"الصفعة الأولى"..ق ق تناشدكم الصراخ في وجه العنف ضد المرأة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • بسمة الصيادي
    مشرفة ملتقى القصة
    • 09-02-2010
    • 3185

    "الصفعة الأولى"..ق ق تناشدكم الصراخ في وجه العنف ضد المرأة

    قد أكون فتاة غير متزوجة، ولا أدري إن كنت سأفكر بالزواج أم لا ! فالخوف يدبّ بداخلي كلما


    كلما نظرت إلى وجنتاي في المرآة، عندها تتراءه لي خدود النساء المتورمة، الملطخة بالالوان والإهانات...


    لطالما سمعت صرخات صامتة لأوجاعهن، تخيلت للحظة تلك الانكسارات، فآلمني رأسي كثيرا، واضطرب كل مافيّ حتى قلمي، لا أعرف إن كنت سأعبر عن تلك الصرخة، فقصتي هذه مبتورة الجناح ككل امرأة عاشت في كهف رجل .....




    الصفعة الأولى




    لم يكن أمامي سوى البكاء، القشعريرة التي اعتلتني، تشبه ما أصاب ابنتي الصغيرة، من ارتعاش، عند دوي تلك القنبلة ...


    لم يكن عقلي حاضرا لتذكر السبب، كل ما أعرفه أنّه كان شيئا تافها...


    جدران "دورة المياه" أصبحت أضيق، ربما هي رجوليّة الطبع أيضا، أو ربما أرادت احتضاني...


    الدخان المتصاعد من وجهي، حجب عنّي الرؤيا، فما عدت أميّز بين الحبّ والضرب ..



    أسندت ظهري المكسور إلى الباب.


    الباب! أهذا هو سندي! فكرت أن أتصل بوالدي، كي يأتي ويأخذني، ولكنني تذكرت بأن أبي قد رحل منذ سنة، وربما كان خيرا له ذلك، من رؤية ابنته المدللة، قد أصيبت برصاصات طائشة في قلبها ..!


    -أمي! سأخبر أميّ ..!


    -" أن تتجمع الأجنحة المبتورة في آن واحد، يعني أنّ العيد قد أقبل على الصيّاد "


    - من قال هذا؟ حيّرني ذلك الصوت الأنثويّ الخافت الذي ظهر فجأة ..!


    إنها المغسلة !..أدركت ساعتها أنّ الضربة كانت على رأسي لا على وجهي ..


    ودار حديث طويل بيننا، كما تجاذبنا أطراف الشهقات، والدموع التي سالت جارفةً معها كل الذكريات السعيدة ..


    فكرت أن أتصل بعمّي، لكن سرعان ما تذكرت وجه زوجته، الذي لا تغيب الكدمات عنه ..


    -"العيد يكتمل بتجمع الصيّادين"


    - معك حقّ..


    فكرت وفكرت، خطر ببالي خالي، لكنّه رجل ضعيف، ونظنّ أحيانا أن زوجته تقوم بضربه ...


    لا أدري لما أتخيل حدوث معركة... هل حقّا سيكون أمرا كبيرا، كتلك النار المتأججة في داخلي؟! أم أنني فقط انضممت لأعداد النساء المؤلفة، اللواتي يمارس عليهن العنف ..!


    هل صرت رقما جديدا ليس إلا..؟!


    احتقرت نفسي، وكل كتاب قرأته في حياتي، حتى الشهادة الجامعية المعلّقة على الحائط ، كم تمنيت أن تنهال عليها اللعنات ... !


    ثقافتي، لم تحميني من تخلّف الرجال ..! في حين اختفى من جانبي كل الرجال!


    ثم تراءت لي طفلتي الصغيرة فجأة، هل ستكبر وتنضمّ إلى معسكرنا! ..يا إلهي! لا أريد التفكير في الأمر، يكفي أنها شاهدتني في هذا الموقف ..


    من جيد أنه أخذها معه، وإلا انهرت تماما في حضنها الصغير ....


    وجهي يؤلمني ... قلبي يؤلمني ..وكرامتي تنزف ..


    انفجرت سدود عيني، أنفاسي بالكاد أتنشقها من خلال تنهيدة عابرة ..


    وها هو صوت الباب، يستقبل حليفه الذكوري.


    لقد عاد إلى كهفه، وربما يعود إلى طقوسه الهمجية أيضا ...


    كتمت أنفاسي، وتوغلّت في انكساري، أسمعه ينادي، وها هو يحاول فتح الباب الذي يحمني، جيد أنني اقفلته، كما أقفلت جميع النساء أفواها منذ بداية التاريخ ..


    يخبّط على الباب ويقول افتحي ..


    نوبة من الذعر اجتاحتني، وضعفي يساورني، ويقول لي أمسكي الراية البيضاء وافتحي ..


    لكن لا ..لن أفتح .. لن أردّ ..


    لقد أهانني، فكيف أنظر إليه بعد اليوم ..! ولولا وجود طفلتي، التي لن يحويها الفقر، لكنت تركته ومشيت ..



    صوته تحول إلى صوتٍ رقيقٍ فجأة ، يهمس لي : "حبيبتي أنا آسف .. لم أقصد ... "


    ماذا يعني لم يقصد! إن كان قد أطلق النار بلا وعي، فلماذا حمل السلاح منذ البداية؟!


    اعتدت أن أناقشه بهدوء، متجاهلة صراخه ، لكن هل يمكنني تجاهل يده الصلبة؟! ماذا يا ترى ستكون حلقات المسلسل التالية ..؟


    -"ردي عليّ حبيبتي، هل أنت بخير ؟!"


    حبيبتي! ..بخير! لولا استعباد البكاء لي في تلك الآونة، لضحكت ..


    -"افتحي ماما "


    يا ربّي ! هذا الصوت......! هو ضعفي ..ووجعي ..!


    لمّا سمعتها تجهش في البكاء، قلبي همّ لفتح الباب، فتحته دون وعي، وكانت الصور تترنّح أمامي،


    كان يحمل باقتين من الورد، إحداهما ابنتي ، فجأة وجدته يعانقني- ظننت بدايةً أنّه ينقضّ لخنقي- عناقا، لم أشعر به بتاتا، فهو لن يلمم ما تناثر مني من شظايا...


    كانت عيناه مدمعتين، ولا أدري أيّ قناع كان ذلك !


    وأنا صمت، مسكت ابنتي المنهكة من الخوف، ورافق صمتي الأيام ...


    كنت جامدة، لا أفكر، لا أشعر .. وهو لم يفكر، لم يعي أنني من لحظة الصفعة الأولى، قد تحولت إلى امرأة أخرى، زوجة مشوّهة، فهو لم يقتلني وحسب، بل قتل، جزءا كبيرا من روحه التي كانت تسكن قلبي ...


    .


    .




    بسمة الصيادي


    18/7/2010
    التعديل الأخير تم بواسطة بسمة الصيادي; الساعة 18-07-2010, 18:18.
    في انتظار ..هدية من السماء!!
  • محمد سلطان
    أديب وكاتب
    • 18-01-2009
    • 4442

    #2
    مش معقوووووووووووووووول .. الله الله الله ...

    يا بسمتنا الجميلة ... كنت أتراقص فرحا مع كل حرف وكل جملة ,,

    ما أراه الآن لكاتبة تزاحم في خضم الأدب ,, بل تزاحمها كل الأقلام ..

    قصة متقة بجدية .. لغة وصور وتقنية جديدة أحسستها في هذا النص ..

    أسلوب ممتاز جداً .. والفكرة رغم تداولها إلا أنها خرجت جديدة جدا هه المرة .. لاأعتقد أن من حاول الكتابة في هذا الشأن أجاد بتلك الطريقة ... مشاعر زوجة كاتبة ناجحة فعلا ًً .. مبرووووك بسمة على النص الجديد واحذري أن يأتي القادم أضعف من ذلك فلن نقبله ...

    رغم امتناعي عن الذهبية منذ فترة لكن سأدخل فوراً وأرشحه ... نص عبقري في صناعته ...

    خالص تحياتي وإلى الأمام دوما ..
    صفحتي على فيس بوك
    https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

    تعليق

    • إيمان الدرع
      نائب ملتقى القصة
      • 09-02-2010
      • 3576

      #3
      يحقّ لك أن ترشحها للذهبية ياابن عمي محمد
      بسمة قادمة بقوّة
      وأراها تزهو بمداد قلمها الذي ينسكب روعةً
      بين الصفوف الأولى في الغد القريب بإذن الله
      ننتظر المزيد من النصوص المميّزة بسمة الملتقى..

      تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

      تعليق

      • آمنه الياسين
        أديب وكاتب
        • 25-10-2008
        • 2017

        #4
        الغالية بسمة ...

        مساؤكِ ريحان وعنبر ...

        ليس بالضرورة ان تكون الصفعات كتلك التي تلقتها بطلتنا

        من زوجها الحبيب ...!!!

        فقد تكون بشكل كلمات جارحة او مواقف تحفر اخدوداً

        في القلب فلا يندمل طووول العمر ...؟؟؟!!!

        نعم هو حمل السلاح بوجهها بوقت كان يدعوها حبيبتي

        فهل تكفي حبيبتي لأن يندمل ذلك الاخدود ...؟؟؟!!!

        خسر الكثير بوقت قليل ... كان يستطيع لو تحكم بنفسه قليلاً

        بقي أن اقول ... أن من تطاوله يده على ضرب امراة

        فلا انتماء له لجنس الرجال ... وما اقلهم

        عاشت الأيادي يا بسمتي الجميلة ...

        رائعة كنتِ وزيادة

        تحياتي

        ر
        ووو
        ح
        التعديل الأخير تم بواسطة آمنه الياسين; الساعة 18-07-2010, 19:37.

        تعليق

        • بسمة الصيادي
          مشرفة ملتقى القصة
          • 09-02-2010
          • 3185

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة محمد ابراهيم سلطان مشاهدة المشاركة
          مش معقوووووووووووووووول .. الله الله الله ...

          يا بسمتنا الجميلة ... كنت أتراقص فرحا مع كل حرف وكل جملة ,,

          ما أراه الآن لكاتبة تزاحم في خضم الأدب ,, بل تزاحمها كل الأقلام ..

          قصة متقة بجدية .. لغة وصور وتقنية جديدة أحسستها في هذا النص ..

          أسلوب ممتاز جداً .. والفكرة رغم تداولها إلا أنها خرجت جديدة جدا هه المرة .. لاأعتقد أن من حاول الكتابة في هذا الشأن أجاد بتلك الطريقة ... مشاعر زوجة كاتبة ناجحة فعلا ًً .. مبرووووك بسمة على النص الجديد واحذري أن يأتي القادم أضعف من ذلك فلن نقبله ...

          رغم امتناعي عن الذهبية منذ فترة لكن سأدخل فوراً وأرشحه ... نص عبقري في صناعته ...

          خالص تحياتي وإلى الأمام دوما ..
          مساء الورد الجوري، والفل والياسمين ..
          والله أول ما قرأت ردّك صرت أقفز من الفرحة
          حسيت إني قمت بعل شيء ما لأول مرّة ..والفرحة اكتملت بوجودك،
          وقوفك إلى جانبي..
          لا أدري ماذا أقول لك، أن تعود فقط لترشح هذه القصّة،،!! شيء لن أنساه لك ولا أعرف كيف أشكرك ..
          أستاذ محمد آمل أن أكون عند حسن ظنّك في المرة القادمة،،
          تحيات بطعم المسك والعنبر لروحك
          كل الودّ
          في انتظار ..هدية من السماء!!

          تعليق

          • ربيع عقب الباب
            مستشار أدبي
            طائر النورس
            • 29-07-2008
            • 25792

            #6
            ربما كان نفس العينة الشقية من الرجال
            التى لا أدري هل القسوة هى الثابت فيها
            أم الرقة ؟
            ربما هى القسوة ، التى تتبعها حالة ندم و ربما دموع
            و هذه ربما كنت أنا شخصيا من هذا النوع .. و إن حاولت
            ألا أكونه ، و لكنه يلصق عامدا متعمدا مع عدم قناعة الطرف الآخر
            الطرف المحمل بتراث طويل من القهر الإنساني !!

            و النوع الآخر ، لا يعتذر .. لا يعتذر .. لقسوة منه كانت
            إنه هذا النوع السادي القاهر ، الذى لا يري أنه أخطأ أبدا
            و أظن هذا هو النموذج الأقوى ، و الأبشع .. فى نظر من أبشع ؟
            ربما لا أدري هنا إجابة عن هذا السؤال
            فالمرض يشمل الجنسين ، و بشكل يدعو للضحك .. ربما حد الموت
            و ليس البكاء !!

            سيان كان السبب .. فألأمر لن يختلف !!

            بالطبع كان من الممكن معالجة الأمر بطريقة أو أسلوب افضل ، و أنت تملكين
            لكنى بلا شك سعيد بهذا العمل !!

            شكرا لك أنستي الرائعة

            تقديري و احترامي

            ربما يحتاج إلى مراجعة
            sigpic

            تعليق

            • محمد الطيب يوسف
              أديب وكاتب
              • 29-08-2008
              • 235

              #7
              حسنا
              لاول مرة أقرأ لك نص وهذا تقصير مني بالتأكيد
              فما اراه هنا هو قلم يعد بالكثير
              النص صادق ولامس هموم الأنثي في ربوع وطننا العربي الكبير
              بالطبع لا للعنف ضد المرأة
              نعم لوجود نافذة للسماح كي تستمر الحياة




              ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
              لست من أنصار وضع الدعوات التبريرية لقراءة النص (قصة تناشدكم الصراخ ...الخ)
              عليك بالكتابة ودعي لنا نحن القراء متعة استخلاص ما تنادين به
              محبتي واحترامي
              صفحتي الخاصة

              http://www.facebook.com/group.php?gid=500474340299

              تعليق

              • سحر الخطيب
                أديب وكاتب
                • 09-03-2010
                • 3645

                #8
                كنت رائعه في سرد المشاعر اقتطفت انفاسي من بين العبارات هذة العبارة

                ثقافتي، لم تحميني من تخلّف الرجال ..! في حين اختفى من جانبي كل الرجال!
                عبارة لامست قلبي هي تريد رجلا واحدا يحتوي كل ما فيها وكأن جميع الرجال اختفت فيه بينما تخلف الاخريين ما زال قائما امامها
                فهو لن يلمم ما تناثر مني من شظايا...



                اختي بسمة من يعيش الحياة الزوجيه تختلف مشاعرة عمن لم يتذوقها اكيد تكون المشاعر اخف من النظر كمشاهده لفلم درامي او ربما اكثر ألما من خلال نصك حسب طبيعه الانسانه
                نصك رائع مرهف الحس ملىء بالمشاعر المرئية
                كنت رائعه
                الجرح عميق لا يستكين
                والماضى شرود لا يعود
                والعمر يسرى للثرى والقبور

                تعليق

                • مصطفى الصالح
                  لمسة شفق
                  • 08-12-2009
                  • 6443

                  #9
                  رائعة جدا اختي بسمة

                  نص هادر بقوة

                  لا اتصور كيف يعيش ذكر مع انثى يضربها !

                  همجية هذه

                  لكن

                  بعض النساء تخرج الرجل عن طوره..

                  طبعا هنا نحن لا نعرف اصل المشكلة التي يبدو انها تافهة بدليل انه استخطى نفسه وعاد يحمل الورد! ما اقبحه من منظر!!..


                  تحيتي وتقديري
                  [align=center] اللهم صل على محمد أفضل الخلق وعلى آله وصحبه أجمعين

                  ستون عاماً ومابكم خجــلٌ**الموت فينا وفيكم الفزعُ
                  لستم بأكفائنا لنكرهكم **وفي عَداء الوضيع مايضعُ

                  رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ

                  حديث الشمس
                  مصطفى الصالح[/align]

                  تعليق

                  • عواطف كريمي
                    شاعرة وأديبة
                    • 22-12-2009
                    • 656

                    #10
                    وتسمّرت هنا لا أستطيع الخروج من النصّ ولا الردّ المناسب للتعبير عمّا جال بخاطري وأنا اراك تصوّرين بصدق فاق الوصف وتجسّد ين واقعا ملموسا عاشته آلاف من النساء ويتواصل الى يومنا هذا برغم زحف الحضارة وتطوّر كلّ مجالات الحياة...أبدعت يا بسمة في تصوير معاناة المرأة ومأساتها التي لا تعرف منها حتّى الآن مخرجا في ظلّ مجتمع ذكوريّ يرى أنّ ضرب المرأة واهانتها حقّ من حقوقه ...أنحني هنا لابداعك أيّتها المبدعة
                    التعديل الأخير تم بواسطة عواطف كريمي; الساعة 19-07-2010, 12:46.
                    أيا زهرة المجد كوني ربيعا
                    فإن الربيع طواه الخراب
                    وكوني خلودا، وكوني سلاما
                    وإن كان درب السلام سراب

                    تعليق

                    • د.حواء البدي
                      عضو أساسي
                      • 02-03-2010
                      • 1077

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة بسمة الصيادي مشاهدة المشاركة
                      قد أكون فتاة غير متزوجة، ولا أدري إن كنت سأفكر بالزواج أم لا ! فالخوف يدبّ بداخلي كلما



                      كلما نظرت إلى وجنتاي في المرآة، عندها تتراءه لي خدود النساء المتورمة، الملطخة بالالوان والإهانات...


                      لطالما سمعت صرخات صامتة لأوجاعهن، تخيلت للحظة تلك الانكسارات، فآلمني رأسي كثيرا، واضطرب كل مافيّ حتى قلمي، لا أعرف إن كنت سأعبر عن تلك الصرخة، فقصتي هذه مبتورة الجناح ككل امرأة عاشت في كهف رجل .....




                      الصفعة الأولى




                      لم يكن أمامي سوى البكاء، القشعريرة التي اعتلتني، تشبه ما أصاب ابنتي الصغيرة، من ارتعاش، عند دوي تلك القنبلة ...


                      لم يكن عقلي حاضرا لتذكر السبب، كل ما أعرفه أنّه كان شيئا تافها...


                      جدران "دورة المياه" أصبحت أضيق، ربما هي رجوليّة الطبع أيضا، أو ربما أرادت احتضاني...


                      الدخان المتصاعد من وجهي، حجب عنّي الرؤيا، فما عدت أميّز بين الحبّ والضرب ..



                      أسندت ظهري المكسور إلى الباب.


                      الباب! أهذا هو سندي! فكرت أن أتصل بوالدي، كي يأتي ويأخذني، ولكنني تذكرت بأن أبي قد رحل منذ سنة، وربما كان خيرا له ذلك، من رؤية ابنته المدللة، قد أصيبت برصاصات طائشة في قلبها ..!


                      -أمي! سأخبر أميّ ..!


                      -" أن تتجمع الأجنحة المبتورة في آن واحد، يعني أنّ العيد قد أقبل على الصيّاد "


                      - من قال هذا؟ حيّرني ذلك الصوت الأنثويّ الخافت الذي ظهر فجأة ..!


                      إنها المغسلة !..أدركت ساعتها أنّ الضربة كانت على رأسي لا على وجهي ..


                      ودار حديث طويل بيننا، كما تجاذبنا أطراف الشهقات، والدموع التي سالت جارفةً معها كل الذكريات السعيدة ..


                      فكرت أن أتصل بعمّي، لكن سرعان ما تذكرت وجه زوجته، الذي لا تغيب الكدمات عنه ..


                      -"العيد يكتمل بتجمع الصيّادين"


                      - معك حقّ..


                      فكرت وفكرت، خطر ببالي خالي، لكنّه رجل ضعيف، ونظنّ أحيانا أن زوجته تقوم بضربه ...


                      لا أدري لما أتخيل حدوث معركة... هل حقّا سيكون أمرا كبيرا، كتلك النار المتأججة في داخلي؟! أم أنني فقط انضممت لأعداد النساء المؤلفة، اللواتي يمارس عليهن العنف ..!


                      هل صرت رقما جديدا ليس إلا..؟!


                      احتقرت نفسي، وكل كتاب قرأته في حياتي، حتى الشهادة الجامعية المعلّقة على الحائط ، كم تمنيت أن تنهال عليها اللعنات ... !


                      ثقافتي، لم تحميني من تخلّف الرجال ..! في حين اختفى من جانبي كل الرجال!


                      ثم تراءت لي طفلتي الصغيرة فجأة، هل ستكبر وتنضمّ إلى معسكرنا! ..يا إلهي! لا أريد التفكير في الأمر، يكفي أنها شاهدتني في هذا الموقف ..


                      من جيد أنه أخذها معه، وإلا انهرت تماما في حضنها الصغير ....


                      وجهي يؤلمني ... قلبي يؤلمني ..وكرامتي تنزف ..


                      انفجرت سدود عيني، أنفاسي بالكاد أتنشقها من خلال تنهيدة عابرة ..


                      وها هو صوت الباب، يستقبل حليفه الذكوري.


                      لقد عاد إلى كهفه، وربما يعود إلى طقوسه الهمجية أيضا ...


                      كتمت أنفاسي، وتوغلّت في انكساري، أسمعه ينادي، وها هو يحاول فتح الباب الذي يحمني، جيد أنني اقفلته، كما أقفلت جميع النساء أفواها منذ بداية التاريخ ..


                      يخبّط على الباب ويقول افتحي ..


                      نوبة من الذعر اجتاحتني، وضعفي يساورني، ويقول لي أمسكي الراية البيضاء وافتحي ..


                      لكن لا ..لن أفتح .. لن أردّ ..


                      لقد أهانني، فكيف أنظر إليه بعد اليوم ..! ولولا وجود طفلتي، التي لن يحويها الفقر، لكنت تركته ومشيت ..



                      صوته تحول إلى صوتٍ رقيقٍ فجأة ، يهمس لي : "حبيبتي أنا آسف .. لم أقصد ... "


                      ماذا يعني لم يقصد! إن كان قد أطلق النار بلا وعي، فلماذا حمل السلاح منذ البداية؟!


                      اعتدت أن أناقشه بهدوء، متجاهلة صراخه ، لكن هل يمكنني تجاهل يده الصلبة؟! ماذا يا ترى ستكون حلقات المسلسل التالية ..؟


                      -"ردي عليّ حبيبتي، هل أنت بخير ؟!"


                      حبيبتي! ..بخير! لولا استعباد البكاء لي في تلك الآونة، لضحكت ..


                      -"افتحي ماما "


                      يا ربّي ! هذا الصوت......! هو ضعفي ..ووجعي ..!


                      لمّا سمعتها تجهش في البكاء، قلبي همّ لفتح الباب، فتحته دون وعي، وكانت الصور تترنّح أمامي،


                      كان يحمل باقتين من الورد، إحداهما ابنتي ، فجأة وجدته يعانقني- ظننت بدايةً أنّه ينقضّ لخنقي- عناقا، لم أشعر به بتاتا، فهو لن يلمم ما تناثر مني من شظايا...


                      كانت عيناه مدمعتين، ولا أدري أيّ قناع كان ذلك !


                      وأنا صمت، مسكت ابنتي المنهكة من الخوف، ورافق صمتي الأيام ...


                      كنت جامدة، لا أفكر، لا أشعر .. وهو لم يفكر، لم يعي أنني من لحظة الصفعة الأولى، قد تحولت إلى امرأة أخرى، زوجة مشوّهة، فهو لم يقتلني وحسب، بل قتل، جزءا كبيرا من روحه التي كانت تسكن قلبي ...


                      .


                      .




                      بسمة الصيادي



                      18/7/2010
                      أختي بسمة
                      لا اعرف لماذا رقص بعض الرجال فرحا بسبب قصتك هذه
                      لقد صورتي واقعا مؤلماً يحدث كل ثانية للمرأة
                      تُهان وتُذل وتُصفع وتُركل وتُضرب
                      وتقف عند مفترق الطرق عندما يكون هناك طفل
                      ويأتي الرجل حمل وديع في جلد ثعلب مكار وذئب مخادع
                      ليقضي على البقية الباقية منها
                      هذه رسالة منك موجهة
                      إلى كل رجل ضع الصفة التي تلائمك.........
                      وأنت تقرأ قصة بسمة الصيادي
                      فلربما تستفيق من اسلوب الجاهلية الذي تعيشه
                      وتنسى ما قاله النبي محمد عليه الصلام والسلام (أوصيكم بالنساء خيرا)

                      [CENTER] [imgl]http://i39.tinypic.com/24v5o95.gif[/imgl][/CENTER]
                      [motr]
                      [CENTER][SIZE=6][SIZE=6]شكرا لأعدائنا لولاهم ما كنا شيئا[/SIZE][/SIZE][/CENTER]
                      [/motr]
                      [motr]
                      [CENTER][SIZE=5][SIZE=5]هنا تجدون مدونتي (حصاني الأخير)[/SIZE][/SIZE][SIZE=5][/CENTER]


                      [/SIZE][/motr][CENTER][URL]http://chfcha.maktoobblog.com/[/URL][/CENTER]

                      تعليق

                      • بسمة الصيادي
                        مشرفة ملتقى القصة
                        • 09-02-2010
                        • 3185

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة إيمان الدرع مشاهدة المشاركة
                        يحقّ لك أن ترشحها للذهبية ياابن عمي محمد
                        بسمة قادمة بقوّة
                        وأراها تزهو بمداد قلمها الذي ينسكب روعةً
                        بين الصفوف الأولى في الغد القريب بإذن الله
                        ننتظر المزيد من النصوص المميّزة بسمة الملتقى..
                        أهلا بالعزيزة إيمان
                        وبروحها التي تفوح زهرا وبساتينا
                        حبيبتي كلامك هذا يعني الكثير
                        أنا لازلت أتعلم ولقصصك الجميلة فضلها عليّ
                        شكرا لك
                        دمت بسعادة
                        في انتظار ..هدية من السماء!!

                        تعليق

                        • عبد الباسط بوشنتوف
                          أديب وكاتب
                          • 23-06-2010
                          • 75

                          #13
                          بسمة الصيادي هي هذه المشاعر تستهوي الكلمات لتنساب من قلمك حبرا يدغدغ دواخلنا الصدئة، ليست كل ابنة أنثى مظلومة وليس كل ابن أنثى جلادا
                          لا يكرمهن إلا كريم والخير في الأمة موجود،
                          كانت صفعة على الخد مرة و ياليت قوتها ضعفت لتصير على الوجنة لمسة حب و مودة، إذا هي السرعة والقوة فياليت شعري رجالنا ما فقهوا أنهم يتعاملون مع مخلوق سمته أنه رقيق عاطفي عذب
                          كنت متألقة أستاذتي
                          و السلام
                          التعديل الأخير تم بواسطة عبد الباسط بوشنتوف; الساعة 19-07-2010, 23:48.

                          تعليق

                          • بسمة الصيادي
                            مشرفة ملتقى القصة
                            • 09-02-2010
                            • 3185

                            #14
                            المشاركة الأصلية بواسطة آمنه الياسين مشاهدة المشاركة
                            الغالية بسمة ...


                            مساؤكِ ريحان وعنبر ...

                            ليس بالضرورة ان تكون الصفعات كتلك التي تلقتها بطلتنا

                            من زوجها الحبيب ...!!!

                            فقد تكون بشكل كلمات جارحة او مواقف تحفر اخدوداً

                            في القلب فلا يندمل طووول العمر ...؟؟؟!!!

                            نعم هو حمل السلاح بوجهها بوقت كان يدعوها حبيبتي

                            فهل تكفي حبيبتي لأن يندمل ذلك الاخدود ...؟؟؟!!!

                            خسر الكثير بوقت قليل ... كان يستطيع لو تحكم بنفسه قليلاً

                            بقي أن اقول ... أن من تطاوله يده على ضرب امراة

                            فلا انتماء له لجنس الرجال ... وما اقلهم

                            عاشت الأيادي يا بسمتي الجميلة ...

                            رائعة كنتِ وزيادة

                            تحياتي

                            ر
                            ووو

                            ح
                            أهلا بالعزيزة آمنة ..
                            أشرتي إلى نقطة مهمة صديقتي
                            فالعنف نوعان كما ذكرتي: جسدي ومعنوي
                            كنا دائما نقول المعنوي قد يكون أقسى بكثير ..
                            وأيضا للا يمكن لزوجة ضربت أن تكون مرتاحة النفسية،
                            لأن الألم يصيب الروح والكرامة أولا ...
                            ويبقى كله عنفا ...
                            والشخصية حسب النص تحملت كثيرا الصرخ والكلام
                            وتجنبته كما تحملت الضرب في النهاية ..
                            الرجل لم يعرف ما خسر إلى مع الإيام ..
                            فأرجو منهم أن يتجنبوا الخسارة قبل فوات الأوان ..
                            كلامك جميل جدا وأسعدني
                            شكرا لك
                            وأرقّ التحايا ..
                            في انتظار ..هدية من السماء!!

                            تعليق

                            • بسمة الصيادي
                              مشرفة ملتقى القصة
                              • 09-02-2010
                              • 3185

                              #15
                              المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
                              ربما كان نفس العينة الشقية من الرجال
                              التى لا أدري هل القسوة هى الثابت فيها
                              أم الرقة ؟
                              ربما هى القسوة ، التى تتبعها حالة ندم و ربما دموع
                              و هذه ربما كنت أنا شخصيا من هذا النوع .. و إن حاولت
                              ألا أكونه ، و لكنه يلصق عامدا متعمدا مع عدم قناعة الطرف الآخر
                              الطرف المحمل بتراث طويل من القهر الإنساني !!

                              و النوع الآخر ، لا يعتذر .. لا يعتذر .. لقسوة منه كانت
                              إنه هذا النوع السادي القاهر ، الذى لا يري أنه أخطأ أبدا
                              و أظن هذا هو النموذج الأقوى ، و الأبشع .. فى نظر من أبشع ؟
                              ربما لا أدري هنا إجابة عن هذا السؤال
                              فالمرض يشمل الجنسين ، و بشكل يدعو للضحك .. ربما حد الموت
                              و ليس البكاء !!

                              سيان كان السبب .. فألأمر لن يختلف !!

                              بالطبع كان من الممكن معالجة الأمر بطريقة أو أسلوب افضل ، و أنت تملكين
                              لكنى بلا شك سعيد بهذا العمل !!

                              شكرا لك أنستي الرائعة

                              تقديري و احترامي

                              ربما يحتاج إلى مراجعة
                              مساء جميل لأستاذ أجمل ..
                              معك حق الرجال أصناف وأنواع،
                              وربما كان صاحبنا من العينة التي تنفعل ثم تندم،
                              لكن المسلسل يبدأ بالصفعة الأولى ..
                              والزوجة لم يكن عندها أي ردة فعل قوية، بل كانت أفكار
                              من الطبيعي أن تتواتر في ذهنها ...
                              قد أكون قسوت بكلامي، حينما ألغيت الجانب النفسي للرجل،
                              بل نسفت كل الإحتمالات التي قد تبرر له ..ربما كان حقدا من اتجاهي
                              على العموم فرحت لأنك ناقشت القضية، سأحاول أن يعجبك النصّ القادم
                              أكثر، شكرا على كلامك الذي يصبّ في مصلحتي دائما .. والذي انتظره دائما بفارغ الصبر ....
                              خالص احترامي ومحبتي ..
                              في انتظار ..هدية من السماء!!

                              تعليق

                              يعمل...
                              X