5
مع تدفق شلالات الضوء, كان على مشارف البلدة مستترا ببعض الأشجار، واقفا فوق تلة مطلة على مزرعة كبيرة كواحة, تحتضنها أشجار النخيل، اصطفت أشجار الحمضيات بداخلها صفوفا وطوابير كالعساكر في العروض، ازدانت أرض جزء منها بمختلف الخضروات بألوانها الشهية الحمراء والخضراء والسوداء، بزهورها خلابة الألوان.. ينتصب في أولها بيت ريفي صغير..
يا ميسر يا الله.. تمتم بكلمات مرتعشة وقلبه يقرعه الخوف بقوة؛ إذ عليه أن يلبس الخفاء قبل أن تفضحه الشمس.. جال ببصره متفحصا المنطقة الجرداء حول المزرعة بحذر, حيث لم تجرؤ الأشجار الاِقتراب أكثر من مائة وخمسين مترا من النخل.. تفقد الطرق والممرات.. ألقى ببصره يمنة ويسرة على طريق التحف التراب, يبدو نائما لم يستيقظ بعد.. تفرقت بخجل على جانبيه بعض النباتات والأعشاب البرية, تتثائب وقد اغتسلت بالندى..
أخذ نفسا عميقا منعشا كأنه يطلب المساعدة منه, لبس سكونه وعلى أصابع الحذر بدأ بالنزول إليه... توقف فجأة..
هناك شيء مريب.. فلأنتظر قليلا.. ولكن يجب ألا أمكث في الضوء في مكان بارز، يجب أن أمضي.. مهلا.. انتظر.. صه.. لا يوجد صوت.. ولا أية حركة في هذه المزرعة الكبيرة..! الوقت وقت قطاف ولا يوجد أي مزارع هناك..!! يجب أن أنتظر، هذه وصية أخوتي.. لا يُعقل أن تنام إلى هذا الوقت! وكأن الهدوء فرض نفسه سيدا للموقف.. يعود للوقوف في مكانه على جمر الاِنتظار
بعد لحظات خائفة حذرة, يخرج من الكوخ عسكري عثماني ثم آخر، يتبعهما العم أحمد ضاربا كفوف الاستغراب ببعضها, أو فاتحا ذراعي الجهل, ثم زوجته التي تلقي بحيرتها على الباب وهي تحضن إلى صدرها طفلة صغيرة تطوقها بذراعيها.. تحاول نزع بكائها بضمها والربت على كتفها وتقبيلها.. يصرخ الجندي بصوت يتردد صداه، ويلوح بيديه متوعدا..
أخذته رعشة فكت عقال ركبتيه فأقعدته أرضا وصارت تستلحه على الهرب, لكنه تشبث بالأرض أو هي تشبثت به..
يعرف حامد أن المزرعة غيرت مالكها الأصلي الذي أصبح حارسا ومزارعا فيها بعربي- من أذناب العثمانيين- استخدم قبضة من حديد مغموس بالظلم بعدما تولى مساعد آمر الدرك في المنطقة..
أخفى حماره ثم انبطح على بطنه يراقب الأحداث واضعا خطة للهرب وهو يراقب العثمانيين يدوران حول المنزل إلى الغرفة الخلفية فيخرجان حصانيهما ويغادران..
يتأكد من خلو الطريق وغياب الأعين فينزل بحذر مسرعا ويدس دابته في الاسطبل.. فتستقبله عمته بالحضن والقبل والاستفهام يقلق عينيها.. تقبله وتتكلم بلهفة وهي تتفحص جسده.. ولماذا حضرت لوحده؟ أين أخواك؟؟ ولماذا يبحث الدرك عنكم؟ تعال اجلس.. لا بد أنك متعب وجائع.. سأحضر لك طعاما.. بينما تغسل نفسك..
كان حامد مشدوها من وصول الخبر قبله, فتملكه الخوف على إخوته وانعقد لسانه وعمته تمطره بالأسئلة، ولا تدق بابه أية إجابة.. احتار فعادت له الهواجس مرة أخرى.. لمعت قطرات في عينيه.. أغمضهما.. بدأ يغوص في أمسه.. حرك رأسه يمنة ويسرة رافضا, وهو يحاول بصعوبة تناول الطعام.. لاحظ زوج العمة فطلب منها الصمت وأخذ بتهدأته، حتى أنهى طعامه..
: أبي.. أمي.. أبي.. أمي..
يسمعون صوتا قادما من بعيد صارخا, فينتفض الجميع مهرولين إلى مصدر الصوت..
02\07\2010
مع تدفق شلالات الضوء, كان على مشارف البلدة مستترا ببعض الأشجار، واقفا فوق تلة مطلة على مزرعة كبيرة كواحة, تحتضنها أشجار النخيل، اصطفت أشجار الحمضيات بداخلها صفوفا وطوابير كالعساكر في العروض، ازدانت أرض جزء منها بمختلف الخضروات بألوانها الشهية الحمراء والخضراء والسوداء، بزهورها خلابة الألوان.. ينتصب في أولها بيت ريفي صغير..
أستاذ/مصطفى
بدأت بشلال النور واستمر نزف النور بين كلماتك
بروعة ،جمال وإحساس حرف مبحر
برقي إلى حيث ارتياح واكتمال المعنى
شكرا للإبداع
دمت بخير
يا ميسر يا الله.. تمتم بكلمات مرتعشة وقلبه يقرعه الخوف بقوة؛ إذ عليه أن يلبس الخفاء قبل أن تفضحه الشمس.. جال ببصره متفحصا المنطقة الجرداء حول المزرعة بحذر, حيث لم تجرؤ الأشجار الاِقتراب أكثر من مائة وخمسين مترا من النخل.. تفقد الطرق والممرات.. ألقى ببصره يمنة ويسرة على طريق التحف التراب, يبدو نائما لم يستيقظ بعد.. تفرقت بخجل على جانبيه بعض النباتات والأعشاب البرية, تتثائب وقد اغتسلت بالندى..
أخذ نفسا عميقا منعشا كأنه يطلب المساعدة منه, لبس سكونه وعلى أصابع الحذر بدأ بالنزول إليه... توقف فجأة..
هناك شيء مريب.. فلأنتظر قليلا.. ولكن يجب ألا أمكث في الضوء في مكان بارز، يجب أن أمضي.. مهلا.. انتظر.. صه.. لا يوجد صوت.. ولا أية حركة في هذه المزرعة الكبيرة..! الوقت وقت قطاف ولا يوجد أي مزارع هناك..!! يجب أن أنتظر، هذه وصية أخوتي.. لا يُعقل أن تنام إلى هذا الوقت! وكأن الهدوء فرض نفسه سيدا للموقف.. يعود للوقوف في مكانه على جمر الاِنتظار
بعد لحظات خائفة حذرة, يخرج من الكوخ عسكري عثماني ثم آخر، يتبعهما العم أحمد ضاربا كفوف الاستغراب ببعضها, أو فاتحا ذراعي الجهل, ثم زوجته التي تلقي بحيرتها على الباب وهي تحضن إلى صدرها طفلة صغيرة تطوقها بذراعيها.. تحاول نزع بكائها بضمها والربت على كتفها وتقبيلها.. يصرخ الجندي بصوت يتردد صداه، ويلوح بيديه متوعدا..
أخذته رعشة فكت عقال ركبتيه فأقعدته أرضا وصارت تستلحه على الهرب, لكنه تشبث بالأرض أو هي تشبثت به..
يعرف حامد أن المزرعة غيرت مالكها الأصلي الذي أصبح حارسا ومزارعا فيها بعربي- من أذناب العثمانيين- استخدم قبضة من حديد مغموس بالظلم بعدما تولى مساعد آمر الدرك في المنطقة..
أخفى حماره ثم انبطح على بطنه يراقب الأحداث واضعا خطة للهرب وهو يراقب العثمانيين يدوران حول المنزل إلى الغرفة الخلفية فيخرجان حصانيهما ويغادران..
يتأكد من خلو الطريق وغياب الأعين فينزل بحذر مسرعا ويدس دابته في الاسطبل.. فتستقبله عمته بالحضن والقبل والاستفهام يقلق عينيها.. تقبله وتتكلم بلهفة وهي تتفحص جسده.. ولماذا حضرت لوحده؟ أين أخواك؟؟ ولماذا يبحث الدرك عنكم؟ تعال اجلس.. لا بد أنك متعب وجائع.. سأحضر لك طعاما.. بينما تغسل نفسك..
كان حامد مشدوها من وصول الخبر قبله, فتملكه الخوف على إخوته وانعقد لسانه وعمته تمطره بالأسئلة، ولا تدق بابه أية إجابة.. احتار فعادت له الهواجس مرة أخرى.. لمعت قطرات في عينيه.. أغمضهما.. بدأ يغوص في أمسه.. حرك رأسه يمنة ويسرة رافضا, وهو يحاول بصعوبة تناول الطعام.. لاحظ زوج العمة فطلب منها الصمت وأخذ بتهدأته، حتى أنهى طعامه..
: أبي.. أمي.. أبي.. أمي..
يسمعون صوتا قادما من بعيد صارخا, فينتفض الجميع مهرولين إلى مصدر الصوت..
02\07\2010
مع تدفق شلالات الضوء, كان على مشارف البلدة مستترا ببعض الأشجار، واقفا فوق تلة مطلة على مزرعة كبيرة كواحة, تحتضنها أشجار النخيل، اصطفت أشجار الحمضيات بداخلها صفوفا وطوابير كالعساكر في العروض، ازدانت أرض جزء منها بمختلف الخضروات بألوانها الشهية الحمراء والخضراء والسوداء، بزهورها خلابة الألوان.. ينتصب في أولها بيت ريفي صغير..
أستاذ/مصطفى
بدأت بشلال النور واستمر نزف النور بين كلماتك
بروعة ،جمال وإحساس حرف مبحر
برقي إلى حيث ارتياح واكتمال المعنى
شكرا للإبداع
دمت بخير
تعليق