[frame="7 10"]
في الطّريق إلى دبي
ركاد حسن خليل
(1)
تلك هي تذكرة سفرك..
بهذه الكلمات استقبلني ربّان السفينة الكوري السّيد "كيم" وبرفقته وكيل شركتنا في مستعمرة جبل طارق.. السيد "جورج توماس".. عندما ذهبت إلى مكتبه في برج القيادة.. لمعرفة سبب استدعائه لي..
قال السّيد "توماس".. تقلع الطائرة في تمام الساعة السادسة مساءً متجهةً إلى لندن.. وفي اليوم التالي عند الرابعة مساءً تغادر لندن إلى دبي..
سوف أحضر لمرافقتك عند الرابعة قبل ساعتين من موعد الإقلاع.. نلتقي على الرّصيف عند البوّابة في الميناء..
أجبته.. شكرًا سيدي.. نعم لن أتأخر إن شاء الله..
ودّعتهما.. وعدت أدراجي إلى غرفتي..
يجب أن أحزم أمتعتي بسرعة..
الساعة الآن العاشرة صباحًا.. وليس لدي الكثير من الوقت..
بحر من الأفكار تتلاطم أمواجه في داخلي.. تقلّبني ذات اليمين وذات الشمال.. وأنا ألملم ثيابي المتناثرة في أرجاء الغرفة..
يا إلــــهي.. عشرون شهرًا مضت وأنا على متن هذه السفينة "فال 5".. وكأنها عشرين سنة.. لقيت فيها ما لقيت من عذابٍ وكدٍّ وذلٍّ.. وهذا حديثٌ يطول..
عشرون شهرًا.. بين ماءٍ وسماء.. من البحرين على شواطئ الخليج العربي.. إلى بحر العرب عبر مضيق هرمز.. إلى البحر الأحمر مرورًا بباب المندب.. وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسـّط عبر قناة السويس.. تارةً نحط الرّحال في ميناء "جنوى" الإيطالي.. وتورًا نتوقّف في ميناء "تاراجونا" الإسباني إلى أن استقر تقريبًا تواجد سفينتنا في منطقة جبل طارق.. نقتنص مرور السفن من البحر المتوسـّط إلى المحيط الأطلسي فنبيعها وقودًا لمحرّكاتها حتـّى يتسنــّى لها متابعة إبحارها عبر المحيط.
جمعت كتبي وأوراقي.. وتأكّدت من أن أضع جواز وبطاقة سفري في جيب "الجاكيت" الداخلي .. وأنزلت كل الصور الخاصة المعلقة على جدران الغرفة ووضعتها في حقيبتي..
يا لها من أيامٍ حسبت من العمر.. بحُلوِها ومُرّها..
كنت وكأني في مدرسة أصقل فيها نفسي.. أقسو عليها حينًا.. وأنحاز لها حين يتعلـّق الأمر بالذّات والهويّة والوطن..
تعلّمت هنا الانتماء الحقيقي.. وعرفت معاني كثيرة على حقيقتها.. كالحق والواجب.. الظلم والعدل.. التّفرّق والوحدة.. اليقين والجهل..
وشهِدت ظلم ذوي القربى ومرارته التي خنقت دائمًا أنفاسي بحشرجةٍ أصبحت تقطن في صدري.. لتستدعي دموعي.. عندما أغوص في لج ذكرياتي..
لم يكن أمر انتقالي إلى الإمارات العربية المتحدة من مخيم نهر البارد.. المخيم الفلسطيني للاجئين.. الواقع إلى الشمال من مدينة طرابلس اللبنانية.. للدّراسة سهلاً .. وأنا الخارج من حربين ضروسين أبعدتا فلسطين عنّا بُعد السماء عن الأرض..
[/frame]
أنا ضيفكم هنا لأول مرة..
أرجو أن تنال قصّتي هذه وهي على حلقات.. الرّعاية والاهتمام
ولكم جزيل الشكر
تقديري ومحبّتي
ركاد أبو الحسن
أرجو أن تنال قصّتي هذه وهي على حلقات.. الرّعاية والاهتمام
ولكم جزيل الشكر
تقديري ومحبّتي
ركاد أبو الحسن
في الطّريق إلى دبي
ركاد حسن خليل
(1)
تلك هي تذكرة سفرك..
بهذه الكلمات استقبلني ربّان السفينة الكوري السّيد "كيم" وبرفقته وكيل شركتنا في مستعمرة جبل طارق.. السيد "جورج توماس".. عندما ذهبت إلى مكتبه في برج القيادة.. لمعرفة سبب استدعائه لي..
قال السّيد "توماس".. تقلع الطائرة في تمام الساعة السادسة مساءً متجهةً إلى لندن.. وفي اليوم التالي عند الرابعة مساءً تغادر لندن إلى دبي..
سوف أحضر لمرافقتك عند الرابعة قبل ساعتين من موعد الإقلاع.. نلتقي على الرّصيف عند البوّابة في الميناء..
أجبته.. شكرًا سيدي.. نعم لن أتأخر إن شاء الله..
ودّعتهما.. وعدت أدراجي إلى غرفتي..
يجب أن أحزم أمتعتي بسرعة..
الساعة الآن العاشرة صباحًا.. وليس لدي الكثير من الوقت..
بحر من الأفكار تتلاطم أمواجه في داخلي.. تقلّبني ذات اليمين وذات الشمال.. وأنا ألملم ثيابي المتناثرة في أرجاء الغرفة..
يا إلــــهي.. عشرون شهرًا مضت وأنا على متن هذه السفينة "فال 5".. وكأنها عشرين سنة.. لقيت فيها ما لقيت من عذابٍ وكدٍّ وذلٍّ.. وهذا حديثٌ يطول..
عشرون شهرًا.. بين ماءٍ وسماء.. من البحرين على شواطئ الخليج العربي.. إلى بحر العرب عبر مضيق هرمز.. إلى البحر الأحمر مرورًا بباب المندب.. وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسـّط عبر قناة السويس.. تارةً نحط الرّحال في ميناء "جنوى" الإيطالي.. وتورًا نتوقّف في ميناء "تاراجونا" الإسباني إلى أن استقر تقريبًا تواجد سفينتنا في منطقة جبل طارق.. نقتنص مرور السفن من البحر المتوسـّط إلى المحيط الأطلسي فنبيعها وقودًا لمحرّكاتها حتـّى يتسنــّى لها متابعة إبحارها عبر المحيط.
جمعت كتبي وأوراقي.. وتأكّدت من أن أضع جواز وبطاقة سفري في جيب "الجاكيت" الداخلي .. وأنزلت كل الصور الخاصة المعلقة على جدران الغرفة ووضعتها في حقيبتي..
يا لها من أيامٍ حسبت من العمر.. بحُلوِها ومُرّها..
كنت وكأني في مدرسة أصقل فيها نفسي.. أقسو عليها حينًا.. وأنحاز لها حين يتعلـّق الأمر بالذّات والهويّة والوطن..
تعلّمت هنا الانتماء الحقيقي.. وعرفت معاني كثيرة على حقيقتها.. كالحق والواجب.. الظلم والعدل.. التّفرّق والوحدة.. اليقين والجهل..
وشهِدت ظلم ذوي القربى ومرارته التي خنقت دائمًا أنفاسي بحشرجةٍ أصبحت تقطن في صدري.. لتستدعي دموعي.. عندما أغوص في لج ذكرياتي..
لم يكن أمر انتقالي إلى الإمارات العربية المتحدة من مخيم نهر البارد.. المخيم الفلسطيني للاجئين.. الواقع إلى الشمال من مدينة طرابلس اللبنانية.. للدّراسة سهلاً .. وأنا الخارج من حربين ضروسين أبعدتا فلسطين عنّا بُعد السماء عن الأرض..
يتبع
تعليق