على الجانبِ الآخرِ مِنَ الحَرْفِ
إهداء : الشاعر محمد الشهاوي
( ثَمَّةَ شاعرٌ في زمن اللاشعر لم يزلْ هُنا )
اسْكُنْ كُهوفَ السَّطْرِ
وَامْنَحْ شاعِراً بَعْضَ الْحياةْ
كُنْ في غَدِ الْحَرْفِ الْمُعَنَّى
كُلَّ ما يُغْري الْقَصيدةَ كَيْ تَشيْ
بِالْمُمْكِنِ الْمَمْنوع ِمِنْ
صَمْتِ الِّشفاهْ
يا أيُّها الثَّاوي الْمُغَرِّدُ في
صحاري التِّيهِ والْمَنْفى الْمُحَنَّى
بِانْكِساراتٍ عَلَتْ
وَجْهَ الزَّمانِ الصَّعْبِ في
دَرْبِ الْمَتاهَةِ لِلْنَجاةْ
مارَسْتَ فَنَّ الْمَوْتِ
حِيْنَ تُعانِقُ الْجُرْحَ الْمُوَشَّى
بِالْعذاباتِ الَّتي
رَسَمَتْ وجوهَ فُصولِ أَزْمِنَةِ الطُّغاةْ
غَرِّدْ بِجُرْحِ الْأَمْسِ لِلْيَوْم ِالَّذي
يَخْشى الْغَدَ الْآتي على
ظَهْرِ الْمُنى الْمَسْكُوبِ في
سّمْتِ الشَّوارِعِ والْحَواري والْمَقاهي والْجِباهْ
وَامْسَحْ جَبينَ الْفِكْرِ مِنْ
عَبَثِ الْمَسافَةِ بَيْنَ قَهْرِ الذَّاتِ وَالْحُلْم ِالَّذي
لَمَسَتْ جَناحاهُ الْحَقيقَةَ حَيْثُ
تَبْكي شَهْرَذادُ سنا لَيَاليها الْمِلاحِ وَتَشْتَكي
جَهْلَ الرُّواةْ
هُزَّ السُّطورَ يُساقِط ِالْوَجَعُ الْمُخَبّأُ
في ثَنايانا حُروفا قَدْ حَكَتْ
قِصَصاً على وَجْهِ الْمِدادِ الْمُرِّ
وَاكْشِفْ عَنْ نِهاياتِ الْمَساءِ
وَعَنْ نَدى فَجْرٍ تَراهْ
فَالْحُبُّ قد رَسَمَتْ يَداهُ مَلامِحَ الْحَرْفِ الْمُسافِرِ
في الشِّتاء ِ لِكَيِ يَفيقَ على
صَباحٍ لِلْغَدِ الْمُشْتاقِ قَدْ
حانَتْ خُطاهْ
يا أيُّها الْمَصْلُوبُ في
جِذْعِ الْقَصيدِ على شَواطِئ جُرْحِنا
قَدْ أَيْقَنَتْ رُؤْياكَ ما
صَنَعَتْ عَصا الشُّعَرَاءِ حَتَّى آمَنَتْ
شَتَتُ الْقَصيدَةِ
فَاسْتَحَقَّتْ مَا اسْتَحَقّ الْأَنْبياءْ
ها قَدْ شَقَقْتَ الْحَرْفَ كَيْ
تَنْجو الْمَعاني
مِنْ حِرابِ الْقَهْرِ وَالْخَوْفِ الْمُعَشِّشِ في الدِّماءْ
ها أَنْتَ تُطْلِقُ حُلْمَنا الْمَسْجونَ في
قَبْرِ الصُّدُورِ لِكَيِ يُرَجِّعَ عَزْفُهُ
عِشْقَ الْحُقولِ إلى غِناء ِالنَّهْرِ في
الزَّمَنِ الْخَواءْ
ها أَنْتَ تَبْعَثُ في حَواشينا نَوارِسَكَ الَّتي
أَضْحَتْ مَناراتٍ شَوَامِخَ في
ضَلالاتِ الشِّتاءْ
قَدْ أَشْعَلَتْ
فينا حُروفُك أُغْنِيَاتِ الْحُبِّ وَالْعِشْقَ الْمُدَجَّجَ
بالأماني في غَدٍ
حُرِّ الْغِناءْ
حَتَّى يَعودَ النًّهْرُ يَحْضُنُ أَرْضَهُ
وَيَعَودَ غائِبُهُ الْمُغَرِّدُ في
بِلادِ الْغُرْبَةِ الْعَمْيَاءِ عَنْ
دَرْبِ الْوَفاءْ
أَتُراهُ يَرْجِعُ أُمْ دُروبُ الْأَوْبِ قَدْ
ضَاعَتْ مَعالِمُها وَضَاعَتْ خُطْوُهُ
عَبَثاً
إلى وَطَنٍ هَباءْ
فَابْنِ السَّفينَةَ لَمْ تَعُدْ
قِمَمُ الْجِبالِ تُقاوِمُ الطُّوفانَ فينا أَوْ
تَصُدُّ الزَّيْفَ عَنْ
قَلْبِ الْنَقاءْ
لَمْ يَبْقَ إلا أَنْ نَكونَ الْمُسْتَحيلَ
وَأَنْ نَعي
ثَمَنَ الْبَقاءْ
بَعْضُ الْهوى عِشْقُ الْفَناءْ
شعر / هشام مصطفى
تعليق