الشخصيات
إلهام : تحب ابن خالتها أيوب
أيوب : يحب إلهام
عمار : أغنى أغنياء القرية.
إبراهيم : والد إلهام.
سعيدة : خادمة لذا عمار.
ياسر : سجين بتهمة حيازة المخدرات.
عبده و جابر : رجال عمار. اليدين اللذان يبطش بهما عمار.
حفار القبور
المشهد الأول
بجوار حقل من حقول قرية."......... "
تدخل الهام ( 24 سنة ) من جهة اليمين و يدخل أيوب ( 28 سنة ) من الجهة اليسرى للمسرح
الهام : مرحبا يا أيوب. كيف حالك و كيف حال خالتي كريمة؟
أيوب : مرحبا حبيبتي الهام. الكل بخير و على ألف خير... كيف أصبحت بعد الوعكة الصحية التي ألمت بك؟
الهام : انه مجرد زكام. الحمد لله. لقد شفيت منه.
أيوب : لكم اشتقت للنظر في وجهك الجميل و لسماع كلماتك الرنانة و للمسة يدك .....
الهام ( تنظر إلى الأرض ) : و أنا أيضا اشتقت لكلامك الجميل .....و لكن ، دعنا من حديث الغزل الآن . لقد....لقد حدث لي شيء هذا الصباح و أردت أن أخبرك به.
أيوب : ما هذا الشيء يا الهام؟
الهام ( بعد صمت قصير ) : كنت ذاهبة هذا الصباح لشراء اللحم من الجزار حينما.... حينما اعترض طريقي عمار.
أيوب ( بغضب ) : من يحسب نفسه ذلك الشخص؟ ألا يعرف أننا مخطوبين و ما هي إلا أسابيع معدودة حتى نصير زوجا و زوجة و نعيش تحت سقف واحد؟
الهام : كيف لا يعرف ذلك و الكل في القرية على دراية به؟ كل ما في الأمر أن عمار يعتقد انه بنفوذه و ماله و سلطاته يستطيع شراء كل شيء.
أيوب ( يريها قبضة يده ) : أقسم بالله يا الهام إن رأيت ذلك الشخص لأحطمنّه تحطيما و لأهشم عظامه.
الهام : عديدون هم من حاولوا ذلك قبلك و لكن لم يصلوا إلى مبتغاهم. انك تعلم أن كل سكان القرية عمال في أراضي عمار هذا .
أيوب : و يعتقد انه يملك الحجر و البشر؟ أنت تعلمين يا الهام انك شخص أحبه أكثر من نفسي و أنا مستعد لفعل أي شيء للحفاظ عليك. فأنا أخاف عليك من نسمة الهواء . فكيف بجبار متغطرس مثل عمار؟
الهام ( تنظر إلى خلف أيوب في ذعر ) : يا الاهي. انه قادم.
أيوب ( من تقصدين ؟
الهام : و من غيره. عمار. انه قادم باتجاهنا.
( يدخل عمار. 30 سنة )
عمار : مرحبا يا حلوة. كيف حالك؟
الهام ( لا تجيب )
أيوب : أرجو أن تراعي يا سيد عمار أن الهام خطيبتي.
عمار ( ينظر إلى أيوب ) : اعذرني يا أيوب. لم ألحظ وجودك. ( يلتفت إلى الهام ) كيف أصبحت اليوم؟ سمعت انك كنت طريحة الفراش.
الهام ( تنظر إلى الأرض ) : بخير.
عمار : تعذر علي زيارتك في البيت نظرا لأشغالي الكثيرة..... و لكن أرى أنك استعدت عافيتك و اشراقتك و جمالك.
أيوب ( بنبرة غضب ) : ألن تكف عن مغازلة الهام في وجودي؟
عمار ( يلتفت إلى أيوب ) : آه ....أنت هنا يا أيوب..... اعذرني لم الحظ وجودك. ( يلتفت إلى الهام ) ما رأيك لو ترافقيني في جولتي الصباحية حول العمال و الحقول؟
أيوب : لقد تماديت و يجب أن أعلمك أصول الآداب.
عمار : و من تكون حضرتك لتعلمني أصول الآداب؟
أيوب : أنا ، و كما تعرف ذلك جيدا ، خطيب الهام و زوجها في المستقبل القريب.
عمار : ماذا تقول؟؟ زوجها في المستقبل القريب؟؟ و من سمح بتزويج جوهرة مثل الهام لك أنت؟ أنا لا أسمح لإلهام أن تتزوج بك.
أيوب ( ينظر إليه في استغراب غير مصدق ما يسمع ) : ماذا؟؟ لن تسمح لها بالزواج بي؟؟ و من تكون حضرتك كي تقرر من تتزوج؟ أأنت ولي أمرها؟
عمار ( ينفخ صدره ) : لأنني و بكل بساطة سأتزوجها أنا.... وليس أنت.
أيوب ( يبتسم ساخرا ) : تتزوجها أنت ؟
الهام ( تخاطب عمار ) : لن أتزوجك و لو بقيت آخر رجل على وجه البسيطة.
عمار ( يحدق في الهام ) : أتتحدين إرادتي يا الهام؟ أنا لا انطق من فراغ ..... و تعرفين جيدا انه إن أردت شيئا فسأحصل عليه.......بكل الوسائل.
أيوب : اسمع يا عمار : الهام ليست بشيء . وهي لن تصبح زوجتك أبدا، حتى و لو اضطررت لمحاربتك.
عمار ( بسخرية ) : محاربتي؟ و من تكون حتى تحاربني؟ أنت بالنسبة لي مجرد حشرة.
أيوب ( يجمع قبضته استعدادا للكم عمار ) : حشرة أيها المتكبر اللعين؟ سوف أريك.
الهام ( تمسك بأيوب ) : دعك منه يا أيوب. أرجوك.... هيا نذهب من هنا.
أيوب : لن اذهب قبل أن ألقن هذا الشخص درسا في التواضع و احترام الغير.
عمار ( باحتقار) : أنت....تعلمني أنا؟؟؟ اعلم يا أيوب انك لابد نادم على كل كلمة تفوهت بها. سوف تدفع الثمن غاليا.
أيوب : أنا مستعد لمحاربة نفوذك و جبروتك للفوز بحبيبتي الهام.
عمار : حبيبتك؟؟ إنها زوجتي و سوف نرى. سوف أجعلك تندم على كل كلمة تفوهت بها. سوف تدفع الثمن غاليا.
أيوب : إن فعلتها ، فانك بذلك تكون قد فتحت أبواب جهنم عليك.
عمار ( يضحك ) : هاهاهاها.... جهنم؟؟ ( بجدية ) أقسم أن أأدبك. أقسم بذلك. و سوف ترى ما أنا قادر عليه. ( يشير إلى الهام ) أما أنت يا حلوتي ، استعدي لحفل زفافنا.
( يخرج عمار )
أيوب : لماذا لم تتركيني أشبعه لكما؟ لماذا؟
الهام : لأنني اعرف خبث عمار هذا و ألاعيبه. ...أنا خائفة جدا مما سيأتي في القادم من الأيام يا أيوب.
أيوب ( يمسك بيد الهام ) : لا تخشي شيئا يا حبيبتي. سوف نتزوج و آخذك بعيدا عن أنظار هذا الشخص.
الهام : أنا خائفة جدا يا أيوب. خائفة جدا.
أيوب : لا تخافي. سوف أحميك و لو اضطررت للموت في سبيل الفوز بك و تحدي هذا المتغطرس.
الهام : يجب أن أعود للبيت الآن .
أيوب : اذهبي يا حبيبتي. في المساء سأزوركم في البيت لاستعجال موعد الزفاف.
( يخرج أيوب و الهام ، كل من جهة )
المشهد الثاني
في فيلا عمار.
في إحدى الغرف.
يدخل عمار غاضبا متبوعا بعبده ( 36 سنة ) و جابر( 38 سنة )
عمار : عبده ، هل أحضرت ذلك المدعو إبراهيم كما طلبت منك؟
عبده : نعم سيدي عمار. انه ينتظر في الخارج.
عمار : أدخله إذن.
( يخرج عبده )
جابر : و أنا يا سيدي ، هل أنت بحاجة لي؟
عمار : دائما مستعجل يا جابر. انتظر لحظات و سأكلفك بمهمة شديدة الأهمية.
( يدخل عبده متبوعا بإبراهيم ( 72 سنة ) )
إبراهيم : صباح الخير يا سيد عمار. حالما عرفت انك استدعيتني حضرت راكضا.
عمار ( يديه خلف ظهره ) : إبراهيم ، أريد أن أطلب منك شيئا.
إبراهيم : عيوني يا سيد عمار. تعرف أنني مدين لك بكل شيء في حياتي. أنا أحيا من خيراتك.
عمار : لا حاجة لي بعيونك.... أنا راغب في الزواج من ابنتك الهام.
إبراهيم ( مصدوم ) : ماذا؟؟؟ الهام....زوجة لك؟ ولكن يا سيد عمار.... ( لا يكمل جملته )
عمار : و لكن ماذا؟
إبراهيم : ابنتي الهام مخطوبة منذ وقت ليس بالقصير لإبن خالتها أيوب و سيقيمان عرسهما بعد أسابيع من الآن.
عمار : أأفهم من كلامك أنك غير راغب في مصاهرتي؟ ترفضني أنا و تقبل بذلك المسمى أيوب صهرا لك؟
إبراهيم ( مرتبك ) : ليس ذلك ما قصدته يا سيد عمار..... فأنا أتشرف بمصاهرتك و لكن... ( لا يجد كلماته )
عمار ( بهدوء دائما ) : أريد جوابا صريحا : هل تقبل بتزويجي ابنتك الهام أم سأضطر للزواج بها على طريقتي الخاصة؟ سواء أأحببت أم أبيت. و أنت تعرف ما أنا قادر على فعله للحصول على ما أريد. فما ردك؟
إبراهيم ( صمت )
عمار : إذن ، لنتوكل على الله. مبروك يا سيد إبراهيم مسبقا. سيكون حفل الزفاف الأسبوع القادم. اذهب و أنبئ ابنتك الهام لتستعد.
إبراهيم ( مرتبك ) : و لكن يا سيد عمار....و لكن...
عمار ( مقاطعا ) : ولكن ماذا يا إبراهيم؟ أترفضني زوجا لإبنتك؟
إبراهيم ( يتلعثم ) : يجب....يجب أخذ رأي..... رأي ابنتي الهام في الأمر.
عمار ( بهدوء ) : لا تضطرني يا إبراهيم لسلك طرق أخرى لإتمام هذا الأمر. تعرف انك مدين لي بمبلغ كبير من المال و أنك وقعت شيكا بذلك المبلغ. يمكنني أن أدخلك السجن إذا رغبت في ذلك. كما تعرف أن باستطاعتي تحويل حياتك و حياة عائلتك إلى جحيم و أنزلكم إلى مرتبة الشحاذين دون أن يساعدكم فرد من سكان القرية أو يمد لكم و لو لقمة واحدة لأن كل أهل القرية يخافون بطشي. هل هذا ما تريده يا إبراهيم؟....تكلم.
إبراهيم ( ينظر إلى الأرض . بصوت منخفض ) : حسنا يا سيد عمار. سأخبر ابنتي أن تستعد للزواج منك.
عمار : ماذا قلت؟ أفصح كلامك. لم اسمع جيدا.
إبراهيم ( ينظر إلى عمار ) : لقد قلت مبروك يا سيد عمار. هل.... هل أستطيع الذهاب لأزف لإبنتي الخبر......السعيد؟
عمار ( ابتسامة نصر ) : بالطبع يا حماي العزيز. يمكنك الذهاب.
( يخرج إبراهيم و هو يجر قدميه ، كأنه قد كسب عشرين سنة بعد لقاءه بعمار )
عمار ( يلتفت إلى عبده ) : نادي على الخادمة سعيدة يا عبده.
عبده : حاضر يا سيد عمار.
( يخرج عبده )
عمار ( يلتفت إلى جابر ) : اسمعني جيدا يا جابر.
جابر : كلي آذان صاغية يا سيد عمار.
عمار : في المساء ، خذ ثلاثة بقرات من حظيرتي دون أن يراك احد و اذهب بهم إلى صديقي ياسين في القرية المجاورة.
جابر : هل تنوي بيعه إياهم؟
عمار : لا تقاطعني يا هذا و اسمعني إلى الآخر . سوف ينقدك ثمن البقرات. تأخذ ذلك المال و تضعه بطريقة أو بأخرى في بيت ذلك المدعو أيوب دون أن يحس بك. بعد ذلك ، سيأتي دوري لإبلاغ الشرطة عن سرقة ثلاثة بقرات من حظيرتي. و بمكالمة من مجهول ، ستعرف الشرطة أن السارق هو أيوب كما سأهاتف صديقي ياسين ليخبر الشرطة أن ياسين هو من باعه البقرات الثلاث. هل استوعبت جيدا ما أريده منك؟
جابر : اطمئن يا سيد عمار. في الغد يكون أيوب مكبلا و قابعا في السجن بتهمة السرقة. أية أوامر أخرى؟
عمار : أغرب عن وجهي و لا أريد رؤيتك إلا و قد نفذت أوامري.
( يخرج جابر )
عمار ( يخاطب نفسه ) : تتحداني يا أيوب؟ سأريك ما أنا قادر عليه.
( يدخل عبده متبوعا بالخادمة سعيدة ( 22 سنة ) )
عمار : سعيدة.
سعيدة : تحت أمرك يا سيد عمار.
عمار : أريدك أن تجهزي غرفة نومي. سوف تحضر زوجتي قريبا.
سعيدة ( تطلق زغرودة ) : لي لي لي لي..... . ألف مبروك يا سيد عمار. و من تكن العروس السعيدة يا سيد عمار؟
عمار : إنها الهام ابنة إبراهيم.
سعيدة ( مستغربة ) : الهام؟؟؟ و لكنها مخطوبة منذ سنين لأيوب.
عمار ( بنبرة حادة ) : ماذا تقولين؟
سعيدة ( مرتبكة ) : لم اقل شيئا يا سيد عمار...لم اقل سوى ألف مبروك.
عمار : أغربي عن وجهي الآن و نفدي ما أمرتك به. ستحضر العروس بعد أسبوع من الآن. ( يلتفت إلى عبده ) و أنت يا عبده، تعال معي. هناك أمور يجب معالجتها في حقل من حقولي.
عبده : حاضر يا سيد عبده.
( يخرج عمار متبوعا بعبده )
سعيدة ( تخاطب نفسها ) : ماذا؟؟ أتسرق الهام من خطيبها أيوب؟ لماذا يا عمار؟ لماذا؟ ألم تجد في أرض الله الواسعة سوى الهام الطيبة لتدمر حياتها و حياة خطيبها و حبيبها أيوب؟؟....ترى ماذا سيكون رد فعل أيوب لذا سماعه الخبر؟ ( تفكر للحظة ) و هل يستطيع فعل أي شيء أمام قوة و جبروت عمار؟....ماذا دهاني؟ أضيع وقتي في كلام فارغ؟ يجب أن أذهب لتجهيز غرفة النوم و إلا نلت عقابا شديدا.
( تخرج سعيدة )
المشهد الثالث
في بيت متواضع من بيوت القرية. إنه بيت السيد إبراهيم، والد إلهام.
يدخل السيد إبراهيم متكئ على عكاز و بجواره إلهام تحمل حقيبة كبيرة الحجم.
إبراهيم : أرجوك يا ابنتي أن تسامحيني. فأنت تعرفين أن لا حول لي و لا قوة أمام جبروت و قوة و نفوذ عمار.
إلهام : لا داعي للأسف يا والدي العزيز. أعرف أن لا أحد يستطيع مجابهة عمار و الوقوف ضده.... أنا لا احمل هما لنفسي. فأنا أفكر في أيوب المسكين الذي يقبع في السجن الآن بتهمة ملفقة.
إبراهيم : جميع من في القرية يعرف ذلك و متعاطف مع أيوب . فهو غير قادر على سرقة بيضتين. فكيف الحال ببقرتين؟ و لكن التهمة كانت محبوكة بحيث وجدت الشرطة المال تحت وسادته في غرفة نومه. و أتساءل كيف استطاع عمار و رجاله الوصول إلى غرفة نوم أيوب دون أن يراهم أحد أو يشعر بوجودهم.
إلهام : عمار قادر على فعل أي شيء.... أسمع طرقا على الباب . سأذهب لأرى من الطارق.
( تخرج و تعود متبوعة بالخادمة سعيدة )
سعيدة ( الحزن باد عليها ) : أنا جد آسفة لما يقع لك يا إلهام. أنت فتاة طيبة و لا تستحقين العيش تحت سقف واحد مع وحش مثل عمار.
إلهام ( ابتسامة حزينة على شفتيها ) : لقد خطط و دبر كل شيء من اجل الوصول إلى مبتغاه.
سعيدة : و لكن ( تنظر يمينا و يسارا و تخفض صوتها ) لماذا لم تفكري في الهرب بعيدا عن هذه القرية حتى تنفذي بجلدك؟
إلهام : و اترك عائلتي تحت تصرفه حتى ينتقم منهم بسببي؟ أفضل أن أضحي بنفسي في سبيل خلاص عائلتي من قبضة عمار. ثم قولي لي يا سعيدة ، لماذا الهرب و إلى أين؟ كنت سأفكر في الهرب لو أن أيوب بجانبي ليساندني و يحميني. و لكن و أنا وحيدة لا حول لي و لا قوة، فليس لي سوى الاستسلام لإرادة عمار الجبار.
سعيدة : مسكين أيوب . زج به في السجن و جرمه الوحيد هو حبه لك بإخلاص.
إلهام : المهم ، لا فائدة من الكلام...هل نذهب؟
سعيدة : هيا بنا لتري بيتك ....أو بالأحرى سجنك.
إلهام : صدقت يا سعيدة. ( تلتفت على إبراهيم و تقبل يده و رأسه ) : إلى اللقاء يا أبي العزيز. و أرجوك أن لا تحزن لأجلي. سأكون بخير. المهم أن تفكر في صحتك . سآتي لزيارتك و العائلة من حين للآخر. و حتى لو تعذر علي القدوم ، سأرسل سعيدة نيابة عني لتطمئنكم علي و تأتيني بأخباركم.
إبراهيم ( يقبّل رأس إلهام ) : سامحيني يا ابنتي.... سامحيني أرجوك.
إلهام ( تمسك بيدها اليمنى تمسك بسعيدة . و بيدها اليسرى تحمل الحقيبة ) : هيا بنا يا سعيدة.
( تخرج إلهام متبوعة بسعيدة )
إبراهيم ( الألم يعتصر قلبه ) : أرجوك سامحيني يا إلهام.....
( يخرج إبراهيم )
المشهد الرابع
ساحة داخل السجن
يدخل أيوب يرتدي ملابس المسجونين. يتجه إلى أقصى المسرح و يجلس القرفصاء و هو غارق في تفكيره. يدخل ياسر( 24 سنة ) بزي المساجين أيضا . ينظر يمينا و يسارا بحثا عن شخص ما. يرى أيوب. ترتسم إبتسامة على شفتيه. يقترب منه.
ياسر : سلام يا باشا.
أيوب ( يحدق فيه ) : ماذا تريد يا هذا؟ ألا تراني قد إبتعدت عن الجميع حتى أختلي بنفسي؟
ياسر ( يجلس بجوار أيوب )
أيوب : من قال لك أن تجلس بجواري؟ أنا لم و لن ادعوك.
ياسر : جئت فقط لأشكرك على إنقاذي من تلك المجموعة من المساجين الذين ما فتئوا يهزؤون بي .
أيوب : ها أنت قد شكرتني. إذهب إلى حال سبيلك و اتركني في حالي.
ياسر : ألا تمل من الجلوس وحدك؟ في الزنزانة توثر الصمت على الكلام و هنا في الساحة دائما منعزل عن الجميع.
أيوب ( ينهض من مكانه ) : سوف اترك لك هذا المكان و ابحث لنفسي عن مكان آخر.
ياسر ( ينهض أيضا و يمسك بيد أيوب ) : إنتظر لحظة. لدي ما أقوله لك.
أيوب : لقد شكرتني و انتهى الأمر.
ياسر : هل لي أن اعرف قصتك يا أيوب؟ مضى شهر على إقامتك هنا و لا احد يعرف بالضبط لماذا ألقي بك في السجن.
أيوب : ذلك ليس من شأنك و لا من شان أي احد هنا. ذلك شيء يخصني وحدي .
ياسر : سؤالي كان مجرد فضول. ....المهم ، أتود معرفة الخبر الجيد الذي قد يغير مجرى حياتك هنا؟
أيوب : أنا سعيد بحياتي و لا أفكر في التغيير. كل ما أفكر فيه هو يوم خروجي من هذا السجن لأنتقم لنفسي من الشخص الذي زجّ بي خلف هذه الأسوار الخانقة.
ياسر ( ينظر يمينا و يسارا و يتكلم بصوت منخفض ): لقد قرّبت علي المسافة. ذلك هو الموضوع الذي كنت أود محادثك بشأنه.
أيوب ( يحدق في ياسر ) : إلى ماذا تلمح بكلامك هذا؟ تكلم.
ياسر : أنا أيضا أتوق للخروج من هنا للانتقام من عمي الذي دسّ المخدرات في جيب معطفي و اتهمني بالإتجار في المخدرات لأني طالبته بحق والدي المرحوم في أرض جدي التي نهبها .
أيوب : قلت أن تفصح عن كلامك. لا أن تروي لي قصة حياتك..... ماذا تريد أن تقول بكلامك أنت أيضا تتوق للخروج من هنا.
ياسر ( دائما بصوت منخفض ) : عندي خطة للهرب من السجن . و لكن لا استطيع تنفيذها لوحدي. أحتاج لشريك أثق به.
أيوب : خطة ؟؟ عن أية خطة تتكلم؟ أتفكر في حفر نفق مثلا كما رأيت في أحد الأفلام الأجنبية؟
ياسر : دعك من خيال الأفلام و عش الواقع. أنا هنا منذ سنة و نصف و اعرف كل شخص هنا كما اعرف توقيت تغير الحراسة و توقيت قدوم المئونة و الملابس المكوية و سيارة القمامة. و أثناء ملاحظاتي ، خطرت لي فكرة و هي استغلال سيارة القمامة للهرب من هنا.
أيوب : اشرح لي خطتك.
ياسر : أرى انك مثلي تتوق للهرب من هنا.
أيوب : قلت لك اشرح لي خطتك و لا تراوغ.
ياسر : خطتي جد محكمة و لكن تتطلب وقتا و صبرا.
أيوب : لا تثر أعصابي بكثرة الكلام دون الدخول في صلب الموضوع.
ياسر : لنجاح خطتي ، يجب أن تكون الثقة عمياء بيننا. و نستطيع التفاهم بنظرة أو إشارة. هل أنت مستعد لأن تثق بي ثقة عمياء؟
أيوب ( ينظر على الأرض و هو يفكر )
ياسر : الثقة أهم عنصر لنجاح الخطة. إن لم تكن الثقة موجودة مليون بالمائة فلن تنجح الخطة.
أيوب : أنا مستعد للتعاون معك.
ياسر : لقد سمعت كلامي جيدا : أنا أقول أن تثق بي مليون بالمائة.
أيوب ( بعد تردد ) : في الحقيقة ، أنا لا أعرفك جيدا حتى أثق بك مليون بالمائة.
ياسر ( يبتسم ) : لنتعارف إذن. اسمي ياسر و أنا هنا بتهمة حيازة المخدرات و مدة سجني تبلغ خمس سنوات. قضيت منها سنة و نصف.
أيوب : حتى في الأمور الجدية لابد لك من المزاح؟
ياسر : أردت فقط أن اشرح لك بطريقة غير مباشرة أن تغير طريقتك في التعامل معي حتى نستطيع تنفيذ خطتي.
أيوب : أنا مستعد لعمل أي شيء من اجل الخروج من هنا.
ياسر : ليس الاستعداد هو ما نحتاج إليه. كل المساجين هنا لديهم الاستعداد لعمل أي شيء للهرب من هنا. ما اطلبه منك هو الصبر و الاحتياط و دراسة شخصية كل شخص من حولنا، سواء كان سجينا أم حارسا. و الأهم من ذلك هو أن تثق بي.
أيوب ( يزفر ) : صدقت....يجب أن يكون الصبر و الاحتياط هما حليفانا حتى تنجح الخطة. و لكن ، ألا يجب عليك أن تشرح لي خطتك حتى نتعاون؟
ياسر : قبل شرح الخطة ، يجب أن أشرح لك بعد التفاصيل : احذر الشخصان المقيمان معنا في الزنزانة. فاحدهما شرطي متخفي في زي سجين لاستدراج أحد المساجين للبوح بشركائه في تجارة المخدرات خارج أسوار السجن. أما الثاني ، فهو ثرثار لا يعرف قفل فمه.
أيوب : تعرف أني لا اكلم أحدا في السجن.
ياسر : ذلك خطأ يا صديقي. يجب أن تعاشر وتخالط المساجين و الحراس للحصول على المعلومات التي قد تفيدنا في تنفيذ خطتنا. هل تعتقد أنني أتكلم مع الجميع حبا فيهم؟ أفعل ذلك لدراسة ما حولي ووضع خطة محكمة للهرب من هنا.
أيوب ( بعد تفكير قصير ) : فهمت قصدك. يجب أن أعاشر المساجين لأنهم قد يفيدونني بمعلومة استغلها لصالحي.
ياسر : عظييييم . أرى انك بدأت تتعلم. ( تسمع صافرة ) هذه صافرة إعلان انتهاء الاستراحة. هيا بنا يا صديقي أيوب.
( يخرج أيوب و ياسر )
المشهد الخامس
في بيت عمار
تدخل إلهام و قد هزلت و ذبلت و لم تعد إلهام التي رأيناها في المشاهد السابقة. تدخل بخطى متثاقلة و كأنما كسبت عشرين سنة من العمر في ظرف شهر و نصف.
بعد دقيقة و نصف يدخل عمار.
عمار ( يقترب من إلهام مبتسما ) : صباح الخير حبيبتي إلهام. كيف حالك؟
إلهام ( تنظر إلى الأرض في صمت )
عمار : لقد سألت عنك سعيدة و قالت أنك لم تتناولي طعام الإفطار بعد. هل أنت مريضة؟
إلهام ( دائما صمت )
عمار : أو ربما ترغبين في زيارة بيت والديك. اشتقت إليهم ، أليس كذلك؟
إلهام ( صمت )
عمار : يمكنك الذهاب و قضاء يومين عندهم إن شئت. فمنذ ليلة العرس ، أي ما يربو عن شهر و نصف ، لم تطأ أقدامك بيت العائلة.
إلهام ( صمت )
عمار : ما بك يا إلهام لا تجيبين؟
إلهام ( صمت )
عمار : أرجوك أن تخبريني ما بك. فكيف لي أن أعرف دواءك إن لم اعرف داءك.
إلهام ( صمت )
عمار ( يمسك يد إلهام اليمنى و لكنها تنزعها من بين يديه ) : ما بك؟ ألا يحق لي أن أمسك يد زوجتي؟
إلهام ( صمت )
عمار ( بغضب ) : اسمعيني جيدا يا إلهام : لقد طفح الكيل و سئمت صمتك هذا. فمنذ حفل الزفاف و أنت توثرين الصمت على مكالمتي. لقد كنت صبورا جدا و متساهلا جدا و حاولت جاهدا معاملتك بكل رقة و حنان. و لكن ذلك لم يجد نفعا. هل افتقدت وجهي الأخر العنيف أم ماذا؟
إلهام ( صمت )
عمار : شهر و نصف و لم اشعر خلالها أني عريس. فأنت دائما تقابلينني بعبوس و حزن كأنك في مأثم لا في شهر العسل...... و كأنني أتعامل مع جماد و ليس إنسان.
إلهام ( صمت )
عمار : تكلمي يا إلهام.....قولي شيئا..... عبري عما بداخلك....
إلهام ( تنظر إلى عمار ) : تريدني أن أتكلم؟ أعتقد أن كلامي سوف يجرحك كثيرا.
عمار ( بنبرة فرح ) : و أخيرا تكلمت و نطقت. تكلمي و قولي ما تريدين. فصوتك عذب كالموسيقى.
إلهام : و لكن كلماتي جارحة كالسكاكين.
عمار : ألم تنسي بعد يا إلهام ذلك الماضي البئيس؟ ألا ترضين بالنعيم الذي تعيشين فيه؟ تأكلين أشهى المأكولات و تلبسين أفخر الملابس ما كنت لتحلمي ارتداءها. ألم تلاحظي انه بفضلي أنا انتقلت من حياة البؤس إلى حياة النعيم؟
إلهام : كانت الحياة التي أحياها جنة بالمقارنة مع حياتي الراهنة. على الأقل كان فيها حب....هذه الكلمة التي لن تفهم معناها أبدا.
عمار ( باستهزاء ) : حب؟؟ و ما فائدة الحب مع الفقر؟ أفضل عيش الثراء دون حب على فقر يغرقني حبا.
إلهام : ذلك لأنك لم تجرب الحب. لقد كان أيوب يقول لي....
عمار ( يصرخ غاضبا ) : لا تذكري ذلك الاسم أمامي. أنسيتي أنني زوجك و لا يحق لك ذكر شخص آخر أمامي؟
إلهام : لقد تزوجتني فعلا و أقمت عرسا لذلك. و لكن و للأسف ، تزوجت بجسدي فقط. أما عقلي و قلبي و عواطفي و مشاعري فلا زالت متعلقة بأيوب الذي....
عمار ( يصرخ ) : قلت لك لا تذكري ذلك الشخص أمامي. ألا تفهمين؟
إلهام ( بهدوء ) : أنا لا اخجل من ذلك. لقد أحببته و لا أزال أحبه.
عمار ( يرفع كفه مستعدا لصفعها )
إلهام ( تنظر إليه في هدوء و هي تنتظر الصفعة )
عمار ( ينزل كفه دون صفعها) : خير لك أن لا تذكري ذلك الشخص أمامي و إلا كان عقابي شديدا.
إلهام : يجب عليك يا سيد عمار أن تتحمل عواقب زواجك من حبيبة غيرك. أنت من أراد تفريقنا و الزواج بي رغم علمك مدى حبي لأيوب و أن.....
عمار ( بغضب ) : اخرسي أيتها الملعونة...... أرى أن اللين و الطيبة لا تنفعان معك و يجب أن أعاملك كما أعامل خادمة.......خادمة... لقد خطرت لي فكرة ، اعلمي انك منذ اليوم لن تغادري أبدا هذا البيت إلا إلى قبرك . واعلمي انك ستكونين مسجونة داخل هذه الفيلا . و سوف أحرمك من حقوقك كزوجة و أهجر فراش الزوجية. فلا أنت زوجة و لا أنت مطلقة. سوف أأدبك و أجعلك تركعين أمامي و تطلبين عفوي و رحمتي.
إلهام ( صمت. إبتسامة ساخرة على شفتيها )
عمار : أرى أن كلامي لا يحرك فيك ساكنا. ما رد فعلك حيال هذا العقاب؟
إلهام ( تنظر إلى عمار نظرة تحدي دون أن تنطق بكلمة )
عمار : أرى أن كلامي لا يؤثر فيك. أعتقد أنني سأكشف عن الضربة القاضية التي ستهد حصون إصرارك و عنادك. أتدرين ماذا أعددت لك من مفاجأة؟
إلهام ( صمت )
عمار : سوف تعرفين الآن ( ينادي على سعيدة ) سعيدة..... سعيدة.....
( تدخل سعيدة )
سعيدة : نعم يا سيد عمار . هل وقع أي مكروه حتى تصرخ بهذه الطريقة؟
عمار : جهزي سريرا آخر لإلهام في غرفتك. فهي ستحل ضيفة عليك.
سعيدة ( غير مصدقة ما تسمع ) : ماذا؟؟؟ و لكنها زوجتك و لا يصح أن....
عمار ( مقاطعا ) : منذ متى و أنت تناقشينني في أوامري ؟
سعيدة ( بخجل ): العفو يا سيد عمار..... سأنفذ أوامرك حالا.
عمار : وخدي كل ثيابها إلى خزانتك. فهي سوف تعيش معك منذ الآن فصاعدا.
سعيدة : كما تشاء سيد عمار.
عمار : وجهزي غرفتي. فقد قررت أن أتزوج خلال أسبوع من الآن.
سعيدة ( تنظر إلى إلهام ثم إلى عمار غير مصدقة ما تسمع ) : و لكن يا سيد عمار، أنت متزوج حديثا من إلهام. كيف تتزوج عليها بهذه السرعة؟
عمار : قلت لك نفذي و لا تناقشي أوامري. مفهوم؟
سعيدة : حاضر يا سيد عمار. كل ما تريده سينفد.
عمار : سأخرج الآن ....لذا عودتي في المساء ، أريد كل شيء حسبما أمرتك.
سعيدة : اطمئن يا سيد عمار.
( يخرج عمار )
سعيدة ( تلتفت إلى إلهام ) : ما الذي يحصل هنا؟ ما الذي وقع حتى قرر أن يحضر ضرة لك بهذه السرعة؟
إلهام : ليفعل ما يشاء و يتركني لحالي. هل يعتقد أني سأكون رهن إشارته كخاتم في أصبعه؟
سعيدة : لم افهم شيئا يا الهام.... و لماذا يعاقبك بترحيلك إلى غرفتي أنا الخادمة و أنت سيدة البيت.
ألهام : أنا لست سيدة البيت. هناك سيد واحد لهذا البيت. ....هيا نحمل أغراضي إلى غرفتك كما أمر و إلا كان عقابك شديدا.
سعيدة : و لكن ، هذا ظلم. كيف ....
إلهام ( مقاطعة سعيدة و تبتسم لها ) : و هل زواجي منه عدل؟ هل زجه لأيوب في السجن عدل؟.... لا داعي لمناقشة أمور لن تتغير مهما ناقشناها أو حللناها. هيا نحمل ملابسي إلى غرفتك و نجهز غرفة نومه لزوجته الثانية. النوم في غرفتك أرحم من النوم إلى جوار عمار.
سعيدة : و ما رأيك في زواجه؟ ألن تعترضي؟
إلهام ( تخرج و هي تضحك ) : ها ها ها ها ....
( تنظر غليها سعيدة غير مصدقة ما ترى وتلحق بها. تخرج )
المشهد السادس
مدخل كهف في احد الجبال.
يدخل أيوب و هو يعرج. يسانده ياسر.
ياسر : هذا هو الكهف الذي سنختبأ فيه يا أيوب. هنا سنكون بأمان.
أيوب ( يجلس على صخرة و هو يتألم) : ما عدت قادرا على الحراك. رجلي تؤلمني كثيرا. اعتقد أني كسرت ساقي.
ياسر : سأقوم بتجبيرها بعد قليل. لا تقلق. فقد تعلمت بعض تقنيات الإسعافات الأولية.
أيوب : آه يا ساقي...
ياسر : لقد أخبرتك أن لا تقفز في تلك الحفرة.
أيوب : لم أسمعك جيدا. لم أكن أفكر إلا في الابتعاد عن السجن ابعد مسافة ممكنة..... هل تعتقد أنهم قد كشفوا أمرنا؟
ياسر : لقد أشرقت الشمس منذ ما يقارب الساعة و لابد أنهم قد لاحظوا غيابنا. سيبدؤون البحث عنا في كل المناطق.
أيوب : أنا لم اهرب إلا لغرض واحد ووحيد : قتل ذلك المسمى عمار و الإنتقام لنفسي.
ياسر : لا تفكر في الإنتقام الآن. فكر في ساقك المكسورة. الإنتقام سيأتي دوره بعد ذلك.
أيوب : بل الإنتقام أولا. لابد لي من الإنتقام ( يخرج مسدسا من جيبه ) لقد تمكنت من سرقة هذا المسدس من احد الحراس لغرض الإنتقام.
ياسر ( ينظر إلى المسدس ) : أنت فعلا داهية. كيف تمكنت من سرقة هذا المسدس؟
أيوب : ذلك ليس مهما الآن. المهم عندي هو الإنتقام.
ياسر : لن تستطيع التحرك بساقك المكسورة. يجب عليك إنتظار ما يقارب أربعة أشهر أو أكثر حتى تستطيع الوقوف من جديد على قدمك.
أيوب : أربعة أشهر؟؟ لا أستطيع الانتظار..... لا استطيع.....
ياسر ( يفكر للحظات ) : اسمعني جيدا يا أيوب : لقد أنقذتني في مواقف عدة و لن أنسى أفضالك علي. لذلك ، سوف أقترح عليك اقتراحا.
أيوب : ما هو؟
ياسر : ما رأيك أن أقوم أنا بقتل ذلك المدعو عمار بدلا عنك؟
أيوب ( مستغربا ) : و ما دخلك أنت في هذا الأمر؟ هذا ليس بشأنك.
ياسر : أنت بمثابة أخي و يسعدني أن أقدم لك هذه الخدمة.
أيوب : هذه ليست خدمة. هذه تسمى جريمة قتل.
ياسر ( يبتسم ) : لا تهم المسميات. المهم أن أرد شيئا من أفضالك علي.
أيوب : لن أقبل. أفهمت؟ لن اقبل.....
ياسر : في هذه الحال ، وجب عليك إنتظار أربعة أشهر حتى تستطيع الاعتماد على رجلك المكسورة.
أيوب ( مطرق الرأس. يفكر)
ياسر : أي الحلين تختار؟
أيوب : أ متأكد أنت أن لا حل سوى هاذين؟
ياسر : كلي آذان صاغية إن كان لديك إقتراح.
أيوب : و لكنك ستعرض حياتك للخطر من اجلي ..... أتقوم بقتل شخص لا تعرفه و لم يؤذيك ؟
ياسر : يكفي انه آذاك أنت. و كل عدو لك فهو عدو لي.
أيوب : هل ستدخل عرين الأسد و تواجهه من أجلي أنا؟
ياسر : لست خائفا من مواجهة أسودا بدل أسد واحد.
أيوب ( صمت )
ياسر : ماذا قررت؟
أيوب ( ينهض من على الصخرة ) : أنا متعب الآن و لا استطيع أخذ قرار خطير كهذا. ساعدني أرجوك على الدخول إلى الكهف لأستلقي على الأرض و ارتاااااح.
( يساعده ياسر على الدخول إلى الكهف )
المشهد السابع
أمام الكهف كما في المشهد السابق.
يخرج أيوب متكئا على عصا طويلة و هو يعرج في مشيته. له لحية خفيفة : فهو لم يحلق منذ أربعة أيام ، منذ هروبه من السجن. يجلس على الصخرة أمام مدخل الكهف.
أيوب : أين أنت يا ياسر؟ مرت ثلاثة أيام منذ ذهابك إلى قريتي لقتل عمار و لم تعد بعد. ترى ، هل فشلت في تنفيذ المهمة أم ماذا؟ أم تراه وصل القرية خبر هروبي و عمل عمار الجبار كل الاحتياطات الممكنة ليحول بيني و بين انتقامي.؟ لأنه يعرف أنني ما هربت من السجن إلا بغرض الانتقام لي و لإلهام...... إلهام... آه يا إلهام......ترى كيف حالك يا حبيبتي و أنت تحت سقف واحد مع ذلك الوحش عمار؟ لقد مر شهر و نصف على زواجك ، كيف مرت كل هذه الأيام و أنت مسجونة في فيلا عمار.... لكم تمنيت أن أقتله بيدي هاتين و لكن كان لابد لي من الانصياع لرغبة ياسر في الانتقام لي. لو انتظرت حتى أشفى لربما كشف حراس السجن هذا الكهف و قبض علي مرة أخرى و ضاعت مجهوداتي و تخطيطي سدا... ( ينظر إلى يمين المسرح ) أسمع شخصا ما قادما...... ( يقف و ينظر يمينا ) أتراه ياسر أم حراس السجن؟ ( يدخل ياسر في ملابس رثة . يفرح أيوب لرؤيته و يقترب منه و هو يعرج ) مرحبا بياسر. كيف حالك يا صديقي؟ هل أنت بخير؟ لقد قلقت عليك كثيرا. و ما هذه الملابس الرثة التي ترتديها؟
ياسر : أهلا أيوب. كيف حالك يا أخي و صديقي. كيف حال ساقك المكسورة؟
أيوب : أنا بخير و على خير..... المهم ، كيف حالك أنت ، أنت الذي غامرت بحياتك و ذهبت إلى عرين الأسد برجليك.
ياسر ( يبتسم )
أيوب ( ينظر إلى ياسر مستغربا قبل أن يسأله ) : لماذا تبتسم؟ هل قلت شيئا أضحكك؟
ياسر : لقد كنت أسمعك تتكلم عن المغامرة بحياتي و عرين الأسد و بطش ذلك الشخص المدعو عمار حتى خلتني سوف اذهب و ربما لن أتمكن من تنفيذ المهمة حتى أقتل قبل أن أرى وجهه. و لكن ، أي شيء من هذا لم يحدث. كل الأمور كانت عادية و قتل ذلك الشخص كان بمثابة لعب أطفال.
أيوب : لعب أطفال؟ هل افهم من كلامك أن ذلك الجبار عمار قد قتل؟
ياسر : نعم. قتلته بهذا المسدس الذي سرقت يوم فرارنا من السجن ( يخرج المسدس و يعطيه لأيوب. يأخذ أيوب المسدس . يضعه فوق الصخرة ليسمع حكاية ياسر )
أيوب : لابد أن تحكي لي كل شيء بالتفصيل.
ياسر : كما قلت لك ، كان ذلك بمثابة لعب أطفال... ولكن ، و قبل الدخول إلى فيلا عمار و التمكن من قتله و الخروج سالما ، كان لابد لي من أخد بعض الاحتياطات. ( يشير إلى ملابسه ) لقد دخلت القرية متنكرا بهذه الملابس الرثة و اتخذت لي مكانا مقابل فيلا عمار كي يكون مركز مراقبة.
أيوب : مركز مراقبة؟؟ لم افهم.
ياسر : لقد تنكرت في زي شحاذ و عسكرت مقابل فيلا عمار أطلب الصدقات من المارة حتى يتسنى لي مراقبة تحركات عمار و كل شخص يدخل أو يخرج من الفيلا. لم افعل أي شيء في اليومين الأولين سوى طلب الصدقات من المارة و مراقبة فيلا عمار..... ( يبتسم ) وقد جنيت مبلغا لا بأس به من التسول.... لم أكن اعلم أن التسول يدر ربحا بهذا الشكل.
أيوب : دعنا من هذا الكلام و اخبرني كيف قتلت عمار .
ياسر ( متردد ) : في الحقيقة ، وقع شيء غير متوقع كاد يودي بي إلى حبل المشنقة.
أيوب : تكلم يا ياسر، لقد أرعبتني بكلامك هذا.
ياسر : بعد أن عرفت كل من يدخل و يخرج من الفيلا و عرفت مواعيد تحركات عمار. و أيضا بعد أن درست الفيلا من كل الجوانب لمعرفة أي الأماكن أأمن للدخول و الخروج دون أن يمسك بي احد.
ياسر : دع عنك كل هذه التفاصيل. ستحدثني عنها فيما بعد.... أريد أن اعرف الآن ما الذي وقع و كاد يودي بك إلى حبل المشنقة.....
ياسر : عند جنوح الظلام في الليلة الثالثة من تواجدي في قريتك ، دخلت فيلا عمار من إحدى النوافذ الخلفية حيث لا توجد حراسة. .... و اعتقد أن خبر هروبك لم يصل بعد للقرية. لو كان عمار قد عرف أمر هروبك ، لأمّن نفسه جيدا.
أيوب : ذلك ما اعتقد .
ياسر : المهم ، قفزت من النافذة المفتوحة و دخلت الفيلا. اتجهت إلى غرفة نوم عمار. وجدته في غرفته يغير ملابسه و يستعد للنوم. أطلقت عليه رصاصتين و لفظ أنفاسه على الفور.....( صمت )
أيوب : ثم ما الذي وقع؟ أرى في عينيك كلاما آخر.
ياسر : صوت إطلاق الرصاص لفت الانتباه و في نفس لحظة هروبي دخلت زوجته مذعورة. أعتقد أنها كانت في غرفة مجاورة تشاهد التلفاز.
أيوب : إلهام....
ياسر ( لم يفهم ما قاله أيوب ) : ماذا قلت؟
أيوب : إنها زوجته إلهام. ...أكمل حكيك.
ياسر : لقد رأتني و حاولت الصراخ و طلب النجدة و لكن رصاصاتي كانت أسرع من صراخها.
أيوب ( فاغرا فاه . مصدوم ) : ماذا؟؟؟ قتلت إلهام؟
ياسر : أجل. قتلت زوجة عمار.كان لابد لي من قتلها لأنها رأت وجهي و سوف تدل الشرطة علي.
أيوب ( يرتمي على ياسر و يخنقه بكلتا يديه ) : أيها المجرم.... أيها القاتل.... لقد قتلت إلهام.....لقد قتلت إلهام.....
ياسر ( يحاول الإفلات من قبضة أيوب ): ....أتركني..... يا .... أيوب....
أيوب : سأقتلك.... سأقتلك.....
ياسر : إني اختنق....
أيوب ( يفلت ياسر. ياسر يعود خطوتين للوراء ليبتعد عن قبضة أيوب )
ياسر: ما الذي دهاك؟ أجننت أم ماذا؟ هل هذا هو شكرك و امتنانك لقتلي ذلك الشخص الذي زجّ بك في السجن؟
أيوب : لقد قتلت حبيبتي إلهام..... لقد ماتت حبيبتي إلهام..... أنت من قتل إلهام.....
ياسر : ولكنك لم تخبرني أبدا عن هذه ً إلهام ً. و تقول حبيبتك؟ لماذا لم تتزوجها إن كانت فعلا حبيبتك كما تدعي؟
أيوب : تلك حكاية طويلة لا أحب سردها. و الآن يا ياسر ، أطلب منك أن تغرب عن وجهي..... أن تبتعد عني ما استطعت و إلا قتلتك.
ياسر : تقتلني؟ و لكن الخطأ خطأك. لم تخبرني أن ذلك الشخص متزوج بحبيبتك..... ثم إن ما وقع ليلة القتل حدث بسرعة و لم يترك لي مجالا للتفكير أو الهرب.
أيوب ( يأخذ المسدس الموضوع على الصخرة و يصوبه في اتجاه ياسر ) : ابتعد عني يا ياسر كما أمرتك و لا تريني وجهك أبدا و إلا قتلتك لقتلك إلهام.
ياسر ( بإشارة من يده ) : ضع المسدس من يدك و دعنا نتفاهم.
أيوب ( بغضب ) : قلت لك أن تغرب عن وجهي و إلا قتلت. لن استطيع أن أتمالك نفسي أكثر من هذا... أهرب بعيدا عني.....
ياسر : ضع المسدس من يدك يا أيوب. إنه محشو بالرصاص.
أيوب ( يصرخ ) : أغرب عن وجهي يا ياسر قبل أن أرديك قتيلا. فوالله لن أرحمك إن بقيت أمامي.
ياسر ( يفكر بصوت منخفض ) : يبدو انه جن..... يجب أن أنفد بجلدي.
( يخرج ياسر و هو يركض بأقصى سرعة)
أيوب ( يجلس عل الصخرة ) : قتلت إلهام....ٌقتلت إلهام.....ما الذي تبق لي في هذه الدنيا؟ كنت أنت يا إلهام أغلى شيء في هذه الدنيا. كنت أنت حياتي و عقلي و كل ما املك.... أما الآن و قد متّ ، ماذا تبقى لي؟ لا شيء ( ينظر إلى المسدس في يده ) بسبك أنت شعرت بقمة الفرح و قمة الحزن....... بسببك أنت سالت دمعتان من عيني : دمعة فرح و دمعة حزن....... بسببك أنت قتل طاغية جبار و قتل قلبي. بسببك أنت سطعت شمس الحرية و غاب قمر الحب عن حياتي. ( يفرغ المسدس من رصاصاته المتبقية و يلقي بها بعيدا ) لا أعرف ماذا افعل؟ هل أحتفظ بك لأنك خلصتني من ظالمي و الذي زج بي في السجن أم أقذف بك بعيدا لقتلك الهام؟ لكم أحبك و لكن في نفس الآن أكرهك و أمقتك...... ( يقف و يتأبط العصا التي يتكأ عليها ) يجب أن أذهب إلى القرية لألقي نظرة أخيرة على قبر حبيبتي إلهام. ( ينظر إلى المسدس ) ماذا سأفعل بك؟ هل أتخلص منك أم أحتفظ بك؟..... ستأتي معي لترى قبر أجمل و أرق فتاة على وجه هذه الدنيا. و تشهد قبر حبيبتي و تكون شاهدا على انتهاء قصة حبي المأساوية.
( يخرج أيوب )
المشهد الثامن
في مقبرة.
في الخلفية تظهر قبور . في أقصى اليمين ، قبرين حديثين و حفار القبور بملابسه المتسخة و معوله في يده لا يزال يغطي القبر الثاني. يدخل أيوب ملثم من جهة اليسرى و هو يتأبط عصاه التي يتكئ عليها. يقترب من حفار القبور. يزيل اللثام عنه.
أيوب : مرحبا سيدي.
حفار القبور ( و قد انتهى من عمله ) : مرحبا.
أيوب : اسمح لي بسؤال : هل هذان القبران لعمار و زوجته؟
حفار القبور : اجل ( يشير لحدهما ) : هذا لعمار و الآخر لزوجته. هل أنت من العائلة؟
أيوب : أجل.
حفار القبور ( يحمل معوله و يستعد للذهاب ) : تقبل تعازي الحارة يا سيدي.
أيوب : شكرا لك.
حفار القبور : أستأذن. لقد أنهيت عملي و يجب أن أذهب.
( يخرج حفار القبور )
أيوب ( يقف أمام قبر زوجة عمار ) : الهام.... حبيبتي الهام.... لم أفكر قط أن الظروف ستكون قاسية بهذا الشكل حتى أقف على قبرك و أنت ميتة. من يصدق أن الهام الرقيقة المحبة للحياة قد تكون نهايتها مأساوية بهذا الشكل.... لقد انفرط قلبي لذا سماع الخبر.....( صمت قصير ) اعتقد أنني أتحمل بعضا من المسؤولية لأنني لم أخبر ياسر كل التفاصيل حتى يتجنب قتلك..... آه يا حبيبتي، ما فائدة الحياة من بعدك.... ( يخرج المسدس من جيبه و يرمي به فوق قبر زوجة عمار ) هنا ألقي بك أيها المسدس. لو كان لك قلب لنزف كل دمه بكاءا على حبيبتي الهام. أنظر أيها المسدس إلى نتيجة رصاصاتك التي تخرجها من جوفك. ( يجثو على قدميه ويدفن رأسه في ثراب القبر و هو يبكي.)
تدخل سعيدة من الجهة اليسرى للمسرح ، تحمل في يدها اليمنى باقة ورد. تنظر إلى أيوب و تستغرب. تقترب من القبر و تسال )
سعيدة : هيه.... أنت.... ما الذي تفعله هنا؟
أيوب ( يرفع رأسه و يمسحه من الأتربة العالقة به و ينظر إلى سعيدة و الدموع تغمر غينيه )
سعيدة ( مستغربة ) : أيوب؟؟ ما الذي تفعله هنا؟ هل تعرف فوزية؟
أيوب ( يستند على عصاه ليقف على قدميه ) : أهلا سعيدة... كيف حالك؟
سعيدة : لم تجبني على سؤالي بعد : هل تعرف فوزية؟
أيوب ( مستغرب ) : فوزية من؟ ماذا تقصدين؟
سعيدة : لقد رأيتك تبكي على قبر فوزية.
أيوب : أليس هذا قبر حبيبتي الهام؟
سعيدة : ما هذا الكلام..... فال الله و لا فالك ..... الهام لم تمت. بل هي حية ترزق...من أخبرك أنها ماتت؟
أيوب : ماذا؟؟؟أتقصدين أن..... الهام حية؟؟؟؟ ألم يقتل عمار و زوجته الهام؟
سعيدة : بل قتل عمار و زوجته الثانية فوزية.
أيوب ( غير مصدق لما يسمع ) : زوجته الثانية؟؟؟ هل تزوج عمار من إمرة اسمها فوزية؟
سعيدة : أجل ، زوجته الثانية ( أيوب يفتح فمه ليسأل و لكن تشير له سعيدة بالسكوت ) و لا تسألني كيف و لماذا و أين. ذلك حديث طويل ستخبرك به الهام عندما تراها.
أيوب : أتقصدين ....أنني سأرى الهام ثانية؟
سعيدة ( بنبرة فرح ) : أجل. و سوف تفرح كثيرا جدا..... انك لا تعرف آخر أخبارها و ما وقع لها.
أيوب : و ماذا وقع لإلهام؟؟
سعيدة : بعد وفاة عمار ، ورثت الهام كل أموال و أراضي و عمارات و استثمارات عمار. أصبحت الهام أغنى امرأة في القرية و القرى المجاورة.
أيوب ( فاغرا فاه غير مصدق ما يسمع )
سعيدة : كما يقول المثل : مصائب قوم عند قوم فوائد.... المهم ، دعنا من هذا و قل لي : كيف تمكنت من قتل عمار؟
أيوب : أنا لم اقتل عمار... لم اقتل أحدا. ولكم تمنيت أن اقتله بيدي هذه و لكن لم استطع.
سعيدة : و لكن الجميع يقول انك قاتل عمار و فوزية. و الشرطة تبحث عنك الآن في كل مكان.
أيوب : أنا لم اقتل أحدا و سأحاول اتباث براءتي.
سعيدة : فيما يخص تهمة السرقة ، فقد اعترف جابر بكل ما وقع و أنت بريء منها.
أيوب : كيف اعترف بما فعل؟ هل وبخه ضميره أم ماذا؟
سعيدة : مثله و مثل عمار لا اعتقد يملكون ضميرا.... كما قلت لك الهام ورثت ثروة عمار و ورثت قوته و سلطته و هي من ابلغ عن رجال عمار. قبضت الشرطة على جابر و لكن عبده هرب و لابد ستقبض عليه الشرطة، إن عاجلا أم آجلا.
أيوب : كل هذا يقع في ظرف وجيز؟....المهم ، هل يمكن أن أذهب معك لرؤية حبيبتي الهام؟
سعيدة ( تنظر يمينا و يسارا ) : هنا المكان آمن و لن تخشى شيئا. ستبقى هنا و سأخبر الهام انك بانتظارها هنا. هي من سيأتي إليك. فالشرطة تبحث عنك بتهمة قتل عمار و فوزية.
أيوب ( غير مصدق ) : هل سأتمكن من رؤية الهام مرة أخرى؟
سعيدة : و ما المانع من ذلك. ستراها و ستتزوجها أيضا حالما تبرهن للشرطة انك بريء من تهمة قتل عمار و فوزية. انتظرني لحظات و سأعود لألم شملك مع حبيبة قلبك الهام. و لكن قبل ذلك ، اسمح لي أن أضع باقة الورد التي أحمل على قبر فوزية الطيبة . ( تضع الباقة على القبر و تلمح المسدس الموضوع على القبر ) ما هذا المسدس؟
أيوب ( يزيل المسدس من فوق القبر بواسطة العصا التي يتكئ عليها ) : انه مجرد مسدس. أنا من وضعه هنا.
سعيدة : المهم ، يجب أن أستعجل لأجمع بين قلبيكما.... سوف تفرح الهام بخبر قدومك جدا جدا جدا.
( تخرج سعيدة )
أيوب ( يبتعد عن القبر و يدير له ظهره ) : من يصدق ما يقع ؟ الهام لازالت على قيد الحياة؟ ... ليس هذا فقط، بل ورثت كل ثروة الجبار عمار. .... أنا جد مسرور لك يا الهام. أنت ابنة حلال و طيبة ومسرور لما آلت له حياتك.
( يدخل عبده من الجهة اليسرى للمسرح . ينظر يمينا و يسارا خوفا من أن يتبعه أحد )
عبده : اعتقد أن المقبرة هي أأمن مكان للاختباء مؤقتا. فبعد العز الذي عشته مع سيدي عمار ، أصبحت مبحوثا عنه من قبل الشرطة. و لماذا؟ لأن اللعينة الهام أبلغت عما فعلته من اجل سيدي عمار..... أقسم أن أنتقم أولا لمقتل سيدي عمار على يدي حبيبك أيوب كما اقسم انه لن يغمض لي جفن حتى أشرب من دمك.... ( يرى أيوب الواقف في الجهة اليمنى للمسرح ) من ذلك الشخص ( يحدق فيه) و كأني اعرفه.... أجل ، انه ذلك القاتل أيوب... قاتل سيدي عمار ( يخرج سكينا من جيب جلبابه ) سأنتقم منه أولا ثم أنتقم بعد ذلك من الهام.... يبدو انه لم يلاحظ وجودي... سأقترب منه دون إثارة ضجة...
( عبده يقترب من أيوب بحذر. لا يراه أيوب لأنه أولا يدير له ظهره و ثانيا لفرحه الكبير بلقاء الهام . يقف عبده خلفه و يطعنه في ظهره )
أيوب ( يحاول النظر إلى خلفه و هو يتوجع من ألم جرح السكين. ينظر إلى وجه عبده ) : أأأه ...أنت قتلتني؟..
عبده ( يطعنه طعنتين في بطنه ) : هذا ما تستحقه يا قاتل عمار.
( يقع أيوب على الأرض جثة هامدة )
أيوب : لقد انتقمت لك يا سيد عمار. الآن جاء الدور على الهام ....ما هذا؟ أسمع أشخاصا يقتربون من هنا. يجب أن أختبئ .
( يختبئ عبده. تدخل الهام التي لا ترتدي ملابس الحداد . تتبعها سعيدة )
الهام ( تلاحظ جثة أيوب . تجثو على ركبتيها و تحضن رأسه ) : أيوب... أجبني يا أيوب...( تلاحظ الدم في بطنه ) سعيدة... لقد قتل أيوب... لقد قتل أيوب ... ( تدفن رأسها في صدر أيوب الميت و تبدأ في البكاء )
سعيدة ( غير مصدقة ما ترى ) : قتل؟؟؟ و من قتله؟ من له مصلحة في موته؟؟؟ منذ لحظات فقط كان بصحة جيدة. ( تنظر يمينا و يسارا كأنما تبحث عن القاتل)
( يخرج عبده من مخبأه . بينه و بين الهام ثلاثة أمتار تقريبا )
عبده : لقد جاء دورك يا الهام كي تدفعي ثمن مقتل عمار. لقد جئت برجليك إلى حتفك ( يخرج سكينه الملطخة بدم أيوب )
سعيدة ( تشاهد عبده ) : قف مكانك أيها القاتل.
عبده ( يخطو خطوة باتجاه الهام التي لا تعي ما يدور حولها )
سعيدة ( تلمح المسدس بجانب قبر فوزية و تأخذه. تصرخ ) : عبده ، قف مكانك. لا تتحرك.
عبده ( ينظر إلى سعيدة و هي ممسكة بالمسدس بكلتا يديها ) : ماذا؟؟ من أين جئت بالمسدس؟
سعيدة : قف مكانك و إلا أطلقت النار.
عبده : لا يمكن ... لم تبق إلا خطوة و انتقم من الهام.
( الهام ترفع رأسها و تلحظ عبده خلفها ممسك بسكين )
سعيدة ( تخاطب الهام ) : تعالي هنا يا الهام... فعبده يريد قتلك.
عبده : يجب أن اقتلها.... يجب أن اقتل الهام.....
سعيدة : خطوة واحدة و أدوس على الزناد.
عبده ( ينظر إلى سعيدة مرعوبا) : هل فعلا تستطيعين قتلي؟
الهام ( تنهض مسرعة و تختبئ خلف سعيدة)
سعيدة : الق السكين من يدك و إلا قتلتك.
عبده ( يرمي بالسكين ) : ها انذا أستسلم... أرجوك لا تطلقي النار علي.... أفضل السجن على الموت....
سعيدة ( تخاطب الهام بصوت منخفض ) : ماذا افعل الآن يا الهام؟
الهام : خديه إلى مخفر الشرطة ليلقى جزاء إجرامه. أما أنا ، فسأبقى هنا أبكي حبيبي أيوب.
سعيدة ( تخاطب عبده و هي دائما تصوب المسدس اتجاهه ) : هيا ، سر أمامي إلى مخفر الشرطة.
( يخرج عبده من الجهة اليمنى للمسرح و هو رافع يده علامة الاستسلام. تتبعه سعيدة وهي مصوبة المسدس إلى ظهره )
الهام ( تعود إلى جثة أيوب . تجثو على ركبتيها و تحتضن رأس أيوب و تبكي )
إظلام
النهاية
عبدالكريم وحمان
Karimed4902@yahoo.fr
تعليق