(( أراكِ رغم يقيني أنكِ طيفاً ,
وإني يخدعني البصر , كنتِ قدراً مكتوباً كالغربة..
كنتُ الجرح... وكنتِ أنتِ... نصل الحربة ))
ديوان أوجاع طائر النورس – جمال البرغوثي
وإني يخدعني البصر , كنتِ قدراً مكتوباً كالغربة..
كنتُ الجرح... وكنتِ أنتِ... نصل الحربة ))
ديوان أوجاع طائر النورس – جمال البرغوثي

هكذا عرّفتكِ بديوان هذا الشاعر المغترب...
كان عمري حينها ثمانية عشر عاماً...
طرية الذات... تثير شغفي الكلمة ...
تتملكني دوماً – و ان كان هذا الامر رهن التحقيق حتى اللحظة – وبعدها طلبتِ أن ارسل لكِ نسخة...
وكي تردي لي امتنان المنح....
عرّفتني بـ( غادة السمان )...
تلك الشعلة من العنفوان المتحركة...
والتي أبت أن ترضخ لقانون وضعي.. أو كوني....
وأبت ذاتي عتق حروفها منذ ذاك الوقت...
كنا أنا وأنتِ نتسابق على حافات الاسطر...
برغم الدورات الشمسية العشر... تلك التي تفصل بين عمرينا...
ولكنكِ شاركتني توقي للركض على مرابع المفردة...
وكنتِ تلتهمين ما يتساقط مني وتهمسين لي ..
( هل من مزيد )...
وشاركتكِ نضوجك الفكري...
وارتديت معك عباءة الصبر على الزمن والحب والحاجة...
حتى امتزجنا....
أخبرتني مرة حين أبصرتني اخط بضع كلمات على لوحة رسمتها...
بأمنيتكِ المختنقة...
كم وددتِ لو أنكِ كنتِ ترسمين... أو تكتبين الشعر..
نظرت اليكِ.. واشتهيت أن امنحك نصف ما املك...
لكثافة نبضي المقترن بكِ...
علاقة مميزة تلك التي ربطتني بكِ...
معكِ تعلمت الكتابة على لحن ( ذكريات ) ام كلثوم... ومني عرفتِ عمق
( الفنجان ) حيث كان يخوض عبد الحليم..
و تحدّانا رياض احمد بمواويله.. أيها سيبكينا قبلا...
وتبادلنا ونزار الحديث والحلم...
وسكبنا أرواحنا امام اطلال ناجي....
و...
و....
حين نلتقي...كنت اشكو لكِ برودة الغربة برغم غضاضة سني....
وكنتِ تشكين لي وجع نبضكِ....
والتقينا عند حافة الافتقاد... وانصهرنا معا في ذات المطر...
وذات الميل.. وذات الرؤية....
تعلمت منكِ الكثير...
ولا ادري اي صاعقة ارتدّت وحطمت سياجنا الخشبي الجميل...
ذاك الذي اينعناه زهرا بألوان لا تشابهها ألوان...
ازدادت الهوّة....
وحملتنا الامواج الى ضفاف بعيدة...كل منا نأت بها اقدارها الى حيث لايمكن
لإحدانا لمس قلب الاخرى....
حتى الأمس...
حين اتصلتِ بوالديّ تباركين لهما رحلة حجّهما....
لم أشأ الحديث معكِ... رغم توق أناملي لخطف سماعة الهاتف من يد والدتي...
وسماع صوتكِ....
اكتنفني السؤال....
أتراكِ تفكرين بي... كما أفكر بكِ...؟؟؟
يا كَلبي مو ظلمونا... سمعوا حجي وعافونا
هيجي جزا جازونا... والجرح يدري صوابه
ما يوجع الا اصحابه
كنا معا نردد المقطع اعلاه...
غرفتي... وصوت قحطان عطار... وليل شتائي بارد...
متقابلتين أنا وانتِ.. نتشارك البطانية... ونتبادل الدواوين والكتب ... وما أخربش على الورق..
تذكرت المقطع بوجع...
وتذكرت كم سقطت منا من أحجيات وحكايا....
وكم فقدنا على هاوية النميمة الكثير من زمن الالتحام الروحي الصادق...
كانت ليال لا يجيد الزمن محوها ابدا.. ولن يجيد...
ولكننا أنا وانتِ....
استطعنا ان نمحوها...
حين قررنا أن نغمس قلوبنا....
في مستنقع الاحاديث الهاربة من افواه المغرضين....
وبتنا حتى اليوم...
نجتر آلام لسنا منها في شيئ....
تسرّبت علاقتنا من تحت عقِب ( الصداقة )....
فعشنا الشتات..
ورغم كل شيئ....
لقلبكِ حفنة زهر اينما كنتِ...
وليكن لأفقي مدى رسالة اخرى....
كُتبت في بداية عام 2009...
مصر – القاهرة
مصر – القاهرة
تعليق