خواطر حول ديوان الشاعرة نعيمة عماشة :"يمام ورصاص"

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نبيل عودة
    كاتب وناقد واعلامي
    • 03-12-2008
    • 543

    خواطر حول ديوان الشاعرة نعيمة عماشة :"يمام ورصاص"

    [align=center]
    "ذنبي الاول أني أمرأة...
    لم اولد خرساءولم اولد مقعدة"

    [/align]


    (خواطر حول ديوان نعيمة عماشة :"يمام ورصاص")


    [mark=#FFFF00]بقلم نبيل عودة[/mark]
    لفتت الشاعرة نعيمة عماشة * انتباهي لقدرة قصيدةالنثر على نقل الهاجس الفكري والفني، بكل رونقة الشعر وقوته، وبمستوى لا يقل اصالةعن الابداع الشعري الموزون التقليدي او الحديث، وأكثر ما لفت انتباهي لديها كانموقف اللبؤة المقاتلة ليس شعريا فقط ، وانما اجتماعيا أيضًا، ورغم بعض حالاتالانهزام واليأس... التي تعتريها وهي تقاتل وتصرخ في معركة رد الاعتبار لمكانةالمرأة ودورها، الا انها تبقى احد الاصوات القوية والهامة فنيا وموقفا. وربما هذاهو السبب في اختيارها عنوانا لديوانها الشعري:"يمام ورصاص" وليس بالأمر الغريبايضا، اننا نلتقي في ديوانها، ليس مع شاعرة ترسم بالكلمات فقط ، بل وشاعرة ترسمبالريشة أيضا، ومعظم لوحاتها نسائية ، وكأني بها تدرس المرأة بتفاصيلها، وبحالاتهاالنفسية المختلفة، لتوصل للقارىء ما لم توصله بالكلمات. او لتكمل بعض اللمساتالجمالية، التي لم تسعها الكلمات، وربما لتثبت لنا بالرؤية أيضا ، الى جانبالكلمة.. جمالية المرأة واكتمالها ، وتناقض ذلك مع الواقع الكئيب للمرأة في مجتمعنا .
    في مقدمة ديوانها (الاهداء) تكتب نعيمة:
    لكل يمامة بيضاء
    تطير او تحاول الطيران
    في وجهها الشمس وفي باطنها الدماء
    لكل يمامة بيضاء
    تبتلع رصاصة
    وتواجه الاعصار
    فيها جناح مكسور أو جناح
    يوشك على الانكسار
    لكل بندقية
    .وتواصل صرختها وكأني بها ترثي واقعها، وواقع نسائنا العربيات :
    لكل يمامة
    ماتت في الطريق
    وتموت تحت النعال
    لكل يمامة
    في الجوف لديها
    قنبلة موقوتة
    وتربطها
    باصابع الديناميت
    اسلاك واسلاك
    .وتضيف ، بروح التمرد ، وروح يلامسها بعض اليأس وبعض الاحتجاج :
    لكل يمامة
    خرجت من ثوب الفضيلة
    حين قرأت كتابا
    واصبحت عارا
    حين قالت لا.
    وتواصل بتحد:
    لم أعد يمامة فاعذروني
    أفضل ان أكون الغراب
    .وتنهي مقدمتها المثيرة، التي رأيت أهمية لتسجيلها ،لما تحمله من دلالة على روح الشاعرة وروح شعرها وحلمها الشعري :
    أحاول يا سيدي عبد الحميد
    لكن الرحلة
    بين الكلام والصمت قيد من حديد
    زالت دولة الحريم يا عبد الحميد
    وذهب كلا
    فصرت اجزاء من كل شرقي عنيد
    اهداؤها يقول كل شيء من ناحية الموقف . فهي صرخة فيوجه المجتمع الذكوري، مجتمع جزأ مفهوم الانسان فأعطى للرجل بلا حساب، وحرم المرأةبلا حساب، حتى حولها الى شيء يمتلكه الرجل . ان مجتمعنا ممزق ومجزأ في كل مركباتهوتصرفاته، وبلوحات وصور شعرية ، تنجح نعيمة في ايقافنا امام حقيقة حياتنا،أحياناحقيقتنا المشوهة بين ما نقول ونصرح به، وما نرتكب من تجاوزات توازي الجريمة أوتتجاوزها ، ولكن لا يعاقب عليها القانون ، باعتبارها من " قيمنا الشرقية الأصيلة"التي نفاخر بها ، ولأن القانون ، في الدول الدمقراطية أيضا ،يتدخل عندما يرى أدلتهالحمراء فقط .. لون الدم .
    نعيمة احيانًا غاضبة ، وأحيانا يائسة، واحيانًاساخرة .. حتى نكاد نشعر بسخريتها تنخر عظامنا، الرجل انسان ، اما المرأة فشيءيملكه ذلك الانسان،أي انها ما دون الانسان ... ان مأساة التجزيئية في مجتمعنا تطول ابسطالامور، ليس فقط الحق في ابداء الرأي، بل حتى الحق في اختيار الحذاء. ان مفاهيمالحرية مثلا هي مفاهيم ذكورية. فالحرية المنشودة هي حرية الرجل ووصوله للسيطرةوالقرار وحق المضاجعة المشروعة وغير المشروعة ، ويظل قيما على الشرف . والمرأةضرورية من أجل ان يصل الرجل الى مبتغاه، بعد ذلك يصبح دورها مخلا بالأمن الاجتماعيلمجتمع الذكور، الذي يكتفي باختيار نموذج نسائي لمقتضيات الزينة ، ولاظهار تقدميته،ربما يكون خطأ المرأة الكبير والاول قدومها للحياة، كونها امرأة هي الخطيئة الاولى،وكل تصرف لها يفسر باطار الخطيئة الاولى. ومع ذلك المجتمع الذكوري يحتاج المرأة ،هذا يذكرني بقول لعلي بن أبي طالب :"النساء شر كلهن وشر ما فيهن الحاجةاليهن". ولا ضرورة لتفسير نوعية الحاجة التي أبدعت هذا القول !!
    وها هي نعيمة تصرخ ، فهل من يسمع صوتها ، صوت المرأة... وينصفها ؟:
    لكل يمامة بيضاء
    ترفض
    هديل اليمام
    وترفض الاعشاش
    المعلقة
    فوق اصابع السطان.
    وما أكثر السلاطين عندنا.. القيمون علىالنساء ...قيمون على فروجهن فقط!!
    وربما السعادة الاساسية لنعيمة انها تفهم قوةالكلمات،وتعرف بداية المأساة النسائية.. الكلمة والصوت والحركة .. فتقول في قصيدة "عفوك اوسع":
    ذنبي الاول أني أمرأة
    ثم ذنبي اني لم اولد خرساء
    ولم اولد مقعدة
    لا زلت اذكر هجوم البعض على شعرها المنثور ، وقدقرأت بعض " النقد " الذي حاول الغائها ، واليوم عندما أقرأ ديوانها ، حتى لو لم يكنشعرا وأدبا في مفاهيم البعض ، الا انه أرقى من كل الخربشات الموزنة والفارغة منالحس الانساني والمضمون الفكري . أقول هذا وأنا على قناعة أن نعيمة أبدعت أدباراقيا ومسؤولا . إن محاولة انزال الستار على شعرها، هي محاولة لاعادتها للزنزانةولسلبها حريتها، حرية الكلام، حرية التفكير، حرية الرسم، حرية الكتابة، حرية انتكون امرأة بقامة منتصبة.وحقها ان تكون نموذجا نسائيا طلائعيا.
    لذلك نجدان الطابع الذي حكم " نقد " ديوانها من بعض الذكور المتثاقفين ،اراد بأحسن الاحوال تحويلها الى قطة مدللة، تكتب ما يرضي العنجهية الذكورية. والذينذهبوا لالغاء ابداعها الادبي تصرفوا بلا وعي، لخطورة التجزيئية في مجتمعنا. ربماحركتهم الغريزة الذكورية.. بحيث يبدو تصرفهم في منتهى البساطة "نقدا أدبيا " .. ولاأريد ان اقول في منتهى المنطق ، احتراما لما تبقى من قيمة لهذه الكلمة.
    الديوان يمتد على مساحة (130) صفحة من الحجم الكبير،ويحوي ما يقارب الـ (50) قصيدة.تقول نعيمة :
    ذنوبي كثيرة
    وعفوك اوسع
    ذنوبي كثيرة
    يا ذاك الذي لا يذنب
    كلمات واضحة ومباشرة، ولكنها مليئة بالحس المرهفوالسخرية، ولا تحتاج لمجهود للتفسير، مليئة بالحلم الشعري وبلا ضرورة للعروضوالبحور. ونعيمة بفهم لحقيقة الواقع الاجتماعي، تحاول ان لا تكون مجرد مقاتلة،تهاجم وتصرخ. بل انها تدرك قيمة الموقف الفكري ايضا. وضرورة الغاء التجزيئيةوالنفاق، وبناء علاقة انسانية فتقول في قصيدة "ضيعتني":
    ضيعتني وقد لا أكون بعينيك حسناء
    ضيعتني وقد لا أكون من الامراء
    ضيعتني وقد لا اكون في العشرين
    لكن...
    ضيعت سيدي
    امرأة تهواك!!
    وفي قصيدة اخرى تعلن:
    ان قلبي
    بين يديك انتحر
    وان
    عيوني بكتك
    وانك
    زرعت في صدري حكم القدر
    ديوان نعيمة سهل القراءة وممتع في نفس الوقت..ونلاحظ ان مبنى القصيدة لديها اصبح اكثر محكما من اعمالها السابقة المبكرة ، وهو منالنوع الذي اتفق على تسميته بالسهل الممتنع.
    لا أعتبر كتابتي هذه كتابة نقدية او دراسة تحليلية،انما كتابة انطباعية، تأثرا انسانيا بابداع ادبي وفكري يستحق الحياة، وتستحق قضيتهأكثر من صوت مقاتل، واكثر من الاقتناع برفض العبودية، وأكثر من التصريحات باننا معحرية المرأة. فقضية حرية المراة تمس ليس قضايا المرأة تحديدا، انما كل واقعناالثقافي والتربوي والاقتصادي والعلمي والتنويري. نعم كلنا نرفض العبودية، كلنا مناجل حرية المرأة، كثيرون منا يثبتون هذا بكلامهم بشعاراتهم، بكتاباتهم، بحديثالصالونات. اما في بيوتهم وممالكهم الخاصة؟ هنا المشكلة، هنا نعود الى عقليةالغاب.
    ديوان "يمام ورصاص" لنعيمة عماشة، ابنةالجولان المقيمة في عسفيا،المعانقة عناقا أزليا لكرمل حيفا هوابداع متميز ممتع، ويحمل قضية كبيرة، تخترق بها صمتنا وتستفزنا، وبالتأكيد تتجاوزمساحة اللغة الابداعية الجميلة ، وتتجاوز الديباجة اللغوية التي باتت ظاهرة أدبيةبلا مضمون في الكثير من المنتوجات التي أستصعب اعتبارها أدبا ..
    نعيمة تمتعنا بلغة جميلة وفكر نقدي متقد ، لا يترددفي مكاشفتنا بحقيقتنا المشوهة . يمام ورصاص .. نساء ورجال .. خاضعات ومتسلطون .. حكاية لها آلاف البدايات ونهاية واحدة . ويجب ان نغير هذه النهاية .
    *الشاعرة والفنانة التشكيلية نعيمةعماشة - جولانية المولد ، تعيش في مدينة الكرمل – عسفيا والدالية ، أصدرت عدةدواوين شعرية ،تعمل بحقل التربية والتعليم .
    *****
    نبيل عودة – كاتب ، ناقد واعلامي – الناصرة
    nabiloudeh@gmail.com
  • صادق حمزة منذر
    الأخطل الأخير
    مدير لجنة التنظيم والإدارة
    • 12-11-2009
    • 2944

    #2
    [align=center]

    الأستاذ نبيل عودة

    أحييك على هذه القراءة المبسطة لديوان يمام ورصاص للكاتبة نعيمة عماشة ..
    ومن الواضح أن الكاتبة تطرح بقوة معاناة التمييز ضد المرأة والقيود التي تكبلها في المجتمع العربي الشرقي المغلق وهذا ينسحب على الغالبية من النساء ولا بد أن تبقى هناك طلائع أو فئة منهن تمتلك ظرفا ومؤهلات تمنحهن القدرة على كسر هذه القيود والعبور خارج حدود هذه المعاناة .. كما أن الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية دفعت المرأة إلى الخروج من البيت إلى سوق العمل
    لتواجه وتختبر في الحياة كل أنواع الصعوبات ( الرجالية ) مما ساهم في تقليص حدود هذه القيود وهذا التمييز في كثير من دول المشرق و منها العربية الأكثر تحفظا كالدول الخليجية .. وهكذا بتنا نرى المرأة العمانية و الكوتية والإماراتية والبحرينية تنتشر في جميع المؤسسات العامة والخاصة وتشغل وظائفا مهم وتصل بكل جدارة إلى رأس الهرم الوظيفي في بعض المؤسسات ..


    هذا وكنت أتمنى تقديم لمحة أدبية عن الكاتبة وتعريف أوسع بها وبرصيدها الأدبي الإبداعي .. بما يلقي المزيد من الضوء على أفكارها واتجاهاتها الأدبية والفكرية
    أما من ناحية التقييم الأدبي والفني .. فأنا لم أتطلع على هذا الديوان .. ولكن من خلال الشذرات التي وردت في هذه القراءة أستطيع أن أتلمس اللغة البسيطة والخطاب الوصفي الأحادي الاتجاه الحاد والمباشرية في ملامسة الموضوع وخلو المقاطع من الصور أو اللغة الشعرية المؤثرة أو التكثيف أو الرمزية في المعنى أو المفردات .. وبدا لي كأنه أقرب إلى المقال أو النص النثري من أن يصنف تحت عنوان الشعر أو ضمن قصيدة النثر .. ( هذا في حدود ما ورد من مقاطع )
    وعلى العموم قصيدة النثر مازالت في طور النمو والتبلور في معظم المحاولات التي شهدها الأدب العربي بدأ من أدونيس ومازالت تتخبط وتتمخض باتجاهات تكاد تفقدها أي هوية محتملة ..

    تحيتي وتقديري لك
    [/align]




    تعليق

    • نبيل عودة
      كاتب وناقد واعلامي
      • 03-12-2008
      • 543

      #3
      الاستاذ صادق حمزة منذر
      ملاحظتك حول الشعر سليمة تماما ، ولكن اذا لاحظت انا اهتممت بالناحية النسوية ، أعني الصوت الرافض للقيود : " "ذنبي الاول أني أمرأة...لم اولد خرساء ولم اولد مقعدة" من اهمية هذه النصوص.
      انا أيضا متحفظ جدا من موضوع قصيدة النثر ولا ارى انها احتلت مساحة مرموقة في الثقافة العربية ، وأعتقد انه ما عدا محمد الماغوط لم ترق هذه القصيدة الى مستوى شعري.صحيح ان هناك قصائد نثرية أخرى جميلة.. ولكن على مستوى نشوء شاعر مرموق ، لا ارى الا الماغوط.
      ولكني اكون ظالما اذا اكتفيت بذلك مع نعيمة ، لنصوصها ، شعرا او كيف يقيمها القارئ ، رونق خاص وجمالية خاصة شدتني الى نصوصها او شعرها. ما الفرق ؟ النص الجميل والمثمر بالفكر والرؤية ، له قيمة تتجاوز حدود الأشكال الأدبية.
      تابعت ابداع نعيمة عماشة منذ ديوانها الأول :" بين الملح والجرح " (1996) قرأت فيه ألم المرأة الشرقية وعنفوانها وتمردها ورفضها للمذلة والقيود الغبية من الأوصياء .
      من مقاطع الديوان:" خطير هو التمدن / حين البداوة في القلب / وخطير هو الشموخ / حين يتكسر في الداخل كل صلب/فغرد يا بوم غرد / غريد انت / حين تموت عصافير الأرض."
      ثم اصدرت "يمام ورصاص " ( 1998) ،وهو موضوع المقال أعلاه ، والحقته بديوان "عناق فوق الأسلاك "( 1999)ومن مقاطعه :" ورث التاج العبد / ام ورث التاج الأمير / كلهم يصيرون أمراء يوم يعتلون رؤوسنا/ ونصير نحن العبيد ".
      وبعد ذلك التاريخ لم اعرف عن نشاطها الإبداعي أي شيء مع الأسف.
      هي الآن عضوة في المنتدى .. آمل ان تعطينا سيرة حياة موجزة .وربما من الضروري ان يضيف الملتقى منتدى خاص للببلوغرافيا حول اعضائه .
      التعديل الأخير تم بواسطة نبيل عودة; الساعة 19-06-2010, 13:07.

      تعليق

      يعمل...
      X