الوحدة العربية: وجهة نظر// كوثر خليل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • كوثر خليل
    أديبة وكاتبة
    • 25-05-2009
    • 555

    الوحدة العربية: وجهة نظر// كوثر خليل



    الوحدة العربية: وجهة نظر



    لا زلنا نسمع هنا و هناك و في ضوء هذا الوضع السياسي المتأزم داخليا و خارجيا استدعاءً للخطاب الوحدوي كمطلب شعبي أولا و كوهم فكري ثانيا و لم نسمع بعد النكسة أبدا عن خطاب سياسي يدعو إلى الوحدة و يقدم لها برنامجا قابلا للتطبيق في الواقع و لنا أن نطرح الإفتراضات حول مسألة الوحدة و وسائلها التي تضمن قيامها و بقاءها و الغايات منها و بالتالي إمكانيات قيامها و جدواها للدولة الواحدة التي ستنتمي لهذا الإتحاد. إن اُستقصاء نقاط القطيعة بين المشرق و المغرب العربيين يبدو قليل النتائج بالنسبة لنقاط التقاطع و مع هذا فإن التقاطع الذي تـَوفـّرَ في اللغة و الدين و الإبستيمية المعرفية و الإيديولوجية ردحا من الزمن يُفشي توترا خفيا على مستوى السياسة و الثقافة يمتصّه الدين و باُسم الدين أيضا تتراكم الإشكالات و لا يقع حلها و تصبح البلدان التي تركزت فيها الخلافة تاريخيا دائرة محرمة لا يمكن المساس بها أو مجادلتها في القضايا التاريخية و السياسية العالقة و ليس لهذا علاقة بالدين بل إن هذه الدول انطلاقا من مصالحها السياسية تجعل الدين عقدة في المنشار و أساس مفاضلة بين البلدان العربية و البلدان الناطقة بالعربية و لكن أليْسَ الإسلام منتشرا في كل مناطق العالم من آسيا لأوروبا لأمريكا و المسلمون يعيشون في هذه البلدان حياة أفضل من حياتنا؟

    إن الدين عنصر من الحياة الإجتماعية و ليس كلها و الدين الإسلامي يزدهر أكثر في المجتمعات المثقفة و النشيطة التي تحترم فردية الإنسان و تميل في نفس الوقت إلى النشاط الإجتماعي و السلوك المدني أكثر مما يزدهر في مجتمعاتنا التي لا تزال حتى الآن مجتمعات كسولة يعتمد فيها أغلب الأفراد على الآخرين لصياغة آرائهم، لا يميزون بين الثقافة النظامية و الموقف الخاص النابع من التجربة.

    إن مجتمعاتنا بأفرادها و قياداتها لم تعمل على تزييت عجلات الديمقراطية التي يحتاج إليها كل فرد -و كل دولة- ليعبر عن نفسه و ينتظم –بإرادته- ضمن هياكل أوسع منه. فالحديث عن الوحدة يجب أن يسبقه حديث عن الدول و خصائصها و إن كانت فعلا تحقق الشروط القانونية لفصل السلط التنفيذية و التشريعية و القضائية و تعامل مواطنيها على أساس المواطنة. أما وسائل الوحدة فلا تملكها الدول العربية للتفاوت الشاسع بينها اقتصاديا و ماليا و إداريا و جمركيا و هذا ما لا يتوفر أحيانا في الدولة الواحدة فالكثير من الدول العربية لها مناطق غير مسَيطـَر عليها إداريا أو سياسيا إضافة إلى قضايا الفقر و الأمية و الرعاية الصحية كما تتطلب الوحدة توحيدا سياسيا مما يتطلب مركزا فدراليا يكون مصدر القرار السياسي يتوفر فيه التداول على الحكم و هذا التقليد ما يزال منعدما في بلداننا التي ما تزال ملوكية و إن في ثياب إفرنجية.

    و لكن ألا يعيدنا مصطلح الوحدة العربية إلى حنين استعماري لا يوجد إلا في مخيال الدول المؤسِسَة لما كان يُسمّى بالوحدة العربية و الحلم باُستعادة السيطرة القديمة على مناطق النفوذ التي وقع تعريبها و فتحها منذ قرون بإعادة إذكاء الوازع الديني لإحياء مشاعر النصر القديمة التي طمسها هذا العصر الطافح بالهزائم و تغليف الإستعمار المعاصر الذي اتخذ الآن شكلا ثقافيا و إعلاميا و اقتصاديا بعد أن اختفى منه الجانب العسكري و السياسي. ألا تعتبر بعضُ مراكز الخلافة القديمة الدولَ العربية الأخرى مجرد أطراف تابعة للرأس؟ ألا تنفي الحضارة َ عن غيرها من بُلدان المنطقة معتبرة أن لا حضارة لبلاد المغرب إلا ما أرسَتْهُ هي من اللغة و الدين و أن لا حضارة لبلاد الخليج العربي إلا حضارة النفط؟
    إن الإتحاد في مفهومه السياسي و الإقتصادي لا ينبني إلا على النِدّية لأنها الشرط الوحيد للتبادل و إن غابت النِدية لا بدّ أن تكون العلاقات عمودية شئنا أم أبيْنا و إذا لم تحقق الدول العربية شرط التعادل فهي قادرة على تحقيق التعادلية إذا وَجدَت إرادات حقيقية تأخذ بالأسباب و تؤمن بالتنمية المشتركة و تحترم عقول خُبَرائِها من الأكفاء و لكن هذا لن يحدث لوجود مواطن خلل في تربية هذه الشعوب تتمثل في عدم الثقة بالنفس و عدم الثقة بالآخر و محدودية الأفق و عدم قابلية الانتظام في مشاريع بعيدة الأمد لأن الكل يفكر بمصلحته الشخصية هذا إلى تبعية منظومتيْ التعليم و الإعلام و غياب الرؤية المسؤولة ضمن هذين المجالين الخطيريْن على تربية الفرد إضافة إلى إنفاق الأموال الطائلة على رِجْل ذهبية أو صوت نُحاسي و إعادة النظر ألف مرة عند الإنفاق على صناعة الوعي أو العلم في ذات المجتمع.
    إن تاريخ المسلمين من المحيط إلى الخليج لا يظهر له أي اُنعكاس في حاضرنا و كأن سلاسل التوريث (الثقافي) قد وقع اُستئصالها طيلة ما يُسمى بعصور الإنحطاط و ما بعدها فهل نكون نحن فعلا أحفاد خالد اُبن الوليد و صلاح الدين الأيوبي و اُبن خلدون و أبي بكر الرازي و اُبن سينا و اُبن حزم أم أننا اخضِعنا لتربية مضادة تضافر فيها الاستعمار المباشر و اللامباشر و أنظمة الحكم على طمس ملامحنا الحضارية و لماذا حافظت بلاد فارس على زخمها الهائل من علماء و مفكرين و رجال دين و كأن يد الزمان لم تمسسها؟ ألا يعود هذا لطبيعة المجتمع نفسِهِ؟ أوَليْسَ هذا دليلا على أن طبيعة المجتمع أقوى من كل المتغيرات الخارجية ثم ألا يمكن التدخل لترويض الطبيعة البشرية و تحسين ردود أفعالها تجاه الأشياء الجديرة بالاهتمام مع مرور الزمن أم أن تأجيل الوعي قدَر موقوت على هذه الشعوب تتضافر فيه الأنظمة بأجهزتها الرسمية و يساندها المجتمع الذي يرفض إعمال الفكر لأن كل فكر يطرح أسئلة و يزعزع المرجعيات التي تكون في أغلب الأوقات اعتباطية لا تخدم الحقيقة بل موازين القوة فالعائلة لا تريدك أن تفكر و رئيسك في العمل لا يريدك أن تفكر و الشيخ أو الراهب لا يريدك أن تفكر و النظام لا يريدك أن تفكر و لهذا تبدو المجتمعات العربية أشبه َبحضانة كبيرة فالمؤسسة التعليمية حضانة و المؤسسة المهنية حضانة و المؤسسة الزوجية حضانة و لهذا يموت أكثر البيض قبل أن ينقف.
    لكن السؤال الذي يُطرح ما مُسوّغ الوحدة؟ هل تحتاج الدول العربية للوحدة؟ إذا كانت الحاجة للتوحيد تنبع من الحاجة للتبادل على مستوى البضائع و الخبرات للضغط على التكاليف و إيجاد حل و لو جزئي لحالة البطالة التي تعم هذه المجتمعات و منع الإهدارات الأكيدة على مستوى القطاعات الحيوية و حماية شبابنا من الهجرة اللاشرعية و اُسترداد أدمغتنا التي تعمر البلدان القوية فيجب أن يُسعفنا الحلمُ لوضع قواعدها و لكن أليْسَ الأوْلى أن نبني أنفسنا كدُوَل قبل كل شيء، دول تستفيد من اُختلاف فئاتها، دول تُصلح تعليمَها و تراقب خطابها الإعلامي لكي لا يهدم ما يجتهد التعليم في صياغته سنين طويلة.
    أليْسَ علينا أن نبدأ بترميم فرديتنا و نعلـّم أولادَنا أبسط أشكال الديمقراطية و معاني الحرية لأن المشاركة لا تأتي من فراغ و لأن الإنصهار لن يكون تاما حتى لو تحققت الوحدة فالتوحيد مجهود يومي و ليس اُحتفالا سنويا نقوم بمراسمه يوما و ننساه بقية الأيام و الدليل أن الإتحاد الأوروبي ما زال إلى حد الآن يحل مشاكله العامة و الخاصة بكل دولة على حدة و مازال يستقطب دولا جديدة و يطرح في كل فترة بدائل جديدة للمشاكل الطارئة و موازين القوة التي تفرضها الكتل الاقتصادية الناشئة.
    لقد صار كيان الأسرة الذي يجب أن يقوم بدوره لصناعة الوعي و ترسيخ مبادئ الحوار بين الأفراد عاجزا عن القيام بدوره بسبب عمل المرأة خارج المؤسسة المنزلية و بسبب ذلك الفراغ –الذي لا تملؤه المعينة المنزلية و يعجز عن تغذيته الجد و الجدة بحكم الاختلاف الكبير بين عصر الجد و عصر الحفيد كما لا تملؤه دور الحضانة- يقتل الذكاء العاطفي للطفل الذي هو أساس كل إبداع و يمنع تناقل الخبرات الأخلاقية و الاجتماعية الأساسية من جيل إلى جيل، هذا الفراغ الذي لو اُستطاعت الأنظمة أن تسدّه بإعادة المرأة إلى مكانها الطبيعي لتقوم بدورها التربوي الخطير و تحقيق ذاتها من خلال القيام بأعمال اقتصادية أو اجتماعية أو فكرية لا تضطرها للخروج يوميا من الصباح إلى المساء في إطار بدائل حقيقية و إعادة تأهيل للمؤسسة الزوجية فسنكون قد قطعنا نصف الطريق لأن الأم المتعلمة أفضل من الأم الجاهلة و الأم التي إن لم تحمل مشروعا حضاريا فهي على الأقل تحمل مشروع حياة يحمي أولادها من أن يكونوا دُمى يتحكم فيها النظام الاستهلاكي بكل مظاهره.
    إن تعزيز فرديتنا و هويتنا المحلية هو الذي يجعلنا أعضاء فاعلين كاُتحادات و إلا فلن يكون هناك فرق بين استلاب عمودي (شمال/جنوب) و اُستلاب أفقي (شرق/غرب).

    كوثر خليل
    التعديل الأخير تم بواسطة كوثر خليل; الساعة 22-07-2010, 08:23.
    أن تهدي شخصا وردة في حياته، أفضل ألف مرّة من أن تضع باقة على قبره
  • عبد الرزاق الحمزاوي
    شاعر
    • 06-01-2010
    • 25

    #2
    أستاذتنا العزيزة كوثر خليل تحياتي
    لك الحق في كل ما تناولته من اشكالات عن موضوع الوحدة العربية
    نحن لا نقدر على التوحّد داخل الوطن الواحد فكيف لنا أن نجعل كل البلدان العربية بلدا واحدا ويصير الشعب العربي أمّة واحدة تجتمع على نفس الأبعاد والرؤى وتسبح في أفق واحد ، نحن نسكن هذه الأوطان كبيوت ومبان لكن هل أنَ هذه الأوطان تسكننا وتستولي على قلوبنا؟
    نحن في زمن الأفراد والتفرّد في كل شيء زمن الأنا ، فلا أمرهم شورى بينهم ولا .... ولا .... ولا
    دمت ، ولي في القلب غصّة
    التعديل الأخير تم بواسطة عبد الرزاق الحمزاوي; الساعة 27-07-2010, 21:19.

    تعليق

    • مصطفى خيري
      أديب وكاتب
      • 10-01-2009
      • 353

      #3
      الاخت كوثر خليل المحترمة
      الوحدة العربية اساسها ثلاث
      التكامل الاقتصادي
      وحدة اللغة
      االتواصل الجغرافي
      الندية والتكافؤ تكون مطلوبة بعد الوحدة من خلال التكامل
      تحياتي وتقديري

      تعليق

      • كوثر خليل
        أديبة وكاتبة
        • 25-05-2009
        • 555

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة عبد الرزاق الحمزاوي مشاهدة المشاركة
        أستاذتنا العزيزة كوثر خليل تحياتي
        لك الحق في كل ما تناولته من اشكالات عن موضوع الوحدة العربية
        نحن لا نقدر على التوحّد داخل الوطن الواحد فكيف لنا أن نجعل كل البلدان العربية بلدا واحدا ويصير الشعب العربي أمّة واحدة تجتمع على نفس الأبعاد والرؤى وتسبح في أفق واحد ، نحن نسكن هذه الأوطان كبيوت ومبان لكن هل أنَ هذه الأوطان تسكننا وتستولي على قلوبنا؟
        نحن في زمن الأفراد والتفرّد في كل شيء زمن الأنا ، فلا أمرهم شورى بينهم ولا .... ولا .... ولا
        دمت ، ولي في القلب غصّة
        الأستاذ الشاعر عبد الرزاق الحمزاوي

        كلامك صحيح تماما و أنا أشاركك ذات الغصة كما يشاركنا فيها الكثير من الناس و حسبنا أن النور هو قدر الظلمة و سيأتي عاجلا أم آجلا.
        أن تهدي شخصا وردة في حياته، أفضل ألف مرّة من أن تضع باقة على قبره

        تعليق

        • كوثر خليل
          أديبة وكاتبة
          • 25-05-2009
          • 555

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة مصطفى خيري مشاهدة المشاركة
          الاخت كوثر خليل المحترمة
          الوحدة العربية اساسها ثلاث
          التكامل الاقتصادي
          وحدة اللغة
          االتواصل الجغرافي
          الندية والتكافؤ تكون مطلوبة بعد الوحدة من خلال التكامل
          تحياتي وتقديري
          الأستاذ القدير مصطفى خيري

          الندية و التكافؤ ليست فقط مسألة حسابية تتعلق بعلاقات القوة و لكنها ضروري لنرى الآخر و نحدد مستقبل علاقتنا به و إذا نظرنا إليه نظرة دونية سواء كانت وجيهة أو غير وجيهة فإن ذلك سيأثر حتما على علاقتنا به.
          أن تهدي شخصا وردة في حياته، أفضل ألف مرّة من أن تضع باقة على قبره

          تعليق

          يعمل...
          X