العودة الى الحاضر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبدالكريم وحمان
    أديب وكاتب
    • 18-05-2010
    • 127

    العودة الى الحاضر

    الشخصيات
    محمود : 36 سنة
    كلثوم : 32 سنة . زوجة محمود
    علاء : 38 سنة . أخ كلثوم
    عدنان : 36 سنة . صديق العائلة
    المشهد الأول
    المشاهد الثلاثة في نفس الديكور.
    غرفة الجلوس عند الزوجين محمود و كلثوم.
    طاولة في الوسط و أريكة إلى اليمين. على الحائط نرى صورة محمود و كلثوم ليلة العرس.
    يدخل علاء وكلثوم. علاء يحمل هدية.
    كلثوم : أشكرك يا أخي علاء على هديتك التي اشتريتها لأبني أيمن بمناسبة عيد ميلاده الثالث.
    علاء : أنا لا أريد شكرا و لا أي كلمة يا كلثوم. أنا أريد رؤية ابن أختي و أحمله بين يدي. لقد مر أسبوع لم أره فيه.
    كلثوم : للأسف أيمن نائم الآن. و لكن في المساء سيكون متيقظا كالعادة و يشغل الشقة بشقاوته و لعبه.
    علاء ( يتنهد بعمق ) : لكم تمنيت أن يكون لي أبناء يا كلثوم. أنت تعرفين مدى حبي لهم .... ولكن ... ( لا يكمل كلامه )
    كلثوم : ألا تفكر في تطليق زوجتك العاقر و البحث عن زوجة أخرى حتى تنعم بطفل يرث اسم العائلة؟ من حقك أن تفكر في مصلحتك.
    علاء : تعرفين جيدا يا كلثوم مدى حبي الشديد لزوجتي بشرى. فقصة حبنا دامت ست سنوات لتتوج أخيرا بالزواج.
    كلثوم : و لكن ، ما فائدة الحب إذا لم يكن هناك أطفال؟ الأطفال هم تتويج لهذا الحب.
    علاء : تعرفين أنني لا أستطيع العيش مع امرأة أخرى غير بشرى.... ثم إن هذا قدري، أن أكون زوجا لامرأة عاقرة. خصوصا و أنا أحبها كما لم أحب أي امرأة.... على أي ، لنترك هذا الحديث جانبا و قولي لي أين هو زوجك محمود؟ أليس في البيت؟
    كلثوم : لقد خرج منذ ساعتين تقريبا مع صديقه عدنان لشراء هدية لأيمن. لن يتأخر .
    علاء : أنت فعلا امرأة محظوظة. فقد وهبك الله زوجا محبا و مخلصا و ابنا ، رغم شقاوته ، إلا أنه محبوب من كل الذين يعرفونكم.
    كلثوم : الحمد لله على كل حال. يقسم الأرزاق كيفما يشاء...... فعلا و كما قلت محمود أفضل زوج تحب أي امرأة أن يكون بجوارها في هذه الحياة. فهو مخلص و محب لعائلته و لا يدخر جهدا في إدخال السعادة إلى بيته. يجب أن تراه و هو يداعب أيمن. انه ينسى كل ما يحيط به و ينقلب في لحظة إلى طفل في سن أيمن.
    علاء : أتمنى من الله أن لا يحرمكما من بعضكما. و كما يقول المثل : وافق شن طبقة.
    ( يفتح باب الشقة و يدخل محمود متبوعا بصديقه عدنان، وكل واحد منهما يحمل هدية بين يديه )
    كلثوم : أين كنت كل هذه المدة؟ لقد تأخرت كثيرا.
    محمود ( يبتسم ) : الذنب ليس ذنبي. بل ذنب هذا الشخص المرافق لي. هو الذي أصر على أن أرافقه لقضاء مصلحة عند أحد عملاءه. و قد اشترى هدية عندما علم أن اليوم هو يوم ميلاد أيمن.
    كلثوم : شكرا لك يا عدنان على الهدية. و لماذا لم تحضر معك زوجتك إيمان؟
    علاء : ألا تعلمين يا كلثوم أن إيمان سافرت إلى شمال البلاد في زيارة عائلية و تركت وراءها عدنان وحيدا؟و لا أخفيك سرا ، من هي هاته المرأة العاقلة التي تستطيع معاشرة شخص كعدنان. انه شخص لا يطاق.
    كلثوم : لا تقل هذا الكلام يا أخي. عدنان شخص شهم و متخلق و لطالما سمعت إيمان تذكره بأشياء ايجابية.
    عدنان ( مخاطبا علاء ) : أسمعت هذا يا علاء؟ ( مخاطبا كلثوم ) أشكرك كثيرا يا كلثوم على إطراءك و كلامك الطيب في حقي. ( يبتسم ) الحقيقة أن علاء يكرهني و لا يطيق رؤيتي حتى. و قد بدأ هدا مند رفضت أن يكون شريكي في الشغل.
    محمود : كفاكما أنتما الاثنين. ألن تتغيرا و تنضجا قليلا؟ لم تعودا طفلين .
    عدنان : بالمناسبة ، أين هو أيمن الصغير؟ أنا متلهف لرؤيته و إعطاءه هديته.
    كلثوم : لقد تعب من اللعب و هو الآن غارق في النوم. في المساء عندما نقوم بالاحتفال الذي سنقيمه ستراه و تلعب معه كما تشاء.
    عدنان ( ينظر إلى ساعة يده ) : لا بد لي أن أرحل. لقد تذكرت موعدا هاما مع أحد العملاء.
    محمود : ألن تتناول وجبة الغداء هنا. لقد قلت لي.....
    عدنان : أنا آسف جدا. لقد تذكرت لتوي هذا الموعد الهام و الذي يخص بضاعة أريد شراءها من أحد الأشخاص.
    كلثوم : و لكن ، سنراك قطعا في حفلة المساء؟
    عدنان : قطعا. و من يستطيع التخلف على حفلة ميلاد ولي العهد أيمن؟
    محمود : إذا موعدنا مساءا إنشاء الله.
    عدنان ( يعطي هديته لكلثوم ) : خدي هدية أيمن.
    كلثوم ( تأخذ الهدية ) : ألف شكر لك يا عدنان على الهدية.
    علاء : يجب أن أذهب أنا أيضا. لقد وعدت زوجتي بشرى أنني سأعود للبيت مبكرا.
    كلثوم : لا تنس يا أخي أن تحضر بشرى مساءا.
    علاء : بالطبع لن أنسى. ( ينظر إلى عدنان ) لنذهب.
    عدنان : هيا بنا. يوم سعيد.
    محمود : نلتقي في الثامنة مساءا إنشاء الله.
    ( يخرج علاء و عدنان )
    محمود : سأذهب لأغير ملابسي.
    كلثوم : و أنا سأبقى هنا لترتيب الأثاث.
    ( يخرج محمود و لكن بعد لحظات قليلة يسمع وقع شيء يقع على الأرض)
    كلثوم : يا الهي. ماذا حصل؟ ما مصدر هذا الصوت؟ ( تخرج و هي تنادي ) محمود.... محمود..... ماذا وقع؟
    تخرج كلثوم
    المشهد الثاني
    تدخل كلثوم و علاء
    علاء : ما الذي وقع لمحمود يا أختاه؟ بمجرد سماع صوتك على الهاتف مفزوعة وسماعك تتفوهين بكلام غير مرتب جئت بأسرع ما أستطيع.
    كلثوم : لقد وقع حادث لمحمود .... أنا السبب... أنا السبب....
    محمود : أرجو أن تهدئي و تحكي لي ماذا حصل حتى اعرف ما الذي يجب عمله.
    كلثوم ( تتنفس بعمق و تمسح دمعة من عينها اليمنى ) : بمجرد أن غادرت بصحبة عدنان ، قال لي محمود انه سوف يذهب لتغيير ملابسه.... و لكن عندما وصل الغرفة.... انزلقت رجلاه و وقع على الأرض و قد اصطدم رأسه بالبلاط... و الذنب ذنبي.... كنت قد نسيت لعبة أيمن و هي عبارة عن سيارة صغيرة الحجم على الأرض... أنا السبب لما وقع لمحمود....
    علاء : يا الهي..... و هل أحضرت الطبيب؟ هل كشف عليه أحد؟
    كلثوم ( مضطربة. لا تجيب )
    علاء : أرجوك يا أختي .... هدئي من روعك و احكي لي ما وقع حتى أستطيع فهم مدا خطورة الموقف.
    كلثوم : عن ماذا كنت تسأل؟
    علاء : سألتك هل استدعيت الطبيب؟
    كلثوم : نعم... نعم... فكما تعلم في الشقة المقابلة لشقتنا يقطن الطبيب نورالدين. حضر و كشف عليه و أعطاه مسكنات.
    علاء : و ماذا قال الدكتور نورالدين بعد الكشف على محمود.
    كلثوم : قال أن حالة محمود ليست بخطيرة...... ربما سيحس بصداع لمدة قصيرة ، ولكن في الصباح سيكون بخير و يمكن أن يذهب لعمله كالمعتاد.
    علاء ( يزفر بصوت مسموع ) : الحمد لله على أن الحالة غير خطيرة.
    كلثوم : أنا لن اطمئن على محمود حتى يقوم بصور إشعاعية لرأسه لأطمئن عليه مائة بالمائة.
    علاء : هل الدكتور نورالدين هو من اقترح هذا؟
    كلثوم : كلا.... و لكن محمود زوجي أنا و أنا التي يجب أن أطمئن على محمود.... يجب أن تأخذ محمود لعمل صور إشعاعية لرأسه.
    علاء : طالما أن الدكتور قال لا داعي لذلك، فمن رأيي أن ...
    كلثوم ( مقاطعة ) : يجب أن تقوم باصطحاب محمود لعمل الصور الإشعاعية.
    علاء : هدئي من روعك و سوف أقوم بما تريدين . ( يستمع ) أسمع حركة في غرفة النوم. محمود قادم إلى هنا.
    كلثوم : لا يمكن.... يجب أن يخلد للراحة.
    يدخل محمود . ينظر إلى المكان في استغراب. و يزيد استغرابه عندما يرى كلثوم و علاء.
    محمود : أين أنا؟ و من انتم؟
    كلثوم ( تخاطب علاء ) : هذا ما كنت أخشاه.... يجب أن تأخذ محمود إلى المختبر لعمل الصور.
    علاء ( يقترب من محمود ) : كيف حالك يا محمود؟ بماذا تحس؟
    محمود ( يبتعد عنه و ينظر إليه في استغراب ) : من أنت ؟ و كيف تعرف أسمي؟ و من هاته المرأة ؟ و ماذا أفعل هنا؟
    علاء : أنا علاء، أخو زوجتك ( يشير بيده لكلثوم ) كلثوم . و خال ابنك أيمن؟
    محمود : زوجتي؟؟؟؟ و لكن أنا غير متزوج. و لن أتزوج إلا بلمياء.
    علاء : لمياء؟ من تكون لمياء ؟
    محمود : و من تكون أنت لأحكي لك أموري الشخصية. أرجو أن تخبراني ماذا أفعل هنا في هذا البيت الغريب و إلا اضطررت لاستدعاء الشرطة.
    كلثوم ( تهمس في أذن علاء ) : ماذا وقع لمحمود؟ هل جن؟
    علاء ( يهمس لكلثوم ) : ربما..... هناك احتمال أن يكون محمود قد فقد ذاكرته؟
    كلثوم : ماذا؟؟؟؟
    علاء ( يخاطب محمود ) : أنظر جيدا . ألا تتذكرني؟ ألا تتذكر زوجتك و أم ابنك أيمن؟
    محمود : ما هذا التخريف يا هذا؟ قلت لك لست متزوجا و بالتالي ليس لي أبناء. لا بد أنكم تلعبون لعبة ما علي. يجب أن اتصل بالشرطة.
    علاء ( يشير إلا الصورة المعلقة على الحائط حيث يظهر محمود و كلثوم في ليلة زفافهما ) : أنظر إلى هذه الصورة جيدا. أليس ذلك الشخص هو أنت؟
    محمود ( ينظر إلى الصورة في ذهول تام )
    علاء : إنها صورة تذكارية لك و لأختي كلثوم ليلة زفافكما. ألا تتذكر؟
    محمود ( في ذهول ) : أنا لا أتذكر شيئا..... أين أنا؟
    علاء : أنت في بيتك.
    محمود : هذا ليس بيتي. بيتي أكبر من هذه الشقة. بيتي يتكون من ثلاثة أدوار.
    علاء : عن ماذا تتحدث؟ ليس لك بيت سوى هذا...... قل لي يا محمود، بماذا تشعر؟
    محمود : أشعر بصداع خفيف في رأسي.... و لكني أعي جيدا ما أقول. أنا لست بمجنون.
    علاء ( يحاول أن يربت على كتف محمود و لكن محمود يتراجع خطوة إلى الوراء خوفا من علاء ) : لا أحد يتهمك البتة بالجنون. أنصحك أن تخلد للنوم. و في الصباح ستعود المياه إلى مجاريها.
    محمود : أنا لا أريد النوم. أريد أن افهم ما الذي يحصل لي.
    علاء : لقد وقعت على الأرض و اصطدمت رأسك بالأرض.
    محمود ( يتذكر ) : ..... أنت تكذب.... آخر ما أتذكره أنني كنت في السيارة برفقة ..... برفقة عمر رفيقي في الشغل ...... و..... وقعت حادثة.
    علاء : لم تقع حادثة. بل وقعت منذ حوالي أربع ساعات و ...
    يسمع طرق على الباب
    كلثوم : علاء .... أحدهم يطرق الباب.
    علاء : لا يهم.... عندنا ما هو أهم من أي طارق. ( ينظر إلى محمود ) حاول أن تركز معي.... ألا تتذكر أي شيء؟ هل نسيت أن اليوم عيد ميلاد ابنك أيمن؟ أنه بلغ الثالثة من عمره؟
    محمود : قلت لك لست متزوج و ليس لي أولاد.
    يتكرر الطرق على الباب
    كلثوم : سأذهب لأرى من الطارق.
    تختفي كلثوم للحظات و تظهر متبوعة بعدنان.
    عدنان ( يخاطب كلثوم ) : ما الذي يقع هنا يا كلثوم؟ لقد قلتي لي أنه وقع مكروه لمحمود و أنا أراه أمامي متعافي و لا يعاني من أي شيء. هل هذه مزحة؟
    محمود ( يحدق في عدنان ) : صديقي عدنان..... ماذا تفعل هنا؟ و هل تعرف هده السيدة؟
    عدنان ( غير مصدق لما يسمع ) : عن أي سيدة تتحدث؟
    علاء ( يهمس في أذن عدنان ) : لقد وقع محمود على الأرض و ارتطمت رأسه بالأرض.... و يبدو أنه فقد الذاكرة.
    عدنان : ماذا؟ فقد الذاكرة؟ غير معقول؟
    علاء : لقد نسي انه متزوج و لا يتعرف علي.... و لكن كيف يعقل أن يتعرف عليك أنت؟
    محمود : ماذا يهمس لك هذا الغريب؟ هل أنت أيضا متآمر معهم ضدي؟
    علاء : لا أحد يتآمر عليك. هذه زوجتك و هذا صهرك علاء.... هل نسيت حياتك أم ماذا؟
    محمود : أنا غير متزوج كما تعلم.... كما تعرف إنني لن أتزوج إلا من لمياء. هي حب حياتي.
    عدنان : لمياء؟؟؟ ألا زلت تذكر لمياء؟
    علاء ( مخاطبا عدنان ) : من هي لمياء هذه؟ للمرة الثالثة يذكر فيها هذا الاسم أمامنا.
    عدنان ( مخاطبا علاء ) : سأشرح لك فيما بعد. ( يلتفت إلى محمود ) محمود ..... قل لي يا صديقي.... ما آخر شيء تتذكره.
    محمود :.... أنت تعرف. لقد غادرنا منزلك أنا و عمر في سيارته.... ثم وقع حادث. ..... و لا أتذكر شيئا بعدها.
    علاء : عن أي حادث يتكلم محمود ؟ هل هو يهدي؟
    عدنان ( بعد تفكير عميق ) : للأسف لا. لقد وقع له حادث برفقة زميل له في الشغل يدعى عمر.
    محمود : إذا أنا لست بمجنون.
    علاء : هل يمكن أن تشرح لنا ماذا يجري هنا؟
    عدنان : سأحكي لكم القصة: كنت أنا و محمود نعيش في مدينة الدار البيضاء...
    محمود ( مستغرب ) : ما هذا ؟ لمادا تقول كنا بصيغة الماضي؟
    عدنان : لأننا الآن نعيش في مدينة مراكش.
    محمود : ماذا ؟؟؟ مدينة مراكش؟؟؟
    كلثوم : أرجو أن تشرح لنا ماذا يقع لزوجي يا عدنان.
    عدنان : لقد وقعت حادثة لمحمود و عمر في أحد شوارع الدار البيضاء. أصيب محمود في رأسه و فقد الذاكرة.
    محمود : مادا؟؟؟ أنا فقدت الذاكرة؟؟؟
    عدنان ( بكل هدوء ) : أجل .... و هذا الحادث وقع منذ ست سنوات.
    محمود : ست سنوات؟؟؟؟ لا بد أنك تمزح.
    عدنان : هذا هو الواقع. و عندي أوراق تنبث صحة ما أقول.
    علاء : إذا كان قد فقد ذاكرته مند ست سنوات.... فماذا يحصل الآن؟ لماذا لا يتعرف على زوجته و علي؟
    عدنان : يبدو انه أسترجع الذاكرة و بالتالي فلن يتعرف عليكم ، لأنه و بكل بساطة لم يتعرف عليكم إلا في المرحلة التي كان فيها فاقدا الذاكرة.
    كلثوم : لا زلت لا أفهم ما ترمي إليه.
    عدنان ( بعد صمت قصير ) : بكل بساطة ، أنت و علاء و حتى ابنه أيمن مجرد أغراب بالنسبة له. انه لا يعرفكم. هو يتذكر حياته في مدينة مراكش, لا يتذكر ما وقع في الست سنوات الماضية. لأنه و بكل بساطة كان فاقدا للذاكرة.
    ظلام
    المشهد الثالث
    يدخل محمود و عدنان.
    محمود : أرجوك يا عدنان.... اشرح لي ماذا حصل معي منذ ..... منذ حادثة السير و كيف وصلت إلى هذا البيت الغريب.
    عدنان : سأحكي لك القصة بكل بساطة : بعد الحادث ، فقدت الذاكرة . و بما أنك وحيد ليس لديك والدين فقد تكلفت أنا بك و أصبحت .... لنقل..... ولي أمرك ريثما تستعيد عافيتك و ذاكرتك. في نفس الفترة بدأت حالك تتدهور . أنت تعلم انك مصاب بالربو . و قد نصحني الأطباء باخدك إلى مدينة يكون فيها الجو جافا وصحيا و مناسبا لك. و كان اسم مراكش أول مدينة يخطر على بالي. انتقلنا إلى مراكش و وجدت لك عملا في مصنع علاء، أخو زوجتك كلثوم. و بحكم الاحتكاك بهذه الأخيرة نشأت بينكم علاقة ثم تتويجها بالزواج..... هذه هي القصة باختصار.
    محمود : و.... كيف هي كلثوم؟ أقصد من ناحية ألأخلاق و المعاملة.
    عدنان : يمكن أن ألخص لك ما تود معرفته في كلمة واحدة : كلثوم ملاك بكل ما للكلمة من معنى.
    محمود ( محرج شيئا ما ) : وكيف هي علاقتي بكلثوم؟ أقصد كيف كنت أتعامل معها؟
    عدنان : أنت تحبها أكثر من نفسك و تعشقها لدرجة لا تتصور.
    محمود : و لكن .... ألم تلاحظ هي أو أخوها علاء تصرفاتي غريبة أو مريبة بعض الشيء؟ أعني لم أكن في وعيي... أقصد كنت فاقدا للذاكرة.
    عدنان : كانت تصرفاتك عادية سواء مع علاء أو كلثوم أو العمال في المؤسسة حيث تعمل.
    محمود : و الآن يجب أن أبدأ كل شيء من جديد.... يعني يجب أن ...... ( كأنما تذكر شيئا ) و لكن ، لماذا أسأل هده الأسئلة؟ هذه ليست حياتي و ليست ما كنت أحلم به. أنا حياتي و أحلامي في مدينة الدارالبيضاء. سوف أعود إلى هناك و أبدأ من جديد.
    عدنان : لا تنس انك متزوج و أب لأبن أتم اليوم عامه الثالث.
    محمود : أنا لا أعرف زوجتي و لم أقابلها في حياتي. أنا سأتزوج من لمياء.... هي المرأة التي أحببت حقا. هل تعرف أي أخبار عنها؟
    عدنان : لم تكن قد عرفتني عليها من قبل.... ولكن، وبعد ثلاثة سنوات من الحادثة و أشهر قليلة من زواجك بكلثوم ، تلقيت مكالمة هاتفية من امرأة تقول أنها تدعى لمياء و تدعي أنها خطيبتك. أخبرتها أنك عريس جديد. أقفلت الهاتف دون أي كلمة. ثلاثة أشهر بعد دلك ، اتصلت بي مرة أخرى و قالت أن أخبرك أنها قررت الزواج من ابن خالتها المقيم في كندا.
    محمود ( مضطرب ) : ماذا ؟؟؟؟ تزوجت من ابن خالتها المقيم في كندا؟؟؟ لماذا لم تخبرني بذلك في حينه؟
    عدنان ( ينظر إليه في استغراب ) : و لكن.... كنت فاقدا للذاكرة و لا تتذكر أي شيء له علاقة بالماضي. هل نسيت؟
    محمود ( يجلس على الأريكة و هو حزين ) : كندا؟؟؟؟؟ يعني أنني فقدت لمياء.... حب حياتي ....إلى الأبد.
    عدنان : لا تنس أنك متزوج الآن من كلثوم و أنك أب لأيمن.
    محمود : أي زواج هذا؟ أنا لا أرغب لا في كلثوم و لا في أي امرأة أخرى. كان زواج بدون إرادتي.
    عدنان : بالعكس ، أنت من أصر على أن يتم هذا الزواج بسرعة.
    محمود : ولكني لم أكن أعي ما أقول.... كنت فاقدا للذاكرة.
    عدنان : ستتعود على الأمر. أنا لا أطلب منك التعجل. ستعود الأمور كما كانت بينك و بين كلثوم و سوف تحبها كما كنت تحبها و أنت فاقد للذاكرة.... ( ينظر إلى ساعة يده ) يجب أن أذهب. عندي لقاء مهم مع أحد الأشخاص.
    محمود : أين تذهب؟؟ وكيف تتركني وحيدا في هذا البيت الغريب؟ ( ينهض من الأريكة ) أنا ذاهب معك. أنت الشخص الوحيد الذي أعرفه.
    عدنان : لن تأتي معي و لن تغادر هذا البيت. يجب أن تتحمل مسؤوليتك كزوج و أب.
    محمود : كيف يعقل هذا؟؟ زوج لا يعرف زوجته أو ابنه؟
    عدنان : لقد قلت لك لا تستعجل الأمور. ستتعرف إلى زوجتك و ابنك و تعود الأمور إلى مجاريها
    تظهر كلثوم
    عدنان : أهلا كلثوم. أين هو علاء؟
    كلثوم : تركته في الغرفة يلعب مع أيمن. هل تود أن أنادي عليه؟
    عدنان : لا داعي لذلك. يجب أن أذهب الآن. عندي موعد مهم.
    كلثوم ( تنظر في اتجاه محمود ثم تخاطب عدنان ) : كيف تتركنا.... ومحمود في هذه الحال؟ يجب أن تبقى.
    عدنان ( يبتسم ) : أعتذر.... لا يمكنني أن أفعل أي شيء. محمود زوجك وأنت تعرفينه أكثر مني. سلام.
    يخرج عدنان
    يبقى الزوجان واقفان ، كل منهما ينظر إلى الأرض في صمت.
    بعد لحظات ، تنظر كلثوم إلى محمود.
    كلثوم : هل تريد أن تأكل شيئا يا محمود؟ هل تشعر بالجوع؟
    محمود : شكرا لك يا سيدتي.... أقصد ..... ( لا يستطيع النطق بكلامه فيلزم الصمت )
    كلثوم ( تمد يد المساعدة إلى محمود ) : أنا كلثوم ... أنا زوجك.
    محمود ( مرتبك ) : آسف ... أعرف اسمك و لكن..... لا أستطيع النطق به.... اعذريني...
    كلثوم : لا بأس . ستتعود على الأمر..... سنتعود على الأمر.
    محمود ( ينظر إلى كلثوم و كأنه يقوم بدراسة تفاصيل وجهها )
    كلثوم : لمادا تنظر إلي هكذا؟ هل تذكرت شيئا؟
    محمود ( ينظر إلى الأرض خجلا ) : أسف.... و لكن هذه أول مرة أشاهد فيها وجهك عن قرب.
    كلثوم ( تبتسم محاولة إذابة الجليد بينهما ) : و كيف تجدني ؟ جميلة أم لا؟
    محمود ( ينظر إليها بحب ) : أنت أجمل امرأة شاهدت في حياتي ..... ( لكن ينظر إلى الأرض بسرعة خجلا و مضطربا ) أرجو أن تعذري صراحتي يا سيدتي.... لقد تجاوزت حدودي و حدود اللياقة و الأدب.
    كلثوم ( تقترب من محمود و تمسك بيده ) : تجاوز حدود اللياقة و الأدب كما تشاء. أنا زوجك...حلالك.... يعني تستطيع أن تتغزل في.... أن تلاطفني.... أن تلمسني.... أن تقبلني....
    محمود ( ينزع يده من يد كلثوم و يبتعد خطوتين ) : لا أعرف ماذا أقول و كيف أتصرف.... أنا اعرف انك زوجتي و انه يجب أن أتصرف أفضل من هذا.... و لكن أرجو أن تعذريني . فأنا أمر بأوقات جد عصيبة و لا أدري ماذا أفعل.
    كلثوم : لا عليك. أنا أتفهم الموقف.... قل لي يا محمود ، ألا تحب أن تلعب مع أبنك أيمن و تقدم له هديته؟ لا تنسى أن اليوم عيد ميلاده الثالث.
    محمود ( مستغرب ) : هدية ؟ آه .... هدية. و لكن يجب أن اشتري له هدية كي أقدمها له.
    كلثوم ( تبتسم ) : و لكنك اشتريتها منذ الصباح ..... أقصد قبل أن تنزلق رجلك و تقع على الأرض.
    محمود : و ما نوع الهدية التي اشتريت لأبنك أيمن؟
    كلثوم : ابننا أيمن ...
    محمود : آسف . أنت محقة. ابننا أيمن. ( صمت قصير ) أريد أن أسألك سؤالا .... و أرجو أن لا أكون فضوليا أكثر من اللازم.
    كلثوم : اسأل ما تشاء. أنت زوجي و حبيبي و شريكي و والد ابني.
    محمود : ..... كي كنت أعاملك...... أقصد .... هل كنت زوجا محبا و مخلصا أم ماذا؟
    كلثوم : كنت أكثر من ذلك. كلمات الغزل تتدفق من فمك كل حين، و حبك لي و لابنك باد عليك في كل كلمة و حركة تقوم بها. كنت بمثابة الزوج و الحبيب و الصديق و الأخ و الأب بالنسبة لي.
    محمود ( صمت قصير ) : يمكن أن اطلب منك شيئا يا ...... كلثوم؟
    كلثوم ( الفرح باد عليها ) : أي شيء .... أي شيء. أنا مستعدة لأفديك بروحي لو طلبت يا زوجي العزيز.
    محمود ( بعد تردد قصير ) : هل يمكن أن تمنحيني وقتا قصيرا حتى.... حتى أتعرف عليك جيدا و استطيع التأقلم مع حياتي الجديدة؟
    كلثوم : كل الوقت. و سأفعل ما في وسعي لمساعدتك إن احتجت لي. ( تمسك يده. ينظر إليها محمود و يبتسم ) ألا ترغب في التعرف على ابنك أيمن و تلعب معه؟
    محمود ( ترتسم ابتسامة على شفتيه ) : بلا ... أنا في أشد الشوق للعب مع .... ابني أيمن.
    يخرج الزوجان ، و كلثوم ممسكة بيد محمود
    النهاية


  • نعيم الأسيوطي
    أديب وقاص
    • 29-11-2009
    • 115

    #2
    أخي الكريم / عبدالكريم وحمان
    قرأت نصك الممتع ( العودة إلى الحاضر) واستمتعت بالبناء الدرامي له وتعايشت مع شخصياتك وابعادها الثلاثة على خشبة مسرح الملتقي والعلاقة الجميمة بينهم سواء بين كلثوم التي تعشق زوجها وهي لا تعلم أنه فاقد الذاكره وعلاء شقيقها الذي يحب زوجته رغم أنها عاقر وعلاقة الصداقه بين محمود وعدنان الذي يعرف الأحداث التي مرت بصديقه قبل زواجه بكلثوم .. وعجبني بالنص لحظة التحول في شخصية محمود قبل وبعد حادثة الأرتطام .. نص كتب بحرفية رغم بساطة الفكرة الأساسيه له إلا أنه كتب بلغة حوارية جيدة ومنظر مسرحي معبر وبسيط داخل مكان واحد زكذلك لحظة زمنية واحدة .......
    ومن الممكن أن تفسر فكرته أيضا إلى تاويلات آخري ترمي إلى حال الأمة العربية المغيبة الآن ...
    شكرا لك يا صديقي

    تعليق

    • عبدالكريم وحمان
      أديب وكاتب
      • 18-05-2010
      • 127

      #3
      أستاذي نعيم الأسيوطي
      سعيد ان نصي المسرحي نال اعجابك
      و أشكرك من كل قلبي على كل الكلمات التي
      كتبتها بخصوص النص
      كل الود و التقدير



      تعليق

      • إيمان الدرع
        نائب ملتقى القصة
        • 09-02-2010
        • 3576

        #4
        الأستاذ الغالي: عبد الكريم وحمان..
        كنت أراهن عليك يقيناً بموهبتك..
        وتأكدت اليوم أني اقف أمام كاتب مسرح ناجح..
        وبكلّ المقاييس..
        وأجد أنّ المستقبل يفتح لك يديه على مصراعيه..فتقدّم
        أتمنى لك التوفيق..
        دُمتَ بخيرٍ وسعادةٍ

        تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

        تعليق

        • عبدالكريم وحمان
          أديب وكاتب
          • 18-05-2010
          • 127

          #5
          الأستاذة ايمان
          أنا عاجز عن ايجاد الكلمات المناسبة لشكرك
          على فيض كلماتك الطيبة التي كتبتها
          و متمنياتك لي
          ألف الف شكر على كل كلمة
          و تقبلي خالص ودي و تحياتي و كل تقديري
          لشخصك الكريم


          تعليق

          يعمل...
          X