القتل الرحيم و الرحمة القاتلة - ق ق ج - نزار ب. الزين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نزار ب. الزين
    أديب وكاتب
    • 14-10-2007
    • 641

    القتل الرحيم و الرحمة القاتلة - ق ق ج - نزار ب. الزين

    القتل الرحيم
    و
    الرحمة القاتلة

    ق ق ج

    نزار ب. الزين

    -1-
    كانت ولادته عسرة ، و عندما تمت ولادته كان قد أصيب بالإختناق الولادي ، و أصبح نصيبه من الدنيا الإعاقة الدائمة .
    الجسد ينمو ...و المخ متوقف عن النمو ..
    و لكن جسد سامر ظل ينمو و ينمو ، إلا أنه لا يستطيع خدمة نفسه ، هو طريح الفراش ليل نهار ، بحاجة لمن يطعمه ، و لمن يغير له حفاظته .. لا يتحرك منه إلا فمه ، فإذا جاع يموء كقطة ، و إذا قدمت له الرضاعة يلتهم ما فيها بثوانٍ ...
    كبرت الأسرة و أصبح لسامر شقيقتان حلوتان صحيحتا الجسم و العقل ... و لكن سامر لا زال ينمو بلا عقل ، مسببا الكآبة المستمرة لوالديه...
    بلغ الآن السابعة من عمره ، ازداد وزنه ، و ازداد مع وزنه عبؤه ...
    انتسبت شقيقتاه إلى الروضة ، و لكن سامر لا زال منتسبا إلى فراشه ، لم يحرز اي تقدم رغم جميع المحاولات و التكاليف الباهظة بإشراف طبيب متخصص ..
    و خلال موجة اكتئاب ، و في لحظة يأس ، قررت أم سامر امرا .....

    *****

    بعد حوالي أسبوعين ، أستدعي طبيبه على عجل ، فقد كان سامر في النزع الأخير ....
    قال الطبيب : " لقد تأخرتم ؟ تأخرتم كثيرا .. فقد فارق سامر الحياة ربما قبل دقائق من وصولي !"
    ثم ...
    أضاف مستغربا : " يبدو و كأنه مات جوعا ! "
    ثم ....
    و بعد تردد و بعد أن تناول أجره مضاعفا ، كتب شهادة الوفاة ،
    ثم ......
    ختمها بعبارة : "موت طبيعي" .

    *****

    -2-
    كان فواز قرة عيني والديه ، فقد أقبل إلى الدنيا بعد أربع بنات ،
    كان محل عناية والديه و شقيقاته ،
    كان بالغ النشاط ..بالغ الذكاء .. بالغ اللطف ،
    في المدرسة كان من المتفوقين ،
    هو الآن في الصف الثاني الإعدادي و لا زال مستمرا بتفوقه و محل إعجاب أساتذته و حب زملائه ..
    عاد ذات يوم إلى بيته و قد اشتعل رأسه بالحمى ..
    "أشتبه بالتهاب السحايا ، يجب نقله إلى المستشفى في الحال .." قال الطبيب لوالديه .
    صاعقة نزلت على رأسيهما ..
    كارثة حلت بشقيقاته ...
    زلزال هز البيت ..
    و في المستشفى ، عندما تمكنوا من تخفيض حرارته بعد أيام عصيبة ، كانت معظم خلايا مخه قد تلفت ..
    "نجا من الموت و لكنه لم ينجُ من الإعاقة..." ، قال لهما الطبيب متأسفا ..

    *****

    ثم ...
    تزوجت شقياقته الواحدة إثر الأخرى
    ثم ....
    التفتت كل منهن إلى شؤون أسرتها ..
    و لكن جسد فواز ظل مشلولا ، طريح الفراش ليل نهار ، بحاجة لمن يطعمه ، و لمن يغير له حفاظته .. لا يتحرك منه إلا فمه ، فإذا جاع يموء كقطة ، و إذا قدم له الطعام ازدرده بصعوبة.
    ثم ...
    تتالت الأيام ... و تقدم الوالدان بالعمر .. و لكنهما ظلا حريصين على خدمة فواز ,, بلا كلل أو ملل أو لحظة تذمر ..
    ثم ....
    توفيت أم فواز ...
    و لكن أبا فواز ظل قائما على خدمة ابنه بلا كلل أو ملل أو لحظة تذمر ..
    و حتى اليوم ... و قد تجاوز أبو فواز الثمانين حولا ....لا زال قائما على خدمة ابنه ..
    تتناوب بناته على مساعدته من حين لآخر .
    =============
    *نزار بهاء الدين الزين
    سوري مغترب
    عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
    الموقع :www.FreeArabi.com
    التعديل الأخير تم بواسطة نزار ب. الزين; الساعة 17-07-2010, 15:24.
  • بسمة الصيادي
    مشرفة ملتقى القصة
    • 09-02-2010
    • 3185

    #2
    برأي ليس هناك ما يسمّى بالقتل الرحيم، بل بالإجرام ...
    لا أدري إن كانت أمّ سامر قتلت ابنها رأفةً به، أو رأفةً بها،
    ربما أرادت أن ترتاح من عبئ إطعامه والإهتمام به ...
    عدا عن ذلك كيف استطاعت قتله بهذه الطريقة .......؟!! الجوع؟!
    القتل البطيء المرفق بالألم .! لا ليس موتا رحيما .. بل جريمة كبرى ..!
    .
    .
    والوجه الآخر كان فواز وأهله الطيبين، الذين فنوا عمرهم من أجله،
    هذه هي الأبوة .. هذه هي الامومة .. والإنسانية .. والرحمة ..
    والله لن يينسى لهم هذا الصنيع ...

    نموذجين من صميم الواقع، شكرا لك أستاذ نزار لن سلّطت الضوء عليهما ..
    وعلى كلّ أمّ أصيب ابنها بالإعاقة، ان تختار بين أن تكون أم سامر أو أن تكون أم فواز ..؟!
    تحياتي الحارّة لك
    التعديل الأخير تم بواسطة بسمة الصيادي; الساعة 17-07-2010, 15:36.
    في انتظار ..هدية من السماء!!

    تعليق

    • م. زياد صيدم
      كاتب وقاص
      • 16-05-2007
      • 3505

      #3
      ** الاديب الكبير نزار بن الزين......

      شتان ما بين الاولى والثانية...
      الانسان خلق هلوعا جزوعا... سبحان الله.

      للعظه والموعظة فكم تمنيت ان يكون الدرس الربانى قائم فى الاولى..

      تحايا عبقة بالزعتر....................
      أقدارنا لنا مكتوبة ! ومنها ما نصنعه بأيدينا ؟
      http://zsaidam.maktoobblog.com

      تعليق

      • نزار ب. الزين
        أديب وكاتب
        • 14-10-2007
        • 641

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة بسمة الصيادي مشاهدة المشاركة
        برأي ليس هناك ما يسمّى بالقتل الرحيم، بل بالإجرام ...
        لا أدري إن كانت أمّ سامر قتلت ابنها رأفةً به، أو رأفةً بها،
        ربما أرادت أن ترتاح من عبئ إطعامه والإهتمام به ...
        عدا عن ذلك كيف استطاعت قتله بهذه الطريقة .......؟!! الجوع؟!
        القتل البطيء المرفق بالألم .! لا ليس موتا رحيما .. بل جريمة كبرى ..!
        .
        .
        والوجه الآخر كان فواز وأهله الطيبين، الذين فنوا عمرهم من أجله،
        هذه هي الأبوة .. هذه هي الامومة .. والإنسانية .. والرحمة ..
        والله لن يينسى لهم هذا الصنيع ...

        نموذجين من صميم الواقع، شكرا لك أستاذ نزار لن سلّطت الضوء عليهما ..
        وعلى كلّ أمّ أصيب ابنها بالإعاقة، ان تختار بين أن تكون أم سامر أو أن تكون أم فواز ..؟!
        تحياتي الحارّة لك
        [align=center][table1="width:95%;background-image:url('http://www.almolltaqa.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/24.gif');"][cell="filter:;"][align=center]
        *****
        أختي الفاضلة سوزان
        أجدت و أبدعت بتعقيبك المفعم بالمشاعر الإنسانية
        ***
        كل الإمتنان لمشاركتك القيِّمة
        مع خالص مودتي و احترامي
        نزار

        [/align][/cell][/table1][/align]

        تعليق

        • نزار ب. الزين
          أديب وكاتب
          • 14-10-2007
          • 641

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة م. زياد صيدم مشاهدة المشاركة
          ** الاديب الكبير نزار بن الزين......
          شتان ما بين الاولى والثانية...
          الانسان خلق هلوعا جزوعا... سبحان الله.
          للعظه والموعظة فكم تمنيت ان يكون الدرس الربانى قائم فى الاولى..
          تحايا عبقة بالزعتر....................
          [align=center][table1="width:95%;background-image:url('http://www.almolltaqa.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/101.gif');"][cell="filter:;"][align=center]
          *****
          أخي الكريم المهندس زياد
          فعلا ، الفارق شاسع بين السلوكين
          و لكن إصابة أحد أعضاء الأسرة بالإعاقة أمر في غاية الصعوبة ، و لا يستطيع أي إنسان إحتماله إلا من تحلى بايمانه و تزيَّن بأخلاقه
          ***
          شكرا لمرورك و مشاركتك القيِّمة
          و لك تحايا عبقة بشذى الياسمين
          نزار

          [/align][/cell][/table1][/align]

          تعليق

          يعمل...
          X