دخلت آية مدينة طنجة بأربعة عشر ربيعا وعذرية مفقودة وجسد غض.. بخجل راح يصرح ببعض ممتلكاته،
وجه صبوح بتقاسيم من روعة ،
عينان عسليتان باحورار ساحر فوق ربيع مكابر في خدين من حمرة الورد،
شفتان ممتلئتان تفيضان في لون شقائق النعمان..
وصدر يعلن نفوره في ثقة..
بأقدام حائرة وطأت أرضية المحطة قادمة من ريف بعيد،
مثقلة بصور طفولة بريئة ،سعيدة...لم تبق.
زهرة البيت كانت قبل أن يترجل والدها عن الدنيا وتستبدله أمها بآخر،احتضنها بلطف زائد،
تحس الآن بالضياع يلتهمها كوحش كاسر...تحاصرها الذكريات بقوة تود لو تصرخ ،تجن، تموت...على أن تخوض هذا الدرب القاسي نحو المجهول..
ارتمت على مقعد اسمنتي مقابل لمقهى المحطة، حقيبتها بين ساقيها،وعيناها تتنقل كفراشة حائرة بين وجوه غريبة،لم تمعن النظر في ملامحها خوفا من عين فاحصة تكشف اضطرابها وضياعها...الوقت يزحف نحو الغروب ، يدنيها من خطر قادم مع الليل..
ما زارت مدينة قط ولا ركبت حافلة... لأول مرة تفعل مرغمة،
قضت أسبوعين من عذاب متواصل ليل نهار،أضناها التفكير في وضعها،
وفجيعتها, بما حدث أكبر من عقلها ووجدانها،ما ابتلعته قط...ولا وجدت من كوابيسه فكاكا.
ارتمى على جسدها بكل ثقله وهي نائمة تطارد فراشات أحلامها..خنق أنفاسها بوسادة ولهث فوقها طويلا ثم انسل مخلفا بين فخديها خطا من ألم ودم،
أحست حينها أنها في برزخ بين حياة وموت،بين صراخ وصمت..
تتأمل وجه والدتها, فتغوص في بئر من كآبة خرساء ، لم تبح لها بشيء،
تمتطي صهوة وجومها وتخرج إلى أشغال الحقل لتزرعه دموعا وشهيقا....
هنا لا عبت دعسوقة..وهناك طاردت فراشة..
هنا جالست ابن خالتها يخطان على الثرى رسوما من أحلام...
و هنا عاركت الأشواك مرات لتقطف لحبّه وردة..
لكن كل شيء تكسر وتدمر
وقررت أن تركب مجهولا... وهاقد فعلت..
عيناها ماألفت هذه الحركة الدءوب قط،
سيارات ،أضواء، حشود الناس من كل الفصائل،لباسهم كسر حياءها الداخلي.. ولغو متصل لاينقطع ،
تذكرت خضرة الروابي والحقول التي تركت ..
لوحات الغروب والشروق التي تحرص على قراءتها كل يوم
شمس القرية وقمرها...وهما يسبحان في سماء من هدوء..
الآن.. ضج سمعها بأزيز العربات الحديدية ونفيرها...
تاهت بين صقيع أحلام ولهيب ذكريات،ندت عيناها بزخات دافئة ألجمتها بحنق...
التفتت حولها..تجرعت مرارة اللحظة ،
تماسكت لتخطو أول خطوة في صحراء من ذئاب...
تماسكت لتخطو أول خطوة في صحراء من ذئاب...
تعليق