ثمن الكرامة.........

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد محضار
    أديب وكاتب
    • 19-01-2010
    • 1270

    ثمن الكرامة.........

    ثمن الكرامة.........

    --------------------------------------------------------------------------------

    ثمن
    الكرامة

    الشمس قرص أحمريحتضنه الأفق, وأشعتها المحتضرة تسربل خطا ك الوانية , وأنت تسير على الكورنيش، البحرثائر، أمواجه العاتية تزأر بوحشية , قدماك تنوءان بحملك تودان لو تخلتا عنك .
    استند الى حا ئط الكورنيش , القصير بمرفقيه. ألقى ببصره جهة البحر، الخمول ينشر قلاعه ملء جسده الواهن ،الصبر ما الصبر ؟ انه لعنة تحل بالمرء تحطمه تقوده الى الهاوية.
    تتحسس قسمات وجهك الشاحب بأنامل يدك النحيفة. الشعور بالهزيمة المرة يزحف في وجدانك, وقلبك المعذب يخفق باضطراب .
    عاود المسير كانت تدور برأسه أفكار من نوع غريب, هلوسة وشبه هذيان ...أنت منبوذ وضعيف أمثالك من ذا الذي يحس بهم، من ذا الذي ينتبه إليهم ..
    الطريق يمتد ويطول تحت قدميك..والعمارة التي تحتوي شقتك الصغيرة تلوح..السخام يلوث أعلاها ،والرطوبة تمد اخاديد متعددة على جدرانها .
    صعد السلم في تخاذل فتح باب شقته , دلف داخلا، ضغط على زر الكهرباء فتبد د الظلام المدلهم الذي كان يملأ المكان, تعثر في خطاه قبل ان يرمي بجسده الواهن على الاريكة الجلدية الوحيدة الموجودة بشقته, مدد قدميه الى الامام واستند الى متكأي الاريكة .
    كم يصعب التأقلم مع ظروف هذه الحياة التي تبدو عسيرة ومعقدة.



    تشعل سيجارة تنفث مع دخانها كل كوابت كيانك الجريح، تكبر كآبتك, وتنداح في كل مكان حولك .يفلت من يدك عقالها لا تدري لماذا يحدث هذا ؟؟؟ المهم انه يحدث وكفى , أنت تتعذب والإنفصام اللعين يفرض نفسه ضيفا ثقيلا علي شخصيتك , فتصبح شخصين في شخص واحد , تتملق في النهار وتثور في الليل, تبش وتظهر الاحترام المتكلف لرؤسائك اثناء العمل , وتلعنهم عندما تعود الى شقتك , لك وجهان اذن ومن يدري قد يصبحان ثلاثة اوحتى اربعة حسب الظروف والاحوال.
    طرقات خفيفة على الباب تهادت الى أسماعه، مرت هنيهة قبل أن ينهض ..فتح الباب..دوت ضحكة نسائية رخيمة , نظر إلى الواقفة أمامه..نعيمة بكل سحرها وشقاوتها.



    شم رائحة الخمر في فمها عندما طبعت على خده قبلة..
    -تفضلي ..ادخلي , عاش من شافك, أطلت الغيبة هذه المرة ..أنسيتِ أنك وعدتني بالزيارة عند مطلع كل شهر , وها أنت تغيبين ثلاثة شهور .



    ابتسمت , رنت اليه بعينيها النجلاويين ’, ثم اندفعت داخلة , تبعها من الخلف بعد ان أغلق الباب, خلعت ثيابها دون ان تنبس بكلمة , ثم دخلت الفراش ونظرت نحوه تدعوه الى الاقتداء بها , فلم يتوان عن تلبية ندائها الصامت, وبعد حين أصبح بالقرب منها يسري في جسده دفء من الشهوة الحمراء , التحما لحظة , ثم تركا بعضهما بعد الوصال, استندت برأسها الى صدره الكثيف الشعر وغرزت اناملها الرقيقة بين خصلات شعره الطويل تداعبها بحنان




    تشعر بفرح طاغ يزخر به قلبك , الحياة تحولت فجأة الى ابتسامة على شفتي نعيمة , والوجود صار لمسة حنان توقعها أناملها الرقيقة على جسدك الواهن , وجهها الساجي حطم صخرة الروتين التي ظللت تنوء بها طيلة هذه الشهور التي باعدت خلالها الأيام بينكما, حقا هي مومس لكنها مثقفة ومتعلمة ’ ولعل هذا ما يجعلك تحترمها الى حد كبير.
    سألها ضاحكا
    - لم تقولي اين كنت خلال هذه المدة ؟؟؟
    - هل تصر على معرفة الحقيقة ؟
    - اذا كان ممكنا
    - الحقيقة كنت خارج ارض الوطن
    - خارج أرض الوطن..
    - نعم ..فقبل شهور تعرفت على ثري خليجي بأحد الملاهي الليلية...دعاني للسفر الى إشبيلية , فوافقت وهناك عشت أياما باذخة ..تصور أن صاحبنا كان يشعل لي احيانا سجائري بورقة بنكية.
    - شئ مثير حقا
    - وعندما عدنا الى الوطن منذ اسبوعين, أصر على ان نعقد قراننا فوافقت تحت طائل إلحاحه.
    - إذن أنت سيدة متزوجة الآن ..
    ضحكت وقالت:
    - تقريبا.
    - ماذا تعنين بهذه التقريبا ؟؟؟
    - الحقيقة أن زوجي إتفق معي على ان يأتي للمكوث معي شهرا واحدا كل سنة , وقد اشترى لي بيتا وفتح لي حسابا بنكيا جاريا , وابتاع لي سيارة فاخرة..
    - اذن اصبحت غنية
    - كل هذه الاموال لا تساوي شيئا امام ضمة واحدة منك
    - حقا
    - ألا تزال ترفض أن تصدق أنني أعبدك ...إنك قدري الذي لا أستطيع الفرار منه.
    ران الصمت عليهما لحظة , لكنها سرعان ماكسرته وشفتاها تونقان بابتسامة عريضة ..
    - يمكنك أن تختار شقة مناسبة لمقامك وسأدفع إيجارها ....ستكون عشنا الذي نأوي اليه..
    حدجها بنظرة ثائرة وقال:
    - لا أستطيع ان ألبي طلبك .
    زوت ما بين حاجبيها وتمتمت بنبرة حزينة
    - هكذا تكسر خاطري
    - لم أقصد ولكن....
    قاطعته مبتسمة
    - لا تقل شيئا ..لقد أويتني من قبل وخيرك سابق..أريد أن تتمتع معي بأموال الخليجي ..
    - لكنها متعة ثمنها كرامتنا معا..
    - أرجوك لا تتحدث عن
    الكرامة وشطب عليها من قاموسك اللغوي ..فهي لم تعد الا لفظا أجوفا لا خير يُرتجى منه ..
    لم يقل شيئا اكتفى بضمها الى صدره وطبع على شفتيها قبلة حارة....




    محمد محضار 1987

    التعديل الأخير تم بواسطة محمد محضار; الساعة 05-02-2011, 10:41.
    sigpicلك المجد أيها الفرح المشرق في ذاتي، لك السؤدد أيها الوهج المومض في جوانحي...
  • آسيا رحاحليه
    أديب وكاتب
    • 08-09-2009
    • 7182

    #2
    تحدث مثل هذه الأمور..
    هذا زمن كل شيء بثمنه.. و لا عجب أن تباع الكرامة بأبخس الأثمان.
    لا أدري إذا كان الرجل يرى فرقا بين مومس مثقفة و أخرى جاهلة ..
    مجرد تساءل شغلني الآن ؟
    هناك بعض الكلمات التي أراها زائدة مثل . تبعها من الخلف..أعتقد تبعها تكفي لأننا لا نتبع من الأمام ..
    سررت بالقراءة لك أخي الكريم محمد .
    تقبّل تحيّتي و احترامي.
    يظن الناس بي خيرا و إنّي
    لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

    تعليق

    • محمد سلطان
      أديب وكاتب
      • 18-01-2009
      • 4442

      #3
      واعية .. قوية .. عنيفة .. ومن أجمل ما قرأت لك .. مزجت بين القهر والكرامة .. مابين أموال الخليجي الذي تزوجها من أجل المتعة وبين متعتها ومتعة صديقها كاسرة حدود الكرامة .. قلت واقعية وتستحق الإشادة ..
      تحياتي أستاذ محمد وأحييك عليها ..
      صفحتي على فيس بوك
      https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

      تعليق

      • مصطفى الصالح
        لمسة شفق
        • 08-12-2009
        • 6443

        #4
        جميلة جدا اخي محمد

        مزجت بحرفية بين ثلاثي منافع

        في ظل الظروف الراهنة كان التطور طبيعيا

        ولعلي اذكر قصصا مشابهة

        لكن الغريب انه احتج او حاول والمته كرامته عندما تزوجت من الثري الذي سيقابلها مرة في السنة بينما لم يكن يحتج على علاقاتها اليومية المعهودة

        ليس المال وحده هو السبب

        على كل نهاية جميلة متوقعة

        شعرت ان القصة بحاجة الى زخم تدفق اقوى واسرع حيث اشعرتني بالرتابة من البداية الى النهاية ولكنها شدتني بعد المنتصف

        اخي محمد

        هذه قصة عمرها 23 سنة.. كم كان عمرك ايامها؟ انا لم اكن انهيت جامعتي بعد

        دمت مبدعا

        تحيتي وتقديري
        [align=center] اللهم صل على محمد أفضل الخلق وعلى آله وصحبه أجمعين

        ستون عاماً ومابكم خجــلٌ**الموت فينا وفيكم الفزعُ
        لستم بأكفائنا لنكرهكم **وفي عَداء الوضيع مايضعُ

        رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ

        حديث الشمس
        مصطفى الصالح[/align]

        تعليق

        • محمد محضار
          أديب وكاتب
          • 19-01-2010
          • 1270

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة آسيا رحاحليه مشاهدة المشاركة
          تحدث مثل هذه الأمور..
          هذا زمن كل شيء بثمنه.. و لا عجب أن تباع الكرامة بأبخس الأثمان.
          لا أدري إذا كان الرجل يرى فرقا بين مومس مثقفة و أخرى جاهلة ..
          مجرد تساءل شغلني الآن ؟
          هناك بعض الكلمات التي أراها زائدة مثل . تبعها من الخلف..أعتقد تبعها تكفي لأننا لا نتبع من الأمام ..
          سررت بالقراءة لك أخي الكريم محمد .
          تقبّل تحيّتي و احترامي.
          النص قديم وهو يؤرخ لبداية التهافت النلفت لعرب الدولار على دول المغرب العربي ..بعد أن دخلت لبنان حربها الأهلية اواسط السبعينات وخرب شارع الحمراء الشهير...فكان لا بد من قبلة جديد ة ..مودتي
          sigpicلك المجد أيها الفرح المشرق في ذاتي، لك السؤدد أيها الوهج المومض في جوانحي...

          تعليق

          • محمد محضار
            أديب وكاتب
            • 19-01-2010
            • 1270

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة محمد ابراهيم سلطان مشاهدة المشاركة
            واعية .. قوية .. عنيفة .. ومن أجمل ما قرأت لك .. مزجت بين القهر والكرامة .. مابين أموال الخليجي الذي تزوجها من أجل المتعة وبين متعتها ومتعة صديقها كاسرة حدود الكرامة .. قلت واقعية وتستحق الإشادة ..
            تحياتي أستاذ محمد وأحييك عليها ..
            شكرا اخي محمد على هذه القراءة المنصفة والجميلة.لك كل مودتي أيها القاص السامق
            sigpicلك المجد أيها الفرح المشرق في ذاتي، لك السؤدد أيها الوهج المومض في جوانحي...

            تعليق

            • محمد محضار
              أديب وكاتب
              • 19-01-2010
              • 1270

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة مصطفى الصالح مشاهدة المشاركة
              جميلة جدا اخي محمد

              مزجت بحرفية بين ثلاثي منافع

              في ظل الظروف الراهنة كان التطور طبيعيا

              ولعلي اذكر قصصا مشابهة

              لكن الغريب انه احتج او حاول والمته كرامته عندما تزوجت من الثري الذي سيقابلها مرة في السنة بينما لم يكن يحتج على علاقاتها اليومية المعهودة

              ليس المال وحده هو السبب

              على كل نهاية جميلة متوقعة

              شعرت ان القصة بحاجة الى زخم تدفق اقوى واسرع حيث اشعرتني بالرتابة من البداية الى النهاية ولكنها شدتني بعد المنتصف

              اخي محمد

              هذه قصة عمرها 23 سنة.. كم كان عمرك ايامها؟ انا لم اكن انهيت جامعتي بعد

              دمت مبدعا

              تحيتي وتقديري
              في هذه السنة أي 1987كان عمري 26 سنة..وكنت ما أزال غارقا في عوالم العزوبة ، وبدأت حياتي المهنية..القصة فيها من الواقع الكثير ، وتجسد حالة فئة من المهمششين الذين نال منهم الفقر و، وقام غزاة البترودلار با ستغلال فقرهم وبؤسهم
              sigpicلك المجد أيها الفرح المشرق في ذاتي، لك السؤدد أيها الوهج المومض في جوانحي...

              تعليق

              • محمد محضار
                أديب وكاتب
                • 19-01-2010
                • 1270

                #8
                عندما تضيع الكرامة تصبح كل الأشياء متاحة ومستباحة
                sigpicلك المجد أيها الفرح المشرق في ذاتي، لك السؤدد أيها الوهج المومض في جوانحي...

                تعليق

                • محمد زعل السلوم
                  عضو الملتقى
                  • 10-10-2009
                  • 2967

                  #9
                  مؤلمة وسوداوية أخي الكريم
                  أين الكرامة من هذا الكلام
                  مؤلمة لامرأة تبيع نفسها هكذا
                  قاسية جدا يا صديقي كونها تحمل اغتيال الروح الانسانية واغتيال الكرامة البشرية وتحول الانسان الى مجرد سلعة للمتعة والبيع والشراء
                  تحياتي لقلمك القاسي والصريح
                  مع المودة والاحترام
                  محمد زعل السلوم

                  تعليق

                  • محمد محضار
                    أديب وكاتب
                    • 19-01-2010
                    • 1270

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة محمد زعل السلوم مشاهدة المشاركة
                    مؤلمة وسوداوية أخي الكريم
                    أين الكرامة من هذا الكلام
                    مؤلمة لامرأة تبيع نفسها هكذا
                    قاسية جدا يا صديقي كونها تحمل اغتيال الروح الانسانية واغتيال الكرامة البشرية وتحول الانسان الى مجرد سلعة للمتعة والبيع والشراء
                    تحياتي لقلمك القاسي والصريح
                    مع المودة والاحترام
                    محمد زعل السلوم
                    جميل منك هذا التجلي أخي محمد....تعليقك كان أيضا واضحا ويصب فينفس الغاية التي كتب من أجلها هذا النص الموجع
                    sigpicلك المجد أيها الفرح المشرق في ذاتي، لك السؤدد أيها الوهج المومض في جوانحي...

                    تعليق

                    يعمل...
                    X