مر بي أيها الوطن
احتاج أن أشرب معك قهوة الصباح
آكل رغيف خبز من كف أمي
أحتاج وجهي
جسدي
و أمعائي أنسجها وشاحا لرأسي..
في مداراة الضياع
أشتهي ليل الغياب في المعنى
و معنى الحضور في خرم إبرة
يعترضني رجل من قومي
أنسى أني خرجت من ضلعه امرأة
أصفعه على وجهه وأمضي
زادي وحشتي
فجيعتي
و تعبي
يراودني النص الغائب في نصي
تنادمني الأقاحي
تدثرني عشبة النار
أشتهي حبة عنب من عنقود الحرف
و كأسا من يد المهلهل
يهلهل نومهم
يقل مضجعهم
فيخرون تحت سجاد نظمي سجدا
حروفي معتقة
مركزة التركيبة
مكثفة
عصير لرفع السعرات الحرارية
أنا جمر وماء
و قلم يفتض بكارة العتمة
شهيق الريح
ووميض الضياء
صار اسمي المبتدأ والخبر
و صارت المدينة عرجون تمر
أشتهيه ويشتهيني
كلما هب نسيم
أو نزل مطر..
قراصنة الحرف كثر
دود عث
قز يتقزز دمي من ذكرهم
كان يدعوه بصديقي الشاعر
يجلسه إلى طاولة نبيذه
ينادمه
يشعل له بقداحة الخبث سيجارته
ثم يهتف له في مكر
أسمعني يا شاعر الوطن ما تقل
و في الصباح يقرأ الشاعر المثمول شعره باسم صديقه في الصحف..
عفوك إيف
عفوك
لا تسأليني من أمّك
من أبوك
لا تسأليني من أي جنس أتيت
لا تسألين من أي عنصر
و أي لون
و أي بلد أتيت
هي النعجة الدولي فقط تعرف
هي النعجة الدّولي فقط تعرف و تحدث عن أخبارك
عن أوجاعك
عن أسرارك ...
اسألي من أسماك إيف
اسألي عن مصنع الأعضاء
عن سوق الإنسان
اسألي عن مخططات التجنيد
و التشريد
و التقتيل ...
هم يريدونك بلا قلب
بلا حلم
بلا وطن...
هم يريدونك نسخة
والنسخة بلا أصل
لا أصل لها
و لا معنى
إلا بتعريف وإمضاء..
يشتهيني الهجوع وثير الجفن
يلطخ بحذائه سجاد اليقظة
تسربل كوابيسه قطعة ثلج واجمة في عيون الشمس
صرخة مكتومة ينخلها الخوف
يزورها الربيع الهائم على وجهه
يطارد في آدم
ألف مده
داله
و ميمه..
يخرجه من أكسدة الوقت
و لفيف القلق
أقفالا لبوابات هزائمه
يتصالح مع وجهه
مع منعرجات التاريخ في كفه
و ينبت تشكيلات صخرية ببر الجصة
تتهجى أنوثة بابل
صنعاء
دمشق
بسكرة
نزوى
و قفصه
و كل الجذور المتآلفة مع الكدمات
بالوطن الكبير..الحزين
في ظلمة الليل
و عتمة صحاري الجسد
تمر نوق السطور
ترسم بأخفافها
على رمل الشفاه
و ذهول الفكرة
منصة شرفية لحفل التثاؤب
وثرثرة الموت البطيء
على قهقهات برائحة النفط المحترق في الجباه
و عفن الحواس الخمس
من آسيا إلى أفريقا
و من دمشق إلى الموزمبيق
اقتفيت أثري باحثا عن لوني في أسودي
عن نفطي
ماسي
عاجي
و لؤلئي...
تدحرج وجهي كرة قدم
من أعلى قمة بآسيا
لأعلى قمة بأفريقيا
تدفق ماءه مع شلال هارور
و لون الحمإ المسنون
و لما جفت ينابيع مسامه
بقناعه أقيمت حفلات التنكر
ولرواد المتاحف مما تبقى نصيب..
هارب أنا من لوني الأسود
من جلدي
ووجهي الملفوح بالشمس
إلى شقوق بكعب سائحة
وجدائل شعرها الأشقر
جسدها البض كالبيضة
ووجها المنفوخ بالسليكون كالطبل..
هارب أنا من ذبابة تسي تسي
bفيروس بي (
و فقدان المناعة المكتسبة..
من جبة الأجداد المهترئة
من صمتي
وجلي
وخوفي
من كفي التي أمدها سكة حديد لسرقة أرضي
و خارطتي التي تضيق و تتقلص مع كل فجر..
إلى كوة صغيرة بمدائن الثلج
حقنة سم بوريدي
و محرمة أنف معطرة بأنفلونزا الطيور
و الخنازير..
كيف الرجوع مني إلي
دربي إلى اسمي ملغم
و معتم
مرآتي عمياء لا تعكسني
أقف وحدي كالعمود في الشمس
و لا أجد ظلي يرافقني
صبر وصبار أنا
وزبد موج بلا بحر
غيمة بلا مطر
من فاعل إلى مفعول به
و مفعول فيه صار اسمي..
أناديني فلا أسمع صوتي
و لا يسمع
طبلة أذني اليمنى مخرومة
كذلك اليسرى
هل أبيت في بيتك يا بياتي
أم ببيت كنفاني
القصف كثيف ومرعب بالنهر البارد
الصومال
صنعاء
والخرطوم بخرطوم نار ترش
الشيشان بشاش شوك تلف
كابول
طفلة في الشرق تبحث عن ضفائرها
مسواكها
و عطورها
شرشف سريرها
و رائحة تبغ آخر عشاقها...
يكلمها ابن سلمى وراء ستائرها
هزي بجذعي
وأخرجي من ضلعي امرأة في جلباب الحرف
يتبعثر بعضي في بعضي
و يضيع بعضي الآخر ببعضي
و في رحلة التفكيك
و التحليل
أقرأني جملة سيميائية
نظرية بنيوية تقودني إلى كوني
و حتفي
إلى المعلن
و المتخفي
إلى النص الصامت في نصي
إلى المعقلن
و المقصدي
إلى الديناميكي
و الستاتيكي
إلى النسقية في نسقي
التقارؤ
التباعد
و التجاذب بين حروف اسمي
ومن الكوجيتو الديكارتي
من ريبة هيوم
من عمليات الضرب
الجمع
و الطرح
من تربيعة جذر
و حقنة الأنسولين
و البنيسيلين
أتناسل بلاهة في بلاهتي
متاهة في متاهتي
فتلفني في نارها قداحتي
أنسكب جرحا في جرحي
و" في أروقة البيان"
و" الجوهر المزدوج للسان"
تتهدل في ذلها خطابتي
تتسربل بطريح رجولتي
و كرامتي
تتكرمش في ذاكرتي
و تتلو لب لولبا يلو لبني في لولبي
تنسجني صمتا يكفنني ساعة موتي
و تطرحني سجادا لهواة حتفي
و حمامة تتشهى الصياد بكفي...
أحن إلى وجهي
و مرآتي
إلى صوتي المكتوم
إلى الشمس
و نورها بأحداقي..
إلى أضلاعي
و جمجمتي
إلى ساق تحملني حيث ضاعت مضارب ساقي
و ساقها السائق إلى الساقي..
تتناسل الغيمة في العيون الغائمة
في رقصة الصفصاف على ظله
في أضلاع جسد العبارة
ووجهها النافر من المرآة
و لونه النازف من الطين
في صوت خديجة الخديج
و حسرة الحلم المسفوك في الذبذبات
في سواحل الغرائز المصطافة بعشبة النار
و الضوء الهارب من الفجر
تكتظ الفراغات في جسارة الحواس الخمس
يفتح الليل نوافذ المشهد الأخير
لأغصان الماء في هسهسات الفوضى
لنبيذ الذاكرة
و لغو الورد بين البتلة والبتلة
و طحالب الفيض بضفيرتي طفلة
دهاليز الملح لجدلية الفكرة
معطف البعد
قميص الظل الرابض بفسحة النزق
تتلفع الرجفة بجلد الأفعى
يحاصرها الطيش الباذخ في مخالب الشهقة
يسكب طريح الأراجيح مخفي النصوص للتأويل
لزج التشكل في مشيمة الحبر
الوجه خلاصة المشهد
و خطوط الجبين أكثر من جدار
المعابر إلى التوابيت مفتوحة
الرمل
الماء
الهواء
و النار ذاكرة الأكوان..
لي متسع من الصخب يا ولدي
كي تكبر
و يكبر سهوا الجرح في كفي
تنسجك اللوعة بشائك الطباق
الجناس
و المحاسن والأضداد مجازا
و يقيسك القياس قياسا على الضاد
قلاقل القول و القيلولة تقولب قوام القهوة في الفنجان
تعويذة التفاح
حكاية التين و السفرجل
وميض السيف في مقصورة شهرزاد
بسالة لفظ سلالة العشاق
الهروب
الانتظار
الشموخ
و الانكسار دفق الشيء و نقيضه على الأنقاض
خرافة الغول
الجنية التي عشقت الإنس
علي بابا
افتح يا سمسم
و علي بن سلطان
البحار ملئ بالقصور
الخدور
و الحكام..
الشقوق
و السحالي المتربصة بمسخ الإنسان
ارتياب الارتياب
التاريخ المحكوم بالمؤبد
و الإعدام
السؤال
و الجواب رحم الأوجاع
ذعر الزجاج من جسارة و جرأة الأحداق
ليس لي سوى أسمال غربتي
و الألوان
ذاكرتي مقبرة جثامين هويتي
و حريتي
مرثية أشجار الزياتين
مراعي أبقار
ووعول
و شياه..
يمام خائف من رفيف جناحيه
مناجل هاربة من شموخ السنابل
بين السياج والأشباح
كان نومي عميقا
ظلال رمادي وارفة
وولادة لعنتي تعنفني
أشربني في كاسي مرا
أو حلوا وامضي
يطاردني صراخي المكتوم في حنجرتي
اطفوا على سطح ما سيغدو
و ما سيأتي فراشة لغو
و حلوى جمر للذي يقبل
و يدبر
و على أهبة قلق
و صهوة دهشة شهدت حتفي
و في جبة الحبر مات القاص
الشاعر
و المؤلف
قال الهذيان في صمتي كثيرا
استرخى الريح في كرسيه الهزاز كسيحا
لغة الأراجيح مسمارية
جداريه
و أبجدية تلتهم أبجدية
يتصبب العرق من اللحن في نايه
يشرب قهوته
و يدخن سيجاره في قطر انمحائه
و ارتوائه
يلتصق على جرحه رقعة بحجم أخطائه
يهاجم الضجيج فيه
يساكن الضرير فيه
يزداد ارتفاعا في غميق شهقته
و يزداد نزولا في صبيب مذلته
يعود إلى قطافه
و يعود إلى نطافه مشيا على المدامع
و المهالك
يحبو الظل على ظله بين المكعب
المثلث
و المربع
يكون المستطيل صلصالا يشكل وجهه
و بجداول الضرب
الجمع
و الطرح
تكون قسمة ذاكرتي اعدل الأشياء
يهاجر الحمام من هديله إلى صمته
و من صمته إلى بوح أحداقه
يتجمهر في قحاف جمجمتي
فارتوي بضمئي
و نزفي على النتوئات
أتمرغ في ضجري
في غضبي
و ذهول الظل في ظلي
سعال فواحش الأفكار يهزني
يرجني
و يقودني حتما إلى حتفي
يشتهيني النص نصا لنصي
و نصا لحماسة
لدماثة و مكانة الحرف في نصي..
مثل توت العليق يتعلق الريح براحه
و رائحة الصيف في مائه
يتهدج الصبار برميم أشواكه
و تتهجد الجمال في صفيق رغائها
ينفخ الخيل في الصدى بنفيره
و أبواقه
تتأرجح الخيول من نواصيها
و سيقانها مقابر لصهيلها
خببها و صفيحها
يتوه التيه في تيهه
ينام الضباب في رخوه
و حزنه
يصاهر ملوك الطوائف
و يختبئ في وشاح العناكب بين الأصابع
تغسل المومس ذنوبها بأموالها
تدس نصلها في ملح المعنى
و تذوب في نحيبها
و بكائها ماء بقدر اشتهائها
و انزياحها في كواليس الكأس
و فتوحات النحس المجنح
و المرقط بسواد الهدب..
البائن في حرفي ليس بعضي
و ليس كلي
هو القطرة من البحر
هو الثمرة من حقلي
و البتلة من زهري..
من زمرد و عقيق الابستيمولوجيا
و سيمولوجيا الأصوات التائهة في تضاريس العبارة
من فيزيولوجيا الأجساد
و بسيكولوجيا المثليين
المشردين
و التائهين عن دماء الأجداد
من أنتروبولوجيا الشعوب
و أركيولوجيا الكلام
تنمو و تتبرعم سوسيولوجيا المجتمعات
الثقافة
و الآداب
من ماركسية
إلى لوكاتشية
إلى غولدمانية
الفنون