الإسم: فاطمة ..
العمر : انتهى
السبب: مجهول ..
جثة لأول مرة أقف أمامها عاجز، تحيّرني ملامح بريئة، ممددة على فراش الوداع، الذي يضمّ بقايا البشر للآخر مرّة، شيء ما في عينيها مسالم، لم يعترض على الظلام الذي اجتاحها فجأة، عادةً الجثث، تحمل الحقد في نبضها المنخمد، تحزن من الفراق، وتحاول التفاوض مع النعش لتأجيل السفر،
أما هي فلا تحكي، ولا تصمت، كأنها في عالم آخر لا أعرفه، عالم غير الموت وغير الحياة، يخيّل إليّ أنّها لم تعش أصلا، لا بقايا للنور على جسدها، لا فتات حلم في جفنيها، ولا آثار قبلات على جبينها...
والموت لغز آخر، ليس له أنياب، ولا مخالب، ولا حتى غصّة، كأنها كانت راضية تماما لموتها، بل مبتسمة أيضا، مبتسمة! وألم الإختناق! وسكرات الموت! ... غريب ... غريب
مهمتي تقضي أن أعرف سبب الوفاة، فموت فتاة في مقتبل الصبا، أمر محير لدى الأطباء، ولا بدّ من معرفة السبب، فربما كنت أمام جريمة قتل، وكم أخشى أن تكون الدنيا هي الجانية !
ما بال يدي ترتجف حينما أهمّ لتشريحها!
جلدها تكوينه مختلف، ناعم كأنه لم تمسسه يد بشريّ قط .. بسمّ الله سأبدأ ..
أرجّح أنّ قلبها قد تأثّر بشيء سام، فربما كان ذلك نتيجة لعقاققير ما ..!
- لا تتعب نفسك ولا تنهك أدواتك ..فهي ليست خبيرة بأمراض البشر ..
لن تجد آثار لعقاقير، إلا إن كنت على علم بالسموم التي تصنعها الألسن!
ماذا تريد من قلبي! هل ستريك معدّاتك حزني، هل ستظهر في تحاليلك آلامي!
لن تحتفل بعثورك على جراحي، لأن الفقد لا يترك أثرا، والحنين لا يراه النظر، وطعنات الناس مثلهم ترتدي الأقنعة ... ماذا تريد أن تكتشف؟ ماذا ستكتب في التقرير، رمتها الدنيا أسفل المنحدر؟! تحطمت فوق رأسها ظنون البشر؟!نظرات الشياطين حقنتها بالإبر؟! غرقت في سواد الليل والدمع المنهمر؟! باغتتها الوحدة في لحظة غدر! عما تبحث أيّها الطبيب؟
هل أخبرك عن الحبّ الذي هجر! عن النور المنتظر، مثل كل الوعود التي سافرت للقمر! أبعد أدواتك الفضوليّة عنّي، قد اتخذت من الموت أسوارا،
فلا تعبث بي عند رحيلي ، يكفي ما فعله البشر ..!
__________________
بسمة
22/7/2010
تعليق