إلى فتاة عراقية
بقلم : مجدي السماك
استطعت أخيرا ، وأخيرا استطعت أن استل لساني لأحدث بواسطة الانترنت فتاة عراقية لا اعرفها ، ولا اعرف وجهها إن كان منحوتا من الزمرد أو شذى الأقحوان .. ولكني اعلم أنها ابنة آلاف السنين ، وابنة إيلاف السنين . عراقية هي تقذفها الأقدار من منفى بارد إلى منفى ساخن ، وبين المنافي موزع وجهها وصوتها وأهلها .
عراقية هي ابنة الماضي التليد . حجارتها و زخارفها هما تاريخ الزمن السحيق . أين تبحثين عن قلبك بعيدا من شجر النخيل؟ وماذا تريدين؟ و أنت تخبئين قلبك بين ضلوعك الدامية وواقفة وسط عاصفة الموت القادم من بعيد ! من خلف محيطات الموت .
لو كان لي دولة لعصرت لك منها أكواما من القبلات ، من كل لون ومذاق ، لدفأتك بضلوعي وأنفاسي وفرشت لك كفي ساحة رقص وعزفت لك أحلامي أغنيات . خذي قلبي إن شئت ، وان شئت خذي قمحي .. خذي ملّحي .. خذي قدّحي .. خذي فرحي . ولكن لا ترمي ذكرياتك في المنافي على أرصفة الغرباء ، ودعيني أشم جسدك الغض من راسك إلى قدمك ، و من دجلة إلى الفرات ، فأنا مولع بشم رائحة الفتيات.
احذري ! مليون مرة احذري ! احذري الملك المطهم بالقصور ، وحاذري من الجمل المزخرف في بلاد المعلقات السبع الذهبية ، بمليء فمك ابصقي على سباق الهجين . ولا توزعي ابتساماتك نورا أو نارا على صحراء العرب . اسحبي اسمك من أسمائهم ، اسحبي لسانك من كلماتهم ، اسحبي نظراتك من عيونهم ، ثم أطلقي من فمك الزغاريد حماما زاجلا فوق سماء بغداد .. آه يا ابنة بغداد ، آه يا ابنة العراق الأشم .
خذيني إليك .. ضعيني في رحمك نطفة أو علقة أو جنينا علني أولد عراقيا وسأبقى فلسطيني .. العراق وفلسطين رئتان في صدر واحد .. أنا وأنت شفتان لفم واحد ، ضميني إلى صدرك ، ولا تعانقيني في النهار ، قبليني في الليل كي يسدل شعرك على وجهي وانفخ في صدرك أريج بساتيني ، ليقطر فمك قبلات ندية طرية تنعش القلب وتحييني . خذي قلبي واشربي كل ما به من حب وعلقيه عصفورة عشق فضية على صدرك المصقول المنفي بعيدا عن أصابعي وعيوني ، عله ينضح عطرا في الصباح ويفوح بالعشق عند الغروب يا ابنة ماضينا و حاضرنا السليب.. اربطي الغيوم بحبل مبروم وشديها إلينا كي لا تمطر بعيدا عن مواجعنا علها تمطرنا تمرا أو عنبا أو عشقا أو حنينا .. أو تحيي حدائق بابل فينا .
رطبي لسانك بكلمات حب و بللي ريقك بأسمائي المقيمة فينا من ملايين السنين .. هيا نقيم مملكة الحب على ضفاف شفاهنا ، مملكة للعاشقات والعاشقين ، مملكة للمظلومين والكادحين والمشردين .. ولا تموتي قبل أن احبك وأصغي بإذني إلى دقات قلبك المكتنز بالحب والتعب والأنين .. لا تلوميني إن مت قبلك فأنا احمل على كفي فلسطين و على كفي الآخر عراق جريح ، وجسدي مكبل بروح عتيقة لم تمت من ملايين السنين .. نسيت أن أموت كما يموت الناس فبقيت في الدنيا موزع بين الشوارع القريبة والبعيدة ومقتول بالوطن و بالعشق وبالحنين .. فانا أول مقتول غير ميت مذ خلق الأولون .
Magdi_samak@yahoo.com
بقلم : مجدي السماك
استطعت أخيرا ، وأخيرا استطعت أن استل لساني لأحدث بواسطة الانترنت فتاة عراقية لا اعرفها ، ولا اعرف وجهها إن كان منحوتا من الزمرد أو شذى الأقحوان .. ولكني اعلم أنها ابنة آلاف السنين ، وابنة إيلاف السنين . عراقية هي تقذفها الأقدار من منفى بارد إلى منفى ساخن ، وبين المنافي موزع وجهها وصوتها وأهلها .
عراقية هي ابنة الماضي التليد . حجارتها و زخارفها هما تاريخ الزمن السحيق . أين تبحثين عن قلبك بعيدا من شجر النخيل؟ وماذا تريدين؟ و أنت تخبئين قلبك بين ضلوعك الدامية وواقفة وسط عاصفة الموت القادم من بعيد ! من خلف محيطات الموت .
لو كان لي دولة لعصرت لك منها أكواما من القبلات ، من كل لون ومذاق ، لدفأتك بضلوعي وأنفاسي وفرشت لك كفي ساحة رقص وعزفت لك أحلامي أغنيات . خذي قلبي إن شئت ، وان شئت خذي قمحي .. خذي ملّحي .. خذي قدّحي .. خذي فرحي . ولكن لا ترمي ذكرياتك في المنافي على أرصفة الغرباء ، ودعيني أشم جسدك الغض من راسك إلى قدمك ، و من دجلة إلى الفرات ، فأنا مولع بشم رائحة الفتيات.
احذري ! مليون مرة احذري ! احذري الملك المطهم بالقصور ، وحاذري من الجمل المزخرف في بلاد المعلقات السبع الذهبية ، بمليء فمك ابصقي على سباق الهجين . ولا توزعي ابتساماتك نورا أو نارا على صحراء العرب . اسحبي اسمك من أسمائهم ، اسحبي لسانك من كلماتهم ، اسحبي نظراتك من عيونهم ، ثم أطلقي من فمك الزغاريد حماما زاجلا فوق سماء بغداد .. آه يا ابنة بغداد ، آه يا ابنة العراق الأشم .
خذيني إليك .. ضعيني في رحمك نطفة أو علقة أو جنينا علني أولد عراقيا وسأبقى فلسطيني .. العراق وفلسطين رئتان في صدر واحد .. أنا وأنت شفتان لفم واحد ، ضميني إلى صدرك ، ولا تعانقيني في النهار ، قبليني في الليل كي يسدل شعرك على وجهي وانفخ في صدرك أريج بساتيني ، ليقطر فمك قبلات ندية طرية تنعش القلب وتحييني . خذي قلبي واشربي كل ما به من حب وعلقيه عصفورة عشق فضية على صدرك المصقول المنفي بعيدا عن أصابعي وعيوني ، عله ينضح عطرا في الصباح ويفوح بالعشق عند الغروب يا ابنة ماضينا و حاضرنا السليب.. اربطي الغيوم بحبل مبروم وشديها إلينا كي لا تمطر بعيدا عن مواجعنا علها تمطرنا تمرا أو عنبا أو عشقا أو حنينا .. أو تحيي حدائق بابل فينا .
رطبي لسانك بكلمات حب و بللي ريقك بأسمائي المقيمة فينا من ملايين السنين .. هيا نقيم مملكة الحب على ضفاف شفاهنا ، مملكة للعاشقات والعاشقين ، مملكة للمظلومين والكادحين والمشردين .. ولا تموتي قبل أن احبك وأصغي بإذني إلى دقات قلبك المكتنز بالحب والتعب والأنين .. لا تلوميني إن مت قبلك فأنا احمل على كفي فلسطين و على كفي الآخر عراق جريح ، وجسدي مكبل بروح عتيقة لم تمت من ملايين السنين .. نسيت أن أموت كما يموت الناس فبقيت في الدنيا موزع بين الشوارع القريبة والبعيدة ومقتول بالوطن و بالعشق وبالحنين .. فانا أول مقتول غير ميت مذ خلق الأولون .
Magdi_samak@yahoo.com
تعليق