تويت
موكب الأحرار
"الإنسان أشكل عليه الإنسان"
أبو حيان التوحيدي
رواية استحضرت التاريخ ووظفته في تحريك الأحداث ورسم الشخصيات بانفعالاتها وترقباتها.
بصدقها وخبثها،..اتخذت من ثنائية الخير والشر، الصدق والمداهنة، العدل والظلم، الإيمان الروحي مقابل الإيمان المادي،..تأشيرة مرور نحو القارئ-الإنسان الذي سيُزج به إلى أخطر لعبة عرفتها البشرية؛ لعبة المحاكمة.
محاكمة غير عادية هذه التي تقرضها الرواية على كل إنسان، فمحاكمة التاريخ أمر ليس بالهين، لأنها محاكمة إنسان الحاضر لإنسان الماضي، كلٌّ بمنطقه. كما أنها محاكمة لا تنتهي؛ فالحاضر يصبح ماضيا والمستقبل ينقلب حاضرا، وحدها الأحداث تُعيد نفسها في تكرار فاضح وتحت مسميات أفضح. حتى أني لأجزم أن مصطفى البشتيلي هو أحمد ياسين نفسه، وفرط الرمان ما هو إلا اسم لكل مسترزق خائن على أرض المقدسين، وهيلدا ما هي إلا شرف الأمة الضائع، والمماليك والأتراك في شخص إبراهيم ومارد بك ليسا سوى سحلية عربية من نوع أصيل تعقد مقايضات في جلباب مفاوضات.
إن إرادة مصطفى البشتيلي والثوار وحدها لا تكفي لتصفية جيوب الطغاة، وبولاق؛ شعلة الثورة التي ظلت متوقدة رغم شبح الهزيمة لن تُجدي فتيلا أمام تكالب الطغاة وتخاذل المماليك والأتراك. والنتيجة، كارثة ماحقة تكبدها الشعب المصري من شرقه إلى جنوبه...، وعار ما بعده عار أخرس "بندقية صادئة" سميت القومية العربية.
لقد أسلم مصطفى البشتيلي الروح، فما كان من برتلمي إلا أن أمر بحرق جثته، بعدما استعصى عليه تقليم ضميره. ولعل هذا ما يُفسر مذابح أمثاله في حق مُعذبي الأرض وشهداء السماء.
لكن هيهات هيهات أن ينهار الجبل أمام جعجعة الريح.
من مدونة العين الثالثة