هاتِ الصُّــــورةْ..!!
للشاعر حسين حرفوش
ـ هاتِ الصُّورةْ
(أذكـُرُحينَ تشاغبنا في وَسَطِ الدّارِ كلامَكِ
" قبضَتُكَ شديدةْ "
أردُّ ..عنيدةْ..
أذكر وجها ورديا .. حين تغني في المذياعِ الأزْرَقِ" كُلْثومُ"
بلْ ألـمحُ ســـرَّ التّنهيدةْ ..
ـ هاتِ الصّورةْ
آهٍ يا " شربات"
آهٍ ..آهٍ يا أختاه ...ألمحُ في صورتِكِ الآنَ الوجهَ ..
كوجهِ القدّيسَةِ فَـرّت من قبضةِ
سجنِ العالَمِ ..
دَنَسِ الأرضِ..
و خطّ الطولِ ..
و خطّ العَرْض ِ..
لـحَيْثُ جمالِ الفردَوْسِ الأعلى
إذ مُتِ شهيدةْ ...
ـ هاتِ الصّورة
حين تحقق حلمُكِ ..
جاء الفارسُ..
صارَ الحلمُ حقيقةَ قلبِكِ ..
كنتُ سعيدَةْ
حين رأيتُ الوجهَ حديقةَ وردٍ جوريٍ ..
ورأيتُ بعينيكِ الأمَلاَ..
ولَمَحْتُ الشَبَحَ .. المخفِيّ ..فانقبضَ القلبُ..
أخفَيْتُ وفي الصّدر الوَجَلا..
في لَـوْنَ الخدّ الـمُنْطَفِيءِ ..
من خوفٍ يسكُنُ عَيْنَيَّ ..
واريْتُ دموعي ..
إذ ثارتْ تُنْبيءُ عن خوفٍ مجهولٍ
ما بينَ ضلوعي
في قلبِ الصّخَبِ الصّـاعِـدِ من فَرَحِ الأولادِ..
حين يعودُ أبي ..
في كفّهِ أثرٌ للطينِ.. وفي قدَمَيْهِ.. دَسَسْتُ حُرُوفي..
رُحْتُ أصبُّ الماءَ عليه..
يقولُ كعادَته بعضَ حكاياتِ الأصحابِ..
تتعجبُ أمي ..
تصطنعُ الإنصَات إليْهِ ..
تسألُه .. وبكيفَ..لماذَا..
أينَ.. ومَنْ ..؟!!
قالَ يُغيّرُ مَا لمـحتْهُ العينُ .. بلهجة حكمةِ أيامِهْ :
ولدي فلتَعْلَـمْ ..
أنّ الطينَ وَطَنْ ..
فتُرَدّدُ أمي .. وهي تقلبُ فوق الـمَـوْقِدْ
بعضَ طعامٍ .. لأبي الـمُجْهَــدْ ..
ولدي ..مَنْ منّا يعلمُ " مَنْ يسبقُ في الرّحْلةِ مَنْ.."
ثمّ ابتسمتْ : أختُكَ مجهدةٌ ..متعبةٌ ..قد تحملُ طفلا ..
خفتُ من القول ِ .. سيبكيها .. أَخْفَيْتُ القَوْلاَ ..
ـ هاتِ الصّورة..
(أنتبهُ على الصّوتِ المخنوق بغصةِ حسرةِ صَاحِبَةِ الثّوْبِ الأسْوَد..
جالسةً.. في رُكنِ الغرفةِ..
تَنْظُرُ مَيْـمَنَةً ..لتُناجِيَ صورةَ أختي
مَيْسَرّةً لشِمَالِ البابِ حيْثُ بقايا أبي ..
دولابٌ فيه ملابسِهِ ..
قدْ عَلّقَ فوق مقابضِهِ ..شالاً بُنّيًا وعَصَاهُ ..
تَرْتَفِعُ ..الآهُ .. من الشفتين
تثورُ الذكرىَ ..
حينَ تفُــوحُ بخُـــورٌ في الثوبِ الأبيضِ ..
ثوبِ الجُـمْعةْ..
ألمحُ في عينيْها كلّ أنينِ الماضي..
أحزانَ العمرِ الـمُجْتَمِعةْ..
مَدّتْ يَدَهَا..
من فضلكَ هاتِ الصّورةْ..
قَيّدَ يَدَهَــا رعْشَــــةُ حزنٍ فيها شَيْخُوخَةُ عُمْرٍ و وَهَنْ..
وبصوتٍ يتهدجُ قالت .. ياولدي مَنْ منّا يعلمُ ..
" مَنْ يسبقُ في الرّحْلةِ مَنْ.."
أحتضِنُ الصّورةَ..لاأدري للمَـرّةِ ..كمْ
آهٍ .. آهٍ يا "شَرْبَاتْ"
يا ذاَتَ العَيْنَيْنِ الطّيبَتَيْنِ..
و ذاتَ الذاتْ..
أخوكِ الآنَ وبينَ يدَيْكِ بقايا حُطَامْ..
عاشَ غريبًا .. في الأرضِ..
وغريبُ الأرضِ هل تثبتُ يومًا قدَماه..؟!
تأكله الأرضُ..
وتلقيهِ
تمضغُهُ الوحدةُ ..و التّيهِ ..
يُرْمَىَ كـبقايا الأوتَـادْ ..
لم يعرفْ طعمَ الأعيادْ..
قلبٌ أضنتْهُ الأيامْ..
أشقاهُ جَفَـاءُ الأحْلامْ ..
وغابَ..وغابَ.. و طَوّفَ شرقًا .. طَوّفَ غَرْبًا..
فوق شَوَاطِيءِ لاتعرفُهُ.. حتى أرصفة الذكرى المُمْتدةِ حولهُ.. تنكرهُ
لم يحصُدْ إلا الأوْهَامْ..
أغْرَتْهُ..يكونْ..
ظنّ..يظُنُّ بأنّهُ يوْمًا ما سيكُونْ ..
مكسورَ الخاطِرِ عـادْ..
عادَ .. كما المحرومِ .. في الـجُرْحِ تثورُ الآهْ
أيا أختاه
أيا " شربَاتْ"..
قلبي بين يديكِ الآنَ يقولُ
لَيْتَني مُتْ
ليتني مُتْ
آهٍ ..آهْ
لَـوْ لِـيَ .. أخْتْ !!!
للشاعر حسين حرفوش
ـ هاتِ الصُّورةْ
(أذكـُرُحينَ تشاغبنا في وَسَطِ الدّارِ كلامَكِ
" قبضَتُكَ شديدةْ "
أردُّ ..عنيدةْ..
أذكر وجها ورديا .. حين تغني في المذياعِ الأزْرَقِ" كُلْثومُ"
بلْ ألـمحُ ســـرَّ التّنهيدةْ ..
ـ هاتِ الصّورةْ
آهٍ يا " شربات"
آهٍ ..آهٍ يا أختاه ...ألمحُ في صورتِكِ الآنَ الوجهَ ..
كوجهِ القدّيسَةِ فَـرّت من قبضةِ
سجنِ العالَمِ ..
دَنَسِ الأرضِ..
و خطّ الطولِ ..
و خطّ العَرْض ِ..
لـحَيْثُ جمالِ الفردَوْسِ الأعلى
إذ مُتِ شهيدةْ ...
ـ هاتِ الصّورة
حين تحقق حلمُكِ ..
جاء الفارسُ..
صارَ الحلمُ حقيقةَ قلبِكِ ..
كنتُ سعيدَةْ
حين رأيتُ الوجهَ حديقةَ وردٍ جوريٍ ..
ورأيتُ بعينيكِ الأمَلاَ..
ولَمَحْتُ الشَبَحَ .. المخفِيّ ..فانقبضَ القلبُ..
أخفَيْتُ وفي الصّدر الوَجَلا..
في لَـوْنَ الخدّ الـمُنْطَفِيءِ ..
من خوفٍ يسكُنُ عَيْنَيَّ ..
واريْتُ دموعي ..
إذ ثارتْ تُنْبيءُ عن خوفٍ مجهولٍ
ما بينَ ضلوعي
في قلبِ الصّخَبِ الصّـاعِـدِ من فَرَحِ الأولادِ..
حين يعودُ أبي ..
في كفّهِ أثرٌ للطينِ.. وفي قدَمَيْهِ.. دَسَسْتُ حُرُوفي..
رُحْتُ أصبُّ الماءَ عليه..
يقولُ كعادَته بعضَ حكاياتِ الأصحابِ..
تتعجبُ أمي ..
تصطنعُ الإنصَات إليْهِ ..
تسألُه .. وبكيفَ..لماذَا..
أينَ.. ومَنْ ..؟!!
قالَ يُغيّرُ مَا لمـحتْهُ العينُ .. بلهجة حكمةِ أيامِهْ :
ولدي فلتَعْلَـمْ ..
أنّ الطينَ وَطَنْ ..
فتُرَدّدُ أمي .. وهي تقلبُ فوق الـمَـوْقِدْ
بعضَ طعامٍ .. لأبي الـمُجْهَــدْ ..
ولدي ..مَنْ منّا يعلمُ " مَنْ يسبقُ في الرّحْلةِ مَنْ.."
ثمّ ابتسمتْ : أختُكَ مجهدةٌ ..متعبةٌ ..قد تحملُ طفلا ..
خفتُ من القول ِ .. سيبكيها .. أَخْفَيْتُ القَوْلاَ ..
ـ هاتِ الصّورة..
(أنتبهُ على الصّوتِ المخنوق بغصةِ حسرةِ صَاحِبَةِ الثّوْبِ الأسْوَد..
جالسةً.. في رُكنِ الغرفةِ..
تَنْظُرُ مَيْـمَنَةً ..لتُناجِيَ صورةَ أختي
مَيْسَرّةً لشِمَالِ البابِ حيْثُ بقايا أبي ..
دولابٌ فيه ملابسِهِ ..
قدْ عَلّقَ فوق مقابضِهِ ..شالاً بُنّيًا وعَصَاهُ ..
تَرْتَفِعُ ..الآهُ .. من الشفتين
تثورُ الذكرىَ ..
حينَ تفُــوحُ بخُـــورٌ في الثوبِ الأبيضِ ..
ثوبِ الجُـمْعةْ..
ألمحُ في عينيْها كلّ أنينِ الماضي..
أحزانَ العمرِ الـمُجْتَمِعةْ..
مَدّتْ يَدَهَا..
من فضلكَ هاتِ الصّورةْ..
قَيّدَ يَدَهَــا رعْشَــــةُ حزنٍ فيها شَيْخُوخَةُ عُمْرٍ و وَهَنْ..
وبصوتٍ يتهدجُ قالت .. ياولدي مَنْ منّا يعلمُ ..
" مَنْ يسبقُ في الرّحْلةِ مَنْ.."
أحتضِنُ الصّورةَ..لاأدري للمَـرّةِ ..كمْ
آهٍ .. آهٍ يا "شَرْبَاتْ"
يا ذاَتَ العَيْنَيْنِ الطّيبَتَيْنِ..
و ذاتَ الذاتْ..
أخوكِ الآنَ وبينَ يدَيْكِ بقايا حُطَامْ..
عاشَ غريبًا .. في الأرضِ..
وغريبُ الأرضِ هل تثبتُ يومًا قدَماه..؟!
تأكله الأرضُ..
وتلقيهِ
تمضغُهُ الوحدةُ ..و التّيهِ ..
يُرْمَىَ كـبقايا الأوتَـادْ ..
لم يعرفْ طعمَ الأعيادْ..
قلبٌ أضنتْهُ الأيامْ..
أشقاهُ جَفَـاءُ الأحْلامْ ..
وغابَ..وغابَ.. و طَوّفَ شرقًا .. طَوّفَ غَرْبًا..
فوق شَوَاطِيءِ لاتعرفُهُ.. حتى أرصفة الذكرى المُمْتدةِ حولهُ.. تنكرهُ
لم يحصُدْ إلا الأوْهَامْ..
أغْرَتْهُ..يكونْ..
ظنّ..يظُنُّ بأنّهُ يوْمًا ما سيكُونْ ..
مكسورَ الخاطِرِ عـادْ..
عادَ .. كما المحرومِ .. في الـجُرْحِ تثورُ الآهْ
أيا أختاه
أيا " شربَاتْ"..
قلبي بين يديكِ الآنَ يقولُ
لَيْتَني مُتْ
ليتني مُتْ
آهٍ ..آهْ
لَـوْ لِـيَ .. أخْتْ !!!
تعليق