قد أكون فتاة غير متزوجة، ولا أدري إن كنت سأفكر بالزواج أم لا ! فالخوف يدبّ بداخلي كلما
كلما نظرت إلى وجنتاي في المرآة، عندها تتراءه لي خدود النساء المتورمة، الملطخة بالالوان والإهانات...
لطالما سمعت صرخات صامتة لأوجاعهن، تخيلت للحظة تلك الانكسارات، فآلمني رأسي كثيرا، واضطرب كل مافيّ حتى قلمي، لا أعرف إن كنت سأعبر عن تلك الصرخة، فقصتي هذه مبتورة الجناح ككل امرأة عاشت في كهف رجل .....
كلما نظرت إلى وجنتاي في المرآة، عندها تتراءه لي خدود النساء المتورمة، الملطخة بالالوان والإهانات...
لطالما سمعت صرخات صامتة لأوجاعهن، تخيلت للحظة تلك الانكسارات، فآلمني رأسي كثيرا، واضطرب كل مافيّ حتى قلمي، لا أعرف إن كنت سأعبر عن تلك الصرخة، فقصتي هذه مبتورة الجناح ككل امرأة عاشت في كهف رجل .....
الصفعة الأولى
لم يكن أمامي سوى البكاء، القشعريرة التي اعتلتني، تشبه ما أصاب ابنتي الصغيرة، من ارتعاش، عند دوي تلك القنبلة ...
لم يكن عقلي حاضرا لتذكر السبب، كل ما أعرفه أنّه كان شيئا تافها...
جدران "دورة المياه" أصبحت أضيق، ربما هي رجوليّة الطبع أيضا، أو ربما أرادت احتضاني...
الدخان المتصاعد من وجهي، حجب عنّي الرؤيا، فما عدت أميّز بين الحبّ والضرب ..
أسندت ظهري المكسور إلى الباب.
الباب! أهذا هو سندي! فكرت أن أتصل بوالدي، كي يأتي ويأخذني، ولكنني تذكرت بأن أبي قد رحل منذ سنة، وربما كان خيرا له ذلك، من رؤية ابنته المدللة، قد أصيبت برصاصات طائشة في قلبها ..!
-أمي! سأخبر أميّ ..!
-" أن تتجمع الأجنحة المبتورة في آن واحد، يعني أنّ العيد قد أقبل على الصيّاد "
- من قال هذا؟ حيّرني ذلك الصوت الأنثويّ الخافت الذي ظهر فجأة ..!
إنها المغسلة !..أدركت ساعتها أنّ الضربة كانت على رأسي لا على وجهي ..
ودار حديث طويل بيننا، كما تجاذبنا أطراف الشهقات، والدموع التي سالت جارفةً معها كل الذكريات السعيدة ..
فكرت أن أتصل بعمّي، لكن سرعان ما تذكرت وجه زوجته، الذي لا تغيب الكدمات عنه ..
-"العيد يكتمل بتجمع الصيّادين"
- معك حقّ..
فكرت وفكرت، خطر ببالي خالي، لكنّه رجل ضعيف، ونظنّ أحيانا أن زوجته تقوم بضربه ...
لا أدري لما أتخيل حدوث معركة... هل حقّا سيكون أمرا كبيرا، كتلك النار المتأججة في داخلي؟! أم أنني فقط انضممت لأعداد النساء المؤلفة، اللواتي يمارس عليهن العنف ..!
هل صرت رقما جديدا ليس إلا..؟!
احتقرت نفسي، وكل كتاب قرأته في حياتي، حتى الشهادة الجامعية المعلّقة على الحائط ، كم تمنيت أن تنهال عليها اللعنات ... !
ثقافتي، لم تحميني من تخلّف الرجال ..! في حين اختفى من جانبي كل الرجال!
ثم تراءت لي طفلتي الصغيرة فجأة، هل ستكبر وتنضمّ إلى معسكرنا! ..يا إلهي! لا أريد التفكير في الأمر، يكفي أنها شاهدتني في هذا الموقف ..
من جيد أنه أخذها معه، وإلا انهرت تماما في حضنها الصغير ....
وجهي يؤلمني ... قلبي يؤلمني ..وكرامتي تنزف ..
انفجرت سدود عيني، أنفاسي بالكاد أتنشقها من خلال تنهيدة عابرة ..
وها هو صوت الباب، يستقبل حليفه الذكوري.
لقد عاد إلى كهفه، وربما يعود إلى طقوسه الهمجية أيضا ...
كتمت أنفاسي، وتوغلّت في انكساري، أسمعه ينادي، وها هو يحاول فتح الباب الذي يحمني، جيد أنني اقفلته، كما أقفلت جميع النساء أفواها منذ بداية التاريخ ..
يخبّط على الباب ويقول افتحي ..
نوبة من الذعر اجتاحتني، وضعفي يساورني، ويقول لي أمسكي الراية البيضاء وافتحي ..
لكن لا ..لن أفتح .. لن أردّ ..
لقد أهانني، فكيف أنظر إليه بعد اليوم ..! ولولا وجود طفلتي، التي لن يحويها الفقر، لكنت تركته ومشيت ..
صوته تحول إلى صوتٍ رقيقٍ فجأة ، يهمس لي : "حبيبتي أنا آسف .. لم أقصد ... "
ماذا يعني لم يقصد! إن كان قد أطلق النار بلا وعي، فلماذا حمل السلاح منذ البداية؟!
اعتدت أن أناقشه بهدوء، متجاهلة صراخه ، لكن هل يمكنني تجاهل يده الصلبة؟! ماذا يا ترى ستكون حلقات المسلسل التالية ..؟
-"ردي عليّ حبيبتي، هل أنت بخير ؟!"
حبيبتي! ..بخير! لولا استعباد البكاء لي في تلك الآونة، لضحكت ..
-"افتحي ماما "
يا ربّي ! هذا الصوت......! هو ضعفي ..ووجعي ..!
لمّا سمعتها تجهش في البكاء، قلبي همّ لفتح الباب، فتحته دون وعي، وكانت الصور تترنّح أمامي،
كان يحمل باقتين من الورد، إحداهما ابنتي ، فجأة وجدته يعانقني- ظننت بدايةً أنّه ينقضّ لخنقي- عناقا، لم أشعر به بتاتا، فهو لن يلمم ما تناثر مني من شظايا...
كانت عيناه مدمعتين، ولا أدري أيّ قناع كان ذلك !
وأنا صمت، مسكت ابنتي المنهكة من الخوف، ورافق صمتي الأيام ...
كنت جامدة، لا أفكر، لا أشعر .. وهو لم يفكر، لم يعي أنني من لحظة الصفعة الأولى، قد تحولت إلى امرأة أخرى، زوجة مشوّهة، فهو لم يقتلني وحسب، بل قتل، جزءا كبيرا من روحه التي كانت تسكن قلبي ...
.
.
بسمة الصيادي
18/7/2010
18/7/2010
تعليق