رحلة العمر6 / قبل الاخيرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • م. زياد صيدم
    كاتب وقاص
    • 16-05-2007
    • 3505

    رحلة العمر6 / قبل الاخيرة

    ح6 (قبل الأخيرة)

    وصلا القصر الذي يقيم فيه زعيم الرهط بناء على استدعائه العاجل.. جلسا صامتين بعد تحيته، وانتظرا ما سيفصح لهما من أمره...

    الزعيم: شاءت أقدارنا في المملكة أن ننتظر زمنا آخر قادما، أملا في تحسين نسلنا، والصفات الوراثية لأجيالنا القادمة ..لقد طلبتكما على عجالة لأطلعكما على نتيجة الفحص في عدم توافق الجينات بينكما.. وان كانت زوجتك من أصول آدمية .. حيث أفاد طبيبنا المختص باستحالة حدوث الحمل، بناء على هذا التقرير الذي بين يدي الآن .. مبديا أسفه وحزنه الشديدين.. لكنه كان كمن يؤمن بالأقدار، فبدا متزنا هادئا في حديثه لهما..وخيم الحزن على مستشاريه المتواجدين من حوله ..
    هو: صمت وعبس وجهه، وألجمته المفاجأة.. بكت زوجته الحورية ..فشد على يدها، ربت على ظهرها، ورمقها بنظرات عطف وحنان، قبل أن يستأذنا بالخروج .. اتبع الزعيم حديثة قائلا: قبل أن أذن لكما.. سأكرر على مسامعك، بأنك ضيفنا معززا، مكرما، حتى تنفذ فترة سنواتك المتبقية في ضيافتنا، بعدها لك الاختيار ..وما أن انتهى من آخر كلماته، حتى أشار لهما بإمكانية المغادرة .

    بمضي فترة السنتين المتبقيتين على وجوده بينهما..كان قد تعلم أشياء كثيرة .. لم تقتصر على اكتسابه لقدرات خارقة فحسب! وإنما استطاع أن يعرف عن قرب، كثير من أصول الحُكم، والمعاملة، وقوانين التكافل والتآخي السائدة بين أفراد الرهط أنفسهم من ناحية، وبين القيادة والرعية من ناحية أخرى.. كما تعلم أسس ومبادئ متعددة.. لو علم سكان سطح الأرض بها لعاشوا في أحسن حال.. هكذا كتب في إحدى ملاحظاته، ضمن مذكراته الحافلة، التي أيقن بأنها كنز حقيقي ؟ لم يخطر على باله أبدا، أن تكون ضمن كنوز باطن الأرض، التي حلم بها قبل بداية رحلته.
    هو: يجيء ويغدو إلى حوريته في آخر أيامه في المملكة، حزينا مكفهر الوجه.. التفت إليها، ضمها بعطف وحنان، لم يتمالك نفسه، فأجهش بالبكاء قبل أن يعلمها بقراره النهائي بالعودة إلى سطح الأرض..مضيفا بان أسرته تنتظره على أحر من الجمر.. وهناك شعبه الأكثر احتياجا بما تعلمه و اكتنزه من كنوز حقيقية.. تمثلت في القيم والسلوكيات الجديدة الأكثر أمنا، وسعادة، وتقدما، وعدالة، وتسامحا..إلى جانب الكنوز المادية التي سيحملها إليهم...
    حوريته: استسلمت لقدرها.. تفهمت قراره وما أراد.. أعطت له الأمان.. وحرية الاختيار.. فانهمرت دموعها بسخاء كأنها سيل من مطر .. لم ير في حياته مثلها !حتى أغرقت الأرض من تحت قدميها.. وبللت ثيابها الحريرية الشفافة، فبدا جسدها ناصع البياض يشع ضياء ونورا ...
    هو: في الأيام الأخيرة القليلة المتبقية له.. بدأ يفكر في مشكلة أساسية تواجهه الآن ؟ تتمثل في كيفية العودة ؟ ومركبته التي استمرت عاما كاملا في الغوص في باطن الأرض، حتى وصلت إلى هنا، قد فقدت كثير من أهليتها، واستهلكت معظم آلاتها، فلن تكون قادرة على العودة أبدا.. فأرسل إلى مرافقه، يطالبه بنقله على وجه السرعة، لزيارة مركبته العالقة هناك في السقف الصخري الشاسع، المهول،فاصطحبه إليها.. دخلها متفحصا وخاصة شفرات الحفار الضخمة، ومعدات القياس، وهيكلها الخارجي، وأقسامها الداخلية بعناية فائقة..ثم سجل تقريرا بذلك.. قام بدراسته على وجه السرعة، وأعد لائحة طلبات؟ لإصلاحها وإعادة صيانتها وتأهيلها لرحلة العودة..هكذا كان يفكر في قراره ،قبل أن يتراجع؟ مستخفا بما فكر به ويتيقن بأنه من بني البشر، وآدمي ما يزال !!

    طلب مقابلة الزعيم على عجالة .. امتثل بين يديه مرتبكا حائرا .. كان يحمل ملفا بين يديه ..طالبا المساعدة في إصلاح مركبته ليتسنى له العودة.. فما كان من الزعيم إلا أن انفجر ضاحكا! وشاركه مستشاريه جميعا في الضحك.. وتعالت أصواتهم، وهمهمات المستشارين ؟ .. إنها المرة الأولى التي يرى الزعيم ومستشاريه على هذه الصورة؟.. فوقع في حيرة من أمره، وأحس بضحالة سؤاله وتفاهة طلبه.. فخجل والتزم الصمت.. منتظرا تفسيرا عما يحدث! ...

    الزعيم: ضيفنا الكريم..من زمن طويل لم نضحك هكذا من أعماق قلوبنا.. لم نشء الاستهزاء منك، أو السخرية من حديثك المنطقي، من زاوية تفكيرك العلمي كبشر آدمي ..لكننا نستغرب عليك، عدم إدراكك لقدراتنا الخارقة.. وإمكانياتنا الكبيرة، حتى بعد مضى خمسة أعوام لك بيننا، لهذا فقد استهجنا طلبك.. فبدا لنا ساذجا، يقلل من قدرنا دون ان تدرى او انك تناسيت من نكون نحن سكان باطن الأرض؟
    هو: ابتسم .. ثم افجر ضاحكا.. يضرب كفا بكف.. يقدم الأعذار عن سذاجة ألمت به، في لحظات غلب عليه تفكيره بأهل سطح الأرض ..فقال: غاب عنى حقا أيها الزعيم الحكيم والطيب..في لجة من أفكاري الآدمية المتواضعة جدا .. فماذا تقترحون؟ فانا رهن حكمتك وقرارك الراجح..
    الزعيم: سينقلك مرافقك الذي عيناه حارسا أمينا عليك.. حيث أدى مهمته على أكمل وجه.. و سيوصلك إلى باب بيتك بساعة زمن فقط !!
    هو: بهت.. جحظت عيناه.. لكنه ابتسم فرحا، منتشيا بما سمعه، خفق قلبه حتى كادت ضرباته أن تُسمع.. فخر على ركبتيه، يشكر الزعيم والجميع.. على حفاوة الإقامة، والتكريم، وعلى هذه الخدمة الجليلة التي لا تقدر بثمن...

    هو: في اليوم الموعود.. حضر الزعيم إلى بيته بكل تواضع، ومعه ثلة من المستشارين، ووجهاء الرهط..احتراما له ولزوجته الحورية.. ليقيموا له مراسم وداع رسمية.. ثم أوصى مرافقه به خيرا .. وأمره بإيصاله إلى باب منزله على سطح الأرض.. كان الموقف عصيبا عليه .. تحشرج صوته متأثرا ..التفت إلى حوريته ودموع الوداع تنهمر.. رمقها بنظرات حزن وألم على الفراق.. لكنه ابتسم لها ؟! والى الجميع مرسلا قبلاته.. كان ينثرها بكفي يديه، ملوحا بإشارة السلام بيديه.. بينما حمله مرافقه على ظهره.. والبسه ثيابا غريبة عجيبة.. حتى اختفى جسده كليا، ولم يعد يظهر من جسمه شيئا ..فقد غطته من رأسه حتى أخمص قدميه.. وانطلق به بلمح البصر...

    مر وقت قصير.. لم يزد عن ساعة زمن.. وإذ بمرافقه يفتح عليه سترته الخاصة.. يفرك عينيه، يتأمل ما حوله.. يصرخ عاليا: أنا على سطح الأرض..يشير بسبابته: ذاك بيتي ! هذه شوارع القرية! يتحسس جسده.. يطمأن على نفسه.. ينظر إلى مرافقه، يجده مبتسما ! لكن في عينيه حزن شديد!.. يحدثه: حانت ساعة الفراق يا صديقي.. لن استطيع المكوث طويلا معك.. احتضنه ..شد على يديه.. بكى دموعا صادقة.. شاركه البكاء .. لقد كان صديقه الصدوق، وحارسه الأمين، ومنقذه بداية ونهاية.. وبمجرد أن ترك عناقه، حتى اختفى من أمام نظره...

    سارع في خطواته باتجاه بيته..لمحه بعض من أهل القرية.. بدءوا في التهليل والصياح عبر الأزقة والطرقات الترابية، وأمام ديوان المختار بأعلى أصواتهم: عاد بشار يا أهل القرية..عاد بشار يا مختار.. خرجت الجموع عن بكرة أبيها.. شيبها وشبابها ، نسائها وبناتها ..يهرعون باتجاه بيته.. بينما هو كان يقرع الباب بطرقات قوية متتالية.. غير مصدق ما رأى ويرى ...
    من يدق الباب ؟ يا رب استر، يا رب استر..ماذا حدث ؟ كان صوت زوجته من خلف الباب.. أنا يا حليمة..افتحي..أنا بشار يا حليمة.. لقد عدت سالما غانما قبل لحظات..
    حليمة: بشار.. بشار زوجي !.. بشار زوجي..ااه .. ثم سمع من خلف الباب قبل أن يُفتح.. ارتطام جسدها بالأرض مغشيا عليها.. فقد أغمى عليها من هول المفاجأة..

    يتبع في - الحلقة الأخيرة- .
    إلى اللقاء.
    أقدارنا لنا مكتوبة ! ومنها ما نصنعه بأيدينا ؟
    http://zsaidam.maktoobblog.com
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    مرحبا بعودة بشار إلى الديار
    و تعجيلك بانهاء الرحلة ، مع قليل من المتعة فى هذا الفصل
    وكان أيضا فى يدك أن تختمها بالهاب مخيلة القاريء ، بل
    و جعله فى قمة نشوته ، و كان بيدك أيضلا من الممكن الاتكاء عليها
    سوف أقول لك ما رأيت
    رأيت القدر كما يحدث دائما يتدخل ، فتعلو بطن حوريته
    رأيت التمسك به ، و صعوبة الرحيل بكل هذه التوفيقية الغريبة
    فقد بدأ خيط نسله فى البزوغ
    رأيت عند وصوله الجميع يجري ، و يبتعد عنه و يستنكرون عودته
    ثم رأيت أخطاء كثيرة على غير العادة
    وفقك الله أخى الحبيب
    لا بد و أن تجلس معها فهى مازالت مادة خام
    و تقبل كل اشتغالاتك عليها

    قبلاتي
    sigpic

    تعليق

    • إيمان الدرع
      نائب ملتقى القصة
      • 09-02-2010
      • 3576

      #3
      عاد بشار يا أهل القرية..
      عاد بشار يا مختارنا..
      وخرجنا مع هذه الجموع ، نهرع باتجاه بيته لنستقبله..
      قلبي على زوجته التي ارتطم جسدها بالأرض مغشيّاً عليها..
      من هول المفاجأة ، أعانها الله..
      وعلى امرأة تبكيه في باطن الأرض صارت دموعها أنهاراً..
      تنفسنا الصعداء،بظهوره ثانية على سطح الأرض..
      تحرّكت الأحداث نحو النهاية..
      شدّتنا خيوطها باهتمام لنعرف أين سنصل...بنهاية المطاف..؟؟
      وما زلنا نتاااااابع..
      دُمتَ بسعادةٍ..أخي زياد..تحيّاتي..

      تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

      تعليق

      • عائده محمد نادر
        عضو الملتقى
        • 18-10-2008
        • 12843

        #4
        الزميل القدير
        م. زياد صيدم
        والله لا ادري كيف أقول لك أن العجالة جاءت في الحدث
        وفي التتابع النصي
        وفي الزمن
        وكأنها كانت عبئا عليك
        هل تزعجك ملاحظاتي زميل زياد
        ثم أنه قبل ان يعلمها بقراره النهائي!!
        أليس هذا كان الشرط, أن يبقى لخمس سنين
        معنى ذلك أنه وأنها وأنهم يعرفون أن الوقت أزف, فأي قرار نهائي يتخذه !!؟
        أتصور أن عليك مراجعة هذا الجزء ومراجعته جدا وكثيرا
        ودي الأكيد لك
        الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

        تعليق

        • م. زياد صيدم
          كاتب وقاص
          • 16-05-2007
          • 3505

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
          مرحبا بعودة بشار إلى الديار
          و تعجيلك بانهاء الرحلة ، مع قليل من المتعة فى هذا الفصل
          وكان أيضا فى يدك أن تختمها بالهاب مخيلة القاريء ، بل
          و جعله فى قمة نشوته ، و كان بيدك أيضلا من الممكن الاتكاء عليها
          سوف أقول لك ما رأيت
          رأيت القدر كما يحدث دائما يتدخل ، فتعلو بطن حوريته
          رأيت التمسك به ، و صعوبة الرحيل بكل هذه التوفيقية الغريبة
          فقد بدأ خيط نسله فى البزوغ
          رأيت عند وصوله الجميع يجري ، و يبتعد عنه و يستنكرون عودته
          ثم رأيت أخطاء كثيرة على غير العادة
          وفقك الله أخى الحبيب
          لا بد و أن تجلس معها فهى مازالت مادة خام
          و تقبل كل اشتغالاتك عليها

          قبلاتي
          ================================

          ** الاديب المتميز ربيع المنبر......

          شكرا لكل ملاحظاتك من نواحى السرد والحبكة.. ساعمل عليها لاحقا حين اجمعها معا ان شاء الله متفاديا الاخطاء..
          من ناحية اخرى يا عزيزى لم يكن الهدف خلق نواة لرواية تطول فصولها فاظهر مثل ما تفضلا به فهذا سيكون مخالفا للطبيعة التكوينية لكلاهما فكان لابد من قطع اى صلة جينية له والا..... كما ان الهدف الذى ابتغيه توصيل رسالة كما هو دأبى وشأنى فالمقال ما يزال مسيطرا على فى قصصى - الرسائل -

          اعلم بانك من باب الاديب المحترف تتعامل مع النص وهذا من دواعى سرورى وبهجتى وفائدتى واستفادتى ايا ربيع المنبر..

          تحايا عبقة بالزعتر....................
          أقدارنا لنا مكتوبة ! ومنها ما نصنعه بأيدينا ؟
          http://zsaidam.maktoobblog.com

          تعليق

          • م. زياد صيدم
            كاتب وقاص
            • 16-05-2007
            • 3505

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة إيمان الدرع مشاهدة المشاركة
            عاد بشار يا أهل القرية..
            عاد بشار يا مختارنا..
            وخرجنا مع هذه الجموع ، نهرع باتجاه بيته لنستقبله..
            قلبي على زوجته التي ارتطم جسدها بالأرض مغشيّاً عليها..
            من هول المفاجأة ، أعانها الله..
            وعلى امرأة تبكيه في باطن الأرض صارت دموعها أنهاراً..
            تنفسنا الصعداء،بظهوره ثانية على سطح الأرض..
            تحرّكت الأحداث نحو النهاية..
            شدّتنا خيوطها باهتمام لنعرف أين سنصل...بنهاية المطاف..؟؟
            وما زلنا نتاااااابع..
            دُمتَ بسعادةٍ..أخي زياد..تحيّاتي..
            ==================================

            ** الاديبة الراقية ايمان...........

            اسعدنى تواصلك مع الحلقات.. نعم ستصلين الى هدف القص بسهولة ويسر فى الحلقة القادمة وهى اجمالى لما تناثر خلالها..

            مرور طيب وحضور باهى..

            تحايا عبقة بالرياحين..............
            أقدارنا لنا مكتوبة ! ومنها ما نصنعه بأيدينا ؟
            http://zsaidam.maktoobblog.com

            تعليق

            • م. زياد صيدم
              كاتب وقاص
              • 16-05-2007
              • 3505

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
              الزميل القدير
              م. زياد صيدم
              والله لا ادري كيف أقول لك أن العجالة جاءت في الحدث
              وفي التتابع النصي
              وفي الزمن
              وكأنها كانت عبئا عليك
              هل تزعجك ملاحظاتي زميل زياد
              ثم أنه قبل ان يعلمها بقراره النهائي!!
              أليس هذا كان الشرط, أن يبقى لخمس سنين
              معنى ذلك أنه وأنها وأنهم يعرفون أن الوقت أزف, فأي قرار نهائي يتخذه !!؟
              أتصور أن عليك مراجعة هذا الجزء ومراجعته جدا وكثيرا
              ودي الأكيد لك
              ==================================

              ** الراقية الاديبة المتميزة عائدة.........

              لا ابدا من هاى الناحية يا راقية كان مخيرا جدا.. وكان بايتطاعته البقاء فقد بقى فترة طويلة بعد ان علموا بنتيجة الفحص الطبى واستحالة الحمل منه ومع هذا كان مخيرا وعلى الرحب والسعة كما قال له الزعيم .. فكان له ان يتخذ قراره النهائى طبعا اما بالبقاء او بالعودة وكلاهما كان له الضوء الاخضر من الجميع سواء من زوجته الحورية او من زعيم الرهط.. فكان يجب ان يقرر..

              وفى النهاية كان لابد من الانتهاء فقد وصلت الى اخر مدى للقصة القصيرة والا لاصبحت مشروع رواية وهذا طبعا لن يكون من اختصاصى ههههههه لان الرسالة التى هدفت اليها القصة كما باقى قصصى ساجملها فى القادمة .

              شكرا عائدة الراقية على مواصلتك الحلقات هنا.. معتزا بمرورك الطيب..

              تحايا عبقة بالرياحين......................
              أقدارنا لنا مكتوبة ! ومنها ما نصنعه بأيدينا ؟
              http://zsaidam.maktoobblog.com

              تعليق

              • أمل ابراهيم
                أديبة
                • 12-12-2009
                • 867

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة م. زياد صيدم مشاهدة المشاركة
                ح6 (قبل الأخيرة)

                وصلا القصر الذي يقيم فيه زعيم الرهط بناء على استدعائه العاجل.. جلسا صامتين بعد تحيته، وانتظرا ما سيفصح لهما من أمره...

                الزعيم: شاءت أقدارنا في المملكة أن ننتظر زمنا آخر قادما، أملا في تحسين نسلنا، والصفات الوراثية لأجيالنا القادمة ..لقد طلبتكما على عجالة لأطلعكما على نتيجة الفحص في عدم توافق الجينات بينكما.. وان كانت زوجتك من أصول آدمية .. حيث أفاد طبيبنا المختص باستحالة حدوث الحمل، بناء على هذا التقرير الذي بين يدي الآن .. مبديا أسفه وحزنه الشديدين.. لكنه كان كمن يؤمن بالأقدار، فبدا متزنا هادئا في حديثه لهما..وخيم الحزن على مستشاريه المتواجدين من حوله ..
                هو: صمت وعبس وجهه، وألجمته المفاجأة.. بكت زوجته الحورية ..فشد على يدها، ربت على ظهرها، ورمقها بنظرات عطف وحنان، قبل أن يستأذنا بالخروج .. اتبع الزعيم حديثة قائلا: قبل أن أذن لكما.. سأكرر على مسامعك، بأنك ضيفنا معززا، مكرما، حتى تنفذ فترة سنواتك المتبقية في ضيافتنا، بعدها لك الاختيار ..وما أن انتهى من آخر كلماته، حتى أشار لهما بإمكانية المغادرة .

                بمضي فترة السنتين المتبقيتين على وجوده بينهما..كان قد تعلم أشياء كثيرة .. لم تقتصر على اكتسابه لقدرات خارقة فحسب! وإنما استطاع أن يعرف عن قرب، كثير من أصول الحُكم، والمعاملة، وقوانين التكافل والتآخي السائدة بين أفراد الرهط أنفسهم من ناحية، وبين القيادة والرعية من ناحية أخرى.. كما تعلم أسس ومبادئ متعددة.. لو علم سكان سطح الأرض بها لعاشوا في أحسن حال.. هكذا كتب في إحدى ملاحظاته، ضمن مذكراته الحافلة، التي أيقن بأنها كنز حقيقي ؟ لم يخطر على باله أبدا، أن تكون ضمن كنوز باطن الأرض، التي حلم بها قبل بداية رحلته.
                هو: يجيء ويغدو إلى حوريته في آخر أيامه في المملكة، حزينا مكفهر الوجه.. التفت إليها، ضمها بعطف وحنان، لم يتمالك نفسه، فأجهش بالبكاء قبل أن يعلمها بقراره النهائي بالعودة إلى سطح الأرض..مضيفا بان أسرته تنتظره على أحر من الجمر.. وهناك شعبه الأكثر احتياجا بما تعلمه و اكتنزه من كنوز حقيقية.. تمثلت في القيم والسلوكيات الجديدة الأكثر أمنا، وسعادة، وتقدما، وعدالة، وتسامحا..إلى جانب الكنوز المادية التي سيحملها إليهم...
                حوريته: استسلمت لقدرها.. تفهمت قراره وما أراد.. أعطت له الأمان.. وحرية الاختيار.. فانهمرت دموعها بسخاء كأنها سيل من مطر .. لم ير في حياته مثلها !حتى أغرقت الأرض من تحت قدميها.. وبللت ثيابها الحريرية الشفافة، فبدا جسدها ناصع البياض يشع ضياء ونورا ...
                هو: في الأيام الأخيرة القليلة المتبقية له.. بدأ يفكر في مشكلة أساسية تواجهه الآن ؟ تتمثل في كيفية العودة ؟ ومركبته التي استمرت عاما كاملا في الغوص في باطن الأرض، حتى وصلت إلى هنا، قد فقدت كثير من أهليتها، واستهلكت معظم آلاتها، فلن تكون قادرة على العودة أبدا.. فأرسل إلى مرافقه، يطالبه بنقله على وجه السرعة، لزيارة مركبته العالقة هناك في السقف الصخري الشاسع، المهول،فاصطحبه إليها.. دخلها متفحصا وخاصة شفرات الحفار الضخمة، ومعدات القياس، وهيكلها الخارجي، وأقسامها الداخلية بعناية فائقة..ثم سجل تقريرا بذلك.. قام بدراسته على وجه السرعة، وأعد لائحة طلبات؟ لإصلاحها وإعادة صيانتها وتأهيلها لرحلة العودة..هكذا كان يفكر في قراره ،قبل أن يتراجع؟ مستخفا بما فكر به ويتيقن بأنه من بني البشر، وآدمي ما يزال !!

                طلب مقابلة الزعيم على عجالة .. امتثل بين يديه مرتبكا حائرا .. كان يحمل ملفا بين يديه ..طالبا المساعدة في إصلاح مركبته ليتسنى له العودة.. فما كان من الزعيم إلا أن انفجر ضاحكا! وشاركه مستشاريه جميعا في الضحك.. وتعالت أصواتهم، وهمهمات المستشارين ؟ .. إنها المرة الأولى التي يرى الزعيم ومستشاريه على هذه الصورة؟.. فوقع في حيرة من أمره، وأحس بضحالة سؤاله وتفاهة طلبه.. فخجل والتزم الصمت.. منتظرا تفسيرا عما يحدث! ...

                الزعيم: ضيفنا الكريم..من زمن طويل لم نضحك هكذا من أعماق قلوبنا.. لم نشء الاستهزاء منك، أو السخرية من حديثك المنطقي، من زاوية تفكيرك العلمي كبشر آدمي ..لكننا نستغرب عليك، عدم إدراكك لقدراتنا الخارقة.. وإمكانياتنا الكبيرة، حتى بعد مضى خمسة أعوام لك بيننا، لهذا فقد استهجنا طلبك.. فبدا لنا ساذجا، يقلل من قدرنا دون ان تدرى او انك تناسيت من نكون نحن سكان باطن الأرض؟
                هو: ابتسم .. ثم افجر ضاحكا.. يضرب كفا بكف.. يقدم الأعذار عن سذاجة ألمت به، في لحظات غلب عليه تفكيره بأهل سطح الأرض ..فقال: غاب عنى حقا أيها الزعيم الحكيم والطيب..في لجة من أفكاري الآدمية المتواضعة جدا .. فماذا تقترحون؟ فانا رهن حكمتك وقرارك الراجح..
                الزعيم: سينقلك مرافقك الذي عيناه حارسا أمينا عليك.. حيث أدى مهمته على أكمل وجه.. و سيوصلك إلى باب بيتك بساعة زمن فقط !!
                هو: بهت.. جحظت عيناه.. لكنه ابتسم فرحا، منتشيا بما سمعه، خفق قلبه حتى كادت ضرباته أن تُسمع.. فخر على ركبتيه، يشكر الزعيم والجميع.. على حفاوة الإقامة، والتكريم، وعلى هذه الخدمة الجليلة التي لا تقدر بثمن...

                هو: في اليوم الموعود.. حضر الزعيم إلى بيته بكل تواضع، ومعه ثلة من المستشارين، ووجهاء الرهط..احتراما له ولزوجته الحورية.. ليقيموا له مراسم وداع رسمية.. ثم أوصى مرافقه به خيرا .. وأمره بإيصاله إلى باب منزله على سطح الأرض.. كان الموقف عصيبا عليه .. تحشرج صوته متأثرا ..التفت إلى حوريته ودموع الوداع تنهمر.. رمقها بنظرات حزن وألم على الفراق.. لكنه ابتسم لها ؟! والى الجميع مرسلا قبلاته.. كان ينثرها بكفي يديه، ملوحا بإشارة السلام بيديه.. بينما حمله مرافقه على ظهره.. والبسه ثيابا غريبة عجيبة.. حتى اختفى جسده كليا، ولم يعد يظهر من جسمه شيئا ..فقد غطته من رأسه حتى أخمص قدميه.. وانطلق به بلمح البصر...

                مر وقت قصير.. لم يزد عن ساعة زمن.. وإذ بمرافقه يفتح عليه سترته الخاصة.. يفرك عينيه، يتأمل ما حوله.. يصرخ عاليا: أنا على سطح الأرض..يشير بسبابته: ذاك بيتي ! هذه شوارع القرية! يتحسس جسده.. يطمأن على نفسه.. ينظر إلى مرافقه، يجده مبتسما ! لكن في عينيه حزن شديد!.. يحدثه: حانت ساعة الفراق يا صديقي.. لن استطيع المكوث طويلا معك.. احتضنه ..شد على يديه.. بكى دموعا صادقة.. شاركه البكاء .. لقد كان صديقه الصدوق، وحارسه الأمين، ومنقذه بداية ونهاية.. وبمجرد أن ترك عناقه، حتى اختفى من أمام نظره...

                سارع في خطواته باتجاه بيته..لمحه بعض من أهل القرية.. بدءوا في التهليل والصياح عبر الأزقة والطرقات الترابية، وأمام ديوان المختار بأعلى أصواتهم: عاد بشار يا أهل القرية..عاد بشار يا مختار.. خرجت الجموع عن بكرة أبيها.. شيبها وشبابها ، نسائها وبناتها ..يهرعون باتجاه بيته.. بينما هو كان يقرع الباب بطرقات قوية متتالية.. غير مصدق ما رأى ويرى ...
                من يدق الباب ؟ يا رب استر، يا رب استر..ماذا حدث ؟ كان صوت زوجته من خلف الباب.. أنا يا حليمة..افتحي..أنا بشار يا حليمة.. لقد عدت سالما غانما قبل لحظات..
                حليمة: بشار.. بشار زوجي !.. بشار زوجي..ااه .. ثم سمع من خلف الباب قبل أن يُفتح.. ارتطام جسدها بالأرض مغشيا عليها.. فقد أغمى عليها من هول المفاجأة..

                يتبع في - الحلقة الأخيرة- .
                إلى اللقاء.
                العزيز الغالي الاستاذ زياد صيدم
                اسعد الله اوقاتك
                اسعدني قرأت اسمك لااني اكن لك خالص الاحترام
                كان له الخيار وكان يقدر يأخذ الوقت الكافي ولكن احزنتني زوجته
                عاش القلم وسلمت يداك
                تحية طيبه
                درت حول العالم كله.. فلم أجد أحلى من تراب وطني

                تعليق

                • مصطفى الصالح
                  لمسة شفق
                  • 08-12-2009
                  • 6443

                  #9
                  جميلة اخي زياد

                  شاعرية

                  ملهمة

                  بحاجة الى مراجعة كيبوردية

                  لكنها رائعة

                  تحيتي وتقديري
                  [align=center] اللهم صل على محمد أفضل الخلق وعلى آله وصحبه أجمعين

                  ستون عاماً ومابكم خجــلٌ**الموت فينا وفيكم الفزعُ
                  لستم بأكفائنا لنكرهكم **وفي عَداء الوضيع مايضعُ

                  رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ

                  حديث الشمس
                  مصطفى الصالح[/align]

                  تعليق

                  • م. زياد صيدم
                    كاتب وقاص
                    • 16-05-2007
                    • 3505

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة أمل ابراهيم مشاهدة المشاركة
                    العزيز الغالي الاستاذ زياد صيدم
                    اسعد الله اوقاتك
                    اسعدني قرأت اسمك لااني اكن لك خالص الاحترام
                    كان له الخيار وكان يقدر يأخذ الوقت الكافي ولكن احزنتني زوجته
                    عاش القلم وسلمت يداك
                    تحية طيبه
                    =============================

                    ** لراقية الاديبة امل...........

                    شاكر قرائتك ومرورك الطيب.. لكنه قرر العودة الى سطح الارض لاتمام اهداف القصة ..ثم ان له اسرة ثانيا وشعب غلبان غارق فى الخزعبلات اولا..

                    تحايا عبقة بالرياحين...........
                    أقدارنا لنا مكتوبة ! ومنها ما نصنعه بأيدينا ؟
                    http://zsaidam.maktoobblog.com

                    تعليق

                    يعمل...
                    X