الجحيم.. الطريق إلى الجنة أحياناً..!!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • د .أشرف محمد كمال
    قاص و شاعر
    • 03-01-2010
    • 1452

    الجحيم.. الطريق إلى الجنة أحياناً..!!

    الجحيم.. الطريق إلى الجنة أحياناً..!!

    لم يُقدر له أن يرى والده بوعي كامل ؛ فقد استشهد عندما كان في عامه الثاني . ربته أمه و أخوته على الخوف . لكنها لم تكن تعرف أنها قتلت من فرط خوفها ؛ خوفهم منه..!!
    كان بعد صغيراً غير مدركٍ لحقائق الأمور؛ حين ماتت أخته الكبرى (فاطمة) . لكنه علم فيما بعد أنها من قتلت نفسها..!! و لم يدر لمه..؟! أمه أبداً لم تكن تريح أسئلته الحيرى بأية أجوبة..!! فقط كان يرى دموعها الصامته تنسال في حرقة.
    ظل يسمعها دوماً تحذر أخيه الأوسط (ياسين) ؛ كي يبتعد عن أعمال المقاومة. تتوسل إليه باكية.. فهما كل ماتبقى لها من حطام الدنيا .هم زادها الذي يعينها على شظف العيش - الذي لا يكادون يجدونه إلا بالذلة و الهوان - .
    ..لا يدري لما كان يعتصره فؤاده , و يشعر بغصة في حلقه كلما شاهد أولائك الجنود ذوي البشرة الحمراء , و العيون القططية , يفتشون والدته بكل وقاحة و عنف . و هي رافعة يديها مباعدة مابين ساقيها في حسرة و ألم ؛ بينما يعبثون في جسدها , و دموعها الصامتة تسيل في قهر على خديها..!! حتى هو كانوا يسخرون من نظراته النارية المتحدية ؛ فيضربونه بأيديهم على مؤخرة رأسه , و يدفعونه بأرجلهم بقوة . و يغرسون بنادقهم الألية في ظهره .
    حكى له (ياسين) ذات مرة , كيف أغتالوا أبيه برصاصات الغدر , و هو يؤم المصلين في صلاة الجمعة. يحثهم فى خطبته على الجهاد - حتى أنه أطلق عليه نفس الأسم تيمناً – كيف رآه مدرجاً في دمائه مع عشرات المصلين , حيث نطق الشهادتين , مبتسماً رافعاً أصبعيه علامة النصر .
    كان أخوه (ياسين) مثله الأعلى , من علمه أول حروف العزة , و معنى الكرامة . فقد كان يشارك سراً في حركات المقاومة . رآه ذات يوم يخبئ الأسلحة , و العبوات الناسفة في ساحة منزلهم الخلفية . فأمّنه سره , و طلب منه ألا يخبر والدته . شاهد ذات مرة في التلفاز شريطاً مصوراً لأحد منفذي العمليات الإستشهادية يبثه إلى أهله. كان المحللون يشرحون تفصيلاً كيف تمت تلك العملية ؛ التي يصفونها بالإرهابية..!!
    .. في ذلك اليوم سمع أخيه يتحدث مع أمه بصوت مرتفع . يهتف قائلاً:
    - لابد أن أنتقم من أجل أبي الذي اغتالوه..من أجل أختي التي هتكوا عرضها .. من أجل كرامتنا التي داسوها في التراب ..من أجل وطني الذي أستولوا عليه .. و نهبوه .. و جعلونا نرزح في الفقر.. من أجلك أمي .. و من أجل أخي الصغير.. كي تستنشقوا هواءاً نظيفاً ..لم تسممه أنفاسهم الكريهة ..!!
    جثت على الأرض , تتوسل إليه باكيه , تشبثت بقدميه زاحفة ؛ لكنه تركها , و دلف مسرعاً إلى حجرته , ثم أخرج حقيبة كان يخبئها تحت فراشة , و أمسك شيئاً - لم يكن يعرفه في بادئ الاًمر- و ارتداه أسفل ملابسه . ثم ربط خيطاً رفيعاً في سبابته , و أشار إليه بيده اليمني علامة النصر , و قال بكل فخر:
    - هذا هو طريقنا إلى الجنة..و سوف يذهبون إلى الجحيم..
    فجأة سمعا طرقات عنيفة , و سريعة على الباب . فخلع أخوه الحزام الناسف في عجل , ثم وضعه في الحقيبة , و قفز من النافذة , و أسرع يخبئها في الساحة الخلفية , ثم أمره أن يفتح الباب في حذر , و يحذره إذا ما وجد شخصاً لا يعرفه . ذهب صاغراً. فوجد جارهم (ياسر) – و كان يعلم أنه مع أخيه في جماعات المقاومة - سأله في لهفة:
    - أين ياسين..؟!
    أشار إليه بيده , فقفز مسرعاً إلى الداخل , سمعه يخبر أخيه قائلاً:
    - لابد أن تغادر المنزل الآن ..هناك من خاننا ..و أبلغ عن العملية..!!
    استشاط (ياسين) غضباً , و همّ بالدخول لجلب الحقيبة. فاستوقفه (ياسر) قائلاً:
    - لا يوجد متسعاً من الوقت..هناك سيارة تنتظرنا بالخارج ..و سوف تواجهنا نقاط تفتيش من الشرطة ..و لن نستطيع الوصول إلى هدفنا المنشود..
    انطلقا في سرعة .. و ماهي إلا لحظات ؛ حتى سُمع دوي إنفجار مروع هز الحي بأكمله. انطلقت أمه إلى الشارع ؛ تصرخ في لهفة , فألفت ابنها , و صديقه جثتين متفحمتين . أخذت تولول , و تلطم خديها , و تعفر وجهها بالتراب . فربت على كتفيها , و هو يبكي , ثم قبل رأسها , فاحتضنته بقوة . فهمس لها في أذنها:
    - لا تحزني يا أمي .. لقد بشرني أخي ..أننا سنلقاه إن شاء الله في الجنة ..
    في نفس ذات اليوم ؛ خرجت كل القنوات الفضائية تتحدث عن العملية الإستشهادية الجديدة , التي قُتل فيها عشرات من جنود الإحتلال ؛ و أن منفذ العملية طفلاً لم يتجاوز السابعة.
    التعديل الأخير تم بواسطة د .أشرف محمد كمال; الساعة 16-06-2010, 07:49.
    إذا لم يسعدك الحظ بقراءة الحكاوي بعد
    فتفضل(ي) هنا


    ولا تنسوا أن تخبرونا برأيكم
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    وحوش ضارية تحتل البلدان الآمنة وتستبيح الأرض والعرض
    فتنبت الأرض مقاومة زرعا لن يجف حتى لو لم تمطر
    وكلما اشتدت قبضة الغاصب كلما أزاد ذلك المقاومين شدة وتمسكا
    الزميل القدير
    د. محمد أشرف كمال
    وهل يستطيع أي شريف حر إلا أن يقاوم ومهما كانت ظروفه صعبة
    تستحق الأوطان ذلك
    فما من شيء أغلى منها
    أشكرك
    ودي الأكيد لك


    عين؛ وأنف؛ وصوت؛
    عين؛ وأنف؛ وصوت عرفني امرأة سريعة العطب! أكاد لا أميز الأسود من الأبيض حين أغضب، أفقد صوابي ولا أعود أتذكر حتى إنسانيتي.. هكذا عودتني أيامي. أعب كؤوسا مترعة من الهم، أتجرعها شئت أم أبيت فهذي حياتي، مذ عرفت طريق الليل أسيره وحيدة بين وجوه غريبة عني، وأياد تدفع لتدلف باب غرفتي الموارب تتلمس جسدي الذي لم أعد أملكه، تشتري مني
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • إيمان الدرع
      نائب ملتقى القصة
      • 09-02-2010
      • 3576

      #3
      د.أشرف محمد كمال:
      نصّ ثائرٌ يحمل بين حروفه رائحة النار والبارود..
      وقلب رجل سكنته أوجاع الفقد...
      وطن سليب ، أخت غادرت منتهكة الروح والجسد،
      أبٌ مزّقته يد الغدر..وأمّ مقهورة لا تنفصل عن حبّة الدمع..
      النهاية كانت أكثر من رائعة ومباغتة..وتشعل الحماس..
      وتبعث على الفخر..
      أشكرك على هذا النصّ الرائع الذي أدخلنا إلى قلب الحدث..
      دُمتَ بسعادةٍ...تحيّاتي...

      تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

      تعليق

      • د .أشرف محمد كمال
        قاص و شاعر
        • 03-01-2010
        • 1452

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
        وحوش ضارية تحتل البلدان الآمنة وتستبيح الأرض والعرض
        فتنبت الأرض مقاومة زرعا لن يجف حتى لو لم تمطر
        وكلما اشتدت قبضة الغاصب كلما أزاد ذلك المقاومين شدة وتمسكا
        الزميل القدير
        د. محمد أشرف كمال
        وهل يستطيع أي شريف حر إلا أن يقاوم ومهما كانت ظروفه صعبة
        تستحق الأوطان ذلك
        فما من شيء أغلى منها
        أشكرك
        ودي الأكيد لك

        عين؛ وأنف؛ وصوت؛
        http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?t=57245
        الأخت العزيزة عائدة
        أشكرك على هذا الحضور الراقي و كلماتك البديعة التي أضافت الكثير إلى متصفحي
        وبالتأكيد لك كل الود والتقدير والاحترام
        إذا لم يسعدك الحظ بقراءة الحكاوي بعد
        فتفضل(ي) هنا


        ولا تنسوا أن تخبرونا برأيكم

        تعليق

        • د .أشرف محمد كمال
          قاص و شاعر
          • 03-01-2010
          • 1452

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة إيمان الدرع مشاهدة المشاركة
          د.أشرف محمد كمال:
          نصّ ثائرٌ يحمل بين حروفه رائحة النار والبارود..
          وقلب رجل سكنته أوجاع الفقد...
          وطن سليب ، أخت غادرت منتهكة الروح والجسد،
          أبٌ مزّقته يد الغدر..وأمّ مقهورة لا تنفصل عن حبّة الدمع..
          النهاية كانت أكثر من رائعة ومباغتة..وتشعل الحماس..
          وتبعث على الفخر..
          أشكرك على هذا النصّ الرائع الذي أدخلنا إلى قلب الحدث..
          دُمتَ بسعادةٍ...تحيّاتي...
          بل أنا الذي أشكرك على هذا الحضور الرائع
          و قرائتك المستنيرة
          أخت إيمان
          دمت بود و دام تواصلنا
          إذا لم يسعدك الحظ بقراءة الحكاوي بعد
          فتفضل(ي) هنا


          ولا تنسوا أن تخبرونا برأيكم

          تعليق

          يعمل...
          X