مسرحية
ذي قار
( مؤقتا )
في جزءين
ربيع عقب الباب
الجزء الأول
المشهد الأول
النعمان يفض القرطاس .
النعمان : الأمر لم يعد يحتمل .
الوزير : مولاي .. أو جد جديد ؟
النعمان : ( وهو يقف غاضبا ) جديد .. كل يوم .. وكل ساعة .. إنهم لا يهدأون .
الوزير : مولاي .. نستطيع مواجهتهم و سجنهم إن أردت ذلك .
النعمان : وكسرى
الوزير : وما ضير كسرى حين نعاقب رجالا منا أخطأوا .. في مليكهم .. وبنى جلدتهم ؟
النعمان : تاريخ مثقل بالإهانة .. والتردي .. متى يصبح مشرقا مضيئا .. متى ؟
الوزير : وقت تريد ذلك يا مولاي .
النعمان : أنا .. هذه الجيوش المجيشة على حدودنا .. و يصل صليلها فيهتز قلب الحيرة .. و نحن
المفككون .. الضائعون في تلة رمل .. حول الصغائر .. نتهالك .. لعنزة .. أو ناقة .. أو شربة
ماء .. كيف .. كيف ؟
الوزير : مولاي .. لا تعذب نفسك هكذا .. لا تعذبها .
النعمان : أنفقت وقتا طويلا فى الفهم .. أنفقت عمرا .. فى العداوات .. وفى التسلي برقاب الخلق ..
وحياتهم .. الأحباء .. والندماء .. و الطيبين .. و هاأنا ذا أحصد .. بنى مرينا .. وأخوتي الأحد
عشر المتكالبون على قصعة الحيرة .. وإياس بن قبيصة .. آه .. أما لهذا الليل من آخر ؟!!
الوزير : نأمل في زيد بن عدى كثيرا .
النعمان : لا تحمل الولد أكثر من طاقته .. مازال حدثا .. لم تعركه المواقف مثل أبيه .. و إياك إياك .. إنه لا
يعرف شيئا .. غير أنه المنذر بن النعمان .. أسمعت .
الوزير : لست مع مولاي في هذه .. كان يجب أن يعرف .. نعم .. هناك فى المدائن سيعرف رغم أنفه .. نعم
رغم أنفه .
النعمان : ليكن .
الحاجب : مولاي .. رجل بالباب يطلب المثول بين يديكم .
النعمان : دعه يدخل أيها الحاجب .
الحاجب : أمر مولاي
الوزير : إذن مولاي ..
النعمان : لم ننه حديثنا يابن زياد .
الوزير : و أنا رهن إشارة مولاي .
النعمان : لنر القادم .. وما يحمل
الحاجب : ( بينما الوزير ينسحب ) مولاي
الرجل : ( ملثم فى مثل حجم النعمان وقامته ) مولاي ملك العرب .
النعمان : ( وهو يجلس على عرشه ) تقدم يا رجل .. وقل ما حاجتك ؟
الرجل : هل تقضيها لى يا مولاي ؟
النعمان : لم لا ترفع لثامك ؟
الرجل : ليس قبل أن تعدني بقضاء حاجتي .
النعمان : كيف أعد بما لا أعرف ؟
الرجل : ألست الملك .. رب هذه الحيرة ؟
النعمان : أنا هو .. تكلم .
الرجل : فأنت الوحيد القادر على قضاء حاجتي .
النعمان : أهو لغز يا رجل ؟
الرجل : مولاي حلمك .
النعمان : أنت تمزقه بمكرك .
الرجل : أنا ؟
النعمان : نعم أنت .. ألم آمرك برفع لثامك .. هيه ( وهو يقف دائرا )
الرجل : ليس قبل مكاشفة مولاي بحاجتي .
النعمان : بدأ صبري ينفد .. انته .
الرجل : و أنا ومنذ عرفت حقيقتي أتحصن به .
النعمان : أف .. أنت من يا رجل ؟
الرجل : ملك الحيرة !!!!
النعمان : ملك .. ملك ماذا ؟
الرجل : الحيرة .. ملك الحيرة .
النعمان : ملك الخيرة .. فمن أكون أنا ( وهو يقهقه )
الرجل : ولى عهدي .. أنت ولى عهدي !!
النعمان : عهدك أنت ؟
الرجل : نعم .. أنا يا مولاي .
النعمان : ( يتهالك من الضحك ) يبدو أنى وقعت بين براثن مخبول .. موتور .
الرجل : ليس صحيحا .. أنا عاقل ابن عاقل .. مثلك تماما
النعمان : لست الأسود .. و لا تحمل قامة العشرة رجال .. فمن أنت أيها الملك ؟
الرجل : النعمان .. أنا النعمان .. النعمان !!
النعمان : النعمان ؟
الرجل : أنا النعمان بن المنذر بن ماء السماء .
النعمان : ( يتأكد من نفسه فيمرر يده على كل جسده ) أنت ؟
الرجل : نعم .. أنا .. النعمان .. و أمي سلمى بنت .................
النعمان : سلمى ( يسرع إلى سيفه ويلتقطه ويتجه فى مواجهته ) ارفع لثامك .. هيا .
الرجل : ( يرفع اللثام ) وهاهو اللثام !!
النعمان : من .. من أنت ( يتأمله و يتحسس نفسه ) أنت .. أي مصيبة أتت بك إلى .. كأني أرى نفسي في
مرآة .. يا ربى .. يا ابن زياد .. يابن .........
الرجل : لا .. لا تفعل يا مولاي .. اجعل مابيننا بيننا .. لصالحك و صالحي .
النعمان : ( يقهقه بضحكات صاخبة .. يقترب منه .. يتأمل غير مصدق .. يتوقف ) من الرجل ؟
الرجل : ألم أقل منذ قليل ؟
النعمان : ما سمعت شيئا .
الرجل : سمعت .. وتنكر .
النعمان : ما سمعت شيئا .. من الرجل ؟
الرجل : النعمان .. النعمان بن المنذر بن ماء السماء .
النعمان : أراك مصرا ؟
الرجل : ليس لى اسم غيره .
النعمان : ( يخرج عن طوره ، ويلقط سيفه ) فمن أكون .. من ؟
الرجل : أنت .. لا أعرف .. أنت كثير الشبه بى .. نعم .. كأنك أنا .. أنا .. ربما كنت الملك النعمان ؟!!
النعمان : الملعون .. تقول ربما .. أنا ربما ( يسرع نحوه ) لنحسم الأمر فورا
الرجل : ليس جديدا أن تقتل رجلا أعزل
النعمان : نعم ليس جديدا .. لكنك ليست أعزل .. لست أعزل .
الرجل : ليس بيدي سيف .. و لا حربة .. و لا أملك قوة روحية .
النعمان : لست أعزل .. أنت مسلح بجنوني .. من أرسلك .. من دلك على .. تكلم ؟!!
الرجل : جنونك .. عبرت خط الجنون يا مولاي .. عبرته منذ وقت !!
النعمان : ماذا ؟
الرجل : أقول .. لا خوف عليك من جنون مقبل .. فوقت الجنون ولى .. ولى بكل ما يحمل من مصائب ..
ومحن .
النعمان : تقول .. أمك سلمى ؟
الرجل : نعم .. سلمى أمي
النعمان : هل لي أن أراها الآن ؟
الرجل : الآن ؟
النعمان : نعم الآن .. الآن .
الرجل : و أنا أيضا .. أطمع في رؤيتها الآن .
النعمان : من أدخل في رأسك مثل هذا الهراء .. تكلم ؟!!
الرجل : قدري !!
النعمان : يا رجل تكلم .. و إلا وضعت حدا مؤسفا لهذا المشهد الهزلي .. تكلم .
الرجل : ( بسرعة عجيبة يلتف حوله ويتحكم في إرادته بحيث يستطيع صرعه ) بل أنا من سيضع الحد
المؤسف !
إظلام
المشهد الثانى
قلق و اضطراب وحزن .
هند : ارحم أمك .. ألست أمك ؟
سلمى : هو لم يعد يحب جدته .. لم تعد يا منذر .. ثالث نهار يمر عليك .. وأنت على هذه الحال .. لا
طعام .. و لا ماء .. افتح يا ولدى .. يا منذر ؟
هند : أمي ( تهمس ) إني خائفة .. خائفة .
سلمى : تماسكي يا بنت المنذر .. تماسكي وإلا ضاع ما حاولنا طيلة عشرين سنة .
هند : من أين لي .. وأنا لا أكاد أتمالك أعصابي يا أمي ؟
هند الصغرى : افتح يا منذر .. أنا أختك .. حبيبتك .. هند .. افتح حتى أرك ؟
هند : ليته ما رحل إلى المدائن .. ليته .. النعمان سبب ما نحن فيه .. النعمان .
سلمى : نعم .. قلت له يا نعمان .. لا تفرط فى ولدك .. لكنه أصر .. هو أولى بي و بقومه .. يكون
سفيري .. وعيني فى المدائن .. وغيرها .
هند الصغرى : جدتي .. قولي لي .. لم يفعل بنا كل هذا .. لا بد أنك تعرفين .. نعم تعرفين لم ؟
سلمى : ومن أين لي ومعرفة خبيئة أمره .. ليتني أعرف يا هند .. ليتني .
هند : لا حل سوى النعمان .. ليرى معه ما يراه .
سلمى : ( تهمس ) ربما كان ما نفكر فيه .. ونخاف منه .. لا .. لا .. ابعدي النعمان عن هذه .
هند : وما الحل يا أمي ( تهمس ) ولدى يقتل نفسه .. يقتل نفسه .
سلمى : انتظري و لا تكوني خائرة العزم يا بنت المنذر .. المنذر سوف يرد على .. يجيبني .. ويفتح
بابه .. فهو يحب جدته سلمى .. نعم .. أليس كذلك .. يا منذر .. هيا اخرج لجدتك .. هيا .
المنذر : ( يخرج ، يطالع وجوههن باستغراب وإنكار ، يدور ) وأنت .. هل أنت جدتي حقا ؟
هند : ولدى .. المنذر .
المنذر : المنذر .. يا لكذبتك التى لا تريدين لها أن تنتهي عند حد !
هند : كذبتي .. أنت ولدى .. صحيح أنى لم ألدك .. لكنني ربيتك .. وكبرتك .. حتى غدوت فتى
جميلا
المنذر : وماذا أيضا يا أمي .. لا تتوقفي .. هيا تابعي لعبتك .
سلمى : منذر .. ما هذا الحديث .. و لم كل هذا الحزن يا ولدى ؟
المنذر : لست ولدك .. لست ولدك .
هند الصغرى : منذر .. ماذا تقول ؟
المنذر : أقول لكم لست ولدكم .. ولستم أهلي .. لستم أهلي .
هند الصغرى : لسنا أهلك .. هل جننت يا ابن ملك الحيرة أم أصابك مس من شيطان ؟
هند : ( تنهار أرضا .. تحدث نفسها ) وقع الذي كنت أخشى .. قلت له يا نعمان .. يا أخي ..
لا تجعله يبتعد عن عينيك .. أعمامه من آل أيوب فى المدائن .. والأسود أخوك لن يسكت ..
وبنى مرينا .. وبنى قبيصة .. سنين طوال .. وأنا أخفى حقيقتي بين ضلوعي .. أقدم له محبتي
بحساب ..ليس كأي أم ..أنام على جمر الحقيقة ..وأصحو ..وهو يلازمني ..لا يبرح كياني ..
أنفاسه ..وجهه .. صوته .. حنانه .. عدى .. عدى .. يصرخ بها صدري .. ودمه أطالعه فى
كل جنبات هذا القصر .. هل جاء وقت الحساب يا نعمان .. حساب .. حساب من لمن ..
سوف يقتله كما قتل أباه .. سوف يقتلـ ... لا .. لا .
المنذر : لم لا تتكلمين يا أم المنذر .. ماتت أمي زوج النعمان أبى وهى تلدني .. أليس كذلك ..
تكلمي حتى لا أجن ؟
سلمى : وهذه هي الحقيقة يا ولدى .. هند لا تعرف الكذب .. رفضت الزواج لأجلك أنت .. كم
كان الخطاب كثيرين .. يروحون ويجيئون عليها .. وهى ترفض .. وتصرخ .. لن أترك
المنذر .. ولدى .. ولدى .
المنذر : تضحية عظيمة لولد لم تلده .. أليس كذلك يا بنت المنذر .. و أخت الملك .. و أنت .. هل
أنت جدتي فعلا ؟
هند : منذر .. أي شيء دهاك يا ولدى ؟
المنذر : من أنا يا أمي .. تكلمي .. أبى بن زيد التميمى يقول إنك أمي .. وعمى الأسود بن المنذر
يقول لست ابنا للنعمان .. وبنى مرينا يقسمون أنني لقيط .. من أصدق بالله عليك .. وحق
المسيح عليك .. من أصدق .. من ؟
هند : صدقني أنا .. أنا .. أنا أمك .
المنذر : التي ربتني و كبرتني .. أم التي ولدتني ؟
هند : أنا أمك .. أمك .
المنذر : والنعمان أبى .. هيه .. أبى .. تكلمي .. استمري فى كذبتك .. إياك أن تخجلي منها ..
هيا .. أعيدي نفس الحديث .. نفس الكلمات ..هيا ..املىء به حشو دميتك .. و لا تملى ..
لا تملى .
هند : بل أنا أمك .. أمك .
سلمى : صدقها يا ولدى .. هي أمك .. أمك .
المنذر : أم من .. المنذر بن النعمان .. أم المنذر بن عدى ؟
هند : عدى .. من عدى ؟
المنذر : عدى أبى .. شهيد الخيانة و الخسة .. عدى يا أم .
هند : من حشا رأسك بهذه الغرائب ؟
المنذر : سئمت كل شيء .. سوف أرحل .. لو ظللت هنا سوف أجن .. أجن .
هند : ( تمسك به ) لا .. لا تتركني .. لا .
سلمى : لن يردع هذا الولد إلا أبوه النعمان .
المنذر : النعمان .. ملك العرب .. وقد تدفعينه لقتلى قبل أن أقتله .. أليس كذلك ؟
هند الصغرى : منذر .. أنا لا أفهم عما تتكلم .
المنذر : أريد أن أعرف مثلك .. من أنا .. هل أنا لقيط .. تكلمي يا أم ؟
هند : لا .. أنت ولدى .
المنذر : من النعمان .. من أبى ؟
هند : النعمان .
المنذر : الزوج و الأخ .. كيف ذلك .. أجيبيني .. كيف يكون هو أبى .. كيف ؟
هند : رباك فى حضنه ، وعلى عينه كبرت ، فعلمك وأدبك ، وجلب لك المعلمين ، وأ.........
المنذر : وسقاني و أطعمني و ..... يا أمي أرجوك .. قولي من أبى .. من أبى .. عدى بن زيد حقا ..
أم سقطة لامرأة بعد ليلة عشق قضتها مع رجل عابر ؟
هند : لا .. أنت ولدى .. نزفي ودمى .. أنت ولدى !
المنذر : فمن أبى .. من ؟
هند : النعمان !
المنذر : النعمان قاتل أبى .. قاتل أبى .. أليس كذلك يا جدة .. قولا شيئا .. تكلمي ؟
هند : ليس قاتله .. ليس قاتله .
المنذر : فمن قاتله .. لا تتوقفي ؟
هند : كان سجينا لوشاية فقتله السجان بطريق الخطأ .
المنذر : كيف .. كيف يا بنت المنذر ؟
هند : كيف كيف كيف .. هكذا قالوا .
المنذر : من الذين قالوا .. النعمان .. أبى .. أم خالي .. هيه .. قاتل أبى .. هيه .. أتوسل إليك باسم
المسيح .. الحقيقة .. أين الحقيقة ؟
سلمى : الحقيقة هي ما قالته أمك .. قتله السجان خطأ .
المنذر : بل قتله السجان فى يوم بؤس الملك .. الناس لديه شرائح لحم مجانية .. كحيوان الغاب .. يا
أم .. كانت جثة عدى وليمة فى يوم البؤس .. أليس كذلك ؟
هند الصغرى : لا تقل هذا .. إياك ( تنفجر بالبكاء )
المنذر : أرجو معذرتك يا بنت الملك .. خالي .. لكن هذا هو واقع الحال .. ولائم الدم .. كانت
تعد هنا .. ضحاياها أناس بعينهم يا بنت النعمان .. الشعراء .. والندماء .. و الأحباء .. سلى
أباك عن عدى بن زيد التميمى .. وعبيد بن الأبرص .. وخالد بن المضلل .. وعمرو بن
مسعود بن كلدة .. وغيرهم .
سلمى : لا .. لا يا ولدى .
المنذر : قالوا يا جدة .. سلمى أم الملك اعتزلته بسبب عدى .. حين رفض شفاعتها فيه .. وقالوا
أيضا سلمى أم الملك ارتحلت إلى الصنيين ..وأخبرت عدى بمخاض هند ..و قالوا أيضا ......
سلمى : كفى .. كفى يا زيد .
المنذر : زيد .. من زيد يا أم الملك ؟
سلمى : أنت .. أنت زيد بن عدى .. أحب أولادي إلى قلبي .
المنذر : هل كان ولدك .. أم أنها فرية أخرى ؟
سلمى : ولدى الذي لم ألده .. ما عقني مثلما تفعل الآن .. بل رفعني إلى أعلى مكانة .
المنذر : ولهذا أصبح دمه ماء .. ماء .. ماء يا أم .
هند : ولدى
المنذر : زيد أم المنذر ؟
هند : زيد أو المنذر .. لا يهم الاسم .. أنت من يهمني
المنذر : حقا ؟ هيه يا هند .. يا ابنة الخال .. أصبحنا أعداء فى لحظة .. كنت أختي .. حبيبتي .. ومن
الآن ستكونين وأخوتك عدوى وثأري .
هند الصغرى : أنا .. أنا يا منذر ؟
المنذر : أنت و أبوك .. أبى الذي ربى و كبر و علم .. ودفع بي لأعرف الحقيقة بنفسي .. تصرف
دوني وضيع .. ماكان يجب أن يفعله .. لم يحترم أبى مثقال ذرة .. إنسانيته .. دمه .. محبته ..
وظنه نسيا منسيا .. لا قيمة له .. أليس كذلك .. يا أخت الملك ؟
هند : ولدى .. لا تقل هذا .. لا تقله .
المنذر : سنين و أنا أتصفح صفحات بؤسه المقيت و نعيمه .. و لا أجد اسما من علية القوم الذين
يخشاهم .. ليس إلا المحبون يا أم .. ليس إلا .......
هند : كانت أياما سود .. وكان عدى الأحب إليه
المنذر : فلم فعل ؟
هند : نهشت عقله وقلبه ذئاب الصحراء .. وضيقوا عليه الخناق حد الموت .
المنذر : وما ذنب عدى ؟
هند : ذنبه الحلم ..يطوى صدره عليه ..زهرة الآس التي مازالت رغم ذبولها .. تعطى العطر والمعنى
المنذر : ولم يخف النعمان هجرس تغلب .. ولد الجليلة .. لم يخف من زيد بن عدى .. لم يخف يالقلبه
الجسور .. جساس الذي قلب موازين العرب حد الفناء .. جساس و النعمان .. الفارق أن
جساسا قتل الملك .. و الملك قتل عدى المحب .. قتله .. قتله !!
سلمى : تعال لحضن جدتك يا منذر .. تعال حتى لو كنت الهجرس نفسه !
المنذر : وأنت يا جدة .. جف الكلام في حلقي .. جف .. ولم أعد أستطيع أن أبادلكم حبا بحب ..
نعم .. اليوم أرحل .. أرحل بعيدا حتى أكون جديرا بدمى !
هند : زيد .. ولدى .. ترحل .. لا .. لا .. ولمن أعيش يا ولدى .. لمن ؟
المنذر : لا حل سواه يا أمي .. و إلا مت كمدا حتف الأنف !
هند : و حلم أبيك الذي لم تسلني عنه بعد ؟
المنذر : أي حلم .. الذي اغتاله .. لا .. لن أكون وليمة مثل أبى .. لا .. هنيئا لكم آل المنذر
بمليككم الهمام !
هند الصغرى : منذر .. زيد
المنذر : أنا مثلك يا هند .. لا أعرف و إلى الآن .. من أنا .. المنذر أم زيد !!
هند الصغرى : زيد .. لا تتركنا !
المنذر : وبعد .. أقدم محبتي لقاتل أبى ، وفى ضميري غصة ووجع .. أتمنى كل لحظة لو كانت رشفة
الماء سما ..أو قضمة اللحم نارا تهرى كبده .. لن ترتضى لى هذا المصير يا هند .. لن ترتضيه .
هند الصغرى : زيد .. لن أتركك ترحل .. لن أتركك !
المنذر : لا بد يا هند .
هند الصغرى : فلتأخذني معك ؛ فأنا ما عدت أنتمي إلى هنا !!
المنذر : لا .. بأية صفة ترحلين معي .. أختي .. أم خليلتي .. أم .... لا
هند الصغرى : أية صفة يا زيد ؛ فأنا لا أتصور أن يخلو ا عالمي منك .. كيف أصحو فلا أجدك هنا .. كيف
بالله عليك ؛ و أنت تملأ روحي .. كيف ؟
هند : ارحمني .. ارحم أمك يا زيد
المنذر : ودمى ..كيف يرحمني ..كيف يا زوج العظيم عدى .. كيف ( يتحرك وهو يتأملهن مودعا )
معا : زيد .. زيد .
إظلام
يتبع
تعليق