ألا تعرفون من أنا؟!
أنا ليزا..
هل يوجد من لا يعرف ليزا؟!!
أنا كلبة صيد رشيقة، أتباهى بلوني الأبيض الناصع المزين بالكثير من البقع السوداء المتناثرة.
كل من يراني في الحي يشير إليّ ويقول:
هااااااااااااا!!
إنها ليزاااااااااااااااااااااا
* * *
(7)
ليزا على سفينة مرمرة
في قافلة الحريّة
سمعت صديقي يحدث والديه. قال: أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.
قالت له ماما: الله ينصركم يا ولدي.
قال له بابا يسأله: هل أخذت المال؟
أجاب صديقي: نعم. وطبطب على خاصرته مؤكدا أنه هنا في أمان.
عدّل بابا قبعة صديقي الرياضية، وقال: تمنيت أن أكون معكم!
قال صديقي: أنت معنا يا بابا. وأشار إلى قلبه: أنت هنا.. وإلى خاصرته: وهنا.
كتم بابا نَفَسَه وهو يكز على أسنانه، واحتضن رأس صديقي بيديه بحب قبل أن ينكب عليه ويحتضنه.
حين التفت إلى ماما زغردت. زغردت وزغردت، ثم ضمته إليها وقد سالت الدموع.
كان ترك حضنها الدافئ صعبا.. لكن زامور السيارة التي ستأخذه ارتفع، فالتفت إلى أخته "صديقتي" فرمت الكوفية ذات اللونين الأبيض والأسود على كتفيه، ثم أخذته بالأحضان.
طبع قبلة على خدها، وقال وهو يهم بالمغادرة: ادعوا لي.
خرج إلى البستان، وحمل حقيبته.. ورماها في صندوق السيارة الخلفي..
ارتفعت الأرض وهبطت بي.. قبل أن أسمع خبطة قوية فوق أذني هزتني، ثم سمعت صوت المحرك.. ولفت الدنيا ودارت بي...
ومع دفء المكان، ومع هزهم اللطيف المتواصل لسريري الوثير... أغلقت عيني وسافرت في عالم الأحلام. سافرت مع عظمتي..
صحوت على يد تحمل سريري، وتلقيه أرضا بقسوة.
همهمت.. لكن أصوات الناس حولي كانت عالية، فما سمعني أحد..
ألقي سريري بعد ذلك في مكان ما، وأُلقيت أثقال فوقه. شكوت. حركت أطرافي أضرب السرير الذي ضمني بقسوة.. أضرب وأهمهم..
لم انبح بصوت عال، فقد كنت أشعر بالأمان وأنا أسمع صوت صديقي. كنت أسمعه وهو يسلم على صحبه: أهلا أهلا بالمتضامنين الأفاضل.
قال له صاحبه: قال صلوات ربي عليه:
ما آمن بي من بات شبعانا وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم ".
قالت له ماما: الله ينصركم يا ولدي.
قال له بابا يسأله: هل أخذت المال؟
أجاب صديقي: نعم. وطبطب على خاصرته مؤكدا أنه هنا في أمان.
عدّل بابا قبعة صديقي الرياضية، وقال: تمنيت أن أكون معكم!
قال صديقي: أنت معنا يا بابا. وأشار إلى قلبه: أنت هنا.. وإلى خاصرته: وهنا.
كتم بابا نَفَسَه وهو يكز على أسنانه، واحتضن رأس صديقي بيديه بحب قبل أن ينكب عليه ويحتضنه.
حين التفت إلى ماما زغردت. زغردت وزغردت، ثم ضمته إليها وقد سالت الدموع.
كان ترك حضنها الدافئ صعبا.. لكن زامور السيارة التي ستأخذه ارتفع، فالتفت إلى أخته "صديقتي" فرمت الكوفية ذات اللونين الأبيض والأسود على كتفيه، ثم أخذته بالأحضان.
طبع قبلة على خدها، وقال وهو يهم بالمغادرة: ادعوا لي.
خرج إلى البستان، وحمل حقيبته.. ورماها في صندوق السيارة الخلفي..
ارتفعت الأرض وهبطت بي.. قبل أن أسمع خبطة قوية فوق أذني هزتني، ثم سمعت صوت المحرك.. ولفت الدنيا ودارت بي...
ومع دفء المكان، ومع هزهم اللطيف المتواصل لسريري الوثير... أغلقت عيني وسافرت في عالم الأحلام. سافرت مع عظمتي..
صحوت على يد تحمل سريري، وتلقيه أرضا بقسوة.
همهمت.. لكن أصوات الناس حولي كانت عالية، فما سمعني أحد..
ألقي سريري بعد ذلك في مكان ما، وأُلقيت أثقال فوقه. شكوت. حركت أطرافي أضرب السرير الذي ضمني بقسوة.. أضرب وأهمهم..
لم انبح بصوت عال، فقد كنت أشعر بالأمان وأنا أسمع صوت صديقي. كنت أسمعه وهو يسلم على صحبه: أهلا أهلا بالمتضامنين الأفاضل.
قال له صاحبه: قال صلوات ربي عليه:
ما آمن بي من بات شبعانا وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم ".
صرخ الصحاب بصوت واحد زلزلني وزلزل الأرض من تحتي:
جئناك يا غزة
شعرت بالاطمئنان.. ومع هز سريري المتواصل الحبيب، أغلقت عيني.. وعدت للنوم.
صحوت على يد تفتح قفل سريري فوجدتني أمد لساني ألعقها، ثم قفزت على صديقي أوسعه قبلا بلساني.
قال متفاجأ: ليزا!! أنت هنا ؟!!!!!!!!!
ربت عليّ وقال: آه يا مجنونتي الجميلة!
حين رآني صحبه تفاجؤوا: كلبة معنا على ظهر السفينة ؟!!
زم شفتيه، ثم راح يضحك. قال: إنها متضامنة مع غزة!
***
مرت أيام جميلة، لا أذكر كم شمسا غابت وكم قمرا طل، لكنه كان عمرا جميلا أشرق في حياتي.
تعرفت على أحباّئي المتضامنين. كانوا من كل الألوان، فمنهم السمر كصديقي، ومنهم البيض ومنهم السود. وكانت الأعلام ترفرف بألوانها وأشكالها المختلفة.
سمعت الكثييييييير من القصص..
تحدث ذلك العجوز عن أبنائه الخمس الذين استشهدوا في سبيل الله، وتحدث آخر عن زوجته المريضة وعن محاولاته المضنية لدخول غزة حيث أبناؤه..
وأكثر من أحببت هم أولئك الشباب البيض الذين كانوا يلفون لفحة من قماش الكوفية حول عنقهم ينتهي طرفاها بعلمين، أحدهما علم فلسطين والآخر جميل اللون يزدان بهلال ونجمة، علمت من صديقي أنه علم تركيا، وأن لونه أحمر.
في إحدى الساعات الرائقة حيث كنت أتمدد في الظل، وشيخنا يقرأ بمصحفه، وقسنا يقرأ بإنجيله
وضع العجوز كفه على صدره وقال: أشعر أن إنذارا سيداهمنا.
قال أحدهم: نتوقع هذا، فهم لن يسمحوا لنا بالعبور بسهولة.
قالت إحداهن: بكير على هذا الكلام، فلا زلنا في المياه الدولية. نحن نبعد عنهم أكثر من مائة ميل.
قال أحدهم مصححا: للدقة نحن نبعد أكثر من مائة وثلاثين ميلا.
نمنا جميعا على بساط التوكل.
استيقظت فجرا وصديقي يستعد للوضوء.
كنت أمد نفسي بكسل.. وحين رفعت رأسي إلى السماء كانت المفاجأة!
كان صوت الطوّافة قويا يصم الآذان، وقد توقفت فوقنا تماما، وصارت العفاريت تَنزل حبالا كحبال العنكبوت، وتحط في سفينتنا وهي تشهر السلاح في وجوهنا!
نزل العفاريت من السماء، وقفز عفاريت أخر من البحر.
لم يكن إنذارا.. بل كانت حربا !!
تملكني الغضب، واندفعت دمائي بحرقة إلى وجهي وأطرافي، ووجدتني أهمّر عليهم وأستعد للهجوم. ألجمتني مسكة صديقي الشديدة وهو يقول: ليزا لا. لا .. لن نرد فنحن مسالمون.
تحلق أربعة من صحابي أصحاب الأعلام الحمراء حول العجوز. قالوا له: انزل يا عم..
وأمسك أحدهم يده، وقاده إلى الدرج.
التفت الجندي "الكوموندوز" حوله فاستثاره اللون الأحمر في علم أصدقائي أمامه، تماما كما يثير اللون الثور في حلبة المصارعة!!
رسم ابتسامة ملغومة على وجهه، وكشر عن أنيابه وقال:
one minute .. وأطلق الرصاص في رأس الأقرب.
One minute.. وأطلق على الثاني..
one minute والثالث .. one minute وانطلقتُ كالصاروخ على القاتل فما عادت قبضة صديقي قادرة على إلجام غضبي وأنا أرى وأشم كل هذه الدماء!
كان القاتل يحضر الطلقة ليطلقها في صاحبي التركي، فلما رآني، حوّل البندقية نحوي و..
سقطت برصاصته.. انكب صديقي علي: ليزاا! ليزاااااا..
واحتضنني بأسى، فمددت رأسي أريد أن أتحرر من حبه لأكمل واجبي.
رأيت السعادة في قسمات وجهه، وقد اكتشف أنني لا زلت حيّة.
كانت الرصاصة في رجلي. أردت أن أكابر على ألمي وأنطلق.. لكني لم أتجاوز بضع خطوات خارج يديه، حتى توسدت الأرض.. وأغمي علي.
حين أفقت كنت في ميناء أسدود، فقد سحبوا سفينتنا إلى هناك، وفي معتقل عسقلان قال لنا العجوز: سبحانك يا رب.. سبحانك. كنت أبا لخمسة شهداء، وأصبحت أبا لتسعة!
طوقه صديقي بيديه وقال: يا عم.. إنهم"أحياء عند ربهم يرزقون".
وأردف: إن أطلقوا سراحي فسأعود.. وأعود.. وأعود..
فهمهمت له.. فاحتضنني وقد فهم عزمي وإصراري.
صحوت على يد تفتح قفل سريري فوجدتني أمد لساني ألعقها، ثم قفزت على صديقي أوسعه قبلا بلساني.
قال متفاجأ: ليزا!! أنت هنا ؟!!!!!!!!!
ربت عليّ وقال: آه يا مجنونتي الجميلة!
حين رآني صحبه تفاجؤوا: كلبة معنا على ظهر السفينة ؟!!
زم شفتيه، ثم راح يضحك. قال: إنها متضامنة مع غزة!
***
مرت أيام جميلة، لا أذكر كم شمسا غابت وكم قمرا طل، لكنه كان عمرا جميلا أشرق في حياتي.
تعرفت على أحباّئي المتضامنين. كانوا من كل الألوان، فمنهم السمر كصديقي، ومنهم البيض ومنهم السود. وكانت الأعلام ترفرف بألوانها وأشكالها المختلفة.
سمعت الكثييييييير من القصص..
تحدث ذلك العجوز عن أبنائه الخمس الذين استشهدوا في سبيل الله، وتحدث آخر عن زوجته المريضة وعن محاولاته المضنية لدخول غزة حيث أبناؤه..
وأكثر من أحببت هم أولئك الشباب البيض الذين كانوا يلفون لفحة من قماش الكوفية حول عنقهم ينتهي طرفاها بعلمين، أحدهما علم فلسطين والآخر جميل اللون يزدان بهلال ونجمة، علمت من صديقي أنه علم تركيا، وأن لونه أحمر.
في إحدى الساعات الرائقة حيث كنت أتمدد في الظل، وشيخنا يقرأ بمصحفه، وقسنا يقرأ بإنجيله
وضع العجوز كفه على صدره وقال: أشعر أن إنذارا سيداهمنا.
قال أحدهم: نتوقع هذا، فهم لن يسمحوا لنا بالعبور بسهولة.
قالت إحداهن: بكير على هذا الكلام، فلا زلنا في المياه الدولية. نحن نبعد عنهم أكثر من مائة ميل.
قال أحدهم مصححا: للدقة نحن نبعد أكثر من مائة وثلاثين ميلا.
نمنا جميعا على بساط التوكل.
استيقظت فجرا وصديقي يستعد للوضوء.
كنت أمد نفسي بكسل.. وحين رفعت رأسي إلى السماء كانت المفاجأة!
كان صوت الطوّافة قويا يصم الآذان، وقد توقفت فوقنا تماما، وصارت العفاريت تَنزل حبالا كحبال العنكبوت، وتحط في سفينتنا وهي تشهر السلاح في وجوهنا!
نزل العفاريت من السماء، وقفز عفاريت أخر من البحر.
لم يكن إنذارا.. بل كانت حربا !!
تملكني الغضب، واندفعت دمائي بحرقة إلى وجهي وأطرافي، ووجدتني أهمّر عليهم وأستعد للهجوم. ألجمتني مسكة صديقي الشديدة وهو يقول: ليزا لا. لا .. لن نرد فنحن مسالمون.
تحلق أربعة من صحابي أصحاب الأعلام الحمراء حول العجوز. قالوا له: انزل يا عم..
وأمسك أحدهم يده، وقاده إلى الدرج.
التفت الجندي "الكوموندوز" حوله فاستثاره اللون الأحمر في علم أصدقائي أمامه، تماما كما يثير اللون الثور في حلبة المصارعة!!
رسم ابتسامة ملغومة على وجهه، وكشر عن أنيابه وقال:
one minute .. وأطلق الرصاص في رأس الأقرب.
One minute.. وأطلق على الثاني..
one minute والثالث .. one minute وانطلقتُ كالصاروخ على القاتل فما عادت قبضة صديقي قادرة على إلجام غضبي وأنا أرى وأشم كل هذه الدماء!
كان القاتل يحضر الطلقة ليطلقها في صاحبي التركي، فلما رآني، حوّل البندقية نحوي و..
سقطت برصاصته.. انكب صديقي علي: ليزاا! ليزاااااا..
واحتضنني بأسى، فمددت رأسي أريد أن أتحرر من حبه لأكمل واجبي.
رأيت السعادة في قسمات وجهه، وقد اكتشف أنني لا زلت حيّة.
كانت الرصاصة في رجلي. أردت أن أكابر على ألمي وأنطلق.. لكني لم أتجاوز بضع خطوات خارج يديه، حتى توسدت الأرض.. وأغمي علي.
حين أفقت كنت في ميناء أسدود، فقد سحبوا سفينتنا إلى هناك، وفي معتقل عسقلان قال لنا العجوز: سبحانك يا رب.. سبحانك. كنت أبا لخمسة شهداء، وأصبحت أبا لتسعة!
طوقه صديقي بيديه وقال: يا عم.. إنهم"أحياء عند ربهم يرزقون".
وأردف: إن أطلقوا سراحي فسأعود.. وأعود.. وأعود..
فهمهمت له.. فاحتضنني وقد فهم عزمي وإصراري.
6-10
تعليق