحة، فلم يتفاعل مع شيء آخر يختلف عن هويته الثقافية وعن جنسه، لذلك استغرب مستنكراً أن يكون مثله .. فقال: "مثلي؟ أنت لست مثلي. في الحقيقة، أنت لست مثل أي شيء أنا رأيته. أنا آسف، ولكنك لست نفس نوعي من شيء آخر". (127)
    غلبت ثقافة الرفض على (شيء آخر)، فلم يعترف بوجود شيء آخر يشبهه، وإن كان هذا الشيء الآخر له وجود فيزيقي؛ فهو ليس من جنس (شيء آخر) الذي رفضه الآخرون لأنه لا ينتمي إليهم، فوقع أسير تلك الثقافة. ما دفع الزائر (شيء آخر) إلى الرحيل "فسحب الزائر كفه ببطء وبدا أكثر حزناً وأصغر حجماً وقال: "هكذا". فهل يستمر في ذلك أم يبدي تسامحاً واعترافاً بوجود شيء آخر وإن كان منتمياً لجنس آخر؟. "أما بالنسبة لشيء آخر، فقد ذكره هذا الموقف بشيء ما... فصاح انتظر... لا تذهب.. أنت لست مثلي ولكني لا أمانع. يمكنك أن تبقى معي إذا أردت .. وهكذا فعل الزائر". (128)
    تمكن شيء آخر من تجاوز ثقافة التمييز والرفض والإقصاء، لأنه اعترف بوجود الزائر كشيء آخر ليس من جنسه، فلا يوجد ما يمنع من التعايش في ظل اعتراف كل شيء آخر بالآخر، على الرغم من كونهما "شيئين مختلفين ولكنهما تصاحبا". وهذا ما أنتج ثقافة الاعتراف بوجود الآخرين خصوصاً "عندما ظهر شيء جديد، كان بالفعل شكله مختلفاً، لم يقولا أنه ليس مثلـهما أو أنه غير منتـمٍ إلـيهما. ولكـن تحـركا وأفسحا مكاناً له أيضاً". (129)
    فالمشهد الأخير في السرد يعكس الغايات التي يرمي من ورائها الساردين، وهي نشر ثقافة التسامح والتعايش والاعتراف بالآخرين، وليس نفيهم. ويبقى السؤال المطروح علينا وعلى أطفالنا: هل قيم التسامح والتعايش الإنساني والثقافي والاعتراف بوجود الآخرين التي تبشر به القصة وتدعو إليها، والتي يؤمن بها الكاتبان، هي قيم ذات وزن عندما يتعلق الأمر بالإنسان العربي؟! وإلى أي مدى تلتزم بها دولهم ودعاة هذه القيم؟ ولماذا يمارَس في الواقع غير ما يدعون إليه؟ أزمة أخلاقية وثقافية تواجه الطفل الفلسطيني والمربي والمعلم ومؤسسات المجتمع المدني التي تتبنى ثقافة التسامح ونفي التعصب بكافة أشكاله، صراع بين ثقافتين، محلية ووافدة.

    § القصة السادسة: الأميرة ذات الرداء الورقي: الأبعاد النسوية والذكورية:
    قصة "الأميرة ذات الرداء الورقي" للكاتب روبرت منش، ونقلتها إلى العربية روز شوملي مصلح، أثارت في نفسي عدداً من التساؤلات، مع أن هذه القصة تنتمي إلى أدب الأطفال، إلا أنها غنية بالدلالات والأبعاد الاجتماعية والثقافية والجندرية، ولعل الأبرز في هذه التساؤلات هو: ماذا يحمل عنوان هذه القصة من أبعاد ودلالات؟
    إن العنوان هو الذي يؤسس للفكرة التي يتم بناء القصة عليها منذ البداية إلى النهاية، وهي كالآتي:
    - إن المرأة التي تتمحور حولها القصة هي أميرة وليست امرأة عادية، وغياب أو تغييب للشخصية المركزية الذكورية عن العنوان، وهو الأمير أو التنين، فالعنوان لا يحمل أية إشارة لا من قريب ولا من بعيد ـ كما جرت العادة عليها ـ وهي إسناد البطولة إلى الذكورة من خلال العنوان، حتى أن عنوان هذه القصة ليس عنواناً مشتركاً بين الأميرة والتنين أو الأمير.
    - يقدم روبرت منش الأميرة في واقعها الاجتماعي والثقافي بكلمات مكثفة مقتضبة بعيداً عن الإسهاب الممل، إلا أنها تفي بالغرض الوصفي وتتلاءم مع المخيلة الطفلية، فيقول:" إليزابيث أميرة جميلة، تعيش في قصر كبير، وتلبس ملابس غالية الثمن تليق بالأميرات، وكانت ستتزوج من أمير يدعى رونا لد". (130)
    لقد قدّم الكاتب من خلال هذا التوصيف عدة اتجاهات هي:
    - أن هناك أميرة تتمتع بقدر كبير من الجمال، وهذا الخط ينسجم مع عنوان القصة.
    - وأن هذه المرأة الأميرة تعيش في قصر وليس في مكان بائس، ويحدد هذا الخط الاتجاه الطبقي والبيئة الاجتماعية والثقافية للمرأة الأميرة في هذه القصة.
    - كما حدد المظهر البرّاني للأميرة والمتمثل في الملابس الغالية الثمن الذي تليق بالأميرات دون سواهن وهذا يتناقض مع العنوان وهو عنصر ينبغي استكشافه.
    § التنين رمز القوة والسيطرة:
    سرعان ما يبدد الكاتب أحلام الأميرة، إذ تصبح امرأة عادية مجردة من السمات البرانية للأميرات، وتفتقد المكان الذي يرمز إلى الطبقة الاجتماعية، وتخسر الممتلكات الشخصية، ويُختطف زوج المستقبل ليصبح في الأسر. "إذ دمر تنين قصر إليزابيث، وأحرق جميع ملابسها بأنفاسه اللاهبة وأخذ رونالد بعيداً". (131)
    إن فكرة اختطاف التنين للأمير رونالد تعد مفارقة أيضاً، ومتعارضة مع الموروث الثقافي والاجتماعي والقصصي الذي عادة ما يظهر في هذا الموروث؛ الفروسية الذكورية التي تخوض الأهوال وتقتحم الصعاب بحثاً عن الأنوثة المخطوفة لأجل إنقاذها وتوفير الحماية لها، لأنها مخلوق ضعيف بالمقارنة مع قوة الذكورة وسيطرتها.
    فالتنين هو الرمز الأسطوري الذي يحمل دلالات مكثفة للذكورة المتسلطة والمتعالية التي تمارس جميع أنواع البطش والقهر والتدمير والاضطهاد والهيمنة، لأنها تمتع بعناصر القوة الفيزيقية التي عززت الثقافة المجتمعية من توظيفها، والتي تجيز للذكورة ممارسة اضطهاد الآخر، فالذكورة الأسطورية الفردية تختطف الذكورة الإنسانية الفردية لإبراز الصراع الخفي بين عناصر القوة الذكورية، خصوصاً إذا علمنا أن الثقافة الذكورية الموروثة قد قدمت المرأة في صور مختلفة من الخوف والتردد وفقدان الإرادة والتي عادةً ما تكون مرتبطة بالذكورة المسؤولة عنها. "وأخيراً وصلت إليزابيث إلى كهف له باب ضخم، عليه مطرقة كبيرة، أمسكت إليزابيث بالمطرقة ودقت الباب... وقرعت ثانية.. .". (132)
    فالأميرة لديها إصرار كبير على مواجهة التنين على الرغم من قوته وبطشه، ولكن السؤال كيف ستواجه الأميرة التنين؟
    § الأميرة في مركز صنع القرار:
    إن اختيار الكاتب لامرأة أميرة ليس اعتباطاً، بل هو منبثق من طبيعة الثقافة المجتمعية. فالأميرة غالباً ما تكون في مركز صنع القرار واتخاذه، وهي تختلف عن سائر النساء العاديات أو العوام رجالاً ونساءً أيضاً، لذلك كان من السهل عليها أن تتخذ القرار وتتحدى الأعراف والتقاليد .. قال السارد: " ... ولكن الشيء الوحيد الذي نجا من الحريق كان كيساً من الورق"(133). ومع ذلك "قررت إليزابيث أن تطارد التنين وتعيد رونا لد، لبست الكيس الورقي ولحقت بالتنين". (134)
    فالمرأة الأميرة اتخذت قرارها بمطاردة التنين، لأنها في موقع يؤهلها لاتخاذ القرار، لذلك لم يُثنِها المظهر الخارجي عن المضي قدماً نحو تحقيق أهدافها؛ ولم تكترث بما سوف يقال عنها، وركزت جلّ اهتمامها على جوهرها الإنساني.
    § الإرادة والشجاعة عناصر القوة الأنثوية:
    لا شك أن الأميرة تمتع بإرادة عالية وشجاعة كبيرة، فلم تعرف الضعف أو الاستكانة أو القبول بالأمر الواقع، التي هي سمات ثقافية شعبية ملصقة بالمرأة، ولم تعرف الخوف أو التردد، بل عرفت الإصرار والإقدام دون الالتفات إلى النتائج، خصوصا إذا علمنا أن الثقافة الذكورية الموروثة قد قدمت المرأة في صور مختلفة من الخوف أو التردد وفقدان الإرادة.
    "وأخيراً وصلت إليزابيث إلى كهف له باب ضخم عليه مطرقة كبيرة، أمسكت إليزابيث بالمطرقة ودقت الباب، وقرعت ثانية". (135)
    § الذكاء المرأوي في مواجهة القوة الفيزيقية الذكري:
    لقد واجهت الأميرة بذكائها قوة التنين الفيزيقية وممارساته من بطش وتنكيل، وعملت من خلال توظيف أسئلتها الاستنكارية على استنزاف قوته وهدر طاقته بدلاً من المواجهة الجسدية، وسوف تخسر الأميرة حياتها في معادلة القوة الفيزيقية غير المتكافئة بينهما، وهذه دلالة أخرى تحملها القصة، وهي أنه بمقدور الإنسان أن يوظف قدراته العقلية في مواجهة التحديات والقوى المجتمعية؛ إذا توفرت لديه الإرادة والعزيمة والشجاعة، وتمتع بقدر من المسؤولية والاستقلالية وثقة بالنفس.
    § المقابلة وردود الأفعال:
    تمكنت إليزابيث أخيراً من استنزاف قوة التنين وطاقته الخارقة و "سارت فوق التنين تماماً، وفتحت الباب المؤدي إلى الكهف حيث كان الأمير رونالد وقال:" إنك في حال مخزية، رائحتك مثل الرماد، وشعرك مشعث، وتلبسين كيساً قذراً بالياً .. عودي عندما تكونين في ثياب أميرة حقيقية". (136)
    لم يتوجهَ الأمير رونالد بآيات الشكر والامتنان للأميرة إليزابيث، ولم يمجد العمل البطولي الذي قامت به. وهكذا نرى الأمير قد فقد توازنه؛ فانقضّ عليها بوابل من عبارات الاستنكار والإهانة والتحقير في محاولة منه لإخفاء عجزه الواضح أمامها، فراح يرثي حالتها الجديدة، إذ وجد في مظهرها المتواضع مساحة كافية لتحطيم كبريائها، وما أنجزته من أجله، بحيث تعود إلى ما كانت عليه حيث الجسد الجميل الذي تنبعث من أرجائه الروائح الذكية. من هنا ركز هجومه على مظهرها البرّاني وعلى جسدها الأنثوي فلم يرحب بها، فتتلقى الأميرة خطاب إهانة وإدانة نظير ما فعلته من أجل إنقاذه.
    ولهول الموقف ولفظاعة الكلمات التي تـفوّه بها الأمير رونالد لم تتمالك الأميرة نفسها، فردت عليه بقسوة وتحدٍّ غير معهود، وبالعبارات ذاتها التي تعبر عن مظهره البراني وعن جسده الذي تفوح منه رائحة الطيب، مع أنه واقع في الأسر، فكأنه قد قبل أن يعيش بذلّة مقابل أن يحافظ على هيئته ومظهره الخارجي وهندامه، فقالت له: "رونالد، ملابسك جميلة حقاً، وشعرك مرتب جداً، وأنت تبدو مثل أمير حقيقي، ولكنك شخص تافه، وهكذا لم يتزوج الاثنان". (137)
    من الواضح أن الموقف الذكوري من الأنوثة ذات الموقف البطولي فيه حالة من الثبات وعدم التحول، في حين أن الموقف "المرأوي" قد أصبح أكثر تحرراً وثورية وتطوراً ورفضاً للصورة النمطية التي رسمتها الذكورة لها. فالأمير ظل ينظر إلى الأميرة نظرة جمالية فيزيقية محضة، لم تتجاوز حدود الجسد، وما يكسوه من ملابس تزيده جاذبية، لذا لم يكن بمقدور الأمير أن يتطلع إلى ما هو أبعد من ذلك، أما موقف الأميرة من جسدها وملابسها فقد تغير تبعاً لتغير الظروف والمستجدات، لذلك صعدت من جوهرها الأنثوي، فأعلت صور العقل لتسمو بعقلها الأنثوي على جسدها الأنثوي، ففجرت ما لديها من طاقات الإرادة والشجاعة والقدرة على اتخاذ القرار، غير مكترثة بمظهرها الخارجي الذي يجعلها حلية لإمتاع الذكورة وشيئاً جميلاً لإرضاء غروره، وهذا مخالف لدورها التاريخي والتقليدي الذي حددته الثقافة الذكورية في الإمتاع والإنجاب وتقديم الخدمات ولتحقيق كل ما يرضي الرغبات والاحتياجات الذكورية، من هنا نكتشف لماذا أصر رونالد على إليزابيث لكي تعود إلى سجنها التقليدي الأنثوي حتى يتمكن من السيطرة على عليها، وليحدّ من ثوريتها وتحررها الذي تصدت به إليزابيث بشجاعة أنهت مستقبل علاقتها به لأنها صاحبة قرار، ولأنها أقصت بقوة الصورة العاطفية والانفعالية المرسومة عنها وأثبت أنها ليست ظلاًّ لرونالد.



    § القسم الثاني: القيم الإنسانية في أدب الأطفال:
    ويمكننا تقسيمه إلى أدبين: أدب الكبار الموجه للأطفال والأدب المنتج من الأطفال. وبالتالي البحث عن قيم العولمة سيكون مختلفا بعض الشيْ في كلا النوعين.
    أ- القيم الإنسانية في أدب الكبار الموجه للأطفال
    القصة الأولى: أذن سوداء...أذن شقراء
    تعالج قصة خالد جمعة والتي تحمل عنوان (أذن سوداء...أذن شقراء)، الفلسطينية الموجهة للأطفال والصادرة عن مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي، ما يلي:
    أ‌- التمييز بين الناس على أساس اللون
    ب‌- موقف الآخر من هذا التمييز، والصراع معه، وعدم الإنصات له، وفتح باب الحوار على خلفية التمييز
    ت‌- القبول من لدن الأذن السوداء والأذن الشقراء باللون الثالث، أي القبول المبدئي بالألوان الأخرى على أساس أنها تنتمي إلى الجنس نفسه "القطط"
    ث‌- استبدال الآذان، هو خلع للألوان من أجل الاستعداد العملي لقبول كل الألوان والذي يقتضي الإنصات للآخر والاستماع إليه وليس نفيه أو تهميشه وليس الصراع معه، بل توطئة للحوار معه.
    القصة رمزية تشير إلى ثقافة التمييز السائدة بين بني البشر على أساس العرق أو اللون أو اللغة، فالعنصر الرمزي المفتاح للحد من ثقافة التمييز بين الأطفال هو القطط والعنصر الاستعاري المكني هو الأذن، بهدف تكثيف الدلالة واستيعاب الرمز.
    يحكي السارد الفكرة الجغرافية التي انقسم على أساسها مجتمع القطط في قريتهم وهما الأساس الجغرافي واللوني، ويتم تداول السلطة والحكم لفترتين بين قائدي القطط، على هذين الأسّين "كان في وسط القرية نهر جار يقسم القرية إلى قسمين، وكانت القطط السوداء تعيش في جانب من النهر، والقطط الشقراء تعيش في الجانب الآخر.... وكان يتناوب على حكم القرية قطان، قط أسود يستمر حكمه طوال أشهر الصيف والخريف، وقط أشقر يحكم القرية في الشتاء والربيع". (138)
    فعلى الرغم من وجود جسر يربط بين المنطقتين إلا أنه لم يستطع أن يُقِم علاقات التواصل بين مجموعتَي القطط، نظراً للهوّة بينهما، والتفرقة القائمة على أساس اللون "وكان هناك جسر خشبي يصل بين ضفتي النهر، لكن القطط ما كانت لتستعمل هذا الجسر لأن العلاقات بينها لم تكن حسنة". (139)
    فثقافة حُسن الجوار مفقودة، إلاّ أن ميلاد قط رمادي غيّر الرأي العام وقلب مزاج القطط السوداء والقطط الشقراء، وكأنهم يبحثون عن عنصر ثالث يجمع بين الفريقين "وذات يوم وضعت قطة شقراء قطاً رمادياً كان لونه جميلاً؛ ولا يشبه أي قط في القرية، أصبح القط الصغير موضع إعجاب جميع القطط في القرية". (140)
    فالقط الرمادي والجسر الخشبي هما علامتا التواصل الجغرافي والعرقي بين ضفّتَي النهر لقرية القطط "صار القط الرمادي يتنقل فوق الجسر الخشبي كل يوم، ليلعب مع أصدقائه على جانبي النهر، وصار ينام عند القطط السوداء أحياناً أخرى". (141)
    أصبح القط الرمادي مفتاح حل الأزمة المستفحلة بين القطط السوداء والقطط الشقراء، وتتضح هذه الصورة عند التفكير في اختيار حاكميَن جديدين بدلاً من القطين الأسود والأشقر .. "وفي يوم من الأيام، وعندما جاء وقت استبدال الحكام، قررت القطط جميعها بأن عليها اختيار حاكمين جديدين... لماذا لا نجعل القط الرمادي حاكماً للقرية. قالت إحدى القطط الصغيرة: "نعم لِمَ لا؟" .. قالت قطة أخرى... نعم... نعم قالت القطط جميعها، وهكذا أصبح القط الرمادي حاكماً للقرية". (142)
    يعالج السارد في هذا الموقف مشكلة اللون وكيفية تخطيها، وكذلك يطرح قضية اختيار الحاكم، والتي تمّتْ على أساس التشاور والاستماع إلى الآراء والحصول على الموافقة بالإجماع، بقصد إبراز الاختيار الديمقراطي لقرية القطط المنقسمة على نفسها. لم يلبث السِّلم الأهلي أن تدهور "بعد عراك طويل بين الطرفين". (143)
    حيث توجهوا جميعا إلى الحاكم القط الرمادي ليحكم بينهم "ماذا جرى؟ ما هي مشكلتكم؟ بدأت القطط بالكلام، وصار الجميع يتحدثون بصوت عال في وقت واحد... اصمتوا جميعاً .. قال القط الرمادي، فأنا لا أستطيع الاستماع إليكم وأنتم تتكلمون في وقت واحد، ولكن القطط لم تسمع ولم تسكت... لقد أمر كل قط أن ينزع أذنيه ويضعها في سلة كبيرة". (144)
    نلاحظ مدى انعدام لغة الحوار وعدم الإنصات للآخر، فالكل يصرخ والكل يتحدث بصوت مرتفع، نظراً لعدم تقبل الواحد للآخر. وحتى تستمع القطط لبعضها البعض لابد من تبادل ثقافي ومعرفي، ولا بد من التنازل عن اللون أساس التمييز. ولما عادت القطط مقطعة الآذان.. "جلست بهدوء بانتظار قرار الحاكم... لكنه قام بحيلة صغيرة، فقد أعطى الآذان السوداء للقطط الشقراء والآذان الشقراء للقطط السوداء. وقال: أظن أنكم تسمعونني جيداً الآن، وعندما يستمع كل واحد منكم لما يقوله الآخر لن تكون هناك مشاكل، وسيعيش الجميع بسعادة". (145)
    فالكاتب عالج مشكلة التمييز على أساس اللون بممارسة طقس عنفي، وهو نزع الآذان بما يستتبع هذا النزع من دماء وآلام، ولم يقدم أسلوباً أكثر جاذبية حتى للأطفال، مثل أن يكلف كل فريق بتلوين آذنه بلون الفريق الثاني، ليكتشف كل فريق أن اللون لا يغير الجوهر الإنساني والجوهر البشري.
    § القصة الثانية: سوا سوا:
    تكشف قصة "سوا سوا" للكاتبة روز شوملي،والصادرة عن مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي، عن الصورة النمطية للمرأة في الثقافة والسلوك اليومي لأفراد المجتمع، إذ "يعتبر التمييز ضد المرأة إحدى القيم التي تم توارثها في المجتمع الفلسطيني، كغيره من المجتمعات عبر الأجيال. وهو ثمرة لثقافة مكتسبة ناتجة عن تضافر عدة عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية، تعتمد بالأساس على التنشئة الاجتماعية المرتبطة ارتباطاً دينامياً بالعملية التعليمية، سواءً النظامية منها أو غير النظامية. بمعنى أن مؤسسات التنشئة الاجتماعية ممثلة بالأسرة والمدرسة والعمل ووسائل الإعلام والمؤسسات الثقافية في المجتمع الفلسطيني، ما زالت تلعب دوراً أساسياً في تعزيز هذا المحتوى". (146)
    لذلك، تقوم الكاتبة بمعالجة هذه الصورة من خلال إحداث تغيير في الوعي المصحوب بالممارسة داخل الأسرة، بقصد خلق ثقافة جندرية (النوع الاجتماعي) لتكريس مبدأ "المساواة وعدم التمييز في التمتع بالحقوق والحريات الأساسية على أساس العنصر، أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي أو الأصل الوطني أو الثروة أو المولد أو أي وضع آخر" (147)، بهدف تعزيز حقوق المرأة والقضاء على أشكال التمييز ضدها في العمل واللعب والحرية الشخصية... إلخ. لذلك تطرح الساردة مشكلة النظرة الثقافية والاجتماعية الذكرية للإناث من خلال الحوار بين فارس وأصحابه، قال أشرف:" إذا كانت الحفلة غداً، لم العجلة"؟ أجاب فارس: "أريد أن أعود إلى البيت. ضحك سامي، وقال: "الصبيان يمكنهم البقاء خارج البيت". قال رامي: "لا تقل لي أنك تساعد في أعمال البيت. ضحك أشرف وقال: "البنات فقط يعملن في البيت". (148)
    في هذا الحوار سجلت الساردة واقعين للمرأة، الواقع الأول: البقاء في المنزل وعدم مغادرته، والواقع الثاني: موضوع الأعمال المنزلية، والذي أضحى اختصاصاً أنثوياً. ثم تنتقل الساردة لطرح فكرة الاختلاط من خلال عرضها لمشكلة اللعب مع البنات: "قال سامي مظهرا الدهشة، تلعب مع البنات. فكر فارس: "لماذا لا يجب أن ألعب مع البنات، لم يخطر أبداً ببالي أن هناك أعمالاً للبنات لا يقوم بها الأولاد". (149)
    وكاد فارس أن يتراجع عن مساعدة أمه في أعمال البيت لولا أن انتصرت الساردة لفكرة الجندر عبر شخصية الزوج الواعية والناضجة والمستهدفة من الخطاب الجندري: "فكر فارس، إذا كان العمل في المطبخ عيباً للصبيان، فلماذا يحضّر أبي السَّلطة". (150)
    فالسرد جاء على شكل دعوة للذكور الأبناء والآباء والأزواج "إلى الابتعاد عن النمطية في الأدوار المعطاة للرجل والمرأة". (151)
    ¡ القصة الثالثة: قصتان عن البيئة (الأوراق السعيدة، بيئة جميلة حياة جميلة):
    يحاول فرج التايه في هاتين القصتين، الصادرتين عن مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي، بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، عام 2002م؛ تناول قيمة جديدة على المجتمع الفلسطيني، وعلى أدبياته وخصوصاً على أدب الأطفال، وهي الكشف عن أهمية البيئة في حياة هذا المجتمع. ولكن كيف عالج قضية البيئة في قصتيه؟!
    1- قصة الأوراق السعيدة: ففي هذه القصة يكشف الكاتب عن ظاهرة قطع الأشجار بشكل عام تاركاً للمخيلة الطفلية استحضار القطاع المستهدف من لدن الشركات التي تمارس هذا النوع من التجارة، تجارة الأخشاب، ولكن سرعان ما يحاول الطفل الفلسطيني أن يعقد مقاربة بين ما قرأه وبين محيطه البيئي، فيكتشف أن مثل هذه البيئة غير موجودة في بلده، "جاءت الشاحنات والجرافات وهي تحمل البشر وبصحبتهم المناشير، وانتشروا في الغابة كالجراد .. لم يرحموا أمي (الشجرة)، ولم يشفقوا على عائلتي...قطعوا، قطعوا، وقطعوا، وقطعوا". (152)
    لم يخلق الكاتب في سرده مساحات لوصف الضرر الناجم عن قطع الأشجار على البيئة، بشكل عام وعن النباتات والطيور والحيوانات والكائنات الحية، فهرب باتجاه مشكلة القراءة بعد أن تحول لبّ هذه الأشجار إلى ورق .. "كنت حينها ما زلت لُبّاً صغيراً في جوف أمي، وما وعيت على الدنيا إلا بعدما حوّلنا المصنع إلى ورق أبيض". (153)
    ثم يلتفت الكاتب إلى أهمية الشمس والنور للأشجار والحيوانات، من خلال تكنيك فلاش باك (Flash Bag)؛ طرح معاناة اللب المتحول إلى ورق "احتفظ بنا المصنع في مخزن ضيق ومظلم كرهته كثيراً؛ لأنني أحب الشمس والنور مثل كل الأشجار والحيوانات. كنت في رزمة كبيرة مع أوراق لا أعرفها، وكنا نشعر بالوحدة...". (154)
    ويتابع السارد تكرار فكرته السابقة الذكر، وبعضاً من مفرداته للكشف عن الحالة المعيشية السابقة للأوراق السعيدة قبل قطع أمها الشجرة "وفي المخزن تحدثت مع أصدقائي الجدد عن الطبيعة الخلابة، والغابات التي جئنا منها، وعن دفء الشمس، ورقة الحيوانات". (155)
    وقد سبق للسارد وأن أشار في بداية السرد إلى ذلك المشهد فقال: "السناجب الوديعة تتسلق أغصانهم، والطيور الجميلة تبني أعشاشها فيها، والشمس تبعث دفئها في الجميع بحنان". (156)
    يترك السارد قضايا البيئة ومفاهيمها وقيمها وكيفية المحافظة عليها انطلاقاً من الضرورة ومن الاحتياج وكذلك للمتعة الجمالية والترفيهية، ليطرح قضية القراءة "إلى أين ينقلوننا يا ترى؟ لم يجبني أحد، لكنني بعد ذلك سمعت العمال يتحدثون عن المطبعة. ترى هل سيكون نصيبي قصة جميلة وصوراً بألوان زاهية؟ كم هو رائع أن أصبح قصة ملونة للأطفال...". (157)
    وهنا نلمس بعداً آخر، وهو تقبل لب الشجرة التي قطعت أمها على يد الإنسان فكرة التحول إلى ورق لخدمة الإنسان، وعلى وجه التحديد إلى قصص وصور ملونة للأطفال، وهذا يشي بفكرة تقبل قطع الأشجار خدمة لهذا الغرض، لأن الكاتب لم يولِ عناية كبيرة بأهمية زراعة الشجيرات في المكان الذي تم فيه قطع الأشجار، وأن هناك أمكنة يحظر قطع الأشجار فيها لأنها محميات طبيعية.
    ويمضي السارد في طرح المراحل التي مرت بها الأوراق السعيدة مرحلة، مرحلة ليصل إلى مرحلة الطباعة، "في المطبعة أخذ العمال يصنعون منا القصص، ثم أخذوا يثبتون الأوراق مع بعضها البعض بالصمغ والدبابيس". (158)
    ثم يتنقل إلى عملية التوزيع "وفي النهاية وزعونا على المكتبات" (159)، وهكذا يمسك السارد بعنان المخيلة الطفلية ويوجهها باتجاه الضرورة ومقتضى الحال اللذين استوجبا قطع الأشجار. ويواصل السارد طرح القضايا بشكل متسلسل ليصل إلى مشكلة الإقبال على شراء الكتب، "في المكتبة أخذت انتظر الطفل الذي سيشتري القصة لكن انتظاري طال، وبدأ الغبار يغزو الرف إلى أن اتسخت"(160)، فيشير السارد من خلال طرح مشكلة شراء الكتب إلى مشكلة الإهمال وعدم النظافة، ولكنها تأتي في سياق ثانوي نظراً لتكديسها في المكتبات مع أن عنوان القصة (قصتان عن البيئة).
    ومن ثم ينتقل بنا السارد إلى عالم اتساخ القصص والكتب في المكتبات بعد انتقال إحدى القصص إلى منزل أحد الأطفال، ليظهر إهمال الأطفال لهذه القصص وممارسة نوع من عدم النظافة والترتيب وعدم الاهتمام والاكتراث بالكتاب، "عندما وصلنا إلى البيت، قرأني، وفي المساء أراني لأصدقائه، لكنه بعد أيام ملّني وبدأ يكتب خربشات علي، ثم مزق الكتاب ورماني، فعدت وحيدة حزينة تنقلني الريح أينما تشاء". (161)
    ولم ينتهِ المشهد هنا، فاللب .. الورقة .. القصة ... مرمية على الرصيف ملتصقة بفعل المطر، خارج دائرة الاهتمام البشري وهذا منطقي لقصة مرمية على رفوف المكتبات، والتي اتنقلت على منزل بالصدفة، ها هي تعاد للمنزل من لدن طفل "لم يهتم الناس بي في الشارع...بدأ المطر بالتساقط، فابتللت والتصقت بالأرض... جاء صبي... وحين رآني توقف وانتشلني من الماء ... راكضاً إلى المنزل، وهناك وضعني إلى جانب المدفأة حتى جفت المياه عني... جاء الصبي بدفتر كبير وألصقني عليه بحنان... ومنذ ذلك اليوم صرنا أوراقاً سعيدة تنعم بالحب والحنان". (162)
    إن القارئ لهذه القصة يجدها فيها معالجة تلامسية للبيئة وقضاياها، لأنها تطرقت بشكل سريع ودون إعطاء الفكرة حقها إلى القضايا التالية:
    - إظهار حجم الفعل البشري لقطع الأشجار من خلال الإشارة إلى المناشير والجرافات والشاحنات.
    - ظاهرة قطع الأشجار ولكن بُعدها السلبي غير واضح للطفل.
    - تحول قيمة القطع من البعد السلبي إلى الايجابي، لأن لب الأشجار سيتحول إلى ورق يستفيد منه الإنسان.
    - الإشارة إلى الدفء والنور والشمس والحيوانات الجميلة عبر إظهار الضد المتمثل في المخزن المعتم والمظلم.
    - إبراز عدم النظافة والإهمال والتمزيق والخربشة على الكتب دون إظهار الضد .. النظافة والترتيب والمحافظة على الكتاب كمقدمة تعليمية وتربوية للمحافظة على الممتلكات والمحافظة على البيئة.
    فالكاتب قد انشغل في توزيع المسرود إلى مراحل في البناء السردي للحكاية، لذلك تضمنت القصة المراحل التالية:
    - مرحلة قطع الأشجار.
    - مرحلة التحول إلى ورق.
    - مرحلة التخزين.
    - مرحلة الطباعة.
    - مرحلة التوزيع على المكتبات.
    - مرحلة الركود بسبب عدم إقبال الناس على شراء الكتب.
    - مرحلة الإهمال، وهي مرحلة مستمرة منذ الرحلة التي قطعها لب الشجرة الأم والتي قطعت على يد الإنسان.
    وهذه المراحل المتسلسلة تقود إلى تراجع متسلسل في فعل القراءة داخل المجتمع الفلسطيني، وإلى عدم اهتمام الفلسطيني بالكتاب شراء وقراءة وعناية. وفي النهاية تعالج القصة مشاكل متعددة وقطع الأشجار وما تبع ذلك هي العناصر الأساسية التي اتكأ عليها الكاتب لطرح المشاكل دون الحديث عن البيئة.
    ¡ قصة بيئة جميلة، حياة جميلة:
    يعالج الكاتب قضية البيئة من من منظور الحكم الظالم والحكم الصالح؛ موظفاً الشكل الفني الكلاسيكي في البناء الحكائي والمعتمدة غالبا على مقدمة:"كان يا ما كان في قديم الزمان وسالف العصر والأوان ملك... أو ما شابه ذلك".. فالكاتب اختار مبدوء السرد بقوله:"في قديم الزمان كان هناك قرية"(163)، مع أن الاهتمام بالبيئة يعد من الحقوق والقيم المعولمة المعاصرة، وإن كانت هناك إشارات عن الاهتمام بالبيئة في الأدب القديم وحكايات الأطفال، ولكن الذروة وصلت مع رياح العولمة.
    ¡ الحاكم العادل والبيئة:
    يكشف الكاتب عن صورة القرية في مظهرها النظيف في ظل وجود حاكم محبوب، "وكانت هذه القرية هادئة ونظيفة، جوّها معتدل وهواؤها نظيف، وشمسها ذهبية جميلة ومشرقة. وكان حاكم هذه القرية يحب الناس وهم يحبونه". (164)
    نلاحظ هنا أن الكاتب قد سرد جماليات البيئة (القرية) الطبيعية أكثر من سرده لجماليات القرية الناجمة عن الفعل البشري، والذي خصص مساحات واسعة للاهتمام بالبيئة، فلم يربط الكاتب بين محبة الناس للحاكم على أساس العناية بالبيئة وتوفير مساحات خضراء للاستجمام واللعب...إلخ.
    ¡ الحاكم الظالم:
    يقدم الكاتب صورة لحاكم ظالم يقوم باستبدال الوجه النظيف للقرية بالقذارة، ومن خلال عملية الهدم التي قام الحاكم الظالم بها تتضح صورة الحاكم الصالح، إذ أنه "ألغى وظيفة عمال النظافة ونقل حاويات القمامة من القـرية إلى البلـدات المجاورة، وهدم المستشفيات وبنى بدلا منها قصوراً". (165)
    يضعنا الكاتب أم مشهد غير قابل للتخييل؛ لأنه يزاوج بين استعمالات حديثة للنظافة، وهي الحاويات والقيام بنقلها؛ بدلاً من إتلافها إلى قرى مجاورة، من أجل أن تستفيد منها، فأي منطق للسرد والحكي في هذا البناء الحكائي، لأن من يمتلك ثقافة بناء القصور يكون ممتلكاً بالضرورة لثقافة النظافة والاهتمام بالبيئة.
    فالهدف من عملية النقل لحاويات النفايات والقمامة هو دفع الناس لإلقائها في الشوارع؛ بحيث تنتشر الأوبئة والأمراض، ولم يتطرق الكاتب إلى ردة فعل الناس عن هذا الموقف من نقل الحاويات إلى القرى المجاورة، ولم يقدم المجتمع المدني ـ الذي اعتادَ على وضع نفايته في الحاويات ـ كمجتمع مبادر يعالج مشاكله البيئية من خلال التصدي لمثل هذه الإجراءات. ولكن الكاتب يصرّ على تكريس الفكر الفردي والحكم الفردي والممارسة الفردية في الحكم لاغياً دور المجتمع، دون أن يشير إلى المسؤولية الفردية والجماعية والمؤسسية في الحفاظ على البيئة. من هنا أخذ الناس "يلقون بها..."بالقمامة" على الأرض. ومرض بعض الناس... وأصيب الحاكم الجبار بمرض شديد" (166)، الأمر الذي يتطلب طبيباً؛ فالمستشفيات قد هدمها لبيني قصوراً، فتم استدعاء طبيب من خارج القرية ليقول للحاكم: إنّ "سبب مرضك هو القرية التي تعيش فيها، فقد كانت قرية جميلة نظيفة، والآن شوارعها قذرة وهواؤها ملوث وشكلها قبيح، هذا هو سبب مرضك" (167). فما كان من الحاكم إلا أن "أعاد بناء المستشفيات وأرجع كل عمال النظافة، وأعاد كل حاويات القمامة إلى مكانها". (168)
    ب_ القيم الإنسانية في أدب الأطفال:
    تعتمد قيم العولمة الإنسانية ذات البعد الايجابي على منظومة حقوق الإنسان، والتي غالباً ما نتحدث عنها، فما هي حقوق الإنسان؟!! "إنها الحقوق المتأصلة في طبيعتها، ولا يتسنى بغيرها أن نعيش عيشة البشر، تلك الحقوق التي تكفل لنا كامل إمكانيات تنمية واستثمار ما نتمتع به من صفات بشرية، وما وهبناه من ذكاء ومواهب وضمير، من أجل تلبية احتياجاتنا الروحية وغير الروحية". (169)
    وهناك من يرى بأن حقوق الإنسان هي "جملة القواعد والمبادئ القانونية الدولية، التي قبلت بموجبها الدول الالتزام القانوني والأخـلاقي بالعـمل على تعزيز وحماية حقوق الإنسان والشعوب وحريتهما الأساسية". (170)
    وأما التعريف الآخر لحقوق الإنسان فهو: "مجموعة من القواعد والمبادئ الدولية، التي تكفل لجميع الأفراد والشعوب التمتع بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وبالحقوق المدنية والسياسية، وتهدف بصورة مباشرة إلى تحقيق رفاهيتهم". (171)
    فالتعريف الأخير يتضمن العناصر المكونة لمفهوم حقوق الإنسان، وهي:"
    1. يعبر عن التزامات دولية في مجال حقوق الإنسان والشعوب.
    2. يستهدف حماي الكائن البشري واحترام ذاته وسلامته.
    3. يكفل رفاهية الأفراد والشعوب.
    5- يرسي علاقات سلمية بين الدول.
    6- يدمج الأفراد والشعوب في الجماعة الدولية". (172)
    وهذا يقدّم لنا "أهم وظيفة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛ وهي توفير وثيقة تحدد هذه الحقوق في إطار متكامل، وتوفر الإمكانية للابتعاد عن استخدام التعابير العامة لحقوق الإنسان؛ والتي تحتمل التأويل والتفسيرات المتناقضة، كأن يدافع أحد عن حق من حقوق الإنسان؛ وفي الوقت نفسه يبرر انتهاكه لحق آخر معللاً ذلك بأنه ليس حقاً من حقوق الإنسان". (173)
    ومن أبرز الوظائف التي يؤديها قانون حقوق الإنسان "وجود قواعد تكفل تدابير حماية حقوق معينة من حقوق الإنسان والحريات الأساسية، كتدابير حماية حق الفرد في الحياة، وفي الحرية، وفي الأمان على شخصه، وتدابير إبطال الرق والممارسات الشبيهة بالرق، وتدابير تحريم بعض أشكال السخرة والعمل القسري، وتدابير ضمان الحماية الكافية للجميع من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أواللانسانية أو المهينة، وتدابير حماية جميع الأشخاص والاعتقال والاحتجاز التعسفيين، وتدابير تعزيز المساواة في تطبيق العدالة، والتدابير المتعلقة بحق كل فرد في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده، وفي العودة إلى بلده،....". (174)
    ولكننا في الحالة الفلسطينية نعاني من ازدواجية المعايير أثناء التطبيق للانتهاكات، فما هي انتهاكات حقوق الإنسان؟ "هي قيام فرد ما أو جماعة بتعطيل ممارسة الآخرين لحق من حقوقهم". (175).
    ويقسم عماد عمر الانتهاكات إلى قسمين هما:"
    أ- الفعل واللافعل في انتهاكات حقوق الإنسان:
    وهي أن يسكت المسئولون عن حدوث التعذيب برغم علمهم به، أو لأنهم تكاسلوا عن وضع نظام للرقابة يكشف حالات التعذيب ويتعامل معها. فمثلاً في (حق الحياة) يجب على الحكومات أن تحمي هذا الحق من خلال القانون، فإذا تقاعست الحكومة عن إيجاد قانون يحقق هــذا الأمـر تكون قد انتهـكت حقوق الإنسان". (176)
    "ب- الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان:
    "هي تكرار الانتهاك بشكل واضح وعالي من حيث العدد، ويعطي مؤشراً على أن هناك منهجاً يسمح بحدوث هذه الانتهاكات، أو أنه لابد من تحديد معالم هذا المنهج والتصدي له". (177)
    استعرضنا فيما تقدم قيم العولمة في أدب الأطفال المترجم إلى اللغة العربية؛ وخصوصاً القيم الديمقراطية، وكذلك أدب الكبار الموجه للأطفال. وفي هذا القسم سنتطرق إلى كتابات الأطفال وإلى قصصهم وحكاياتهم مع قيم العولمة وخصوصاً حقوق الإنسان، فالطفل يسرد لنا هذه الحقوق المنتهكة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، فكيف يمكن أن نُربّيه على هذه القيم وعدم انتهاكها؟ وكيف يمكن إعادة تأهيل إيمانه بهذه القيم؟ وكيف يمكن أن نقنعه لاحقاً بهذه القيم الغربية؟ إن قصص الأطفال تعكس مأزقاً أخلاقياً وتربوياً، لأنها تستبطن الوعي واللاوعي على شكل تناقض حاد، فالطفل الفلسطيني يتحدث عن هذه القيم في سياقين:
    الأول: السياق الواعي والمدرك والمتعلم لهذه الحقوق المنتهكة.
    والثاني: السياق الفطري والطبيعي لهذه الحقوق. فما هي الحقوق والقيم المنتهكة كما سجلها الأطفال في قصصهم؟
    ¡ حق حرية الحركة والتنقل للإنسان والبضائع بالحواجز:
    الإجراء الإسرائيلي المتضاد مع هذا الحق هو منع ذلك بإقامة الحواجز الثابتة والمتحركة والطيارة، وإقامة السواتر التربية على مداخل القرى وتشييد البوابات الضخمة، بقصد الحد من ممارسة الفلسطينيين لحقهم في حرية الحركة والتنقل.
    ¡ الحــاجز....؟
    في الوقت الذي تحد فيه العولمة الاقتصاد من شأن الحدود السياسية والجغرافية وحتى الطبيعية، من أجل ضمان انسياب رأس المال والبضائع والمعلومات وسائر أشكال الثقافة الاستهلاكية في شقيها المادي والمعنوي، تقوم إسرائيل بإقامة الحواجز بين المدن والقرى والمخيمات وتحويل الكيان الفلسطينيين إلى باستونات.
    اتخذ عدد من قصص الأطفال من الحاجز والحواجز عناوين لها، بدليل أن الحاجز العسكري الإسرائيلي أصبح حالة تتسم بالدوام في حياة الأطفال، ويكبرون ويكبر معهم الحاجز ويتعاظم الإحساس بالظلم والقهر والألم.
    ¡ قصة( طفولة على الحواجز):
    ففي قصة (طفولة على الحواجز) للطفلة آلاء نزار حسن، نجد الساردة قد حرصت على وصف معاناة الطفل الفلسطيني على هذه الحواجز، بعد أن تحولت إلى مركز تجارة شعبية ما دفع الطفل الفلسطيني بالبحث عن لقمة العيش المخبوز بالحديد والنار والدم على الحواجز .. "ذهب أحمد مع صاحبه إلى الحاجز، كان صاحبه قد أخبره أنه يبيع المرطبات على الحاجز للناس الذين يجبرهم الجنود الإسرائيليون على الانتظار لساعات تحت الشمس قبل أن يعيروا .... ذهب أحمد في الصباح مع صاحبه دون أن يخبر أمه... تمنى أن تصير عشرة شواقل هذا اليوم... "ولكن " سمع صوت إطلاق نار .. خاف .. لكنه ظن أن النار بعيدة .. فجأة رأى يدَيْ السائق ذي العضلات تترك المقود... اكتشف أن الرصاص قد ثقب زجاج الشاحنة الأمامي، وأن صدر السائق ينزف دماً... ومن غير أن يدري قفز .. لكن الشاحنة انقلبت في هذه اللحظة .. انقلبت الشاحنة الثقيلة فوق جسده". (178)
    ¡ قصة حواجز حوجز:
    أما الطفلة إسراء العمارنة فقد جاءت قصتها تحت عنوان "حواجز..حواجز"؛ لتسرد رحلة العذاب إلى الحاجز، وعليه تتقول: "نزلت من الحافلة، ونزل الركاب، كانت الشمس تأكل أجسادنا، وتصيبنا بالألم، وكنت أشعر أن رأسي يسيح بفعل الحرارة، هناك على الطريق كانت تجثو أكياس من الرمال، لا، بل، أكوام من الهموم، من الذل، تتراكم في منتصف الطريق على بعد لا يتجاوز الأمتار .. كانت آلة الموت تترقب فريستها لهذا المساء، فالجندي متعكر المزاج، إذ لم يجد حجة لقتل أحد هذا اليوم. كيف سيغمض عينيه قبل أن يرضي غروره بصيد دسم... كنتُ لا أزال أخطو على الرمال المبتلة متجهة نحو الشاطئ حتى أعبر حاجز الموت .. أكسب حياتي مع قليل من الذل أفضل من أن أفقدها ويقولون إنني شجاعة ..
    وتنطلق السيارة تاركة مجمع الذل يندب حظه ويمارس هوايته اليومية في الذل والموت... توقفت السيارة والناس يهرولون في كل الاتجاهات، كانت الطلقة الأولى أسرع من كل الكلمات، أصابت العجوز التي بجانبي، تسافر طلقة أخرى لتستقر في رأس الطفلة المسكينة على الشاطئ... حاولت أن أبكي لكنني أدركت أنني سأعود غدا صباحاً إلى نفس المكان، لذلك قررت أن أؤجل الدموع لقمر آخر". (179)
    ¡ رحلة عبر البوابة التي لا تفتح:
    ولكن الحاجز يتحول إلى معبر دائم، فتسجل ولاء شبيطة في قصتها "رحلة عبر البوابة التي لا تفتح" حكاية السكان الفلسطينيين من خلال رسم معاناتها وأسرتها الشاقة والمضنية للعبور من البوابة فتقول: "... وسرنا إلى أن وصلنا إليه، ووقفنا عند بوابة ضخمة وجدنا حاجزاً فيه عدد من الجنود، فقاموا بتفتيشنا وتفتيش ما نحمل ثم أمرونا بالانتظار، فاضطررنا للجلوس تحت أشعة الشمس الحارقة، كانت الساعة تقارب الواحدة ظهراً. حاول والدي التحدث إلى الجنود إلا أنهم رفضوا الإصغاء إليه... فبقينا هناك حتى الثالثة ثم الرابعة، فالخامسة. شعر أخوتي بالجوع، وأخذ الصغير يبكي ويبكي وأمي تحاول إسكاته دون جدوى ... وجدّتي ما عادت تستطيع الاحتمال أكثر من ذلك تحت أشعة الشمس، وعند الخامسة والنصف فُتحت البوابة أخيراً، التي ظننت أنها لن تفتح ..". (180)
    وهكذا يتحول الحاجز في الذاكرة الجمعية الفلسطينية إلى النقيض المتضاد حقه في حرية التنقل والحركة والسفر، ويصبح الحاجز معادلاً موضوعياً لذاك الحق الإنساني في حرية الحركة والتنقل، ويصبح أيضاً رمزاً من رموز الاحتلال الممتلئ بعناصر الإذلال والقهر والقتل والشبح والممارسات الحاطة بالكرامة الإنسانية.
    ¡ الثانية: البيئة وحقوق أخرى:
    اللافت للانتباه في هذه الكتابات هو اهتمام الأطفال بالبيئة من خلال الحكي عن شجرة الزيتون وغيرها من الأشجار، ولكن شجرة الزيتون شكلت حضوراً في البعد البيئي بشكل واعٍ وحضور غيره من الأبعاد الوطنية الإنسانية والتاريخية، نظراً لما تحمله شجرة الزيتون من عناصر مضمرة في جوانبها الممتدة والمعمرة على مر سنين، ما يجعلها ذات أهمية رمزية. ومع استمرار الاحتلال في سياسة الاقتلاع (قطع، حرق، إتلاف) لها أضحت رمزاً من رموز الشعب الفلسطيني الذي يرمز للتمسك بالأرض والوطن وللتواصل مع الجذور التاريخية..إلخ. وسنتطرق إلى قصص ثلاث كتبها الأطفال، هي:
    ¡ القصة الأولى: أنين شجرة الزيتون:
    تُعدّ هذه القصة عملاً جماعياً ساهم في كتابته عدد من طالبات الصف السادس، ويبدو أن هذه القصة تدخل في سياق الأنشطة اللامنهجية من أجل تعزيز ثقافة حقوق الإنسان في مجال البيئة. فالساردات يقصصن حكايتهن مع شجرة الزيتون التي تئن حزناً وكمداً على غيرها من الأشجار المدمرة، "انتظرنا فإذا الأنين يصدر من شجرة زيتون حزينة، سمعناها تقول: يا الهي ما أقسى الإنسان، إن قلبه لا يعرف الرحمة ولا الشفقة .. اقتربنا منها وقلنا لها: ما الذي أصابك؟ قالت: ما أشد ظلم الإسرائيليين وجبروتهم على الشجر والحجر والحيوان والإنسان. قلت لها: أنت تقفين شامخة لم يصبك مكروه فلماذا تتأوهين؟ قالت: ما أصاب غيري أصابني .. لقد قطعوا مئات الأشجار، وأحدثوا في البيئة الفلسطينية الكثير من الخراب والدمار، انظري إلى الشوارع ألا ترين أنها تئن لما حدث؟". (181)
    تظهر صيغة العمل الجماعي والوعي الجماعي بمصطلح البيئة من خلال استعمال المفردات الدالة على الجماعة (انتظرنا، اقتربنا)، وتبرز كذلك من خلال المفردات أهمية شجرة الزيتون وإظهار حزنها الشديد على غيرها وإن لم تكن هي بعينها المستهدفة، "حزينة، أقسى، الرحمة، الشفقة، الإنسان"، بلغة الإطلاق دون تحديد لهويته، "ظلمهم، جبروتهم" . كما ويظهر البعد البيئي بشكل واضح ومباشر "أحدثوا في البيئة الفلسطينية الكثير من الخراب والدمار". فبعد أن استمعت الساردات لشجرة الزيتون قلن لها: "سنبذل كل ما في وسعنا للدفاع والمحافظة على بيئتنا وحمايتها، ونعاهدك على أن نحميك من كل من تسوّل له نفسه قطعك وحرماننا من خيرك". (182)
    وترك هذا في نفوس الساردات أثراً ووعياً واضحاً: "وتركنا شجرة الزيتون وعدنا أدراجنا وفي نفوسنا شعار عنوانه: "حماية البيئة مسؤولية الجميع وجمالها لك وللآخرين" (183)
    فالمنحى التربوي والتعليمي واضح من طبيعة الاستخدام اللغوي المباشر، فما تريده القصة هو تعلم المسؤولية في الحفاظ على البيئة من خلال إبراز ما تعانيه شجرة الزيتون رمز الاقتلاع والدمار للبيئة الفلسطينية، وهذا يعد تطوراً ملحوظاً في الوعي الطفلي إزاء البيئة ومفاهيمها.
    ¡ القصة الثانية: مذكرات شجرة:
    تحكي هذه القصة عن شجرة الجمّيز، التي تنتشر زراعتها قطاع غزة، وهكذا نجد الأطفال يتأثرون بالبيئة التي يعشون فيها، بهذه الجمل تقوم الساردة بتقديم شخصية شجرة الجميز: "أنا شجرة الجميز واسمي جميزة، وعمري مئات السنين، أصلي وفصلي أرض فلسطين".(184)
    ولكن هذه الشجرة ـ والتي تمثل معادلاً موضوعياً لشجرة الزيتون في الضفة لغربية والقدس ـ تتعرض هي الأخرى للاقتلاع، لأنها من الشجار المعمرة أيضاً: "ذات يوم اقتربت دبابات الاحتلال اللعين لتسألني أين ذهب الأبطال المقاتلون المجاهدون؟!. قلت: لا اعرف أيها الأوغاد والمجانين والمتخلفون. اغتاظوا مني واقتلعوا جذعي الضخم السمين، لكنهم لم يقتلعوا جذوري وسأنبت مرة أخرى في أرض فلسطين". (185)
    نلاحظ الاستهداف الإسرائيلي للبيئة الفلسطينية، وعلى وجه الخصوص الاشجارالمعمرة بهدف خلق قطيعة ابستمولوجية بين الأجيال والأرض، والعمل على تغيير هويتها البيئية من خلال الاعتماد على الزراعات الاستوائية والمدارية التي تتطلب وفرة في المياه وحرارة عالية، ولإبعاد الفلسطيني عن أرضه. ولكن ذلك يزيد الفلسطينيين تمسكاً بأرضهم ويزيدون إنغراساً وتجذراً في تربة الأرض.
    ¡ القصة الثالثة: حكايتي مع شجرة الزيتون:
    تحاول مها غراب في قصتها هذه أن تبرز ارتباطها الوجداني وعلاقاتها الإنسانية بشجرة الزيتون، ولكن سرعان مع تعرضت هذه العلاقة وهذه الرابطة للتشظي والاقتلاع، "ذهبتُ لأستظلّ تحت تلك الشجرة، التي كنت أحس بأنها جزء من عالمي الصغير، عالمي الملائكي الحنون، الذي لا يعرف الحزن والألم. اقتربت من مكان الشجرة وكنت أحس بشيء من الضيق على غير العادة. عندما اقتربت أكثر عرفت السبب كانت شجرة الزيتون ملقاة على الأرض، وقد اقتلعت جذورها من الأرض، وأخذت أوراقها تذبل .. اقتلعوها ولم يرحموا كبرها .. ولم يسمعوا لأنينها وصراخها .. اقتلعوها واقتلعوا معها عالمي الجميل، واقتلعوا الأمل الذي طالما بنيته وحلمت به تحت ظلها، لم يرحموها لأنها رمز السلام، زرعت في أرض السلام، من أجل السلام، ها هم يقتلعون كل أمل في الحياة والوجود... أيها العالم الصامت صمت القبور .. استيقظ وأعد لي حقي في الحياة، وأعد لهذه الشجرة حقها في أن تكون رمزاً للسلام". (186)
    عالجت القصة الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة ضد أشجار الزيتون المعمرة، وما نتج عن هذا الانتهاك من محاولة لتدمير العلاقة الوجدانية والعاطفية والإنسانية القائمة بين الإنسان وبيئته، وهم بعلّتهم هذه يحالون قتل الحياة واستباحة الأمل وقتل رمز السلام الفلسطيني على أرض السلام المستباحة، والعلامة الفارقة هي مناشدة حزينة للمجتمع الدولي الذي يقف متفرجاً إزاء هذه الانتهاكات، وهو يتحدث كل يوم عن قيمه العدالة وقيم حقوق الإنسان والديمقراطية وضرورة حماية البيئة.
    ¡ الثالثة : الحق في الحياة:
    قصة سمر ياسر حمدان بعنوان (حياة إيمان حجو) شاهد حي على مدى تأثير قتل الإسرائيليين لهذه الطفلة البريئة التي لم تتفتح بعد عيناها على الدنيا، فقد دفعت سمر حمدان إلى الكتابة عنها، واستخدمت الساردة أسلوب الوصف لإظهار مشهد البراءة لهذه الطفلة، "كانت طفلة جميلة شعرها أسود اللون مشرقة الوجه مبتسمة .. ذات عيون زرقاء". (187)
    ولكن هذه الطفلة تحرم من حقها في الحياة إذ: "فجأة وعلى غفلة، أطلق جنود الاحتلال الإسرائيلي القنابل من دباباتهم بطريقة عشوائية، فخافت الطفلة الصغيرة وأخذت تبكي، وخافت الأم على ابنتها .. كيف تحميها وتهرب من مرمى القنابل .. وحدث ما حدث، لقد قُتلت إيمان بدم بارد، بقنبلة من قنابل الاحتلال". (188)
    ¡ الرابعة: الحق في السكن(هدم البيوت):
    قصة محمد الجزار تحكي حكاية فلسطينية ما تزال منذ إنشاء إسرائيل وإلى اليوم وكأنها حكاية لا تنتهي مع الدمار والموت والطرد والترحيل، من هنا جاء عنوان القصة (لن أرحل) فعن أي شيء سيرحل. ذهبتُ مع أبي إلى منزلنا... فلم أجد بيتي... فأيقنت أن منزلنا قد هدمته الجرافات الملعونة... فجلست على حجر من أحجار بيتي المهدم مطرقاً وأنا أتذكر الأيام واللحظات الجميلة التي كنت أقضيها مع أبناء عمي وأبناء الجيران، ونحن نلعب في شوارع الحي ولكن في لحظة واحدة هدمت جرافات الاحتلال كل ذكرياتي الجميلة داخل هذا الحي، بعد أنأصبح ركاماً. (189)
    إن هدم البيوت يُعد انتهاكاً صارخاً في القانون الدولي الإنساني، فالطفل الفلسطيني لا يقوم بتوثيق ذلك كما يفعل المختصون في منظمات المجتمع المدني، ولكنه يتوسل بالقصة وسيلة لنقل المشهد ولتأريخه ولترجمة مشاعره وأحاسيسه، ولنقلها إلى أولئك الذين يمتطون شرعة قانون حقوق الإنسان ويحاولون إقناع المضطهدين بقيمهم النبيلة، ولكن سرعان ما تنهار هذه الدعوات أمام فعل الجرافة والدبابة والطائرة، ومع ذلك يقرر الطفل عدم الرحيل: "سمعت أبي يصرخ عالياً وهو يقول: لقد هدم الاحتلال منازل آبائي وأجدادي عام النكبة وطردوهم منها، ولكنهم لم يتركوا الوطن، وبقوا صامدين على أرضهم، وهم الآن يهدمون بيتي لأرحل...ولن أرحل... لن أرحل". (190)
    فالسارد لا يقف عند حدود حقه في السكن وحقه في اللعب؛ بل يتعدّاه إلى انتهاك هذا الحق، ويشير إلى فكرة الترحيل القسري المخالف أيضاً لكل الأعراف والقوانين الدولية والقيم الإنسانية.
    ¡ الاستخلاصات والنتائج:
    يواجه المجتمع العربي بكل مكوناته الاجتماعية والثقافية والفكرية والتعليمية؛ وعلى صعيد الهوية والانتماء؛ تحديات العولمة؛ وخصوصاً في الجانب القيمي الاستهلاكي السلبي أو الايجابي، والذي يضخ إلينا يومياً عبر استعمال القوة اللينةSoft Power ، والتي من أدواتها وسائل الاتصال المختلفة وشبكة الانترنت والأذرع الثقافية الأخرى. ويمكننا من خلال ما تقدم من توضيح لمفهومَي العولمة وقيمها أن نستنتج بوضوح نمطين من التحديات القيمية وهما:
    النمط الأول:القيم الاستهلاكية السلبية والتي تتعارض وتتناقض مع الثقافة العربية.
    والنمط الثاني: القيم الايجابية والمتمثلة بثقافة حقوق الإنسان والديمقراطية. ويفضي هذا النمط إلى شكلين من التحديات الايجابية وهما:
    الشكل الأول: الشكل الرسمي: والذي تقوم به وتمارسه بأشكال مختلفة الحكومات الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميريكية، حيث تطالب هذه الحكومات النظم الرسمية العربية تبني الديمقراطية واحترام الحريات العامة واحترام الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية، أي تبني معايير حقوق الإنسان وإدماجها في التشريعات المحلية والوطنية واعتمادها في الدساتير العربية، وأن تعمل النظم العربية القبلية والعشيرية والجمهورية الوراثية على دمقرطة شعوبها، بالسماح بحرية التعبير وحرية الأحزاب والتعددية الحزبية فتقوم بتغيير قوانين الانتخابات.
    الشكل الثاني: غير الرسمي، والذي يعبر عن التوجهات الرسمية للحكومات الغربية، وتمثله مؤسسات المجتمع المدني، أو ما يعرف بمنظمات العمل الأهلي، والتي أخذت في التوسع والانتشار تحت مسميات مختلفة لتشمل كافة الفئات العمرية وكافة الشرائح المجتمعية، والتي من مهماتها: نشر ثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان في المجتمعات العربية، والعمل على رصد انتهاكات حقوق الإنسان العربي من قبل الحكومات العربية، وكذلك الدفاع عن الحريات ومراقبة الانتخابات للاطمئنان على سير الديمقراطية بهدف توجهيها، ومعالجة نتائجها بما ينسجم مع متطلبات الديمقراطية.
    وتشمل هذه المؤسسات أيضاً المؤسسات الإعلامية والثقافية ومراقبة الإبداع الأدبي وتشجيعه، وتكريسه في الأدب المدرسي وفي الأدب الطفلي وفي المناهج التعليمية والتربوية. كما وتغطي أنشطة هذه المؤسسات مراحل الطفولة المختلفة وقطاع التعليم (مناهج، طلاب، معلمين، سياسات تربوية، تشريعات) وصولاً إلى قطاع الشباب بهدف تعميم ثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان ونشرها، لإعداد أجيال مؤمنة بهذه الثقافة بقصد إحداث تغيرات سلوكية في منهج التفكير والإبداع وفي حقول الممارسة اليومية السياسية والاجتماعية والثقافية واللغوية؛ بحيث تشاهد في الإبداع الأدبي والإعلامي وغيره من الأنشطة.





    § الهـــوامش:
    1. حاتم عثمان، المعرفة والثقافة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، الطبعة الأولى، سنة 1999صفحة 20.
    2. مفيد شهاب، الإعلام العربي الأوروبي، البحرين، الطبعة الأولى، سنة 1998، ص9 .
    3. برهان غليون، العرب وتحديات العولمة الثقافية، مقدمات في عصر التشريد الروحي، محاضرة ألقيت في المجمع الثقافي، أبو ظبي، 10 نيسان 1997.
    4. محمد سعيد بن سهو أبو زعرور، العولمة، دار البيارق، عمان، الطبعة الأولى، سنة 1998، ص 161.
    5. ريتشارد فلاكس، المشاهد السياسي، السنة السادسة، العدد 209،12/18 آذار 2000، ص15.
    6. د. سلطان أبو علي، المشاهد السياسي، السنة السادسة، العدد 209، 12/18 آذار 2000، ص 15.
    7. الأيام، 29/8/1999.
    8. الأيام، 29/8/1999.اللواء طلعت مسلم، عنوان المقال: "العرب بما يمتلكونه قادرون على ركوب قطار العولمة".
    9. المرجع نفسه، د. أماني قنديل.
    10. المرجع نفسه، د. أماني قنديل.
    11. المرجع نفسه، د. علي هلال.
    12. الأيام، 12/10/1998، سعيد محارب، العولمة وإشكالات الهيمنة الثقافية.
    13. الأيام،29/8/،1999 محمود عبد الفضيل، العرب وما يمتلكونه قادرون على ركوب قطار العولمة.
    14. الأيام، 20/12/ 1998، حازم صاغية، هل تصمد الانتقادات الثقافية أمام رياح العولمة.
    15. الأيام، 20/12/ 1998،حازم صاغية .
    16. الأيام، 20/12/1998، محمود عبد الفضيل.
    17. حاتم بن غسان، العولمة والثقافة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، طبعة أولى، سنة1999، ص20.
    18. مصطفى حمدي، العولمة وآثارها ومتطلباتها، ص 140
    19. د. الشاذلي الصاوي، الوطن العربي وظاهرة العولمة، الوهم والحقيقة، مجلة منتدى الفكر العبي، العدد 140، الأردن، أيار 1997.
    20. حالات فوضى، الآثار الاجتماعية للعولمة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، طبعة أولى، سنة1997، ص26.
    21. المرجع نفسه، حالات فوضى، ص26.
    22. حاتم عثمان، العولمة والثقافة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، طبعة أولى، سنة1999، ص52.
    23. مرجع سابق، حالات فوضى، ص260.
    24. مرجع سابق، حالات فوضى، ص57.
    25. مرجع سابق، حالات فوضى، ص57.
    26- الأيام، 1/3/1998، وكالة الصحافة العربية، العولمة.
    27- محمد فائق ، حقوق الإنسان في عصر العولمة رؤية عربية ،برلين 24 مارس 2000 www.ibn-rushed.org/arabiclm_fayek
    28 - د. عماد حسين، مقال" العولمة في قفص الاتهام".wwwislamonline.net
    29- أ.د طلعت عبد الحميد، العولمة ودور التربية في الحفاظ على القيم العربية الأصيلة، إدارة البرامج، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم تونس، 2002، ص 2 .
    30- أ.محمود الذاوي، ورقة عمل ( العولمة الثقافية في ميزان طرح فكري مختلف).
    31_ منى أبو كشك، القيم الغائية، ص8.
    32- د. طلال عتريسي، العولمة والقيم والمفاهيم، الجزيرةwww.algazeera t .
    33- محمد فائق، حقوق الإنسان في عصر العولمة رؤية عربية، برلين 24 مارس 2000 www.ibn-rushed.org/arabiclm_fayek.
    34- محمد فائق، حقوق الإنسان في عصر العولمة رؤية عربية، برلين 24 مارس 2.www.ibn-rushed.org/arabiclm_fayek .
    35-
    36- عبد الفتاح رشدان ، دور التربية في مواجهة تحديات العولمة، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعولمة ، إدارة البرامج، الملتقى العربي حول التربية وتحديات العولمة الاقتصادية القاهرة 28 سبتمبر 2002 ص42
    37-المدارس المستقلة تجلٍّ رائع لتفاعل التربية مع العولمة www.Alwatan.Com.sa daily -2005-8 .
    38- عبد الواحد علواني، أطفالنا في ظل العولمة،www.arabiancreativety.com/alwani.htm.
    39- مرجع سابق، عبد الواحد علواني.
    40-المرجع نفسه،
    41- مرجع سابق، عبد الفتاح رشدان، ص4.
    42 –مرجع سابق ،عبد الواحد علواني.
    43- منى أبو كشك، القيم الغائية في الإعلام، دار فرحة للنشر والتوزيع ص6 .
    44- مرجع سابق، عبد الواحد علواني.
    45- عاطف عدلي العبد، دور التلفزيون في إمداد الطفل المصري بالمعلومات من خلال برامج الأطفال، رسالة ماجستير كلية الإعلام، جامعة القاهرة، 1986 ص2.
    46- مرجع سابق، منى أبو كشك، القيم الغائية في الإعلام، ص ث .
    47- مرجع سابق، عبد الفتاح رشدان، ص42.
    48- أ.د طلعت عبد الحميد، مستقبل تعليم الكبار في الوطن العربي في ظل الكوكبية، تعليم الجماهير، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم العدد 48 سنة 2001، تونس ص1.
    "49" حمدي المغربي، المدارس المستقلة تجل رائع لتفاعل التربية مع العولمة WWW.AWATAN.COM.SA-DAILY 2005-08 .
    50- محمد فائق، حقوق الإنسان في عصر العولمة، رؤية عربية، برلين، 24 مارس 2000 ). www.ibn-rushed.org/arabiclm_fayek.
    51- WWW.AWATAN.COM.SA-DAILY 2005-08 )..
    52- محمد أبو حارثية، موضوعات في الديمقراطية، مركز الدفاع عن الحريات، برنامج التوعية بالديمقراطية والانتخابات الطبعة الأولى، حزيران1998، ص18.
    53- المرجع نفسه، ص 20 .
    54- الدببة المنصفة تتعلم عن الديمقراطية،مركز إبداع المعلم، بالتعاون مع مركزالمدنية- كاليفورنيا،الشبكة العربية لتربية المدنية - الأردن، ص2.
    55- المرجع نفسه، ص3.
    56- المرجع نفسه، ص.15
    57- المرجع نفسه، ص 3.
    58- المرجع نفسه، ص15.
    59- المرجع نفسه، ص 6.
    60- المرجع نفسه، ص6 .
    61- المرجع نفسه، ص 7 .
    62- المرجع نفسه، ص8.
    63- المرجع نفسه، ص8 .
    64- المرجع نفسه، ص .10
    65- المرجع نفسه، ص10.
    66- المرجع نفسه، ص 10 .
    67- المرجع نفسه، ص 11 .
    68- المرجع نفسه، ص17-18.
    69- المرجع نفسه، ص 19.
    70- المرجع نفسه، ص 21 .
    71- المرجع نفسه،ص 26،27، 28 .
    72- اعتمدتها الجمعية العامة وعرضتها للتوقيع والتصديق بقرارها 2106 ألف(د.20) المؤرخ في 21 كانون الأول/ ديسمبر 1965 تاريخ بدء نفاذها: 4 كانون ثاني/ يناير 1969 طبقا للمادة 19 والمستند إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
    73- مرجع سابق، الدببة المنصفة تتعلم عن العدالة، ص30.
    74- السمكة زمردة تتعلم عن الخصوصية، مركز إبداع المعلم، بالتعاون مع مركز التربية المدنية- كاليفورنيا، ص 2 .
    75- المرجع نفسه، ص 3 .
    76- المرجع نفسه، ص4 .
    77- المرجع نفسه، ص 4.
    78- المرجع نفسه، ص 5.
    79- المرجع نفسه، ص 9 .
    80- المرجع نفسه، ص 11.
    81- المرجع نفسه، ص 11.
    82- المرجع نفسه، ص 11.
    83- المرجع نفسه، ص 12.
    84- المرجع نفسه، ص 15.
    85- دحبور وفرحانة وحكاية السلطة، مركز إبداع المعلم، بالتعاون مع مركز التربية المدنية- كاليفورنيا،والشبكة العربية للتربية المدنية - الأردن ص 5 .
    86- المرجع نفسه، ص 5 .
    87- المرجع نفسه، ص 6.
    88- المرجع نفسه، ص 7 .
    89- المرجع نفسه، ص 7 .
    90- المرجع نفسه،ص 7 .
    91- المرجع نفسه، ص 8 .
    92- المرجع نقسه، ص 9.
    93- المرجع نفسه،ص 10.
    94- المرجع نفسه، ص 11.
    95- المرجع نفسه، ص 12 .
    96- المرجع نفسه، ص 13 .
    97- المرجع نفسه، ص 13.
    98- المرجع نفسه، ص 14 .
    99- المرجع نفسه، ص 15 .
    100- المرجع نفسه، ص15.
    101- المرجع نفسه، ص 16.
    102- المرجع نفسه، ص 18 .
    103- المرجع نفسه، ص 19 .
    104- المرجع نفسه، ص 19.
    105- المرجع نفسه، ص 19.
    106- المرجع نفسه، ص 26.
    107- المرجع نفسه، ص19.
    108- المرجع نفسه، ص31.
    109- المرجع نفسه، ص30 .
    110- المرجع نفسه، ص 31.
    111- المرجع نفسه، ص 33 .
    112- حارس حديقة الحيوانات يتعلم عن المسؤولية، مركز إبداع المعلم/بالتعاون مع مركز التربية المدنية-كاليفورنيا وبالتعاون مع الشبكة العربية للتربية المدنية-الأردن ص 6.
    113- المرجع نفسه، ص 5.
    114- المرجع نفسه، ص 6 .
    115 –المرجع نفسه، ص7، 8.
    116- المرجع نفسه، ص 8، 9 .
    117- المرجع نفسه، ص 10.
    118- المرجع نفسه، ص 12، 13.
    119- المرجع نفسه، ص13، 14.
    120- المرجع نفسه، ص 16 .
    121- المرجع نفسه، ص 20 .
    122- المرجع نفسه، ص 33 .
    123-كاثرين كيف وكريس ر يدل، دار هويو بالتعاون مع وفد اللجنة الأوروبية لدى جمهورية مصر العربية في القاهرة عام 2000.
    124- المرجع نفسه .
    125- المرجع نفسه.
    126- المرجع نفسه .
    127- المرجع نفسه.
    129- المرجع نفسه.
    130- الأميرة ذات الرداء الورقي، قصة روبرت منش، ترجمة روز شوملي مصلح، دائرة التنمية الدولية/ المملكة المتحدة بالتعاون مع مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي،( ص 9) .
    131- المرجع نفسه، ص 3.
    132- المرجع نفسه، ص 7.
    133- المرجع نفسه، ص 5 .
    134- المرجع نفسه، ص 7 .
    135- المرجع نفسه، ص 9.
    136- المرجع نفسه، ص 21 .
    137- المرجع نفسه، ص 23 .
    138- خالد جمعة، أذن سوداء...أذن شقراء، مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي.
    139- المرجع نفسه.
    140- المرجع نفسه .
    141- المرجع نفسه.
    142- المرجع نفسه.
    143- المرجع نفسه.
    144- المرجع نفسه.
    145- المرجع نفسه .
    146- جرباوي تفيدة، السعافين ناصر، النوع الاجتماعي في الكتب المدرسية، مستقبل التربية العربية،المركز العربي للتعليم والتنمية بالتعاون مع كلية التربية /جامعة عين شمس ومكتب التربية العربي لدول الخليج وجامعة المنصورة 2004، ص274- 275 .
    147- المادة الثانية، من أفعلان العالمي لحقوق الإنسان، سنة.
    148- روز شوملي، سوا سوا، مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي، 149- المرجع نفسه.
    150- المرجع نفسه.
    151- مرجع سابق، جرباوي تفيدة، مستقبل التربية العربية، ص 277.
    152- فرج التاية، قصتان عن البيئة، الأوراق السعيدة، مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي، بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ص5- 6.
    153- المرجع نفسه، ص 7 .
    154- المرجع نفسه، ص 8 .
    155- المرجع نفسه، ص 9 .
    156- المرجع نفسه، ص 4.
    157- المرجع نفسه، ص 10-11.
    158- المرجع نفسه، ص 12.
    159- المرجع نفسه، ص 12.
    160- المرجع نفسه، ص 13.
    161- المرجع نفسه، ص .
    162- المرجع نفسه، ص.
    163- فرج التاية، قصتان عن البيئة، الأوراق السعيدة، مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي، بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قصة( بيئة جميلة... حياة جميلة).
    164- المرجع نفسه.
    165- المرجع نفسه.
    166- المرجع نفسه.
    167- المرجع نفسه.
    168-المرجع نفسه.
    169- عماد عمر، سؤال حقوق الإنسان، مطبعة السنابل، الطبعة الأولى، سنة 2000 ،ص44 170- د.عمر إسماعيل سعد الله، مدخل في القانون الدولي لحقوق الإنسان، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر.ص 12 .
    171 - المرجع نفسه، ص 12 .
    172- المرجع نفسه، ص12-17 .
    173- مرجع سابق عماد عمر، سؤال حقوق الإنسان، ص48.
    174- د. عمر إسماعيل سعد الله، مدخل في القانون الدولي لحقوق الإنسان. ص 29-30.
    "175- مرجع سابق،عماد عمر، سؤال حقوق الإنسان، ص 90 .
    176- مرجع سابق، عماد عمر، سؤال حقوق الإنسان، ص 90.
    177- مرجع سابق،عماد عمر ، سؤال حقوق الإنسان، ص 95 .
    178- آلاء حسن، طفولة على الحواجز، كتابي الأول، قصص من كتابات أطفال فلسطين، مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي، بالتعاون مع جمعية مساعدات الشعب النرويجي، سنة 200، ص 38-39 .
    179- المرجع السابق، إسراء العمارة، حواجز حواجزً ص18-19-20.
    180- ولاء شبيطة، البوابة التي لا تفتح، كتابي الأول، قصص كتبها ورسمها أطفال فلسطين، مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي، سنة 2005، ص11-12.
    181- طالبات في الصف السادس، أنين شجرة الزيتون، كتابي الأول قصص من كتابات أطفال فلسطين، مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي، بالتعاون مع جمعية المساعدات الشعبية النرويجية، الطبعة الأولى، 2003، ص 12، 13 .
    182- المرجع نفسه، ص 14.
    183- المرجع نفسه، ص14 .
    184- شيماء الحلولي، مذكرات شجرة، كتابي الأول، قصص من كتابات أطفال فلسطين، مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي بالتعاون مع جمعية المساعدات الشعبية النرويجية، الطبعة الأولى سنة 2003، ص 31.
    185- المرجع نفسه، ص 33،34 .
    186- مها غراب، حكايتي مع شجرة الزيتون، كتابي الأول، قصص من كتابات الأطفال، مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي بالتعاون مع جمعية المساعدات الشعبية النرويجية، الطبعة الأولى، سنة2003، ص 37، 38.
    187- سمر حمدان، حياة إيمان حجو، كتابي الأول، قصص من كتابات أطفال فلسطين، مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي بالتعاون مع جمعية المساعدات الشعبية النرويجية ص26.
    188- المرجع نفسه، ص27 .
    189- محمود الجزار، لن أرحل، كتابي الأول، قصص كتبها ورسمها أطفال فلسطين، مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي، الطبعة الأولى، سنة، 2005، ص 7،6.
    190- المرجع نفسه، ص8،7،9.





    § المراجع والمصادر:
    1. آلاء حسن، طفولة على الحواجز، كتابي الأول، قصص من كتابات أطفال فلسطين، مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي، بالتعاون مع جمعية مساعدات الشعب النرويجي، سنة 2000.
    2. برهان غليون، العرب وتحديات العولمة الثقافية، مقدمات في عصر التشريد الروحي، محاضرة ألقيت في المجمع الثقافي، أبو ظبي، 10 نيسان 1997.
    3. تفيدة جرباوي ، السعافين ناصر، النوع الاجتماعي في الكتب المدرسية، مستقبل التربية العربية،المركز العربي للتعليم والتنمية بالتعاون مع كلية التربية /جامعة عين شمس ومكتب التربية العربي لدول الخليج وجامعة المنصورة 2004.
    4. حاتم بن غسان، العولمة والثقافة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، طبعة1، سنة1999.
    5. حاتم عثمان، المعرفة والثقافة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، الطبعة الأولى، سنة 1999.
    6. حالات فوضى، الآثار الاجتماعية للعولمة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، طبعة أولى، سنة1997.
    7. خالد جمعة، أذن سوداء...أذن شقراء، مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي.
    8. روبرت منش، الأميرة ذات الرداء الورقي، ترجمة روز شوملي مصلح، دائرة التنمية الدولية/ المملكة المتحدة بالتعاون مع مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي.
    9. روز شوملي، سوا سوا، مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي.
    10. ريتشارد فلاكس، المشاهد السياسي، السنة السادسة، العدد 209،12/18 آذار 2000.
    11. سلطان أبو علي، المشاهد السياسي، السنة السادسة، العدد 209، 12/18 آذار 2000.
    12. سمر حمدان، حياة إيمان حجو، كتابي الأول، قصص من كتابات أطفال فلسطين، مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي بالتعاون مع جمعية المساعدات الشعبية النرويجية.
    13. الشادلي الصاوي، الوطن العربي وظاهرة العولمة، الوهم والحقيقة، مجلة منتدى الفكر العبي، العدد 140، الأردن، أيار 1997.
    14. شيماء الحلولي، مذكرات شجرة، كتابي الأول، قصص من كتابات أطفال فلسطين، مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي بالتعاون مع جمعية المساعدات الشعبية النرويجية، الطبعة الأولى سنة 2003.
    15. طالبات في الصف السادس، أنين شجرة الزيتون، كتابي الأول قصص من كتابات أطفال فلسطين، مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي، بالتعاون مع جمعية المساعدات الشعبية النرويجية، الطبعة الأولى، 2003.
    16. طلعت عبد الحميد، العولمة ودور التربية في الحفاظ على القيم العربية الأصيلة، إدارة البرامج، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم تونس، 2002.
    17. طلعت عبد الحميد، مستقبل تعليم الكبار في الوطن العربي في ظل الكوكبية، تعليم الجماهير، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم العدد 48 سنة 2001، تونس.
    18. عاطف عدلي العبد، دور التلفزيون في إمداد الطفل المصري بالمعلومات من خلال برامج الأطفال، رسالة ماجستير كلية الإعلام، جامعة القاهرة، 1986.
    19. عبد الفتاح رشدان ، دور التربية في مواجهة تحديات العولمة، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعولمة ، إدارة البرامج، الملتقى العربي حول التربية وتحديات العولمة الاقتصادية القاهرة 28 سبتمبر 2002.
    20. عماد عمر، سؤال حقوق الإنسان، مطبعة السنابل، الطبعة الأولى، سنة 2000 ،ص44 170- د.عمر إسماعيل سعد الله، مدخل في القانون الدولي لحقوق الإنسان، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر.
    21. عمر إسماعيل سعد الله، مدخل في القانون الدولي لحقوق الإنسان.
    22. فرج التاية، قصتان عن البيئة، الأوراق السعيدة، مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي، بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قصة( بيئة جميلة... حياة جميلة)
    23. كاثرين كيف وكريس ر يدل، دار هويو بالتعاون مع وفد اللجنة الأوروبية لدى جمهورية مصر العربية في القاهرة عام 2000.
    24. محمد أبو حارثية، موضوعات في الديمقراطية، مركز الدفاع عن الحريات، برنامج التوعية بالديمقراطية والانتخابات الطبعة الأولى، حزيران1998.
    25. محمد سعيد بن سهو أبو زعرور، العولمة، دار البيارق، عمان، الطبعة الأولى، سنة 1998.
    26. محمود الجزار، لن أرحل، كتابي الأول، قصص كتبها ورسمها أطفال فلسطين، مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي، الطبعة الأولى، سنة، 2005.
    27. محمود الذاوي، ورقة عمل ( العولمة الثقافية في ميزان طرح فكري مختلف).
    28. مركز إبداع المعلم، دحبور وفرحانة وحكاية السلطة، بالتعاون مع مركز التربية المدنية- كاليفورنيا،والشبكة العربية للتربية المدنية – الأردن.
    29. مركز إبداع المعلم، الدببة المنصفة تتعلم عن الديمقراطية، بالتعاون مع مركزالمدنية- كاليفورنيا،الشبكة العربية لتربية المدنية – الأردن.
    30. مركز إبداع المعلم، السمكة زمردة تتعلم عن الخصوصية، بالتعاون مع مركز التربية المدنية- كاليفورنيا.
    31. مركز إبداع المعلم، حارس حديقة الحيوانات يتعلم عن المسؤولية، بالتعاون مع مركز التربية المدنية-كاليفورنيا وبالتعاون مع الشبكة العربية للتربية المدنية-الأردن.
    32. مصطفى حمدي، العولمة وآثارها ومتطلباتها.
    33. مفيد شهاب، الإعلام العربي الأوروبي، البحرين، الطبعة الأولى، سنة 1998.
    34. من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، المادة الثانية.
    35. منى أبو كشك، القيم الغائية في الإعلام، دار فرحة للنشر والتوزيع.
    36. مها غراب، حكايتي مع شجرة الزيتون، كتابي الأول، قصص من كتابات الأطفال، مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي بالتعاون مع جمعية المساعدات الشعبية النرويجية، الطبعة الأولى، سنة2003.
    37. ولاء شبيطة، البوابة التي لا تفتح، كتابي الأول، قصص كتبها ورسمها أطفال فلسطين، مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي، سنة 2005.



    § مواقع إنترنت:
    1. 2000www.ibn-rushed.org/arabiclm_fayek
    2. www.aljazeera.net
    3. www.Alwatan.Com.sa daily -2005-8
    4. www.arabiancreativety.com/alwani.htm
    5. www.ibn-rushed.org/arabiclm_fayek
    6. wwwislamonline.net

  • ريمه الخاني
    مستشار أدبي
    • 16-05-2007
    • 4807

    #2
    السلام عليكم
    قراءة مبدئية ولي عودة ويجب ان نعرف انه كما ان لها إيجابات مظهرية في التجميع فانها ستكرس الفرقة من حيث جمعت.
    تمنيت لو جزانا النص على حلقات لراحة القارئ
    تحيتي لك وتفضل بمطالعة نص ابحث عن ردك عنه.
    السلام عليكم حقيقة قرأت مقالا أعجبني جدا وهو السلطوية في ادب الأطفال مافهمت منه ان ادب الأطفال لم يسلم من التسييس! وهل هذا كلام صحيح؟ ولنفرض لكننا نعاني فعلا من مستوى أدب أطفال متواضع قياسا بعطاء الادباء في بقية الفنون المعاصرة التي نتابع فهل هذا كلام صواب؟ وما دليلنا على ذلك؟ لكي يكون الامر اكثر قربا من مفهومنا ولنقييم

    وشكرا

    تعليق

    • روز شوملي مصلح
      • 13-10-2010
      • 1

      #3
      دراسة قيّمة تتبع أدب الطفل ومساره في مرحلة تداخلت فيها العوالم.
      التعديل الأخير تم بواسطة روز شوملي مصلح; الساعة 12-11-2010, 14:11.

      تعليق

      يعمل...
      X