هاتِ الصُّــــورةْ..!! للشاعر حسين حرفوش

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حسين حرفوش
    عضو الملتقى
    • 06-11-2009
    • 50

    هاتِ الصُّــــورةْ..!! للشاعر حسين حرفوش

    هاتِ الصُّــــورةْ..!!
    للشاعر حسين حرفوش





    ـ هاتِ الصُّورةْ

    (أذكـُرُحينَ تشاغبنا في وَسَطِ الدّارِ كلامَكِ

    " قبضَتُكَ شديدةْ "

    أردُّ ..عنيدةْ..

    أذكر وجها ورديا .. حين تغني في المذياعِ الأزْرَقِ" كُلْثومُ"

    بلْ ألـمحُ ســـرَّ التّنهيدةْ ..

    ـ هاتِ الصّورةْ

    آهٍ يا " شربات"

    آهٍ ..آهٍ يا أختاه ...ألمحُ في صورتِكِ الآنَ الوجهَ ..

    كوجهِ القدّيسَةِ فَـرّت من قبضةِ

    سجنِ العالَمِ ..

    دَنَسِ الأرضِ..

    و خطّ الطولِ ..

    و خطّ العَرْض ِ..

    لـحَيْثُ جمالِ الفردَوْسِ الأعلى

    إذ مُتِ شهيدةْ ...

    ـ هاتِ الصّورة

    حين تحقق حلمُكِ ..

    جاء الفارسُ..

    صارَ الحلمُ حقيقةَ قلبِكِ ..

    كنتُ سعيدَةْ

    حين رأيتُ الوجهَ حديقةَ وردٍ جوريٍ ..

    ورأيتُ بعينيكِ الأمَلاَ..

    ولَمَحْتُ الشَبَحَ .. المخفِيّ ..فانقبضَ القلبُ..

    أخفَيْتُ وفي الصّدر الوَجَلا..

    في لَـوْنَ الخدّ الـمُنْطَفِيءِ ..

    من خوفٍ يسكُنُ عَيْنَيَّ ..

    واريْتُ دموعي ..

    إذ ثارتْ تُنْبيءُ عن خوفٍ مجهولٍ

    ما بينَ ضلوعي

    في قلبِ الصّخَبِ الصّـاعِـدِ من فَرَحِ الأولادِ..

    حين يعودُ أبي ..

    في كفّهِ أثرٌ للطينِ.. وفي قدَمَيْهِ.. دَسَسْتُ حُرُوفي..

    رُحْتُ أصبُّ الماءَ عليه..

    يقولُ كعادَته بعضَ حكاياتِ الأصحابِ..

    تتعجبُ أمي ..

    تصطنعُ الإنصَات إليْهِ ..

    تسألُه .. وبكيفَ..لماذَا..

    أينَ.. ومَنْ ..؟!!

    قالَ يُغيّرُ مَا لمـحتْهُ العينُ .. بلهجة حكمةِ أيامِهْ :

    ولدي فلتَعْلَـمْ ..

    أنّ الطينَ وَطَنْ ..

    فتُرَدّدُ أمي .. وهي تقلبُ فوق الـمَـوْقِدْ

    بعضَ طعامٍ .. لأبي الـمُجْهَــدْ ..

    ولدي ..مَنْ منّا يعلمُ " مَنْ يسبقُ في الرّحْلةِ مَنْ.."

    ثمّ ابتسمتْ : أختُكَ مجهدةٌ ..متعبةٌ ..قد تحملُ طفلا ..

    خفتُ من القول ِ .. سيبكيها .. أَخْفَيْتُ القَوْلاَ ..

    ـ هاتِ الصّورة..

    (أنتبهُ على الصّوتِ المخنوق بغصةِ حسرةِ صَاحِبَةِ الثّوْبِ الأسْوَد..

    جالسةً.. في رُكنِ الغرفةِ..

    تَنْظُرُ مَيْـمَنَةً ..لتُناجِيَ صورةَ أختي

    مَيْسَرّةً لشِمَالِ البابِ حيْثُ بقايا أبي ..

    دولابٌ فيه ملابسِهِ ..

    قدْ عَلّقَ فوق مقابضِهِ ..شالاً بُنّيًا وعَصَاهُ ..

    تَرْتَفِعُ ..الآهُ .. من الشفتين

    تثورُ الذكرىَ ..

    حينَ تفُــوحُ بخُـــورٌ في الثوبِ الأبيضِ ..

    ثوبِ الجُـمْعةْ..

    ألمحُ في عينيْها كلّ أنينِ الماضي..

    أحزانَ العمرِ الـمُجْتَمِعةْ..

    مَدّتْ يَدَهَا..

    من فضلكَ هاتِ الصّورةْ..

    قَيّدَ يَدَهَــا رعْشَــــةُ حزنٍ فيها شَيْخُوخَةُ عُمْرٍ و وَهَنْ..

    وبصوتٍ يتهدجُ قالت .. ياولدي مَنْ منّا يعلمُ ..

    " مَنْ يسبقُ في الرّحْلةِ مَنْ.."

    أحتضِنُ الصّورةَ..لاأدري للمَـرّةِ ..كمْ

    آهٍ .. آهٍ يا "شَرْبَاتْ"

    يا ذاَتَ العَيْنَيْنِ الطّيبَتَيْنِ..

    و ذاتَ الذاتْ..

    أخوكِ الآنَ وبينَ يدَيْكِ بقايا حُطَامْ..

    عاشَ غريبًا .. في الأرضِ..

    وغريبُ الأرضِ هل تثبتُ يومًا قدَماه..؟!

    تأكله الأرضُ..

    وتلقيهِ

    تمضغُهُ الوحدةُ ..و التّيهِ ..

    يُرْمَىَ كـبقايا الأوتَـادْ ..

    لم يعرفْ طعمَ الأعيادْ..

    قلبٌ أضنتْهُ الأيامْ..

    أشقاهُ جَفَـاءُ الأحْلامْ ..

    وغابَ..وغابَ.. و طَوّفَ شرقًا .. طَوّفَ غَرْبًا..

    فوق شَوَاطِيءِ لاتعرفُهُ.. حتى أرصفة الذكرى المُمْتدةِ حولهُ.. تنكرهُ

    لم يحصُدْ إلا الأوْهَامْ..

    أغْرَتْهُ..يكونْ..

    ظنّ..يظُنُّ بأنّهُ يوْمًا ما سيكُونْ ..

    مكسورَ الخاطِرِ عـادْ..

    عادَ .. كما المحرومِ .. في الـجُرْحِ تثورُ الآهْ

    أيا أختاه

    أيا " شربَاتْ"..

    قلبي بين يديكِ الآنَ يقولُ

    لَيْتَني مُتْ

    ليتني مُتْ

    آهٍ ..آهْ

    لَـوْ لِـيَ .. أخْتْ !!!


    التعديل الأخير تم بواسطة حسين حرفوش; الساعة 13-07-2010, 01:15.
  • محمد الصاوى السيد حسين
    أديب وكاتب
    • 25-09-2008
    • 2803

    #2
    تحياتى البيضاء

    من جماليات هذا النص ما يمكن أن نسميه ذكاء السرد أى أن السرد هنا واع تماما للجو النفسى للنص للفكرة الشعرية التى يقوم عليها فنجد المشهد العام التحفيزى فى مفتتح النص ثم يتكشف المشهد ويتعقد الحدث فى سلاسة آسرة ويسر جارح للروح من فرط رهافته وصدقه

    تعليق

    • أحمد عبد الرحمن جنيدو
      أديب وكاتب
      • 07-06-2008
      • 2116

      #3
      أيها الصديق المفعم بالحيوية والجمال
      الذي تسبك من الحروف ماسات النور
      والألق مودتي لحرفك الذهبي
      يا جنون العشق يا أحلى جنونْ.
      يا سكون الليل يا خوف السكونْ.
      إنني أنزف من تكوين حلمي
      قبل آلاف السنينْ.
      فخذوني لم أعدْ سجناً لصيحات العيونْ.
      إن هذا العالم المغلوط
      صار اليوم أنات السجونْ.
      ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
      ajnido@gmail.com
      ajnido1@hotmail.com
      ajnido2@yahoo.com

      تعليق

      • خالد شوملي
        أديب وكاتب
        • 24-07-2009
        • 3142

        #4
        الشاعر المبدع حسين حرفوش

        قصيدة جميلة جدا. ارتقت بالسرد إلى سماء الشعر.
        أبدعت.

        مودتي وتقديري

        خالد شوملي
        متعرّجٌ كالنهرِ عمري مرّةً يسري ببطءٍ تارةً كالخيلِ يجري
        www.khaledshomali.org

        تعليق

        • د. نديم حسين
          شاعر وناقد
          رئيس ملتقى الديوان
          • 17-11-2009
          • 1298

          #5
          أخي الشاعر الماجد حسين حرفوش
          إسمح لي عبر قصيدتك الرائعة أن أنوه بموقف يمس الفن الشعري من حيث الغرض والصياغة بما قلَّ من الكلام ،
          بعد انقضاء عصور الإنحطاط ، وانقشاع ضباب القصائد التي كانت تعتمد المحسنات البلاغية لتزيين المعنى لا لتبيانه ، والتي كانت تجيءُ مكتظةً بالمجازات البلاغية الفارغة ، عاد محمود سامي البارودي الذي تطلع إلى إحياء اللغة العربية ، عاد بالقريض إلى أنماط الشعر العباسي قالبا ومعنى ،
          وصار أبا الحركة الاتباعية الحديثة في الشعر العربي المعاصر ، ثم كان عبدالله النديم شاعر الثورة العرابية أول الذين أدخلوا الغرض الشعري الوطني على ثوب القصيدة ، وبعده سكب أحمد شوقي وحافظ إبراهيم زيتَ أغراضهم الإنسانية الجديدة في أواني الشعر القديمة ، وظلَّ الشِّعرُ العربي ينتظر الأشكال الشعرية التي تستحدثُها أغراضها الإنسانية الجديدة ، فكان جيلُ المُحدثين .
          لقد خطر ببالي هذا التطور للعلاقة بين مبنى القصيدة وغرضها عندما قرأتُ نصَّكَ البديعَ فوجدتُهُ يصنعُ قالبا جديدا لغرضٍ إنسانيٍّ جديد . وقد وُفِّقتَ إلى ذلك كثيرا .
          لقد كتبتَ فأمتعتنا جدا ، وكانت قصيدتك رائعة المعنى والمبنى .
          سلمت يدُك !

          تعليق

          يعمل...
          X