سبــاق ..
نجمات متعاقبات يهرولن ... هذه تعقب تلك ، وتلك تفاوت هذه ، منهنّ عرائس ازدانت أجيادهنّ بلآليء : زمرد وياقوت ومرجان ، نضّدتها يد فنانة ... أثقل ترصيعها الجيوب فتراقصت لوسوستها وأجراسها الألحاظ ... فحتى اللائي لم يسعفهن حظّهن بالحصول على ما يلبسن من حليّ حجارة كريمة عمدن إلى أغطية قارورات الكوكا فحدّبنها وقعّرنها وثقّبنها ونظمنها في عقود طوقن بها أعناقهن ... شنشنات لا ينقطع لها رنين يؤلف زخّات من رذاذ لحن شجيّ يبكي الزمن الفائت الذي لا يلوي على شيء ، كأنّ جزرة تستحثه وتغريه بالتقدم ، أو عصا ترهبه من وراء ... التفاوت مستمر كل تجري لمستقر لها وكل تأمل الوصول المبكر للمدينة لتتمكن من اقتناء ما ترتدي ، خاصة اختيار اللون المناسب ...فالرغبة محصورة في اللون الذي يلائم بشرتهنّ المضيئة وهو اللون العشبيّ ، أما الألوان الأخرى فغير مرغوبة لشدة ما استخدمت في غير رشد ، وخاصة لون الدم فهو ممقوت عندهن لكثرة ما سال من جروحهن ... كم رجون أن يرصعن سماء نخلات باسقات ذوات أطلاع نضيدة يتوسطن صحن خيمات منمقة مثلهن بالزبرجد ، سررها موضونة ، فرشها زرابي مبثوثة ، ... بعضهن متأخرات عن الركب ... فالسابقات هن من يأثرن بماء النبع الصافي الزلال ، فيعببن منه عبّا حتى الرواء ... وبلحاق الأخريات يجفّ النبع فيكاد الظمأ يفتق أكبادهن ... كان عليهن أن يسمعن لوصية أجدادهن ولكن ...! ويطول المسار ، ويشقّ المسير إلا على من وجدت في نفسها قوة لمعان ... أما الباهتات منهن فلا يكدن يبدلن خطوة إلا بشق الأنفس زيادة على ما أثقلن به أنفسهن من متاع .... ونقطة الوصول تنتظر وأبواب العبور لا تفتح إلا بمقدار ... فاللائي لهن أثقالهن لا يسمح لهنّ بالعبور إلا بعد تصريفها ... الموقف حازم والمعبر ضيق إلا على من وسّع لهنّ ... وإن كان سيشرع واسعا على مصراعيه لاحقا ... وتراهنّ وهنّ في تفاوتهنّ يسرعن الخطى يتهامسن بأمنياتهن في أن تصمد زينتهنّ لمنافسة زينة نجمات أهل الدار .
تعليق