العبء

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد فطومي
    رئيس ملتقى فرعي
    • 05-06-2010
    • 2433

    العبء

    العبء


    صفّقتُ الباب ورائي بعد أن عدّلَتْ حبيبتي لوزيّة العينين بعناية و شغف شديدين أكياس الملح على ظهري.تماما فوق جرحي المفتوح.كنت يومها على عجل ،فلي موعد مع صديق عزيز على قلبي،كان تناول يوما و نحن نسير سويّة تمرة داستها الأرجل حتّى استوت مع القاع،فنفض عنها التّراب و ناولني إيّاها،يومها عاهدّته ممتنّا بأن لا أبخل عليه بالمساعدة كلّما احتاجني ما حييت.منذ ما يزيد عن الأسبوع و هو يلحّ عليّ بأن أزوره في بيته ليجرّب على قميصي الوحيد ما تعلّمه من فنون الحياكة. و ها إنّي ذاهب لألبّي.
    في طريقي إلى صديقي استوقفني مُقرضي البغيض .يقول إنّه فكّر كثيرا و قرّر التّنازل عن طلب الديّن هذا المساء و بشّرني بأنّه أجّل موعد الدّفع ليوم كامل آخر.فرحت ليفرح فانصرف و انصرفت.
    خرجت من بيت صديقي ،و توجّهت مسرعا إلى جلاّدي الفضيع.و لمّا اقتربت من حاميته سمعت صوتا يناديني.من تراه يكون؟.هذا أنت! مرحبا بنقيضي،ما الذي جاء بك إلى هذا الدّغل القذر؟قال جئت أشكوك اليسر و راحة البال و سعة الرّزق.المسكين سئم حياة الألفة و الرّغد.
    أخّرني نقيضي ساعة و هو يثرثر و يُطلق الزفرة تلو الأخرى.أفهمه جيّدا و لكنّي لا أجد كلاما يواسيه،فمن لي بمن يفهمني أنا أيضا.
    اعتذرت منه و دلفت باب الجلاّد.كان غاضبا فضاعف حصّتي من السّوط.
    في الخارج و وسط السّوق،اكفهرّ الجوّ،و امتلأ الفضاء بالغبار،و لم تعد تسمع سوى صراخ ،غطّاه صفير حادّ مؤلم و أزيز بعيد،لقد فتحوا النّار علينا من جديد .
    مارد المدينة العضّاض عدوّ الجمال و الفنّ اعتلى البارحة خشبة الطّوارىء و تكلّم إلى الملإ ،و توعّد بأن يقطع ألسنة الجراد و هي تطير إن لاحت لها مجرّد خاطرة بأن تعبث بأمن المدينة.حديثه وقّدني و سكّن بعضا من وجعي.خدّرني و جعلني أعتقد أنّي لست أستظلّ تحت حافلة ،قد تخذلني و ترحل في أيّة لحظة.
    فما هذه الفوضى و لم كلّ النّاس يركضون في كلّ الإتّجاهات؟ماذا يحدث؟ و أين حديث البارحة؟
    جميع النّاس نجوا بأنفسهم ما عداي فقد أحاط بي الإعياء من كلّ جانب و لم أعد أقوى على الهرب.
    المكان مقفر تماما .نظرت إلى السّماء فرأيت طائرات العدوّ تقترب تدريجيّا.قدّرت بأنّها لا تزال بعيدة بعض الشّيء.و بدت لي ثغرة الزّمن تلك كافية لأسرق كيس اللّبان الذي أوصتني به حبيبتي النّاعمة التي يغضبها جدّا أن ترى على وجهي غير البهجة ،و التي لا تعلم بأنّي أدّخرها للحظة بكاء.و لكنّي أسأت التّقدير كعادتي فباغتتني الغارة.


    محمد فطومي
    تونس
    مدوّنة

    فلكُ القصّة القصيرة
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    الزميل القدير
    محمد فطومي
    هل كنت تتكلم عن حيوان
    أم إنسان يعيش عيشة الحيوانات
    أنا فهمتها على أساس أنه بغل أو حمار وهذه مسيرته اليومية
    لا أدري أنتظر الرد
    ودي الأكيد لك
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • رزان نعيم المغربي
      عضو الملتقى
      • 27-06-2010
      • 16

      #3
      الاستاذ محمد
      ارى ان الاستاذة عايدة معها حق هناك التباس يجعل من القصة تؤول في اكثر من اتجاه
      كان يمكن لعبارة ما ان تفهم من الاشارة
      شكرا لك القصة عموما افهمها بانها اعباء اليومي وتفاصيله وكأن الانسان تحول عن انسانيته واصبح ينؤ كاهله بالاحمال

      تعليق

      • محمد فطومي
        رئيس ملتقى فرعي
        • 05-06-2010
        • 2433

        #4
        الأستاذة عائدة محمد نادر.أحترم فهمك،و أقدّر قراءتك للنصّ.
        و إن كنت أحسّ بأنّي مازلت و سأظلّ مقصّرا في نقل معاناة الإنسان الكادح المناظل و المظلوم فوق ذلك كلّه ،مهما بلغ حجم مدوّنتي.
        و لا أظنّ بأنّ بوسعنا و لو مجتمعين أن نفي الوجع البشري بشتّى ضروبه و تداعياته و حزنه و أرقه و كآبته و يأسه و قهره...حظّه من الكلام.حتّى نمرّ للحديث عمّا يشغل البغال و يعتمل في صدورها.
        و أعتقد في شبه يقين بأنّ الوقت لم يحن بعد( على الأقلّ بالنّسبة لي) لأنشغل بقضايا الدوابّ لا سيّما التي ترتدي القمصان و لها بدل الحبيبة اثنتين،يقترضون الأموال ،يبكون،يمضغون الّلبان ، يواكبون الأحداث اليوميّة للبشر و لهم مواقف و توجّهات سياسيّة.
        أمّا في ما يخصّ الإشارات التي قد تزيغ بالقراءة إلى فهم على هذا النّحو.فمن بينها ربّما أكياس الملح الموضوعة على الجرح المفتوح و التي بإمكانها أن تفيد معنى الكلمة السيّئة ،أو الأوامر و الطّلبات التي لا تنتهي،و لا تراعي العسر و قلّة المقدرة؟؟.ضربات السّوط كمثال آخر:أليست أرحم بكثير من التّقريع و التّوبيخ اليومي للكثير من الأعراف و الإقطاعيّين؟؟

        تحيّاتي الصّادقة.
        مدوّنة

        فلكُ القصّة القصيرة

        تعليق

        • ربيع عقب الباب
          مستشار أدبي
          طائر النورس
          • 29-07-2008
          • 25792

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة محمد فطومي مشاهدة المشاركة
          الأستاذة عائدة محمد نادر.أحترم فهمك،و أقدّر قراءتك للنصّ.
          و إن كنت أحسّ بأنّي مازلت و سأظلّ مقصّرا في نقل معاناة الإنسان الكادح المناظل و المظلوم فوق ذلك كلّه ،مهما بلغ حجم مدوّنتي.
          و لا أظنّ بأنّ بوسعنا و لو مجتمعين أن نفي الوجع البشري بشتّى ضروبه و تداعياته و حزنه و أرقه و كآبته و يأسه و قهره...حظّه من الكلام.حتّى نمرّ للحديث عمّا يشغل البغال و يعتمل في صدورها.
          و أعتقد في شبه يقين بأنّ الوقت لم يحن بعد( على الأقلّ بالنّسبة لي) لأنشغل بقضايا الدوابّ لا سيّما التي ترتدي القمصان و لها بدل الحبيبة اثنتين،يقترضون الأموال ،يبكون،يمضغون الّلبان ، يواكبون الأحداث اليوميّة للبشر و لهم مواقف و توجّهات سياسيّة.
          أمّا في ما يخصّ الإشارات التي قد تزيغ بالقراءة إلى فهم على هذا النّحو.فمن بينها ربّما أكياس الملح الموضوعة على الجرح المفتوح و التي بإمكانها أن تفيد معنى الكلمة السيّئة ،أو الأوامر و الطّلبات التي لا تنتهي،و لا تراعي العسر و قلّة المقدرة؟؟.ضربات السّوط كمثال آخر:أليست أرحم بكثير من التّقريع و التّوبيخ اليومي للكثير من الأعراف و الإقطاعيّين؟؟

          تحيّاتي الصّادقة.
          كان يجب أن أعلق بما وصلني قبل قراءة مداخلة عائدة نادر الغريبة ، و التى أكدت عليها الأستاذة رزان .. !
          أحتاج للقراءة ثانية محمد .. أنا آسف
          صباح فل و ياسمين
          يا أروع ما أنجبت تونس الخضراء من ياسمين !
          لا بد من العودة و التعليق بالطبع !

          ليأخذ العمل حقه من القراءة !

          محبتي
          التعديل الأخير تم بواسطة ربيع عقب الباب; الساعة 12-07-2011, 04:05.
          sigpic

          تعليق

          • محمد فطومي
            رئيس ملتقى فرعي
            • 05-06-2010
            • 2433

            #6
            الحبيب الغالي ربيع؛
            شكرا لك لأنّك توزّع عينك الفاحصة و مساحات الأمل بلا حدود و لا ما يمنع.
            شكرا لك لأنّك بيننا.
            إنّ سعادتي لا توصف بزيارتك و كلماتك اللّطيفة هذه أستاذي و أخي الأكبر.
            مدوّنة

            فلكُ القصّة القصيرة

            تعليق

            • جمال عمران
              رئيس ملتقى العامي
              • 30-06-2010
              • 5363

              #7
              الاستاذ محمد فطومى
              مسيرة سعى ، وكد ، وكدح ، ومعاناة ، و..وأحلام صغيرة تطيح بها عواصف السياسة ..والحرب ..فلا يبقى غير الإستعابة بحذر الفطرة لينقذ الروح ..العالقة بمتطلبات بعيدة المنال رغم صغرها وتفاهتها..
              هكذا قرأت أخى..والواضح أن كل كتاباتك لابد من الرجوع إليها أكثر من مرة ..فيتاح لنا بصيص جديد ..يشدنا إلى أعماق أشمل وأبعد غورا..
              شكرا لك..
              *** المال يستر رذيلة الأغنياء، والفقر يغطي فضيلة الفقراء ***

              تعليق

              • محمد فطومي
                رئيس ملتقى فرعي
                • 05-06-2010
                • 2433

                #8
                لا أشكّ للحظة أنّ قراءتك جمال صديقي ستكون مدهشة و مشحونة بحبّ الوطن و الغيرة على الكادحين.
                تلك بعض المعالم الرّمزيّة - و لا أزال بعد أبحث - عن حالة انسانيّة تجمعنا و تبرؤ بعض جوانبنا المصدومة.
                أسأل الله التّوفيق لك أخي الغالي.
                كن بخير و عافية.
                مدوّنة

                فلكُ القصّة القصيرة

                تعليق

                • وسام دبليز
                  همس الياسمين
                  • 03-07-2010
                  • 687

                  #9
                  كنت أعتقد أن المشكلة بقراءتي حين أعدت القصة مرتين
                  لكن حين تحلق القصة في قضاء فسيح تاركة للمتلقي أكثر من تأويل كما القصة هنا
                  .نظرت إلى السّماء فرأيت طائرات العدوّ تقترب تدريجيّا.قدّرت بأنّها لا تزال بعيدة بعض الشّيء.و بدت لي ثغرة الزّمن تلك كافية لأسرق كيس اللّبان الذي أوصتني به حبيبتي النّاعمة التي يغضبها جدّا أن ترى على وجهي غير البهجة ،و التي لا تعلم بأنّي أدّخرها للحظة بكاء.و لكنّي أسأت التّقدير كعادتي فباغتتني الغارة
                  لكن حين تقع الحرب من يعود ليأخذ كيس اللبان غير فقير ذاق مرارة الحياة ودفع حياته ربما من أجل أن يأخذه إلى حبيبة تحب البهجة على شفاهه وإذا بها تفقده

                  تعليق

                  • محمد فطومي
                    رئيس ملتقى فرعي
                    • 05-06-2010
                    • 2433

                    #10
                    مساء جميلا أستاذة وسام.
                    أشكر لك اهتمامك و حضورك هنا.
                    لا مشكلة في قراءة المتلقّي ،ما يحتاجك النصّ انطباع صادق و ناضج و ذائقة مدرّبة كالتي تتمتّعين بها أختي العزيزة.
                    دمت بودّ و خير.
                    و شكرا مرّة أخرى.
                    مدوّنة

                    فلكُ القصّة القصيرة

                    تعليق

                    يعمل...
                    X