مواجهة الخوف
- الله يستر ..
السماء تمطر ، والريح قوية غاضبة ، وأنا أخطو عجلاً على أرض مرتوية موحلة ، لا أدري كم مضى من الوقت ؟ لكنني أحس به يتسرب بسرعة ، وأنا كأنني أراوح في مكاني إلى الآن .. لم أتجاوز بيت زميلي حامد ، وهو تقريباً في منتصف المسافة ، أرسلت النظر على امتداده ، في جميع الاتجاهات ، لا يوجد طلاب يسيرون إلى المدرسة ، هذا مؤشر قوي على أنني متأخر ، آه .. سيكون المدير بانتظاري عند بوابة المدرسة ، ليبدأ مسلسل الرعب و الاهانات .
لا .. لا إن شاء الله أصل في الوقت المناسب ، أو يكون المدير غائب ، مع أن وكيل المدرسة سيكون موجود ، لكنه - بصراحة - أرحم من المدير ، لم أنتبه متى بدأت أعدو بأقصى سرعة ، وحقيبتي معلقة بظهري ، حركة الحقيبة لا تتزامن مع خطواتي ، كأنها تدفعني إلى الوراء ، لكنني في سباق مع الزمن الذي لا أراه ، هاهي المدرسة على مقربة مني ، عشرون متر تقريباً ، أمامي تجمع لماء المطر ، انحرفت لأتفاداه .
تململت واقفاً ، ماذا حدث ؟ يا إلهي .. يداي ملوثتان بطين ثقيل ، وثوبي يقطر ماءً وطيناً ، لقد سقطت ، ياللكارثة .. ماذا أفعل الآن ؟ أأعود إلى المنزل لتبديل ثوبي ؟ سيعاقبني عقاباً عسيراً ، ولن يصدق بأنني سقطت أمام المدرسة ، سيعتبرها قصة مكذوبة من بنات أفكاري ، ما الحل إذن ؟ لابد من مواجهته بحالتي الراهنة ، هذا أسلم لي ، مع أنني أخجل أن يراني أحد بهذه الحال المزرية .
وضعت قدمي على عتبة مكتب المدير ، فوقف مذهولاً وصاح بي :
- وش فيك ؟
أجبته وأنا أرتعد من الخوف والبرد :
- طحت .. طحت قدام المدرسة ، وما عاد يمديني أرجع أغير ملابسي ..
نظر إلي بعينين قاسيتين ثم قال آمراً :
- حط شنطتك ، ورح غير ملابسك وتعال .. بسرعة ..
تنفست الصعداء وأنا أخرج من باب المدرسة ، وأحدث نفسي :
- زال الكابوس المرعب
ومن هنا ، إذا كان لديك ما تخافه فنصيحتي لك أن تواجهه في أسرع وقت ، ثق بي وواجه مصدر خوفك ، فليس هناك أسوأ من الهروب ، ومعاناة الرعب . النتيجة الرائعة التي تنتظرك عندما تواجه مخاوفك ، هي أنك ستتخلص من تلك المخاوف حالاً ، ذلك أن مواجهة الخوف أسهل وأسرع طريق للتخلص منه .
تعليق