الغروف في مدينة القمر 5\مصطفى الصالح

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • مصطفى الصالح
    لمسة شفق
    • 08-12-2009
    • 6443

    الغروف في مدينة القمر 5\مصطفى الصالح

    5

    مع تدفق شلالات الضوء, كان على مشارف البلدة مستترا ببعض الأشجار، واقفا فوق تلة مطلة على مزرعة كبيرة كواحة, تحتضنها أشجار النخيل، اصطفت أشجار الحمضيات بداخلها صفوفا وطوابير كالعساكر في العروض، ازدانت أرض جزء منها بمختلف الخضروات بألوانها الشهية الحمراء والخضراء والسوداء، بزهورها خلابة الألوان.. ينتصب في أولها بيت ريفي صغير..
    يا ميسر يا الله.. تمتم بكلمات مرتعشة وقلبه يقرعه الخوف بقوة؛ إذ عليه أن يلبس الخفاء قبل أن تفضحه الشمس.. جال ببصره متفحصا المنطقة الجرداء حول المزرعة بحذر, حيث لم تجرؤ الأشجار الاِقتراب أكثر من مائة وخمسين مترا من النخل.. تفقد الطرق والممرات.. ألقى ببصره يمنة ويسرة على طريق التحف التراب, يبدو نائما لم يستيقظ بعد.. تفرقت بخجل على جانبيه بعض النباتات والأعشاب البرية, تتثائب وقد اغتسلت بالندى..
    أخذ نفسا عميقا منعشا كأنه يطلب المساعدة منه, لبس سكونه وعلى أصابع الحذر بدأ بالنزول إليه... توقف فجأة..
    هناك شيء مريب.. فلأنتظر قليلا.. ولكن يجب ألا أمكث في الضوء في مكان بارز، يجب أن أمضي.. مهلا.. انتظر.. صه.. لا يوجد صوت.. ولا أية حركة في هذه المزرعة الكبيرة..! الوقت وقت قطاف ولا يوجد أي مزارع هناك..!! يجب أن أنتظر، هذه وصية أخوتي.. لا يُعقل أن تنام إلى هذا الوقت! وكأن الهدوء فرض نفسه سيدا للموقف.. يعود للوقوف في مكانه على جمر الاِنتظار
    بعد لحظات خائفة حذرة, يخرج من الكوخ عسكري عثماني ثم آخر، يتبعهما العم أحمد ضاربا كفوف الاستغراب ببعضها, أو فاتحا ذراعي الجهل, ثم زوجته التي تلقي بحيرتها على الباب وهي تحضن إلى صدرها طفلة صغيرة تطوقها بذراعيها.. تحاول نزع بكائها بضمها والربت على كتفها وتقبيلها.. يصرخ الجندي بصوت يتردد صداه، ويلوح بيديه متوعدا..
    أخذته رعشة فكت عقال ركبتيه فأقعدته أرضا وصارت تستلحه على الهرب, لكنه تشبث بالأرض أو هي تشبثت به..
    يعرف حامد أن المزرعة غيرت مالكها الأصلي الذي أصبح حارسا ومزارعا فيها بعربي- من أذناب العثمانيين- استخدم قبضة من حديد مغموس بالظلم بعدما تولى مساعد آمر الدرك في المنطقة..
    أخفى حماره ثم انبطح على بطنه يراقب الأحداث واضعا خطة للهرب وهو يراقب العثمانيين يدوران حول المنزل إلى الغرفة الخلفية فيخرجان حصانيهما ويغادران..
    يتأكد من خلو الطريق وغياب الأعين فينزل بحذر مسرعا ويدس دابته في الاسطبل.. فتستقبله عمته بالحضن والقبل والاستفهام يقلق عينيها.. تقبله وتتكلم بلهفة وهي تتفحص جسده.. ولماذا حضرت لوحده؟ أين أخواك؟؟ ولماذا يبحث الدرك عنكم؟ تعال اجلس.. لا بد أنك متعب وجائع.. سأحضر لك طعاما.. بينما تغسل نفسك..
    كان حامد مشدوها من وصول الخبر قبله, فتملكه الخوف على إخوته وانعقد لسانه وعمته تمطره بالأسئلة، ولا تدق بابه أية إجابة.. احتار فعادت له الهواجس مرة أخرى.. لمعت قطرات في عينيه.. أغمضهما.. بدأ يغوص في أمسه.. حرك رأسه يمنة ويسرة رافضا, وهو يحاول بصعوبة تناول الطعام.. لاحظ زوج العمة فطلب منها الصمت وأخذ بتهدأته، حتى أنهى طعامه..
    : أبي.. أمي.. أبي.. أمي..
    يسمعون صوتا قادما من بعيد صارخا, فينتفض الجميع مهرولين إلى مصدر الصوت..


    02\07\2010





    مع تدفق شلالات الضوء, كان على مشارف البلدة مستترا ببعض الأشجار، واقفا فوق تلة مطلة على مزرعة كبيرة كواحة, تحتضنها أشجار النخيل، اصطفت أشجار الحمضيات بداخلها صفوفا وطوابير كالعساكر في العروض، ازدانت أرض جزء منها بمختلف الخضروات بألوانها الشهية الحمراء والخضراء والسوداء، بزهورها خلابة الألوان.. ينتصب في أولها بيت ريفي صغير..

    أستاذ/مصطفى
    بدأت بشلال النور واستمر نزف النور بين كلماتك
    بروعة ،جمال وإحساس حرف مبحر
    برقي إلى حيث ارتياح واكتمال المعنى
    شكرا للإبداع
    دمت بخير
    التعديل الأخير تم بواسطة وفاء الدوسري; الساعة 02-07-2010, 20:54.
    [align=center] اللهم صل على محمد أفضل الخلق وعلى آله وصحبه أجمعين

    ستون عاماً ومابكم خجــلٌ**الموت فينا وفيكم الفزعُ
    لستم بأكفائنا لنكرهكم **وفي عَداء الوضيع مايضعُ

    رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ

    حديث الشمس
    مصطفى الصالح[/align]
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    لنفتح قلب الوردة قليلا ، و نذهب إلى الأخوين الكبيرين
    حتى لا نسير بشكل طولي فقط ، أو لنكن عند هؤلاء الملاك الجدد
    للأرض .. المهم أن نترك الأحداث هنا معلقة بذلك الصوت ، و نرحل فى اتجاه آخر .
    افتح .. فتح الله عليك
    و أدر حوارا .. و عابث قليلا أو كثيرا .. لا تخف من شىء ، الفكرة تدور فى رأسك ، و يبدو أنها محلقة به ، فاطرح شباكك فى كل الترعة أو النهر !!

    معك أتابع
    لن أتحدث عن أخطاء الآن أو عن تقنية ، فقط استمر !!

    محبتي
    sigpic

    تعليق

    • إيمان الدرع
      نائب ملتقى القصة
      • 09-02-2010
      • 3576

      #3
      صور مدهشة..يستنطقها تاريخ الأيام..
      على قلمك..
      تعيدنا لزمنٍ مسكون بالحكايا التي لا تنتهي..
      نتابعك..أخي الغالي مصطفى الصالح..
      وباهتمام...
      دُمتَ بسعادةٍ...تحيّاتي....

      تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

      تعليق

      • مصطفى الصالح
        لمسة شفق
        • 08-12-2009
        • 6443

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة وفاء عرب مشاهدة المشاركة
        مع تدفق شلالات الضوء, كان على مشارف البلدة مستترا ببعض الأشجار، واقفا فوق تلة مطلة على مزرعة كبيرة كواحة, تحتضنها أشجار النخيل، اصطفت أشجار الحمضيات بداخلها صفوفا وطوابير كالعساكر في العروض، ازدانت أرض جزء منها بمختلف الخضروات بألوانها الشهية الحمراء والخضراء والسوداء، بزهورها خلابة الألوان.. ينتصب في أولها بيت ريفي صغير..
        أستاذ/مصطفى
        بدأت بشلال النور واستمر نزف النور بين كلماتك
        بروعة ،جمال وإحساس حرف مبحر
        برقي إلى حيث ارتياح واكتمال المعنى
        شكرا للإبداع
        دمت بخير

        اشكرك استاذة وفاء

        على

        هذا النور الصباحي الخلاب

        هذا المرور الرائع

        ولكم كانت سعادتي حينما رايتك اول من يمر بباب قصتي المتواضعة

        كل المحبة والتقدير

        تحياتي
        [align=center] اللهم صل على محمد أفضل الخلق وعلى آله وصحبه أجمعين

        ستون عاماً ومابكم خجــلٌ**الموت فينا وفيكم الفزعُ
        لستم بأكفائنا لنكرهكم **وفي عَداء الوضيع مايضعُ

        رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ

        حديث الشمس
        مصطفى الصالح[/align]

        تعليق

        • ماهر هاشم القطريب
          شاعر ومسرحي
          • 22-03-2009
          • 578

          #5
          ايها الرائع
          اراك مبدعاً في كل شيء
          استمتعت بين تخوم كلماتك
          دمت كماانت بغاية الروعة

          تعليق

          • م. زياد صيدم
            كاتب وقاص
            • 16-05-2007
            • 3505

            #6
            ** الراقى الاديب مصطفى.......

            فاتنى الجزئين ساعود لهما لاحقا فاسجل متابعتى لقصك..

            تحايا عبقة بالزعتر...............
            أقدارنا لنا مكتوبة ! ومنها ما نصنعه بأيدينا ؟
            http://zsaidam.maktoobblog.com

            تعليق

            • مصطفى الصالح
              لمسة شفق
              • 08-12-2009
              • 6443

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
              لنفتح قلب الوردة قليلا ، و نذهب إلى الأخوين الكبيرين
              حتى لا نسير بشكل طولي فقط ، أو لنكن عند هؤلاء الملاك الجدد
              للأرض .. المهم أن نترك الأحداث هنا معلقة بذلك الصوت ، و نرحل فى اتجاه آخر .
              افتح .. فتح الله عليك
              و أدر حوارا .. و عابث قليلا أو كثيرا .. لا تخف من شىء ، الفكرة تدور فى رأسك ، و يبدو أنها محلقة به ، فاطرح شباكك فى كل الترعة أو النهر !!

              معك أتابع
              لن أتحدث عن أخطاء الآن أو عن تقنية ، فقط استمر !!

              محبتي

              حاضر استاذي العزيز

              سافعل كل ما استطيع

              اشكرك ع الدعم الذي سيكون سببا في هذا العمل الذي اتمنى ان ينال الرضا والقبول

              كل المحبة والتقدير


              [align=center] اللهم صل على محمد أفضل الخلق وعلى آله وصحبه أجمعين

              ستون عاماً ومابكم خجــلٌ**الموت فينا وفيكم الفزعُ
              لستم بأكفائنا لنكرهكم **وفي عَداء الوضيع مايضعُ

              رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ

              حديث الشمس
              مصطفى الصالح[/align]

              تعليق

              • محمد سلطان
                أديب وكاتب
                • 18-01-2009
                • 4442

                #8
                يبدو ان أشياء جميلة وكثيرة فاتتني الفترة الماضية ..

                أعذرني أيها الجميل سأحاول أن ألملم ما فاتني ...

                لك قبلاتي وكل التحية
                صفحتي على فيس بوك
                https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

                تعليق

                • عائده محمد نادر
                  عضو الملتقى
                  • 18-10-2008
                  • 12843

                  #9
                  أمسك بزمام النص زميلي
                  افتح خطوطا جانبية
                  واستحدث شخوصا أخرى مع الأخوين
                  دعنا هنا نترقب وابدأ بفتح ملف الأخوين وأرعبنا عليهم
                  لا تخف سنكون معك
                  سنعدل
                  وسنترقب
                  وسنقول لك لو أسهبت
                  أمتعني هذا الجزء
                  أراك بأت تحلق
                  ودي ومحبتي
                  الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

                  تعليق

                  • مصطفى الصالح
                    لمسة شفق
                    • 08-12-2009
                    • 6443

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة إيمان الدرع مشاهدة المشاركة
                    صور مدهشة..يستنطقها تاريخ الأيام..
                    على قلمك..
                    تعيدنا لزمنٍ مسكون بالحكايا التي لا تنتهي..
                    نتابعك..أخي الغالي مصطفى الصالح..
                    وباهتمام...
                    دُمتَ بسعادةٍ...تحيّاتي....

                    وكم في التاريخ من حكايا

                    ولكن القصة فن فيجب ان نعطيها حقها والا اصبحت ثرثرة وانت الاعلم مني

                    اشكرك ع المتابعة المستفيضة

                    كل الود والتقدير

                    تحياتي


                    [align=center] اللهم صل على محمد أفضل الخلق وعلى آله وصحبه أجمعين

                    ستون عاماً ومابكم خجــلٌ**الموت فينا وفيكم الفزعُ
                    لستم بأكفائنا لنكرهكم **وفي عَداء الوضيع مايضعُ

                    رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ

                    حديث الشمس
                    مصطفى الصالح[/align]

                    تعليق

                    • مصطفى الصالح
                      لمسة شفق
                      • 08-12-2009
                      • 6443

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة ماهر هاشم القطريب مشاهدة المشاركة
                      ايها الرائع
                      اراك مبدعاً في كل شيء
                      استمتعت بين تخوم كلماتك
                      دمت كماانت بغاية الروعة
                      الله يخليك اخي العزيز

                      احاول ولكن الابداع شيء اخر

                      اشكرك ع المرور الجميل والثناء

                      خالص الود والتقدير



                      [align=center] اللهم صل على محمد أفضل الخلق وعلى آله وصحبه أجمعين

                      ستون عاماً ومابكم خجــلٌ**الموت فينا وفيكم الفزعُ
                      لستم بأكفائنا لنكرهكم **وفي عَداء الوضيع مايضعُ

                      رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ

                      حديث الشمس
                      مصطفى الصالح[/align]

                      تعليق

                      • محمد سلطان
                        أديب وكاتب
                        • 18-01-2009
                        • 4442

                        #12
                        كنت أمتع وأجمل هذه المرة .. اللغة أكثر شاعرية وأهدأ وأبطأ من ذي قبل .. أتابع معك يا طيب لننتقل إلى القادم الجديد ونرى ..
                        خالص تحياتي
                        صفحتي على فيس بوك
                        https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

                        تعليق

                        • مصطفى الصالح
                          لمسة شفق
                          • 08-12-2009
                          • 6443

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة م. زياد صيدم مشاهدة المشاركة
                          ** الراقى الاديب مصطفى.......

                          فاتنى الجزئين ساعود لهما لاحقا فاسجل متابعتى لقصك..

                          تحايا عبقة بالزعتر...............

                          هلا وحياك الله اخي العزيز زياد

                          كل الاجزاء بانتظارك

                          واحلى زعتر لعيونك

                          او اقولك

                          نحن مشهورين بالموز والحمضيات والنخل

                          لكن هل تعلم ان رائحة الحمضيات ليس لها مثيل

                          تحيتي وتقديري




                          [align=center] اللهم صل على محمد أفضل الخلق وعلى آله وصحبه أجمعين

                          ستون عاماً ومابكم خجــلٌ**الموت فينا وفيكم الفزعُ
                          لستم بأكفائنا لنكرهكم **وفي عَداء الوضيع مايضعُ

                          رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ

                          حديث الشمس
                          مصطفى الصالح[/align]

                          تعليق

                          • مصطفى الصالح
                            لمسة شفق
                            • 08-12-2009
                            • 6443

                            #14
                            الغروف في مدينة القمر 5\مصطفى الصالح

                            5

                            مع تدفق شلالات الضوء, كان على مشارف البلدة مستترا ببعض الأشجار، واقفا فوق تلة مطلة على مزرعة كبيرة كواحة, تحتضنها أشجار النخيل، اصطفت أشجار الحمضيات بداخلها صفوفا وطوابير كالعساكر في العروض، ازدانت أرض جزء منها بمختلف الخضروات بألوانها الشهية الحمراء والخضراء والسوداء، بزهورها خلابة الألوان.. ينتصب في أولها بيت ريفي صغير..
                            يا ميسر يا الله.. تمتم بكلمات مرتعشة وقلبه يقرعه الخوف بقوة؛ إذ عليه أن يلبس الخفاء قبل أن تفضحه الشمس.. جال ببصره متفحصا المنطقة الجرداء حول المزرعة بحذر, حيث لم تجرؤ الأشجار الاِقتراب أكثر من مائة وخمسين مترا من النخل.. تفقد الطرق والممرات.. ألقى ببصره يمنة ويسرة على طريق التحف التراب, يبدو نائما لم يستيقظ بعد.. تفرقت بخجل على جانبيه بعض النباتات والأعشاب البرية, تتثائب وقد اغتسلت بالندى..
                            أخذ نفسا عميقا منعشا كأنه يطلب المساعدة منه, لبس سكونه وعلى أصابع الحذر بدأ بالنزول إليه... توقف فجأة..
                            هناك شيء مريب.. فلأنتظر قليلا.. ولكن يجب ألا أمكث في الضوء في مكان بارز، يجب أن أمضي.. مهلا.. انتظر.. صه.. لا يوجد صوت.. ولا أية حركة في هذه المزرعة الكبيرة..! الوقت وقت قطاف ولا يوجد أي مزارع هناك..!! يجب أن أنتظر، هذه وصية أخوتي.. لا يُعقل أن تنام إلى هذا الوقت! وكأن الهدوء فرض نفسه سيدا للموقف.. يعود للوقوف في مكانه على جمر الاِنتظار
                            بعد لحظات خائفة حذرة, يخرج من الكوخ عسكري عثماني ثم آخر، يتبعهما العم أحمد ضاربا كفوف الاستغراب ببعضها, أو فاتحا ذراعي الجهل, ثم زوجته التي تلقي بحيرتها على الباب وهي تحضن إلى صدرها طفلة صغيرة تطوقها بذراعيها.. تحاول نزع بكائها بضمها والربت على كتفها وتقبيلها.. يصرخ الجندي بصوت يتردد صداه، ويلوح بيديه متوعدا..
                            أخذته رعشة فكت عقال ركبتيه فأقعدته أرضا وصارت تستلحه على الهرب, لكنه تشبث بالأرض أو هي تشبثت به..
                            يعرف حامد أن المزرعة غيرت مالكها الأصلي الذي أصبح حارسا ومزارعا فيها بعربي- من أذناب العثمانيين- استخدم قبضة من حديد مغموس بالظلم بعدما تولى مساعد آمر الدرك في المنطقة..
                            أخفى حماره ثم انبطح على بطنه يراقب الأحداث واضعا خطة للهرب وهو يراقب العثمانيين يدوران حول المنزل إلى الغرفة الخلفية فيخرجان حصانيهما ويغادران..
                            يتأكد من خلو الطريق وغياب الأعين فينزل بحذر مسرعا ويدس دابته في الاسطبل.. فتستقبله عمته بالحضن والقبل والاستفهام يقلق عينيها.. تقبله وتتكلم بلهفة وهي تتفحص جسده.. ولماذا حضرت لوحده؟ أين أخواك؟؟ ولماذا يبحث الدرك عنكم؟ تعال اجلس.. لا بد أنك متعب وجائع.. سأحضر لك طعاما.. بينما تغسل نفسك..
                            كان حامد مشدوها من وصول الخبر قبله, فتملكه الخوف على إخوته وانعقد لسانه وعمته تمطره بالأسئلة، ولا تدق بابه أية إجابة.. احتار فعادت له الهواجس مرة أخرى.. لمعت قطرات في عينيه.. أغمضهما.. بدأ يغوص في أمسه.. حرك رأسه يمنة ويسرة رافضا, وهو يحاول بصعوبة تناول الطعام.. لاحظ زوج العمة فطلب منها الصمت وأخذ بتهدأته، حتى أنهى طعامه..
                            : أبي.. أمي.. أبي.. أمي..
                            يسمعون صوتا قادما من بعيد صارخا, فينتفض الجميع مهرولين إلى مصدر الصوت..




                            بقية الاجزاء هنا



                            [align=center] اللهم صل على محمد أفضل الخلق وعلى آله وصحبه أجمعين

                            ستون عاماً ومابكم خجــلٌ**الموت فينا وفيكم الفزعُ
                            لستم بأكفائنا لنكرهكم **وفي عَداء الوضيع مايضعُ

                            رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ

                            حديث الشمس
                            مصطفى الصالح[/align]

                            تعليق

                            • مصطفى الصالح
                              لمسة شفق
                              • 08-12-2009
                              • 6443

                              #15
                              المشاركة الأصلية بواسطة محمد ابراهيم سلطان مشاهدة المشاركة
                              كنت أمتع وأجمل هذه المرة .. اللغة أكثر شاعرية وأهدأ وأبطأ من ذي قبل .. أتابع معك يا طيب لننتقل إلى القادم الجديد ونرى ..
                              خالص تحياتي

                              حياك الله اخي العزيز

                              اشكرك ع رايك الجميل ومرورك الراقي


                              تحيتي وتقديري
                              [align=center] اللهم صل على محمد أفضل الخلق وعلى آله وصحبه أجمعين

                              ستون عاماً ومابكم خجــلٌ**الموت فينا وفيكم الفزعُ
                              لستم بأكفائنا لنكرهكم **وفي عَداء الوضيع مايضعُ

                              رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ

                              حديث الشمس
                              مصطفى الصالح[/align]

                              تعليق

                              يعمل...
                              X