مكابدة..!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • مرمر القاسم
    عضو الملتقى
    • 08-09-2009
    • 106

    مكابدة..!

    أجلد نفسي و أحاول أن أُخرج الآخرين من جو التعاسة و الكآبة , لأجدني غارقة فيها وحدي,
    أبحث عن قصة حب أبدية , عن قصيدة ,عن أغنية لا املُّ سماعها تغنيني , تغني لي لرفيقي ,

    قال لي أحد الرفاق : أكتبي

    اكتبي عن عجوز مثلي يبحث عن واحدة قريبته بحيفا ظل يحبها وتحبه من رسائل تهرب عبر الحدود ..
    اكتبي عن شباب يفقدون الاتصال بحبيبة ليكتشف أنها متزوجة ..
    عن العجز الجنسي عن الخيانة الزوجية عن الشبق بتاعي ..هناك حب لأننا معقدين...

    سأكتب عن حلم يلازمني ليل نهار, أستيقظ على صوت بكائه الذي لا ينقطع, رغم ذلك لم يجد للشكوى مدخلا , و ظل يبكي,
    فتتُ الحكايات إلى تفاصيل دقيقة , و انتقل من حكايا الأطفال إلى أخرى تفتتح قصص الليالي الطويلة, لا يدركها الصباح و لا أكف عن الحديث عنها ,
    ليس هناك حلم قبيح في الكون لكنه مثيرٌ للرفض فالتجاعيد فوق جبهته تُحدّثُ عن استحالة الوصول اليه,غارق بين سراديب الخوف يكابد ويعاند ليخرج من الضباب , ليتحول الرفض بعد ذلك إلى شفقة ..
    تعب يلامس شغاف القلب و يستقر هناك في الأعماق , ينام ...يستيقظ...يتقلص وجه بطنه في حركاتٍ عصبية تستفز استقرار الروح ...

    تُمانع ..يُصر..يدور بها في فضاء الأمس ..هدها السهر و القلق المزمن غطى وجهها بالأسى ,
    يهمس بكلمات تستقر في قلبها الضعيف ..و يقف بينهما صمتٌ ثقيل .. طويل ..
    كان يسمع في الليالي بكاءها الصامت ...تسرب من عينيه بكاء ...فزع ..خوف..خاف عليها منه .. من أزقة البلد.

    تبحث عنه ضائعة ..ولا تصدق أنها ميتة ..تنتظر تشييعها إلى مثواها الأخير في أحشاء قلبه الصخري
    طال وقوفهما على حافة المشاعر و أوغلَ أبعد منها بشبر ...الآن يحس بالندم و الألم معاً..
    تعجب..تعجبت ...كومة من الأوراق و الذكريات ..قرءاها معاً ..و أنكسرا معاً..فنال الظهر قصم العمر..

    قالت لنفسها : لا وقت للحزن أو الإنحناء ...و الحرب تطرق أبواب الخيال ,’

    يهرب الأمل منا إلى أطراف الحقول و يتسلق الهضاب ..و ماذا سيحدث في أيام الشتاء..و الطقس بارد و طقوس العشق تزيده برودة .

    يا شوقي و جنوني ..يا سجادة زهرٍ تطير من زهرِ إلى زهر.. يا تعبي يا وجعي ..يا حلمي و كل أملي ..
    تأملت عمري الزاحف نحوك مثل زحف المخلوقات الصغيرة على الأرض نحو المجهول ,كلما رفعتُ رأسي رأيتُ في البعيد ركاماً من الغيوم الرمادية .. و الشمس تختلس النظر من وراء الغيم ........

    و أتذكر...


    حين أمسكت بيدي لأول مرة و خرجت بي إلى الشوارع مندفعاً امام القبيلة ..قدتني إلى موتٍ معلن ...
    اليوم نكأتَ الجرح ..أدميتني في موطني ..موطن الألم .....يعصفُ بي الحنين لعطرك لساعة الصفر قبل اللقاء...
    راهنت عليك كما يراهن الأغبياء على الحصان الخاسر من اجل الترفيه ..



    و أتذكر..
    أني فقدتُ القدرة على النطق و انسحبت إلى عالمي الخاص...و واظبتُ على زيارة المقابر ..كنتُ أجلس عند القبر ساعات طويلة .. لا أدرك الوقت ..و الظلام دوماً كان يدركني...
    كان لابد من ايجاد طريقة تجعل الحياة بها محتملة ..فالحزن مثل الخبز و التابوت أمر طبيعي جدا...و الصرخات تعشعش في الخلايا ..
    كنتُ متأكدة من أنه سينهار يوماً , و يفقد الرغبة في الحياة ..لكن ليس بهذه السرعة ..
    حلم يشبه الجلد المترامي فوق العظام كالملابس الفضفاضة ...تحتاج لمدة طويلة للتعود على منظر بؤسه الشديد..

    صب الهمسات المثيرة في آذان مرهفة شديدة اللهفة ..بها شوق يعصف لرؤيته و الساعات و الدقائق حبلى بالحنين اليه..و اللحظة تشكل فاصلاً ما بين الحقيقة و الحلم ...و قد تفقد عمرك كله إن لم تعش تلك اللحظة .. أي مصير كان ينتظرني لو كان واحد غيره ..؟

    مازالت تعبق روحي رائحة القهوة الطازجة القادمة من الشارع المقابل .. و من أين يأتي صوته لا أدري ..صوته الخافت الضعيف الذي يخترق أذني حتى النخاع ...يستخرج الحنان من الصخر الصلد المتراكم على صدري ...يحاول نفض الضباب المتجمد على قلبي ..و بأصابعه السحرية يمسح البرد عن وجهي ...
    يا تفاصيل الحنين هدني الشوق اليه ..من حلمي المحكوم عليه بالانتظار , من الوعي ..وراء الوعي..يا رعب الساعة ,

    لا املك قوة أوقف الوقت ..و العمر يقف ذاهلاً يصغي لحشرجة صوتي مبتسما ابتسامة ساخرة ..
    في الليالي الطويلة يعلو الدخان إلى الأقبية المعتمة ..على أضواء النجوم أشيع آخر الآمال و أطفئ أخر مشاعل الشموع التي أهداني ..

    أغرقني في متاهات الذكرى و هدر كرامة الغابات ...تنفست البخور بين الأرواح الخبيثة الحائمة فوق رأسي تدقهُ دق المطرقة على الحديد ...

    أسعفني ., . أنقذني من عالم الغيب ..و لا تردد تلك الجمل المتشابهة الحروف ..رتب لي الحقيقة بيديك ..أخرجني من عالم الدخان و الحرائق , فما عدت أطيق وتيرة الدوامة , و أنا على وشك السقوط...

    و أتذكر ...


    يتبع...
    [COLOR="DarkSlateBlue"][SIZE="3"][CENTER]لايكفي أن تطرق باب الإنسانية لتحس بمجيئها نحوك , عليك أن تخطو تجاهها و التوقف عن الاختباء خلف الزمن,[/CENTER][/SIZE][/COLOR]
  • محمد محضار
    أديب وكاتب
    • 19-01-2010
    • 1270

    #2
    هي فعلا مكابدة وأية مكابدة..في استنطاق الذات والتماهي مع الحلم المتنامي، الذي يقود الى سراديب لا مخارج لها..هناك مرارة وحزن ومعاناة، هناك ألم وفجيعة وهناك قلب جريح يبحث عن حقيقة ميتة ، وذكريات رهيبة..
    سعدت كثير بالتجول بين رحاب نص القوي والمثير...ومعك نتابع البقية
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد محضار; الساعة 06-07-2010, 12:13.
    sigpicلك المجد أيها الفرح المشرق في ذاتي، لك السؤدد أيها الوهج المومض في جوانحي...

    تعليق

    • سهير الشريم
      زهرة تشرين
      • 21-11-2009
      • 2142

      #3
      أتابع بصمت .." ملحمة الأنين "

      مرمر

      لا تطيلي .. سكن الحرف موطن الأحلام ..

      مودتي
      كنت هنااا وزهر

      تعليق

      • مرمر القاسم
        عضو الملتقى
        • 08-09-2009
        • 106

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة محمد محضار مشاهدة المشاركة
        هي فعلا مكابدة وأية مكابدة..في استنطاق الذات والتماهي مع الحلم المتنامي، الذي يقود الى سراديب لا مخارج لها..هناك مرارة وحزن ومعاناة، هناك ألم وفجيعة وهناك قلب جريح يبحث عن حقيقة ميتة ، وذكريات رهيبة..
        سعدت كثير بالتجول بين رحاب نص القوي والمثير...ومعك نتابع البقية
        و هناك وطن محتل ,وهناك أيتام , و أرامل,,
        الأستاذ محمد شكرا كبيرة
        [COLOR="DarkSlateBlue"][SIZE="3"][CENTER]لايكفي أن تطرق باب الإنسانية لتحس بمجيئها نحوك , عليك أن تخطو تجاهها و التوقف عن الاختباء خلف الزمن,[/CENTER][/SIZE][/COLOR]

        تعليق

        • محمد زكريا
          أديب وكاتب
          • 15-12-2009
          • 2289

          #5
          حين نستنطق الأقلام لتدواي جرحا أخفاه الزمن
          فثمة بوح يشبه الزلازل والبراكين
          \\
          متابع
          لاتتوقفي يامرر..هاتِ وأطربينا دوماً
          \\
          مودتي وأكثر
          نحن الذين ارتمينا على حافة الخرائط ، كحجارة ملقاة في مكان ما ،لايأبه بها تلسكوب الأرض
          ولاأقمار الفضاء
          .


          https://www.facebook.com/mohamad.zakariya

          تعليق

          يعمل...
          X