مسعود

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبد الكريم شقرة
    عضو الملتقى
    • 10-02-2010
    • 107

    مسعود





    [align=center]

    مسعود
    [/align]



    سحب قطيعه إلى حافة الوادي , الوادي كان جافا إلا بعضا من أعشاب موزعة كجزر تظهر من بعيد ..مسعود ذو الثمانين سنة لا يعرف الحذاء مؤانسة لقدميه .فاكتسبتا صلابة غير معهودة ,ظهرت عليهما بعض التشققات مع طبقة جلدية سميكة . يعبر الأشواك فلا يحس بوخزها , وما أكثرها في طريقه-قيل عمي مسعود إذا صافحك كأنه سلم لك ضبا لا يدا لكثرة أعماله وتضرجها ...ها هو يسوج و أمامه تقفز مجموعة من صغار الخراف فتزيده طربا ونشوة, بالإضافة إلى صوت قدميه على أجلاف الغضار تكسره وعلى الحصباء تداعبها كخفي جمل, فترفع من نشوته للغناء الذي يعشقه.. وكأن العالم مختزل في بساطته .يرفع الصوت الجهوري مدويا يشق عنان الوادي ويكسر السكون بهدوئه الضارب في أعماق الرقعة بأغنيته البدوية ذات المدود مع نغمة "يااااي يااااي" فتطرب لها شياهه وتزيد في تمايلها وقضمها للأعشاب بكل ما تحمل غريزة الحب لدى المواشي . ما ينقطع مسعود من أغنيته حتى يرسل صوتا آخر في مدح الرسول صلوات الله وسلامه عليه .صوتا شامخا شموخ النخيل المحاذي للوادي. فيكسّر الصوت جدار الصمت مسامع الفلاحين داخل بساتينهم فيهزهم مديحه فيتوقف البعض منهم حتى يكمل أغانيه .مسعود كثير الحديث يتقن فنون حرفته..عندما يحس بالتعب يتكئ على مرفقيه يبدأ في الرسم بأصابعه الغليظة رسومات كأنها من عهد التيفناغ لا تعرف تفسيرا لها .المهم عنده أن تعبّر عمّا يختلج في نفسه ..داعبت تفكيره مشاكله مع أهله الذين ينازعونه قطعة أرض .بدأ القلق يداعبه فيزدحم بصوره على المشهد الذي تحداه ,ليتركه يهمس مع نفسه, مدافعا , ومستفسرا, وشاكيا ,ومعربدا, ومتمتما ,في مشهد بدأ يجول بمخيلته. اختلس الوقت ساعة من تفكيره وربما أكثر ليعود مسعود إلى واقعه , بعد أن صفعته رمال حملتها زوبعة مارة .رفع رأسه لم يجد شياهه طاش عقله , دار يمينا ويسارا وفي جميع الأنحاء, لم يجد شيئا وكأن الأرض ابتلعت مواشيه . ضرب كفيه , وبدأ يمد خطاه باحثا .يرفع صوته عاليا مناديا أبناءه .ياااا حسين, ياااا فاتح .ياااا سالم.. كم يتقن تسمية أبنائه العشر ..لكن لا أذن تسمع في هذا المكان البعيد عن داره.تمكن منه القلق وسكن جوارحه .وبدأ يمد الخطى.. يطل على البساتين المجاورة ,فلا أثر .لقد امتزج القلق بالعرق والحيرة , مع ضربات القلب المتسارعة لترسم نبض الخطوات ,و كأنهما على إيقاع واحد .يجري مسعود. يشتد به التعب .يجلس,يحني رأسه, لم يسع الزفير فتحتي أنفه فيفتح فمه فيخرج الفائض من الهواء ليلامس لعابه فيجففه فيزداد عطشا .لم يصبر مسعود .قام منتصبا وبدأ في الهرولة ... لمحه شاب كان يعزف على ربابته .عم تبحث عمي مسعود؟شياهي وعنزاتي .طمأنه الشاب رأيتهم بجانب الجسر ..ترافقا معا إلى عين المكان .فلم يجدا شيئا .اشتد ت حيرته .تنهد بعمق .ضاع مالي .أين أجدهم ؟ لا شك أنها نزلت ببستان وأخذهم صاحبه إلى الشرطة .تملكته الحيرة رفع وجهه إلى السماء والعرق يتصبب واللسان يطلب المدد , تصيح العنزة من داخل قصب اليراع .تنبسط تقاسيمة .يجري نحو القطيع ترفع العنزة صوتها من جديد .يخاطبها مسعود لك علي حفنة شعير زائدة على أخواتك .ساق مسعود مواشيه أمامه ومن حين لآخر يقطف من الحشائش التي تصادفه في طريقه ..هاهو عائد إلى بيته وعلى كتفيه كوم من الأعشاب كجبل متحرك لا ينوء الجمل بحملها ..
    التعديل الأخير تم بواسطة عبد الكريم شقرة; الساعة 07-07-2010, 18:06.
  • محمد محضار
    أديب وكاتب
    • 19-01-2010
    • 1270

    #2
    نص جميل..يعمد على الوصف في تطوير الأحداث وسردها..لكنه يفتقد الى المفارقة التي تمنحه تلك القوة الآسرة للقارئ .............مودتي
    sigpicلك المجد أيها الفرح المشرق في ذاتي، لك السؤدد أيها الوهج المومض في جوانحي...

    تعليق

    • عائده محمد نادر
      عضو الملتقى
      • 18-10-2008
      • 12843

      #3
      الزميل القدير
      عبد الكريم الشقرة
      نص بالرغم من ونه يبحث بين شقوق حياة مواطن بسيط إلا أنه كان يفتقر للحبكة الدرامية والتشويق
      أرجو أن لا تزعجك ملاحظتي زميلي
      ودي الأكيد لك


      عين؛ وأنف؛ وصوت؛
      عين؛ وأنف؛ وصوت عرفني امرأة سريعة العطب! أكاد لا أميز الأسود من الأبيض حين أغضب، أفقد صوابي ولا أعود أتذكر حتى إنسانيتي.. هكذا عودتني أيامي. أعب كؤوسا مترعة من الهم، أتجرعها شئت أم أبيت فهذي حياتي، مذ عرفت طريق الليل أسيره وحيدة بين وجوه غريبة عني، وأياد تدفع لتدلف باب غرفتي الموارب تتلمس جسدي الذي لم أعد أملكه، تشتري مني
      الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

      تعليق

      • عبد الكريم شقرة
        عضو الملتقى
        • 10-02-2010
        • 107

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة محمد محضار مشاهدة المشاركة
        نص جميل..يعمد على الوصف في تطوير الأحداث وسردها..لكنه يفتقد الى المفارقة التي تمنحه تلك القوة الآسرة للقارئ .............مودتي
        أخي محمد محضار : أشكرك على مرورك الراقي , وعلى اهتمامك بالنص وملاحظتك القيمة ..المفارقة علامة آسرة في النص ., وأنا هنا اعتمدت على السرد والوصف وكثيرا ما أستعمل المفارقة في القصة القصيرة جدا لتعوض الحبكة .وتفاجئ القاريء بشيء لم يتوقعه ..ربما غطت تقنية السرد على هذا الجانب .وتبقى المفارقة أساسية في النص .تحياتي ..لا عدمت حضورك
        التعديل الأخير تم بواسطة عبد الكريم شقرة; الساعة 05-07-2010, 07:31.

        تعليق

        • عبد الكريم شقرة
          عضو الملتقى
          • 10-02-2010
          • 107

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
          الزميل القدير
          عبد الكريم الشقرة
          نص بالرغم من ونه يبحث بين شقوق حياة مواطن بسيط إلا أنه كان يفتقر للحبكة الدرامية والتشويق
          أرجو أن لا تزعجك ملاحظتي زميلي
          ودي الأكيد لك


          عين؛ وأنف؛ وصوت؛
          http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?t=57245
          أستاذتنا عائدة :هي قصة تسلط الضوء على شخصية تصنع الحدث .وأظنها متسلسلة في سردها وصولا إلى العقدة وهي ضياع المواشي , ثم قيام البطل للبحث وصولا إلى رفع يده يطلب المدد من الله ليعينه. فجاء الحل بصياح العنزة من داخل قصب اليراع .فحلت المشكلة لدى صاحبنا ..
          وأظن أن الحبكة هي ما تجعل القارئ يواصل مع الكاتب كعامل جذب .وأظن أن القصة لم تفقد نوعا من جاذبيتها على ما يبدو لي ..ولكن لكل رأيه.فربما ما يراه الآخر خلاف ما أرى ....مشكورة أستاذتي على ملاحظتك , وعلى اهتمامك بالنص ..سأعمل جاهدا أن أكتب أجمل هذا هو هدفي ......تحياتي

          تعليق

          يعمل...
          X