جاءتْ لتعرفَ سرَّه نُوّارُ
والشوقُ يمضغُ قلبَهــا والنارُ
جاءتْ وتسألُني ، فكيف أجيبُها
السرُّ فيه تفكُّــه الأسرارُ
قالتْ : تكلّمْ عنه ، قُلْ لي كلْــمةً
وارفقْ بأعصابي التي تنهــارُ
أنشدتُها شعراً .. أنارَ ظلامَها
فتَفجّرتْ في ليلِهــا الأنوارُ :
" _ منذُ البدايةِ .. ذِكرُهُ ملأ الدنى
فكأنّه وسطَ الرمادِ سِوارُ
منذُ البدايةِ والربيعُ قميصُهُ
فتكوّنتْ من صدرِهِ الأزهارُ
حملتْه أرضُ الأنبياءِ ببطنِها
فتناقلتْ عن مهدِهِ الأخبارُ
فتراهُ في كلِّ العصورِ مُبجّلاً
وإلى المبجّلِ بالبَنانِ يُشارُ
البدرُ خَطَّ على قفاهُ قصيدةً
من سحرِها قد غنّتِ الأقمارُ
والشمسُ إنْ بَلغَتْ مداهُ تزيّنتْ
إنّ النهارَ بمُقلتيهِ نهـــــــارُ
وطني جميلٌ .. في الملامحِ يوسفٌ
في حبِّهِ امرأةُ العزيزِ تَحـــارُ
منذ الطفولةِ موطني أُنشودةٌ
غنّيتُها .. غنّتْ معي الأوتارُ
وطني إذا سمّيتُهُ في جنّةٍ
رقصتْ بذكرِ حروفِهِ الأشجارُ
وطني جِبالُ شَمالِهِ مرفوعةٌ
وجَنوبُه في حبِّه أهــــــــوارُ
بغدادُ فيه لوحةٌ شعريةٌ
داختْ بروعةِ شكلِها الأشعارُ
وطني يَدٌ ، إنَّ الأصابعَ شعبُهُ
أربيــلُ قلبٌ والهوى ذي قارُ
في كربلاءَ إذا تألّّمَ بُرعمٌ
لأنينِهِ تتألّــــــــمُ الأنبارُ
في أرضِهِ إنَّ الترابَ مُقدّسٌ
وطني ينامُ بأرضِهِ الأطهارُ
وطني العراقُ .. على تُرابِ جِراحِهِ
قد قامَ في الدّمِ للحُسينِ مَزارُ
* * *
يا للعراق !! من البداية قِمّـةٌ
من دونِهِ كلُّ الكبارِ صغارُ
يا للعراق !! من البدايةِ منبرٌ
آياتُه الإجـــلالُ والإكبارُ
هو منهلٌ والماءُ يشربُ ثغرَه
وطني إليه تعطشُ الأمطــارُ
هو مذهبٌ والنزفُ يملأُ فكَّهُ
إنّ الخناجرَ أهلُهُ والجــارُ
لكنه رغمَ الجراحِ مَنارةٌ
وطني اصطفاهُ الواحدُ القهّارُ .."
تعليق