كلاب المدينة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد عباس على داود
    محمد عباس على داود
    • 24-01-2010
    • 154

    كلاب المدينة

    كلاب المدينه قصة قصيرة


    رأته ..تفجرت البسمة على شفتيها..نسيت الورق الذى أتت من أجله ،الضيق الذى كان منذ لحظات يخنق أنفاسها ،والطابور الذى لايبشر بانتهاء..وتعلقت نظراتها به !
    وجهه يتميز عن وجوه الكلاب التى تعرفها بصفاء جسده ونقاء بشرته التى تفوح منها رائحة نظافة ..مؤكد يأكل مالم تسمع عنه الكلاب الأخرى ..الطابور طويل بطول الملل الذى لاينفك يطاردها ..ينقبض ويتلوى كأفعى تلتصق بالرصيف ،بينما الشمس تتربص بالأجساد المتراصة ، وهى تنتظر دوراً لايجىء ..تعاود شغل عينيها به.. يسير مختالاً..مرفوع الذيل كأنه أسد ..الطوق فى رقبته ناعم الملمس ،رقيق ،تمتد منه سلسلة
    معدنية أنيقة ،تقبع نهايتها فى يدٍ متراخية تسحبها على مهل .
    تنتبه للطابور ، على غير توقع يتحرك ..صارت أقرب من ذى قبل ..ترى الشباك الآن
    والرجل الجالس خلف القضبان الحديدية الخضراء اللون،والمنديل الكاروهات الذى يغطى صلعته ..عما قليل تسلمه الأوراق ،تتجاهل غلظته وتجهم وجهه الذى ينز العرق من خلاياه ،ودوران رأسه الخالى من الشعر،تتغاضى عن كم السباب الذى يسيل من زوايا فمه ..تسلمه الورق وتأخذ إيصالا بالاستلام وتمضى ..يقولون أنه لايتسلم الأوراق الا ومعها خمسة جنيهات صحيحة تسلم له باليد ،يأخذها جهاراًً ويلقى بها متبرماً فى صندوق من الورق المقوى فى نهاية مكتبه ،بجوار الجدار ،كل هذا وهو يلعن من اضطره للتعامل مع هذه النوعية من البشر يومياً .
    تدير وجهها عنه مشفقة من لحظة مواجهتها له ..لن تعطيه شيئا .. .مؤكد سيرميها بكلمة من العيار الثقيل ،وستضطر لتحملها من أجل خاطر الورق .ترتطم نظراتها بفسحة الطريق ..ترى الرجل يمسك السلسلة ..يرخيها ليعطى الكلب فرصة الحركة يمينا وشمالا ..يشدها اذ ا
    رآه يحاول الخروج عن الدائرة المسموحة له ..الكلب لايستقر على حال ..يشم الارض ..يدور حول نفسه ..يرفع رأسه ..يرمق كلباً على البعد بائس الملامح مترب الوجه بغضب ..يحاول الوثوب اليه..تعبس قسماتها وهى تراه يجاهد محاولاً الوصول اليه
    مكشراً عن أنيابه ،معلناً عن نيته فى الفتك به ،مرسلاً صيحاته هادرة فى الأرجاء ..تبتعد بوجهها عنه ..الكلاب فى القرية لها شأن آخر ..تنتبه لنفسها وعينيى الرجل الضيقتين ترسلان نارهما الى قسماتها من خلف القضبان الحديدية الباهتة اللون ..مدت يدها بالأوراق..قلب فيها باحثاً عن المعلوم
    هرولت يدها الى كيس نقودها ..ثلاثة جنيهات ضئيلة أمامها ..لاشىء آخر ..ارتعشت نظراتها .. هى كل ماتملكه ..ستعود بها من حيث أتت ..هزها صوته الغليظ مستحثا ..امتدت أصابعها مرتعشة وسحبتها ..مدتها اليه
    حدق فى خلايا وجهها المرتعدة بنظرات ذئبية البريق ، محاولاً التفتيش فيما وراء ها
    هربت بعينيها رغماً عنها الى الأرض ، وقلبها فى فضاء صدرها يهرول هابطاً الى
    مالا انتهاء..مؤكد سيلقى بالأوراق اليها ..ستعود لتأتى بالنقود ..تكابد الوقوف فى الصف وانتظار دورها من جديد و.. انتبهت له يترك الشباك ..يتجه بجسده الثمين فى خفة نحو الباب ومنه الى الطابور ..قبض على رسغها بيد والجنيهات الثلاثة فى اليد الأخرى وقد احمّر وجهه الغارق فى عرقه وضاقت عيناه أكثر وارتفع صوت تنفسه ،أما هى فقد شعرت بجسدها يترنح ،وتنسحب المرئيات من أمام عينيها فلا ترى الا ضباباً ،وأطرافها تتثلج ،ولولا إنه يمسك برسغها لتهاوت ارضاً .دفعها الى رئيسه خلف المكتب المواجه للباب مباشرة صارخاً : -
    - هاهى إمرأة والنقود بيدها ...لتصدقنى !
    وتركه ومضى..تأكدت العيو ن المتابعة أن هذه المرأة قد انتهت ..هى قضية لامفر منها يخزى بها العيون ويلهيها عن نفسه ويثبت بها أنه برىء ،خاصة إنه عاد الى الشباك وتسلم أوراقاً أخرى ومعها المعلوم .
    إعتدل الرجل من جلسة الاسترخاء التى كان يجلسها وحدق فى وجه المرأة الأصفرطويلاً ..أمسك الورق بيد والنقود بيد أخرى ..نظراته حادة ..صارمة ..لم يقل لها أحد انهم سيقبضون عليها والاماعرضت نفسها لهذا ..بحثت عن صوتها لتتكلم ،عن ريقها لترطب به جفاف حلقها ،عن أعصابها لتتماسك ..لم تجد شيئا من هذا ..قاسها الرجل بنظراته من أسفل الى أعلى ..أخيراً وبصوت بارد النصل سأل :
    - هذه نقودك ؟
    راودتها فكرة أن تنكر هذا ..تقسم أنها لاتعرف تلك الجنيهات المتهالكة وليست لها بها صلة ولم ترها من قبل ..تذكرت الأعين التى تابعتها وهى تفتش كيس نقودها وتخرجهاهزيلة منه ..هزت رأسها متخاذلة بمعنى نعم وأطرقت برأسها .
    قال مؤنباً :- الرجل يأخذ خمسة جنيهات ..يشقى ويعرق ويستحقها ..ماهذا البخل ؟
    الاتستحين ..؟
    كانت السماء باهتة الازرقاق ،والشمس تميل عن قبتها غرباً والغبار ركام فى الطرقات
    ..رجع بظهره الى الوراء متراخيا كما كان ، أما هى فلم تنطق بحرف !
    مدونتى (قصة قصيرة)
    htt\\mabassaly.blogspt.com
    مدونتى (شعر )
    htt\\mohamedabassaly.blogspot.com
  • إيمان الدرع
    نائب ملتقى القصة
    • 09-02-2010
    • 3576

    #2
    محمد عباس علي داوود...أيها الأخ الغالي:
    وضعت يدك على جرح عميقٍ ينزّ قهراً..
    ويروي آفة تعلق كخيوط العنكبوت على ملامحنا..
    إنها الرشوة البغيضة التي تخاتلنا كشرّ لابدّ منه ..
    على عكس قناعاتنا ..
    حتى لا نقف في الطابور ويقتلنا الوقت السقيم..
    أشفقت على هذه المرأة لمّا ناوشتها مخاوف لا وجود لها
    بعد أن لاحت لها ردّة الفعل الأخيرة..
    أجدتَ في هذه الخاتمة الغير متوقّعة..
    ونحن الذين اقتنعنا بأنّ المثاليّة لابدّ أن تظهر على يد أحدهم من الشرفاء
    بعد أن كادت المراة تموت خوفاً..
    فكانت المساومة أشدّ ضراوة ووقاحة..
    نصّك هادفٌ ..فيه الكثير من الرموز والإسقاطات التي أغنته وأثرته..
    دُمتَ بسعادةٍ....تحيّاتي...

    تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

    تعليق

    • مختار عوض
      شاعر وقاص
      • 12-05-2010
      • 2175

      #3
      أحييك أخي محمد على هذا التوازي الرائع بين مشهدين في قصتك!!
      عنوان قدّم لمشهدين غاية في الاتقان..
      وبعيدًا عن المباشرة والنباح قلت ما أردت..
      تبًّا لهم هؤلاء الكلاب..
      كلاب المدنية..
      دمت راقيًا.

      تعليق

      • محمد عباس على داود
        محمد عباس على داود
        • 24-01-2010
        • 154

        #4
        الأخت إيمان الدرع ..شكراً لك مرورك البديع الذى ملأ كلماتى نوراً ..وإن كانت الشكوى مرة والألم دفين .تحيياتى لك وتقديرى و..سلام
        مدونتى (قصة قصيرة)
        htt\\mabassaly.blogspt.com
        مدونتى (شعر )
        htt\\mohamedabassaly.blogspot.com

        تعليق

        • محمد عباس على داود
          محمد عباس على داود
          • 24-01-2010
          • 154

          #5
          أخى المحترم مختار عوض ..شكراً لك تواضعك بالمرور على كلماتى ..دمت ودام ابداعك ..وسلام لك من القلب
          مدونتى (قصة قصيرة)
          htt\\mabassaly.blogspt.com
          مدونتى (شعر )
          htt\\mohamedabassaly.blogspot.com

          تعليق

          • مختار عوض
            شاعر وقاص
            • 12-05-2010
            • 2175

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة محمد عباس على داود مشاهدة المشاركة
            أخى المحترم مختار عوض ..شكراً لك تواضعك بالمرور على كلماتى ..دمت ودام ابداعك ..وسلام لك من القلب

            هل هكذا تراني أخي؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!

            تعليق

            • عائده محمد نادر
              عضو الملتقى
              • 18-10-2008
              • 12843

              #7
              الزميل القدير
              محمد عباس علي داوود
              كلاب المدينة والمدنية الجشعة البشعة
              رأيت مثل هذا الموقف وعلانية بالعراق
              تدخل لأي دائرة
              لن تستطيع تمشية معاملتك إذا لم تدفع وعلنا دون خوف أو رادع
              ومن لا يدفع يبقى ينتظر إلى ماشاء له الإنتظار
              أعجبني أنك وصفت حياة الكلب بما لم تراه باقي الكلاب ~.. فهو مرفه
              أنا شخصيا أحب الكلاب وخاصة الوولف دوك
              نص يحكي الكثير
              وتلك المقاربة كانت موجعة مؤكد
              ودي الأكيد لك


              عين؛ وأنف؛ وصوت؛
              عين؛ وأنف؛ وصوت عرفني امرأة سريعة العطب! أكاد لا أميز الأسود من الأبيض حين أغضب، أفقد صوابي ولا أعود أتذكر حتى إنسانيتي.. هكذا عودتني أيامي. أعب كؤوسا مترعة من الهم، أتجرعها شئت أم أبيت فهذي حياتي، مذ عرفت طريق الليل أسيره وحيدة بين وجوه غريبة عني، وأياد تدفع لتدلف باب غرفتي الموارب تتلمس جسدي الذي لم أعد أملكه، تشتري مني
              الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

              تعليق

              • محمد عباس على داود
                محمد عباس على داود
                • 24-01-2010
                • 154

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة مختار عوض مشاهدة المشاركة
                هل هكذا تراني أخي؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!
                أراك قلباً كريماً وقلماً مخلصاً وأسعد بالتواصل معك وأشكر لك مرورك على كلماتى الذى بالتأكيد أسعدنى ..شكراً لك
                مدونتى (قصة قصيرة)
                htt\\mabassaly.blogspt.com
                مدونتى (شعر )
                htt\\mohamedabassaly.blogspot.com

                تعليق

                • محمد عباس على داود
                  محمد عباس على داود
                  • 24-01-2010
                  • 154

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
                  الزميل القدير
                  محمد عباس علي داوود
                  كلاب المدينة والمدنية الجشعة البشعة
                  رأيت مثل هذا الموقف وعلانية بالعراق
                  تدخل لأي دائرة
                  لن تستطيع تمشية معاملتك إذا لم تدفع وعلنا دون خوف أو رادع
                  ومن لا يدفع يبقى ينتظر إلى ماشاء له الإنتظار
                  أعجبني أنك وصفت حياة الكلب بما لم تراه باقي الكلاب ~.. فهو مرفه
                  أنا شخصيا أحب الكلاب وخاصة الوولف دوك
                  نص يحكي الكثير
                  وتلك المقاربة كانت موجعة مؤكد
                  ودي الأكيد لك


                  عين؛ وأنف؛ وصوت؛
                  http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?t=57245
                  الأخت نادرة ..شكراً لك بحجم نبلك ..مرورك يهطل بالنور على كلماتى ..لك تقدير وتحية ..وفى كل حين سلام
                  مدونتى (قصة قصيرة)
                  htt\\mabassaly.blogspt.com
                  مدونتى (شعر )
                  htt\\mohamedabassaly.blogspot.com

                  تعليق

                  يعمل...
                  X