
(( خرسوا، وحين تكلموا قتلوك
في المعنى وكانوا الالف دون الباء
ركزوك خاصرة، وكنت على الرحى
قطبا يدور بهم على الرمضاء ))
وجيه عباس – شاعر عراقي
حرف سماوي عُلّق على سنا رمح....
ينطق بالاصرار... فإن منح الصوت ...
أخرس ما دونه....
هكذا عرفتك ... قبلاً... وبعداً... تثير الزوابع والاعاصير...
تحاصر الاسطر.. وتكتسح المفردات..
معتليًا وحدك صهوات الارتجال المتقن... وكل ما عداك كان اضغاث بوح....
قد لا يصادقني الكثير على ما اقول....
ولكنهم لا يعلمون...
بأنك قادر على الخوض في غمار النفس... و بالذات نفسك أنت....
تجمّلها حينا...
وترثيها حينا آخر...
تزدريها تارة....
لتعليها تارة أخرى...
ولكنك أبدا لا تجيد التصنع في الحرف...
أذكر مرة حين كتبت ....
(( تهجد بصيراً في ليلهِ ..
يحاول بأكفهِ مس الضياء..
يدنو ويدنو حتى بات..
كمجنون يرى أن هاماتهُ تلامس السماء
هذا الوعد حق.. وحقٌ وعد ربك..
إذ قال لا بقاء
أنا فُنيتُ فيك َ..
كما ستفنى الارض ..
ويفني الغروب شمس الضياء
هذا الوعد حقٌ فلا بقاء ))
سألتك...
- اين هويتك فيما سطرت... لا أراك فيها...؟؟
ابتسمت وقلت ...
- وهل ابصرتِ أحدا ... أدرك له هوية اقتنصها منه من يهوى؟؟
ازداد عجبي لردك....
فأردفتُ...
- ظننتك شاعراً... تهوى الحرف لا أكثر...
فازدادت ابتسامتك اتساعا ...
- وكيف لي بعشق أرتديه... قبل أن يرتديني...؟؟؟
و...... فهمت....
صُلتَ ألف مرة على بوابات الوطن المجبول على الوجع... تمنحه الراية تلو الراية...
ليس حرفا فقط....
بل حرفاً ودم...
وما أعجزتك عثرات ذاك الجريح... حملته على كتفيك...
وحلقت به أينما ارتحلت... وكيفما حللت....
أطلقوا على قلمك ( المجنون )...
لأنه لا يدرك غير الحقيقة...
ولأنه يجيد تعرية الوجوه عن أقنعتها.. ويلفظ دواخلها على ضفاف العلن... حتى وصفوك أنت بـ( الملحد )..
كنتُ أبتسم... فلا أحد يقرأك من بين براثن بوحك....
كما أفعل أنا...
وكنتُ أتحداك دوماً بهذا... وإن تفوقت عليّ بسادية غموضك أحياناً...
ولكني كنت أفوقك تحسساً لأنين مفرداتك...
تلك التي كنت ترمي بها بعد ولادتها الى أقرب زاوية ( إهمال )...
فتلفظ أنفاسها الاخيرة على جدران المواقع الأدبية...
فقط كي تتمتع أنت...
بتعداد خطو من مرّ بأقدامه على جثتها..
ليستحوذ عليك الإنتشاء.....
كنت عملاقاً... وستبقى...
دون أن تتسلل من تحت عقب ( اللغة )....
كما اتهمك الكثيرين....
وكما يحلوا لـ( الأكثر ) أن يحبو عليك بلقب ...
( صعلوك ) على سفح البلاغة...
الا أنك هكذا....
لا تجيد غير منح ( الكل )....
( كل ) ما يستحق...
لك مجد الحرف دوماً...
كُتبت في بداية عام 2009
مصر – القاهرة
تعليق